الجمعة، 11 مايو 2018

خطبــة جمعـــة بعنـــوان (( طرد الجوع عن المسلم )) (( إطعام الطعام ))


🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
(( طرد الجوع عن المسلم ))
  (( إطعام الطعام ))
  ضمن سلسله خطب حديث
  (( احب الاعمال الى الله )) الخطبه ( 5 )

إعداد وتعديل وإلقاء
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 15 ديسمبر 2017 م
الموافق 27 ربيع اول 1439 هـ
                                          
الحمد لله الغني الكريم ، الحليمُ الرحيم
﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾
 نحمده حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه؛
فما من خير إلا وهو مانحه، وما من ضرٍ إلا وهو كاشفه..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
 ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ كان يقوم وينام، ويصوم ويُفطر، ويجوع ويشبع..
لا بَشَرَ أكرمَ منه في إطعام الطعام، وبذل المال.. وليس في الناس أصبر منه على الجوع ..
 أخرجه الجوع من بيته، وعصب الحجر على بطنه، وهو الذي أنفق الأودية من الإبل والغنم،
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أمـــا بعـــد : فيا عـــباد الله:
اتقوا الله تعالى حق التقوى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].
 أحبتي الكرام :    
لازلنا في بستان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نرتشف من معينه العذب وسلسبيله الصافي ما يقربنا الى الله ورضوان الله ولازلنا نقطف من بستانه اليانع زهرات احب الاعمال الى الله
كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:
جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
أيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :                          
 ((أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله :-
- سرورٌ تُدخِله إلى مسلمٍ.            
- أو تكشِف عنه كربةً
- أو تقضِي عنه دينًا
- أو تطرُد عنه جوعًا
 ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبَّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد شهرا))

وقد تناولنا في جمعٍ مضت ثلاثه اعمال يُحبها الله

واليوم موعدنا مع العمل الرابع من احب الاعمال الى الله وهو :
(( او تطرد عنه جوعاً ...))
(( طرد الجوع عن المسلم ))
(( طرد الجوع عن الجائعين ))

نعم اخوتي الكرام :                   
- طردُ الجوع عن المسلم من أعظم الأعمال عند الله وأحدُ أكبرِ اسبابِ القرب من الله عز وجل.
- طردُ الجوعِ عن المسلم شعيرهٌ عظيمهٌ من شعائر الاسلام تدل على المعنى الإنساني ..
تمنع المهالك وتدفع المرض وتقوي روابط الاخوه والمحبه وتجسد معاني التكافل بين أفراد المجتمع المسلم.
- طرد الجوع عن الجائعين قيمهٌ عظيمه من قيم هذا الدين الحنيف تدلُّ على كريم معدن الإنسان، وتحمي المحرومين وتمنع من المهالك..
- طرد الجوع عن الجائعين وإطعام الطعام عبادة قد تكون عادية وسهلة، لكنّ قدرُها عظيم؛ لأنها جُعلت السمة الخيرية المميزة لهذا الإسلام.

وهذا ما ورد عن سلف الأمة الصالحين فقد
 قال بعض السلف:
"لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه، أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل".

الطعام هو سبب البقاء وقوام البدن، ووقود استمرار الحياة الدنيوية.
يحفظ الجنس البشري من الانقراض فلا حياه للانسان بدون طعام ..
وللأهميه الطعام وإطعامه وطردُ الجوع عن الجائعين :-
= كانت الدعوه الى الإطعام من أوائل الخطاب النبوي المكي في المرحلة السريه ، وكان إطعام الطعام حاضراً في أول خطابات الدعوة المكية ..
يوم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا حر وعبد؛ فيسأله عمرو بن عَبَسَة في الحديث الذي رواه أحمد...  (( ما الإسلام.؟
فقال صلى الله عليه وسلم:
((طِيبُ الْكَلاَمِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ)) ..
= ولما هاجر إلى المدينة كان أول خطاب له
صلى الله عليه وسلم فيها الدعوه لإطعام الطعام؛
 فقال في في الحديث الذي رواه الدارمي:
((يا أَيُّهَا الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)) ...
 = ولأهميةِ إطعامُ الطعام وطرد الجوع عن المسلم
 خُصت زكاة الفطر من رمضان ( بالطعام )

= ولأهميته أُدخل الإطعام في كل الكفارات:
ففي كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة الوطء في نهار رمضان، في كل واحدة منها:
( إطعام ستين مسكيناً ).
- وفي كفارة اليمين ( إطعام عشرة مساكين ).
- وفي فدية ارتكاب محظور في الإحرام
(إطعام ستة مساكين )..
= ولما شرع الله تعالى التقرب إليه بالهدايا والضحايا أمر بالإطعام منها فقال سبحانه:
 ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ﴾ [الحج: 27] وفي آية أخرى:
 ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36].

= ولأهمية الطعام وإطعامه أفرد َالله سوره من سور القرآن الكريم  عالجت كثيراً من أحكام الطعام، ألا وهي سورهُ ( الانعام ).
- كما ابتدأ في سوره اخرى بالوعيدِ لمن يغش في الكيل، وأكثر المكيل والموزون هو الطعام فقال في مطلع سوره المطففين :
﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [المطَّففين: 1-3] .

أيها الاحباب الكرام روّاد مسجد بلال :
ديننا الاسلامي الحنيف في القران الكريم والسنه المطهرة يحثنا على طرد الجوع عن الجائع واطعام الطعام وتقديمه للجائعين والمحتاجين ..:
ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم
سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم
ايُ الاسلام خير ؟؟
فقال :
 ( ان تُطعم الطعام وتَقرأُ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( اي الاعمال خير ؟؟
فقال : ادخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته او كسوت عورته او قضيت له حاجته ).
وفي الحديث الذي رواه الحاكم
 عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَريِّ -رضي الله عنه-
عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
 "إِنَّ في الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"
وفي الحديث الذي رواه البخاري
 قال عليه الصلاه والسلام :
( اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني )
وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم يقول عليه الصلاه والسلام فيما يرويه عن ربه عزوجل،
يقول الله عزوجل يوم القيامه : ..
( عبدي استطعمتك فلم تطعمني فيقول يارب وكيف اطعمك وانت رب العالمين ؟
فيقول الله : استطعمك عبدي فلان ؟؟
اي :
جاءك فلان يُطلب منك عوناً من طعام
أتاك فلان جائع يريد كسره خبز او قليل من الحساء او المرق او يريد شيئاً يسيراً من الدقيق او الأرز ليسد جوع أطفاله وأسرته
جاءك الفقير فلان يريد منك مبلغاً ليشترى خبزاً او طعاماً ....
نعم يقول الله : استطعمك عبدي فلان
فلم تطعمه أما انك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي..)

ولذلكم أحبتي الكرام :

طردُ الجوعِ عن المسلم الجائع منقبهٌ عظيمه
 وعلامهٌ فارقه في دنيا الانسانيه.
بل إنّها أمارَهٌ مسجله كانت موجودهً قبل بعثه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ..
والله سبحانه تعالى يقول:
 (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى (حُبِّهِ)مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ))
- قد يطعمُ الانسان طعام يُريدُ ان يتخلص منه.
- وقد يجود الانسان بشيء كان يظن به لكن لما وجد غيره قد سبقه إليه فلم يعد ذلك عزيزاً عنده عندها جاد به ..
لكن القران يفسرُ بعضه بعضاً فقد جعل الله اماره الصادق في هذه الزاويه وفي هذا الامر بالذات فقال سبحانه:

(( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما<< تحبون >>.))
وهنا قال :
 (( ويطعمون الطعام على .... ماذا ؟؟؟
<< على حبه >>
اي :
مع حبه لهذا الطعام لكنه جاد به..
مع اشتهاءه لهذا الطعام لكنه بذل به ..
مع حرصه على هذا الطعام لكنه جاد به.

كيف يجود به ؟؟؟؟

قد يكون الانسان فقيراً وقليل ذات اليد ولايملك سوى قوت يومه ومع ذلك يجود بما يملك ويجود بما يحب من طعامه..

ولذلكم كان السلف رضوان الله عليهم يُطْعِمون الطَّعام مع حُبِّهم له .
= يقول نافع :
 مَرِض ابن عمر رضي الله عنه فاشتهى عِنَبًا أوَّل ما جاء العِنب ، فأرسلت صَفِيَّة  زوجته بِدِرْهم فاشترت عنقوداً بِدِرْهم ، فاتبع الرسول سائل ، فلما أتَى الباب دخل ، قال : السائل السائل ،
 قال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعْطَوه إياه ،
ثم أرْسَلت بِدِرهم آخر فاشترت به عُنْقُودًا ، فاتبع الرسول السائل ، فلما انتهى إلى الباب ودخل ، قال : السائل السائل ! قال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعْطَوه إياه ، وأرْسَلَتْ صَفِيَّة إلى السائل فقالت : والله لئن عُدْت لا تُصِيبنّ مِنِّي خَيْرًا أبَدًا !
ثم أرسْلَتْ بِدِرهم آخر فاشْتَرَت به . رواه البيهقي .

= وجاء مِسْكِين إلى عائشة رضي الله عنها فسَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَة ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ رَغِيف ،
فَقَالَتْ لِمَوْلاةٍ لَهَا :
أَعْطِيهِ إِيَّاهُ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ ! فَقَالَتْ : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ . فَفَعَلْتُ .
 قَالَتْ : فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ
أَوْ إِنْسَان مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا ،
فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ :
كُلِي مِنْ هَذَا ، هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ !

= وكان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل قال : أطعموه سُكَّرًا ، فإن الربيع يُحِبّ السُّكَّر .

- انا لا اتحدث إليكم عن الذي يرمى الطعام مرات ومرات ..
انما اتحدث عن معنى الطعام الذي فيه اجرٌ عظيم.الذي عبر عنه الله في القران الكريم فقال:

(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ *)
ما معنى ذي مسغبه ؟؟
اي في يوم شديد الجوع ..!!!

انت لاتملك إلاّ قوتك ...
ولاتملك إلاّ قوت اولادك وقوت أسرتك
ومع ذلك تجود به.
 (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

الإيثار لايكون فقط في قضايا شكليه ، يتزاحم الناس بالأبواب فيقول مؤثراً لغيره انت تفضل ابدأ انت للخروج او الدخول او في امور اخرى شكليه ويوم يأتيه سائل يرد عليه:
الحقوق كثيره والالتزامات اكثر ..
لان اغلب مواقف حياه الناس في جانب ان يؤثر مما معه تخضع لمجاملات فارغه ومجاملات ليس لها حقيقه ....
 لكن الحقيقه الاكيده هي :
(( ويطعمون الطعام على < حبه > مسكيناً ويتيماً واسيرا ..))
الحقيقه الاكيده هي :
(( ولاتيمموا الخبيث منه تنفقون ...
ثم قال (( ولستم بآخذيه إلاّ ان تُغمضوا فيه .....))
يعني هذا الشيء الذي بذلته ..
هذا الشيء الذي أخرجته ..
انت اصلاً لاتقبله لنفسك ، ولا تقبله لأسرتك .
لأنه في نفسك رديء وغير صالح واذا أخذته ستأخذه على عدم رضا..
 تأخذه على إشمئزاز ...
فكما لا ترضى لنفسك واسرتك إلاّ الأجود والاحلى والاحسن والأجمل والأفضل...
 كان لزاماً عليك ان لاتُعطي ولاتُخرج
 إلا الأغلى والأجود والاحسن ..

وليس من الإيمان أن يشبع المسلم وأخوه المسلم من قريب أو جار أو بعيد يتلمَّض جوعًا لا يجد
ما يسد به رمقه.

فالمؤمن الرحيم يغتم غمًا شديداً عندما يرى الجوع يفتك بإخوانه المسلمين..
 ويُرسم على وجوههم البؤس والحزن..
وعلى أجسامهم العري والذبول..
فما يصبر على ذلك حتى يجود من خيره بما يستطيع....

فهذا أعرابيٌ فقير ، مسكين ، جائع وحالته يرثى لها يأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليشكو له فقره وجوعه الذي أوصله الى عُري بناته وزوجته فأنشد يقول :

يَا عُمَرَ الخَيْرَ جُزِيتَ الجَنَّةْ              
                                اُكْسُ  بُنَيَّاتِي وأُمَّهُنَّهْ
وكن لنا من الزمان جُنَّهْ                                      
                                أَقْسَمْتُ باللهِ لَتَفْعَلَنَّهْ
فقال عمر: فإن لم أفعل، يكون ماذا؟
فقال:
إذاً أبا حفصٍ لأذهبنَّهْ
فقال: فإذا ذهبتَ يكون ماذا؟
 فقال:
 يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلنَّهْ
قال عُمر: متى؟
 قال:
يَوْمَ تَكُونُ الأُعْطِيَاتُ مِنَّهْ
                           وَالوَاقِفُ المَسْؤُولُ بَيْنَهُنَّهْ
            إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّةْ
فبكى رضي الله عنه وقال لغلامِه :
يا غلامُ، أعطه قميصي هذا،فوالله لا املك غيره
أعطهِ إياه لا لِشِعْره؛ ولكن ليومٍ تكون فيه الأعطياتُ منَّة، والواقف المسؤول بينهنَّه، إِمَّا إلى نارٍ وإما إلى جنة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبه الثانيه
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :-                   
اتحدث اليوم إليكم عن عمل من احب الاعمال
الى الله عزوجل وهو: ( طرد الجوع عن المسلم)
وهو من خير الأعمال وأحبها إلى الله...
قال عليه الصلاة والسلام :
 "خِيَارُكُمْ مَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَرَدَّ السَّلَامَ"
بل انه سببٌ من أسباب النجاة من المكاره؛
 ومن أعظم أسباب تفريج الكرب عن الإنسان، وعونه على مصالح دينه ودنياه ...

وما أجمل الشعور بآلام المحتاجين اخوتي الكرام
ما اجمل تلمس حاجاتهم :
(( من إطعام للطعام، وقضاءٍ للحاجات ))...

وليعلم كل من يسلك طريق إطعام الجوعى، والصدقة على المحتاجين بالغذاء في أيام البلاء:
 (( انها من أعظم الأعمال الصالحة التي يُتقرب بها إلى الله تعالى )) ..

وليعلم كذلك كلُ الذين شرفهم الله بإطعام غيرهم أن الاجر الحاصل من الإطعام لا ينحصر في إطعام الجائعين والمحرومين والمعدمين والمساكين فحسب ...!!!
بل ان الله يكتبُ لك الاجر كاملاً غير منقوص  في كل إطعام ..
في إطعام الجوعي وإطعام الفقراء وإطعام المساكين وإطعام المحرومين وإطعام اليتامى والأرامل وإطعام المشردين وإطعام الحيوان
كذلك في إطعام طلبة العلم, وإطعام الدعاه , إاطعام الجيران وإطعام المؤمنين ولو كانوا أغنياء,
 حتى الاجر والثواب يصلك في إطعامك لاولادك بل حتى في إطعامك لزوجتك
يقول عليه الصلاه والسلام:
( اذا وضع أحدكم لقمهً في فم زوجته كان له بها صدقه )..

لقمه واحده ... وليست في فم جائع .!
ولا في فم مسكين ..!!
انما في فم الزوجه ...
فكيف لو كانت لسد جوعه جائع ..
كيف لو كانت لقضاء حاجه محتاج ..
كيف لو كانت لاسره تفترش الارض وتلتحف السماء من فقرها وجوعها ..
لاشك انها ارفع وأعلى اجراً ومثوبهً ومنزله..

- فاللقمه يا اخوتي لها ميزانها عند الله ..
- حبهُ الشعير وحبه القمح لها قيمه عند الله..
- العنبه وحبه الرمان لها قيمه عند الله ..
- حباتُ الأرز وكِسرُ الخبز والقليل من الحساء لها قيمهٌ وثقلٌ عند الله..
- التمره ونصف التمره لها قيمهٌ ولها وزنٌ ولها ثقلٌ في ميزان الله..
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
( اتقوا النار --
اتقوا جهنم .. بماذا يا رسول الله ؟
( اتقوا النار ولو بشق تمره )
ما قال  : بتمرهٍ كامله !!
إنما بشق تمره وبنصف التمره قد تقي بها وجهك من عذاب الله وحر جهنم ..
ونحن للاسف لا نأبه للتمره ولا للتمرتين .
ولا نأبه للقمه ولا للقمتين ..
ولانكترث للثلاث اللقم ولا للعشر..
تُرمى ويُعبث بها وتُهان وتُداس تحت الاقدام في في البيوت وفي الشوارع والحدائق والارصفه .

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت :
( أتتني امرأه مسكينه ومعها ابنتان .
قالت : فأعطيتها ثلاث تمرات فأخذتها ووزعتها بالتساوي تمره للبنت الاولى وتمره للثانيه ثم أخذت الثالثه الى فمها فاستطعمتها بنتاها فشقت التمره الى نصفين وأعطت كل واحده النصف ..
إنّها أم رحيمه
ام عادله ..
فتعجبت عائشه رضى الله عنها من صنيعها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما رأت فقال عليه الصلاه والسلام :
( لقد أوجب الله لها بها الجنه او أعتقها من النار)

بتمره ونصف ...  ولمن أعطتها ؟؟
لا لجائع ولا لمسكين ولا لشخص لاتعرفه ..
انما لابنتيها وفلذه كبدها وزهره حياتها ..
فإذا كان هذا ثواب من يُطعم إبنه او بنته ؟؟

فكيف هو ثواب من يُطعم المحروم ؟؟
كيف هو ثواب من يطرد الجوعَ عن الجائع؟؟
ماهو جَزَاءُ من يواسون المحتاجين ويُعينون الفقراء ويمدون المُعدمين ببعضِ الخبز وببعض الدقيق والزيت وحبات الأرز والقليل من الحساء والقليل من المرق ومذقه اللبن والقليل من الطعام ؟؟..

إنّ الجزاء هو رضوان الله ومغفرته ونعيمه وجنانه.
إنّ الجزاء هو عفو الله ورحمته وعظيمُ كرمه ..
إنّ الجزاء هو ان يباعد الله النار عنك فلاتمسك ابدا..
يقول عليه الصلاه والسلام:
(( من أطعم اخاه حتى يُشبعه وسقاه حتى يُرويه، باعده الله من النار سبعهَ خنادق ، مابين كلِ خندق خمسمائهُ عام )).

هذا الإطعام وهذه الإغاثه التى مددتها لهذا المحتاج او لهذا الفقير او لهذا الجائع يُربيها الخالق سبحانه ويُنميها لك ليومِ القيامه وليوم الحسابِ وليوٍم تزل فيه الاقدام..
ففي مسند الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمْ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، (( اي صغير البقر))
حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ »
وختاماً:-
 اروع نهايه....
 وأجمل وداع ...
وأحسن خاتمه ...
هي ما قالها الحبيب عليه الصلاة والسلام:
 (من خُتم له بإطعامِ مسكين محتسبًا على الله
عز وجل دخل الجنة)..

- اللهم انا نسألك أن تجزيَ كلَّ صاحب معروف على معروفه، وأن تبارك له في ولده وماله..
وتُديم عليه صحته وعافيته..
 وأن تحفظه بعنايتك وتكلؤه برعايتك.
- اللهم صُبّ له من الخير وافتح له من ابواب رزقك فتحاً...
- اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين..                                 
- اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت..
واصرف عنها سيئها لا يصرف عنا سيئها
إلا أنت..
- اللهم أغفر لنا وارحمنا وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين،
- اللهم إنا نسألك حبك، وحب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.
- اللهم اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفرنا في الاخره والأولى.
- اللهم اهدنا بهداك ولا تولي علينا مولىً سواك....
- اللهم اجعلنا هداه مهديين غير ضالين ولامضلين سلماً لاوليائك حرباً على أعدائك نُحب بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من عاداك ...
- اللهم لا تتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لامسيئين غير خزاياولامفتونين...

- اللهم امنا في أوطاننا واجعل هذا البلد امناً مطمئناً رخاءً مستقراً وسائر بلاد المسلمين..
- اللهم ارحم موتي المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك
اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعفُ عنهم واكرم نزلهم ووسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس ...
اللهم انقلهم من ضيق المهود واللحود الى سعه القصور والدور الى جوار الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً....
اااامين ااامين اااامين
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال : -
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ....
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...