خطبه جمعه بعنوان
وانقضى من رمضان نصفه !!!
(( وانتصف شهر رمضان ))
إلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في2017/6/9
الموافق 14رمضان1438هـ
أما بعد
معاشر الصائمين ..
ما أسرع ما تمضي الأيام ..
شهر رمضان ، ضيف كريم استقبلناه بالأمس ، وها هو اليوم قد انتصف..
بالامس استقبلناه وقلنا له اهلا يا رمضان
واليوم نتابع سيره الحثيث ..
وانصرامه المتسارع ونقول له مهلاً يا رمضان !!
نعم
لقد مضى من رمضان صدره..
وانقضى منه شطره..
واكتمل منه بدره..
فهل فينا من قهر نفسه وانتصف؟
وهل فينا من قام فيه بما عرف؟
وتشوقت نفسه لنيل الشرف؟
فالغنيمه الغنيمه اخوتي الكرام
ادخلوا قبل أن يُغلق الباب ..
فإن الضيف يوشك أن يرتحل..
وشهر الصوم أن ينتقل..
أحسنوا فيما بقي، يُغفَر لكم ما مضى..
وإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي .
نعم
ها هو النصف الأول من رمضان رحل أو أوشك على الرحيل..
وثمة حديث يخالج النفس في ثنايا هذا الوداع، تُرى ماذا حُفظ لنا؟ وماذا حُفظ علينا؟
نعم احبابي الكرام
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا الصائم العابد. القائم القانت..
الذي ما كلَّ وما ملّ من الطاعات
يدخل في طاعه ويخرج الى طاعه
ويشرعُ في عباده ونفسه تتطلع للأخرى
كل ايام النصف الاول من رمضان كان فيها
نِعمَ العبد الصالح .. نِعْمَ الصوّام القوام..
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا صاحب النفس الابيه..
( الباذل . المنفق . الجواد . الكريم. )
الذي كان خلال الايام المنصرمة كالريح المرسله.
فلم ينسى أسرة فقدت مُعيلها، وضاعت خيراتها.
ولم يغفل عن كسير ومريض أقعده المرض وأجبره على نزف دموع الفقر والحاجة..
ولم يتوانى عن عون أخ غريب بينكم، نأت به الديار عن أهله وذويه..
وبينما يرى نفسه يبيت آمناً في بيته، معافاً في بدنه، بين أهله وأسرته..
لم يترك ذلك الذي يعيش وحيداً بلا أنيس،
وفقيراً بلا معين..
رحل نصف رمضان:
وفينا من حافَظ على تكبيرة الإحرام مع الإمام منذ دخل الشهر ولم تفته تكبيره؟
وفينا من صّبر نفسه وصابر ورابط، وقام مع الإمام في التراويح ولم يَفُتْه القيامُ ليلةً؟
رحل نصف رمضان:
وفينا من فتح بيته لإطعام الجائعين وإفطَّار الصائمين ..
وساهم وشارك وقدم ما يستطيع لدعم مشروعات الخير؟
رحل نصف رمضان:
وفينا من حفظ لسانه من قول الزور والغيبة والنميمة والكذب؟
ورطبها بذِكر الله وأكثر من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وحفظ صيامه من اللغو والرفث؟
وكان القرآن رفيقاً له في ليله وفي نهاره
في صباحه ومساءه
في داره وفي عمله..
وفي مسجده وفي مجلسه
تصفحه . قرأ فيه . رتله ترتيلاً .
(( إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي اقومُ ويبشرُ المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجراً كبيرا ؛)).
رحل نصف رمضان:
وفينا من كان كالنجم متواضعاً وسهلاً ليناً ورفيقًا بمن يعاملهم من أهلٍ وأبناء، وجيران وزملاء، وأصدقاء ورفقاء واحباب واقرباء وعمالٍ وأجراء؟
وتجاوز عمَّن أساء إليه وصفح وعفا..
وعاد إلى الأرحام المقطوعة فوصلها؛ طاعةً لله،
وتخلُصًا من الذنب واللعنة؟
(( والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ))
فهنيئاً لكل هؤلاء ...
هنيئاً لهم رحلة النصف الاول من شهر الصيام والتى تكللت بالتوفيق والقبول بإذن الله ..
هنيئاً لهم بخيرات كهذه ..
وطاعاتٍ وقرباتٍ كهذه ..
وهنيئًا لهم كل هذه المكاسب من الخير..
وكل هذه المثاقيل من الحسنات ورفعه الدرجات.
وهنيئاً لهم ما ادخروه عند رب العالمين .
:: وفي الجهه الاخرى
تعالوا لنمر عليهم سريعاً
تعالوا لنقرأ صفحات ١٤ يوم مضى عليهم من رمضان ..
كيف كانت أحوالهم ؟؟
وكيف كانت أخبارهم ؟؟
لقد رحل نصف رمضان :
وبيننا من هولاء:-
صائم عن الطعام والشراب،
يبيت ليله يتسلى على أعراض المسلمين،
وكم من لحوم إخوانه وبأنيابه هتك ؟
وكم تقامر عينه شهوة محرمة يرصدها في ليل رمضان.
وكم من خيانة عاثتها عينيه في رحاب المحرمات.
وكم خطَّت أقدامه من خطو آثم؟
وكم سمعت أذنيه من كلام محرم ..
وكم امتدت يده إلى عاملٍ مسكين فأكلت ماله،
أو حفنةِ ربا فأخذتها دون نظر إلى عاقبة ،
أو تأمل في آخرة .
كم، وكم، من عالم الحرمات هُتّكت فيه الأسوار بينه وبين خالقه سبحانه وتعالى؟
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا من فاتته صلوات وجماعات،
قد آثر النوم والراحة على كسب الطاعات ..
وتكفير الخطيئات ومحو السيئات..
نائمًا متكاسلاً، يغطُّ في سِنَةٍ عميقةٍ، ويغرق في غفلةٍ سحيقةٍ.
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا بخيلٌ شحيح، قتور ..
الأموال لديه وبحوزته لاتعد ..
والخير بين يديه لايتوقف ...
والهناء والعيش الرغيد متدفق ..
والعطاء من ربه له مستمر ..
لكنه نسي ان يعطي حق الله
ويخرج حق المسكين والمحتاج والجائع والمعدم.
تمرُّ قوافلُ الطائعين من أمامه،
وتتنوَّع أعمالُ المشمِّرين من حوله،
وترى عيناه من الخير ألوانًا،
وتسمع أذناه من البِرِّ أنواعًا،
- مساجد تلهج مآذنها بالقرآن.
- وصلاةٌ وقنوتٌ وقيام.
- وعمرةٌ وزيارةٌ ودعاء.
- وزكواتٌ وصدقاتٌ وهبات.
- ودعوةٌ وتوعيةٌ وتفطير.
نعم/
يرى محسنون يتلمسون ذوي الحاجات فيقضون حاجاتهم.
ورحماء يطلبون المكروبين فينفسون عنهم.
ويمر كل هذا بالغافل اللاهي وكأنه لا يرى
ولا يسمع. أو كأنه غير معنيٍّ بالخير..
ولا محتاجٍ للأجر.
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا اصحاب القلوب المتنافرة
التى أبت الى الان أن تتصافح .
وأبت ان تتسامح. وأبت ان تتصالح..
قلوب للاسف لازالت معاندة للفطرة السوية.
قلوب لازال الكبر يوقد ضرامها؟ ويشعل فتيلها؟
أما نجح رمضان في أن يعيد البسمة لشفاه طال انغلاقها؟
إن هذه القلوب وأمثالها ليُخشى عليها إن لم تفلح المواعظ في ليها للحق..
فإن لفح جهنم هو القادر على أن يكسر مكابرتها، ويلوِي عناقها، ويرغم أنف باطلها.
ولهؤلاء أن يسمعوا هذه النصوص وأن يضعوا أنفسهم في الترتيب اللائق بها عند ذلك:
- فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم
سئل من أفضل الناس؟
فقال :صلى الله عليه وسلم
((كل مخموم القلب صدوق اللسان،
قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل
ولا حسد)) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
بل ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً قبل موته فقال:
((ألا فمن كنت جلدت له ظهراً فليستقد،
ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد)).
- ورحم الله أبا دجانة، رئي وجهه يتهلل عند موته فسئل عن ذلك فقال:
كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي للمسلمين سليماً.
ألا فما أحرى القلوب القاسية بفهم هذه الرسالة وإن لم تنتفع فيها ففي وعيد النبي المبلغ عن ربه خير واعظ حين قال صلى الله عليه وسلم:
((هجر المسلم كسفك دمه)).
وإن لم يُفلح رمضان في إزالة صلابة هذه القلوب فوعيد الله تعالى غير بعيد حين قال تعالى:
( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُم ،أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ )
تمعن معي قوله(( اولئك الذين لعنهم الله))
فهل تقدر على تحمل لعنه الله؟؟
إنّ قوم ولجت بيوتهم اللعنة أين يجدون طعم الراحة؟ ومتى يتلذذون بطيب الرقاد؟
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا منذ هل رمضان
ما قدم لمجتمعه الذي يحيط به من خيرٍ قط؟
نعم
مسجد الحي، وجيران البيت، وأقارب الأسرة، وميدان المدرسة أولى الناس بمعروفك ..
فأين هم من مساحة اهتماماتك؟
أسئلة تتردد على الشفاه ؟؟؟
أوليس رمضان فرصة سانحة للإجابة عنها؟
أملي أن يكون ذلك.
وكل ما أرجوه أن لا تخرج نفسك أخي الفاضل من قطار المهتمين بأمر المسلمين أياً كنت، وفي ظل أي ظروف تعيش، فالمسؤولية فردية.
يقول أبا إسحاق الفزاري:
"ما رأيت مثل الأوزاعي والثوري، فأما الأوزاعي فكان رجل عامة، وأما الثوري فكان رجل خاصة، ولو خيّرت لهذه الأمة لا خترت لها الأوزاعي".
ولهؤلاء الأصناف ومن سار طريقهم ومن انتهج نهجهم ممن أصروا على ان يكملوا وينهوا رمضان بهذا الشكل من التهاون والفتور والكسل والتأخر والتراجع اقول لهم:
أحسن الله عزاءكم في نصفكم الأول..
وجبركم في مصيبتكم..
وأحسن الله لكم استقبال ما بقي لكم .
(( قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً . اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقاءه فحبطت أعمالهم فلانقيم لهم يوم القيامه وزناً )))
اقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم ...
الخطبه الثانيه
ثم امابعد
أيها المسلمون:
ما أشبه الليلة بالبارحة؛
بالأمس كنا نستقبل رمضان،
وها نحن نودِّع أسبوعين كاملَيْن مَضَيَا بما فيهما من الطاعات والأعمال الصالحة:
من صيامٍ وقيامٍ وتلاوة قرآن،وذكر وتسبيح وتحميد وبرٍ وإحسان ورحمهٍ ودعاء وابتهال ..
نعم احبابي الكرام
- رحل النصف الأول ولئن كنا فرطنا فلا ينفع ذواتنا بكاء ولا عويل..
وما بقي أكثر مما فات..
فأمامنا عشر الجوائز
وعشر العتق
وعشر الفوز الكبير
والربح العظيم
فلنري الله من أنفسنا خيراً،
ولنعوض ما خسرناه في مامضى ولنشد العزائم ونشحذ الهمم لمابقى..
والله الله في أن يتكرر شريط التهاون..
وأن تستمر دواعي الكسل..
فلقيا الشهر مره اخرى غير مؤكدة ..
ورحيل الإنسان مُنتظر،
والخسارة مهما كانت بسيطة ضعيفة فهي
في ميزان الرجال قبيحة كبيرة.
تَنَصَّفَ الشَّهْرُ وَلَهْفَاهُ وَانْهَمَرَ
واخْتصَّ بِالفَوْزِ بِالجَنَّاتِ مَنْ حَزَمَ
وَأَصْبَحَ الغَافِلُ المِسْكِينُ مُنْكَسِرًا
مِثْلِي، فَيَا وَيْحَهُ يَا عَظِيمَ مَا حُرِمَ
مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ فِي وَقْتِ البِذَارِ فَمَا
تَرَاهُ يَحْصُدُ إِلاَّ الهَمَّ وَالنَّدَمَ
طُوبَى لِمَنْ كَانَتِ التَّقْوَى بِضَاعَتُهُ
فِي شَهْرِهِ وَبِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمَا
نعم
يا مَنْ ضيَّع عمره في غير الطاعة..
يا مَنْ فرَّط في شهره وأضاعه..
ويا مَنْ بضاعته التسويف والتفريط وبئست البضاعة.
أَيَا مَنْ جعل خصمه القرآن وشهر رمضان،
كيف ترجو من خصمك الشفاعة؟
يا مَنْ تكاسلت عن القيام بواجب الطاعة في أول الشهر..
لا تكن من المحرومين، ففي الوقت فسحة،
وفي الشهر بقية..
هل لك الآن أن تبادر وأن تستقبل بقية الشهر،
أم تريد أن تكون من المحرومين؟
عد لربك وتب الى بارئك واترك التسويف فهو
من أعظم أسباب خسارة رمضان..
وإنه لمن الخسارة والحرمان أن تمرَّ عليا وعليك هذه الليالي المباركة ونحن نسرح ونمرح:
قُلْ لِلَّذِي أَلفَ الذُّنُوبَ وَأَجْرَمَا
وَغَدَا عَلَى زَلاَّتِهِ مُتَنَدِّمَا
لا تَيْأَسَنْ وَاطْلُبْ كَرِيمًا دَائِمًا
يُولِي الجَمِيلَ تَفَضُّلاً وَتَكَرُّمَا
يَا مَعْشَرَ العَاصِينَ جُودٌ وَاسِعٌ
مِنَ الإلَهِ لِمَنْ يَتُوب وَيَنْدَمَا
يَا أَيُّهَا العَبْدُ المِسيءُ إِلَى مَتَى
تُفْني زَمَانَكَ فِي عَسَى وَلَرُبَّمَا
بَادِرْ إِلَى مَوْلاكَ يَا مَنْ عُمْرُهُ
قَدْ ضَاعَ فِي عِصْيَانِهِ وَتَصَرَّمَا
اللهم ارزقنا صدق الصائمين ، وإقبال القائمين وخصال المتقين ، واحشرنا يوم النشور في زمره المنعمين ، وبلغنا بفضلك ورحمتك درجات المقربين.
هذا واعلموا ان الله قد أمركم بأمرٍ بدأ نفسه،
وثَنى به ملائكته المسبحة بقُدسه،
وثَلّثَ بكم أيها المؤمنون من جِنّه وإنسه، فقال
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
وانقضى من رمضان نصفه !!!
(( وانتصف شهر رمضان ))
إلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في2017/6/9
الموافق 14رمضان1438هـ
أما بعد
معاشر الصائمين ..
ما أسرع ما تمضي الأيام ..
شهر رمضان ، ضيف كريم استقبلناه بالأمس ، وها هو اليوم قد انتصف..
بالامس استقبلناه وقلنا له اهلا يا رمضان
واليوم نتابع سيره الحثيث ..
وانصرامه المتسارع ونقول له مهلاً يا رمضان !!
نعم
لقد مضى من رمضان صدره..
وانقضى منه شطره..
واكتمل منه بدره..
فهل فينا من قهر نفسه وانتصف؟
وهل فينا من قام فيه بما عرف؟
وتشوقت نفسه لنيل الشرف؟
فالغنيمه الغنيمه اخوتي الكرام
ادخلوا قبل أن يُغلق الباب ..
فإن الضيف يوشك أن يرتحل..
وشهر الصوم أن ينتقل..
أحسنوا فيما بقي، يُغفَر لكم ما مضى..
وإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي .
نعم
ها هو النصف الأول من رمضان رحل أو أوشك على الرحيل..
وثمة حديث يخالج النفس في ثنايا هذا الوداع، تُرى ماذا حُفظ لنا؟ وماذا حُفظ علينا؟
نعم احبابي الكرام
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا الصائم العابد. القائم القانت..
الذي ما كلَّ وما ملّ من الطاعات
يدخل في طاعه ويخرج الى طاعه
ويشرعُ في عباده ونفسه تتطلع للأخرى
كل ايام النصف الاول من رمضان كان فيها
نِعمَ العبد الصالح .. نِعْمَ الصوّام القوام..
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا صاحب النفس الابيه..
( الباذل . المنفق . الجواد . الكريم. )
الذي كان خلال الايام المنصرمة كالريح المرسله.
فلم ينسى أسرة فقدت مُعيلها، وضاعت خيراتها.
ولم يغفل عن كسير ومريض أقعده المرض وأجبره على نزف دموع الفقر والحاجة..
ولم يتوانى عن عون أخ غريب بينكم، نأت به الديار عن أهله وذويه..
وبينما يرى نفسه يبيت آمناً في بيته، معافاً في بدنه، بين أهله وأسرته..
لم يترك ذلك الذي يعيش وحيداً بلا أنيس،
وفقيراً بلا معين..
رحل نصف رمضان:
وفينا من حافَظ على تكبيرة الإحرام مع الإمام منذ دخل الشهر ولم تفته تكبيره؟
وفينا من صّبر نفسه وصابر ورابط، وقام مع الإمام في التراويح ولم يَفُتْه القيامُ ليلةً؟
رحل نصف رمضان:
وفينا من فتح بيته لإطعام الجائعين وإفطَّار الصائمين ..
وساهم وشارك وقدم ما يستطيع لدعم مشروعات الخير؟
رحل نصف رمضان:
وفينا من حفظ لسانه من قول الزور والغيبة والنميمة والكذب؟
ورطبها بذِكر الله وأكثر من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وحفظ صيامه من اللغو والرفث؟
وكان القرآن رفيقاً له في ليله وفي نهاره
في صباحه ومساءه
في داره وفي عمله..
وفي مسجده وفي مجلسه
تصفحه . قرأ فيه . رتله ترتيلاً .
(( إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي اقومُ ويبشرُ المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجراً كبيرا ؛)).
رحل نصف رمضان:
وفينا من كان كالنجم متواضعاً وسهلاً ليناً ورفيقًا بمن يعاملهم من أهلٍ وأبناء، وجيران وزملاء، وأصدقاء ورفقاء واحباب واقرباء وعمالٍ وأجراء؟
وتجاوز عمَّن أساء إليه وصفح وعفا..
وعاد إلى الأرحام المقطوعة فوصلها؛ طاعةً لله،
وتخلُصًا من الذنب واللعنة؟
(( والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ))
فهنيئاً لكل هؤلاء ...
هنيئاً لهم رحلة النصف الاول من شهر الصيام والتى تكللت بالتوفيق والقبول بإذن الله ..
هنيئاً لهم بخيرات كهذه ..
وطاعاتٍ وقرباتٍ كهذه ..
وهنيئًا لهم كل هذه المكاسب من الخير..
وكل هذه المثاقيل من الحسنات ورفعه الدرجات.
وهنيئاً لهم ما ادخروه عند رب العالمين .
:: وفي الجهه الاخرى
تعالوا لنمر عليهم سريعاً
تعالوا لنقرأ صفحات ١٤ يوم مضى عليهم من رمضان ..
كيف كانت أحوالهم ؟؟
وكيف كانت أخبارهم ؟؟
لقد رحل نصف رمضان :
وبيننا من هولاء:-
صائم عن الطعام والشراب،
يبيت ليله يتسلى على أعراض المسلمين،
وكم من لحوم إخوانه وبأنيابه هتك ؟
وكم تقامر عينه شهوة محرمة يرصدها في ليل رمضان.
وكم من خيانة عاثتها عينيه في رحاب المحرمات.
وكم خطَّت أقدامه من خطو آثم؟
وكم سمعت أذنيه من كلام محرم ..
وكم امتدت يده إلى عاملٍ مسكين فأكلت ماله،
أو حفنةِ ربا فأخذتها دون نظر إلى عاقبة ،
أو تأمل في آخرة .
كم، وكم، من عالم الحرمات هُتّكت فيه الأسوار بينه وبين خالقه سبحانه وتعالى؟
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا من فاتته صلوات وجماعات،
قد آثر النوم والراحة على كسب الطاعات ..
وتكفير الخطيئات ومحو السيئات..
نائمًا متكاسلاً، يغطُّ في سِنَةٍ عميقةٍ، ويغرق في غفلةٍ سحيقةٍ.
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا بخيلٌ شحيح، قتور ..
الأموال لديه وبحوزته لاتعد ..
والخير بين يديه لايتوقف ...
والهناء والعيش الرغيد متدفق ..
والعطاء من ربه له مستمر ..
لكنه نسي ان يعطي حق الله
ويخرج حق المسكين والمحتاج والجائع والمعدم.
تمرُّ قوافلُ الطائعين من أمامه،
وتتنوَّع أعمالُ المشمِّرين من حوله،
وترى عيناه من الخير ألوانًا،
وتسمع أذناه من البِرِّ أنواعًا،
- مساجد تلهج مآذنها بالقرآن.
- وصلاةٌ وقنوتٌ وقيام.
- وعمرةٌ وزيارةٌ ودعاء.
- وزكواتٌ وصدقاتٌ وهبات.
- ودعوةٌ وتوعيةٌ وتفطير.
نعم/
يرى محسنون يتلمسون ذوي الحاجات فيقضون حاجاتهم.
ورحماء يطلبون المكروبين فينفسون عنهم.
ويمر كل هذا بالغافل اللاهي وكأنه لا يرى
ولا يسمع. أو كأنه غير معنيٍّ بالخير..
ولا محتاجٍ للأجر.
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا اصحاب القلوب المتنافرة
التى أبت الى الان أن تتصافح .
وأبت ان تتسامح. وأبت ان تتصالح..
قلوب للاسف لازالت معاندة للفطرة السوية.
قلوب لازال الكبر يوقد ضرامها؟ ويشعل فتيلها؟
أما نجح رمضان في أن يعيد البسمة لشفاه طال انغلاقها؟
إن هذه القلوب وأمثالها ليُخشى عليها إن لم تفلح المواعظ في ليها للحق..
فإن لفح جهنم هو القادر على أن يكسر مكابرتها، ويلوِي عناقها، ويرغم أنف باطلها.
ولهؤلاء أن يسمعوا هذه النصوص وأن يضعوا أنفسهم في الترتيب اللائق بها عند ذلك:
- فهذا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم
سئل من أفضل الناس؟
فقال :صلى الله عليه وسلم
((كل مخموم القلب صدوق اللسان،
قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل
ولا حسد)) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
بل ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً قبل موته فقال:
((ألا فمن كنت جلدت له ظهراً فليستقد،
ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد)).
- ورحم الله أبا دجانة، رئي وجهه يتهلل عند موته فسئل عن ذلك فقال:
كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي للمسلمين سليماً.
ألا فما أحرى القلوب القاسية بفهم هذه الرسالة وإن لم تنتفع فيها ففي وعيد النبي المبلغ عن ربه خير واعظ حين قال صلى الله عليه وسلم:
((هجر المسلم كسفك دمه)).
وإن لم يُفلح رمضان في إزالة صلابة هذه القلوب فوعيد الله تعالى غير بعيد حين قال تعالى:
( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُم ،أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ )
تمعن معي قوله(( اولئك الذين لعنهم الله))
فهل تقدر على تحمل لعنه الله؟؟
إنّ قوم ولجت بيوتهم اللعنة أين يجدون طعم الراحة؟ ومتى يتلذذون بطيب الرقاد؟
رحل نصف رمضان :
وبين صفوفنا منذ هل رمضان
ما قدم لمجتمعه الذي يحيط به من خيرٍ قط؟
نعم
مسجد الحي، وجيران البيت، وأقارب الأسرة، وميدان المدرسة أولى الناس بمعروفك ..
فأين هم من مساحة اهتماماتك؟
أسئلة تتردد على الشفاه ؟؟؟
أوليس رمضان فرصة سانحة للإجابة عنها؟
أملي أن يكون ذلك.
وكل ما أرجوه أن لا تخرج نفسك أخي الفاضل من قطار المهتمين بأمر المسلمين أياً كنت، وفي ظل أي ظروف تعيش، فالمسؤولية فردية.
يقول أبا إسحاق الفزاري:
"ما رأيت مثل الأوزاعي والثوري، فأما الأوزاعي فكان رجل عامة، وأما الثوري فكان رجل خاصة، ولو خيّرت لهذه الأمة لا خترت لها الأوزاعي".
ولهؤلاء الأصناف ومن سار طريقهم ومن انتهج نهجهم ممن أصروا على ان يكملوا وينهوا رمضان بهذا الشكل من التهاون والفتور والكسل والتأخر والتراجع اقول لهم:
أحسن الله عزاءكم في نصفكم الأول..
وجبركم في مصيبتكم..
وأحسن الله لكم استقبال ما بقي لكم .
(( قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً . اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقاءه فحبطت أعمالهم فلانقيم لهم يوم القيامه وزناً )))
اقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم ...
الخطبه الثانيه
ثم امابعد
أيها المسلمون:
ما أشبه الليلة بالبارحة؛
بالأمس كنا نستقبل رمضان،
وها نحن نودِّع أسبوعين كاملَيْن مَضَيَا بما فيهما من الطاعات والأعمال الصالحة:
من صيامٍ وقيامٍ وتلاوة قرآن،وذكر وتسبيح وتحميد وبرٍ وإحسان ورحمهٍ ودعاء وابتهال ..
نعم احبابي الكرام
- رحل النصف الأول ولئن كنا فرطنا فلا ينفع ذواتنا بكاء ولا عويل..
وما بقي أكثر مما فات..
فأمامنا عشر الجوائز
وعشر العتق
وعشر الفوز الكبير
والربح العظيم
فلنري الله من أنفسنا خيراً،
ولنعوض ما خسرناه في مامضى ولنشد العزائم ونشحذ الهمم لمابقى..
والله الله في أن يتكرر شريط التهاون..
وأن تستمر دواعي الكسل..
فلقيا الشهر مره اخرى غير مؤكدة ..
ورحيل الإنسان مُنتظر،
والخسارة مهما كانت بسيطة ضعيفة فهي
في ميزان الرجال قبيحة كبيرة.
تَنَصَّفَ الشَّهْرُ وَلَهْفَاهُ وَانْهَمَرَ
واخْتصَّ بِالفَوْزِ بِالجَنَّاتِ مَنْ حَزَمَ
وَأَصْبَحَ الغَافِلُ المِسْكِينُ مُنْكَسِرًا
مِثْلِي، فَيَا وَيْحَهُ يَا عَظِيمَ مَا حُرِمَ
مَنْ فَاتَهُ الزَّرْعُ فِي وَقْتِ البِذَارِ فَمَا
تَرَاهُ يَحْصُدُ إِلاَّ الهَمَّ وَالنَّدَمَ
طُوبَى لِمَنْ كَانَتِ التَّقْوَى بِضَاعَتُهُ
فِي شَهْرِهِ وَبِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمَا
نعم
يا مَنْ ضيَّع عمره في غير الطاعة..
يا مَنْ فرَّط في شهره وأضاعه..
ويا مَنْ بضاعته التسويف والتفريط وبئست البضاعة.
أَيَا مَنْ جعل خصمه القرآن وشهر رمضان،
كيف ترجو من خصمك الشفاعة؟
يا مَنْ تكاسلت عن القيام بواجب الطاعة في أول الشهر..
لا تكن من المحرومين، ففي الوقت فسحة،
وفي الشهر بقية..
هل لك الآن أن تبادر وأن تستقبل بقية الشهر،
أم تريد أن تكون من المحرومين؟
عد لربك وتب الى بارئك واترك التسويف فهو
من أعظم أسباب خسارة رمضان..
وإنه لمن الخسارة والحرمان أن تمرَّ عليا وعليك هذه الليالي المباركة ونحن نسرح ونمرح:
قُلْ لِلَّذِي أَلفَ الذُّنُوبَ وَأَجْرَمَا
وَغَدَا عَلَى زَلاَّتِهِ مُتَنَدِّمَا
لا تَيْأَسَنْ وَاطْلُبْ كَرِيمًا دَائِمًا
يُولِي الجَمِيلَ تَفَضُّلاً وَتَكَرُّمَا
يَا مَعْشَرَ العَاصِينَ جُودٌ وَاسِعٌ
مِنَ الإلَهِ لِمَنْ يَتُوب وَيَنْدَمَا
يَا أَيُّهَا العَبْدُ المِسيءُ إِلَى مَتَى
تُفْني زَمَانَكَ فِي عَسَى وَلَرُبَّمَا
بَادِرْ إِلَى مَوْلاكَ يَا مَنْ عُمْرُهُ
قَدْ ضَاعَ فِي عِصْيَانِهِ وَتَصَرَّمَا
اللهم ارزقنا صدق الصائمين ، وإقبال القائمين وخصال المتقين ، واحشرنا يوم النشور في زمره المنعمين ، وبلغنا بفضلك ورحمتك درجات المقربين.
هذا واعلموا ان الله قد أمركم بأمرٍ بدأ نفسه،
وثَنى به ملائكته المسبحة بقُدسه،
وثَلّثَ بكم أيها المؤمنون من جِنّه وإنسه، فقال
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
جزى الله شيخنا خير الجزاء ، وجعل هذا العمل فى ميزان حسناتك
ردحذف