خطبه جمعه بعنوان
اصحاب الجنه
(( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى -
تاااابع لنعمه المال-2 ))
إعداد وإلقاء الاستاذ/ احمد عبدالله صالح خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في 2017/2/11
ثم اما بعد :-
- اليوم بمشيئة الله تبارك وتعالى نعيش مره اخرى مع إحدى قصصِ القرآنِ التي تحكي عن نعمة المالِ وعن إنفاقِه وكيفيةِ تحصيلِه،
ومتى يكونُ المالُ نعمةً، ومتى يكونُ نقمة..
- قصةٌ ما أحوجَنَا إليها في زمنٍ غرتِ الكثيرَ الدنيا وزينتُها وبهجتُها.
- قصةٌ تغرسُ في نفوسِنَا رسالةً طالماً تغافلنا عنها، وما زالتْ تؤكدُ تلكَ الرسالةُ حقيقةَ الدنيا ونعيمَهَا،
وأنَّ علينا الحذرَ منَ الركونِ إليهَا،
والإغترارِ بِهَا..
- قصةٌ تحثُّنَاً على أنْ نجعلَ رضا اللهِ والتوكلَ عليهِ في كلِّ حالٍ نُصبَ أعيُنِنَا..
- قصةٌ تقولُ إنَّ منْ قدَّم شيئاً على طاعةِ اللهِ والإنفاقِ في سبيلِهِ وُكِلَ إليهِ وعُذِّبَ بِهِ،
ورُبَّمَا سُلِبَ منهُ معاملةً لهُ بنقيضِ قصدِهِ.
- القصة بحد ذاتها لها اثار جميله على النفس البشريه ولذلك كثر ورودها في الايات القرانيه كثيرا.
والسبب :
لانها تزرع في النفوس الخير بسهوله دون قصد وبدون شعور ..
وتتسلل منها معاني الخير في النفس
من حيث لايشعر صاحبها وبدون قصد ..
- هذه القصه تحدثنا عن خلق الشح والبخل
وما يلحق صاحبه من اللوم والحسرة في الدنيا والعقاب الشديد في الاخرة .
- هذه القصة فيها تسليه لرسوله حينما كذبه قومة وقد انعم الله عليهم ببعثه رسوله وانعم عليهم بنعمة المال والجاه والولد واطعمهم من جوع وامنهم من خوف ..
مع قصة يُواسِي الله بها نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -
ويُذكِّر بها القُرشيِّين ويُحذِّرهم من مغَبَّة أمرهم الذي هم فيه مِن شِرْك وضلال، وكفر وعناد.
- هذه القصة تُعلِّمنا درسًا عظيمًا:-
أنَّ مِن أسباب دوام النِّعم وازديادها،
ونموِّها والبرَكة فيها -
((الإحسانَ إلى خَلْق الله ))
ومن أسباب زَوال النعم وحلول النِّقم في الدنيا، فضلاً عن العذاب الشديد في الآخرة -
((الإساءة إلى خَلْق الله وظُلمهم)).
إنها قصة أصحاب الجنَّة،
الذين ابتلاهم الله بالخيرات والنِّعم.
هي عِبرةً ضربَها الله لأهل قريش،
الذين كفروا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أنَّ الله - تعالى - أنعم عليهم ببَعثته -
صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهم هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا،
وأنعم عليهم بالمال والجاه، والولَد والسِّيادة، وأطعمهم مِن جوع، وآمنَهم من خوف،
لكنهم لم يُقدِّموا لذلك شُكرًا؛
لذلك قال الله - تعالى -:
﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾ [القلم: 17]؛
أي: يا محمد، إنا بلَوْنا أهل قريش كما بلوْنا أصحاب الجنة.
فيا تُرى
ما هي قصَّة أصحاب الجنة الذين
وسَّعَ الله عليهم؟
وماذا كان موقِفُهم مِن الفقراء والمساكين؟
تعالَوا معي
لنتعرَّفَ على هذه القصة العظيمة،
والتي تَحمل في طِيَّاتها معانِيَ ساميةً،
وعِبرًا عظيمة، ولْنَسمع إليها:
في أرْض اليمن، بالتحديد في قرية يُقال لها: "ضَرَوان" على سِتَّة أميال من صَنعاء،
عاش أحدُ الصالحين الأغنياء،
وكان على دِينِ أهل الكتاب،
وكانت له جَنَّة فيها أنواع من الأشجار المثمِرة، وجداوِلُ الماء العَذْب تسقيها،
فتُعطي تلك الأشجارُ فواكهَ لذيذةً، وكثيرةً ومتنوِّعة.
وكان هذا الرجلُ الصالح لا يُدخِل بيتَه ثمرةً منها حتى يُقسّمَ الثمار ثلاثة أقسام:
- قسم للفقراء والمساكين،
- وقسم لأهل بيته،
-وقسم يردُّه في المحصول؛ لِيزرعَ به الأرض؛
لذلك بارك الله له في رِزْقه وعياله.
وعندما يأتي وقت قطف الثمار والحصاد
تُقبلُ إليه جماعات الفقراء،
فقد عودهم على ذلك كل عام،
فيعطيهم نصيبًا وافرًا، هذا يملأ مكتله،
وذاك يحمل في ثيابه.
إلا أن أبناءه لم يطيقوا صبرًا بما رأوا من والدهم، حيث رأوا مال أبيهم موزعًا بين الفقراء والمساكين، حتى أصبحوا هم والسائلون سواءً،
بل ربما كان هؤلاء أحسن منهم حالاً وأكثر بالجنة استمتاعًا،
فأنكروا على أبيهم ذلك فقال لهم:
ما أراكم إلا خاطئين في الوهم والتقدير،
ما هذا المال الذي تريدون أن تستأثروا به بمالي ولا مالكم،
إنما هو مال الله مكنني فيه وأمنني عليه،
على أن أنفقه في أكرم وجوه الخير وأنفعها لخلقه.
فللفقراء والمساكين حقهم، ولأبناء السبيل نصيبهم، وللطيور والبهائم طعامها.
وما بقى بعد ذلك فهو لي ولكم،
ذلك ما فعلته وعودته للفقراء، وأنفذت فيه حكم الله، والمال بهذا يزكو ويزيد، وقد تعودت على ذلك منذ شبابي، والزمتها رجلاً وكهلاً.
فكيف بي أن أتركها اليوم شيخًا كبيرًا فانيًا؟! فعلى مهلكم:
فشعري كما ترون قد شاب، وجسمي قد نحل، وعودي قد ذوى، والأسقام أخذت سبيلها إليّ،
ولن ألبث إلا قليلاً حتى ألقى الله.
وإنكم سترثون البستان والمال والنعيم والثمار، وأنتم بين أمرين:-
- إن أنفقتم فإن الله وعد من أنفق خلفًا،
- وإن بخلتم فإن الله أنذر ممسكًا تلفًا،
وله فيكم أمرٌ هو بالغه.
ثم لم يلبث الشيخ الكبير طويلاً حتى مات،
فووَرِثه بَنُوه وكانوا خمسة من البنين -
فحَملت جنَّتُهم في تلك السَّنة التي هَلَكَ فيها أبوهم حِملاً لم تكن حَملَتْه مِن قبل ذلك،
فراح الفِتية إلى جنَّتهم بعدَ صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرٍ ورِزقٍ فاضل،
لم يُعايِنوا مِثلَه في حياة أبيهم.
فلمَّا نظروا إلى الفضل طَغَوا وبَغَوا..
وقال بعضُهم لبعض:
لقد كان أبونا أحْمَق؛..
إذْ كان يَصرِف من هذه الثمار للفقراء،
دَعُونا نتعاهد فيما بيننا ألاَّ نُعطيَ أحدًا من فقراء المسلمين في عامِنا هذا شيئًا حتى نَستَغنِيَ وتَكثر أموالنا.
فرضِي بذلك منهم أربعة!
وسَخِط الخامس وكان أقربهم إلى أبيهم في الطبع وأحبهم إلى فعل الخير وقال لهم-:
لكنه سيقضي على بستانكم من جذوره،
إنكم لو حرمتم الفقراء والمساكين لا تأمنون منهم شرًّا واعتداءً..
وقد يثورون عليكم، امنحوهم حقهم،
واذهبوا مذهب أبيكم في إرضائهم،
وما بقي بعد ذلك فإن الله -عز وجل- ينميه ويبارك فيه.
ولكنهم صاحوا في وجهه:
لا تقترح شيئًا لا تملكه، وكف عنا نصائحك،
فلن تجد منا إلا آذانًا صماء.
استمر بنصَحَهم وتذكيرهم بأن يَسيروا على
ما سار عليه أبوهم؛ حتى يبارِكَ الله لهم في رِزقهم وجنَّتهم،
لكنَّهم بَطَشوا به، وضربوه ضرْبًا مبرحًا.
فراحوا إلى منازلهم، ثم أقْسموا على قَطْف ثمارِ مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئًا منها،
وتعاهَدُوا على ذلك، ورَفَعوا شعارًا:
"لا للفقراء بعدَ اليوم، لا للمساكين بعدَ اليوم،
لا للمحتاجين بعدَ اليوم".
:: لقد غفَل أصحاب الجَنَّة
عن أنَّ الله الذي يَسمع سِرَّهم ونجواهم،
وأنَّ الله علاَّمُ الغيوب،
:: لقد غاب عنهم أنَّ الله - سبحانه -
يُثِيب أصحابَ القلوب الطيِّبة،
الذين في قلوبهم رِقَّة ورَأفة ورحمةٌ للمؤمنين، ويرْحم الله من عباده الرُّحماءَ ويُثيبهم.
:: لقد غاب عن أصحابِ الجنة الذين يُدبِّرون ويُخطِّطون لحرمان الضعفاء والمساكين -
أنَّ الجزاء مِن جنس العمل؛
فمَن أكرَمَ الناس أكرَمه الله،
ومَن حرَمَهم حرَمه الله،
ومَن منعهم الخير منعه الله،
فجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مِثلُها.
تعالوا لنرى الذين أضمروا الشرَّ،
وعزَموا على حرْمان المساكين؛
تعالوا لنرى:-
ما الذي حدَث لجنَّتهم وبُستانهم وحديقتهم؟
﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا
أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]،
﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [الأعراف: 97].
يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ
إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
لاَ تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ
فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا
واسمع إلى كتاب الله وهو يُحدِّثنا عنهم:
﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17 - 18].
حتى كلمة "إن شاء الله" لم يقولوها.
- لَقَدْ بَيَّتُوا مَا بَيَّتُوا وَنَامُوا،
وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَنَامُ،
فقد كَانَ تَدْبِيرُ اللَّـهِ تَعَالَى أَسْرَعَ مِنْ مَكْرِهِمْ، فَعَاجَلَتْهُمُ الْعُقُوبَةُ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّذُوا خُطَّتَهُمْ،
وَيَمْنَعُوا المَسَاكِينَ حَقَّهُمْ..
وهم نائمون جاء القرارُ الإلهي
جاء القرار الرباني
جاء القرار الذي لا يرد
جاء القرار الذي لا معقب له
جاء القرار الذي لا يتأخر
جاء القرار النافذ والعاجل
وكم هي القرارات الالهيه التى أهلكت كل من انحرف عن منهج الله وكفر بدين الله وعادى أولياء الله وطغى بنعم الله وكفر بها...
- قرار سابق ما أسرعه من الملك القوي
(( لبني اسرائيل الذين اعتدوا في السبت))
( كونو قردهً خاسئين)
- وجاء القرار على قوم نوح الذين كذبوه
فقال(( ففتحنا ابواب السماء بماءٍ منهمر.......)
- ونزل القرار الرباني على قارون عندما نسى رازقه وخرج خروج الباغين
( فخسفنا به وبداره الارض.....)
- ونزل القرار الالهي بفرعون وجنوده
({فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ}.
- ونزل القرار في قوم سبأ
( فأرسلنا عليهم سيل العرم )
- وجاء القرار الالهي في اصحاب الفيل
((وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ}
- ونزل القرار الرباني في قوم عاد
{ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}
- ونزل القرار الالهي في قوم صالح
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَكَانُواْ
كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ}
- ونزل القرار الالهي في قوم لوط
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً
عِندَ رَبّكَ وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ}
- ونزل القرار الالهي في مؤمن اهل القريه الذي جاءهم ناصحا فرجموه حتى الموت
(( ان كانت الا صيحه واحده فإذا هم خامدون))
- وهاهو القرار النافذ ينزل في اصحاب الجنه الذين كفروا النعمه وتركوا وصيه ابيهم
قرار عاجل يقضي
((بتدمير جميع ثمار ذلك البُستان،))
﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20].
قيل:
إنَّ سيدنا جبريل - عليه السلام - اقتلعها،
وقيل: أصابتها آفةٌ سماوية، من ضريب ونحوه.
وقيل: إنَّ الله أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت.
قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن
﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾:
اصبحت رَّمَادِ اسْوَدِ،
محترقةً كالليل المظلِم".
وقيل موجة صقيع ضربت الجنه فقلعت نبتها وأسقطت ثمرها وجففت أوراقها وأعوادها،
يا الله!
أيُّ كارثةٍ هذه؟!
ان ينام الانسان وهو يملك الملايين،
ويستيقظ في الصباح ليجد نفسه لا يملك شيئًا!
- كم مِن إنسان في دنيا الناس اليوم
كان يَملِك ما يملِك، ولكن بسبب الذنوب والمعاصي والعقوق والعصيان والتعدي والأجرام ضاع كلُّ شيء..
- وكم من إنسان كان يملِك العقاراتِ والسيارات، ولكن عندما تعامل بالرِّبا وحارب ربه وخالقه ومعطيه ضاع كلُّ شيء..
- وكم من إنسانٍ كان يملك الملايين،
وعندما رفَض إخراج الزكاة من ماله،
ضاع هذا المال كله كما حصل لاهل الجنة ..
الذين رفضوا ان يعطوا ثلثها فذهبت الحديقه كلها .
فالله سبحانه ياكرام
قد يؤدب بذهاب مقدار الزكاه .
وبعضهم يؤدبه بذهاب نصف ماله.
وبعضهم يعاقبه بذهاب ماله كله .
وهذا بحسب حكمة الله الذي يعلم كيف يؤدب الشخص ..
وقد ورد في الأثر يقول الله :-
(إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك ..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك ..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك ..
وإني أُدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير.)..
وأخرج ابنُ أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:
قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إيَّاكم والمعاصي:
فإنَّ العبد لَيُذنب فيَنسى به البابَ من العِلم،
وإنَّ العبد ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام اللَّيْل،
وإن العبد ليذنب الذنب فيَنسى فيُحرَم به رزْقًا قد كان هُيِّئ له،
ثم تلا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20]
قد حُرِموا خيرَ جنَّتهم بذنبهم.
اقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم،،،،
الخطبه الثانيه :-
ثم امابعد ايها الأحباب الكرام:
وفي الصباح الباكر (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ )
نادَى بعضُهم على بعضٍ
أنْ هلُمُّوا لتنفيذ المخطَّط الذي أجمعوا كلمتَهم عليه..
ثم تحرَّكوا في تسَتُّر وصمت كاملَيْن؛
حتى لا يُدرِكَهم أحد من الفقراء والمساكين، فيتبعهم إلى البستان؛
أمَلاً في الحصول على شيء مما يجمعون،
كما كانوا ينالُون ذلك على زمان أبيهم مِن قَبلُ.
يتنادون فيما بينهم
﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ﴾:
اخْرُجوا إلى جنَّتكم صباحًا مبكِّرين..
﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴾:
إن كنتم تريدون اجتناءَ الثَّمر.
﴿ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾:
انطلقوا وبعضهم يُحدِّث بعضًا في السِّر والخفاء؛ حتى لا يَسمع بهم أحد..
انطلَقوا فَرِحين مسرورين مستبشِرين،
يُوصي بعضُهم بعضًا
﴿ أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾!
- الآن سنذوق ثمارنا التى حُرمنا منها كثيرا.
- الآن سنجتني ثمرةَ جنتنا ونستحوذ عليها..
- الآن لن يشارِكَنا فيها أحد.
﴿ وَغَدَوْا ﴾:
انطلقوا في الصباح الباكِر
﴿ عَلَى حَرْدٍ ﴾:
على جِدٍّ وحرْص وتعمُّدٍ لحِرْمان الفقراء والمساكين.
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا ﴾:
لمَّا سلكوا الطريقَ، طريق جنَّتهم ووجدوها قد حلَّ بها ما حلّ، ونزل بها ما نزل، ظَنُّوا أنهم أخطَؤوا الطريق، وأنَّ هذه الجنة ليست بجنتهم.
فأخذوا يتساءلون:
أهذه جنتنا؟! وقد تركناها بالأمس مورقة الشجر، جارية الماء، فواحة الزهر، دانية القطوف!!
﴿ قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴾:
إنا لتائهون، لقد أخطأنا الطريق..
ولكنَّهم أعادوا النظر وأعادوا..
فإذا بالطريق هو الطريق..
وإذا بالجنة هي جنَّتُهم وقد احترقَتْ..
وقد حلَّ بها ما حلّ.
فاستفاقوا فقالوا:
﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾:
فالجنة جنتنا، ولكنَّا حُرِمنا لِعَزمنا على حرمان الفقراء المساكين، فالجزاء مِن جنس العمل.
نعم، ﴿ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 123].
فحينئذٍ ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾
تكلَّم العاقل فيهم الذي نصَحَهم في بداية الأمر، ولكنَّهم لم يستجيبوا له، فقال مذكِّرًا:
﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾:
ألم أذكِّرْكم من قَبل بقولي لكم:
﴿ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: هلاَّ قُلتم: "إن شاء الله".
ألم أقلْ لكم: اتَّقوا عذاب الله،
ألم أقلْ: لا تحرموا الفقراء والمساكين من حقِّهم، ألم أقل لكم: تَصدَّقوا على الفقراء كما كان يفعل أبونا؟!
وحينئذٍ عرَفوا أنَّ أباهم كان يَحمي أموالهم بالصَّدقات على الفقراء والمساكين،
وعرَفوا أنَّ الله بارك لأبيهم في هذه الجنة؛ لإخراجه حقَّ الفقراء،
وهم بسبب بُخْلهم ومَنْعهم حقَّ الفقراء والمساكين، عاقَبهم الله - تعالى - بهذه العقوبة.
فراح بعضهم يَلوم بعضًا:
أنت الذي كنتَ صاحبَ هذه الفِكرة..؟
والآخَر يقول: وأنت الذي وافقتَ عليها..
والثالث يقول: وأنتَ الذي شجَّعْتنا عليها...
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا
تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [القلم : 26 - 33].
واللهِ، إنها قصَّة تستحقُّ التأمُّل والتدبُّر، ..
فالله - تعالى - أراد مِن خلال هذه القِصَّة أن يقول:
يا أهل قريش:
مثلما جرَى العذاب على أصحاب الجنة،
سيَجري عليكم..
وسيجري على كلِّ أمَّة من الأمم تتكبَّر وتَمنع حقوق الفقراء والمساكين -
سيكون مَصِيرها كمصير أصحاب الجنَّة..
هكذا يعاقِب الله - عزَّ وجلَّ - مَن بَخِل واستغنى، وكلَّ مَن أضمر الشرَّ ونوى السوء.
أنا أروي لكم هذه القصَّة في هذه الجمُعةِ؛
- لأذكِّر الأغنياء بحقوق الفقراء والمساكين..
- لأذكِّر الأغنياء أنَّنا نعيش أياما صعبه.
اياماً انعدم على الكثير قوت يومهم.
نعيش اياماً اعْتاد فيه اليمنيون على إنتظار كرمكم وعطفكم..
هذا الايام يَنتظر الفقراء والمساكين؛ اهل الجود والكرم وأهل العطف والرحمة والموده والإحسان
لينالوا منكم حقوقَهم..
فهل ستحافظون على أموالكم منَ الضَّياع
والتَّلَف بإلانفاق منها،
أم ستتهَرَّبون كما تهرَّب أصحاب الجنة.
أنا أقول لكلِّ من يتهرَّب مِن إنفاق ماله وأداء زكاتة:
هل سمعتَ برجل تَدعو عليه الملائكةُ كلَّ صباح ومساء؟
وبماذا تدعو عليه؟
تدعو عليه بتَلَف ماله، ولماذا؟
لأنَّه لم يُخرِج زكاةَ ماله، ولم يُنفِق منه في سبيل الله.
اجعلْ في بالك تلك الساعةَ التي ستفارق فيها الدُّنيا، وستترك أموالك كلَّها..
وستتمنَّى ساعتَها لو ترجع إلى الدُّنيا؛
مِن أجْل أن تفعل شيئًا واحدًا، وهو أن تتصدَّق في سبيل الله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون : 9 - 11].
نعم احبابي رواد مسجد بلال:
قصَّة أصحاب الجنة ما هي إلا رسالة من الله - تعالى - يُذكِّر الناس فيها:
:: إنَّ كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله..
ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين..
فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله،
كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة.
:؛ وإنَّ كل أمَّة تَمنع الزكاة...
وكلَّ غنِيٍّ يَبخل بأمواله عن الفقراء..
وكل مَن يتفَنَّن في الهروب مِن إخراج الزكاة..
فعقوبتُه الهلاك والدَّمار، وضياعُ المال -
كما حصل لأصحاب الجنة.
< فيا أهلَ الأموال.
< ويا أهلَ الثِّمار.
< ويا أهلَ الكنوز.
< ويا من ملَكْتُم الدنيا.
تذَكَّروا أنَّ الله أنعَم عليكم بهذه النِّعم، فإيَّاكم وكُفرانَ هذه النِّعمة..
اشكروا الله، وأدُّوا ما فَرض عليكم، وتذكَّروا قوله - تعالى -:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].
أخطرُ لِباسين هما "الجوع والخوف"؛
لذلك قال - تعالى - لأهل قريش مذكِّرًا لهم بنِعمَتَين عظيمتين:
﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش : 3 - 4].
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاه عليه..
---------------------------------
اللهم اجعل ما اكتبه وما أعده وما انشره في سبيلك ومن أجلك ومن اجل رضاك ولأجل رحمتك ومغفرتك وعفوك ورضوانك ونعيمك وجنانك..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولأمي إلى ان ترث الارض ومن عليهاا...آآآآآآآمين.......
---------------------------------
اصحاب الجنه
(( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى -
تاااابع لنعمه المال-2 ))
إعداد وإلقاء الاستاذ/ احمد عبدالله صالح خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في 2017/2/11
ثم اما بعد :-
- اليوم بمشيئة الله تبارك وتعالى نعيش مره اخرى مع إحدى قصصِ القرآنِ التي تحكي عن نعمة المالِ وعن إنفاقِه وكيفيةِ تحصيلِه،
ومتى يكونُ المالُ نعمةً، ومتى يكونُ نقمة..
- قصةٌ ما أحوجَنَا إليها في زمنٍ غرتِ الكثيرَ الدنيا وزينتُها وبهجتُها.
- قصةٌ تغرسُ في نفوسِنَا رسالةً طالماً تغافلنا عنها، وما زالتْ تؤكدُ تلكَ الرسالةُ حقيقةَ الدنيا ونعيمَهَا،
وأنَّ علينا الحذرَ منَ الركونِ إليهَا،
والإغترارِ بِهَا..
- قصةٌ تحثُّنَاً على أنْ نجعلَ رضا اللهِ والتوكلَ عليهِ في كلِّ حالٍ نُصبَ أعيُنِنَا..
- قصةٌ تقولُ إنَّ منْ قدَّم شيئاً على طاعةِ اللهِ والإنفاقِ في سبيلِهِ وُكِلَ إليهِ وعُذِّبَ بِهِ،
ورُبَّمَا سُلِبَ منهُ معاملةً لهُ بنقيضِ قصدِهِ.
- القصة بحد ذاتها لها اثار جميله على النفس البشريه ولذلك كثر ورودها في الايات القرانيه كثيرا.
والسبب :
لانها تزرع في النفوس الخير بسهوله دون قصد وبدون شعور ..
وتتسلل منها معاني الخير في النفس
من حيث لايشعر صاحبها وبدون قصد ..
- هذه القصه تحدثنا عن خلق الشح والبخل
وما يلحق صاحبه من اللوم والحسرة في الدنيا والعقاب الشديد في الاخرة .
- هذه القصة فيها تسليه لرسوله حينما كذبه قومة وقد انعم الله عليهم ببعثه رسوله وانعم عليهم بنعمة المال والجاه والولد واطعمهم من جوع وامنهم من خوف ..
مع قصة يُواسِي الله بها نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -
ويُذكِّر بها القُرشيِّين ويُحذِّرهم من مغَبَّة أمرهم الذي هم فيه مِن شِرْك وضلال، وكفر وعناد.
- هذه القصة تُعلِّمنا درسًا عظيمًا:-
أنَّ مِن أسباب دوام النِّعم وازديادها،
ونموِّها والبرَكة فيها -
((الإحسانَ إلى خَلْق الله ))
ومن أسباب زَوال النعم وحلول النِّقم في الدنيا، فضلاً عن العذاب الشديد في الآخرة -
((الإساءة إلى خَلْق الله وظُلمهم)).
إنها قصة أصحاب الجنَّة،
الذين ابتلاهم الله بالخيرات والنِّعم.
هي عِبرةً ضربَها الله لأهل قريش،
الذين كفروا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أنَّ الله - تعالى - أنعم عليهم ببَعثته -
صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهم هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا،
وأنعم عليهم بالمال والجاه، والولَد والسِّيادة، وأطعمهم مِن جوع، وآمنَهم من خوف،
لكنهم لم يُقدِّموا لذلك شُكرًا؛
لذلك قال الله - تعالى -:
﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾ [القلم: 17]؛
أي: يا محمد، إنا بلَوْنا أهل قريش كما بلوْنا أصحاب الجنة.
فيا تُرى
ما هي قصَّة أصحاب الجنة الذين
وسَّعَ الله عليهم؟
وماذا كان موقِفُهم مِن الفقراء والمساكين؟
تعالَوا معي
لنتعرَّفَ على هذه القصة العظيمة،
والتي تَحمل في طِيَّاتها معانِيَ ساميةً،
وعِبرًا عظيمة، ولْنَسمع إليها:
في أرْض اليمن، بالتحديد في قرية يُقال لها: "ضَرَوان" على سِتَّة أميال من صَنعاء،
عاش أحدُ الصالحين الأغنياء،
وكان على دِينِ أهل الكتاب،
وكانت له جَنَّة فيها أنواع من الأشجار المثمِرة، وجداوِلُ الماء العَذْب تسقيها،
فتُعطي تلك الأشجارُ فواكهَ لذيذةً، وكثيرةً ومتنوِّعة.
وكان هذا الرجلُ الصالح لا يُدخِل بيتَه ثمرةً منها حتى يُقسّمَ الثمار ثلاثة أقسام:
- قسم للفقراء والمساكين،
- وقسم لأهل بيته،
-وقسم يردُّه في المحصول؛ لِيزرعَ به الأرض؛
لذلك بارك الله له في رِزْقه وعياله.
وعندما يأتي وقت قطف الثمار والحصاد
تُقبلُ إليه جماعات الفقراء،
فقد عودهم على ذلك كل عام،
فيعطيهم نصيبًا وافرًا، هذا يملأ مكتله،
وذاك يحمل في ثيابه.
إلا أن أبناءه لم يطيقوا صبرًا بما رأوا من والدهم، حيث رأوا مال أبيهم موزعًا بين الفقراء والمساكين، حتى أصبحوا هم والسائلون سواءً،
بل ربما كان هؤلاء أحسن منهم حالاً وأكثر بالجنة استمتاعًا،
فأنكروا على أبيهم ذلك فقال لهم:
ما أراكم إلا خاطئين في الوهم والتقدير،
ما هذا المال الذي تريدون أن تستأثروا به بمالي ولا مالكم،
إنما هو مال الله مكنني فيه وأمنني عليه،
على أن أنفقه في أكرم وجوه الخير وأنفعها لخلقه.
فللفقراء والمساكين حقهم، ولأبناء السبيل نصيبهم، وللطيور والبهائم طعامها.
وما بقى بعد ذلك فهو لي ولكم،
ذلك ما فعلته وعودته للفقراء، وأنفذت فيه حكم الله، والمال بهذا يزكو ويزيد، وقد تعودت على ذلك منذ شبابي، والزمتها رجلاً وكهلاً.
فكيف بي أن أتركها اليوم شيخًا كبيرًا فانيًا؟! فعلى مهلكم:
فشعري كما ترون قد شاب، وجسمي قد نحل، وعودي قد ذوى، والأسقام أخذت سبيلها إليّ،
ولن ألبث إلا قليلاً حتى ألقى الله.
وإنكم سترثون البستان والمال والنعيم والثمار، وأنتم بين أمرين:-
- إن أنفقتم فإن الله وعد من أنفق خلفًا،
- وإن بخلتم فإن الله أنذر ممسكًا تلفًا،
وله فيكم أمرٌ هو بالغه.
ثم لم يلبث الشيخ الكبير طويلاً حتى مات،
فووَرِثه بَنُوه وكانوا خمسة من البنين -
فحَملت جنَّتُهم في تلك السَّنة التي هَلَكَ فيها أبوهم حِملاً لم تكن حَملَتْه مِن قبل ذلك،
فراح الفِتية إلى جنَّتهم بعدَ صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرٍ ورِزقٍ فاضل،
لم يُعايِنوا مِثلَه في حياة أبيهم.
فلمَّا نظروا إلى الفضل طَغَوا وبَغَوا..
وقال بعضُهم لبعض:
لقد كان أبونا أحْمَق؛..
إذْ كان يَصرِف من هذه الثمار للفقراء،
دَعُونا نتعاهد فيما بيننا ألاَّ نُعطيَ أحدًا من فقراء المسلمين في عامِنا هذا شيئًا حتى نَستَغنِيَ وتَكثر أموالنا.
فرضِي بذلك منهم أربعة!
وسَخِط الخامس وكان أقربهم إلى أبيهم في الطبع وأحبهم إلى فعل الخير وقال لهم-:
لكنه سيقضي على بستانكم من جذوره،
إنكم لو حرمتم الفقراء والمساكين لا تأمنون منهم شرًّا واعتداءً..
وقد يثورون عليكم، امنحوهم حقهم،
واذهبوا مذهب أبيكم في إرضائهم،
وما بقي بعد ذلك فإن الله -عز وجل- ينميه ويبارك فيه.
ولكنهم صاحوا في وجهه:
لا تقترح شيئًا لا تملكه، وكف عنا نصائحك،
فلن تجد منا إلا آذانًا صماء.
استمر بنصَحَهم وتذكيرهم بأن يَسيروا على
ما سار عليه أبوهم؛ حتى يبارِكَ الله لهم في رِزقهم وجنَّتهم،
لكنَّهم بَطَشوا به، وضربوه ضرْبًا مبرحًا.
فراحوا إلى منازلهم، ثم أقْسموا على قَطْف ثمارِ مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئًا منها،
وتعاهَدُوا على ذلك، ورَفَعوا شعارًا:
"لا للفقراء بعدَ اليوم، لا للمساكين بعدَ اليوم،
لا للمحتاجين بعدَ اليوم".
:: لقد غفَل أصحاب الجَنَّة
عن أنَّ الله الذي يَسمع سِرَّهم ونجواهم،
وأنَّ الله علاَّمُ الغيوب،
:: لقد غاب عنهم أنَّ الله - سبحانه -
يُثِيب أصحابَ القلوب الطيِّبة،
الذين في قلوبهم رِقَّة ورَأفة ورحمةٌ للمؤمنين، ويرْحم الله من عباده الرُّحماءَ ويُثيبهم.
:: لقد غاب عن أصحابِ الجنة الذين يُدبِّرون ويُخطِّطون لحرمان الضعفاء والمساكين -
أنَّ الجزاء مِن جنس العمل؛
فمَن أكرَمَ الناس أكرَمه الله،
ومَن حرَمَهم حرَمه الله،
ومَن منعهم الخير منعه الله،
فجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مِثلُها.
تعالوا لنرى الذين أضمروا الشرَّ،
وعزَموا على حرْمان المساكين؛
تعالوا لنرى:-
ما الذي حدَث لجنَّتهم وبُستانهم وحديقتهم؟
﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا
أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]،
﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [الأعراف: 97].
يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ
إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
لاَ تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ
فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا
واسمع إلى كتاب الله وهو يُحدِّثنا عنهم:
﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17 - 18].
حتى كلمة "إن شاء الله" لم يقولوها.
- لَقَدْ بَيَّتُوا مَا بَيَّتُوا وَنَامُوا،
وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَنَامُ،
فقد كَانَ تَدْبِيرُ اللَّـهِ تَعَالَى أَسْرَعَ مِنْ مَكْرِهِمْ، فَعَاجَلَتْهُمُ الْعُقُوبَةُ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّذُوا خُطَّتَهُمْ،
وَيَمْنَعُوا المَسَاكِينَ حَقَّهُمْ..
وهم نائمون جاء القرارُ الإلهي
جاء القرار الرباني
جاء القرار الذي لا يرد
جاء القرار الذي لا معقب له
جاء القرار الذي لا يتأخر
جاء القرار النافذ والعاجل
وكم هي القرارات الالهيه التى أهلكت كل من انحرف عن منهج الله وكفر بدين الله وعادى أولياء الله وطغى بنعم الله وكفر بها...
- قرار سابق ما أسرعه من الملك القوي
(( لبني اسرائيل الذين اعتدوا في السبت))
( كونو قردهً خاسئين)
- وجاء القرار على قوم نوح الذين كذبوه
فقال(( ففتحنا ابواب السماء بماءٍ منهمر.......)
- ونزل القرار الرباني على قارون عندما نسى رازقه وخرج خروج الباغين
( فخسفنا به وبداره الارض.....)
- ونزل القرار الالهي بفرعون وجنوده
({فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ}.
- ونزل القرار في قوم سبأ
( فأرسلنا عليهم سيل العرم )
- وجاء القرار الالهي في اصحاب الفيل
((وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ}
- ونزل القرار الرباني في قوم عاد
{ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}
- ونزل القرار الالهي في قوم صالح
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَكَانُواْ
كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ}
- ونزل القرار الالهي في قوم لوط
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً
عِندَ رَبّكَ وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ}
- ونزل القرار الالهي في مؤمن اهل القريه الذي جاءهم ناصحا فرجموه حتى الموت
(( ان كانت الا صيحه واحده فإذا هم خامدون))
- وهاهو القرار النافذ ينزل في اصحاب الجنه الذين كفروا النعمه وتركوا وصيه ابيهم
قرار عاجل يقضي
((بتدمير جميع ثمار ذلك البُستان،))
﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20].
قيل:
إنَّ سيدنا جبريل - عليه السلام - اقتلعها،
وقيل: أصابتها آفةٌ سماوية، من ضريب ونحوه.
وقيل: إنَّ الله أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت.
قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن
﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾:
اصبحت رَّمَادِ اسْوَدِ،
محترقةً كالليل المظلِم".
وقيل موجة صقيع ضربت الجنه فقلعت نبتها وأسقطت ثمرها وجففت أوراقها وأعوادها،
يا الله!
أيُّ كارثةٍ هذه؟!
ان ينام الانسان وهو يملك الملايين،
ويستيقظ في الصباح ليجد نفسه لا يملك شيئًا!
- كم مِن إنسان في دنيا الناس اليوم
كان يَملِك ما يملِك، ولكن بسبب الذنوب والمعاصي والعقوق والعصيان والتعدي والأجرام ضاع كلُّ شيء..
- وكم من إنسان كان يملِك العقاراتِ والسيارات، ولكن عندما تعامل بالرِّبا وحارب ربه وخالقه ومعطيه ضاع كلُّ شيء..
- وكم من إنسانٍ كان يملك الملايين،
وعندما رفَض إخراج الزكاة من ماله،
ضاع هذا المال كله كما حصل لاهل الجنة ..
الذين رفضوا ان يعطوا ثلثها فذهبت الحديقه كلها .
فالله سبحانه ياكرام
قد يؤدب بذهاب مقدار الزكاه .
وبعضهم يؤدبه بذهاب نصف ماله.
وبعضهم يعاقبه بذهاب ماله كله .
وهذا بحسب حكمة الله الذي يعلم كيف يؤدب الشخص ..
وقد ورد في الأثر يقول الله :-
(إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك ..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك ..
وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك ..
وإني أُدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير.)..
وأخرج ابنُ أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:
قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إيَّاكم والمعاصي:
فإنَّ العبد لَيُذنب فيَنسى به البابَ من العِلم،
وإنَّ العبد ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام اللَّيْل،
وإن العبد ليذنب الذنب فيَنسى فيُحرَم به رزْقًا قد كان هُيِّئ له،
ثم تلا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20]
قد حُرِموا خيرَ جنَّتهم بذنبهم.
اقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم،،،،
الخطبه الثانيه :-
ثم امابعد ايها الأحباب الكرام:
وفي الصباح الباكر (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ )
نادَى بعضُهم على بعضٍ
أنْ هلُمُّوا لتنفيذ المخطَّط الذي أجمعوا كلمتَهم عليه..
ثم تحرَّكوا في تسَتُّر وصمت كاملَيْن؛
حتى لا يُدرِكَهم أحد من الفقراء والمساكين، فيتبعهم إلى البستان؛
أمَلاً في الحصول على شيء مما يجمعون،
كما كانوا ينالُون ذلك على زمان أبيهم مِن قَبلُ.
يتنادون فيما بينهم
﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ﴾:
اخْرُجوا إلى جنَّتكم صباحًا مبكِّرين..
﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴾:
إن كنتم تريدون اجتناءَ الثَّمر.
﴿ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾:
انطلقوا وبعضهم يُحدِّث بعضًا في السِّر والخفاء؛ حتى لا يَسمع بهم أحد..
انطلَقوا فَرِحين مسرورين مستبشِرين،
يُوصي بعضُهم بعضًا
﴿ أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾!
- الآن سنذوق ثمارنا التى حُرمنا منها كثيرا.
- الآن سنجتني ثمرةَ جنتنا ونستحوذ عليها..
- الآن لن يشارِكَنا فيها أحد.
﴿ وَغَدَوْا ﴾:
انطلقوا في الصباح الباكِر
﴿ عَلَى حَرْدٍ ﴾:
على جِدٍّ وحرْص وتعمُّدٍ لحِرْمان الفقراء والمساكين.
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا ﴾:
لمَّا سلكوا الطريقَ، طريق جنَّتهم ووجدوها قد حلَّ بها ما حلّ، ونزل بها ما نزل، ظَنُّوا أنهم أخطَؤوا الطريق، وأنَّ هذه الجنة ليست بجنتهم.
فأخذوا يتساءلون:
أهذه جنتنا؟! وقد تركناها بالأمس مورقة الشجر، جارية الماء، فواحة الزهر، دانية القطوف!!
﴿ قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴾:
إنا لتائهون، لقد أخطأنا الطريق..
ولكنَّهم أعادوا النظر وأعادوا..
فإذا بالطريق هو الطريق..
وإذا بالجنة هي جنَّتُهم وقد احترقَتْ..
وقد حلَّ بها ما حلّ.
فاستفاقوا فقالوا:
﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾:
فالجنة جنتنا، ولكنَّا حُرِمنا لِعَزمنا على حرمان الفقراء المساكين، فالجزاء مِن جنس العمل.
نعم، ﴿ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 123].
فحينئذٍ ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾
تكلَّم العاقل فيهم الذي نصَحَهم في بداية الأمر، ولكنَّهم لم يستجيبوا له، فقال مذكِّرًا:
﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾:
ألم أذكِّرْكم من قَبل بقولي لكم:
﴿ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: هلاَّ قُلتم: "إن شاء الله".
ألم أقلْ لكم: اتَّقوا عذاب الله،
ألم أقلْ: لا تحرموا الفقراء والمساكين من حقِّهم، ألم أقل لكم: تَصدَّقوا على الفقراء كما كان يفعل أبونا؟!
وحينئذٍ عرَفوا أنَّ أباهم كان يَحمي أموالهم بالصَّدقات على الفقراء والمساكين،
وعرَفوا أنَّ الله بارك لأبيهم في هذه الجنة؛ لإخراجه حقَّ الفقراء،
وهم بسبب بُخْلهم ومَنْعهم حقَّ الفقراء والمساكين، عاقَبهم الله - تعالى - بهذه العقوبة.
فراح بعضهم يَلوم بعضًا:
أنت الذي كنتَ صاحبَ هذه الفِكرة..؟
والآخَر يقول: وأنت الذي وافقتَ عليها..
والثالث يقول: وأنتَ الذي شجَّعْتنا عليها...
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا
تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [القلم : 26 - 33].
واللهِ، إنها قصَّة تستحقُّ التأمُّل والتدبُّر، ..
فالله - تعالى - أراد مِن خلال هذه القِصَّة أن يقول:
يا أهل قريش:
مثلما جرَى العذاب على أصحاب الجنة،
سيَجري عليكم..
وسيجري على كلِّ أمَّة من الأمم تتكبَّر وتَمنع حقوق الفقراء والمساكين -
سيكون مَصِيرها كمصير أصحاب الجنَّة..
هكذا يعاقِب الله - عزَّ وجلَّ - مَن بَخِل واستغنى، وكلَّ مَن أضمر الشرَّ ونوى السوء.
أنا أروي لكم هذه القصَّة في هذه الجمُعةِ؛
- لأذكِّر الأغنياء بحقوق الفقراء والمساكين..
- لأذكِّر الأغنياء أنَّنا نعيش أياما صعبه.
اياماً انعدم على الكثير قوت يومهم.
نعيش اياماً اعْتاد فيه اليمنيون على إنتظار كرمكم وعطفكم..
هذا الايام يَنتظر الفقراء والمساكين؛ اهل الجود والكرم وأهل العطف والرحمة والموده والإحسان
لينالوا منكم حقوقَهم..
فهل ستحافظون على أموالكم منَ الضَّياع
والتَّلَف بإلانفاق منها،
أم ستتهَرَّبون كما تهرَّب أصحاب الجنة.
أنا أقول لكلِّ من يتهرَّب مِن إنفاق ماله وأداء زكاتة:
هل سمعتَ برجل تَدعو عليه الملائكةُ كلَّ صباح ومساء؟
وبماذا تدعو عليه؟
تدعو عليه بتَلَف ماله، ولماذا؟
لأنَّه لم يُخرِج زكاةَ ماله، ولم يُنفِق منه في سبيل الله.
اجعلْ في بالك تلك الساعةَ التي ستفارق فيها الدُّنيا، وستترك أموالك كلَّها..
وستتمنَّى ساعتَها لو ترجع إلى الدُّنيا؛
مِن أجْل أن تفعل شيئًا واحدًا، وهو أن تتصدَّق في سبيل الله:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون : 9 - 11].
نعم احبابي رواد مسجد بلال:
قصَّة أصحاب الجنة ما هي إلا رسالة من الله - تعالى - يُذكِّر الناس فيها:
:: إنَّ كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله..
ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين..
فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله،
كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة.
:؛ وإنَّ كل أمَّة تَمنع الزكاة...
وكلَّ غنِيٍّ يَبخل بأمواله عن الفقراء..
وكل مَن يتفَنَّن في الهروب مِن إخراج الزكاة..
فعقوبتُه الهلاك والدَّمار، وضياعُ المال -
كما حصل لأصحاب الجنة.
< فيا أهلَ الأموال.
< ويا أهلَ الثِّمار.
< ويا أهلَ الكنوز.
< ويا من ملَكْتُم الدنيا.
تذَكَّروا أنَّ الله أنعَم عليكم بهذه النِّعم، فإيَّاكم وكُفرانَ هذه النِّعمة..
اشكروا الله، وأدُّوا ما فَرض عليكم، وتذكَّروا قوله - تعالى -:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].
أخطرُ لِباسين هما "الجوع والخوف"؛
لذلك قال - تعالى - لأهل قريش مذكِّرًا لهم بنِعمَتَين عظيمتين:
﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش : 3 - 4].
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاه عليه..
---------------------------------
اللهم اجعل ما اكتبه وما أعده وما انشره في سبيلك ومن أجلك ومن اجل رضاك ولأجل رحمتك ومغفرتك وعفوك ورضوانك ونعيمك وجنانك..
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولأمي إلى ان ترث الارض ومن عليهاا...آآآآآآآمين.......
---------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق