الجمعة، 28 سبتمبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ قصة موسى وفرعون }.   [ 2 ]

إعداد وتعديل واضافه وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  28 سبتمبر 2018 م
الموافق  18 محرم 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
كنا في الجمعه الماضيه في ضيافه نبي الله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام
تحدثنا فيها عن حواره عليه السلام مع ربه سبحانه وكيف تلقى منه سبحانه التوجيهات والتعليمات التى ستعينه في رحلته لدعوه اكبر طغاة الارض فرعون عليه من الله ما يستحقه ..!

أخذ عليه السلام من ربه برهانين وآيتين ليواجه بهما فرعون وطلب من ربه طلبين لكي تتكلل مهمته بالنجاح فقال :
( رب اشرخ لي صدردي ويسر لي امري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ....))
ثم طلب منه الطلب الثاني فقال :
( واجعل لي وزيراً من اهلي هارون أخي )
وهنا يعطيه ربه سبحانه ماسأل فيقول له
( قد أوتيت سؤلك ياموسى )
ثم يأمره ربه بأن ينطلق لفرعون وتكون أداه دعوته اليه ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر او يخشى )

وهنا ينطلق موسى إلى قصر فرعون ليبلغه
الرسالة ويُقيم عليه الحجه ويبرأ الى الله منه ان استمر في عناده وكفره وحجوده ..

نعم احبتي الكرام :
يدخل عليه السلام القصر الفرعوني وتبدأ الحوارات بين موسى وفرعون ...
حوار عن الدعوة لتوحيد الله وإفراده بالعباده .
وتبدأ مناظرة موسى مع فرعون الطاغيه
وكماقال بعض المفكرين :
 انها كانت مناظره جدليه ، تنظيريه ، عسكريه اقتصاديه ، تربويه في نفس الوقت ...
دخل موسى عليه، ووقف هارون بجانبه ..!
موسى يتكلم،موسى يتحدث، موسى يفصح واخاه هارون بجواره يثبت ويساعد، ويساند ويقوي والمجرم ينظر إليهما بعلو وعتو وجبروت، واستصغار لأنه صور نفسه أنه ربٌّ، وأنه صانع.!

أنكر توحيد الربوبية، وادعى ذلك لنفسه؛ كبراً وعتوّا، وإن كان في الباطن يوقن بربوبية الله للكون، كما قال له موسى عليه السلام :
 ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لاظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً ﴾ [الإسراء: 102]..
فلما تكلم موسى، ودعا فرعون إلى الله عزَّوجلَّ ضحك منه ، ضِحْك استهزاء واستهتار؛وسخريه
لأنه مستخف بالقيم، يدوس التاريخ بقدميه يجعل المروءات خلف ظهره لا يُقيمُ للمثلِ وزناً ولا قيمةً ولاتقديراً او احتراماً ..
 أخذ فرعون ينظر إلى موسى على أنه راعي غنم، يحمل عصاه على كتفه، وأنه أتى من الصحراء، حيث لا حضارة ولا تقدم، ثم ينظر إلى نفسه فيرى الدنيا تحت قدميه، فيزداد كبراً وصلفاً.

وهكذا يفعل الطغاة، يوم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوم لا يصلون، ولا يخافون من الواحد الأحد، هكذا يفعل كل فرعون إلى أن تقوم الساعة.
 فانبرى الخسيس من على كرسيه وسأل موسى سؤالاً تافهاً حقيراً مثله :
﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى ﴾ [طه: 49]
فهو لا يعرف ربّاً ولا يؤمن بإله، فماذا كان جواب موسى.. قال له موسى بعزه المؤمن ونجابه الابطال ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]
 فإن كنت تستطيع ذلك فأنت رب ..!
وإن كنت لا تستطيع فلست برب، وأنّى لك ذلك!
قال الزمخشري : لله دره من جواب.
 وقال آخر : والله لقد تناوله موسى بكفٍّ على وجهه، وتحت كلمة (خَلْقه) مجلدات من العبر، وتحت كلمة (هدى) مجلدات من الصور.
هدى كل شيء :                      
- هدى الطفل يوم أن وضعته أمه،لا يعرف شيئاً، ولا يبصر شيئاً، فهداه إلى ثدي أمه ليجر منه اللبن.
 - وهدى النحلة أن تطير آلاف الأميال، لتأخذ الرحيق، وتعود مرة ثانية إلى خليتها.
 - وهدى الحمام الزاجل، يوم ينقل الرسائل،
من مكان إلى مكان، ومن بلد إلى بلد، ثم يعود إلى مكانه لا يضل ولا يضيع.
 إنه الله يافرعون .. انه الله :
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]..
فهزم فرعون وبهت، وظهر فشله وعجزه، ولكنه أتى بسؤال آخر كالذي قبله أو أتفه منه فقال :
﴿ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ﴾ [طه: 51]،
أين ذهب أجدادنا ؟؟ اين آباؤنا؟
أينّ ذهب الأولون ؟ وماذا حل بهم ؟
فقال الله نبي الله موسى وهو يلقنه درساً ماثلاً في العقيده :
﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى ﴾ [طه: 52]
ما شأنك أنت بهذا؟ ما أهمية هذه المسألة عندك؟ أنت ذرة من الذرات، وأنت حشرة من الحشرات.
أَنْتَ لا تَعْرِفُ مَنْ أَنْتَ وَلاَ
                       أَنْتَ لا تَدْرِي بِمَاذَا قَدْ تَؤولُ
أَنْتَ مَخْلُوقٌ حَقِيرٌ بَائِسٌ
                      أَنْتَ لا تَدْرِي إِلَى أَيْنَ الرَّحِيلُ
 ﴿ قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى ﴾ [طه: 52].
 فهزمه موسى مرة ثانية، وانتصر عليه، وفضحه أمام الجماهير، وبيّن عجزه أمام الأجيال وبقي موسى إلى قيام الساعة يُذكر في مواكب الأنبياء المخلصين، وفي مواكب الدعاة الخالدين.

استمر الحوار بين موسى وفرعون طويلاً  وصار موسى يلقن فرعون دروساً في التوحيد ومحاضرات في العقيده ومواعظ في الإيمان بالله

أخذ موسى يسرد له الدلائل تلو الدلائل والبراهين تلو البراهين على وحدانية الله وربوبيته وألوهيته
وانه وحده سبحانه المستحق للعباده والتوجه والقصد والاخلاص ..
والكل يسمع , آذانهم صاغيه وابصارهم شاخصه..
الكل مندهش والكل في ذهول من موسى الذي قال عنه فرعون فيما سبق :
(( وَلا يَكَادُ يُبِينُ  ))
هاهو الآن لسانه تنطلق وكلماته فصيحه وعباراته واضحه ولباقته كالسهام منطلقه...!
ولكم ان تتصوروا هذا المشهد الرائع والجميل
مشهد نبي الله موسى عليه السلام واقفاً امام فرعون وجنوده وحاشيته وبطانته وملأه وهو يزأر كالليث وينقض كالصاعقه ، يشرح ويفصل ويبين ويوضح بلين ورفق وبأسلوبٍ مليء بالبراعه والبلاغه في الاستهلال والبيان ..

وكما ذكر اهل السير انّ كلمات موسى عليه السلام القويه والمؤثره بدت بالفعل تؤتي ثمارها في نفس فرعون وقلبه شيئاً فشيئا ..

ظهرت علامات التغيّر في نفس فرعون من عبارات موسى البليغه التى ألقاها الله على لسانه ..

وبدأ الايمان ببطء ورويداً رويدا يتسلل الى قلب فرعون ..
وفي لحظة فارقه التفت فرعون الى هامان فقال له: ياهامان اني ارى ان موسى على حق فيما يقول ولقد وعدني بالملك في الدنيا والجنه في الاخره إن انا آمنت بربه ..

فماذا قال له هامان السيء وبئس الهامان هو؟؟ماذا قال هامان باسم البطانه السيئه وهكذا تفعل البطانه العفنه بحكامها يوم تدب معرفه الله في قلوبهم ويريدون الحكم بشريعه الله..
هكذا تفعل هامانات اليوم بالحكام يوم يصورون لهم الحق باطلاً والباطل حقاً والظلم عدلاً والشر خيراً والتسلط خلقاً والسنه بدعةً والعلم جهلاً والرشوه والحرام حلالاً ..
قال هامان بلسان الساخر :
آضحك عليك موسى .! اخدعك موسى .!؟
أبعد ماكنت إلهاً معبوداً تصبح في لحظه عبداً مستعبداً ..!
وهكذا تفعل البطانه السيئه في كل زمان ومكان .

ومروراً ببرهان عصا موسى التى أخذت تلقف عصيّ سحره فرعون حتى كانت سبباً لإيمانهم بالله والامر الذي دفع بفرعون بتهديد السحره بالقتل وتصليبهم، فثبتهم الله على دينه ولم يعبئوا بتهديد فرعون فقالوا :
( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
فقتلهم ونفذ فيهم وعيده؛ ولكنهم دعوا الله وقالوا: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)
فتوفاهم الله مسلمين ، مؤمنين ، موحدين ..
وعند هذا تمت الجولة الأولى بين موسى وفرعون فازداد تصلف فرعون وبطشه وأزداد طغيانه وعتوه وظلمه وحنقه ..
عندها أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر في آخر الليل قائلا :
(( فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ))
[ الدخان: 23 ] .
 فخرج بهم بأمر الله سبحانه وتعالى وهنا تترامى الأنباء الاستخباراتية الى فرعون انّ موسى قد خرج مع نفرٍ من بني اسرائيل فأحتنق غيظاً وهدد وأرغَ وأزبد وجمع ما عنده من القوة والجنود فخرج بهم في آثر موسى وقومه يريدون قتله لانه اراد ان يحررهم ... ويقولون لا..
يريد ان يرفع رؤسهم .. ويقولون لا ..
يريد ان يخرجهم من الظلمات الى النور .
... ويقولون لا ..
يريد ان يخرجهم من عبوديه الأشخاص الى عبوديه الله ... ويقولون لا ...

 فلما أشرق الفجر إذا موسى وقومه على حافة البحر، وإذا فرعون وقومه على آثارهم قد أدركوهم
فأصبح موسى بين الموت يراه بالبحر وبين فرعون وجيشه الذي اصبح من ورائه ..
ارتعدت فرائص بنو اسرائيل ، خاف الخونه
انهارت حول موسى الكتائب يا موسى :
(  إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )
فتبسم عليه الصلاة والسلام كما تبسم محمد صلى الله عليه وسلم في الغار..
والتبسم في وجه الموت امرٌ لايجيده إلاّ العظماء
إلاّ الابطال ، إلاّ الشجعان ، إلاّ المصلحون
إلا الربانيون ..
فتبسم وقال بلسان الواثق بمعية الله ونصره وتأييده : (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)
وما اروعها من كلمه وما الذها من عباره
رددها عند شدتك (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)
وكررها عند مصيبتك (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)
وألزمها عند همومك (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)                                      
            (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)
فقالوا له : اينّ يهديك وفرعون خلفك والبحر امامك
هذه ورطه لا حل لها ..!!
هذا مضيق لامخرج منه في عرف البشر .!
فجعل يكررها لهم : (كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)..!
ولك أن تتخيل الحوار بين موسى وقومه وهم لايشاهدون أمامهم إلا بحراً متلاطماً ويرون وراءهم جنوداً قادمين يتقدمهم الطاغية فرعون بكل حقد وكراهية ..
اشتد الخوف ، زاد القلق وكل لحظه تمر إذ بجيش فرعون يقترب ..
وفي لحظه قرب واتصال بالله يتلقى عليه السلام مكالمه طارئه مكالمه عالجه !!؟
من يهاتفه ؟؟ ومن يكلمه .!؟
انه الذي وعده بالحفظ والرعايه والعون والمدد .؟
يتلقى مكالمه من الرحمن الرحيم مفادها :
(( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ))
فضرب بعصاه البحر فانفلق البحر اثنى عشر طريقاً وصار الماء السيال بين هذه الطرق كأطواد الجبال..
مشى موسى فيه ومشى معه بنو اسرائيل وأتى الطاغيه المجرم ليجرب اخر صوله له في عالم الضياع وفي عالم الاستبداد والعنجهيه ومصارع الطغاه ..
والطغاة لهم مصارع :
- إما ان تلعنهم القلوب وهم يسيرون على الارض وهذا مصرع ..
- وإما ان يُشدخون كما شُدخ هذا وهذا مصرع .
- واما ان يدخر الله لهم ناراً وهذا مصرع ..

دخل فرعون وجنوده البحر ليسلكوا في تلك المسارات .
ولكنهم لايعلمون بأن الذي أوقف البحر هو الله
وأن الذي سيعيد البحر لطبيعته هو الله .
ولما اكتمل الجنود الكفرة ، يأمر الله البحر أن يعود كما كان ، فيستجيب البحر ويجتمع على فرعون وعصابته حتى دخل الطين في فمّ الطاغيه ..

حتى قال جبريل عليه السلام لنبي الله موسى :
لو رأيتني ياموسى وانا ادس التراب في فمه حتى لاينطق بكلمةٍ يرحمه الله بها ..

فما ارحم الله وما الطفه بعباده وهو القائل لموسى
عليه السلام : ياموسى استغاث بك فرعون سبعين مره فلم تغثه اما انه لو استغاث بي مرةً واحدة لاغثته...

احبابي الكرام روّاد مسجد بلال بن رباح :                    
وفي لحظات الوداع ، وفي اللحظات الاخيره
وفي الوقت الضائع الذي لاينفعُ فيه ندم ولاحسره
قال فرعون :
 ( آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ  )
قال المفسرون انّ فرعون آمن ثلاث مرات في اخر لحظات حياته :
مره حين قال ( آمَنتُ )..
وثانيه حين قال ( آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ )..
وثالثه حين قال ( وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ )  ..
ومع ذلك لم تقبل توبته لانها كانت في وقت متأخر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ان الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر )
والله يقول :
﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ..))
ولذلكم يعلنها فرعون في لحظاته الاخيره وفي وقته الضائع :
( حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس.  90 ..
فقال الله له :
( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * )) يونس 91
في هذه اللحظه أعلنتها بعد ان فعلت الافاعيل..
في هذه اللحظه اعلنتها بعد اجرامك وتجبرك وتكبرك وعتوك وظلمك وغطرستك .
في هذه اللحظه أعلنتها بعد ان ذبحت الاطفال واستحييت النساء ..
في هذه اللحظة أعلنتها بعد ان سفكت الدماء وقتلت الأبرياء وعثت في الارض فسادا ..
في هذه اللحظه أعلنتها بعد ان دست على المثل والقيم والمبادئ والأجيال تحت قدميك ..

اينّ ملكك .! اينّ قوتك .! اين ثروتك .!    
اينّ قصورك .! اينّ جبروتك .!
اينّ جنودك ،! اين حرسك .!
ليدفعوا عنك الموت ..! ويردوا عنك الأجل .!
اينّ اولئك الرعاع الأغبياء البلداء الذين كنت تلقي عليهم الخطابات فيهتزون لها طرباً وفرحاً ..
اولئك الذين استخففت بعقولهم فأطاعوك .!
الذين كنت تقول لهم( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) فاين ألوهيتك ؟
وكنت تقول لهم  (أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى)  فاين ربوبيتك؟
وكنت تقول لهم ( وَهَذِه الأنْهارُ تَجْرِي منْ تَحْتي )
وهانحن اليوم نجريها من فوقك .
(( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ))
لتكون عبرة للمعتبرين ، وعظةً للمتعظين
وآيةً للسائلين ، وذكرى للذاكرين ...
 ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبه الثانيه :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
في هذه القصة الكثير من الدروس والعبر:
فمن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه والمستلهمه من قصه موسى وفرعون :
(( أن الحرب بين الإيمان والكفر قديمة وليست هي من نتاج هذا العصر ))
قال الله: (( وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا )) [البقرة: 217 ] .

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :
((  الاعتصام بلا إله إلا الله  ))
 فهذه الكلمة من أجلها أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل، وخلقت السماوات والأرض، وأقيمت المعالم، وبذلت الأموال، وشهرت السيوف.
 فلا بد أن نعتصم بهذه الكلمة ..
ولا بد أن نفتخر بهذه الكلمة ..
ولا بد أن تسيطر على حياة كل واحد منا :
 على الأمير، على الوزير، على القاضي،
على المسؤول، على الصحفي حين يكتب،
على الشاعر حين ينظم، على الأديب حين يبدع.
                                   
ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :
((  قضية الإيمان باليوم الآخر ))
فإذا لم نجعل هذه القضية أمامنا، وفي أذهاننا، فلا سلام، ولا أمن، ولا استقرار، ولا طمأنينة،
لأن الذين نسوا اليوم الآخر، تقاتلوا، وتحاسدوا، ودمر بعضهم مدن بعض، وأطلقوا صواريخهم، وقتلوا الآمنين، كل ذلك لأنهم لا يؤمنون باليوم الآخر.

 ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :
(( قضية النصرة  ))
ينبغي أن نعلم أن الله عزَّوجلَّ ينصر أولياءه، ويدافع عن أحبابه، ولو ظهروا على الساحة أنهم هم المهزومون، هم القليلون، هم المضطهدون، فالعاقبة لهم، والنصر حليفهم.
 ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا الذينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ ﴾ [غافر: 51].

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :                                    
(( على الداعية أن يعرف مداخل القلوب ))
 وأن لا يكون عنيفاً في أسلوبه، مجرّحاً للشعور:
 ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].
 يدخل أحد الأعراب على هارون الرشيد، الخليفة العباسي الكبير، فقال الأعرابي: يا هارون.
قال: نعم. قال: إن عندي كلاماً شديداً قاسياً فاستمع له.
 قال هارون: والله لا أسمع، والله لا أسمع، والله لا أسمع. قال: ولم؟
قال: لأن الله أرسل من هو خير منك، إلى من هو شر مني، ثم قال له:
 ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44].
فاللين في الدعوة مطلوب، وأدب الحوار مطلوب، وإنزال الناس منازلهم مطلوب، ومراعاة شعور الآخرين مطلوب.

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :  
(( الصبر والثبات على البلاء الذي يحيط بأهل الإيمان ))
 فانظر في السحرة الذين توعدهم فرعون بالقتل بسبب إيمانهم ومع ذلك لم يتراجعوا عن دينهم بل قالوا(( إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا)) [طه: 73
وقالوا: (( أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ))
[الأعراف: 126 ] ..

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :                                    
(( لا خوف على المسلم، فإن النفوس بيد الله، والأرزاق في خزائن الله، فهو الذي يحيى ويميت، ويغني ويعدم، وينفع ويضر، بيده مقاليد كل شيء، لا إله إلا هو، ولا رب سواه ))

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :
(( اليقين بقوة الله وانتقامه من الطغاة وأنه يمهل ولايهمل ))
فانظر في فرعون الذي كان يقول عن الأنهار
" وهذه الأنهار تجري من تحتي " [ الزخرف: 51]
لقد مضت الأيام وأجراها الله من فوقه .
فاصبروا ياعباد الله وأيقنوا بالعذاب الذي سيحيط بالكافرين والظالمين ولو بعد حين .

ومن الدروس والعبر المستفاده والمستقاه من قصه موسى وفرعون :
(( استشعار معية الله ورعايته في وقت الفتن والشدائد ))
وهذا ظاهر من موقف موسى عليه السلام الذي قال للناس :
" كلا إن معي ربي سيهدين ". [الشعراء: 62]
فلنكن على يقين بأن الله مع المؤمنين ولكن متى ؟
حينما يكونون معه بصحة الإيمان والعمل الصالح

هذه بعضٌ من الدروس والعبر المستفاده من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وأكثر سور القرآن، تحلق بنا دائماً مع موسى عليه السلام.
 فقصته طويلة، وأحداثها متعددة، فيها العبرة، وفيها العظة، وفيها السلوى، وفيها الثبات على المبدأ.

 عباد الله أمركم ربُّكم جلَّ وعلا بأمر بدأ فيه نفسه وثنى به ملائكته المسبحه بحمده وثلث به عباده من جنه وإنسه فقال تعالى قولاً كريمًا:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وحبيبنا وقدوتنا محمَّد بن عبدالله، وارضَ اللَّهم عن خلفائه الرَّاشدين ذوي المقام العليّ، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصَّحابة والتَّابعين...
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

السبت، 22 سبتمبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ قصة موسى وفرعون }.   [ 1 ]

إعداد وتعديل واضافه وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  21 سبتمبر 2018 م
الموافق  11 محرم 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
عاشت امتنا الاسلاميهُ قاطبةً من أقصاها الى أقصاها بالامس الخميس العاشر من شهر محرم يوماً كريماً ...يوماً فاضلاً ... يوماً مفصلياً في تاريخ امتنا انه يوم عاشوراء افضل ايام ِ شهر الله المحرم ..
وقعت في هذا اليوم حوادث فاصلة في تاريخ المؤمنين والمسلمين على مر التاريخ.
- ففي هذا اليوم تابَ الله على سيدنا آدم ..
- وقيل: هو اليوم الذي أُهْبِطَ فيه سيدنا آدم إلى الأرض..
- وفي يوم العاشر من المحرم نجى الله سفينةَ سيدنا نوحٍ من الطوفان، وأرساها على الجودي ..
- وفي يوم عاشوراء وقعت غزوة ذات الرقاع في السنة الرابعة للهجرة..
- وفي يوم الجمعه العاشر من شهر محرم سنة 61 من الهجرة ..
استشهد سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفيده وابن ابنته السيده فاطمة الزهراء البتول رضي الله عنهم الإمام أبي عبد الله الحُسين بن علي بن أبي طالب على أيدي فئة ظالمة.

وفي مثل هذا الأيام من شهرِ محرم طورد
 داعيةٌ أول ..
أخٌ له عليه الصلاة والسلام نهجه نهجه  ..
ومسيرته مسيرته ، ودعوته دعوته ..
وطريقه طريقه انه موسى عليه السلام
" وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا" الفرقان (31)
لا يُبعثُ نبيٌ إلاّ وقد هيأ الله طاغيةً هناك يتربص به ..
ولايحملُ رائدٌ من روّادالدعوه مبدأً إلاّ ويتهيأُ له ظالمٌ يرصده ..!
انها سنةُ الله.. "ولن تجد لسنة الله تبديلاً "..
" ولن تجد لسنة الله تحويلا "...
ولاجل ذلكم نحن اليوم مع موسى بن عمران..!()
وموسى بن عمران عليه الصلاة والسلام
شخصيةٌ لامعةٌ في عالمِ الدعوة ..
شخصيةٌ فريده .. شخصيةٌ نادره ..
شخصيةٌ فذه ، وبطلٌ من ابطال القَصَصِ القرآني الذي أنزله الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم تسليةً له ولأصحابه وأخذاً للعبر والعظات
 ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى ﴾ [يوسف: 111].
نعم احبابي الكرام :
إن اللهَ تعالى قصَّ عليكم في كتابِه العظيمِ قصصاً كثيرةً، فيها العبرٌ والعِظاتٌ،
وفيها الآيات والدلالات..
وكان من أعظمِِ ما قصَّه اللهُ علينا نبأُ موسى وفرعونَ، فهي أعظمُ قصصِِِ الأنبياءِِ،
التي تُذكَرُ في القرآنِِِِ، ثناها اللهُ أكثر من غيرِها، وذكرَها في سورٍ عديدةٍ لينتفعَ منها أولو الألبابِ.

ومجملَ ما ذكره الله في كتابِه من نبأِ موسى وفرعون أن فرعونَ ملِكَ مصر علا في الأرضِ، وجعل أهلَها شيعاً، يستضعفُ طائفةً منهم،
هم بنو إسرائيل (يعقوبُ بنُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السلام ) علا عليهم وتسلَّط ، يُذبِّحُ أبناءَهم، ويستحيي نساءَهم، فكان من أعظمِ المفسدين في الأرضِ، واللهُ لا يصلحُ عملَ المفسدين،
 فأخرجَ الله من هؤلاء المستضعفين، من يُبيِّنُ لفرعونَ سوءَ عملِه، وضلالَ سعيه، فبعث الله موسى عليه السلام، فأوحى إليه وكلَّمه، وناداه:
أنْ يا موسى، إنّي أنا الله ربُّ العالمين ..

وهنا يتحدثُ اللهُ مع نبيه موسى حديثاً شيقاً،
حديثاً راقياً ، حديثاً جميلاً .. حديثاً رائعاً..
حديث الأنسِ واللطف ..                    
حديث الآمانِ والاطمئنان ...
حديث الهدوء والسكينه ..
ليُزيلَ الدهشةَ عنه، وليطردَ الرعب من نفسه..

لأنه موقف صعب، لا يتحمله أيُّ إنسان،
تصور أنك تكلم الله تعالى باسط الارض ورافع السماء .!!
تصور انك تستمع إلى خطاب ملك الملوك ..!
موسى كاد يطير قلبه من بين جوانحه ..!
 فألقى الله عليه خطاب المؤانسة والملاطفة،
حتى لا يستوحش، وحتى لا تسيطر عليه الأوهام،
 فقال الله لموسى عليه السلام :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 17]
ليلاطفه، وليؤانسه ، وليهدأ من روعه ، ويخفف من قلقه ففهم موسى ذلك، فلم يقل: هي عصاً وسكت،
وإنما لما لذّ له الخطاب وشعر بالطمأنينه وأحس بالأُنس زاد في الجواب؛ وزاد في الاسترسال
ليستمر الحوار بينه وبين ربُّ العزة :
﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ﴾ [طه: 18].

قال ابن عباس رضي الله عنهما :
رحم الله موسى، إنما كان يكفيه أن يقول عصاً ولكنه ارتاح لخطاب ربه فزاد في الكلام.

والله يسأله عن العصا، لأنها سوف تكون تاريخاً، وسوف تكون درساً للأجيال، وسوف تكون قروناً من العبر.
 ﴿ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾ [طه: 19 - 20]
           يا سبحان الله!
إنّ موسى عليه السلام لا يعرف الخوارق،
ولايعرف هذه المفاجآت، ولم يمرّ بمثلُ هذه المعجزات ..
إنه يعرف أن السماء هي السماء، لا تتغير ولا تتبدل ..
ويعرف أن الأرض هي هذه الأرض التي يسير عليها ..
ويعرف أنّ الجبال هي الجبال راسخه شامخه ..
ويعرف انّ البحر هو البحر وأن العصا هيا العصا، وأن الحية هي الحية.
اللَّيْلُ  لَيْلٌ وَالنَّهَارُ نَهَارُ
                    وَالأَرْضُ فِيهَا المَاءُ وَالأَشْجَارُ
 فلماذا تنقلب العصا إلى حية تسعى؟!
ففرّ حينها موسى خائفاً مرتعباً ..
وتصور موسى وهو يفر خائفاً من رب العالمين .!
وتصور موسى الذي يفرّ خوفاً من عصاه، ومع ذلك يرسله الله عزَّوجلَّ إلى ذاك الطاغية المجرم، الدكتاتوري السفاك، الذي كان يلقي المحاضرات، على العملاء الأغبياء البلداء، ويقول لهم:
 ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، فيصفقون له..
ويقول لهم: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51]..
فيهزون رؤوسهم طرباً، ويسجدون له تذللاً.
ويقول لهم ( أَنّاْ رَبُكمُ الأَعْلَى )
فيهللون ويصفقون ويطيرون فرحاً وغبطه ..
قال بعض المفسرين :
 كان على قصر فرعون، ستة وثلاثون ألفاً من الجنود والحرس، كل واحد منهم يرى أن فرعون إلهه، وخالقه، ورازقه ومحييه، ومميته والعياذ بالله.
                                     
وبعد ان انتهى معه من الايه والمعجزه الاولى التى سيذهب بها الى فرعون وهي ( العصا )
انتقل به الى آية أخرى من آيات الله عزَّوجلَّ  فقال الله لموسى:
 ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾ [طه: 22].
أدخل يدك يا موسى في إبطك، ثم أخرجها، تخرج بيضاء من غير برص ولا بهق ﴿ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴾ [طه: 22 - 23].

ثم بدأت الرحلة الشاقة المضنية ..!
بدأت المهمه الصعبه المتعبه ..!
فبعد ان ألقى عليه خطاب المؤانسة والملاطفـــــة
وبعد ان أعطاه آيتين باهرتين جاء عندها الامر :
بدأت الرسالة وبدأ التكليف بالدعوه فقال الله له
(( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ ........"))
فيندهش موسى عليه السلام عندما يسمع اسم فرعون ...
فهذا الاسمُ ليس غريباً عليه فلقد رضع في قعر داره وشبّ ونشأ في مُلكِه وتربى في قصره ونام على سريره ولبسَ ملابسه وركِبَ مراكبه حتى أصبحَ كأنّه احدُ أبناءهِ .. ومع ذلك يأتيه الامر الرباني :-
﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 24]
وتَصَوَّرْ موسى عليه السلام وهو يستمع إلى هذا الأمر الإلهي..!
 فلقد فرّ موسى بالامس القريب من فرعون؛
 لأنه تمرد عليه، وقتل شخصاً من رعيته، وقد حكم عليه فرعون بالإعدام غيابيّاً، ثم يأتي الأمر الإلهي: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه:

ولم يقل له اذهب إلى حاشية فرعون، أو توجه الى جنود فرعون، أو أرسل إليه رسالة، وإنما أمره بالتوجه مباشرة إلى هذا المجرم الطاغية، ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ ﴾ [طه: 24]
             لماذا يارب ..؟؟؟!
 ﴿ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 24].
 لقد تجاوز الحد في الطغيان..
تجاوز الحد في الظلم ...
تجاوز الحد في العنجهيه والاستكبار ..
سفك دماء الأبرياء، قتل الأطفال، نشر الفساد، أرهب العباد،ارعب الخلق . ارغى . أزبد .ارعد
دمر البلاد، داس على القيم . داس على المُثل
داس الأجيال تحت قدميه ، اهان المباديء
سخرّ كل شيء من اجل طغيانه وجبروته وبطشه

فلما علم موسى كليم الله ان الامر قد بلغ حداً لايطاق السكوت عليه وانّ كسر الطاغيه وكبح كبريائه امرٌ لا بد منه توجه لربه بطلباتٍ تُعينه في طريق الدعوة .. فماذا طلب موسى من ربه؟

طلب منه طلبين حتى يذهب الى فرعون ..!
الطلب الاول :
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25
فموسى عليه السلام ما كان يبين في حديثه،
بل كان يأكل بعض الحروف إذا تكلم،
وهنا ليس في استطاعته أن يبلغ الدعوة،
وسوف يضحك عليه هذا المجرم العتل،
وقد فعل ذلك بالفعل، حيث عقد مقارنة بينه وبين موسى عليه السلام وفضّل نفسه على نبي من أنبياء الله، ورسول من أولي العزم، قال في سورة الزخرف:
﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 51 - 52].
 يقول فرعون :
إنني أغنى منه مالاً، وأعظم منه سلطاناً، وأصح منه لساناً، فأنا ألقي المحاضرات، وأعقد الندوات، وموسى لا يستطيع ذلك، مع أن هذا بعد أن طلب موسى من ربه أن يحلل عقدة من لسانه، فكيف لو ذهب موسى قبل ذلك؟!
ثمّ إن موسى عليه السلام ما طلب أن يكون أفصح الخلق، ولا أخطب الناس، وإنما طلب أن يكون كلامه مفهوماً، لتقوم بذلك الحجة على فرعون..
 وقد قامت ..
إلا أن هذا هو شأن المفسدين، يتصيدون الأخطاء للدعاة الصادقين، ولا يتورعون عن رميهم بالتهم والافتراءات التي هم منها برآء...

اما الطلب الثاني الذي طلبه موسى من ربه :
فهو ان يجعل له نصيراً، ومعاوناً على تلك المواقف الصعبة فقال :
﴿ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي ﴾ [طه: 29 - 30].
سماه وعيّنه لربه ليختاره له، وعلل لذلك بقوله:
 ﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ [طه:٣١
فإن الواجبات كثيرة، وإن التبعات جسيمة، فأريد أخي ليكون على ميمنتي فيقويني ويثبتني عند ذاك الطاغية الجبار :
﴿ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ﴾ [طه: 33 ]
فالاثنان يسبحان ويذكران أكثر من الواحد..!
والأخ الصالح يذكِّر أخاه إذا نسى، ويقويه إذا فتر  ﴿ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً ﴾ [طه: 35]
 فأنت الذي أرسلتنا، وتعلم ضعفنا، فأعنا على تلك المهمة الصعبة، وكن معنا بالتأييد والنصرة.

ثم كان الجواب من الله الواحد الأحد:
﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 36]
ولم يقل سؤالاتك، أو طلباتك، لأن المطالب مهما كثرت، ومهما عظمت ,فهي هينة في منظور الله فهي لاشيء في ميزان الله عزَّ وجلَّ  :
﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ            
ايها الأحباب الكرام :                                            
يتواصل حوار موسى كليم الله مع ربه جل وعلا  
وبعد ان يعطي الله سبحانه موسى ما طلب
أخذ سبحانه وتعالى يذكر موسى بتاريخه وماضيه، وإنعامه عليه في كل وقت،
 أعاد عليه ذكريات الطفولة والصبا، :
فقال :
 ﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى * إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه
وكأنّ الله يقول لموسى عليه السلام :
لا تخف من فرعون، ولا تتهيب منه، فقد عصمناك منه وأنت طفل رضيع، وقد ربيناك في قصره وفي بلاطه، كنت تضربه على وجهه وأنت طفل صغير، أتخاف منه الآن وأنت في الأربعين، لا تخف منه فإنه أحقر وأهون من أن تخاف منه.

ثم يستمر القرآن في تعديد نعم الله عزَّوجلَّ على موسى:                                
﴿ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ ﴾ [طه:  ثم يذكره الله بفعلته التي فعلها :
﴿ وَقَتَلْتَ نَفْساً ﴾ [طه: 40]
 ولا تظن أننا نسينا النفس التي قتلتها، فإن ذلك مكتوب في كتاب، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولكننا غفرناها لك وفرجنا همك :
﴿ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾ [طه: 40 - 41].
وكأنّ الله تبارك وتعالى  يقول له:
هذا تأريخك يا موسى، وتلك هي الأحداث التي مررت بها، كانت عنايتنا معك في كل حدث منها، وكان حفظنا يلاحقك في كل مكان حللت فيه ..

 ﴿ اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴾
أي لا تفترا عن ذكري ..!
لاتفترا من التسبيح، والتهليل، والتكبير، والتحميد؛
فزاد القلوب هو التسبيح والتكبير
وزاد الارواح هو التحميد والتهليل
وكأن الله يقول لموسى وأخيه :
ياموسى اكثرا من الذكر ولا تتوقف ألسنتكم عن التسبيح بحمدي  ..
فإنكما ستمران بمواقف صعبه وتكاليف ضخمه وأمور جمه ومهام ...
ولن تستطيعا خوض غمارها إلاّ بأن تكونا على قربٍ مني وتلهجون بذكري ..

وفي هذا درس لمن يمرون بأحوال صعبه وأمور شاقه ويقعون في ضيقٍ او شدةٍ او كربٍ
ان مخرجهم من ذلك (  وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي )
ان يذكروا الله في كل أحوالهم ...
ان يسبحوا بحمد الله في ليلهم ونهارهم
وفي صباحهم ومساءهم ..
ان يوحدوا الملك العلام  في دخولهم وخروجهم ..
ان تلهج ألسنتهم بذكر ربهم في ذهابهم وإيابهم وفي سفرهم وحظرهم ..
وان تتعلق قلوبهم بربهم في عسرهم ويسرهم
وفي منشطهم ومكرههم ..
وان تصدح ألسنتهم بشكره وذكره جل وعلا عند طعامهم وشرابهم وفي نومهم واستيقاظهم ..

فالذكر طريق التوفيق والتسبيح سبيل النجاة
وهو القائل عن نبيه يونس عليه السلام :
" فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ " الصافات ١٤٣

فَزَادُ الرُّوحِ أَرْوَاحُ الْمَعَانِي            
                         وَلَيْسَ بِأَنْ طَعِمْتَ وَلا شَرِبْتَ
فَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي الأَرْضِ دَأْباً
                         لِتُذْكَرَ فِي السَّمَاءِ إِذَا ذَكَرْتَ
وَنَادِ إِذَا سَجَدْتَ لَهُ اعْتِرَافاً
                          بِمَا نَادَاهُ ذو النُّونِ بنُ مَتَّى

ويعود الخطاب كما كان أول السورة.
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 43]
في أول السورة قال الله لموسى:
 ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 24]،
 وهنا يقول لموسى:
﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 43]
اذهبا إليه، واعلما بأنه طاغية جبار، ولكن كيف يخاطب موسى وهارون هذا الجبار؟
وما هي الوسيلة التي يستخدمها موسى في عرض الدعوة عليه ؟
وهنا يبين الله أن الوسيلة الناجحة في مخاطبة هؤلاء الجبابرة،وهؤلاء الطعاة العتاه هي اللين، وعدم العنف وعدم الغلظه..
 وذلك بأن تعرض عليه الدعوة بأسلوب هين لين وبأسلوب حسن وسهل  فلعل الله أن يهديه،
 ولعل الله أن يشرح صدره..
فقال تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43 - ]
ما أحسن هذا الكلام، وما أعجب هذا الخطاب، يقول عن سبحانه عن فرعون :
إنه طاغية، وجبار، وسفاك للدماء، وملحد، وعنيد، ورعديد ومتصلف ومع ذلك يأمر أنبياءه باللين معه، وعدم تعنيفه وتوبيخه، لعله يستحسن الخطاب، فيستجيب إلى الحق.

فأين نحن من هذا وايّن الدعاه الى الله والمصلحون والمرشدون والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر من هذه التوجيهات ..
فمع طغيان فرعون وأجرامه وعتوه وظلمه يأمر الله موسى ان يأتيه باللين والسهوله البساطه .
ونحن اتخذنا الشده والغلظه والقسوه في دعوتنا مع إخواننا وأبناء جلدتنا من اهل الاسلام والعقيده وربما فضحناهم امام الجميع وشهرنا بهم امام الخلق ثم نرجوا ان يستجيبوا لنا ويرضخوا لدعوتنا والله يقول :
( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ  ) النحل
((والموعظه الحسنه ...))
هي النصيحه التى تقدم بطبق من الحب والشفقه والتى تُشعرُ المدعو فيها انه امام دعوة تفيض بالحب وتمتليء بالحنان فينصاع لها وينقاد طوعاً لأسلوبها وسلاسه كلماتها وعذوبه ألفاظها ..

اما الغلظه في الدعوه ، والقسوه في التوجيه والشده في النصيحه فلم تؤتى بأي ثمار ابداً
ولم تحقق ايُّ استجابه انما ولّدت نفوراً وعتواً وهروباً وفرضت واقعاً سلبياً وتصوراً سيئاً لدى غالبيه المدعويين ، ورسولنا وقدوتنا عليه الصلاة والسلام يقول :
" يسّروا ولاتعسروا وبشّروا ولاتنفروا "
ولذلكم يقول الله لنبيه موسى وهارون :
﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه:
اي لعله يتذكر نعم الله عليه ..
لعله يتذكر تمكين الله له في الارض ..
لعله يتذكر فضله عليه وإنعامه ..
فبعض الناس لا يأتي إلا من باب الرغبة، وبعضهم لا يستجيب إلا بالترهيب ..

والداعية لا بد أن يكون بصيراً بالقلوب..
 عالماً بطبائع النفوس، حتى يدخل على كل إنسان من الباب الذي ترجى إجابته منه.
 فقال موسى وهارون:
﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى ﴾
قال المفسرون :
خاف موسى عليه السلام  ثلاث مرات :
- مرة لما رأى العصا وقد انقلبت حية، فقال الله له: ﴿ خُذْهَا وَلا تَخَفْ ﴾ [طه: 21]

- وحين دخل البلاط الفرعوني :      
﴿ قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾[طه٤٦

- ومرة ثالثة يوم أن نازل فرعون في الميدان أمام الجماهير :
﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى ﴾ [طه: 67 - 68]..

ولذلكم يقول موسى وهارون :
﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى ﴾
والله يدري أنه يطغى، والله يعلم أنه جبار فقال لهما : ﴿ قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾

وإذا كان الله معك فلماذا تخاف؟
 وإذا كان الله ناصرك فممن تخشى؟
اذا كان الله معك فلما القلق ولما التوجس
ولما الرعب ولما التردد ..

فانطلِقا بهذا المبدأ لا تخافا أحداً، ما دام الله معكما، وناصركما، ومؤيدكما.

احبتي الكرام :
كأنّي ارى عقارب الساعه تطاردنا والحديث شيق لكني سأتوقف هنا لنستأنف الحديث في الجمعه القادمه ولننتقل مباشرةً إلى قصر فرعون،
ونستمع إلى ذاك الحوار الساخن الذي دار بين موسى وفرعون ..
وحتى ذلكم الحين صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم واعرض صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن الصحابة الأطهار، من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم انصر الاسلام وأعز المسلمين واجعل كلمتك هي العليا الى يوم الدين ..
اللهم انصر الحق واهله واهزم الباطل وحزبه وجنده ...
اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها..
اللهم امنا في اوطاننا واجعل هذا البلد امناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ..
اللهم لاتتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لا مسيئين..
اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفر لنا بالاخره والأولى ..
اهدنا بهداك ولاتولى علينا مولىً سواك ..
اجعلنا هداةً مهديين غير ضالين ولامظلين سلماً لاوليائك حرباً على اعداءك نحب بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من عاداك ...
اللهم ارحم موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرساله ..
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفُ عنهم واكرم نزلهم ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس ....
آآمين اللهم آآمين ..

ان الله يأمر بالعدلِ والإحسان وآيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ... وأقم الصلاه ...
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

الجمعة، 14 سبتمبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
وقفه محاسبه مع مرور عام هجري

إعداد وترتيب وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  14 سبتمبر 2018 م
الموافق  4 محرم 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
الإنسان دائماً مودع ومستقبل ..!    
مودع يوماً ومستقبل يوماً ..!
مودع أسبوعاً ومستقبل أسبوعاً ..!
مودع شهراً ومستقبل شهراً ..!
مودع عاماً ومستقبل عاماً آخر ..!
وبالأمس استقبلنا عاماً هجرياً جديداً وودعنا عاماً آخر ..
وهكذا مسيرة الحياة للإنسان في توديع واستقبال..!
وهي بالأخير كلها محسوبةٌ من عمر الإنسان ..!
نعم احبابي الكرام :
كل عام ينقضي بل كل يوم ينقضي بل كل ساعة تنقضي بل كل لحظة تنقضي هي صفحة من كتاب الإنسان تطوى ، وورقة من شجرةٍ تذبل ، حتى ينتهي الأجل :
" وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ  "  ٣٤ الأعراف
ولذلكم
مع إطلالةِ عام هجريٍ جديد وذهابِ عام يبرز للمتأمل أحداثٌ عظام وقضايا جسام يجدر بالعاقل الفطن ان يقف عندها وقفات .!
يسترجع فيها الذكريات ..!
يُجدد العهد ، ويُبرمُ العقد .!
ينظر في ماضيه وما احدث فيه ، ويتأمل في مستقبله وماعزَمَ على ان يفعله فيه إن أمدّ الله في أجله وزاده في عمره وأدام له نعمَه وفضلَه .

ولذلكم
 ثمةَ وقفات وقضايا مهمه تبرز ونحن نودع عاماً ونستقبل عاماً ..
 وما أشدّ حاجتنا ونحن نستشرف آفاق العام الهجري الجديد الى بعضٍ من هذه الوقفات والتأملات .!
ما أشدّ حاجتنا الى مراجعات ومحاسبات جاده لإستثمار كل مايعزز مسيرة أمتنا لتزدلف الى عام جديد وهي أكثرُ عزماً واشدّ مضاءً لفتح آفاق جديده لإسعاد الإنسانيه ، ولتتبوأ مكانتها الطليعيه ومنزلتها الرياديه فوق هذا الكوكب الأرضي الذي ينشدُ سكانه مباديء الحق والعدل والسلام ويرومون الخير والأمن والوئام ..
ولن يجدوه إلاّ في ظل الاسلام وتعاليم الاسلام
زادُنا في ذلك موروث حضاري ، وتأريخي ،وعقدي وقيمي لاينضب ، ونَهلٌ من معطيات العصر وتقنياته في خدمة الأمة ومُثلها وقيِمها ...

ولعل اهم وابرز هذه الوقفات والقضايا ونحن نلجُ باب عامٍ هجريٍ جديد :
وقفه تأمل للمحاسبه والمراجعه والمسائلة والعتاب على بدايه عام ونهايه عام ..!
وقفة مراجعه حقيقيه  لكل واحد مع نفسه
وماذا يُراجع ؟؟؟
- ماذا كانت حالته مع خالقه .
- أَكَان لله خاشعاً متذللاً مُحباً دائماً ومُتقرّبا .
- أَكَان مع الله فى صباحه ومسائه وحال شربه وطعامه ونومه ويقظته .
- أَكَان مع الله فى خوف ومراقبة لرزقه , وهل شابهه حرام أم كان حلالاً طيبا .
- أَكَان لله طائعاً وله عابداً ولدينه عاملاً .
- أَكَان متيناً فى الخلق , مثقفاً فى الفكر , سليماً فى العبادة , صحيحاً فى العقيدة .
- أَكَان نافعاً لغيره , منظماً فى شئونه , مفتاحاً للخير , مغلاقاً للشر .
- أَكَانَ مع الله محافظاً على الصلوات إقامةً وخشوعاً مجاهداً نفسه أن يجعلها فى الجماعة.
- أَكَان مع دعوة الإسلام محباً ولأهلها مجالساً ولرفعتها بسلوكه عاملا.
- أَكَان للدنيا مٌطلّقا وللحور العين متشوّقاً ولمهرها مُقدّماً ومُسدّدا .
- أَكَان للحظة خروج الروح دائماً مستعداً وللقاء ملك الموت متهيئاً.
- هل لامس قلبه فى عامه المنصرم كثيراً من التأثر بحال المسلمين..
- أَدَمِعَتْ عيناه ولو مرة فى عامه المنصرم من خشية الله.
- أَسَمِعَ فى عامه المنصرم ولو مرة واحدة آيةً وقعت فى قلبه فهزّته هزاً ومَزّقته تمزيقاً وطَرحَتْهُ مغشياً على أرضه.
- أَصَامِ فى عامه المنصرم رمضان صياماً لله طيباً ولروحه كان فيه مُزكّياً وعلى القيام والتراويح كان محافظاً.
- أَتَصَدَّقَ فى عامه المنصرم بإستمرار ولو كان بالقليل ليستظل بها فى قيامته .
- أَزَكّى زكاة ماله وأقام بها ركن دينه .
- أَوَدَّعَ فيه مَيّتاً وعزّى فيه أهلونه وواساهم ووقف بجانبهم.
- أَتَحلّى فيه بذوقيات التعامل مع خَلْق الله وأدبيات التحاور ورقّة المشاعر وجمال الأحاسيس.
- أَزَارَ المرضى وأسرع اليهم وسأل الله الشفاء لهم وأشعرهم بحبه وتأثره بما لحق بهم ونزل عليهم وأهداهم الهدية.
- أَأَحْسَنَ إلى اليتامى وسأل عنهم ولو بالهاتف وبرَّ بهم ومسح على رؤوسهم .
- أَكَان فيه بزوجته رحيماً ولها مُحبّاً ومن النار واقياً ولصدرها بالحنان ودفء المشاعر عامراً ومُهيمناً.
- أَكَان لأولاده مُربياً وناصحاً ومشاوراً وعادلاً ومتلاطفاً أم كان متسلطاً وقاسياً ومنهم وعنهم مبتعداً.
- أَكَان لجيرانه مُسْعَِداً ولهموهم مُزيحاً ولكروبهم كاشفاً ولراحتهم والحرص عليهم ساعياً ومحافظاً.
- أَكَان مع وظيفته نموذجاً , بخلقه يقتدى الغير , وبقيمه وأدبه يؤثّر , وبتفوقه الوظيفى يفوق ويظفر.
- أَكَان على الإخلاص حريصاً ولتحصيله وتحقيقه مجتهداً وللنيّة دائماً عاقداً ولها مُجدّداً .
- أَكَان لغايته النبيله رضا الله يعمل وله يسعى ويسجد .
- أَكَان للقرآن تالياً وعلى قرائته حريصاً ومحافظاً ولختمته غير ناسياً .
- أَكَان للدعاء دوماً متضرعاً وبه متذللاً بين يدى خالقه ومنطرحاً وسائلاً وراجياً .
- أَكَان للوطن مُحباً وعليه غيوراً ومحافظاً ولإستقراره وأمنه ساعياً وللفتن وائداً ومُتصدياً .
- أَكَان لبناء وطنه ولمصلحة بلاده مُنتجاً وعاملاً له وإيجابياً ومتفاعلاً .
- أكان على السنن الرواتب محافظاً يراجع نهاية يومه الإثنى عشرة ركعة هل أداها كاملة أم راح منها شيئا.
- أَكَان لأمراضه معالجاً وبأسباب الصحة والعافية حريصاً ومحافظا.
- أكان للعمرة مؤديا وللحج راجياً ربه وسائلا .

هذه الاسئله وغيرها لابد ان تكون عنواناً وورداً مستمراً لكل واحد منا ، ليس مع مرور كل عام بل مع مرور كل شهر ومع مرور كل ﺍﺳﺒﻮﻉ بل مع مرور كل يوم ..

ولذلكم أحبتي الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
انّه لحدث جديرٌ بالوقوف عنده وإن كان في نظر بعض الناس امراً هيناً وعادياً ..!
ذلك ان هذا العام قد مضى من ايام أعمارنا وذهب من سنين آجالنا وأصبحنا إلى الموت أقرب منه الى الحياه ..!
ونحن تُفرحنا الآيام إذا ذهبت ، لاننا نتطلع الى الدنيا وزخارفها وقد مدّدنا الآجال وسوّفنا في الاعمال وبالغنا في الإهمال حتى صرنا كما قال القائل :
إنّا لنفرح بالأيام نقطعها ....
نفرح بمرور الايام وسرعه انقضاءها لكي نصل للمرغوب ، ونصل الى بغيتنا ، ونحقق آمالنا ونسينا انها تقربنا من آجالنا ورحيلنا ..
إنّا لنفرح بالأيام نقطعها
                   وكلّ يوم مضى يُدني من الأجلِ
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً
                  فإنما الربح والخسران في العملِ

ولهذا حذاري ثم حذاري ايها المسلم
حذاري ايتها المسلمة..!
حذاري من الايام وتسارعها فإنّها غرّاره ..
 ومن الدنيا وزخارفها فإنّها غدّاره..

كم من مؤمل بلوغَ آمالٍ اصبح رهنَ القبور مدفوناً
وكم من مفرط في الاعمال اصبح بعدها مغبوناً .!

فأغتنم فرصةَ حياتك ، ونعمة شبابك , وفراغك وصحتك ، وغناك قبل ان تفقدها او تفقد بعضها
فتصبح من النادمين وغداً من الخاسرين :
" قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ  ". الزمر

كذلك وقفه محاسبه بالعوده القليله الى الوراء
الى سنين قليله ، بل وأشهر قريبه ، وايام يسيره أستحضر فيها معكم غيرنا من الأحباب والأقران والاصدقاء والزملاء والرفقاء والجيران ممن غيّبهم الموت وطواهم التراب ..!

سنون وشهور وايام مرت ومضت وانقضت
 كم فقدنا خلالها من عزيز وحبيب ..!
كم فقدنا خلالها من أنيسٍ وقريب .!
كم فقدنا خلالها من صديق قريبٍ او بعيد .!
ربما كانوا في عمرنا وعاشوا معنا كما عاش غيرهم وحَلِموا وخططوا كما خطط غيرهم ،
خططوا فيها لمستقبلهم وحياتهم ودنياهم ..!

رسموا الآمال العريضه ووضعوا الخطط البعيدة والبرامج العديده بأنهم سيدرسوا ويتعلموا ويتخرجوا ويتزوجوا وآمال تلو الآمال ووووو

فإذا يدُ المنون تخترق هذه الأماني وتخترق تلك الآمال ليصبح احدهم خبراً بعد عين واثراً بعد ذات ..
لقدسبقهم قدر الله السابق ، وأمره النافذ فيهم وفي غيرهم وهي النهاية الحتميه لكل أحد .

وبقينا نحن .. انا وانت وهو هي ..
بقينا بعدهم زمناً لاندري متى ينقضي اخره
ولا ندري متى سيأتي دورنا لنكون في قافله المرتحلين من هذه الدنيا ونكون عبرةً للمعتبرين وعظة للمتعظين وآياتٍ للسائلين ...

فهلا استحضرنا جميعاً نعمة البقاء بعدهم ،
 ومنّة التمكين من العمل بعد انقطاع آجالهم .!

جاء في احدى الروايات ان ملك الموت بعد ان يقبض روح العبد ..يقف على عتبة الباب
واهله بجواره يبكون ويولولون ومنهم الصارخ والباكي والضارب على وجهه والشادّ على شعره فيقول وهم لايسمعون :
" لماذا هذا الفزع ؟ ولما هذا الجزع ..؟!
فو الله ما انتقصت لأحدكم عمراً ،
ولا أخذت لأحدكم رزقا .!
 فإن كان بكاؤكم على ميتكم فانه مقهور وان كان صراخكم عليّ فاني مأمور وإن لي بكم عودةٌ بعد عودة حتى لا ابقي منكم احداً "

فالموت آتٍ لا محاله ..!
سيأتي اليوم او غداً ،سيزور هذا العام او الذي يليه ..
الموتُ كأسٌ وكلُ الناس شاربه
                       والقبر دارٌ وكل الناس ساكنه
تجهّزي بجهَازٍ يانفسُ تبلغين به
             يانفسُ قبل الردى لم تُخلقي عبثاً
وجاوزي بغتة الآمال وانكمشي
                     قبل إلزام فلا ملجأ ولا غوثا
من كان حين تصيبُ الشمس جبهته
                او الغبار يخاف الشّين والشعثا
ويألفُ الظلّ كي تبقى بشاشته
                فسوف يسكن يوماً راغماً جدثا
في ظل موحشةٍ غبراء مقفرةٍ
             يُطيلُ تحت الثرى في جوفها اللبثا

اقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب
فاستغفروه ويا فوز المستغفرين ...


الخطبه الثانيه
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
أُلقي على حضراتكم اليوم كلمات يسيره وقد غابت قبل ايام شمسُ آخر يوم من عامنا الهجري ١٤٣٩ وأعلم أنني لن آتي بجديد ولكنها خلجاتُ نفس أبثها في كلماتي لعلي أن أنتفع بها وينتفع بها غيري ممن سيسمعها او من يطلع عليها .

ونهاية عام وبدأ اخر معناه عند العقلاء انّ الله متّعك بما يزيد عن ثمانيه آلآف ساعه ..!
وكم في هذه الساعات من نبضاتِ قلبٍ ماكان له ان يخفق لو انّ الله أوقفها لحظة من الزمن ..!
وكم صعد فيها من نَفَسٍ ما كان له ان يعيش لو ان الله كتمه لحظة من الزمن ..!
وكم تحرك فيها من عضو في خدمتك ما كان له ان يتحرك لو ان الله اوقفه لحظة من الزمن ..!

ثمانيه آلاف دقيقه يعني امتلاء السجلات بما كسبت أيدينا وسطّره الكرام الكاتبون وغداً سيُكشف عن المخبوء وتُبلى السرائر ..
(( هَذَا كِتَابُنا يَنطِقُ عَليْكُمْ بالحقِّ إنّا كنّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلون ))

انّ مضي عام يا أحبتي الكرام
يعنى سقوط ورقه من اوراق الشجرة ذات الأوراق المحدوده ، وبها يتناقص الموجود ويزداد الذابل المفقود ولربما كانت الورقه ماقبل الاخيره :
( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾.
ولذلكم
مع بداية العام حريٌ بنا أن نعقد العزم على اغتنام بقية العمر .
فكم سوّفنا ؟
كم أخرّنا من أعمال صالحة ولو عملناها فيما مضى لكان خيراً لنا ؟
كم أخَّرنا التوبة الشاملة ؟
كم أخَّرنا التوبة عن بعض الذنوب ؟
كم أخَّرنا مشاريع عظيمة لو فعلناها لكان لنا شأن عظيم ؟
كم وكم وكم ؟
فوقفة صادقة مطلوبه مع النفس .!
وقفة استذكار ومحاسبه لاستغلال بقيه ايامك وسنين عمرك في رضا الله ورضوانه ومحبته وغفرانه وفضله وكريم إحسانه وتعريض النفس لنفحاته التى تتخللنا بالزياره ما بين الفينة والتى تليها ..
فبعد ان ودعنا نفحة رمضان ونفحة صيام ست من شوال ونفحة عشر ذي الحجه ونفحة صيام يوم عرفه هاهي نفحة جديده تهل علينا مع مطلع عامنا الهجري الجديد انه شهرُ اللهِ المحرَّم، فاتحةُ شهورِ العام ..!
من أعظم شهور الله جلَّ وعلا ..!
عظيم المكانة، قديم الحُرْمَة، رأس العام ..!
ومن فضائل شهر الله المحرم :
أنَّ الأعمال الصَّالحة فيه لها فضلٌ عظيمٌ، لا سيَّما الصِّيام؛ فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضيَ الله عنه قال:
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
((أفضل الصِّيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم، وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة صلاة اللَّيل)).

وأفضل أيامُ هذا الشَّهر يا عباد الله يوم عاشوراء،
يوم إنتصار نبيِّ الله وكليمه موسى عليه السَّلام وهلاك فرعون الطاغية ..!
وكم في هذه القصة من الدروس والعِبَر والعظات والفِكَر للدعاة إلى الله في كلِّ زمانٍ ومكان،
فمهما بلغ الكَيْد والأذى والظُّلْم والتسلُّط؛ فإن نصر الله قريبٌ ..!
ويا لها من عبرةٍ لكلِّ عدوٍ لله ولرسوله ممَّن مشى على درب فرعون، أنَّ الله منتقمٌ من الطُّغاة الظَّالمين، طال الزمن أو قَصُرَ ..!
ألا فلتقرَّ بذلك أعين ُ أهل الحقِّ ودُعاته؛ فالعاقبة للمتَّقين، وليتنبَّه لذلك قبل فوات الأوان أهلُ الباطل ودُعاته :
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى ﴾ [النازعات: 26]
 ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14].
ان في الحوادث لعبرا ، وإنّ في التأريخ لخبرا
وإنّ في الآياتِ لنُذرا، وإن في القَصَص والأخبار لُمدّكراً ومُزدَجرا :
 ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لْقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
ولاجل ذلكم
يوم عاشوراء سيوافق يوم الخميس القادم بإذن الله وثواب صيام هذا اليوم حدثناعنه رسولنا
صلى الله عليه وسلم كماجاء في "الصحيحَيْن" عن ابن عبَّاسٍ رضيَ الله عنهما قال:
 "قدم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء؛
 فقال لهم: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟))
قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومه. فقال: ((نحنُ أحقُّ بموسى منكم))؛ فصامه وأمر بصيامه..

بل اسمعوا الى الفضل الجزيل والخير العميم والثواب الفضيل لمن صام هذا اليوم ففي
"صحيح مسلم" عن أبي قَتادة رضيَ الله عنه
أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سُئل عن صيام يوم عاشوراء؛ فقال:
 ((أحتسبُ على الله أن يكفِّر السَّنة التي قبله)) ..
الله أكبر!
يا له من فضلٍ عظيم لا يفوِّته إلا محروم.
لذا يستحبُّ للمسلمين أن يصوموا هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله، وطلبًا لثواب الله، وأن يصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده؛ مخالفةً لليهود، وعملاً بما استقرَّت عليه سنَّة المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم  فيا له من عملٍ قليلٍ وأجرٍ كبيرٍ وكثيرٍ من المُنعِم المتفضِّل سبحانه وتعالى ..!

أسأل الله لي ولكم حياة سعيده واعواماً في طاعة الله مديده وسنوناً من القرب من الله عديده ..
اللهم اجعل هذا العام عام خير وبركه ونصر وعزة وتمكين للإسلام والمسلمين..
الله اجمع فيه كلمة المسلمين على الحق والهدى
ووحد صفوفهم ولمّ شتاتهم وأجمع شملهم وطهّر مقدساتهم وآمن روعاتهم ..
يارب كَسْرُنا لا يجبُره إلا لطفك وحنانك ..
 وفقرنا لا يُغنيه إلا عطفك وإحسانك ..
 وروعتنا لا يُسَكِّنها إلا أمانك ..
وذلتنا لا يعزها إلا سلطانك ..
وأمنيتنا لا يبلغنا إياها إلا فضلك ..
وحاجتنا لا يقضيها غيرك ..
وكربنا لا يُفرّجه إلا رحمتك ..
وضُرّنا لا يكشفه إلا رأفتك ..
ولوعتنا لا يُطفئها إلا لقاؤك ..
 وشوقنا إليك لا يطفئه إلا النظر إلى وجهك ..
وقرارنا لا يَقَرُّ دون دُنونا منك ..
 ولهفتنا لا يردها إلا رَوْحك ..
 وسقمنا لا يبَرّئه إلا صفحك ..
ورَيْن قلوبنا لا يجلوه إلا عفوك ..
ووسواسَ صدورنا لا يزيحه إلا أمرك ..
فا منتهى أمل الآملين ويا غاية سؤلْ السائلين
ويا أقصى طلبة الطالبين ويا أعلى رغبة الراغبين ويا وليّ الصالحين ويا أمان الخائفين..
ويا مجيب دعوة المضطرين ويا ذخر المعدمين..
ويا كنز البائسين ويا غياث المستغيثين..
ويا قاضي حوائج الفقراء والمساكين..
ويا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين ..

نسألك أن تنيلنا والمسلمين وبلادهم من روح رضوانك وتديم علينا والمسلمين ّوبلادهم نعم إمتنانك ..
ها نحن بباب كرمك واقفون ولنفحات برّك متعرّضون ، وبحبلك الشديد معتصمون ،
وبعروتك الوثقى مُتمسكون .

اللهم وأسعدنا بهذا العام الجديد حتى نلقاك فيه على إيمان وحب منك يارحمن ..
اللهم وأسبغ فيه على عبادك المسلمين فى كل البلاد والأوطان قراراً من عندك وإستقراراً وأماناً ونجاة من الفتن ..
اللهم انا نسألك أن تنزل على سائر المسلمين وبلدانهم سحائب رحمتك وكثير غفرانك وأن تردنا إليك غير خزايا ولا مفتونين يارب العالمين ... .

 عباد الله أمركم ربُّكم جلَّ وعلا بأمر بدأ فيه نفسه وثنى به ملائكته المسبحه بحمده وثلث به عباده من جنه وإنسه فقال تعالى قولاً كريمًا:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا وحبيبنا وقدوتنا محمَّد بن عبدالله، وارضَ اللَّهم عن خلفائه الرَّاشدين ذوي المقام العليّ، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الصَّحابة والتَّابعين...
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

الجمعة، 7 سبتمبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
من دروس الهجرة النبويه :
{ توظيف الطاقات واكتشاف المواهب والاستفاده من الخبرات السابقه }

إعداد وترتيب وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  6 سبتمبر 2018 م
الموافق  27 ذو الحجه 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
 سطَّر تاريخنا الإسلاميّ المجيد أحداثَ عظيمة، ووقائعَ جسيمة، لها مكانتها الإسلاميَّة،
ولها آثارها البليغة في عزِّ هذه الأمَّة وقوَّتها وصلاح شريعتها لكلِّ زمانٍ ومكان، وسعيها في تحقيق مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد.

وهانحن اليوم نعيش مع حدثٍ مباركٍ عظيم غير مسار التأريخ واخرج العباد من عبادةِ العباد الى عبادةِ ربِّ العباد ومن جور الأديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخره

انّه الحدث الذي غيَّر مجرى التاريخ ..
إنّه الحدث الذي يحمل في طياته معاني الشجاعة والتَّضحية والإباء ..!
معاني الصَّبر والنَّصر والفداء..
معاني التوكُّل والقوَّة والإخاء..!
معاني الاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء.!

إنَّه حَدَثُ الهجرة النبويَّة، الذي جعله الله سبحانه طريقًا للنَّصر والعزَّة، ورفعِ رايةِ الإسلام،
وتشييد دولته، وإقامةِ صرح حضارته ...!

فما كان لنور الإسلام أن يُشِعَّ في جميع أرجاء المعمورة لو بقيَ حبيسًا في مَهْدِه، ولله الحكمة البالغة في شَرْعِه وكَوْنِه وخَلْقِه.

إنَّ في هذا الحدث العظيم من الآيات البيِّنات والآثار النيِّرات والدروس والعِبَر البالغات ما لو استلهمته أمَّة الإسلام اليوم وعملت على ضوئه وهي تعيش على مفترقِ الطُّرُق؛ لتحقَّق لها عزُّها وقوَّتها ومكانتها وهيبتها، ولعلمتْ علمَ اليقين أنَّه
لا حلَّ لمشكلاتها ولا صلاحَ لأحوالها إلاَّ بالتمسُّكِ بإسلامها، والتزامها بعقيدتها وإيمانها..

 وأنا لا أشك أن واحداً منكم لا يعرف وقائع الهجرة، فوقائعُ الهجرة يعرفها المسلمون جميعاً، ولكن العبرة في شفافيةِ الحدث، في أن تستنبط من الحدث قاعدةً تنتفع منها في حياتك اليومية، ونسقط وقائع الهجرة على واقع المسلمين اليوم من خلال دروسها وعظاتها ..!
وما اكثر تلك الدروس وما اكثر تلك العظات
وما اكثر تلك العبر والدلالات التى طال ما حدثناكم عنها في أعوام مضت وسنين مرت ..؟
دروس في الامانه، ودروس في التضحيه والفداء..
دروس في الامل والتفائل ..
ودروس في الصبر والتحمل ..
دروس في الصدق والوفاء ..
ودروس في الجود والسخاء ..
 دروس في الوحده والتعاون ..
ودروس في التخطيط والتنظيم ..
دروس في الإيجابية ..
ودروس في الثبات على الحق ..
دروس في استشعار معية الله ..
ودروس الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله ..
دروس في الثقه بالله وموعود الله ..
ودروس في نصر الله وحفظه لأوليائه ..
ودروس ودروس وعبر وعظات اخرى كثيرة تم الحديث عنها في أعوام وسنين مضت ..!

واليوم نحن على موعدٍ مع درسٍ جديد نستلهمه من هذه الحادثه المباركه التى لم يسبق لنا الحديث عنه في منبر الجمعه من قبل ...
ففي موقفٍ عظيمٍ من مواقف الهجرة الشريفة، وأعداؤه عليه الصلاة والسلام يترصدون به ويفتشون عنه، يستأمن رجلاً من المشركين ويطمأن له ويأنس بخبره وخبرته فيسير معه في طريق الهجرة متخفياً عن أعين المشركين الذين رصدوا الجوائز الباهظة لمن يأتي بخبره ..!

وهنا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يستفادُ من الطاقات والكفاءات والخبرات فيحرص على ان يشاركَ في الهجرةِ وإنجاحها والوصولِ الى غايتها الرجالُ والنساءُ والشباب، فكانَ للجميعِ جهودٌ مشكورةٌ وأدوارٌ خالدةٌ معروفةٌ غيرُ منكورة ..
كُلُّ هذا ليُعلمَ أُمتهُ أنّ الخيرَ كُلَّ الخيرِ في تضافرِ الجهودِ ، للوصولِ إلى الغايةِ المرجوّةِ والهدفِ المنشود ..
فوَكَلَ عليه الصلاة والسلام لِكُلِّ مُشَارِكٍ وَمُعَاوِنٍ
مَا يُنَاسِبُهُ حَسَبِ خِبْرَتِهِ وَكَفَاءَتِهِ ..!
لأنَّ للخبرةِ والكفاءةِ دورٌ مهمٌّ في إتقانِ العملِ وإنجازِ المهام ..
فيختَارَ هنا رسول الله رَجُلاً خَبِيَرًا بِطُرُقِ الصَّحْرَاءِ، مَعَ أنَّهُ كَانَ مِنْ غَيْرِ المُسلِمِينَ .
وسيرته صلى الله عليه وسلم العمليه زاخرةٌ بالمواقف العظيمة، بالاستفادة بما عند الأمم السابقة على اختلاف عقائدهم، ومذاهبهم
- وهنا في الهجره كما أسلفت يستفيد عليه الصلاة والسلام من خبرة عبدالله بن أُريقط الليثي بالطريق من مكة إلى المدينة، وهو مشرك ..
- حتى إصرار عم الرسول صلى الله عليه وسلم
 أبي طالب على الشرك، والتزامه بملة الأعداء؛
 لم يمنعه من الإفادة من مكانته وجاهه والاستئثار بحمايته والذود عنه، فقد استأمنه وأخذ برأيه ومشورته وقَبِل مساندته ومناصرته، واطمأن إليه وشكى له، لذا كانت وفاة عمه أبي طالب عام حزنٍ له وشعورٍ منه بفقد حامٍ ذي  شكيمة، ومساندٍ له بالجاه والرأي والقوة.
- وفي غزوة الأحزاب يأخذ من علوم الفرس بحفر الخندق بمشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه،
- كما استفاد الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم
من تجارب الدول الأخرى، وخاصة الفارسية، والرومانية، حيث أخذوا منهم الكثير من الخبرات، والمعارف السياسية، والإدارية، والاقتصادية ..

ولا بأسَ أن ينتفعَ المسلمونَ بمواهبِ الاخَرينَ وخبراتهم بِغَضِّ النظرِ عن عقائدهم وخصوصاً إذا تعسرَ الحُصولُ على مسلمٍ يملكُ الكفاءةَ أو الموهبةَ نفسَها ..
ولذلكم اخواني واحبائي روّاد مسجد بلال :
مهارةُ الإفادة من تجارب الآخرين في الإسلام خلقٌ أصيل، عزّزه القرآن ..!
جسدته السنة المطهرة ..!
عمل به الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ..!

 ويُعدُّ معلَماً بارزاً من معالم التاريخ الإسلامي وأعمدَتُه المهمة، ذلك أنّ الخبرة الإنسانية إرثٌ مشترك، يتلقاه اللاحق عن السابق،
ويُسهمُ فيه كُلُّ جيلٍ بما لديه من قدرات واستعدادات وفق شخصيته وحضارته؛ من أجل بناء حضارة الإنسان على مدّ التاريخ الإنساني كله.
واذا بدأنا بالقرآن لنستشهد على درسِ الهجره اليوم في الإفادة والانتفاع والاستفاده من تجارب الآخرين وخبراتهم فإننا نجد انّ القرآن الكريم لفت أنظارنا إلى ضرورة الإفادة من التاريخ ودراسة تجارب الأمم السابقة، والوقوف على مواطن الخطأ والصواب، فقال تعالى :
" قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ".
آل عمران: ١٣٧
 كما أرشدنا إلى حاجةِ كل إنسان لعلمِ أخيه الإنسان الذي سبقه، فالخبرات والعلوم لم تولد معنا، فقال تعالى :
"وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا" النحل: ٧٨
كما دعا الى أخذ العبرة من قصص السابقين تارة، فقال : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى "  يوسف:١١١ ..

وتارة عن طريق الإشارة إلى المشاهد الداعية للتعلم من خبرات الغير وتجاربهم، قال تعالى:
" فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ  (( لِيُرِيَهُ ))
ليريه : اي ليستفيد وليتعلم وليأخذ الخبره
" فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ  
كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ " المائدة:٣١

يقول ابن عاشور معلقاً على مشهد الغراب :
"هذا المشهدُ العظيم هو مشهد أوّل حضارة في البشر ، وهي من قبيل طلب سَتر المشاهد المكروهة "
 وهو أيضاً مشهد أوّلُ علمٍ اكتسبه البشر بالتّقليد وبالتَّجربة ..
 وهو أيضاً مشهدُ أوّلُ مظاهر تَلقّي البشر معارفهم من عوالم أضعفَ منهم كما تَشَبَّه النَّاس بالحيوان في الزينة ، فلبسوا الجُلُود الحسنة الملوّنة وتكلّلوا بالريش المُلوّن وبالزهور والحجارة الكريمة، فكم في هذه الآية من عبرة للتَّاريخ والدّين والخُلُق"

وفى السنه المطهره والسيره النبويه نجد ان عملَ الرسول صلى الله عليه وسلم كان منضبط بسنن الله ونواميسه في الكون :-
 فاستغل ساحة الدعوة ليخرجَ منها ثماراً يانعة في فترة وجيزة وبفاعلية وقدرة ليس لهما نظير  في حياة البشر ..!
 وكان دائبَ الإفادة من خبراتِ الآخرين، سواء كان ذلك في المعاني أو في الماديات ..

ولو جئنا الى حياة النبي الكريم قبل حادثه الهجره لوجدنا انّه عليه الصلاه والسلام لم ينعزل في كوكبٍ منفرد عن بيئة قومه وعشيرته، بل سافر وتجول صغيراً مع عمه وسمع ممن هو أكبر منه من أشياخ قريش ومن حولهم من القبائل،
حيث اطلع على تجارب الآخرين وخبرتهم، وتمكن من الاستفادة من آرائهم، فهم أصحاب خبرة ودراية وتجربة لم يمر بها النبي في سنه تلك.
وقدر الله له ان يترعرع في بادية بني سعد،
حيث أكسبه ذلك تنوعاً في معرفة لهجات العرب وزيادة في الفصاحة والبلاغة، لذلك لما كان يأتي إليه وفد من أي قبيلة كان يكلم الوفد بلهجته.
وإضافة لذلك فقد تعلم عندهم الرماية وركوب الخيل والسباحة ..
 ومر ذات يوم على بئر فتبسم، فقيل:
ما يضحكك يا رسول الله؟!
قال: هنا تعلم نبيكم السباحة.
وهذه الخبرات ساهمت في بناء شخصيته فلما أكرمه بالرسالة فيما بعد ساعده ذلك في معرفة حقيقة ما يفكر به الأعراب والمشركون واليهود والمنافقون وسائر القوى التي تحيط بالمسلمين، ومعرفة طبيعة تركيبتهم السياسية والاجتماعية وواقعهم الثقافي والاقتصادي ..

وفي خبرة الرسول بالناس عامة ودرايته بأصحاب المواهب والقدرات الفاعلة والمؤثرة وندرتهم بين الناس قال :
(تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً) .
لذا فقد اكتشف هذه المواهب والقدرات بين أصحابه واستثمرها في عملية بناء المجتمع وبنائه، ووضع كل واحد منهم في المجال الذي يناسب تفوقه وتميزه، فقال :
 ( أرحمُ أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أُبيّ، ولكل أمةٍ أمين وأمينُ هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح )
ولمعرفته عليه الصلاة والسلام بالشعوب وما يصلح لهم من الرجال :
فقد أرسل لأهل اليمن أعلم الصحابة كمعلم لهم وهو معاذ بن جبل ..!
وأرسل إلى نجران علي بن أبي طالب ..
وأرسل إلى الغرب منها أبا موسى الأشعري.
وأوفد قبل ذلك مصعب بن عمير سفيراً إلى المدينة المنورة؛ ففتحها بالدعوة والتعليم.
وفي السياق ذاته فقد اختار بلالاً للآذان لأنه أندى الصحابة صوتاً .!
واختار ثابت بن قيس ابن شماس خطيباً لأنه جهوري الصوت بليغ العبارة .!
واختار حسان بن ثابت شاعراً له لانه كان يجيد الشعر ..!
واختار أصحاب البداهة والفصاحة والوسامة لكي يكونوا رسله إلى الملوك والأمراء :
" كدحية الكلبي، وعبدالله بن حذافة السهمي، وعمرو بن العاص، وعمرو بن أمية الضمري، وحاطب بن أبي بلتعة ".!
 واختار لقيادة الكتائب والجيوش :
" خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وأسامة بن زيد، لأنهم كانوا أكثر الصحابة قدرة على القتال، وأملكهم لفنونه وهكذا دواليك.!!
فكانت إفادته عليه الصلاة والسلام من خبرته السابقة تتصل بجهتين :
- معرفته العميقة بأصحابه وأحوالهم وميولهم وتخصصاتهم، وحتى فيما يخص سيرتهم الشخصية مع أهلهم وأزواجهم.
- كذلك معرفته بالأقوام الذين سيرسل إليهم هؤلاء الرسل، وإلا لما استطاع أن يوافق صلاحهم وخيرهم حتى وإن عرف أحوال أصحابه ومناقبهم.
ويعدُ هذا المنحى الذَي اصطبغ به منهجه غاية في الروعة والجمال، لأنه راعى فيه أحوال الرجال المرسلين وأحوال الشعوب المستهدفة من الإرسال في آن واحد.
وفي منحى اخر استفادته عليه الصلاة والسلام من معرفته بالنجاشي ملك الحبشة بأنه عادل
لا يظلم فأرشد المستضعفين عنده وإرسلهم للجوء إلى بلاده عندما أشتد الإيذاء لهم..
 قالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
" فَلَمّا رَأَى رَسُولُ اللّهِ مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبَلَاءِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنْ اللّهِ وَمِنْ عَمّهِ أَبِي طَالِبٍ وَأَنّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ قَالَ لَهُمْ لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ حَتّى يَجْعَلَ اللّهُ لَكُمْ فَرَجًا" .
فأخبرهم بصفات حاكم تلك البلاد ودولته، وهذه دقائق تحتاج لمعرفة واسعة وثقافة متعمقة، ووعي سياسي فذ.
ولما طلب منه أبو ذر وظيفة لا تناسب ملكاته وقدراته، لم يستجب لطلبه بل نصحه بالابتعاد عنها وقال: " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها".
وهذا يعود لمعرفته بالفروق الفردية التي تُميّزُ كل فرد عن الآخر، وهو جانب من تميزه وخبرته.
وفي هذا الإطار فقد استدل الرسول بفطنته وبراعته على اختيار من كان انسب لتعلم اللغة السريانية، فاختار لهذا الشأن زيد بن ثابت .

ولذلكم كان عليه الصلاة والسلام شديد الملاحظه يكتشف من خلالها المواهب ويوظف الخبرات ويشجعها ويعطيها زمام المبادره لتنطلق وتسابق وتبدع وتبني وتُثمر وتُصلح  ..!

ولكم ان تروا الى واقع بلادنا على وجة الخصوص الى تلك الأعداد الهائلة والكثيره من المواهب والطاقات والإبداعات والقدرات والكفاءات الشبابيه التى ضيعت وأهملت وتركت ودمرت ..!
- مواهب شبابيه لم تجد لها مشجعاً ولا داعماً ولاسنداً ولا ظهراً لكي تنطلق اكثر وتبدع اكثر وتخدم بلدها ..
- مواهب شبابيه بعضها من الاهمال ذهبت أدراج الرياح وماتت ابداعاتهم واضمحلت خبراتهم  واندثرت طاقاتهم  ففضلت التوجه للعمل او حمل الأثقال على ظهرها اوبيع الخضروات في الاسواق .
وأخرى سافرت لبلدان اخرى لتخدمها في مجال موهبتها وابداعها سواءً في المجال التكنولوجي او المعلوماتي او الاكتشافي او الإبداعي او الثقافي
او الرياضي ..!
ولكم بيّض وجوهنا هؤلاء المبدعون من شبابنا والموهوبون من أبناء بلدنا بأصواتهم او أقدامهم
او اكتشافاتهم او مخترعاتهم في المحافل الدوليه وفي البرامج المسابقاتيه وحازوا المراكز الاولى ورفعوا علم البلاد خفاقاً ..!
ورسموا لهذا البلد صوره حضارية رائعه تليق بها وبأنها بلد الأذكياء والعباقره وروّاد المواهب والخبرات ..
ومع ذلك تعود لبلادها فلا تجد الداعمين ولا المشجعين ولا المحفزين فتموت مواهبهم مع الوقت وتدمر طاقاتهم مع الزمن..
اما الموهوبون في مجال السرقه والنصب والاحتيال على خلق الله واكل حقوق الناس ومال اليتيم فهؤلاء موهوبون مدعومون ومشجّعون ..!
هولاء موهوبون يجدون السند والظهير ويجدون الحامي والمدافع والنصير ..!

التاجر الموهوب المتفنن والمبدع في احتكار السلع الغذائية واّدخار حاجة الناس وأقواتهم هذا يعطى وسام الشرف والحنكه .

والبعض من الصرّافين والمبدعين منهم والموهوبون ممن يتلاعبون بالعمله الوطنيه والصرف اليومي هؤلاء محاطون بالمشجعين والحامين .

والمواطن الغلبان هو الضحيه لكل هذا وهو وحده من يحمل الهموم في الليل والنهار ويتجرع مراره الألم ولا من يرثى لحاله او يرأف لوضعه
ولا حسيب له إلا الله ومع ذلك اقول له :

أيها الموجوع صبراً          إنّ بعدَ العسرِ يسراً

أيها الجائع مهلاً            إنّ بعد الجوعِ شبعاً

إن بعد الحزن أمناً     فاحتسب في الحزن أجراً

لا يكون الدمع دوماً     سوف تجني السُعدَ دهراً

أيها الباكي بليلٍ          سوف يأتي النور فجراً

أيها المكسور قل لي         هل يُديمُ الله كَـسْراً ؟

إنّ رباً كان يدري           فيك عند الصبر ادرى

اقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب
فاستغفروه ويا فوز المستغفرين ...

الخطبه الثانيه :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
تعيش الأمَّة الإسلاميَّة بعد ايام قليله إشراقةَ سنةٍ هجريَّة جديدة، وإطلالةَ عامٍ مباركٍ بإذن الله،
وستأفلُ شمسُ عامٍ كامل، ويمضى بأفراحه وأتراحه، وستقوِّض خيامه، وتصرَّم أيامه .!
((  يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )) النور (44)
(( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا )) النور (62)
والموفَّق الملهَم مَنْ سيأخذ من هذا دروسًا وعِبرًا، ويستفيد منه مُدَّكَراًً ومُزدَجَراً، ويتزوَّد من المَمَرِّ للمَقَرِّ، فإلى الله سبحانه المرجِع والمستقرّ،
والكيِّس المُسَدَّد مَنْ حاذَر الغفلة عن الدَّار الآخِرة حتى لا يعيش في غمرة، ويؤخذ على غرَّة، فيكون بعد ذلك عظةً وعبرة،.

 ولذلكم احبابي روّاد مسجد بلال بن رباح :
الهجرة النبوبه المباركه على صاحبها افضل الصلاة وأتم التسليم تُعلمنا اليوم درساً في أنّ الوصولَ إلى الغايةِ المرجوةِ والهدفِ المراد يحتاجُ إلى جهدٍ متواصلٍ ، ولا يكفي مجرد تحديد الهدف..!
فالذي يريدُ ثمرةً من شجرةٍ لابد أن يَهزَّها أو يصعدَ عليها ، ومن العبثِ الإكتفاء بالنظرِ إليها
فالقصور لايأتي عادةً من تحديد الهدف بل من التهاون في اختيارِ أنجعِ الاساليبِ الموصلةِ إليه ..

وَفِي تَوزِيعِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لأَدْوَارِ الذِينَ شَارَكُوا فِي الهِجْرَةِ دَرْسٌ لَنَا مَعْـشَرَ المُسلِمِينَ فِي الاستِفَادَةِ مِنَ الخِبْرَاتِ،. وَمَا يُثْمِرُهُ ذَلِكَ مِنْ فَوَائِدَ وَخَيْرَاتٍ، فِي المُؤَسَّسَاتِ الحُكُومِيَّةِ وَالشَّرِكَاتِ، بَلْ فِي جَمِيعِ المَجَالاَتِ..!

وكم من مشكلة تربوية استعصت على الحل،
وعند الاستعانة بخبرات من سبقونا في هذا الدرب ذهبت أدراج الرياح، ولم تقف أمام خبراتهم التربوية مجرد لحظات...!
وكم من عقباتٍ واجهتنا في الطريق، وعند الاستعانة بخبرات الآخرين، مُحيت واندثرت..!
وكم من تحديات قابلناها، وحين استأنسنا برأي ذوي الخبرة ذُللت ومُهدت..!

وحيا من قال :
ألم ترَ أن العقل زينٌ لأهله
           ّ            ولكن تمامَ العقلِ طولُ التجارب
ومن قال :
من لم يشرب من بئرِ التجربة
                       مات عطشاً في بحور الجهل
 فالاستفادة من التجارب الشخصية أو تجارب الآخرين طريقٌ للنجاح ولها فائدة كبيرة في حياة الإنسان يتجنب بها تكرار الأخطاء ويمضي قدماً نحو هدفه ولهذا قالوا :
" السعيد من وعظ بغيره "
 فخذوا من حادثةِ الهجرةِ هذا الدرس مما سيُعينكم على النجاحِ في حياتكم ..
 واعلموا أنّ من حُرمَ فضلَ هجرةِ الأبدانِ فلن يُحرمَ فضلَ هجرةِ العصيان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :-
(( المؤمنُ منْ أَمِنَهُ الناسُ ، والمهاجرُ من هجرَ ما نهى اللهُ عنْهُ ))..

واللهَ العظيم الجليل الكريم أسألْ أن يجعل من هذا العام نُصْرَةً للإسلام والمسلمين، وصلاحًا لأحوالهم في كلِّ مكان، وأن يعيده على الأمَّة الإسلاميَّة بالخير والنَّصر والتَّمكين، إنه جوادٌ كريم.
اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخِرها، وخير أيَّامنا يوم نلقاكَ.

اللهم اجعل حاضرنا خيرًا من ماضينا، ومستقبلنا خيرًا من حاضرنا، إنَّك خير مسؤولٍ وأكرم مأمول.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.

رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً:
(( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) .

اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...