🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ حقّ الابناء على الابآء ]
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 18 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في 26 أكتوبر 2018 م
الموافق 10 صفر 1440هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
لجمعتين متتاليتين تحدثنا فيها عن برِ الوالدين
وعن هذه العباده وهذا العمل الذي يحبه الله
ودعونا فيها كل الابناء والبنات الى طاعه الوالدين وبرِهم والإحسان اليهم لانها من حقوق الاباء والأمهات عليهم كأبناء ..
واليوم من باب العدل والإنصاف نوجه نداءً للآباء والأمهات اقول لهم فيه :
كَمَا عَلِمْتم حُقُوقَكم ايها الاباء والأمهات وكما علمتم وَاجِبَ بِرِّكم وَطَاعَتِكم، فِي الْخُطْبَ التى سّبِقَت، فإن عليكم اليوم ان تعلموا أَنَّ لِلأَوْلادِ حُقُوقًا يَجِبُ عَلَيْكمْ أَدَاؤُهَا، وَآدَابًا يَلْزَمُكُم الْقِيَامُ بِهَا..
فالابناء هم ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، وَنَحْنُ لَهُمْ سَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَأَرْضٌ ذَلِيلَةٌ..
الأبناء هم أمنيةُ الأنبياء والأولياء والصالحين
اخبرنا الله تعالى عن ذلك في كتابه وهاك بيانه:
فقال عن أمنية زكريا عليه السلام :
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].
وقال عن أمنية إبراهيم عليه الصلاة وسلام :
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 9]
فيجب علينا إذا حرصنا على الذرية ألا نحرص عليها لمجردِ أن نكون آباء وأن يكون لنا أبناء،
بل يجِبُ أن يكون حرصنا على صلاح الذرية
وأن تكون ذريةً طيبة صالحة وان يكون دعاءنا لربنا كدعاء عباد الرحمن :
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
الأولاد يا ايها الكرام :
أمانةٌ في أيدي الوالدين يُسألان عما صنعاه في تربيتهم ومختلف شئونهم بين يدي الله رب العالمين...
يقول سيّدُ البشريه ومعلم الانسانيه صلي الله عليه وسلم لما رواه ابن حبّان :
" إنّ الله سائلُ كُلُّ راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيته” .
فإن ربّي الأب الولد وعوده الخير وعلمه وارشده نشأ عليه وسعد به في الدنيا والآخرة وإلا فقد هلك وشقي وكان الوزر في رقبة والديه..
والذي ينظر إلى تعاليم الإسلام يجد أن الإسلام نظر إلى الولد وهو لا يزال نطفة في علم الغيب إلى أن يصير شاباً ورجلاً يافعاً يقدر على الجهاد في معترك الحياة …
من هنا أوجب الإسلام علي الآباءِ حقوقاً للأبناء وبين وسائل وسبل معينة على تربية الأولاد،
وأمور يَجدرُ بنا مراعاتها، وينبغي لنا سلوكَها مع فلذاتِ الأكباد، ومن هذة الحقوق التى يجب على الاباء أداؤها ما يلي :
= أن يختار لهم أمّاً صالحةً لا يُعيّرونَ بها :
لأن الأم الصالحة مثلُ الأرض فإن كانت طيبةً صالحة فطيبٌ نبتها وإن كانت خبيثة فخبيثٌ نبتها..
وديننا وشريعتنا السمحاء اهتمت بهذا الاختيار وبهذا الجانب اهتماماً كبيراً لان :
الأم مدرسة أذا أعددتها
أعددت شعباً طيّبَ الاعراقِ
الأمُ روضٌ إن تعهدَ الحيا
بالريِ أورق أيُّماً إيراقِ
الأمُ أستاذُ الأساتذةِ الأُلى
شُغلت مآثرهم لدى الآفاقِ
من لى بتربيةِ النساءِ فإنها
في الشرقِ علةُ ذلك الإخفاقِ
يقول صلي الله عليه وسلم كما اخرجه مسلم :
” الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة “
والعناية باختيار الزوجة الصالحة من الأمور التي يوصي بها الإسلام ويشدد عليها فلا يليق بالإنسان أن يقدم على الزواج إلا بعد استخارة الله عزوجل واستشارة أهل الخبرة والمعرفة ..!
يقول الحسن البصري لأولاده وهو يحتضر على فراش الموت :
” يا أولادي لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وأحسنت إليكم قبل أن تولدوا قالوا : يا أبانا لقد أحسنت إلينا صغاراً وأحسنت إلينا كباراً وعرفنا ذلك فكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد قال :
لقد اخترت لكم أماً صالحة اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها”.
وأنشد الرياشي لأولاده :
فأولُ إحساني إليكم تَخيّري
لماجدةِ الأعراقِ باد عفافها
فهو يقول لهم أنني أول شيء أحسنت إليكم به: أنني اخترت لكم أماً صالحة ...
الأم الصالحه والزوجة الصالحه التى تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر وتحفظه إذا غاب..
"فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه
فهناك امرأةٌ تكون نعمة وأخرى تكون مصيبة ونقمه وأخرى تكون كارثه وشر ووبال ودمار وهلاك..
إذا دخل عليها الزوج سبَّته ، واذا خرج من عندها لعنته وقبحته ، وإذا غاب عنها خانته..
يعيش الزوج معها في هموم وغموم ونكد وغصص
نكّارة للجميل ونكّارة للمعروف وتنسى كل موقف ..
لو قدم لها الزوج ماقدم من غالي ونفيس ففي أدنى مشكله واتفه موقف تتنكر لكل شيء..
وصدق رسولنا حيث قال كماجاء للدار قطني
” إياكم وخضراء الدمن : قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء “.
أما خير النساءِ وافضلهنّ فهنّ اللاتي قال عنهنّ
النبي صلي الله عليه وسلم كما روى النسائي وغيره بسند صحيح :
” خير النساء من إذا نظرتَ إليها سرتك , وإذا أمرتها أطاعتك , وإذا قسمت عليها أبرتك , وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك “
والأفضل منهنّ ما أكد ذلك حبيبنا في حديثه كما روى البخاري ومسلم :
“تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها وحسبها ثم اختتم بقوله ولدينها ...؟
-ذات الدين التى تُقدَّر الحياة الزوجيه بمافيها من سعادة وحزن وضيق وسعه وكرب وفرج .
- ذات الدين التى تقدر الزوج وتحترمه وتصونه وتحفظه وتطيعه .
- ذات الدين التى هي في العسر واليسر سواء
- ذات الدين الصابره المحتسبه..
- ذات الدين الصائمه المصليه القائمه .
- ذات الدين التى ترضى بالقليل .
- ذات الدين التى لاتُقلّد غيرها ولاتؤنب زوجها.
- ذات الدين التى لاتنسى المعروف ولاتنكر الجميل.
هذه العابده التقيه المتدينه قال عنها الرسول في اخر حديثه :
" فاظفر بذات الدين تربت يداك “.
ولذلكم /
الزوجة هي أمُّ الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها،..
وعلى الشخص والعازم على الزواج حُسنُ الاختيار واستشاره من سبقه في ذلك ..
يقول صلي الله عليه وسلم كما روى ذلك ابن ماجه وابن حبّان :
” تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”
ويقول أكثم بن صيفي لولده :
“يا بني لا يحملنكم جمالُ النساءِ عن صراحةِ النسب؛ فإن المناكحَ الكريمة مدرجة للشرف”.
امّا من ناحية المرأة فلها كذلك أن تختار الرجل الصالح والزوج الصالح وكذلك أوليائها معها يشاركونها في هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وسلم قال :
"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض".
اما اولئك الاباء الطمّاعون الذين اصبحت البيوت بسبب جشعهم تمتليء بالبنات العانسات .
والذين يرون من بناتهم سلع يتاجرون بهن ويزايدون فيهنّ وكأنهم في سوق يبيع سياره او فله او قطعه ارض ، ومن قدم الأكثر فهو المقبول ولربما زوجها لشخص فاجرٍ بسبب ثراءه او لمجرم عربيد لغناه...
هولاء سيسئلون ويوم القيامه سيعضون على أنامل الندم وستتعلق بناتهم برقابهم يوم ان تقدم لهنّ الصالح المصلي الراكع الساجد التقي النقي صاحب الخلق والدين فرده ورفضه ..!
ويوم ان تقدم صاحب الملايين والكنوز قبله بلا بحثٍ عنه او سؤال او تحري عن اخلاقه وطبعه.
- وليسمع من يجعل من بناته سلعه رخيصه تباع لإشباع غريزته و إرواء طمعه وجشعه يقول عليه الصلاه والسلام : "مَنْ عَالَ ثَلاَثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ، وَزَوَّجَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ الْجَنَّةُ".
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تسميتهم بأسماء حسنة :
أسماء إسلامية عربية حسنة، وأن يحذروا من تسميتهم بالأسماء الممنوعة، أو الأسماء المكروهة، أو المشعرة بالقبح، فالأسماء تستمر مع الأبناء طيلة العمر، وتؤثر بهم، وبأخلاقهم.
قال صلى الله عليه وسلم لمارواه ابو داود:
"إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ".
يقول ابن القيم رحمه الله -:
"فَقلَ أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل :
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقبٍ
إلا ومعناه لو فكرت في لقبه
والله سبحانه بحكمته, في قضائه وقدره يُلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها؛ لتُناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها.
قال أبو الفتح ابن جني :
ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه، ثم أكتشفه، فإذا هو ذلك بعينه، أو قريب منه.
وما أجملَ قول البيحاني في منظومته :
سمِّ الذي جئتَ به محمدا
أو طاهراً أو مصطفى أو أحمدا
نعم وإن شئت فعبدُ اللهِ
لكي يعيشَ تحت لطفِ اللهِ
والبنت سميها بأمِ هاني
لا باسمِ فيروزَ ولا اسمهانِ
- ولقد كان صلى الله عليه وسلم يُغيّر الأسماء غير الجميلة إلى أسماء جميلة، ويأمر بذلك ..
فمما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لمارواه مسلم
عن ابن عمر رضى الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية قال:« أنت جميلة »..
وعن أسامة بن أخدرى :
أن رجلاً من بنى شقرة يقال له (اصرم)وكان في النفر الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بغلام له حبشي اشتراه من تلك البلاد فقال :
يا رسول الله إني اشتريت هذا وأحببت أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال: ما اسمك أنت قال :
أنا أصرم، قال: بل أنت زرعة، قال: ما تريده قال أريده راعياً، فقال: هو عاصم هو عاصم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم كفه.
وفي الصحيح عن سعيد بن المسيب رحمه الله
عن أبيه عن جده قال: أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟"
قال: حزنٌ. قال: "أنت سهلٌ"
قال: لا أغيرُ اسماً سَمّانيه أبي !!
قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد" !!.
وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه فطلب الخليفه الفاروق بأحضار الولد .
فلما وقف الولد عند الخليفه عمر أخذ الخليفه عمر يُأنّبُ الولد على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه عليه، فقال الولد :
يا أمير المؤمنين أليسَ للولدِ حقوقٌ على أبيه؟
قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟.
قال عمر: أن ينتقي أمّه ويُحسنَ اسمه ويُعلّمه الكتاب أي "القرآن ".
قال الولد: يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجيّة كانت لمجوس...
وقد سمّاني جُعْلاً أي " خنفساء " ..
ولم يعلّمني من الكتاب حرفاً واحداً.
فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقّك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك...
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم :
فيحرص الوالد على تربية أولاده على التقوى، والحلم، والصدق، والأمانة، والعفة، والصبر، والبر،والصلة، والجهاد، والعلم؛ حتى يَشُبّوا متعشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، ومكارمِ الأخلاق.
كذلك يُمنع الولد من الحلف رأساً صادقاً أم كاذباً حتى لا يتعود على ذلك وإذا كان لآبد فليتعلم أن يحلف بالله عزوجل والرسول الكريم كما في المتفق عليه يقول :
” من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ” ..
- كذلك تجنيبهم الأخلاق الرذيلة، وتقبيحها في نفوسهم :
فيُكرّهُ الوالدُ لهم الكذب، والخيانة، والحسد، والحقد، والغيبة، والنميمة، والأخذ من الآخرين، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والجبن، والأثرة، وغيرها من سفاسف الأخلاق ومرذولها ..
حتى ينشأوا مبغضين لها، نافرين منها.
- كذلك تعليمهم الأمور المستحسنة، وتدريبهم عليها: كتشميت العاطس، وكتمان التثاؤب، والأكل باليمين، وآداب قضاء الحاجة، وآداب السلام ورده، وآداب الرد على الهاتف، واستقبال الضيوف، والتكلم بالعربية وغير ذلك.
فإذا تدرب الولد على هذه الآداب والأخلاق، والأمور المستحسنة منذ الصغر ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا فإنه يقبل التعليم والتوجيه، ويشب على ما عُوّدَ عليه كما قيل : وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منا
على ما كان عودهُ أبوه
وكما قيل :
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولا يلين إذا قومته الخشب
وكما قال صالح بن عبد القدوس :
وإن من أدبته في الصبا
كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه ناضرا مورقاً
بعد الذي قد كان من يبسه
فالمربي كالطبيب الحاذق الماهر الذي يعرف العلة ويصف لها الدواء ولآبد من المراقبة الفعلية لقوله صلي الله عليه وسلم لما رواه أبو داود والترمذي:
“ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه “
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= رعايتهم وجدانياً وعاطفياً :
وذلك بالإحسان إليهم ورحمتهم، وملاعبتهم وملاطفتهم ..
لاتكن يا ايها الاب ولا انتي ايتها الام صاحب وجهٍ عبوس ، صاحبَ وجهٍ غاضب مكفهر
لا تعرف الا لغة القسوه والشده والتعامل بالعنف والزجر والغلظه والسوط والنهر والقهر ..
اولادك يحتاجون منك ابتسامتك ، يحتاجون منك الملاطفه والملاعبه والتسليه ..
وللأسف ان البعض يخرج عبوساً ويعود غاضباً
ليس له معه أولاده جلسه لسماعهم والتحدث معهم
ليعرف مع من يجلسون ومن اينّ أتوا واين ذهبوا وماذا يحتاجون وكيف عاشوا يومهم ..
وقد ورد في ذلك أن الرسول قَبَّل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع :
إنّ لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله فقال: "مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ".
وروى شداد بن الهاد عن أبيه قال :
خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدَّم رسول الله فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلَّى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، قال أبي:
فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلمَّا قضى رسول الله الصلاة قال الناس يا رسول الله :
إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك. فقال عليه الصلاة والسلام :
"كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ".
وروى أيضًا أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ".
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تعويدهم الفرائض والعادات الحميدة :
ومنها تعويد الأبناء علىٰ أداء فرائض دينهم، وتربيتهم عليها منذ وقتٍ مبكرٍ، كي لا يشقَّ الأمر عليهم حين البلوغ أمر بالغ الأهمية ..
يقول صلي الله عليه وسلم لما روى ابوداود والحاكم :
” مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ”
هنا يأمر الولد بالصلاة لسبع سنين فإذا بلغ عشر يضرب عليها ثم بعد ذلك يفرق بينهما في المضاجع ..
كذلك تعويد الاولاد علي الصوم منذ الصغر ليتعلَّم منَ الصِّيام معني الإخلاص الحقيقي لله عزَّوجلَّ ومراقبته في السِّرِّ والعلانية.
- وبالصَّوم تقوى إرادة الطِّفل بحيث يتحكم في نفسه ويكون قادرًا على كبح جماحها، فيبتعد عنِ الطَّعام رغم الجوع، وعنِِ الشَّراب رغم العطش.
- وبالصِّيام يتربى الطِّفل على حبِّ النِّظام واحترام الوقت ودقَّة المواعيد.
- وبالصِّيام يتخلَّص الطِّفل من الأنانية والأثرة، ويتعود على الصَّبر والإيثار.
- وبالصِّيام يترقَّى شعور الأطفال وأحاسيسهم، فيشعرون بألم الجوع والعطش الَّذي يشعر به كثير من أطفال المسلمين في كثير من بقاع العالم
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل أحكامه وآدابه وسننه بشكلٍ عمليٍّ وهو أفضل طرق التَّعليم.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطَّفل خلق الأمانة والصِّدق والمراقبة الذَّاتيَّة، فهو ينمِّي في الطِّفل قيم السُّلوك الاجتماعيَّة الَّتي تهذِّب النَّفس وترقيها.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل منهج الثَّواب والعقاب، فيعلم أنَّ الطِّفل يثاب إذا أطاع الله، ويعاقب إذا ارتكب المعصية.
ومن حقوق الابناء على الاباء :
= النفقةُ عليهم :
والإسلام كَفِلَ حقّ الأبناء في النفقة وأمر بها الآباء حتى يكبروا ويعملوا ويعتمدوا على أنفسهم، بل بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حري بالمسلم أن يترك لأولاده ما يستغنون به عن سؤال الناس وتكففهم.
فعن عامر بن سعد، عن أبيه قال :
مرضت بمكة، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فقلت: إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي، أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير أو كبير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس، إنك لن تنُفقَ نفقةً إلا أُجرتَ فيها حتى اللقمة ترفعها في امرأتك.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول -:
"كفى بالمرءِ إثماً أن يضيع من يقوت"
وفي روايه ( كفى بالمرء إثماً ان يضيع من يعول )
فكما تُحبُ ان يكون اولادكَ فكن انت إقبالاً وإدباراً فإنما الولدُ سِرُ أبيه :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطُّورِ: 21].
بَارَكَ الله لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= غرس العقيدة ويقظةُ الضمير :
أن يُربى الولد على عقيدة راسخة ويقظة ضمير وتعالوا إلى تعاليم الإسلام فالرسول صلي الله عليه وسلم عندما يركب خلفه ابن عمه عبد الله بن عباس يجدُ أنّها فرصة لتعليمه العقيدة ..
يقول عبد الله بن عباس كنت رَدِفَ رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لي :
” يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا توكلت فتوكل على الله واعلم أنه لو اجتمعت الأمة الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك واعلم أنه لو اجتمعت الأمة والإنس والجن على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك طويت الصحف وجفت الأقلام ” (الترمذي).
إنّه تعليمٌ عظيم من رسولٍ كريم لغلامٍ صغير!
والطفل يولد صفحه بيضاء وعلى الأب ان ينقش عليها مايشاء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَيُشَرِّكَانِهِ"-
ومن اهم مايجب على الوالد نقشه في أولاده
هو غرسُ الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد ، بل هو أوجب شيء على الوالدين أن يحرصوا كل الحرص، على هذا الأمر، وأن يعاهدوه بالسقي والرعاية..
- كأن يعلم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها..
- وينمي في قلوبهم محبة الله عزوجل وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده..
- ويعلمهم أيضا أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء..
- ويُحبب له كل شيء عملياً وامام عينيه فاءذا وجد اسم الله على الارض رفعه أمامه لينشأ على تعظيم الله وحبِّ الله ..
- يصلي على رسول الله أمامه ويكثر من ذلك في حضوره لينشأ ويترعرع ويشبّ على حبِّ رسول الله وصحابته الكرام ..
- يسبح الله أمامه ويذكر الله أمامه ويقرأ كتاب الله أمامه ليعيش في روض الله وذكر الله وحبِّ الله.
إلى غير ذلك من أمور العقيدة، وهكذا يوجههم إذا كبروا إلى قراءة كتب العقيدة المناسبة لهم.
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= العدلُ بين الأبناء :
نعم أخوة الإسلام :
إنّ من الحقوق الواجبة للابناء أن نعدل فيما بينهم
ولذا جاء الشريعة تأمرنا بالعدل بينهم في الْهِبَات والاُعطيات وَالْمَحَبَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمْ؛ .. لما رواه الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" اعْدِلُوا بين أولادكم فى النِّحَل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر والعطف ."
ولاشك أنكم تعرفون القصة التى وردت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا أَيْ أَعْطَيْتُهُ غُلاَمًا كَانَ لِي.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟"، فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"فَأَرْجِعْهُ". وَفِي رِوَايَةٍ:
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟!"، قَالَ: لاَ.
فقال صلى الله عليه وسلم-:
"اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ".
وفي روايه انه قَالَ:
« فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّى لاَ أَشْهِدُ عَلَى جَوْرٍ »..
حتى العدل يا كرام مطلوبٌ على مستوى القبلات
ورد في هذا قصة لطيفة رواها البيهقي في شعب الإيمان :
أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابنٌ له ذكر ..
فماذا صنع ؟!
قبّله وأجلسه في حجره،..
ثم جاءت ابنةُ نفس الأب هذا فأخذها فأجلسها إلى جنبه.
إذاً الابن في حجره والبنت إلى جنبه..
الابن قبله والبنت لم يقبلها بل أجلسها إلى جنبه فقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(فما عدلت بينهما).
لان العدل أساسُ المحبةِ والألفة والموده .!
والظلم والجَور أساسُ البغض والحسد والحقد،
فالوالد الذي يُفضل بعض الأبناء على بعض قد جار في حكمه وعدله والقى بين أبنائه البغض والكراهية والانانيه والحقد وتوغر صدور بعضهم على بعض..
ولذلك حصل ما حصل بين يوسف وإخوته لأنهم:
﴿ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾
لذلك لا ينبغي أن يكون الوالد أو الوالدة في التصرفات والأعمال على تفضيل ولد على ولد وإنما يكون كل منهم على تقوى الله عزوجل فيحسنوا إلى الجميع سواء كان ذلك التفضيل من الجانب المعنوي أو الجانب الحسي المادي،
فإذا أعطى الابن شيئاً يعطي الأنثى كذلك.
ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعينٌ واجعلنا للمتقين اماماً ..
رَبِّنا هَبْ لِنا مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاه ومن ذريتنا ربنا وتقبل دعاء .
عِبَادَ الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]
فَأَكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ يُعْظِمْ لَكُمْ رَبُّكُمْ بِهَا أَجْرًا، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم-:
"مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ، وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ حقّ الابناء على الابآء ]
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 18 }}
إعداد وتنظيم وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في 26 أكتوبر 2018 م
الموافق 10 صفر 1440هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
لجمعتين متتاليتين تحدثنا فيها عن برِ الوالدين
وعن هذه العباده وهذا العمل الذي يحبه الله
ودعونا فيها كل الابناء والبنات الى طاعه الوالدين وبرِهم والإحسان اليهم لانها من حقوق الاباء والأمهات عليهم كأبناء ..
واليوم من باب العدل والإنصاف نوجه نداءً للآباء والأمهات اقول لهم فيه :
كَمَا عَلِمْتم حُقُوقَكم ايها الاباء والأمهات وكما علمتم وَاجِبَ بِرِّكم وَطَاعَتِكم، فِي الْخُطْبَ التى سّبِقَت، فإن عليكم اليوم ان تعلموا أَنَّ لِلأَوْلادِ حُقُوقًا يَجِبُ عَلَيْكمْ أَدَاؤُهَا، وَآدَابًا يَلْزَمُكُم الْقِيَامُ بِهَا..
فالابناء هم ثِمَارُ قُلُوبِنَا وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، وَنَحْنُ لَهُمْ سَمَاءٌ ظَلِيلَةٌ وَأَرْضٌ ذَلِيلَةٌ..
الأبناء هم أمنيةُ الأنبياء والأولياء والصالحين
اخبرنا الله تعالى عن ذلك في كتابه وهاك بيانه:
فقال عن أمنية زكريا عليه السلام :
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].
وقال عن أمنية إبراهيم عليه الصلاة وسلام :
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 9]
فيجب علينا إذا حرصنا على الذرية ألا نحرص عليها لمجردِ أن نكون آباء وأن يكون لنا أبناء،
بل يجِبُ أن يكون حرصنا على صلاح الذرية
وأن تكون ذريةً طيبة صالحة وان يكون دعاءنا لربنا كدعاء عباد الرحمن :
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
الأولاد يا ايها الكرام :
أمانةٌ في أيدي الوالدين يُسألان عما صنعاه في تربيتهم ومختلف شئونهم بين يدي الله رب العالمين...
يقول سيّدُ البشريه ومعلم الانسانيه صلي الله عليه وسلم لما رواه ابن حبّان :
" إنّ الله سائلُ كُلُّ راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيته” .
فإن ربّي الأب الولد وعوده الخير وعلمه وارشده نشأ عليه وسعد به في الدنيا والآخرة وإلا فقد هلك وشقي وكان الوزر في رقبة والديه..
والذي ينظر إلى تعاليم الإسلام يجد أن الإسلام نظر إلى الولد وهو لا يزال نطفة في علم الغيب إلى أن يصير شاباً ورجلاً يافعاً يقدر على الجهاد في معترك الحياة …
من هنا أوجب الإسلام علي الآباءِ حقوقاً للأبناء وبين وسائل وسبل معينة على تربية الأولاد،
وأمور يَجدرُ بنا مراعاتها، وينبغي لنا سلوكَها مع فلذاتِ الأكباد، ومن هذة الحقوق التى يجب على الاباء أداؤها ما يلي :
= أن يختار لهم أمّاً صالحةً لا يُعيّرونَ بها :
لأن الأم الصالحة مثلُ الأرض فإن كانت طيبةً صالحة فطيبٌ نبتها وإن كانت خبيثة فخبيثٌ نبتها..
وديننا وشريعتنا السمحاء اهتمت بهذا الاختيار وبهذا الجانب اهتماماً كبيراً لان :
الأم مدرسة أذا أعددتها
أعددت شعباً طيّبَ الاعراقِ
الأمُ روضٌ إن تعهدَ الحيا
بالريِ أورق أيُّماً إيراقِ
الأمُ أستاذُ الأساتذةِ الأُلى
شُغلت مآثرهم لدى الآفاقِ
من لى بتربيةِ النساءِ فإنها
في الشرقِ علةُ ذلك الإخفاقِ
يقول صلي الله عليه وسلم كما اخرجه مسلم :
” الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة “
والعناية باختيار الزوجة الصالحة من الأمور التي يوصي بها الإسلام ويشدد عليها فلا يليق بالإنسان أن يقدم على الزواج إلا بعد استخارة الله عزوجل واستشارة أهل الخبرة والمعرفة ..!
يقول الحسن البصري لأولاده وهو يحتضر على فراش الموت :
” يا أولادي لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وأحسنت إليكم قبل أن تولدوا قالوا : يا أبانا لقد أحسنت إلينا صغاراً وأحسنت إلينا كباراً وعرفنا ذلك فكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد قال :
لقد اخترت لكم أماً صالحة اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها”.
وأنشد الرياشي لأولاده :
فأولُ إحساني إليكم تَخيّري
لماجدةِ الأعراقِ باد عفافها
فهو يقول لهم أنني أول شيء أحسنت إليكم به: أنني اخترت لكم أماً صالحة ...
الأم الصالحه والزوجة الصالحه التى تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر وتحفظه إذا غاب..
"فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه
فهناك امرأةٌ تكون نعمة وأخرى تكون مصيبة ونقمه وأخرى تكون كارثه وشر ووبال ودمار وهلاك..
إذا دخل عليها الزوج سبَّته ، واذا خرج من عندها لعنته وقبحته ، وإذا غاب عنها خانته..
يعيش الزوج معها في هموم وغموم ونكد وغصص
نكّارة للجميل ونكّارة للمعروف وتنسى كل موقف ..
لو قدم لها الزوج ماقدم من غالي ونفيس ففي أدنى مشكله واتفه موقف تتنكر لكل شيء..
وصدق رسولنا حيث قال كماجاء للدار قطني
” إياكم وخضراء الدمن : قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء “.
أما خير النساءِ وافضلهنّ فهنّ اللاتي قال عنهنّ
النبي صلي الله عليه وسلم كما روى النسائي وغيره بسند صحيح :
” خير النساء من إذا نظرتَ إليها سرتك , وإذا أمرتها أطاعتك , وإذا قسمت عليها أبرتك , وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك “
والأفضل منهنّ ما أكد ذلك حبيبنا في حديثه كما روى البخاري ومسلم :
“تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها وحسبها ثم اختتم بقوله ولدينها ...؟
-ذات الدين التى تُقدَّر الحياة الزوجيه بمافيها من سعادة وحزن وضيق وسعه وكرب وفرج .
- ذات الدين التى تقدر الزوج وتحترمه وتصونه وتحفظه وتطيعه .
- ذات الدين التى هي في العسر واليسر سواء
- ذات الدين الصابره المحتسبه..
- ذات الدين الصائمه المصليه القائمه .
- ذات الدين التى ترضى بالقليل .
- ذات الدين التى لاتُقلّد غيرها ولاتؤنب زوجها.
- ذات الدين التى لاتنسى المعروف ولاتنكر الجميل.
هذه العابده التقيه المتدينه قال عنها الرسول في اخر حديثه :
" فاظفر بذات الدين تربت يداك “.
ولذلكم /
الزوجة هي أمُّ الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها،..
وعلى الشخص والعازم على الزواج حُسنُ الاختيار واستشاره من سبقه في ذلك ..
يقول صلي الله عليه وسلم كما روى ذلك ابن ماجه وابن حبّان :
” تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”
ويقول أكثم بن صيفي لولده :
“يا بني لا يحملنكم جمالُ النساءِ عن صراحةِ النسب؛ فإن المناكحَ الكريمة مدرجة للشرف”.
امّا من ناحية المرأة فلها كذلك أن تختار الرجل الصالح والزوج الصالح وكذلك أوليائها معها يشاركونها في هذا الأمر والنبي صلى الله عليه وسلم قال :
"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض".
اما اولئك الاباء الطمّاعون الذين اصبحت البيوت بسبب جشعهم تمتليء بالبنات العانسات .
والذين يرون من بناتهم سلع يتاجرون بهن ويزايدون فيهنّ وكأنهم في سوق يبيع سياره او فله او قطعه ارض ، ومن قدم الأكثر فهو المقبول ولربما زوجها لشخص فاجرٍ بسبب ثراءه او لمجرم عربيد لغناه...
هولاء سيسئلون ويوم القيامه سيعضون على أنامل الندم وستتعلق بناتهم برقابهم يوم ان تقدم لهنّ الصالح المصلي الراكع الساجد التقي النقي صاحب الخلق والدين فرده ورفضه ..!
ويوم ان تقدم صاحب الملايين والكنوز قبله بلا بحثٍ عنه او سؤال او تحري عن اخلاقه وطبعه.
- وليسمع من يجعل من بناته سلعه رخيصه تباع لإشباع غريزته و إرواء طمعه وجشعه يقول عليه الصلاه والسلام : "مَنْ عَالَ ثَلاَثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ، وَزَوَّجَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ الْجَنَّةُ".
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تسميتهم بأسماء حسنة :
أسماء إسلامية عربية حسنة، وأن يحذروا من تسميتهم بالأسماء الممنوعة، أو الأسماء المكروهة، أو المشعرة بالقبح، فالأسماء تستمر مع الأبناء طيلة العمر، وتؤثر بهم، وبأخلاقهم.
قال صلى الله عليه وسلم لمارواه ابو داود:
"إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ".
يقول ابن القيم رحمه الله -:
"فَقلَ أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل :
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقبٍ
إلا ومعناه لو فكرت في لقبه
والله سبحانه بحكمته, في قضائه وقدره يُلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها؛ لتُناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها.
قال أبو الفتح ابن جني :
ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه، ثم أكتشفه، فإذا هو ذلك بعينه، أو قريب منه.
وما أجملَ قول البيحاني في منظومته :
سمِّ الذي جئتَ به محمدا
أو طاهراً أو مصطفى أو أحمدا
نعم وإن شئت فعبدُ اللهِ
لكي يعيشَ تحت لطفِ اللهِ
والبنت سميها بأمِ هاني
لا باسمِ فيروزَ ولا اسمهانِ
- ولقد كان صلى الله عليه وسلم يُغيّر الأسماء غير الجميلة إلى أسماء جميلة، ويأمر بذلك ..
فمما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لمارواه مسلم
عن ابن عمر رضى الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية قال:« أنت جميلة »..
وعن أسامة بن أخدرى :
أن رجلاً من بنى شقرة يقال له (اصرم)وكان في النفر الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بغلام له حبشي اشتراه من تلك البلاد فقال :
يا رسول الله إني اشتريت هذا وأحببت أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال: ما اسمك أنت قال :
أنا أصرم، قال: بل أنت زرعة، قال: ما تريده قال أريده راعياً، فقال: هو عاصم هو عاصم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم كفه.
وفي الصحيح عن سعيد بن المسيب رحمه الله
عن أبيه عن جده قال: أتيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ما اسمك؟"
قال: حزنٌ. قال: "أنت سهلٌ"
قال: لا أغيرُ اسماً سَمّانيه أبي !!
قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد" !!.
وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه فطلب الخليفه الفاروق بأحضار الولد .
فلما وقف الولد عند الخليفه عمر أخذ الخليفه عمر يُأنّبُ الولد على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه عليه، فقال الولد :
يا أمير المؤمنين أليسَ للولدِ حقوقٌ على أبيه؟
قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟.
قال عمر: أن ينتقي أمّه ويُحسنَ اسمه ويُعلّمه الكتاب أي "القرآن ".
قال الولد: يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجيّة كانت لمجوس...
وقد سمّاني جُعْلاً أي " خنفساء " ..
ولم يعلّمني من الكتاب حرفاً واحداً.
فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقّك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك...
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم :
فيحرص الوالد على تربية أولاده على التقوى، والحلم، والصدق، والأمانة، والعفة، والصبر، والبر،والصلة، والجهاد، والعلم؛ حتى يَشُبّوا متعشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، ومكارمِ الأخلاق.
كذلك يُمنع الولد من الحلف رأساً صادقاً أم كاذباً حتى لا يتعود على ذلك وإذا كان لآبد فليتعلم أن يحلف بالله عزوجل والرسول الكريم كما في المتفق عليه يقول :
” من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ” ..
- كذلك تجنيبهم الأخلاق الرذيلة، وتقبيحها في نفوسهم :
فيُكرّهُ الوالدُ لهم الكذب، والخيانة، والحسد، والحقد، والغيبة، والنميمة، والأخذ من الآخرين، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والجبن، والأثرة، وغيرها من سفاسف الأخلاق ومرذولها ..
حتى ينشأوا مبغضين لها، نافرين منها.
- كذلك تعليمهم الأمور المستحسنة، وتدريبهم عليها: كتشميت العاطس، وكتمان التثاؤب، والأكل باليمين، وآداب قضاء الحاجة، وآداب السلام ورده، وآداب الرد على الهاتف، واستقبال الضيوف، والتكلم بالعربية وغير ذلك.
فإذا تدرب الولد على هذه الآداب والأخلاق، والأمور المستحسنة منذ الصغر ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا فإنه يقبل التعليم والتوجيه، ويشب على ما عُوّدَ عليه كما قيل : وينشأُ ناشئُ الفتيانِ منا
على ما كان عودهُ أبوه
وكما قيل :
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت
ولا يلين إذا قومته الخشب
وكما قال صالح بن عبد القدوس :
وإن من أدبته في الصبا
كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه ناضرا مورقاً
بعد الذي قد كان من يبسه
فالمربي كالطبيب الحاذق الماهر الذي يعرف العلة ويصف لها الدواء ولآبد من المراقبة الفعلية لقوله صلي الله عليه وسلم لما رواه أبو داود والترمذي:
“ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه “
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= رعايتهم وجدانياً وعاطفياً :
وذلك بالإحسان إليهم ورحمتهم، وملاعبتهم وملاطفتهم ..
لاتكن يا ايها الاب ولا انتي ايتها الام صاحب وجهٍ عبوس ، صاحبَ وجهٍ غاضب مكفهر
لا تعرف الا لغة القسوه والشده والتعامل بالعنف والزجر والغلظه والسوط والنهر والقهر ..
اولادك يحتاجون منك ابتسامتك ، يحتاجون منك الملاطفه والملاعبه والتسليه ..
وللأسف ان البعض يخرج عبوساً ويعود غاضباً
ليس له معه أولاده جلسه لسماعهم والتحدث معهم
ليعرف مع من يجلسون ومن اينّ أتوا واين ذهبوا وماذا يحتاجون وكيف عاشوا يومهم ..
وقد ورد في ذلك أن الرسول قَبَّل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس، فقال الأقرع :
إنّ لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله فقال: "مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ".
وروى شداد بن الهاد عن أبيه قال :
خرج علينا رسول الله في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدَّم رسول الله فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلَّى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدةً أطالها، قال أبي:
فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلمَّا قضى رسول الله الصلاة قال الناس يا رسول الله :
إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك. فقال عليه الصلاة والسلام :
"كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ".
وروى أيضًا أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ".
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= تعويدهم الفرائض والعادات الحميدة :
ومنها تعويد الأبناء علىٰ أداء فرائض دينهم، وتربيتهم عليها منذ وقتٍ مبكرٍ، كي لا يشقَّ الأمر عليهم حين البلوغ أمر بالغ الأهمية ..
يقول صلي الله عليه وسلم لما روى ابوداود والحاكم :
” مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ”
هنا يأمر الولد بالصلاة لسبع سنين فإذا بلغ عشر يضرب عليها ثم بعد ذلك يفرق بينهما في المضاجع ..
كذلك تعويد الاولاد علي الصوم منذ الصغر ليتعلَّم منَ الصِّيام معني الإخلاص الحقيقي لله عزَّوجلَّ ومراقبته في السِّرِّ والعلانية.
- وبالصَّوم تقوى إرادة الطِّفل بحيث يتحكم في نفسه ويكون قادرًا على كبح جماحها، فيبتعد عنِ الطَّعام رغم الجوع، وعنِِ الشَّراب رغم العطش.
- وبالصِّيام يتربى الطِّفل على حبِّ النِّظام واحترام الوقت ودقَّة المواعيد.
- وبالصِّيام يتخلَّص الطِّفل من الأنانية والأثرة، ويتعود على الصَّبر والإيثار.
- وبالصِّيام يترقَّى شعور الأطفال وأحاسيسهم، فيشعرون بألم الجوع والعطش الَّذي يشعر به كثير من أطفال المسلمين في كثير من بقاع العالم
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل أحكامه وآدابه وسننه بشكلٍ عمليٍّ وهو أفضل طرق التَّعليم.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطَّفل خلق الأمانة والصِّدق والمراقبة الذَّاتيَّة، فهو ينمِّي في الطِّفل قيم السُّلوك الاجتماعيَّة الَّتي تهذِّب النَّفس وترقيها.
- وبالصِّيام يتعلَّم الطِّفل منهج الثَّواب والعقاب، فيعلم أنَّ الطِّفل يثاب إذا أطاع الله، ويعاقب إذا ارتكب المعصية.
ومن حقوق الابناء على الاباء :
= النفقةُ عليهم :
والإسلام كَفِلَ حقّ الأبناء في النفقة وأمر بها الآباء حتى يكبروا ويعملوا ويعتمدوا على أنفسهم، بل بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حري بالمسلم أن يترك لأولاده ما يستغنون به عن سؤال الناس وتكففهم.
فعن عامر بن سعد، عن أبيه قال :
مرضت بمكة، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فقلت: إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي، أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير أو كبير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس، إنك لن تنُفقَ نفقةً إلا أُجرتَ فيها حتى اللقمة ترفعها في امرأتك.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول -:
"كفى بالمرءِ إثماً أن يضيع من يقوت"
وفي روايه ( كفى بالمرء إثماً ان يضيع من يعول )
فكما تُحبُ ان يكون اولادكَ فكن انت إقبالاً وإدباراً فإنما الولدُ سِرُ أبيه :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطُّورِ: 21].
بَارَكَ الله لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= غرس العقيدة ويقظةُ الضمير :
أن يُربى الولد على عقيدة راسخة ويقظة ضمير وتعالوا إلى تعاليم الإسلام فالرسول صلي الله عليه وسلم عندما يركب خلفه ابن عمه عبد الله بن عباس يجدُ أنّها فرصة لتعليمه العقيدة ..
يقول عبد الله بن عباس كنت رَدِفَ رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لي :
” يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا توكلت فتوكل على الله واعلم أنه لو اجتمعت الأمة الإنس والجن على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك واعلم أنه لو اجتمعت الأمة والإنس والجن على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك طويت الصحف وجفت الأقلام ” (الترمذي).
إنّه تعليمٌ عظيم من رسولٍ كريم لغلامٍ صغير!
والطفل يولد صفحه بيضاء وعلى الأب ان ينقش عليها مايشاء والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ" وَفِي رِوَايَةٍ: "وَيُشَرِّكَانِهِ"-
ومن اهم مايجب على الوالد نقشه في أولاده
هو غرسُ الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد ، بل هو أوجب شيء على الوالدين أن يحرصوا كل الحرص، على هذا الأمر، وأن يعاهدوه بالسقي والرعاية..
- كأن يعلم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها..
- وينمي في قلوبهم محبة الله عزوجل وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده..
- ويعلمهم أيضا أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء..
- ويُحبب له كل شيء عملياً وامام عينيه فاءذا وجد اسم الله على الارض رفعه أمامه لينشأ على تعظيم الله وحبِّ الله ..
- يصلي على رسول الله أمامه ويكثر من ذلك في حضوره لينشأ ويترعرع ويشبّ على حبِّ رسول الله وصحابته الكرام ..
- يسبح الله أمامه ويذكر الله أمامه ويقرأ كتاب الله أمامه ليعيش في روض الله وذكر الله وحبِّ الله.
إلى غير ذلك من أمور العقيدة، وهكذا يوجههم إذا كبروا إلى قراءة كتب العقيدة المناسبة لهم.
ومن حقوق الابناء على الابآء :
= العدلُ بين الأبناء :
نعم أخوة الإسلام :
إنّ من الحقوق الواجبة للابناء أن نعدل فيما بينهم
ولذا جاء الشريعة تأمرنا بالعدل بينهم في الْهِبَات والاُعطيات وَالْمَحَبَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهُمْ؛ .. لما رواه الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" اعْدِلُوا بين أولادكم فى النِّحَل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر والعطف ."
ولاشك أنكم تعرفون القصة التى وردت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا أَيْ أَعْطَيْتُهُ غُلاَمًا كَانَ لِي.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟"، فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"فَأَرْجِعْهُ". وَفِي رِوَايَةٍ:
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم-:
"أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟!"، قَالَ: لاَ.
فقال صلى الله عليه وسلم-:
"اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ".
وفي روايه انه قَالَ:
« فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّى لاَ أَشْهِدُ عَلَى جَوْرٍ »..
حتى العدل يا كرام مطلوبٌ على مستوى القبلات
ورد في هذا قصة لطيفة رواها البيهقي في شعب الإيمان :
أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابنٌ له ذكر ..
فماذا صنع ؟!
قبّله وأجلسه في حجره،..
ثم جاءت ابنةُ نفس الأب هذا فأخذها فأجلسها إلى جنبه.
إذاً الابن في حجره والبنت إلى جنبه..
الابن قبله والبنت لم يقبلها بل أجلسها إلى جنبه فقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(فما عدلت بينهما).
لان العدل أساسُ المحبةِ والألفة والموده .!
والظلم والجَور أساسُ البغض والحسد والحقد،
فالوالد الذي يُفضل بعض الأبناء على بعض قد جار في حكمه وعدله والقى بين أبنائه البغض والكراهية والانانيه والحقد وتوغر صدور بعضهم على بعض..
ولذلك حصل ما حصل بين يوسف وإخوته لأنهم:
﴿ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾
لذلك لا ينبغي أن يكون الوالد أو الوالدة في التصرفات والأعمال على تفضيل ولد على ولد وإنما يكون كل منهم على تقوى الله عزوجل فيحسنوا إلى الجميع سواء كان ذلك التفضيل من الجانب المعنوي أو الجانب الحسي المادي،
فإذا أعطى الابن شيئاً يعطي الأنثى كذلك.
ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعينٌ واجعلنا للمتقين اماماً ..
رَبِّنا هَبْ لِنا مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاه ومن ذريتنا ربنا وتقبل دعاء .
عِبَادَ الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]
فَأَكْثِرُوا عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ يُعْظِمْ لَكُمْ رَبُّكُمْ بِهَا أَجْرًا، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم-:
"مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ، وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين