خطبه جمعه بعنوان
( الأُمنيات )
تعديل واضافه وإلقاء/
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في 2017/3/11
ثم امابعد
ايها االاحباب الكرام:-
ونحن نضع أقدامنا على بدايه شهر رجب الكريم .
ونفوسنا تضع لمسات التهيئه
وتستعد لخوض غمار الطاعه
شهرين فقط تزيد او تنقص تفصلنا عن ضيفٍ عزيزٍ وزائرٍ كريم..
ونفوسنا خلال هذه الشهرين تتمنى امنيات
تتحقق لها قبل حول ضيف الصيام والقيام..
نعم
الأماني التي تراود الناس في حياتهم كثيرة
لا تعد ولا تحصى.
وهذه الأماني تتباين وتختلف باختلاف أفكار الناس ومشاربهم وأجناسهم.
تخيلوا الان معي:-
لو اني سألت ان يطرح كل واحدٍ منا في مسجدي الرجال والنساء امنيته في هذه الحياه ؟؟
سنجد انواع وأشكال وألوان وأصناف وضروب مختلفه ومتباينة من الأمنيات ...؟
فواحد منا مثلاً
إن كان من وسطٍ فقير، وعاين الفقر وقد أحس بألمه واكتوى به الان او من قبل..
سيتمنى أن يعيش غنياً مُنعَّماً كما يتنعم غيره من الناس.
وشخصٌ آخر يجد الرفاهية والعيش الرغيد
لدى معظم الناس
فيتمنى الراحه والعيش الهنيء ووووو
بل تعالوا معي
لو سألنا عن أمنية مريض قد ألزمه المرضُ الفراش، ومنعه حتى من لذة الطعام والمنام،
لرأيناه يتمنى أن يُعافى من مرضه،
ولو أن يَفتديَ بماله كله.
وإن سألنا بعض الأغنياء عن أمنياتهم،
لرأيناهم يتمنون مزيدا من الغنى والثراء،
حتى يكونوا أغنى من فلانٍ وفلان.
ولو سألنا اصحاب القصور والدور عن أمنيته لقال بعضهم:.
اتمنى القصر الثاني والدور الثالث والعماره الرابعه في شارع كذا وبجوار كذا وووووو
ولو سألنا اصحاب العقارات والأراضي
عن امنيتهم لتمنى البعض منهم
ارضيهً اخرى بجوار الارضيه .
ولتمنى الثالثه والرابعه .
ولتمنى ان تكون عدد لبنان أرضيته عشراً
او عشرون او مائه او وديان شاسعه...
وهكذا ابن ادم كما قيل عنه..
طماع جشع لا يقنع ولا يشبع ...
وهكذا معاشر الصالحين والصالحات:
فهي أمانيٌّ وأماني،
والأمانيُّ في هذه الدنيا
لا تنتهي ولا تنقطعُ عن أهلها،
والناس فيها ما بين من لديه القليل فهو لا يقنع، ومن لديه الكثير فهو لا يشبع.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ مِنْ نَخْلٍ، لَتَمَنَّى مِثْلَهُ ثُمَّ مِثْلَهُ، حَتَّى يَتَمَنَّى أَوْدِيَـةً، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَاب).
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لو أنَّ لابنِ آدمَ واديًا من ذهبٍ أحبَّ أن يكونَ له واديان، ولن يملأَ فاه إلَّا التُّراب، ويتوبُ اللهُ على من تاب).
قد يتسائل الان سائل في نفسه ويقول
الى اينّ يريد الخطيب ان يوصلنا بهذه المقدمه وبهذا التمهيد من هذا الكلام ...
فأقول:-
ومع هذه الأماني المتباينة التى بدأتها معكم ووجدناها اماني تختلف من شخص لآخر
فإننا نـرى الجميعَ يسعى ويَكدَح طِوال حـياته لتحقيق أمنياته.
كل إنسان يحرِصُ على بلوغ أمنيته في حياته ويُضحي بكـل ما لديه مـن أجل تحصيلها.
ولكن، ولكن ولكن
هناك فئة من الناس لها أمنيات من نوع خاص.
فمن هي هذه الفئة يا ترى؟
وما هي أمنياتها؟
فتعالوا بنا معاشر المؤمنين والمؤمنات لنطّلع
على هذه الفئة من الناس وننظر ما أمنياتها؟
إنهم الأموات.
انهم الأحباب والخلان والاصدقاء ممن رحلوا من هذه الحياه
انهم الاخوه والاخوات
انهم الاباء والأمهات
انها الاولاد والبنات
انهم الأقرباء ومن تربطنا بهم الحياه الدنيا......
ممن رحلوا الى دار الاخره
وأصبحوا مرتهنين باعمالهم
وماذا يتمنى الأموات؟
:: فعن أمنيات الموتى أحدثكم وأذكّركم،
عسى أن يكون ذلك موعظةً وعبرة لمن أراد
أن يعتبر.
:: عن أمنيات الموتى الصالحين منهم والطالحين، أُسمِعكم ما ذكره ربنا عز وجل في كتابه وما أخبر به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم في سنته.
فالأموات قد أصبح الغيب لديهم شهادة،
وأيقـنوا وهـم فـي البرزخ أنـهم سيُبعثون ليوم عظيم.
فماذا يتمنون؟
ماذا يتمنى الميت؟
فأما المؤمن الصالح، الذي مات على الإيمان والعمل الصالح..
إذا مات وحُمل على الأعناق، أول أمنيته:
نادى أن يُسرعوا به إلى القبر ليَلقى النعيم المقيم، وكيف لا تكونُ تلكَ أمنيتُه وقد بُشر عند خروج الروح:
﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]،
أمنيته: نادى أن يُسرعوا به إلى القبر.
ففي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عـليه وسـلم: (إذا وُضعت الجـنازة فاحتملها الرجـال عـلى أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت:
قدموني قدموني).
وإذا أدخل قبره، ورأى منزلته في الجنة،
فإنه لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا،
بل يتمنى أن تقوم الساعةُ ويعودَ إلى أهله ليُبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة،
ففي الحديث الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قـال:
(إذا رأى المؤمن ما فُسِحَ له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي).
وفي رواية: (فإذا رأى ما في الجنة قال:
رَبِّ عَجـِّلْ قـيامَ الساعـةِ، كَـيْ أَرْجِعَ إلى أهلي ومالي، فيُقالُ له: اسْكُن').
فهذه أمنية المؤمن الصالح بأن يُسرعوا بـه إلى القبر ليَـلقَى النـعيم المقيم، ثم يتمنى أن تقوم الساعة.
اما
أما العُصاة المجرمون،
الذين تمر عليهم ساعاتٌ وأيامٌ وهم في هذه الدنيا في لهو وغفلة وبُعد عن طاعة الله..
اما الخاسرون
الذين يُسوِّفون التوبةَ ويأملون في مزيد من العمر ليتمتعوا بزينة الدنيا،
وما علموا أن الموت يأتي بغتة،
ما علموا أن الموت إذا جاء لا يدع صاحبه يستدرك ما فـات،
فيبقى فـي قبره مُرتهناً بعمله،
متحسرا على تسويفه وتفريطه،
متمنياً على الله الأمانيَّ التـي لا تُغنيه شيئا.
فماذا يتمنى هؤلاء؟
فأول أمنية:
يتمنى أحدهم لحظة الموت وعند خروج الروح، يتمنى بعدما عاين الموتَ وسكراتِه،
وعلم أنه مُنتَقل من دار الدنيا إلى دار البرزخ،
يتمنى الرجوعَ إلى الدنيا ولو لدقائق معدودة ليعمل صالحا ينفعه فـي الدار الآخرة،
قال الله جـل وعـلا:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
وفي آية أخرى: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].
إنها أمنيةُ كلَ مفرّط يندم ويتحسر عند الاحتضار، ينـدم ويتحسر ويسـأل الرجعة إلى الدنيا ولو لمدة يسيرة ليُصلح ما أفسد،
ويُطيعَ الله عـز وجلَّ في كل ما عصى.
لقد عاين ذلك الميت مصيره، وعرف ما له وما عليه.
لقد أدرك أنه كان في نعمة ولكنه لم يغتنمها،
أدرك أن فرصته في الحياة قد انتهت وأنه قد خسر كل شيء.
فكانت أمنيته: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ [المؤمنون: 99].
ولكنها أمنيةٌ مليئةٌ بالحسرة والندامة،
أمنيةٌ جاءت متأخرةً بعدما كان الأمل موجوداً في الحياة الدنيا.
فلا يُنظر في أمنيته ولا في طلبه،
فأي حسرة وأي ندامة يعيشها عند الاحتضار؟
وإذا مات وحُمل على الأعناق، ما تكون أمنيته؟
ففي الحديث الصحيح، قال صـلى الله عـليه وسـلم: (إذا وُضعت الجنازة فاحتملها الرجال علـى أعناقهم... وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَـالَتْ لِأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُـلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنسَان، وَلَـوْ سَـمِعَ الإِنسَانُ لَصَعِقَ).
وإذا أُدخل قبره، ورأى منزلته ومـا أعـد الله له من شـديد العـذاب، فإنـه يتمنى أن لا تقوم الساعة، فيقول: رب لا تُقم الساعة، ربِّ لا تُقم الساعة، لأنه يعلم أن ما بعد القبر هو أشدُّ وأفظع.
فيقول: ربِّ لا تُقم الساعة.
أسأل الله العلي القدير أن تكون أمنيتنا أمنيةَ المؤمن الصالح، وأن لا تكون أمنية العبد الخاسر.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ثم اما بعد:-
قال إبراهيم التَّيْمي:
مثَّلتُ نفسي في النار، آكل من زقومها،
وأشرَب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟
قالت: أريد أن أُرَدَّ إلى الدنيا فأعملَ صالحا، قال: فقلت: أنتِ في الأمنيةِ فاعملي.
وهذا الربيع بن غثيم احد التابعين الصالحين:
يحفر له حفره في داره ........
فإذا اراد ان يذكر نفسه ويعضها ويؤدبها ويؤنبها ادخلها في الحفره وغطى عليها ثم يغمض عيناه ويقول:
رب ارجعون . رب ارجعون لعلي اعمل.....
ثم يخرج من حفرته ويقول لنفسه:
ها انتى يا نفسي قد رجعتى فاعلمي بما وعدتي..
فيا ايها الكرام:
نحن في دار العمل، والآخرة دار الجزاء.
فلنـعمل بطاعـة الله قبـل أن نُصبح في عِداد الموتى، فنتمنى ولا مُجيب لنا.
إن كل يوم نعيشه هو غنيمة،
بل كل لـحظة مـن لحظات أعـمارنا هـي غنيمة، فحذار من الغفلة والتهاون والتسويف.
فإن غاية ما يتمناه الموتى في قبورهم،
الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحاً
وليستدركوا ما فاتهم فيها.
ولكن لا سبيل لهم إلى ذلك البتة،
ولا يُنظر في طلبهم ولا تُحقق أمانيهم.
لأنهم قد مُنحت لهم فرصة في هذه الحياة فلم يغتنموها.
فنصيحتي لك أيها المسلم:
أن لا تُضيِّع أوقاتَ عُمرك فـي غير طاعـة الله لئلا تتحسر في يوم لا تنفع فيه الحسرة ولا الندامة.
قال ربُّنـا: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56، 58].
فبادر يا عبد الله، واصرف ما بقي من عمرك في طاعة الله.
فإنك لو عَلِمَت ما بقي من أجلك لزهَدت فـي طـول أملك،
ولرِغبت فـي الزيادة من أعمالك،
فاحذر زَللَ أقدامك، وخَفْ طولَ ندمك،
واغتنم وجودَك قبل عدمك.
يا عبد الله، اجعل أمنيات -
أماني الموتى في قلبك، علـى لسانـك، بين عينيك.
اجعلها شعارا لك..
فإنـها خيـر مُعين لك على فعلِ الخير
والاستكثارِ منه والتسابُقِ إليه.
وتذكر كلما دعتك نفسك إلى معصية
تذكر أمنيات الموتى.
اذا ماخلوت الدهر يوماً
فلا تقل خلوتُ ولكن قل عليا رقيبُ
ولاتحسبن الله يغفل ساعهً
ولا ان ما تخفيه عنه يغيبُ
::
واذا خلوت بريبهٍ في ظلمهٍ
والنفسُ داعيهٌ الى الى الشيطانِ
فاستحى من نظر الاله وقل لها
ان الذي خلق الظلام يراني
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاه عليه..
---------------------------------
اللهم اجعل ما اكتبه وما أعده وما انشره في سبيلك ومن أجلك ومن اجل رضاك ولأجل رحمتك ومغفرتك وعفوك ورضوانك ونعيمك وجنانك..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولأمي إلى ان ترث الارض ومن عليهاا...آآآآآآآمين.......
---------------------------------
---------------------------------
( الأُمنيات )
تعديل واضافه وإلقاء/
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في 2017/3/11
ثم امابعد
ايها االاحباب الكرام:-
ونحن نضع أقدامنا على بدايه شهر رجب الكريم .
ونفوسنا تضع لمسات التهيئه
وتستعد لخوض غمار الطاعه
شهرين فقط تزيد او تنقص تفصلنا عن ضيفٍ عزيزٍ وزائرٍ كريم..
ونفوسنا خلال هذه الشهرين تتمنى امنيات
تتحقق لها قبل حول ضيف الصيام والقيام..
نعم
الأماني التي تراود الناس في حياتهم كثيرة
لا تعد ولا تحصى.
وهذه الأماني تتباين وتختلف باختلاف أفكار الناس ومشاربهم وأجناسهم.
تخيلوا الان معي:-
لو اني سألت ان يطرح كل واحدٍ منا في مسجدي الرجال والنساء امنيته في هذه الحياه ؟؟
سنجد انواع وأشكال وألوان وأصناف وضروب مختلفه ومتباينة من الأمنيات ...؟
فواحد منا مثلاً
إن كان من وسطٍ فقير، وعاين الفقر وقد أحس بألمه واكتوى به الان او من قبل..
سيتمنى أن يعيش غنياً مُنعَّماً كما يتنعم غيره من الناس.
وشخصٌ آخر يجد الرفاهية والعيش الرغيد
لدى معظم الناس
فيتمنى الراحه والعيش الهنيء ووووو
بل تعالوا معي
لو سألنا عن أمنية مريض قد ألزمه المرضُ الفراش، ومنعه حتى من لذة الطعام والمنام،
لرأيناه يتمنى أن يُعافى من مرضه،
ولو أن يَفتديَ بماله كله.
وإن سألنا بعض الأغنياء عن أمنياتهم،
لرأيناهم يتمنون مزيدا من الغنى والثراء،
حتى يكونوا أغنى من فلانٍ وفلان.
ولو سألنا اصحاب القصور والدور عن أمنيته لقال بعضهم:.
اتمنى القصر الثاني والدور الثالث والعماره الرابعه في شارع كذا وبجوار كذا وووووو
ولو سألنا اصحاب العقارات والأراضي
عن امنيتهم لتمنى البعض منهم
ارضيهً اخرى بجوار الارضيه .
ولتمنى الثالثه والرابعه .
ولتمنى ان تكون عدد لبنان أرضيته عشراً
او عشرون او مائه او وديان شاسعه...
وهكذا ابن ادم كما قيل عنه..
طماع جشع لا يقنع ولا يشبع ...
وهكذا معاشر الصالحين والصالحات:
فهي أمانيٌّ وأماني،
والأمانيُّ في هذه الدنيا
لا تنتهي ولا تنقطعُ عن أهلها،
والناس فيها ما بين من لديه القليل فهو لا يقنع، ومن لديه الكثير فهو لا يشبع.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَوْ كَانَ لابْنِ آدَمَ وَادٍ مِنْ نَخْلٍ، لَتَمَنَّى مِثْلَهُ ثُمَّ مِثْلَهُ، حَتَّى يَتَمَنَّى أَوْدِيَـةً، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَاب).
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لو أنَّ لابنِ آدمَ واديًا من ذهبٍ أحبَّ أن يكونَ له واديان، ولن يملأَ فاه إلَّا التُّراب، ويتوبُ اللهُ على من تاب).
قد يتسائل الان سائل في نفسه ويقول
الى اينّ يريد الخطيب ان يوصلنا بهذه المقدمه وبهذا التمهيد من هذا الكلام ...
فأقول:-
ومع هذه الأماني المتباينة التى بدأتها معكم ووجدناها اماني تختلف من شخص لآخر
فإننا نـرى الجميعَ يسعى ويَكدَح طِوال حـياته لتحقيق أمنياته.
كل إنسان يحرِصُ على بلوغ أمنيته في حياته ويُضحي بكـل ما لديه مـن أجل تحصيلها.
ولكن، ولكن ولكن
هناك فئة من الناس لها أمنيات من نوع خاص.
فمن هي هذه الفئة يا ترى؟
وما هي أمنياتها؟
فتعالوا بنا معاشر المؤمنين والمؤمنات لنطّلع
على هذه الفئة من الناس وننظر ما أمنياتها؟
إنهم الأموات.
انهم الأحباب والخلان والاصدقاء ممن رحلوا من هذه الحياه
انهم الاخوه والاخوات
انهم الاباء والأمهات
انها الاولاد والبنات
انهم الأقرباء ومن تربطنا بهم الحياه الدنيا......
ممن رحلوا الى دار الاخره
وأصبحوا مرتهنين باعمالهم
وماذا يتمنى الأموات؟
:: فعن أمنيات الموتى أحدثكم وأذكّركم،
عسى أن يكون ذلك موعظةً وعبرة لمن أراد
أن يعتبر.
:: عن أمنيات الموتى الصالحين منهم والطالحين، أُسمِعكم ما ذكره ربنا عز وجل في كتابه وما أخبر به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم في سنته.
فالأموات قد أصبح الغيب لديهم شهادة،
وأيقـنوا وهـم فـي البرزخ أنـهم سيُبعثون ليوم عظيم.
فماذا يتمنون؟
ماذا يتمنى الميت؟
فأما المؤمن الصالح، الذي مات على الإيمان والعمل الصالح..
إذا مات وحُمل على الأعناق، أول أمنيته:
نادى أن يُسرعوا به إلى القبر ليَلقى النعيم المقيم، وكيف لا تكونُ تلكَ أمنيتُه وقد بُشر عند خروج الروح:
﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]،
أمنيته: نادى أن يُسرعوا به إلى القبر.
ففي الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عـليه وسـلم: (إذا وُضعت الجـنازة فاحتملها الرجـال عـلى أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت:
قدموني قدموني).
وإذا أدخل قبره، ورأى منزلته في الجنة،
فإنه لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا،
بل يتمنى أن تقوم الساعةُ ويعودَ إلى أهله ليُبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة،
ففي الحديث الصحيح، أن رسول الله صلى الله عليه وسـلم قـال:
(إذا رأى المؤمن ما فُسِحَ له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي).
وفي رواية: (فإذا رأى ما في الجنة قال:
رَبِّ عَجـِّلْ قـيامَ الساعـةِ، كَـيْ أَرْجِعَ إلى أهلي ومالي، فيُقالُ له: اسْكُن').
فهذه أمنية المؤمن الصالح بأن يُسرعوا بـه إلى القبر ليَـلقَى النـعيم المقيم، ثم يتمنى أن تقوم الساعة.
اما
أما العُصاة المجرمون،
الذين تمر عليهم ساعاتٌ وأيامٌ وهم في هذه الدنيا في لهو وغفلة وبُعد عن طاعة الله..
اما الخاسرون
الذين يُسوِّفون التوبةَ ويأملون في مزيد من العمر ليتمتعوا بزينة الدنيا،
وما علموا أن الموت يأتي بغتة،
ما علموا أن الموت إذا جاء لا يدع صاحبه يستدرك ما فـات،
فيبقى فـي قبره مُرتهناً بعمله،
متحسرا على تسويفه وتفريطه،
متمنياً على الله الأمانيَّ التـي لا تُغنيه شيئا.
فماذا يتمنى هؤلاء؟
فأول أمنية:
يتمنى أحدهم لحظة الموت وعند خروج الروح، يتمنى بعدما عاين الموتَ وسكراتِه،
وعلم أنه مُنتَقل من دار الدنيا إلى دار البرزخ،
يتمنى الرجوعَ إلى الدنيا ولو لدقائق معدودة ليعمل صالحا ينفعه فـي الدار الآخرة،
قال الله جـل وعـلا:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
وفي آية أخرى: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].
إنها أمنيةُ كلَ مفرّط يندم ويتحسر عند الاحتضار، ينـدم ويتحسر ويسـأل الرجعة إلى الدنيا ولو لمدة يسيرة ليُصلح ما أفسد،
ويُطيعَ الله عـز وجلَّ في كل ما عصى.
لقد عاين ذلك الميت مصيره، وعرف ما له وما عليه.
لقد أدرك أنه كان في نعمة ولكنه لم يغتنمها،
أدرك أن فرصته في الحياة قد انتهت وأنه قد خسر كل شيء.
فكانت أمنيته: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴾ [المؤمنون: 99].
ولكنها أمنيةٌ مليئةٌ بالحسرة والندامة،
أمنيةٌ جاءت متأخرةً بعدما كان الأمل موجوداً في الحياة الدنيا.
فلا يُنظر في أمنيته ولا في طلبه،
فأي حسرة وأي ندامة يعيشها عند الاحتضار؟
وإذا مات وحُمل على الأعناق، ما تكون أمنيته؟
ففي الحديث الصحيح، قال صـلى الله عـليه وسـلم: (إذا وُضعت الجنازة فاحتملها الرجال علـى أعناقهم... وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَـالَتْ لِأَهْلِهَا يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُـلُّ شَيْءٍ إِلَّا الإِنسَان، وَلَـوْ سَـمِعَ الإِنسَانُ لَصَعِقَ).
وإذا أُدخل قبره، ورأى منزلته ومـا أعـد الله له من شـديد العـذاب، فإنـه يتمنى أن لا تقوم الساعة، فيقول: رب لا تُقم الساعة، ربِّ لا تُقم الساعة، لأنه يعلم أن ما بعد القبر هو أشدُّ وأفظع.
فيقول: ربِّ لا تُقم الساعة.
أسأل الله العلي القدير أن تكون أمنيتنا أمنيةَ المؤمن الصالح، وأن لا تكون أمنية العبد الخاسر.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ثم اما بعد:-
قال إبراهيم التَّيْمي:
مثَّلتُ نفسي في النار، آكل من زقومها،
وأشرَب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين؟
قالت: أريد أن أُرَدَّ إلى الدنيا فأعملَ صالحا، قال: فقلت: أنتِ في الأمنيةِ فاعملي.
وهذا الربيع بن غثيم احد التابعين الصالحين:
يحفر له حفره في داره ........
فإذا اراد ان يذكر نفسه ويعضها ويؤدبها ويؤنبها ادخلها في الحفره وغطى عليها ثم يغمض عيناه ويقول:
رب ارجعون . رب ارجعون لعلي اعمل.....
ثم يخرج من حفرته ويقول لنفسه:
ها انتى يا نفسي قد رجعتى فاعلمي بما وعدتي..
فيا ايها الكرام:
نحن في دار العمل، والآخرة دار الجزاء.
فلنـعمل بطاعـة الله قبـل أن نُصبح في عِداد الموتى، فنتمنى ولا مُجيب لنا.
إن كل يوم نعيشه هو غنيمة،
بل كل لـحظة مـن لحظات أعـمارنا هـي غنيمة، فحذار من الغفلة والتهاون والتسويف.
فإن غاية ما يتمناه الموتى في قبورهم،
الرجوع إلى الدنيا ليعملوا صالحاً
وليستدركوا ما فاتهم فيها.
ولكن لا سبيل لهم إلى ذلك البتة،
ولا يُنظر في طلبهم ولا تُحقق أمانيهم.
لأنهم قد مُنحت لهم فرصة في هذه الحياة فلم يغتنموها.
فنصيحتي لك أيها المسلم:
أن لا تُضيِّع أوقاتَ عُمرك فـي غير طاعـة الله لئلا تتحسر في يوم لا تنفع فيه الحسرة ولا الندامة.
قال ربُّنـا: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *
أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 56، 58].
فبادر يا عبد الله، واصرف ما بقي من عمرك في طاعة الله.
فإنك لو عَلِمَت ما بقي من أجلك لزهَدت فـي طـول أملك،
ولرِغبت فـي الزيادة من أعمالك،
فاحذر زَللَ أقدامك، وخَفْ طولَ ندمك،
واغتنم وجودَك قبل عدمك.
يا عبد الله، اجعل أمنيات -
أماني الموتى في قلبك، علـى لسانـك، بين عينيك.
اجعلها شعارا لك..
فإنـها خيـر مُعين لك على فعلِ الخير
والاستكثارِ منه والتسابُقِ إليه.
وتذكر كلما دعتك نفسك إلى معصية
تذكر أمنيات الموتى.
اذا ماخلوت الدهر يوماً
فلا تقل خلوتُ ولكن قل عليا رقيبُ
ولاتحسبن الله يغفل ساعهً
ولا ان ما تخفيه عنه يغيبُ
::
واذا خلوت بريبهٍ في ظلمهٍ
والنفسُ داعيهٌ الى الى الشيطانِ
فاستحى من نظر الاله وقل لها
ان الذي خلق الظلام يراني
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاه عليه..
---------------------------------
اللهم اجعل ما اكتبه وما أعده وما انشره في سبيلك ومن أجلك ومن اجل رضاك ولأجل رحمتك ومغفرتك وعفوك ورضوانك ونعيمك وجنانك..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولأمي إلى ان ترث الارض ومن عليهاا...آآآآآآآمين.......
---------------------------------
---------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق