🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
القسط ( العدل )
﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 5 }}
إعداد وتعديل وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 2 فبراير 2018 م
الموافق 16 جماد اول 1438هـ
ثم اما بعد ايها الأحباب الكرام.
ومع عمل جديد يحبه الله تعالى ضمن سلسله احب الاعمال الله ...
وعمل اليوم اذا ساد عاش الناس سعداء ..
وعاش الناس في رغدٍ من العيش آمنين مطمئنين
يسودهم الحب والألفه ..
ويكتنفهم التعاون والمحبه ...
وتغمرهم المساواه والوئام...
بعمل اليوم تدوم الدول وتبقى ..!
وبعكسه تزول الدول وتُمحى ..!
لا أطيل عليكم إنه :
انه القسط ( العدل ) ..
﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾ ..
تكرر أنَّ الله جل جلاله يُحبُّ المُقسطين فى القرآن ثلاث مرات :
( في سوره المائدة 45، وسوره الحجرات 9، وسوره الممتحنة 8)
مع غير المؤمنين مرتين..
ومع المؤمنين مرَّة واحدة...
فأما مع غير المؤمنين، فجاءت في قوله تعالى:
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42].
وقوله تعالى:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
وأما مَرَّة مع المؤمنين، فكانت في قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].
وعلى المؤمن الذى يتقى ربه جل وعلا
أن يختار لنفسه منزلته عند الله تعالى...
هل يكون من المُقسطين المسلمين الحقيقيين الراشدين أم من القاسطين الظالمين :
﴿وَأَنّا مِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـَئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً. وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾
هل يكون ممن يحبهم الله تعالى
﴿وَأَقْسِطُوَاْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
أم من الذين يبغضهم الله تعالى؟
والقسط ايها الأحباب الكرام :
هو العدل والمقسط بشكل عام هو العادل،
من الفعل "أقسط"
ولابد من التفرقة اللغوية والقرآنية بين كلمتين "قاسط" و"مقسط".
فالقاسط هو الذى يحول الحكم لهواه ولو بنسبة 1%، والله تعالى يقول عن القاسطين :
﴿وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾ (الجن)..
أما المقسط فهو صيغة مبالغة من القسط
وهو الذى يراعى القسط دائماً وأبداً...
- والعدل هو الغاية التي من أجلها أرسل
الله الرسل، وأنزل الكتب، قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} سورة الحديد(25)،
- وتحقيق العدل مطلب إلهي، وأمر رباني،
يجب علينا تحقيقه، والحذر من التهاون فيه..
يقول الله تعالى:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} سورة النحل..
ويكفي العدلَ شرفاً ورفعةَ ومكانةٍ أنَّهُ اسمٌ مِنْ أسماءِ اللهِ الحُسنى، وصفةٌ مِنْ صفاتهِ العُليا،
فهو "سبحانه العدل الذي لا يجور ولا يظلم
ولا يخاف عبادُه منه ظلما..
فكلُّ ما أخبرَ اللهُ بهِ صِدْق، وكلُّ ما حكمَ بهِ عدلٌ، ولنْ يستطيعَ أحدٌ تبديلَ ذلكَ وتغييرَه، أو تشويهَهُ وتحويرَه، يقولُ اللهُ تعالى:
((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ.
لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))
ويكفي العدلَ شرفاً وسموَّ منزلةٍ أنَّهُ صفةٌ مِنْ صفات ِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم
فقدْ كانَ أعدلَ الناسِ معْ نفسهِ وأهلهِ وولدهِ وأصحابِهِ ومناوئيه، والناس اجمعين ..
وقد سجلت دواوين السنة كثير من مواقفه العادلة فمن ذلك ما ذكره ابن إسحاق ....
أن رسول الله عدّل صفوف أصحابه يوم بدر،
وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني علي ابن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح، وقال:
( استو يا سواد )، فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فاقدني؟
أي أمكني من القصاص فكشف رسول الله عن بطنه، فقال: (استقد) أي خذ القصاص-
قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال :
(ما حملك على هذا يا سواد؟)
قال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بخير".
ولذلكم
العدلَ إذا سادَ بينَ الناسِ وكانَ هوَ الأساس،
تفيَّأَ كلُّ امرئٍ ظِلَّهُ سعيداً، وعاش عيشاً رغيدا، يأمنُ فلا يخاف، ويطمئِنُ فلا يقلق، ولِمَ يقلقُ والعدلُ موجود، والجَورُ مفقود؟
وعاقبة العدل كريمة، والظلم عاقبته وخيمة..
فبالعدل تدوم الدول وتبقى ..
وبالظلم تزول الدول وتمحى ..
ورحم شيخ الإسلام ابن تيمية حين سطر
كلمة كتبها التاريخ، وتنالها الأجيال فيقول :
"عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة"..
وهو القائل رحمه الله :
إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة،
ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة".
ويقول أيضاً:
"وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل ...
ويقال:
الدنيا تدوم مع العدل والكفر ..!!
ولا تدوم مع الظلم والإسلام"..!!
ولما كتب أحد الولاة إلى الخليفة.
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يطلب منه مالاً كثيرًا ليبني سورًا حول عاصمة الولاية،
ماذا قال له عمربن عبدالعزيز ...
وبماذا وصاه ؟؟
قال له : "ماذا تنفع الأسوار؟؟؟
وماذا تنفع الحصون ؟؟
وماذا تنفع القلاع ؟؟؟
حصنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الظلم".
ولذلكم
الاسلام دعوه إيمانيه تُهذب الفرد وتقوّمه وتوجهه الى الخير وتبعده عن الشر وتحثه على ان يكون عادلاً مع ربه..!!!
عادلاً مع روحه..!!
عادلاً مع نفسه..!!
عادلاً مع بني جنسه..!!
وما ذاك إلاّ لينال رضا الله ورضا الناس وحتى يسعد في دنياه واخراه...
نعم ايها الاحباب الكرام :
ليس العدل مفهوماً واحداً او نوعاً واحداً او مجالاً واحداً او صورهً واحده او مظهراً واحداً
بل هو يدخل في كل مناحي الحياة :
فهناك عدل الانسان مع ربه
وعدل الانسان مع نفسه وروحه
وعدل الانسان بين أولاده
وعدل الانسان بين زوجاته
وعدل الانسان مع بني جنسه ومجتمعه
وعدل الانسان على من ولي عليهم
= فأما عدل الانسان مع ربه :
فيكون بالإيمان به والخوف منه وخشيته ومراقبته والتمسك بما شرع له من عبادات ومعاملات وأخلاقيات والبعد عما نهى عنه من شرور وآثام وشكره على نعمه التى لاتحصى ...
كذلك يكون عادلاً مع ربه عندما يكون متقياً له سبحانه لان التقوى تجعله يخاف مقام ربه ولا يخشى سواه ...
= وأما عداله الانسان مع روحه ونفسه :
فيكون ذلك باتخاذ الوسائل التى تؤدي الى حفظ الجسم مصوناً سليماً وذلك باعتدال الانسان في جميع تصرفاته الجزئية والكليه ..
واذا اخل في عدم ضبط اعتدال جميع تصرفاته فسيخرج الى امور لاتحمد عقباها مما يغضب الخالق سبحانه ..
فلابد من مراعاه الجسم براحته وإطعامه وتغذيته والاهتمام به ..
ويقابله تغذيه الروح بما يقربه من خالقه وبما يسعده دنيا وآخره ...
وحيا من قال :
ياخادم الجسم كم تسعى لخدمته
اتعبت نفسك فيما فيه إيلامُ
اقبل على الروح واستكمل فضائله
فإنك بالروح لا بالجسم انسان ُ
= ومن العدل ايضاً :
العدلُ بينَ الزوجات..
في النفقة والمسكن والمبيت والكسوة، قال تعالى:
﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾.
فَمَنْ تزوَّجَ بأكثرَ مِنْ واحدةٍ وجبَ عليهِ أنْ يعدلَ بينهما أو بينهنَ..
فليسَ مِنَ العدلِ أنْ يُفَرِّقَ الزوجُ بينَ زوجاتِه؛
فيُوسِّعَ على البعض، ويُضِّيقَ على البعض،
يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- :
(مَنْ كانت عندهُ امرأتانِ فلم يعدلْ بينهما جاءَ
يومَ القيامةِ وشقّهُ ساقط)..
وفي روايه : ( جاء يوم القيامه وشقه مائل )..
واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث،
- فقال بعض العلماء:
( شقه مائل ) أي:
يأتي مشلولاً والعياذ بالله فيبعث ونصفه مشلول..
- وقال بعض العلماء:
(جاء يوم القيامة وشقه مائل) أي:
أن كفة السيئات تزيد على الحسنات ..
بمعنى أنه سيصيب من ذلك الإثم شيئاً كثيراً؛
لأن المرأة ظلمها عظيم ..
والسبب في هذا أن المرأة فيها من المشاعر والضعف والرحمة والحنان ما ليس في الرجل، فالغلطة من الرجل والأذية والإضرار خاصة بينها وبين ضرتها كأن يعطي ضرتها أكثر مما يعطيها يحدث عندها نوعاً من الألم والأذية أكثر من غيرها؛ لأنها تحس بنقصها في أنوثتها وعدم حظوتها عند زوجها، وتحس أن زوجها يكرهها، فتتولد عندها أمور كثيرة، ولربما أضرت بالزوجة الثانية بسبب هذا الظلم، فأصبحت أذيتها للزوجة الثانية ناشئة بسبب تفضيل الزوج لهذه الزوجة الثانية، وحينئذٍ ينال إثم إضرارها، وإثمها إذا ضرت الغير بسبب إضراره لها.
فبسبب هذا تكون الذنوب عظيمة عليه، فكأنه ينال إثماً عظيماً حتى ترجح كفة سيئاته على حسناته..
ولقدْ كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم
يعدلُ بينَ زوجاتهِ في كُلِّ شيءٍ إلا في الميلِ القلبي إذْ لا دخلَ للإنسانِ فيه ومعَ ذلكَ كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم- يتضرَّعُ إلى ربِّهِ قائلاً: (اللهم هذا قسمي فيما أملِكُ؛ فلا تُؤاخذني فيما تملِكُ ولا أملِك).
= ومن صور العدل :
العدل بين الأبناء، في الهبات والعطايا والأوقاف،
ولا يُؤثِرُ أحداً منهم على غيره؛ ..
فإعطاءُ البعضِ وحرمانُ الآخرينَ حيفٌ وجور...
قال صلى اله عليه وسلم:
" اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ".
وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي..
فقال عليه الصلاه والسلام :
( أكل بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان؟)
قال: لا !!
قال: (فأشهد على هذا غيري)...ثم قال:
( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟)
قال: نعم ..!!
قال: فأُشهِد على هذا غيري)..
وهو تعبيرٌ لا يَقصِدُ منهُ إباحةَ الشهادةِ لغيره صلى الله عليه وسلم ، بلْ يَقصدُ منهُ التنفيرَ، والترهيبَ والتحذير..
ولذلكم
إنَّ عدمَ العدلِ بينَ الأولادِ عملٌ مذمومٌ.
وتصرّفٌ غيرُ مقبولٍ لما لهُ مِنْ نتائجٍ وخيمة،
وعواقبٍ أليمة..
فهو يزرعُ العداوةَ والبغضاء والكراهيةَ والشحناء في قلوبِ الأولاد..
فيبغضُ الأخُ أخاه، ورُبما يَبغضُ أَباه..
وفي هذا تقطيعٌ للصلاتِ التي أمرَ اللهُ بها أنْ تُوصَلَ..
كما أنَّ مِنَ التصرفاتِ المشينةِ عدمَ العدلِ بينَ الذُكورِ والإناث، وقدْ وعدَ الإسلامُ مَنْ حقَّقَ العدلَ بينَ الأخِ وأختِهِ أنْ يُدخلهُ اللهُ الجنة.
= ومن صور العدل :
العدل في الولايات:
سواء كانت الولاية عامة أو خاصة..
فيجب على كل من تولى ولاية أن يعدل فيها ويستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذَّر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل...
ومنها كذلك عدل الإمام بين رعيته، وتحكيم شرع الله فيهم؛ فإن ذلك من أجل الطاعات، وأفضل القربات..
فقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (إمام عادل...).
وأحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع
أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط ..
يقول أبو هريرة رضي الله عنه :
"عمل الإمام العادل في رعيته يومًا أفضل من عبادة العابد في أهله مائة سنة".
والإمام العادل عباد الله :
هو الذي لا يحكم
إلا بالحق، ولا يظلم أحداً لأحد ولو كان من
أعز الخلق عليه، وأحبهم إليه..
يرى القوي ضعيفاً حتى يأخذ منه الحق لغيره، والضعيف قوياً حتى يأخذ حقه من ظالمه كائناً من كان، لا يفرق بين قريب وبعيد، وسيد ومسود، في معاملتهم بالحسنى، والرفق بهم، والإحسان إليهم..
قال أبو بكر الصديق في إحدى خطبه المنبرية:
"أيها الناس! قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقدّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى لا يدع منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم،..".
وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه:
"حقٌ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله،
وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق الناس
أن يسمعوا له، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا".
= ومن صور العدل :
العدل في القول، فلا يقول إلا حقًّا،
ولا يشهد بالباطل، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
كذلك العدل في الأفعال حتى وان كان العدل
مع غير المسلمين :
{ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ
هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} سورة المائدة(8).
= ومن صور العدل :
العدل بين المتخاصمين؛ قال تعالى:
{وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الناس،
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كنت جالسة عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه رجلان يختصمان في مواريث في أشياء قد درست، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:
(إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي، فمن قضيت له لقضية أراها فقطع بها قطعة ظلما فإنما يقطع بها قطعة من نار أسطاماً يأتي بها في عنقه يوم القيامة) قال: فبكى الرجلان،"..
وقال كل واحد منهما: حقي هذا الذي أطلب لصاحبي ..
قال: لا، ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم
ليحلل كل واحد منكما صاحبه..
= وكذلك من صور العدل :
العدل في الصلح بين الناس:
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبه الثانيه.
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
ونحن نُحلق تحت ظِلال سلسله احب الاعمال
الى الله فان وقفتنا اليوم مع القسط ( العدل) ..
والله يقول : ﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
هذا العمل الذي يحبه الله ويحب أهله وأصحابه
بل وتوعد الله بالعذاب من يؤذي اويقتل هؤلاء
النفر من الناس ..
لأنه يقتل أحبابَ الله جل جلاله..
والله جل جلاله يغار على أحبابه، ويدافع عنهم، ومقابل ذلك فإن الله جل جلاله سيعذب من يقتل المقسطين والعادلين : قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21].
فمن أجل كلِّ ذلك كان مقام المقسطين بين الناس عظيمًا يوم القيامة ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّوَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)) .
ولاجل ذلكم
العدل في الإسلامِ شجرة فيحاء، يقطف ثمارها ويتفيؤ ظلالها القريب والبعيد، والغني والفقير، والرئيس والمرؤوس، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والعدو والصديق، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر؛ يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} سورة المائدة(8).
ولقد كان سيد العدل عليه الصلاه والسلام
لايعرف المجاملة أو المداهنة أو التحامل..
ورسالته ودعوته عليه الصلاه والسلام واضحه
ان لا مجاملة في الإسلام لحبيب أو قريب..
ولا مداهنة في الإسلام لصديق أو حميم..
ولا تحامل على عدو أو غريب...
كيف وهو الذي انزل الله عليه :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ} سورة النساء(135)
وماقصه المخزوميه التى سرقت عنكم ببعيد ..
حين اهمت قريش بشأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا:
ومن يجترئ عليه إلا أسامة ابن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(أتشفع في حد من حدود الله؟!)،
ثم قام فاختطب، ثم قال:
(إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)..
وهذا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضى الله عنه يغضب على رافع خازن بيت المال عندما أعطى عقد اللؤلؤ لزينب إبنته لتتجمّل به في العيد وتعيده وقال له بغضب وبتهكم قاسي :
من الذي امرك ان تعطي هذا العقد لابنتي وتختصها بذلك من بين سائر بنات المسلمين ؟.
هل أخذت أمراً من المسلمين بأن تتصرف في أموالهم كيف تشاء؟؟
فقال له رافع مستعطفاً إنّها ابنتك يا أمير المؤمنين ولكن كلمه الاستعطاف والمجامله هذه لم تكن لئن تُهديء من ثوره الخليفه علي بن ابي طالب رضي الله عنه ولم تحرفه عن قصده انما قال :
وهل ستغني عني ابنتي عني من عذاب الله وتحمل عني وزري يوم القيامه ..
قال رافع : لا يا أمير المؤمنين .
فقال عندها علي بن ابي طالب :
يا رافع خذ منها العقد لحينه واردده الى بيت المال لساعته واياك ثم إياك ان تعود لمثلها فتنالك عقوبتي ....
لقد كان العدل اساس معاملتهم..
وأساس حكمهم ..
وأساس خلافتهم ..
وعنوان حياتهم ....
لا يعرفون في حكمهم قرابهً في نسبٍ او حسب فعزوا وسادوا وسموا الى أوج العزه والكمال والفخار ...
وكانوا بعدلهم كالملائكه الأطهار رفعهً
وكرامهً وفضلاً ونبلا.
بل وهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو يمشي في السوق يرى إبلاً سماناً عليها آثار النعمه والراحه فتعجب وقال: ( إبلُ من هذه ؟؟ )
لكنه لم يكون يتوقع الجواب حينما قالوا له
هذه إبلُ عبدالله بن عمر بن الخطاب فوقع الجواب عليه كالصاعقه وكأن القيامه قامت عليه فيقول ويحك يابن أمير المؤمنين ثم يأمر بإحضار ولده عبدالله ويقول :
أتوني بعبدالله بن عمر وفي الفور جاء ابنه عبدالله ليقف بين يدي أمير المؤمنين لا بين يدي ابيه فباشره الخليفه عمربن الخطاب بالسؤال :
إبلُ من هذه يا عبدالله ؟؟
قال : هذه إبلي إشتريتها بخالص مالي ابتغي ما يبتغيه المسلمين أُتاجر فيها ..
فقال له عمر بن الخطاب في تهكم لاذع قاسي مرير :
واذا رأها الناس قالوا ارعوا إبلُ ابن المؤمنين واسقوا إبلُ ابن أمير المؤمنين فتكبرُ إبلك وينمو ربحك .. عبدالله ...! قال نعم يا ابتي...
قال : خذ هذه الإبل كلها للسوق وقم ببيعها وخذ رأس مالك فقط ورد الربح لبيت مال المسلمين..
لا مجامله على حساب شرع الله ....
لا مهادنه على حساب دين الله ...
وهذا العدل هو الذي جعل قيصر الروم يبعث برسول ليشاهد احوال الخليفه عمربن الخطاب ويرى مدى تعلق الناس به وحبهم له فلما حضر رسول قيصر الى المدينه وسأل أهلها وقال اينّ الملك ؟؟
فردو عليه : ليس لدينا ملك بل أمير وقد خرج الى ضاهر المدينه ...
فذهب رسول قيصر يتتبع اثر عمر فرآه نائماً على الارض تحت لفحاتِ الشمس المحرقه والعرق يتصبب من جبينه وقد وضع عصاه كالوساده ينام عليها فلما رآه الرسول على هذه الحاله وقع الخشوع في قلبه وقال كلمه تاريخيه مازال الأجيال يتناقلونها الى اليوم :
( رجلٌ تهابه الملوك ولايَقرُ لهم قرار من خشيته وتكون هذه حالته ..
ولكنك ياعمر حكمت فعدلت فأمنت فنمت ..
أَشهدُ انّ دينكم لحق ولولا اننى رسولٌ لقيصر لأسلمت ولكنني سأعود بعد ان ابلغ قيصر الروم ماشاهدت واسلم ...)
ومهما تكلمت ...!!!!
ومهما تحدثت ..!!!
ومهما شرحت ...!!!
ومهما سردت من القصص والوقائع لعدل هولاء النفر من صحابه رسول الله وتابعيه فسأضل عاجزاً من أعطي الحديث حقه...!!
ومهما تتبار القرائح والأقلام فستظل عاجزه عن إيفاء حق هولاء العظماء الذين لمعوا في سماء العدل والصدق والاخلاص والتقوى والرحمه ..
لكن من احسن الامور ان نترك الأحداث هكذا بنفسها تتحدث عن عدلهم وورعهم وخوفهم وزهدهم وشجاعتهم واقدامهم وبطولتهم وتقواهم وخشيتهم ..
وكيف اخرجوا بعدلهم الناس من عباده العباد
الى عباده رب العباد..
ومن جور الأديان الى عدل الاسلام ..
ومن ضيق الدنيا الى سعه الدنيا والاخره ...
فهم الرجال تحت أسياف الجهاد نمو
وتحت سقف الندى والمعالي ولدوا
جباههم ما انحنت لغير خالقها
ولغير من ابدع الأكوان ما عبدوا
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْما
وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً،
وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
- اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
- اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
- اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ..
وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ،
وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
القسط ( العدل )
﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 5 }}
إعداد وتعديل وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 2 فبراير 2018 م
الموافق 16 جماد اول 1438هـ
ثم اما بعد ايها الأحباب الكرام.
ومع عمل جديد يحبه الله تعالى ضمن سلسله احب الاعمال الله ...
وعمل اليوم اذا ساد عاش الناس سعداء ..
وعاش الناس في رغدٍ من العيش آمنين مطمئنين
يسودهم الحب والألفه ..
ويكتنفهم التعاون والمحبه ...
وتغمرهم المساواه والوئام...
بعمل اليوم تدوم الدول وتبقى ..!
وبعكسه تزول الدول وتُمحى ..!
لا أطيل عليكم إنه :
انه القسط ( العدل ) ..
﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾ ..
تكرر أنَّ الله جل جلاله يُحبُّ المُقسطين فى القرآن ثلاث مرات :
( في سوره المائدة 45، وسوره الحجرات 9، وسوره الممتحنة 8)
مع غير المؤمنين مرتين..
ومع المؤمنين مرَّة واحدة...
فأما مع غير المؤمنين، فجاءت في قوله تعالى:
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42].
وقوله تعالى:
﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
وأما مَرَّة مع المؤمنين، فكانت في قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].
وعلى المؤمن الذى يتقى ربه جل وعلا
أن يختار لنفسه منزلته عند الله تعالى...
هل يكون من المُقسطين المسلمين الحقيقيين الراشدين أم من القاسطين الظالمين :
﴿وَأَنّا مِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـَئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً. وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾
هل يكون ممن يحبهم الله تعالى
﴿وَأَقْسِطُوَاْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
أم من الذين يبغضهم الله تعالى؟
والقسط ايها الأحباب الكرام :
هو العدل والمقسط بشكل عام هو العادل،
من الفعل "أقسط"
ولابد من التفرقة اللغوية والقرآنية بين كلمتين "قاسط" و"مقسط".
فالقاسط هو الذى يحول الحكم لهواه ولو بنسبة 1%، والله تعالى يقول عن القاسطين :
﴿وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً﴾ (الجن)..
أما المقسط فهو صيغة مبالغة من القسط
وهو الذى يراعى القسط دائماً وأبداً...
- والعدل هو الغاية التي من أجلها أرسل
الله الرسل، وأنزل الكتب، قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} سورة الحديد(25)،
- وتحقيق العدل مطلب إلهي، وأمر رباني،
يجب علينا تحقيقه، والحذر من التهاون فيه..
يقول الله تعالى:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} سورة النحل..
ويكفي العدلَ شرفاً ورفعةَ ومكانةٍ أنَّهُ اسمٌ مِنْ أسماءِ اللهِ الحُسنى، وصفةٌ مِنْ صفاتهِ العُليا،
فهو "سبحانه العدل الذي لا يجور ولا يظلم
ولا يخاف عبادُه منه ظلما..
فكلُّ ما أخبرَ اللهُ بهِ صِدْق، وكلُّ ما حكمَ بهِ عدلٌ، ولنْ يستطيعَ أحدٌ تبديلَ ذلكَ وتغييرَه، أو تشويهَهُ وتحويرَه، يقولُ اللهُ تعالى:
((وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ.
لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))
ويكفي العدلَ شرفاً وسموَّ منزلةٍ أنَّهُ صفةٌ مِنْ صفات ِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم
فقدْ كانَ أعدلَ الناسِ معْ نفسهِ وأهلهِ وولدهِ وأصحابِهِ ومناوئيه، والناس اجمعين ..
وقد سجلت دواوين السنة كثير من مواقفه العادلة فمن ذلك ما ذكره ابن إسحاق ....
أن رسول الله عدّل صفوف أصحابه يوم بدر،
وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني علي ابن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح، وقال:
( استو يا سواد )، فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فاقدني؟
أي أمكني من القصاص فكشف رسول الله عن بطنه، فقال: (استقد) أي خذ القصاص-
قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال :
(ما حملك على هذا يا سواد؟)
قال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله بخير".
ولذلكم
العدلَ إذا سادَ بينَ الناسِ وكانَ هوَ الأساس،
تفيَّأَ كلُّ امرئٍ ظِلَّهُ سعيداً، وعاش عيشاً رغيدا، يأمنُ فلا يخاف، ويطمئِنُ فلا يقلق، ولِمَ يقلقُ والعدلُ موجود، والجَورُ مفقود؟
وعاقبة العدل كريمة، والظلم عاقبته وخيمة..
فبالعدل تدوم الدول وتبقى ..
وبالظلم تزول الدول وتمحى ..
ورحم شيخ الإسلام ابن تيمية حين سطر
كلمة كتبها التاريخ، وتنالها الأجيال فيقول :
"عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة"..
وهو القائل رحمه الله :
إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة،
ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة".
ويقول أيضاً:
"وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل ...
ويقال:
الدنيا تدوم مع العدل والكفر ..!!
ولا تدوم مع الظلم والإسلام"..!!
ولما كتب أحد الولاة إلى الخليفة.
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يطلب منه مالاً كثيرًا ليبني سورًا حول عاصمة الولاية،
ماذا قال له عمربن عبدالعزيز ...
وبماذا وصاه ؟؟
قال له : "ماذا تنفع الأسوار؟؟؟
وماذا تنفع الحصون ؟؟
وماذا تنفع القلاع ؟؟؟
حصنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الظلم".
ولذلكم
الاسلام دعوه إيمانيه تُهذب الفرد وتقوّمه وتوجهه الى الخير وتبعده عن الشر وتحثه على ان يكون عادلاً مع ربه..!!!
عادلاً مع روحه..!!
عادلاً مع نفسه..!!
عادلاً مع بني جنسه..!!
وما ذاك إلاّ لينال رضا الله ورضا الناس وحتى يسعد في دنياه واخراه...
نعم ايها الاحباب الكرام :
ليس العدل مفهوماً واحداً او نوعاً واحداً او مجالاً واحداً او صورهً واحده او مظهراً واحداً
بل هو يدخل في كل مناحي الحياة :
فهناك عدل الانسان مع ربه
وعدل الانسان مع نفسه وروحه
وعدل الانسان بين أولاده
وعدل الانسان بين زوجاته
وعدل الانسان مع بني جنسه ومجتمعه
وعدل الانسان على من ولي عليهم
= فأما عدل الانسان مع ربه :
فيكون بالإيمان به والخوف منه وخشيته ومراقبته والتمسك بما شرع له من عبادات ومعاملات وأخلاقيات والبعد عما نهى عنه من شرور وآثام وشكره على نعمه التى لاتحصى ...
كذلك يكون عادلاً مع ربه عندما يكون متقياً له سبحانه لان التقوى تجعله يخاف مقام ربه ولا يخشى سواه ...
= وأما عداله الانسان مع روحه ونفسه :
فيكون ذلك باتخاذ الوسائل التى تؤدي الى حفظ الجسم مصوناً سليماً وذلك باعتدال الانسان في جميع تصرفاته الجزئية والكليه ..
واذا اخل في عدم ضبط اعتدال جميع تصرفاته فسيخرج الى امور لاتحمد عقباها مما يغضب الخالق سبحانه ..
فلابد من مراعاه الجسم براحته وإطعامه وتغذيته والاهتمام به ..
ويقابله تغذيه الروح بما يقربه من خالقه وبما يسعده دنيا وآخره ...
وحيا من قال :
ياخادم الجسم كم تسعى لخدمته
اتعبت نفسك فيما فيه إيلامُ
اقبل على الروح واستكمل فضائله
فإنك بالروح لا بالجسم انسان ُ
= ومن العدل ايضاً :
العدلُ بينَ الزوجات..
في النفقة والمسكن والمبيت والكسوة، قال تعالى:
﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾.
فَمَنْ تزوَّجَ بأكثرَ مِنْ واحدةٍ وجبَ عليهِ أنْ يعدلَ بينهما أو بينهنَ..
فليسَ مِنَ العدلِ أنْ يُفَرِّقَ الزوجُ بينَ زوجاتِه؛
فيُوسِّعَ على البعض، ويُضِّيقَ على البعض،
يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- :
(مَنْ كانت عندهُ امرأتانِ فلم يعدلْ بينهما جاءَ
يومَ القيامةِ وشقّهُ ساقط)..
وفي روايه : ( جاء يوم القيامه وشقه مائل )..
واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث،
- فقال بعض العلماء:
( شقه مائل ) أي:
يأتي مشلولاً والعياذ بالله فيبعث ونصفه مشلول..
- وقال بعض العلماء:
(جاء يوم القيامة وشقه مائل) أي:
أن كفة السيئات تزيد على الحسنات ..
بمعنى أنه سيصيب من ذلك الإثم شيئاً كثيراً؛
لأن المرأة ظلمها عظيم ..
والسبب في هذا أن المرأة فيها من المشاعر والضعف والرحمة والحنان ما ليس في الرجل، فالغلطة من الرجل والأذية والإضرار خاصة بينها وبين ضرتها كأن يعطي ضرتها أكثر مما يعطيها يحدث عندها نوعاً من الألم والأذية أكثر من غيرها؛ لأنها تحس بنقصها في أنوثتها وعدم حظوتها عند زوجها، وتحس أن زوجها يكرهها، فتتولد عندها أمور كثيرة، ولربما أضرت بالزوجة الثانية بسبب هذا الظلم، فأصبحت أذيتها للزوجة الثانية ناشئة بسبب تفضيل الزوج لهذه الزوجة الثانية، وحينئذٍ ينال إثم إضرارها، وإثمها إذا ضرت الغير بسبب إضراره لها.
فبسبب هذا تكون الذنوب عظيمة عليه، فكأنه ينال إثماً عظيماً حتى ترجح كفة سيئاته على حسناته..
ولقدْ كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم
يعدلُ بينَ زوجاتهِ في كُلِّ شيءٍ إلا في الميلِ القلبي إذْ لا دخلَ للإنسانِ فيه ومعَ ذلكَ كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم- يتضرَّعُ إلى ربِّهِ قائلاً: (اللهم هذا قسمي فيما أملِكُ؛ فلا تُؤاخذني فيما تملِكُ ولا أملِك).
= ومن صور العدل :
العدل بين الأبناء، في الهبات والعطايا والأوقاف،
ولا يُؤثِرُ أحداً منهم على غيره؛ ..
فإعطاءُ البعضِ وحرمانُ الآخرينَ حيفٌ وجور...
قال صلى اله عليه وسلم:
" اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ".
وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:
انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي..
فقال عليه الصلاه والسلام :
( أكل بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان؟)
قال: لا !!
قال: (فأشهد على هذا غيري)...ثم قال:
( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟)
قال: نعم ..!!
قال: فأُشهِد على هذا غيري)..
وهو تعبيرٌ لا يَقصِدُ منهُ إباحةَ الشهادةِ لغيره صلى الله عليه وسلم ، بلْ يَقصدُ منهُ التنفيرَ، والترهيبَ والتحذير..
ولذلكم
إنَّ عدمَ العدلِ بينَ الأولادِ عملٌ مذمومٌ.
وتصرّفٌ غيرُ مقبولٍ لما لهُ مِنْ نتائجٍ وخيمة،
وعواقبٍ أليمة..
فهو يزرعُ العداوةَ والبغضاء والكراهيةَ والشحناء في قلوبِ الأولاد..
فيبغضُ الأخُ أخاه، ورُبما يَبغضُ أَباه..
وفي هذا تقطيعٌ للصلاتِ التي أمرَ اللهُ بها أنْ تُوصَلَ..
كما أنَّ مِنَ التصرفاتِ المشينةِ عدمَ العدلِ بينَ الذُكورِ والإناث، وقدْ وعدَ الإسلامُ مَنْ حقَّقَ العدلَ بينَ الأخِ وأختِهِ أنْ يُدخلهُ اللهُ الجنة.
= ومن صور العدل :
العدل في الولايات:
سواء كانت الولاية عامة أو خاصة..
فيجب على كل من تولى ولاية أن يعدل فيها ويستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذَّر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل...
ومنها كذلك عدل الإمام بين رعيته، وتحكيم شرع الله فيهم؛ فإن ذلك من أجل الطاعات، وأفضل القربات..
فقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (إمام عادل...).
وأحسن ما فسر به العادل أنه الذي يتبع
أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط ..
يقول أبو هريرة رضي الله عنه :
"عمل الإمام العادل في رعيته يومًا أفضل من عبادة العابد في أهله مائة سنة".
والإمام العادل عباد الله :
هو الذي لا يحكم
إلا بالحق، ولا يظلم أحداً لأحد ولو كان من
أعز الخلق عليه، وأحبهم إليه..
يرى القوي ضعيفاً حتى يأخذ منه الحق لغيره، والضعيف قوياً حتى يأخذ حقه من ظالمه كائناً من كان، لا يفرق بين قريب وبعيد، وسيد ومسود، في معاملتهم بالحسنى، والرفق بهم، والإحسان إليهم..
قال أبو بكر الصديق في إحدى خطبه المنبرية:
"أيها الناس! قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقدّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى لا يدع منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله، فلا طاعة لي عليكم،..".
وقال علي بن ابي طالب رضي الله عنه:
"حقٌ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله،
وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق الناس
أن يسمعوا له، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا".
= ومن صور العدل :
العدل في القول، فلا يقول إلا حقًّا،
ولا يشهد بالباطل، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
كذلك العدل في الأفعال حتى وان كان العدل
مع غير المسلمين :
{ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ
هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} سورة المائدة(8).
= ومن صور العدل :
العدل بين المتخاصمين؛ قال تعالى:
{وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الناس،
فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كنت جالسة عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ جاءه رجلان يختصمان في مواريث في أشياء قد درست، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:
(إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي، فمن قضيت له لقضية أراها فقطع بها قطعة ظلما فإنما يقطع بها قطعة من نار أسطاماً يأتي بها في عنقه يوم القيامة) قال: فبكى الرجلان،"..
وقال كل واحد منهما: حقي هذا الذي أطلب لصاحبي ..
قال: لا، ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم
ليحلل كل واحد منكما صاحبه..
= وكذلك من صور العدل :
العدل في الصلح بين الناس:
قال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبه الثانيه.
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
ونحن نُحلق تحت ظِلال سلسله احب الاعمال
الى الله فان وقفتنا اليوم مع القسط ( العدل) ..
والله يقول : ﴿إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾
هذا العمل الذي يحبه الله ويحب أهله وأصحابه
بل وتوعد الله بالعذاب من يؤذي اويقتل هؤلاء
النفر من الناس ..
لأنه يقتل أحبابَ الله جل جلاله..
والله جل جلاله يغار على أحبابه، ويدافع عنهم، ومقابل ذلك فإن الله جل جلاله سيعذب من يقتل المقسطين والعادلين : قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21].
فمن أجل كلِّ ذلك كان مقام المقسطين بين الناس عظيمًا يوم القيامة ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّوَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)) .
ولاجل ذلكم
العدل في الإسلامِ شجرة فيحاء، يقطف ثمارها ويتفيؤ ظلالها القريب والبعيد، والغني والفقير، والرئيس والمرؤوس، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والعدو والصديق، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر؛ يقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} سورة المائدة(8).
ولقد كان سيد العدل عليه الصلاه والسلام
لايعرف المجاملة أو المداهنة أو التحامل..
ورسالته ودعوته عليه الصلاه والسلام واضحه
ان لا مجاملة في الإسلام لحبيب أو قريب..
ولا مداهنة في الإسلام لصديق أو حميم..
ولا تحامل على عدو أو غريب...
كيف وهو الذي انزل الله عليه :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ} سورة النساء(135)
وماقصه المخزوميه التى سرقت عنكم ببعيد ..
حين اهمت قريش بشأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا:
ومن يجترئ عليه إلا أسامة ابن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(أتشفع في حد من حدود الله؟!)،
ثم قام فاختطب، ثم قال:
(إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)..
وهذا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضى الله عنه يغضب على رافع خازن بيت المال عندما أعطى عقد اللؤلؤ لزينب إبنته لتتجمّل به في العيد وتعيده وقال له بغضب وبتهكم قاسي :
من الذي امرك ان تعطي هذا العقد لابنتي وتختصها بذلك من بين سائر بنات المسلمين ؟.
هل أخذت أمراً من المسلمين بأن تتصرف في أموالهم كيف تشاء؟؟
فقال له رافع مستعطفاً إنّها ابنتك يا أمير المؤمنين ولكن كلمه الاستعطاف والمجامله هذه لم تكن لئن تُهديء من ثوره الخليفه علي بن ابي طالب رضي الله عنه ولم تحرفه عن قصده انما قال :
وهل ستغني عني ابنتي عني من عذاب الله وتحمل عني وزري يوم القيامه ..
قال رافع : لا يا أمير المؤمنين .
فقال عندها علي بن ابي طالب :
يا رافع خذ منها العقد لحينه واردده الى بيت المال لساعته واياك ثم إياك ان تعود لمثلها فتنالك عقوبتي ....
لقد كان العدل اساس معاملتهم..
وأساس حكمهم ..
وأساس خلافتهم ..
وعنوان حياتهم ....
لا يعرفون في حكمهم قرابهً في نسبٍ او حسب فعزوا وسادوا وسموا الى أوج العزه والكمال والفخار ...
وكانوا بعدلهم كالملائكه الأطهار رفعهً
وكرامهً وفضلاً ونبلا.
بل وهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو يمشي في السوق يرى إبلاً سماناً عليها آثار النعمه والراحه فتعجب وقال: ( إبلُ من هذه ؟؟ )
لكنه لم يكون يتوقع الجواب حينما قالوا له
هذه إبلُ عبدالله بن عمر بن الخطاب فوقع الجواب عليه كالصاعقه وكأن القيامه قامت عليه فيقول ويحك يابن أمير المؤمنين ثم يأمر بإحضار ولده عبدالله ويقول :
أتوني بعبدالله بن عمر وفي الفور جاء ابنه عبدالله ليقف بين يدي أمير المؤمنين لا بين يدي ابيه فباشره الخليفه عمربن الخطاب بالسؤال :
إبلُ من هذه يا عبدالله ؟؟
قال : هذه إبلي إشتريتها بخالص مالي ابتغي ما يبتغيه المسلمين أُتاجر فيها ..
فقال له عمر بن الخطاب في تهكم لاذع قاسي مرير :
واذا رأها الناس قالوا ارعوا إبلُ ابن المؤمنين واسقوا إبلُ ابن أمير المؤمنين فتكبرُ إبلك وينمو ربحك .. عبدالله ...! قال نعم يا ابتي...
قال : خذ هذه الإبل كلها للسوق وقم ببيعها وخذ رأس مالك فقط ورد الربح لبيت مال المسلمين..
لا مجامله على حساب شرع الله ....
لا مهادنه على حساب دين الله ...
وهذا العدل هو الذي جعل قيصر الروم يبعث برسول ليشاهد احوال الخليفه عمربن الخطاب ويرى مدى تعلق الناس به وحبهم له فلما حضر رسول قيصر الى المدينه وسأل أهلها وقال اينّ الملك ؟؟
فردو عليه : ليس لدينا ملك بل أمير وقد خرج الى ضاهر المدينه ...
فذهب رسول قيصر يتتبع اثر عمر فرآه نائماً على الارض تحت لفحاتِ الشمس المحرقه والعرق يتصبب من جبينه وقد وضع عصاه كالوساده ينام عليها فلما رآه الرسول على هذه الحاله وقع الخشوع في قلبه وقال كلمه تاريخيه مازال الأجيال يتناقلونها الى اليوم :
( رجلٌ تهابه الملوك ولايَقرُ لهم قرار من خشيته وتكون هذه حالته ..
ولكنك ياعمر حكمت فعدلت فأمنت فنمت ..
أَشهدُ انّ دينكم لحق ولولا اننى رسولٌ لقيصر لأسلمت ولكنني سأعود بعد ان ابلغ قيصر الروم ماشاهدت واسلم ...)
ومهما تكلمت ...!!!!
ومهما تحدثت ..!!!
ومهما شرحت ...!!!
ومهما سردت من القصص والوقائع لعدل هولاء النفر من صحابه رسول الله وتابعيه فسأضل عاجزاً من أعطي الحديث حقه...!!
ومهما تتبار القرائح والأقلام فستظل عاجزه عن إيفاء حق هولاء العظماء الذين لمعوا في سماء العدل والصدق والاخلاص والتقوى والرحمه ..
لكن من احسن الامور ان نترك الأحداث هكذا بنفسها تتحدث عن عدلهم وورعهم وخوفهم وزهدهم وشجاعتهم واقدامهم وبطولتهم وتقواهم وخشيتهم ..
وكيف اخرجوا بعدلهم الناس من عباده العباد
الى عباده رب العباد..
ومن جور الأديان الى عدل الاسلام ..
ومن ضيق الدنيا الى سعه الدنيا والاخره ...
فهم الرجال تحت أسياف الجهاد نمو
وتحت سقف الندى والمعالي ولدوا
جباههم ما انحنت لغير خالقها
ولغير من ابدع الأكوان ما عبدوا
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْما
وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً،
وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
- اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.
- اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
- اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ..
وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ،
وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق