السبت، 27 أكتوبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
[ حقّ الابناء على الابآء ]
        السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                         الخطبه {{ 18 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  26 أكتوبر 2018 م
الموافق  10 صفر 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ        
ايها الأحباب الكرام :
لجمعتين متتاليتين تحدثنا فيها عن برِ الوالدين
وعن هذه العباده وهذا العمل الذي يحبه الله
ودعونا فيها كل الابناء والبنات الى طاعه الوالدين وبرِهم والإحسان اليهم لانها من حقوق الاباء والأمهات عليهم كأبناء ..
واليوم من باب العدل والإنصاف نوجه نداءً للآباء والأمهات اقول لهم فيه :
كَمَا عَلِمْتم حُقُوقَكم ايها الاباء والأمهات وكما علمتم وَاجِبَ بِرِّكم وَطَاعَتِكم، فِي الْخُطْبَ التى سّبِقَت، فإن عليكم اليوم ان تعلموا أَنَّ لِلأَوْلادِ حُقُوقًا يَجِبُ عَلَيْكمْ أَدَاؤُهَا، وَآدَابًا يَلْزَمُكُم الْقِيَامُ بِهَا..
فالابناء هم ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، وَنَحْنُ لَهُمْ سَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَأَرْضٌ ذَلِيلَةٌ..

 الأبناء هم أمنيةُ الأنبياء والأولياء والصالحين
اخبرنا الله تعالى عن ذلك في كتابه وهاك بيانه:
فقال عن أمنية زكريا عليه السلام :
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].
وقال عن أمنية إبراهيم عليه الصلاة وسلام :
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 9]

فيجب علينا إذا حرصنا على الذرية ألا نحرص عليها لمجردِ أن نكون آباء وأن يكون لنا أبناء،
بل يجِبُ أن يكون حرصنا على صلاح الذرية
وأن تكون ذريةً طيبة صالحة وان يكون دعاءنا لربنا كدعاء عباد الرحمن :
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

الأولاد يا ايها الكرام :
أمانةٌ في أيدي الوالدين يُسألان عما صنعاه في تربيتهم ومختلف شئونهم بين يدي الله رب العالمين...
يقول سيّدُ البشريه ومعلم الانسانيه صلي الله عليه وسلم لما رواه ابن حبّان :
" إنّ الله سائلُ كُلُّ راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيته” .
فإن ربّي الأب الولد وعوده الخير وعلمه وارشده نشأ عليه وسعد به في الدنيا والآخرة وإلا فقد هلك وشقي وكان الوزر في رقبة والديه..
 والذي ينظر إلى تعاليم الإسلام يجد أن الإسلام نظر إلى الولد وهو لا يزال نطفة في علم الغيب إلى أن يصير شاباً ورجلاً يافعاً يقدر على الجهاد في معترك الحياة …

من هنا أوجب الإسلام علي الآباءِ حقوقاً للأبناء وبين وسائل وسبل معينة على تربية الأولاد،
 وأمور يَجدرُ بنا مراعاتها، وينبغي لنا سلوكَها مع فلذاتِ الأكباد، ومن هذة الحقوق التى يجب على الاباء أداؤها ما يلي :
 = أن يختار لهم أمّاً صالحةً لا يُعيّرونَ بها :
لأن الأم الصالحة مثلُ الأرض فإن كانت طيبةً صالحة فطيبٌ نبتها وإن كانت خبيثة فخبيثٌ نبتها..
وديننا وشريعتنا السمحاء اهتمت بهذا الاختيار وبهذا الجانب اهتماماً كبيراً لان :
الأم مدرسة أذا أعددتها
                          أعددت شعباً طيّبَ الاعراقِ
الأمُ روضٌ إن تعهدَ الحيا
                               بالريِ أورق أيُّماً إيراقِ

الأمُ أستاذُ الأساتذةِ الأُلى              
                           شُغلت مآثرهم لدى الآفاقِ
من لى بتربيةِ النساءِ فإنها
                         في الشرقِ علةُ ذلك الإخفاقِ
يقول صلي الله عليه وسلم كما اخرجه مسلم  :
” الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة “
والعناية باختيار الزوجة الصالحة من الأمور التي يوصي بها الإسلام ويشدد عليها فلا يليق بالإنسان أن يقدم على الزواج إلا بعد استخارة الله عزوجل واستشارة أهل الخبرة والمعرفة ..!

يقول الحسن البصري لأولاده وهو يحتضر على فراش الموت :
 ” يا أولادي لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وأحسنت إليكم قبل أن تولدوا قالوا : يا أبانا لقد أحسنت إلينا صغاراً وأحسنت إلينا كباراً وعرفنا ذلك فكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد قال :
لقد اخترت لكم أماً صالحة اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها”.
وأنشد الرياشي لأولاده :            
فأولُ إحساني إليكم تَخيّري
                      لماجدةِ الأعراقِ باد عفافها
 فهو يقول لهم أنني أول شيء أحسنت إليكم به: أنني اخترت لكم أماً صالحة ...
الأم الصالحه والزوجة الصالحه التى تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر وتحفظه إذا غاب..
"فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه
 فهناك امرأةٌ تكون نعمة وأخرى تكون مصيبة ونقمه وأخرى تكون كارثه وشر ووبال ودمار وهلاك..
 إذا دخل عليها الزوج سبَّته ، واذا خرج من عندها لعنته وقبحته ، وإذا غاب عنها خانته..

يعيش الزوج معها في هموم وغموم ونكد وغصص
نكّارة للجميل ونكّارة للمعروف وتنسى كل موقف ..
لو قدم لها الزوج ماقدم من غالي ونفيس ففي أدنى مشكله واتفه موقف تتنكر لكل شيء..
وصدق رسولنا حيث قال كماجاء للدار قطني
”  إياكم وخضراء الدمن : قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء “.

أما خير النساءِ وافضلهنّ فهنّ اللاتي قال عنهنّ
النبي صلي الله عليه وسلم كما روى النسائي وغيره بسند صحيح  :
” خير النساء من إذا نظرتَ إليها سرتك , وإذا أمرتها أطاعتك , وإذا قسمت عليها أبرتك , وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك “

والأفضل منهنّ ما أكد ذلك حبيبنا في حديثه كما روى البخاري ومسلم :
 “تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها وحسبها ثم اختتم بقوله ولدينها ...؟
-ذات الدين التى تُقدَّر الحياة الزوجيه بمافيها من سعادة وحزن وضيق وسعه وكرب وفرج .
- ذات الدين التى تقدر الزوج وتحترمه وتصونه وتحفظه وتطيعه .
- ذات الدين التى هي في العسر واليسر سواء
- ذات الدين الصابره المحتسبه..
- ذات الدين الصائمه المصليه القائمه .
- ذات الدين التى ترضى بالقليل .
- ذات الدين التى لاتُقلّد غيرها ولاتؤنب زوجها.
- ذات الدين التى لاتنسى المعروف ولاتنكر الجميل.
هذه العابده التقيه المتدينه قال عنها الرسول في اخر حديثه :
" فاظفر بذات الدين تربت يداك “.
ولذلكم /                                
الزوجة هي أمُّ الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها،..
وعلى الشخص والعازم على الزواج حُسنُ الاختيار واستشاره من سبقه في ذلك ..
يقول صلي الله عليه وسلم كما روى ذلك ابن ماجه وابن حبّان :
” تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”
ويقول أكثم بن صيفي لولده :
“يا بني لا يحملنكم جمالُ النساءِ عن صراحةِ النسب؛ فإن المناكحَ الكريمة مدرجة للشرف”.

امّا من ناحية المرأة فلها كذلك أن تختار الرجل الصالح والزوج الصالح وكذلك أوليائها معها يشاركونها في هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وسلم قال :
 "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض".

اما اولئك الاباء الطمّاعون الذين اصبحت البيوت بسبب جشعهم تمتليء بالبنات العانسات .
والذين يرون من بناتهم سلع يتاجرون بهن ويزايدون فيهنّ وكأنهم في سوق يبيع سياره او فله او قطعه ارض ، ومن قدم الأكثر فهو المقبول ولربما زوجها لشخص فاجرٍ بسبب ثراءه او لمجرم عربيد لغناه...
هولاء سيسئلون ويوم القيامه سيعضون على أنامل الندم وستتعلق بناتهم برقابهم يوم ان تقدم لهنّ الصالح المصلي الراكع الساجد التقي النقي صاحب الخلق والدين فرده ورفضه ..!
ويوم ان تقدم صاحب الملايين والكنوز قبله بلا بحثٍ عنه او سؤال او تحري عن اخلاقه وطبعه.

- وليسمع من يجعل من بناته سلعه رخيصه تباع لإشباع غريزته و إرواء طمعه وجشعه يقول عليه الصلاه والسلام : "مَنْ عَالَ ثَلاَثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ، وَزَوَّجَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ الْجَنَّةُ".

ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تسميتهم بأسماء حسنة :
أسماء إسلامية عربية حسنة، وأن يحذروا من تسميتهم بالأسماء الممنوعة، أو الأسماء المكروهة، أو المشعرة بالقبح، فالأسماء تستمر مع الأبناء طيلة العمر، وتؤثر بهم، وبأخلاقهم.
قال صلى الله عليه وسلم لمارواه ابو داود:
"إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ".
يقول ابن القيم رحمه الله -:
 "فَقلَ أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل :
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقبٍ
                       إلا ومعناه لو فكرت في لقبه
 والله سبحانه بحكمته, في قضائه وقدره يُلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها؛ لتُناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها.

قال أبو الفتح ابن جني :                
ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه، ثم أكتشفه، فإذا هو ذلك بعينه، أو قريب منه.
 وما أجملَ قول البيحاني في منظومته :
سمِّ الذي جئتَ به محمدا
                    أو طاهراً أو مصطفى أو أحمدا
نعم وإن شئت فعبدُ اللهِ
                           لكي يعيشَ تحت لطفِ اللهِ
والبنت سميها بأمِ هاني
                           لا باسمِ فيروزَ ولا اسمهانِ
 - ولقد كان صلى الله عليه وسلم يُغيّر الأسماء غير الجميلة إلى أسماء جميلة، ويأمر بذلك ..
فمما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لمارواه مسلم
عن ابن عمر رضى الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية قال:« أنت جميلة »..
 وعن أسامة بن أخدرى :                
أن رجلاً من بنى شقرة يقال له (اصرم)وكان في النفر الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بغلام له حبشي اشتراه من تلك البلاد فقال :
 يا رسول الله إني اشتريت هذا وأحببت أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال: ما اسمك أنت قال :
أنا أصرم، قال: بل أنت زرعة، قال: ما تريده قال أريده راعياً، فقال: هو عاصم هو عاصم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم  كفه.

وفي الصحيح عن سعيد بن المسيب رحمه الله
 عن أبيه عن جده قال: أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟"
قال: حزنٌ. قال: "أنت سهلٌ"
قال: لا أغيرُ اسماً سَمّانيه أبي !!
قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد" !!.

وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه فطلب الخليفه الفاروق بأحضار الولد .
فلما وقف الولد عند الخليفه عمر أخذ الخليفه عمر يُأنّبُ الولد على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه عليه، فقال الولد :
يا أمير المؤمنين أليسَ للولدِ حقوقٌ على أبيه؟
 قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟.
 قال عمر: أن ينتقي أمّه ويُحسنَ اسمه ويُعلّمه الكتاب أي "القرآن ".
قال الولد: يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجيّة كانت لمجوس...
وقد سمّاني جُعْلاً أي " خنفساء " ..
ولم يعلّمني من الكتاب حرفاً واحداً.
فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقّك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك...

ومن حقوق الابناء على الابآء :
= غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم :
 فيحرص الوالد على تربية أولاده على التقوى، والحلم، والصدق، والأمانة، والعفة، والصبر، والبر،والصلة، والجهاد، والعلم؛ حتى يَشُبّوا متعشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، ومكارمِ الأخلاق.
كذلك يُمنع الولد من الحلف رأساً صادقاً أم كاذباً حتى لا يتعود على ذلك وإذا كان لآبد فليتعلم أن يحلف بالله عزوجل والرسول الكريم كما في المتفق عليه يقول :
” من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ” ..

- كذلك تجنيبهم الأخلاق الرذيلة، وتقبيحها في نفوسهم :
 فيُكرّهُ الوالدُ لهم الكذب، والخيانة، والحسد، والحقد، والغيبة، والنميمة، والأخذ من الآخرين، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والجبن، والأثرة، وغيرها من سفاسف الأخلاق ومرذولها ..
حتى ينشأوا مبغضين لها، نافرين منها.

- كذلك تعليمهم الأمور المستحسنة، وتدريبهم عليها: كتشميت العاطس، وكتمان التثاؤب، والأكل باليمين، وآداب قضاء الحاجة، وآداب السلام ورده، وآداب الرد على الهاتف، واستقبال الضيوف، والتكلم بالعربية وغير ذلك.
فإذا تدرب الولد على هذه الآداب والأخلاق، والأمور المستحسنة منذ الصغر ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا فإنه يقبل التعليم والتوجيه، ويشب على ما عُوّدَ عليه كما قيل : وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منا
                           على ما كان عودهُ أبوه
وكما قيل :
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
                        ولا يلين إذا قومته الخشب
وكما قال صالح بن عبد القدوس :
وإن من أدبته في الصبا
                       كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه ناضرا مورقاً
                         بعد الذي قد كان من يبسه
فالمربي كالطبيب الحاذق الماهر الذي يعرف العلة ويصف لها الدواء ولآبد من المراقبة الفعلية لقوله صلي الله عليه وسلم لما رواه أبو داود والترمذي:
 “ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه “

ومن حقوق الابناء على الابآء :          
= رعايتهم وجدانياً وعاطفياً :
 وذلك بالإحسان إليهم ورحمتهم، وملاعبتهم وملاطفتهم ..
لاتكن يا ايها الاب ولا انتي ايتها الام صاحب وجهٍ عبوس ، صاحبَ وجهٍ غاضب  مكفهر
لا تعرف الا لغة القسوه والشده والتعامل بالعنف والزجر والغلظه والسوط والنهر والقهر ..
اولادك يحتاجون منك ابتسامتك ، يحتاجون منك الملاطفه والملاعبه والتسليه ..
وللأسف ان البعض يخرج عبوساً ويعود غاضباً
ليس له معه أولاده جلسه لسماعهم والتحدث معهم
ليعرف مع من يجلسون ومن اينّ أتوا واين ذهبوا وماذا يحتاجون وكيف عاشوا يومهم ..

وقد ورد في ذلك أن الرسول قَبَّل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع :
إنّ لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله فقال: "مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ".

وروى شداد بن الهاد عن أبيه قال :
خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدَّم رسول الله فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلَّى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، قال أبي:
فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلمَّا قضى رسول الله الصلاة قال الناس يا رسول الله :
إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك. فقال عليه الصلاة والسلام :
 "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ".

وروى أيضًا أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 "إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ".

ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تعويدهم الفرائض والعادات الحميدة :
ومنها تعويد الأبناء علىٰ أداء فرائض دينهم، وتربيتهم عليها منذ وقتٍ مبكرٍ، كي لا يشقَّ الأمر عليهم حين البلوغ أمر بالغ الأهمية ..
يقول صلي الله عليه وسلم لما روى ابوداود والحاكم :
” مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها  لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ”
هنا يأمر الولد بالصلاة لسبع سنين فإذا بلغ عشر يضرب عليها ثم بعد ذلك يفرق بينهما في المضاجع ..
كذلك تعويد الاولاد علي الصوم منذ الصغر ليتعلَّم منَ الصِّيام معني الإخلاص الحقيقي لله عزَّوجلَّ ومراقبته في السِّرِّ والعلانية.
- وبالصَّوم تقوى إرادة الطِّفل بحيث يتحكم في نفسه ويكون قادرًا على كبح جماحها، فيبتعد عنِ الطَّعام رغم الجوع، وعنِِ الشَّراب رغم العطش.
- وبالصِّيام يتربى الطِّفل على حبِّ النِّظام واحترام الوقت ودقَّة المواعيد.
- وبالصِّيام يتخلَّص الطِّفل من الأنانية والأثرة، ويتعود على الصَّبر والإيثار.
- وبالصِّيام يترقَّى شعور الأطفال وأحاسيسهم، فيشعرون بألم الجوع والعطش الَّذي يشعر به كثير من أطفال المسلمين في كثير من بقاع العالم
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل أحكامه وآدابه وسننه بشكلٍ عمليٍّ وهو أفضل طرق التَّعليم.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطَّفل خلق الأمانة والصِّدق والمراقبة الذَّاتيَّة، فهو ينمِّي في الطِّفل قيم السُّلوك الاجتماعيَّة الَّتي تهذِّب النَّفس وترقيها.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل منهج الثَّواب والعقاب، فيعلم أنَّ الطِّفل يثاب إذا أطاع الله، ويعاقب إذا ارتكب المعصية.

ومن حقوق الابناء على الاباء :
= النفقةُ عليهم :
 والإسلام كَفِلَ حقّ الأبناء في النفقة وأمر بها الآباء حتى يكبروا ويعملوا ويعتمدوا على أنفسهم، بل بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حري بالمسلم أن يترك لأولاده ما يستغنون به عن سؤال الناس وتكففهم.
 فعن عامر بن سعد، عن أبيه قال :
مرضت بمكة، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فقلت: إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي، أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير أو كبير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس، إنك لن تنُفقَ نفقةً إلا أُجرتَ فيها حتى اللقمة ترفعها في امرأتك.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول  -:
"كفى بالمرءِ إثماً أن يضيع من يقوت"
وفي روايه ( كفى بالمرء إثماً ان يضيع من يعول )

فكما تُحبُ ان يكون اولادكَ فكن انت إقبالاً وإدباراً فإنما الولدُ سِرُ أبيه :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطُّورِ: 21].

بَارَكَ الله لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
ومن حقوق الابناء على الابآء :          
= غرس العقيدة ويقظةُ الضمير :
أن يُربى الولد على عقيدة راسخة ويقظة ضمير وتعالوا إلى تعاليم الإسلام فالرسول صلي الله عليه وسلم  عندما يركب خلفه ابن عمه عبد الله بن عباس يجدُ أنّها فرصة لتعليمه العقيدة ..
يقول عبد الله بن عباس كنت رَدِفَ رسول الله صلي الله عليه وسلم  فقال لي :
”  يا  غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا توكلت فتوكل على الله واعلم أنه لو اجتمعت الأمة الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك واعلم أنه لو اجتمعت الأمة والإنس والجن على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك طويت الصحف وجفت الأقلام ” (الترمذي).

إنّه تعليمٌ عظيم من رسولٍ كريم لغلامٍ صغير!

والطفل يولد صفحه بيضاء وعلى الأب ان ينقش عليها مايشاء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَيُشَرِّكَانِهِ"-
ومن اهم مايجب على الوالد نقشه في أولاده
 هو غرسُ الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد ، بل هو أوجب شيء على الوالدين أن يحرصوا كل الحرص، على هذا الأمر، وأن يعاهدوه بالسقي والرعاية..
- كأن يعلم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها..
- وينمي في قلوبهم محبة الله عزوجل وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده..
- ويعلمهم أيضا أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء..
- ويُحبب له كل شيء عملياً وامام عينيه فاءذا وجد اسم الله على الارض رفعه أمامه لينشأ على تعظيم الله وحبِّ الله ..
- يصلي على رسول الله أمامه ويكثر من ذلك في حضوره لينشأ ويترعرع ويشبّ على حبِّ رسول الله وصحابته الكرام ..
- يسبح الله أمامه ويذكر الله أمامه ويقرأ كتاب الله أمامه ليعيش في روض الله وذكر الله وحبِّ الله.
 إلى غير ذلك من أمور العقيدة، وهكذا يوجههم إذا كبروا إلى قراءة كتب العقيدة المناسبة لهم.

ومن حقوق الابناء على الابآء :
= العدلُ بين الأبناء :
نعم أخوة الإسلام :
إنّ من الحقوق الواجبة للابناء أن نعدل فيما بينهم
ولذا جاء الشريعة تأمرنا بالعدل بينهم في الْهِبَات والاُعطيات وَالْمَحَبَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمْ؛ .. لما رواه الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" اعْدِلُوا بين أولادكم فى النِّحَل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر والعطف ."

ولاشك أنكم تعرفون القصة التى وردت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا أَيْ أَعْطَيْتُهُ غُلاَمًا كَانَ لِي.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟"، فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
 "فَأَرْجِعْهُ". وَفِي رِوَايَةٍ:
 فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟!"، قَالَ: لاَ.
فقال صلى الله عليه وسلم-:
 "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ".
وفي روايه انه قَالَ:
« فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّى لاَ أَشْهِدُ عَلَى جَوْرٍ »..

حتى العدل يا كرام مطلوبٌ على مستوى القبلات
ورد في هذا قصة لطيفة رواها البيهقي في شعب الإيمان :
 أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابنٌ له ذكر ..
فماذا صنع ؟!
قبّله وأجلسه في حجره،..
 ثم جاءت ابنةُ نفس الأب هذا فأخذها فأجلسها إلى جنبه.
إذاً الابن في حجره والبنت إلى جنبه..
الابن قبله والبنت لم يقبلها بل أجلسها إلى جنبه فقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(فما عدلت بينهما).
لان العدل أساسُ المحبةِ والألفة والموده .!
والظلم والجَور أساسُ البغض والحسد والحقد،

فالوالد الذي يُفضل بعض الأبناء على بعض قد جار في حكمه وعدله والقى بين أبنائه البغض والكراهية والانانيه والحقد وتوغر صدور بعضهم على بعض..
ولذلك حصل ما حصل بين يوسف وإخوته لأنهم:
﴿ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾

لذلك لا ينبغي أن يكون الوالد أو الوالدة في التصرفات والأعمال على تفضيل ولد على ولد وإنما يكون كل منهم على تقوى الله عزوجل فيحسنوا إلى الجميع سواء كان ذلك التفضيل من الجانب المعنوي أو الجانب الحسي المادي،
فإذا أعطى الابن شيئاً يعطي الأنثى كذلك.

ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعينٌ واجعلنا للمتقين اماماً ..
رَبِّنا هَبْ لِنا مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاه ومن ذريتنا ربنا وتقبل دعاء .
عِبَادَ الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]
فَأَكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ يُعْظِمْ لَكُمْ رَبُّكُمْ بِهَا أَجْرًا، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم-:
"مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ، وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين


الأحد، 21 أكتوبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
[ أحبُّ الاعمال الى الله .. بِرُّ الوالدين ] ( ٢ )
        السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                         الخطبه {{ 17 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  19 أكتوبر 2018 م
الموافق  3 صفر 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :              
تحدثنا في جمعةٍ سبقت حول عمل من احب الاعمال الى الله عزوجل وعن عبادةٍ فاضلةٍ كريمه قرن الله عزوجل عبادته بها ...
ورد ذلك في الحديث الذي في الصحيحين من حديث أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ اْلأَعْمَالِ أَحَبُّ إَلىَ اللهِ تَعَالىٰ ؟
قَالَ {الصَّلاَةُ عَلىٰ وَقْتِهَا ))
قلت : ثُمَّ أَي ؟
 فقَالَ عليه الصلاة والسلام :  بِرُّ اْلوَالِدَيْنِ )
           ( انها بِرُّ الوالدين  )
وفضلُ الوالدين كبيرٌ، وإحسانُهما سابقٌ عظيمٌ، تذكَّرْ رعايتَهُما لك حالَ الصِّغَرِ، وضَعفِ الطفولةِ.
فقد حملتْك أُمُّك يا عبدَ اللهِ في أحشائِها تسعةَ أشْهُرٍ، وهناً على وهنٍ، حملتك كُرْهاً ووضعتك كُرْهاً.
وعند الوضع رأت الموت بعينها ولكن لما رأتك بجانبها زالت آلامها، وعلّقت فيك جميعَ آمالها.
رأت فيك البهجة والسعادة والحياة ، ثم شُغلت بخدمتك ليلها ونهارها،.
تُغذيك بصحتها .طعامك لبنُها. وبيتك حِجرُها. ومركبك يداها وصدرها وظهرها تُحيطك وترعاك .

تجوعُ هي لتشبع أنت . وتسهر الليل لتنام أنت.
فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة.
إذا غابت عنك دَعوتَها، وإذا أعرضت عنك ناجيتها، وإذا أصابك مكروه استغثت بها .
تحسب كل الخير عندها، وتظن أن الشر لا يصل إليك إذا ضمتك إلى صدرها أو لحظتك بعينها..
وحيا من قال عنها :
لأمك حق لو علمت كبـــير
                            كثيرك يا هذا لديه يســيرُ
فكم ليلة باتت بثقلك تشتــكي
                            لها من جواها أنّة وزفيــرُ
وفي الوضع لو تدري عليها
              مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك اللأذى بيمينها
                          وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك مما تشتكيه بنفسهــا
                          ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها
                         حنواً وإشفاقاً وأنت صغير
فآهٍ لذي عقل ويتبع الهــوى
                       وآهٍ لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها
                            فأنت لما تدعو إليه فقــير
              فهذه هي حالُ أمِّك.
- اما ابوك فإن كنت ناسياً فلا تنس انشغالَه بك وبصلاحِك ومستقبلِك وهمومِك.
- أما أبوك فتذكَّر كَدَّه وسعيَه وتنقُّلَه وسفرَه، وتحمُّلَه الأخطار والأكدار بحثاً عن كل ما تصلح به معيشتُك..
- اما ابوك فهو الذي يسعى من أجلك، ويدفع عنك صنوفَ الأذى، ينتقل في الأسفار.  ويَتَحمْلُ الأخطار بحثاً عن لقمة العيش، لينفق عليك ويصلحك ويربيك.
إذا دخلت عليه هش. وإذا أقبلت إليه بش،
 وإذا خرج تعلقت به، وإذا حضر احتضنك..
ومن الإجحاف ان يبادل الولد احسان والده له بالإساءة إليه ..
كحال أحد الآباء حين قال معبراً في عتاب ولده :
غذوتك مولوداً وعلتك يافعـاً
                             تعلُ بما أحنو عليك وتنهل
إذا ليلةٌ ضافتك بالسقمِ
                    لم أبَتْ لسقمكَ إلا ساهراً أتململ
كأنّي أنا المطروقُ دونَكَ بالذي
                        طُرقت به دوني فعيناي تهمل
تخافُ الردى نفسي عليك
                   وإنني لأعلم أن الموتَ وقتٌ مؤجل
فلما بلغت السنَ والغايةِ
                 التـي إليها مدى ما كنتَ فيك أؤمل
جعلت جزائي فظـاظةً وغلظةً
                             كأنّك أنت المنعمُ المتفضل
فليتك إذ لم ترعَ حق أبـوتي
                        فعلت كما الجارُ المجاورُ يفعل
فأَوْلَيْتَني حقَّ الجُوارِ ولم تكنْ  
                          عليَّ بمالي دونَ مالِك تبخلُ

فهذان هما والداك، وتلك هي طفولتك وصباك،
فلماذا التنكر للجميل؟ وعلام الفظاظة والغلظة ؟
ولأجلِ ماذا العقوق والعصيان والقطيعه والهجران والتضايق والحرمان لهما وأنت كبير ؟
أفلا يستحِقَّان منك البرَّ والإحسانَ والعطفَ والحنانَ؟!
    بلى، والله إن ذلك لمن أعظمِ الحقوقِ.

احبابي الكرام روّاد مسجد بلال بن رباح :
لبرّ الوالدين ثمرات كثيرة يجنيها البار لوالديه في عاجل الامر وآجله في الدنيا والاخره ولعلى سأقف معكم مع بعض هذه الثمار ...
فمن ثمار بر الوالدين الاخرويه والآجله أن البار بوالديه يكسب رضا الله تعالى وهو ما نسعى إليه دائمًا.
كمايحظى البار بوالديه بمنزلة عظيمة فيكون في رفقة الأنبياء والشهداء.
ومن الثمار الاخرويه والآجله لبر الوالدين  :
= قبول الأعمال ودخول الجنة :
ففي سورة الأحقاف آيات تحدثت عن صنف من الناس عرف حق الله تعالى عليه فشكره، وعرف حق والديه فأحسن إليهما وأطاع أمرهما، واجتهد في برهما، وعرف حق ذريته فأحسن تربيتها ودعا لها بلإصلاح والتوفيق، وسأل الله تعالى التوبة والمغفرة، فتقبل الله عمله، وغفر له ذنبه، ووعده بالجنة، قال الله تعالى:
 ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ) ...

اما الثمار الدنيويع والعاجله لبِرُّ الوالدين :
= الزيادة في العمر والبركة فيه :
ويؤيد هذا ما قاله عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف الذي رواه احمد من حديث أنس رضي الله عنه :
{من سرّه أن يُمدّ له في عمره، ويُزادَ له في رزقه فليبرّ والديه وليصل رحمه} ..
اي يبارك الله في عمر البار بوالديه ويؤخر له في أجله، وينفي عنه الآفات في بدنه وعقله وماله وأهله ويُعينه ويوفقه، ويهديه ويسدده، ويُحصِّل من الخير والأجر، والعزة والكرامة في الدنيا والآخرة، ما لا يُحصِّلُه صاحب القطيعة والعقوق، ولو كان عمره أضعاف عمر البار بوالديه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 {من برّ والديه طوبى له زاد الله في عمره}..
وقال عليه الصلاة والسلام :      
 {وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر}
فما أحلى الحياة إذا طال فيها العمر، وكثر فيها المال الحلال..!
وما أهنأ العيش إذا رافقته طمأنينةُ النفسِ وراحةَ الضميرِ ومحبةِ الناس.!

ومن الثمار الدنيوية والعاجله  لبِرُّ الوالدين :
= أن الله يجعل للبار بوالديه لسان صدق وثناءٍ وحمد، فيرتفع ذكره ويشتهر فضله في حياته وبعد مماته، ولا يضمحل أثره بمجرد موته كما هو الحال في العاق ..
وهذا الذكر والثناء للإنسان هو عمر ثاني،
ولا يزال الإنسان معمرًا ما دام ذكره الحسن باقيًا. وقد صدق القائل :
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةً لـه                
                       إن الحياةَ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها  
                      فالذكر للإنسان عمرٌ ثاني  

وكم من أناسٍ لا يزالون أحياء يُذكرون بالخير، وآثارهم شاهدةً على مكانتهم وفضلهم، وهم تحت أطباقِ الثرى من مئاتِ السنين.
بينما آخرون لا يزالون يعيشون على ظهر الأرض وهم في عداد الموتى، بسبب سقوط القدر وخمول الذكر. يقول ابن القيم :
 " ومن أعظم نعم الله على العبد:
 أن يرفع له بين العالمين ذكره، ويعلي قدره "
ولهذا خص أنبياءه ورسله من ذلك بما ليس لغيرهم، كما قال تعالى:
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ* إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}  [ص:45ـ46]
أي: خصصناهم بخصيصة، وهو الذكرُ الجميل الذي يُذكرونَ به في هذه الدار، وهو لسانُ الصدق الذي سأله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام
حيث قال: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }
وقال سبحانه وتعالى عنه وعن بنيه :
 {وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً }[مريم 50]
وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم ـ:
{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } [الشرح 4]
 فأتباع الرسل لهم نصيب من ذلك بحسب ميراثهم من طاعتهم ومتابعتهم، وكل من خالفهم فإنه بعيد من ذلك بحسب مخالفتهم ومعصيتهم".

ومن الثمار الدنيوية والعاجله لبِرُّ الوالدين :
= مغفرة وكفارة الذنوب والمعاصي وقبولِ التوبة :
روي عن يحيى بن أبي بكر، قال:
لما قدم أبو موسى الأشعري وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلما، قال :
{ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟ قالوا: تركناها في أهلها، قال: فإنه قد غُفِر لها..
قالوا بما يا رسول الله؟ قال :
كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءها النذير،
 إن العدو يريد أن يغير عليكم، فجعلت تحملها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها ثم ألزقت بطنها ببطن أمها، وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت} ..

وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي يقول ابن عمر رضي الله عنهما أتى رجلٌ الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله!
 إني أصبت ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟
قال: هل لك من أم؟
قال: لا.
قال: هل لك من خالة؟
قال: نعم.
قال: فبرها "

وجاء عند البخاري في الأدب المفرد وإسناده صحيح على شرط الشيخين :
 [أن ابن عباس أتاه رجل، فقال: إني خطبت امرأة، فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري، فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أأمك حية؟ قال: لا.
قال: تب إلى الله عزوجل، وتقرب إليه ما استطعت، فذهب الرجل وانصرف ..
قال فسألت ابن عباس : لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عزوجل من بر الوالدة]
وهي جناية قتل والدماء ليست سهله ومع ذلك
بر الوالدين يقوم مقام الكفاره لهذه الجنايه ..

وجاء عن عائشة رضي الله عنها في قصة المرأة التي عملت السحر في دومة الجندل ، وقدمت المدينة تسأل عن توبتها، تقول عائشة :
[فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
لأنها جاءت على وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت تستفتي عن الكفارة، تقول عائشة : [لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها أي: بالجواب حتى إني لأرحمها تبكي،
فروت قصة السحر وهي تقول لـعائشة :
إني لأخاف أن أكون هلكت، سُقِطَ في يدي وندمت، والله يا أم المؤمنين ! ما فعلت شيئاً قط ولا أفعله أبداً..
تقول عائشه فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذٍ متواترون، فما دروا ماذا يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلم، إلا أنهم قالوا: لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكانا يكفيانك] ..
وجوّد ابن كثير إسناده عند ابن أبي حاتم.

ومن الثمار الدنيوية والعاجله لبِرُّ الوالدين :
= أن البار والمحسن إلى والديه يحظى بأجر يعادل أجر من يجاهد في سبيل الله تعالى أو من يحج ويعتمر إلى بيت الله الحرام.
جاء في شعب الايمان للبيهقي يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(ما من رجل ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بها حجة مقبولة مبرورة)  ..
وفي رواية بلفظ :
(ما من ولدٍ بارٍ ينظر إلى والديه نظرة رحمة
 إلا كتبَ الله له بكل نظرة ينظر بها إليهما حجةٌ مبرورة) قالوا: يارسول الله أفرأيت إن نظر إليهما كل يوم مائة مرة ؟
قال :نعم ، الله أكبر وأطيب)
قال العلماء ( أكبر ) : أي أعظم مما يتصور
وخيره أكثر مما يُحصى ويُحصر ..
( وأطيب ) : أي أطهر من أن ينسب إلى قصورٍ في قدرته ونقصان في مشيئته وإرادته..

وعن عائشة رضي الله عنها كما روى ابو نعيم قالت : النظر في ثلاثة أشياء عبادة :
" النظر في وجه الأبوين، وفي المصحف ،
 وفي البحر "
وفي رواية لابي داوود :
" النظر إلى الكعبة عبادة ، والنظر إلى وجه الوالدين عبادة ، والنظر في كتاب الله عبادة "

وعكسُ ذلك نظرة الغضب كما روى البيهقي
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" ما برّ أباه من حدّ إليه الطرفُ بالغضب "
ومعناه : أن من نظر إلى والديه نظرة غضب كان عاقاً وإن لم يكن يتكلم بالغضب .
 نعم /                                      
بنظرةٍ حادةٍ غاضبةٍ  للوالدين يندرج صاحبها ويدخل في صفوف العاقين ...
 فكيف لو كانت اكبر من نظرة حادةونظرة غضب..
كيف لو كانت شتماً وإيذاءً ..
كيف لو كانت زجراً ونهراً ..
كيف لو كانت قهراً وإذلالاً ..
كيف لو كانت تطاولاً وتهجماً ..
كيف لو كانت انتهاكاً واعتداءً ..
وهؤلاء لن يروحوا رائحه الجنه ولن يذوقوا نعيمها
يقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
{ثلاثة حرّم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة :
مدمن الخمر، والعاق لوالديه ، والديوث الذي يُقرّ الخُبث في أهله} ..
وإذا كانت الجنة محرمةٌ عليه فإن النار هي مصيره وبئس المصير.

ومن الثمار الدنيوية والعاجله لبِرُّ الوالدين :
=  إجابة الدعوة :
فالبار بوالديه يدعو الله تعالى بما يرغب ويجيبه الله ببركة برّه لهما.
يشهد لهذا قصة أولئك النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانطبقت عليهم صخرة فسدت فم الغار، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، أن يفرج عنهم، فقال أحدهم :
" اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت
 لا أغبق قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلب الشجر يومًا، فلم أرح عليهما حتى ناما، فحلبت غبوقهما، فوجدتهما نائمين فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما..
 اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت قليلاً وتوسل صاحباه بصالح أعمالهما فانفرجت وخرجوا يمشون.
فلأن هذا كان باراً بوالديه استجاب الله دعاءه..

وهذا امير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن سألهم :
"أفيكم أويس بن عامر؟"
حتى أتى على أويس فقال له :
 "أنت أويس بن عامر؟" قال: "نعم"
قال: "من مراد ثم من قرن؟" قال: "نعم"
 قال: "فكان بك برصٌ فبرأتَ منه إلا موضع درهم؟" قال: "نعم"
قال: "لك والدة؟" قال: "نعم"
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برّ لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل؛ فاستغفر لي" فاستغفر له".

 فبأي شيء بلغ أويس تلك المنزلة رضي الله عنه ؟
لانه كان بارًّا بأمه ملازمًا رجليها، امتنع من الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقابله..
 لأنه كان مشغولاً ببر أمه،  هذا هو الجزاء أيها المسلمون عباد الله.

وعن عائشة  رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ :
" نمت فرأيتُني في الجنة، فإذا قارىءٌ يقرأ،
فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا حارثة بن النعمان.
وكان أبرّ الناسِ بأمه "
وفي روايه ( انه عليه الصلاة والسلام سمع قرع نعليه في الجنه ) فلما اصبح عليه الصلاة والسلام بشرّ أمه بما رأى وقال ؛ هكذا البر يا أم حارثة
 كذلك البر، كذلك البر، كذلك البر.
اللهم أعنا على بر آبائنا وأمهاتنا ..
اللهم أعنا على الإحسان إليهما..
اللهم أعنا على طاعتهما...
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم ..

الخطبه الثانيه :                    
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
تناولنا في الخطبه الاولى بعضاً من ثمار بر الوالدين الآجلة والعاجله وفي الدنيا والاخره
وخلصنا الى ثمرة بر الوالدين في الدنيا بأنّ البار بوالديه يكون مستجاب الدعوه بسبب بره بوالديه..

وهذا سلاح يضل بحوزته مادام على هذا البر والإحسان لوالديه ...
اضافه الى سلاحٍ اخر وهو انه يحظى
بدعوه مستجابه لاترد من والديه :
ففي الحديث الذي في صحيح البخاري :
عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث دعوات مستجابات لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده".
ولقد ذكر ابن القيم الجوزيه في كتابه أن شاباً كان مكباً على اللهو واللعب لا ينفك عنه، وكان له والد صاحب دين، كثيراً ما يعظ هذا الابن، ويقول له:
يا بني! احذر هفوات الشباب وعثراتهم، فإن لله سطوات ونقمات ما هي من الظالمين ببعيد،
وكان إذا ألح عليه زاد له في العقوق، وجار على أبيه، ولما كان يوم من الأيام؛ ألح على ابنه في النصح على عادته، فمد الولد يده على أبيه، فحلف الأب بالله مجتهداً ليأتين بيت الله الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو على ولده، فخرج حتى انتهى إلى البيت الحرام، فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول :
يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا
                    عرض البسيطة من قرب ومن بعد
إني أتيتك يا من لا يخيبه
                        ادعوه مبتهلاً بالواحد الصمد
هذا منازل لا يرتد من عققي
                     فخذ بحقي يا رحمان من ولدي
وشلل بحول منك جانبه
                        يا من تقدس لم يولد ولم يلد
فقيل: إنه ما استتم كلامه حتى يبس شِقّ ولده الأيمن..
(ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الوالد على ولده) .. (ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده)
حديثان صحيحان، فيستجاب دعاء الأب والأم على الولد أو للولد..
 فالولد إما ان ينل دعوةً مستجابة بسبب بره بوالديه،او ينل دعوة عليه مستجابة بعقوقه وتمرده.

نعم احبتي الكرام          
عقوق الوالدين لو صادف دعوةً من الأب أو من الأم على الولد فإنها مستجابه ..
ما بينها إلا مسافةٌ تُقطعُ في لمحِ البصر..
 تَصعدُ دعوةُ المظلوم إذا كان أباً أو أماً إلى السماء، فيجيب الله عزوجل.

وهل مرّ عليكم اسم جريج؟؟
هل سمعتم بقصه جريجُ العابد ..
كان جريج عابداً من عبّاد بني إسرائيل،
كان في صيام وصلاة ..
في ذكر ودعاء ..!
في صدقة وبذل ..!
وفي احدى الايام وبينما هو قائمٌ يصلي مستقبلاً قلبته، أتت أمه فنادته وقالت: يا جريج!
فقال في نفسه وهو يصلي :
أمي وصلاتي؟ فرأى أن يؤثر صلاته، ثم صرخت به الثانية، فقال في نفسه:    
أمي وصلاتى؟ فرأى أن يؤثر صلاته.
            فأستمر في صلاتي؟
انظر اخي الحبيب إلى بر الوالدين.
الآن والداك لا يطالبانك بأن تقطع الصلاة وإنما يدعوانك إلى طلبٍ خفيف، ومع ذلك تجد من يعق الوالدين، ويلعن الوالدين، ويقطع الوالدين، ويهجر الوالدين، وهما يقدمان له كل شيء!
 نعم /
وجد في مجتمعاتنا وفي واقعنا من الآباء من فعل لاجل ابنه العجب العجاب، بنى له بيتاً، وزوَّجه، وملَّكه سيارة، وأعطاه من المال..
 ثم تجد هذا الابن من أفجر الناس ..!
ينتقص من والده في المجالس، ويستهزئ به، ويُشّهر به امام الخلق ويجاهر والديه بالسوء وفاحش القول ويقهرهما وينهرهما ويرفع الصوت عليهما ويتأفف ويتضايق ويتضجر منهما وربما يصل به الحال الى ان يقول لأحدهما:
 أراحنا الله منك وأخذ بعمرك..            
وعجل بزوالك يا شيبة النحس ..؟
ويا عجوز الشؤم ، ويا عجوز الويل!
وحاله وحال أبيه كما قال الشاعر:
   (( أريد حياته ويريد موتي ))
ولهذا جريج في صلاته وأمه تناديه حتى تحير في الصلاة ...
لكنه رأى أن طاعة الله مقدمة على ذلك، فهو ما عصاها لكن ما أجابها، فنادته في الثالثه :
فلم يجبها وآثر ان يكمل صلاته.
فغضبت عند ذلك عليه ودعت وقالت:
لا أماتك الله يا جريج! حتى تنظر في وجه المومسات.
دعوه ارتفعت للحق سبحانه على جريج وهو في طاعه وفي صلاه وهو امام خالقه وبارئه ورازقه..
" لا أماتك الله يا جريج! حتى تنظر في وجه المومسات"
أي : لا تحكم عليه بالموت حتى يرى وجوه الزانيات وكان عابداً، والله يحفظ العُبّاد.
وهل رأيتم إنساناً يحافظ على الصلوات الخمس ويشرب الخمر؟ لا.
وهل رأيتم إنساناً والمصحف في يده يعتدي على المحرمات، أو يزني ويسرق؟ لا.
احفظ الله يحفظك:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت:69]..
(فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ  ) [محمد:21].

إنسان يحافظ على صلاة الفجر جماعة كل يوم لن يتردى في الكبائر أبداً، وهذا معروف بالاستقراء، أكثر من يدخل السجون الآن هم الذين لا يصلون
                     لماذا؟
 لأن الذي لا يعرف طريق المسجد يُعرّفه الله طريق السجن..
والذي لا يعرف القرآن يُعرّفه السوط ..
والذي لا يعرف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم يذيقه الله أصناف العذاب ...
ولهذا قالت ام جريج :
اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات ...
 فمكث زمناً حتى تحدث بنو إسرائيل عن عبادته، وصيامه، وصلاته، وصلاح واستقامته فقالت امرأةٌ فاجرة ..
دعوه لي واتركوا شأنه لي ونعوذ بالله من الفجور .
الفجور انتشر في بني إسرائيل كما قال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) [المائدة:13]
تركوا الحجاب ثم اختلطوا، فوقعوا في الزنا فلعنهم الله ومسخهم قردةً وخنازير.

ولذلك لا يوجد أحد أطهر من موسى إلا من أمثاله من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام،
أتى قارون إلى امرأةً زانيةً فأعطاها قنطاراً من ذهب، وقال: إذا اجتمعنا نحن والناس وقام موسى يدعونا إلى الله، فقومي وابكي وسط الناس هذه الإشاعة الباطلة المفتراة ضد الدعاة قالت:
ماذا أقول؟ قال: قولي: إنه صنع بك الفاحشة سبحان الله! موسى عليه السلام ..
فلما اجتمع بنوا إسرائيل ومعهم قارون والأغنياء والأمراء والناس؛ قامت تبكي وتضرب وجهها وتنفث شعرها، قالوا: مالك؟
فادعت أن موسى زنا بها، فقام موسى بالعصا، وقال: يا أمَةَ الله أسألك بمن شق البحر لي، وأنزل علي التوراة هل أنا فعلت ذلك؟
قالت: لا والله، فقال حينها نبي الله موسى:
اللهم خذ قارون، فخسف به وبداره، فأخذ قارون وداره فزلزل في الأرض يصيح:
يا موسى! يا موسى! يا موسى!
حتى اختفى صوته وماله وجسمه وداره في الأرض..

ولهذا جريج العابد لما ذاع صيته عن عبادته وصلاته وصيامه وتذاكر الجميع صلاحه
 قالت أمرأة بغي من بغايا بني اسرائيل :
دعوه لي ، فذهبت إلى جريج، وحاولت معه واغرته بجمالها لكنه ثابتاً شامخاً مؤمناً صادقاً ..
وعندها رجعت إلى بني إسرائيل،مدعيةً بهتاناً وكذباً وزوراً أنّ جريج زنا بها ..
فأتوا إلى جريج وكان عابداً في صومعةٍ فأنزلوه وضربوه، وهدموا صومعته، فقال: مالكم؟!
قالوا: زنيت بتلك المرأة، فأتوا وإذا هي حامل،
وقد وضعت وطفلها معها يرضع ..
فقام حينها جريج للطفل وأخذ يكلمه وكأَنَّهُ يُكلم انساناً بالغاً عاقلاً فقال له وهو يضع اصبع السبابه في بطنه من هو ابوك يا أيها الطفل!
أسألك بالله رب العالمين من أبوك؟
فأنطق الله الطفل امام الجميع وقال:
أبي فلان ابن فلان الراعي ..
راعي غنم كان يدور حول الصومعة زنى بهذه المرأة فكان ابنه هذا الولد فرجعوا فقالوا:
نبني صومعتك من ذهب، قال: أعيدوها من طين، فأعادوها من طين.
فيا ايها الاحباب الكرام :
الله الله في آباءكم وأمهاتكم ...
الله الله في طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما فهما الجنه بعينها ..
وهما الميته الحسنه ، والعاقبه المرضيه ، والخاتمة الطيبه ، والرضا والرضوان ، والنعيم والجنان والفلاح والفوز ، والعتق والنجاه ..

أوحى الله سبحانه وتعالى إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه فقال :
يا موسى وقّر والديك، فإن من وقر والديه مددت في عمره، ووهبت له ولدًا يوقره، ومن عق والديه قصرت في عمره، ووهبت له ولدًا يعقه"

اسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم البر بآبائنا وأمهاتنا، وأن يجعلنا من القائمين بحقوقهما والعاملين على إرضائهما في طاعته سبحانه.
اللهم أعنا على بر آبائنا، اللهم أعنا على الإحسان إليهما،اللهم أعنا على طاعتهما،
اللهم اجعلنا عاملين في مرضاتهم يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين..
اللهم وارزقنا من يبرنا من أولادنا كما بررنا بآبائنا وأمهاتنا ..
ارزقنا من يدعوا لنا من اولادنا بعد موتنا كما دعونا لآبائنا وأمهاتنا ياسميع الدعاء ..
اللهم لاتتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لا مسيئين يا كريم يامتعال.
اللهم اطفيء لهيب الحروب والفتن في ارض اليمن
اللهم بدل حالنا لأحسن الاحوال ..
بدل حالنا من الخوف والرعب الى الأمن والأمان
ومن الشده والضيق الى الفرج  والسعه..
ومن الجوع الى رغد العيش والشبع والراحه..

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصلاة عليه كما قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين


الجمعة، 12 أكتوبر 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
[ أحبُّ الاعمال الى الله .. بِرُّ الوالدين ] ( ١ )
        السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                         الخطبه {{ 16 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  5 أكتوبر 2018 م
الموافق  24 محرم 1440هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
لا زالت سلسلتنا المباركه الطيبه المثمره لأحب الاعمال الى الله مليئةٌ بالأعمال والطاعات والأخلاق التى يحبها الله جل وعلا ..
وكنت قد تحدثت معكم قبل حلول عشر ذي الحجه
عن عمل من الاعمال التى يحبها الله عزوجل لثلاث جمع متتاليه وهي الصلاه كما ورد ذلك في الحديث الذي في الصحيحين من حديث أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
 أَيُّ اْلأَعْمَالِ أَحَبُّ إَلىَ اللهِ تَعَالىٰ ؟
قَالَ {الصَّلاَةُ عَلىٰ وَقْتِهَا ))
واكمالاً لهذا الحديث يقول عبدالله بن مسعود :
ثُمَّ أَي ؟
اي ثم ماذا بعد الصلاه من عمل يحبه الله؟
 فقَالَ عليه الصلاة والسلام :  بِرُّ اْلوَالِدَيْنِ )

البَر بفتح الباء : هو خلاف البحر وهو التوسع في اللغه..
ويصف الله عزوجل ( إنّه هو البَرُ الرحيم )..
ويصف به العبد ( هذا بَرٌ بأمه )..

والبِـر بكسر الباء يكون في القول والاعتقاد
قال تعالى : ﴿ ليسَ البرَّ أن تُوَلُّوا وجوهَكُم قِبَلَ المشرقِ والمغرِبِ ولكنَّ البِرَّ مَن ءامَنَ باللهِ واليومِ الآخِر والملائكةِ والكتابِ والنبيِّينَ ﴾

فالبِر هو اسم جامع لكل خير.! والابرار جمع بار. ومن أراد ان يكون من الابرار لابد عليه ان يفعل البِر ..
وقد جاء في القران ما يبين جزاء هؤلاء الابرار فقال سبحانه في محكم الآيات والتنزيل :
" إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا" ﴿٥ الانسان﴾
" إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ " ﴿١٣ الإنفطار﴾
" كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴿ ٨المطففين﴾
" رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " ﴿١٩٣ آل عمران﴾
" نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ"
﴿١٩٨ آل عمران﴾
ولذلكم يا كرام بِرُّ الوالدين :            
طاعةٌ من الطاعات الكريمه وعبادةٌ من العبادات الفاضله وهي فرضٌ على كل مسلم ومسلمه ..
قدمها الله عزوجل على الجهاد في سبيله لان
بر الوالدين فرض عين واذا قصرت في برهما فمن ذا الذي سيبرهما ؟؟
اما الجهاد فهو فرض كفايه قد يقوم به غيرك
واذا قام به البعض سقط عن الآخرين ..
ولذلكم أُخّرَ الجهاد وقُدم بر الوالدين عليه ..

ومن اجل ذلكم كان بر الوالدين من أعظم شعائر الدين قضى به ربنا عزوجل، وثنى به،
وقرنها بعبادته وتوحيده وذلك لبيان حقهما على الولد إذ أنهما السبب الظاهر والمباشر في وجوده قال الله تعالى :
 ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ..
وقال تعالى :
( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ..
كما قرن سبحانه شكرهما بشكره فقال :
( أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )([188]) .
يقول ابن عباس رضي الله عنهما :
ثلاث آيات نزلت مقرونةً بثلاث لا تُقْبَل منها واحدة بغير قرينتها :
إحداها: قوله تعالى :
 ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )
 فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه.
الثانية : قوله تعالى ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) فمن صلى ولم يزَّكِ لم يُقبل منه.
الثالثة: قوله تعالى ( أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ )
 فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يُقبل منه .

ولاجل ذلك كان بِرُّ الوالدين منقبةٌ من مناقب الانبياء وصفةٌ بارزةٌ لاوليائه ورسله ..
وربنا جل جلاله لما حكى مآثر النبيين ومناقب المرسلين، ذكر من ذلك برهم بآبائهم وأمهاتهم :
= فهذا قدوتنا ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول أبي الطفيل رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالْجِعِرَّانَةِ يُقسّمُ لحمًا؛
إذ أقبلت امرأة فبسط لها ردائه عليه الصلاة والسلام الذي يستر به نصفه الأعلى خلعه وبسطه فجلست عليه تلك المرأة، فقلت: من هذه؟ قالوا: "أمُّهُ التي أرضعته" حليمة السعدية رضي الله عنها التي شرّفها الله بأن تكون مرضعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبسط لها ردائه من أجل أن تجلس عليه ..

 وليسمع هذا الكلام أناس ، الواحد منهم إذا علا كعبه، وعَظُمَ قدره، وتسمن من المناصب مكانًا رفيعًا، أو فتح اللهُ عليه من المال شيئًا كثيرًا،
فإنه لربما يترفع عن بر أبيه وأمه ..
لربما يترفع عن الخضوع لهما والذل بين أيديهما..

= وهذا نبي الله يحيى بن زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسلام يثني عليه ربه جل جلاله فيقول: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا) [مريم: 14].

= واطرى الله على عيسى عليه السلام الذي اعترف بفضل امه وخفض الجناح لها حينما نطق في المهد فقال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) [مريم: 30- 32].

= وهذا نبي الله نوح عليه السلام يدعوا لوالديه فيقول :
( ربِّ اغفِرْ لِي وَلِوالديّ ولمِنْ دَخَلَ بيتيَ وَلِلمؤمنين والمؤمنات ) ..

= وهذا الخليلُ ابراهيم عليه السلام يدعو أباه إلى الله ، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر في عبارة قشيبةٍ وأدبٍ رفيع بكلمة ( يا ابتِ ) التى تُشعر بالخضوع والبر وتوحي بالرحمه والموده لوالده :
(يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا *...
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا *....
يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا *...
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) [مريم:42- 45].

فكان أبوه قاسيًا فظًّا غليظًا يقول ربنا على لسانه:
(قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) [مريم:46]
ومع ذلك لا يقابل الخليل إساءة أبيه بمثلها،
ولا يقابل الفظاظة بمثلها، ولا الغلظة بمثلها بل يقول له بإدبٍ لامثيل له :
(سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) [مريم: 47].
 فماذا كان جزاء هذا البر بأبيه المشرك ؟؟
 كان جزاؤه في الدنيا أن رزقه الله عزوجل غلامًا تقيًّا عابدًا زكيًّا مؤدبًا مهذبًا مطيعًا حتى في حال الموت يقول لأبيه :
(يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات: 102].                                          
هكذا كان أنبياء الله في برهم لآباءهم المشركين الذين قسوا عليهم وتوعدوهم بالقتل ان استمروا في دعوتهم وعدم طاعاتهم ..
هكذا عاملوهم باللطف والإحسان، والصلة، والمحبة، والكلام الليّن، وتجنب الكلام الغليظ، ورفع الصوت، ومناداتهم بأحب الألفاظ، كيا أمي، ويا أبي وياابتي ، ومعاشرتهم بالمعروف، ولاسبّ
ولا إيذاء ولاقسوة ولالعن ولاكراهيه..

روى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"ما من مسلم يكون له والدان يصبح إليهما محتسبًا إلا فتح الله له بابين إلى الجنة، وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه"
 فقيل له: يا ابن عباس "وإن ظلماه"؟
 ألا فاسمعوا هذا الكلام،
فإن شبابًا يشكو الواحد منهم أن أباه يظلمه،
وإن فتاة تشكو أن أمها تظلمها، ربما قست عليها، ربما قست عليها بلسانها تقول ظلمتني، يقول الشاب ظلمني أبي..
يابن عباس ( وإن ظلماه .؟؟)
فقال : "وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه"
وإن تكرر الظلم مرة بعد مرة، وإن لم ينفق عليك أبوك فبرّه واجب، وإن أساءت إليك أمك فبرها واجب.
 هذا الذي يأمرنا به شرع الله، وهذا الذي يفتي به من تفقهوا في دين الله، وهذا هو السبيل الذي يسلكه من أراد رضوان الله.

فهؤلاء هم أنبياء الله وأوليائه ورسله ..        
اما سلفنا الصالح من الصحابه والتابعين وتابعيهم فلما علموا بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام :-
- فهذا الصحابي الجليل والإمام العلامة
أبو هريرة رضي الله عنه كان إذا أصبح يأتي فيقف على باب أمه ويقول لها:
"السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته"
فتقول له: "وعليك السلام يا بني ورحمة الله وبركاته"
فيقول لها: "رحمك الله كما ربيتني صغيرًا"، فتقول له: "رحمك الله كما بررتني كبيرة".

- وهذا محمد بن سيرين كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع ..
ويقول عنه ابن عوف:
دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟
قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.

- وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين،
وكان كثير البر بأمه حتى قيل له:
 إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.

- وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.

وهذا عبد الله بن عون نادته أمه من بعيد، فأجابها من بعيد، فعلى صوته صوتها اي (صار أرفع) فأعتق رقبتين.

وكان عروة بن الزبير يقول في سجوده:
اللهم اغفر للزبير بن العوام وأسماء بنت أبي بكر.

وكان أبو يوسف الفقيه يقول:
اللهم اغفر لأبوي ولـأبي حنيفة .

وكان طلق بن حبيب يقبل رأس أمه، وكان لا يمشي فوق ظهر بيته وهي تحته إجلالاً لها.

ودخل أحدهم مع أبيه السجن، فاحتاج الأب لماءٍ مسخن، فمنعه السجان من الحطب، فقام الولد إلى إناء، فأدناه من المصباح، فظل واقفاً حتى الصبح؛ كي يجهز لأبيه ماءً دافئاً.

هذا غيض من فيض مما ذكره التأريخ لهذه النماذج من بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، وحريٌ بنا ان نقتدي ونتأسى بهؤلاء الذين قال الله عنهم وأمر بالاقتداء بهم :
( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ )
الإنعام - ٩٠
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبه الثانيه :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :                                
إنّ موضوعًا تحدث عنه القرآن، وتواترت به النصوص لابد من طرقه، والتذكير به في هذه الأيام ..
هذه الأيام التي عظُمت فيها الفتن وتتابعت على الناس فيها المحن، وانبهمت المقاصد على كثير من الشباب، فقدموا ما حقه التأخير وأخّروا ما حقه التقديم، وغابت عنهم كثير من التعاليم والمفاهيم ومن هذه المواضيع المهمه بمكان والتى تعتبر من احب الاعمال الى الله عزوجل :
               " بر الوالدين "
ومن الوفاء أن لا ينسى الإنسان المعروف ولا يجحد الفضل .!
وفضل الوالدين على الأبناء عظيم ولذلك لم تكتف آيات الإسراء بالأمر بالإحسان إلى الوالدين في الدنيا فحسب بل بعد موتهما أيضاً :
 ( وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) ..

وقد بينت السنة المطهرة الطرق التي يستطيع الإنسان أن يبرّ والديه بعد موتهما من خلالها،
فحدّث مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من الأنصار فقال :
 يا رسول الله هل بقي عليّ من برّ أبويّ شيء بعد موتهما أبرّهما به ؟ قال : نعم خصال أربع :
 الصلاة عليهما،والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلةُ الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك بعد موتهما} .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
{ترفع للميت بعد موته درجته فيقول:
أي ربي أي شيء هذا؟ فيقول له:
ولدك استغفر لك}
وفي الحديث:«إن الرجلَ ليرتفعُ في الجنةِ، فيقولُ: أَنَّى لي هذا؟ فيقال: باستغفارِ ولدِك لك».

فاستغفر لوالديك أو لمن مات منهما وردد قائلاً:
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ )
( وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً )
وأكثر من الدعاء لهما فلقد انقطع عملهما من الدنيا إلا من ثلاثة ، وأنت واحدٌ منها .
 قال سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم  {إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له} .
فلا تبخل أُخيّ على والديك بعد موتهما بالدعاء لهما والاستغفار، واستمطار الرحمة عليهما والرضوان، وتحرى أوقات الاستجابة والغفران.

ثم عليك أيضاً إنفاذ وصيتهما والصدقة عنهما، عن ابن عباس رضي الله عنهماأن رجلاً قال :
إن أمي توفيت ولم توص أفينفعها أن أتصدق عنها؟ {قال : نعم}.
وعن سعد بن عبادة قال: {قلت يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت:
فأي صدقة أفضل ؟ قال: سقي الماء} ..

ولا يتوقف اخوتي الكرام البر بالوالدين عند الدعاء والاستغفار والصدقة بل يمتدّ أيضاً ليشمل أموراً أخرى كثيرة منها:
- قضاء النذر عنهما فلقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال: {اقضه عنها} ..

- ومنها قضاء الصوم عنهما، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من مات وعليه صوم صام عنه وليه} ..
وعن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟
قال: {نعم فدين الله أحق أن يقضى} .

- ومن ذلك أيضاً الحج عنهما فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفحج عنها؟ قال: {حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا دين الله ، فالله أحق بالوفاء} ..

- ومن ذلك صلة أصدقائهما فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إن أبرّ البرّ أن يصل الرجل أهل وُدِّ أبيه} ..

 وقال عليه الصلاة والسلام:
 (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده)..
 فإذا أردت صلة لأبيك المتوفى فصل أقرباءه أو صل أصحابه وأصدقاءه بعد موت الأب، زرهم وتفقدهم ولو بهدية.
وعن أبي بردة قال: (قدمت المدينة ، فأتاني عبد الله بن عمر فقال: أتدري لم أتيتك؟ قلت: لا. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده، وإنه كان بين أبي عمر وأبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذلك) حديث صحيح.


اما من قصر في بر والديه في حياتهما وندم على ما فرط في حقهما وخاف عاقبة العقوق فلا ييأس من روح الله ولا يقنط من رحمته، وليعلم أن باب الإحسان إليهما مفتوح على مصراعيه، فليدخل منه داعياً ومستغفراً لهما، وصائماً عنهما وحاجاً لهما وواصلاً أهل ودّهما، وإنما يتقبل الله من المتقين.

ولا يظنُّ من وفَّقَه اللهُ في القيامِ ببعضِ الحقوقِ أنه قد قامَ بما عليه،وقد جزى والديه حقَّهُما، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«لا يجزي ولدٌ والِدَه، إلا أنْ يجِدْه مملوكاً فيشترِيه، فيعتقه» .
ورأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يمانيًّا بالبيت، قد حمل أمَّه وراءَ ظهرِه، وهو يقول :
إنِّي لها بعيرُها المذلَّلُ
                         إنْ أذْعَرَتْ رِكابُها لم أُذعَرُ
ثم قال: يا ابنَ عمرَ، أتراني جزيتُها ؟
قال: لا، ولا بزفرةٍ واحدةٍ؛ أي: عندَ الولادةِ.

وجاء رجلٌ إلى أميرِ المؤمنين عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه ، فقال:
 إن لي أمًّا قد بلغ منها الكبرُ، أنها لا تقضي حوائجَها، إلا وظهْري لها مَطِيةٌ، فهل أدَّيتُ حقَّها؟

فقال الفاروقُ المحدَّثُ  رضي الله عنه :
"لا؛ لأنها كانت تصنعُ بك ذلك، وهي تتمنَّى بقاءَك، وأنت تصنعُه، وأنت تتمنَّى فراقَها"
ولكنك محسنٌ، واللهُ يجزي المحسنين على القليل الكثير.

وختاماً ومن هنا من منبر رسولنا الكريم أدعوكم جميعاً أيها الحاضرون والحاضرات أن لا تخرجوا من هذا المسجد المبارك إلا وقد عاهدتم الله أنه من كان بينه وبين والديه شنآن أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم ..
ومن كان مقصراً في بر والديه فليتب ويعاهد الله من هذا المكان أن يبذل وسعه في بر والديه.

فهي دعوه أوجهها في هذه الجمعه لمعشر الشباب والفتيات  والأبناء والبنات :-
من أراد بحبوحة الجنة ..!
من أراد رضوان الله عزوجل ..!
من أراد شفاعة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!
من أراد سعادة الدنيا والآخرة فعليه ببر والديه كليهما أحياءً وأمواتًا..
فلا تصحب إلا من يأمرك ببر والديك..
 إلا من يحضك على طاعتهما ..
إلا من يزين لك الإحسان إليهما..

وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة ..
ولو لم يكن في عقوقِ الوالدين وتركِ برِّهِما،
إلا أنه غصصٌ وأنكادٌ يتجرَّعُها مَن لم يألُ جَهْداً في الإحسانِ إليك، لكان كافياً لصاحبه على تركِه.. يقول العلماء :
 كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يُعجّلُ له في الدنيا، وكما تدين تدان.
بل واسمع معي وخذها مني حزن الوالدين عقوق:
فعن عليَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {من أحزن والديه فقد عقها} ..
وبكاء الوالدين عقوق :
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {بكاء الوالدين من العقوق}

وتعمدك إحزانهما وإبكائهما عقوق ..
وعواقب عقوق الوالدين او شتمهما او إيذائهما وخيمةٌ وعظيمة :
ففي الحديث المشهور ليله الاسراء بالرسول الى السموات العلى يقول عليه الصلاة والسلام :
" رأيت ليلة اسري بي اقواماً في النار معلقين في جذوعٍ من نار فقلت يا جبريل من هؤلاء ؟؟
قال : هؤلاء الذين يشتمون آباءهم وامهاتهم في الدنيا ."
بل وروى انه من شتم والديه ينزل عليه في قبره جمرٌ من نار بعدد كل قطر من السماء الى الارض.
وها هو رسول الله  يدعو على من أدرك أبويه
أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة، فيقول كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه :
 ((رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)).

اللهم أعنا على بر والدينا،اللهم أعنا على الإحسان إليهما،اللهم أعنا على طاعتهما..
اللهم اجعلنا عاملين في مرضاتهم يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين..

اللهم جازهم على كل ليله سهروا فيها من اجلنا..
وعلى كل لحظه تعبوا فيها من اجلنا...
وعلى ألم عانوه من اجلنا..
وعلى كل شدةٍ وضيقٍ ذاقوه بسببنا..

اللهم وفق الأحياء منهما، وعمّر قلوبهما بطاعتك،
ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا ..
اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم، فنوّر قبره، واغفر خطأه ومعصيته ..

اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك.
اللهم قد قصرنا في ذلك وأخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم انا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون ونستعيذك من شر استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون..
اللهم انا نسألك خير المسأله وخير الدعاء وخير العمل وخير الثواب ، ثبتنا وثقل موازيننا ويمن كتابنا ويسر حسابنا ورقق قلوبنا وارفع درجاتنا وثبت على الصراط أقدامنا ونجنا من كربات القيامه ..
هذا وصلوا وسلموا على رسولنا الكريم واعلموا
أن الله تبارك وتعالى قال قولاً كريمًا تنبيهًا لكم وتعليمًا وتشريفًا لقدر نبيه وتعظيمًا:
(إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56] اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين ..
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
              والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...