الجمعة، 11 مايو 2018

خطبه جمعه بعنوان قارون(فخرج على قومه في زينته)

خطبه جمعه بعنوان
     قارون(فخرج على قومه في زينته)

 (( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى -
تاااابع لنعمه المال-1 ))

إعداد وإلقاء الاستاذ/ احمد عبدالله صالح  خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في2017/2/4م



الخطبة الأولى
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
ثم اما بعد يا ايها الكرام
عشنا في جمعتنا الماضيه مع نعمه من نعم الباري علينا ضمن سلسله متواصلة من نعم الله التي لاتحصى...
وقد دار حديثنا حول نعمه المال ...
هذه النعمه التى هي كما قلت
عصب الحياه وزهره العمر وزينه الدنيا

وقد يكون المال نعمهً  لصاحبه

او يكون شراً وبلاءً ووبالاً ونقمه وهلاكاً ونهايهً وخيمه وخاتمه سيئه...
ولأجل هذا أردت ان أخصص لكم اليوم قصهً من قصص القرآن الكريم .التى أظهرت وابرزت هذا الجانب من اولئك الذين ظنوا ان المال جاء بذكائهم وقوتهم وفطنتهم فكانت النهايه الوخيمه والعاقبه اللامحموده..

 فهل تأمل أهل الإيمان وهم يقرؤون في القرآن

مصير الغني المستكبر والطاغي المتجبّر
الذي وهبه الله تعالى أموالا ومتاجر وثروات وذخائر،

قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُه لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ )[القصص: 76].

كان هذا الغني المتجبر :
هو قارون بن يصهب،
كان من قوم موسى،
وقد قيل: إنه كان من قرابته،
وقد رزقه الله كنوزا كثيرة،
آتاه وذخائر؛ حتى إن المفاتيح -مفاتيح الخزائن- إذا جمعت، يعجز عن حملها عصبة من الرجال:   ((وآتيناه من الكنوز مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ )) :
أي جماعة من أهل القوة يعجزون عن حمل مفاتيح تلك الخزائن.
 وغصَّت خزائنه بالأموال،
وقد كانت مفاتيحها يَثْقُلُ حِملُها على الفِئام من الناس لكثرتها،

وماذا كانت حالته لما أن قومه وعظوه وقالوا:
  لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ  ؟ أي لا يكون فرحك فرح أشر، وفرح بطر: 
((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ))
 أي اصرفه في الدار الآخرة، وأنفقه فيما يقربك عند الله تعالى: 
((وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ))
أي تمتع بما أنت محتاج إليه، وبما يسد حاجتك وخلتك ..
((وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ  ))

فظن بها وارتفع وقال:
( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)
اعتقد أنه أوتي هذا المال على شرف،
 أنه أوتيه؛ لأنه شريف،
 أو أوتيه؛ لأنه عالم.
(( عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ))أي:
على معرفة؛ أني أعرف المكاسب،
وأعرف التجارات، وأعرف كيف أتصرف في الأمور،
وأعرف كيف أكتسب المال؛
 فجعل ذلك علامة على أنه على خير.
هذه الكلمة فيها كفر لنعم الله،
فلم يقل: الله -تعالى- هو الذي يسر لي ذلك،
ولا هو الذي سهل ذلك الأسباب، ولم يعترف بفضله..
 لوم يقل: آتاني الله -تعالى-
 ذلك اختبارا وامتحانا، فلما لم يعترف بأن هذا اختبار،
 وبأن الله يعطي المال والدنيا من يحب
ومن لا يحب،
ولا يعطي الدين إلا من أحب  .

انما قال(( على علم عندي))
أي:-
- جمعت هذا المال بقوتي، وبذكائي، وبحنكتي، وبمعرفتي، وبخبرتي، وتجربتي، ..

- وحصَّلْتُهُ بِجُهْدٍ مِنِّي ، وبِخِبْرتي ، وبِتَجربَتي ، وبِمَعرفتي ، وبِعَضلاتي ، وبِعَرق جبيني ،
 وما دام هذا المال قد حصَّلْتُه بِعِلمي ،

 فأنا مالِكُهُ ، وأنا حرّ التصرّف فيه ،

 هذه هي الفِكرة التي لا يريدها الله سبحانه وتعالى أن تعْلقَ في أذهانكم :
﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾

 -  والله سبحانه وتعالى يؤكّد لنا في القرآن الكريم في مواطِنَ كثيرة أنَّ المال هو مال الله ، والدليل قوله تعالى :
﴿وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ﴾
[سورة النور : 33]
 نُسِبَ المال إلى الله تعالى ، فسمَّى المال الموجود في أيدي الناس مالَ الله تعالى.

نعم/
هذا المال الذي هو مالُ الله ، وضَعَهُ الله بين أيدينا، لِيَنظرَ كيف نعمل ؟
واسْتخلفَنا ، نحن مُسْتخلفون في هذا المال ،
 لا نمْلكُه مُلْكًا قطْعِيًّا ،
 ولكن نمْلكُ حقّ الانتفاع به ،
وشتّان بين من يملكُ أصْل المال ، أو رقبة المال ، كما يقول الفقهاء ، وبين من يمْلك حقّ الانتفاع به ، لذلك قال تعالى :
﴿آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾
[سورة الحديد : 7]
 في آيةٍ نسَبَ المال إليه ، وفي آيةٍ جَعَلَهُ مُسْتَخْلفًا بين أيدينا ، إذًا المال مالُ الله ، ولا نمْلكُ نحن إلا حقّ الانتفاع به .

ولذلكم كلمات قارون كانت كفر بنعم الله وفضله عليه..
كلمات جحود بمن بسط له واسبغ عليه:-

لقدبغى في هذه الكنوز،
وجحدَ نعمةَ الله عليه، ولم يجعلها طريقا إلى الطاعة والاستقامة.

وذات يوم التى لم يكن يحسب قارون لها حسابها

- خرج قارون في زينته،
وسار في نعمته سير الفرِح المغرور
والعاتي المخمور، كماهي العاده في كل خروج

قال تعالى وهو يسطر لنا هذا المشهد وكأننا نراه رأي العين
(فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ، )
تقلد زينةً فخمَةً عظيمة،
وتجمّل بمراكب وملابس، قد علاها الكبر والتفاخر، واحتفت بها ألوان البهجة والتعالي:-
من خدَمٍ وحشمٍ وأعوان،

 فافتتن ضِعافُ النفوس
وطلاب الدنيا بهذا المنظر الفتّان
وبهذه الأبهة الكبيرة،
فقالوا:
(يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [القصص: 79]،
- تمنى المفتونون بالدنيا وزخارفها أن لو كان لهم مثل نعمته،
- وتمنوا جماله وغناه،
- وتمنوا زينته ومراكبه،

فلقد أوتي من الدنيا حظا وافرا ومالا كثيرا.

ولكم أن تتصوروا هذا الموقف وما فيه :
من الكبرياء والعظمة
والتعاظم بالجاه والقوة
والتعالي بالثراء والمحاسن،
:: وما فيه من نسيان نعمة الله تعالى والتنكر لآياته،
 :: وما فيه من احتقار الناس وربما التسلط على الضعفة والمساكين،
:: وما فيه من كسر قلوب الجوعى والمعدمين .

ولا يزال المتكبرون البغاة ذوو الزينة والمال والقوة يتعاظمون بأموالهم ظنًا منهم أنها تورثهم الأرض، أو تمكنهم كالجبال، أو تحفظهم من الأهوال والأخطار.

ولذلكم((فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ))
خرج/  يتعاظم بنعمة الله على عباد الله،
نسي مَنْ خلَقه وسوّاه، وعدله وأطعمه ورزقه ومكنه،

- خرج خروج الباغين العالين، كأنه لا يرى أحدا
ولا يبالي بمرصود ولا يخاف معترضًا،

المال قد غطّى آفاقه، والزينة مد بصره،
 والحراسة له من كل مكان،

((فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ.))
جعل من ماله فتنة له عمياء،
 أعمته عن عبوديته لله تعالى:
- فلم يكن في هذه النعمة عابدا،
-  وما كان في ماله تقيا،
- وما كان في زينته متواضعًا.

((فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ))
خرج على الناس :-
- وكأنه الغالب لهم،
- والمتسلط عليهم،
- والحاكم فيهم،

::يدوس الناس بكنوزه،
:: ويفاخرهم بزينته،
::  ويحارب كل الفضلاء والمصلحين.

فقد ذكر أهل التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
 (إن قارون أعطى امرأة بغيًا مالاً على أن تبهت موسى بحضرة الملأ من بني إسرائيل وهو قائم فيهم يتلو عليهم كتاب الله تعالى،

فتقول: يا موسى، إنك فعلت كذا وكذا،
 فلما قالت ذلك في الملأ لموسى عليه السلام أُرعد من العرق،
 وأقبل عليها بعدما صلى ركعتين ثم قال:
أنشدك بالله الذي فرق البحر وأنجاكم من فرعون وفعل كذا وكذا لما أخبرتني بالذي حملك على ما قلتي.
فقالت: أما إذا نشدتني فإن قارون أعطاني كذا وكذا وأمرني أن أقول ذلك لك،
وأنا أستغفر الله وأتوب إليه،

فعند ذلك خر موسى لله عز وجل ساجدًا،

ثم توجه كليم الله الى الحي القيوم ورفع أكف الضراعه اليه واتصل بالحي الذي لاينام ورفع برقيهً عاجله طارئه من قلبٍ محرق ومن روحٍ متألمه وقال:


وأوحى الله إليه أن قد أمرتُ الأرض أن تطيعك فيه،
فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره، فكان ذلك).

فها هو قارون المستكبر مع تراثه الباذخ وعلوه الطاغي :
يكيد لأولياء الله تعالى
ويُقيّض لهم مراصد؛ لكي يسقطهم ويشوِّه صورهم أمام الناس.

ولما كانت ساعة الله تعالى في هذا الظالم المستكبر خسف الله به وبداره الأرض،

فلم تُغنِ عنه ثروته الباهظة،
ولم تدفع عنه زينته وجماله،
 ولم ينصره خدمه وأعوانه،
 قال تعالى:
((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ.))

لقد تهاوى الغرور الكاذب إلى أعماق الأرض، وتوارت الزينة إلى حطام تجلجل في الأرض،
 ليس له دافع أو نصير،

أما نفسه فقد هَلكت وتردت،
وأما من حوله فمشفقون من حاله،
((وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ.))

وقد كان تمنى طلاب الدنيا ما عند قارون من النعمة والفضل، وحذرهم أهل العلم العارفون بذلك،
(( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ.))

وهذا من المقامات الشريفة لأهل العلم النافع:-

-أنهم المذكرون حين تختلط الأمور وتلتبس السبل، - وأنهم القائمون بالأمانة حين يختفي الوعاظ والنابهون،
- وأنهم الراجون ما عند الله تعالى والغافلون عن حطام الدنيا الزائف ولو عظم.
ثم قال تعالى مبينا أن الدار الآخرة وما فيها من النعيم المقيم لا تكون إلا لعباد الله المؤمنين المتواضعين الذين لا يريدون ترفعا على الناس ولا يحدثون شرًا ولا فسادا:
((تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِين لا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.))

روى مسلم في صحيحه أن النبي  قال:
 ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)).

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا...
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، فيا فوز المستغفرين التائبين.



الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام،
- لا يُعقل أن يُتلى علينا القرآن ولا نعيه،
- ولا يليق أن نُخاطَب بهذه المواعظ ولا نتدبرها،

هل كان القرآن لأمة سوانا حتى نغفل عنه؟!
 وهل كانت دروسه لغيرنا حتى نستشكلها؟!
لقد أنزل الله كتابه الكريم موعظة للمؤمنين وذكرى للذاكرين وعبرة للمعتبرين،
 ولا ينتفع بمواعظ هذا الكتاب إلا من يتدبره ويتأمله، فهلا نقبل عليه ونقرؤه حق قراءته؟!
((أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا))[محمد: 24].
أَزيحوا كل غشاء يحول دون فهم القرآن،
 وسارعوا إلى تدبره وفهمه،

 فإن النعمة على المسلم أن يحيا القرآن متدبرا ومتعظا وعاملا،
((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) ص: 29].

أيها الإخوة،
لقد كان في هذه القصة المتلوة عليكم عبرة لأولي العقول،
 وقد كان فيها موعظة لأصحاب البصائر،

فأين من إذا تلي عليه القرآن انشرحت نفسه واتعظ قلبه؟!
 وأين من إذا سمع قصة استلهم عبرها واتعظ بخيرها وأعرض عن شرها؟!

لقد كان في قصة هذا الثري المتعاظم عبر
عظيمة ودروس كثيرة.

#منها :أن المال فتنة عظيمة لمن جانبه الإيمان وضيع حق الله تعالى فيه،
 ومِن تبعات فتنته جحود نعمة الله والخوض في المعاصي وامتطاء الكبر والاختيال والعجب بالنفس والترفع على الخلائق،
وفي الحديث الصحيح قال :
 ((لكل قوم فتنة، وفتنة أمتي المال)).

# ومنها: الحذر من زينة الدنيا، وأنها مفتاح الانتكاسة وطريق الكبر والغرور،
 وقد كان النبي  يقول لصحابته:
 ((إن مما أخشى عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها)).

# ومن دروس هذه القصة:
 فضيلة أهل العلم وأنهم مصدر أمان الأمة وسبب سلامتها والصادعون بالحق حين الاختلاف والتباس الأمور.

# ومنها: فضيلة التواضع والانكسار لله تعالى وأنه طريق الجنة، قال تعالى:
((تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِين لا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.))

# ومن الدروس: أن طغيان المال والتميز على الناس صاد عن سماع الموعظة والانتفاع بها،
فقد وعظ قارونَ صالحو قومه فقالوا له:
((لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ . وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ))القصص:76، 77].

# ومن الدروس: أن الله تعالى لا يعجزه ظالمٌ طغى وجبار تكبر، ولا ذو زينة تفاخر،
فإذا جاء أمر الله فإن أخذه أليم شديد،

 يجعل الكنوز هشيما
والوجاهة خرابا
والقوة تبابا وهوانا،
(( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ. ))
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر أن رسول الله  قال:
((بينما رجل يجر إزاره قد خُسِفَ به،
فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)).

# ومن الدروس أيضا: أن المال قد يكون فتنة لبعض الناس،
 يطغى به ويتمرد، وليس هو علامة صلاح في العبد كما قد ظنه أهل الدنيا في قارون،
وأن الله قد يبتلي بالنعم والأرزاق.
قد يُنعم اللهُ بالبلـوى وإن عظُمت   
                     ويبتلي الله بعض القوم بالنعـمِ

# ومنها: أن في هلاك هؤلاء المستكبرين عبرة لأولي الألباب؛
أن يحذروا طريقهم ويجتنبوا مسالكهم،
ولقد كان لقارون عبرة فيمن سبق لو فكّر واتَّعظ، ولكن كابر وعاند،
 قال تعالى:(( أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا.))

# ومنها: أن هوان الدنيا بالنسبة لما عند الله في الآخرة لا يدركه إلاّ الصابرون المؤمنون الذين صبروا على محنة الدنيا، ورجوا ما عند الله من الفضل الحسن والثواب الدائم، قال تعالى:
(( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [الزخرف: 71].

# وفيها من الدروس المهمة:
 أن العاقبة للمتقين مهما تطاول المجرمون فيها وانتفخ المستكبرون وأظهروا ما لديهم من زينة عظيمة أو قوة متينة، فقد ظهر وغلب المتّقون في كلّ زمان ومكان، ولكن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقد قال تعالى:
(( إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا)) آل عمران: 178]، وقال تعالى:
((فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًا ))[مريم: 84].
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء...
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد...
---------------------------------
اللهم اجعل ما اكتبه وما أعده وما انشره لأجلك ومن اجل رضاك ولأجل رحمتك ومغفرتك وعفوك ورضوانك ونعيمك وجنانك..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولأمي إلى ان ترث الارض ومن عليهاا...آآآآآآآمين.......
-------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...