الاثنين، 21 يناير 2019

🎤
خـطبــــة جمعــــــة بعنـــــــــــوان        
   [ الـصحــابي علي بن ابي طالب ]
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في  18 ينايـر 2019م
المـوافـــق 12 جمـــادي الاولــى 1440هـ
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ          
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
تحدثنا في الجمعة الماضيه عن موضوع الرجوله
وقلنا انّ الرجولة الحقه هي مواقف ومباديء وقيم ومُثل واخلاق ..
وقلنا يا كـــرام انّ الدنيا لم ترَ الرجولة في احلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في ذلكم الجيل الفريد وفي تلك النّماذج الكريمه التى صنعها الإسلام على يد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ..
رجالٌ من الطراز الممتاز الذين تفتّحت على ايديهم كنوزُ الارض وأبواب السماء .
ولأجـــل ذلــكم أردت اليوم ان أُذكّر نفسي وإياكم بأحد هذه النماذج المشرقه وأحد هؤلاء الرجال الابطال الذين رباهم الحبيب صلى الله عليه وسلم وتخرجوا من جامعته ..
نعـــــم احبتــــي الكـــــرام
حديثُ اليوم وفي نصف ســاعة تزيد او تنقص قليلاً عن علمٍ من اعلام الأمة ورجــلٌ من رجالها ونجــم من نجومهـا ، وفـارس من فرسـانها ، وأسد من اسودها الأبطال الميامـــين ..

إنّه احد الخُلفاء الراشدين، واحد السابقين الأوَّلين الى الاسلام ، واحدُ العشرة المبشرين بالجنَّة ، وأوَّل مَن أسلم من الصِّبيان ، وأول فدائي في الإسلام .
بشَّره النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالشهادة في أكثرَ من مشهد .
أحبَّه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وتُوفِّي وهو
راضٍ عنه ،  و جعله بمثابة هارون من موسى ..

- كان رضي الله عنه غزيرَ العلم، زاهدًا ، ورعًا شجاعًا، مِقدام ، شهد بدرًا، وأُحدًا، والخندق، وبيعة الرِّضوان، وجميعَ المشاهد مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلاَّ تبوك؛ فإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خلَّفه على أهله ..
- تولَّى الخلافة عام ٣٥٠ للهجره بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وحكم خمس سنوات .
- واجهَ الخوارج وأدبهم ، وواجه المتمردين وطاردهم ، وواجه البغاة وشتتهم ، فحياته كلُّها مواجهه حتى لقب ب( رجــل المــواجـــهه ) !!
      فمن هو رجــــــلُ المــــــواجـهه ؟؟!!
انّه البطل المجاهد ، والإمام الفقيه ، والحكيم الزاهد ، والتقي النقي ، صهرُ رسول الله وابن عمه
{ عليُ بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه }
من هو علي ؟! وكيف اعرّف علي ؟!
هل تريدون أن اعرّف لكم علي بن ابي طالب !!
بأيِّ لسان اتكلم من هنا عن ابي الحسن .!
إنّني أعلن من هنا انّي عاجزٌ عن الوفاء بحقه
لكن يكفينا وفاءً أنّ قلوبنا تحبه وتفرح لذكره ودراسة سيرته .!
أسلم رضي الله عنه وارضاه وعمره عشرُ سنوات فكان أوّلُ غلامٍ في الارض أعلن لا اله الا الله محمد رسول الله .
وفي هذا درسٌ جدير بالإشارة إليه ، درسٌ للشباب والغلمان والناشئة .!
درسٌ لمن يؤخر إلتزامه ، ويؤخر تمسكه بكتاب ربه وسنه رسوله ، ويؤخر العمل الجاد لهذا الدين بحجة صغر سنه ..
هاهو علي رضي الله عنه اول غلام أعلن في الوجود لا اله الا الله محمد رسول الله في عمر عشر سنوات .
اول غلام اسلم قبل ان يصبح عدد الغلمان والشباب اليوم ممن ساروا ومضوا في خطى
علي بن ابي طالب فوق الملايين من شباب الصحوة وشباب الدعوه والعقيده ..
فهو قائدهم غداً ، وهو من يقود كتيبة الشباب
يوم تتعدّد الطوابير ، وتتقسّم الصفوف فيكون هناك طابور للظلمه ، وطابور لآكلي مال اليتيم وطابور لآكلي الربا ، وطابور للمنافقين ، وطابور للقتله ، وطابور اخر متميز ومشرق لشابٍ نشأ في رضوان الله وطاعة الله ..
ولــذلكـــم
أسلم علي بين يديّ رسول الله وعندما اسلم ضمّه رسول الله الى حنانه ، ضمّه الى قلبه ، ضمّه الى بيته ، واعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم كل مايملك ، أعطاه الحب ، أعطاه الحنان ، أعطاه العلم والهدايه ..
ولاّه المبارزة أمام الابطال ، مجّده بالكلمات ، ذبَّ عنه وعن عرضه ، وقف معه حتى توفى وهو راضٍ عنه ..
ولـــهذا في ســيرة الصحابي الجليل علي بن ابي طالب رضي الله عنه قصصٌ وسلوى للفقراء والمنكوبين ، وفيها عزاءٌ للمصابين والمجروحين ، وفيها تخفيفٌ عن المضطهدين والمظلومين ..!
ســـيرةُ الإمـــام علي تمسح دموع البائسين وتخفف الألــم عن المحـــرومين .
فهي قصةٌ طــويله يستفيد منها ومن أحداثها وتفاصيلها كُلُّ مسلمٍ على وجة الارض ..

احبـــابـي الكــــرام
لمّـا وصــل علي بن ابي طالب الى المدينه أعطـــاه النبي صلى الله عليه وسلم جــائـزة كـــبرى ، فمــاهي هـــذه الجــــائــزة ؟؟
هـل هي قـصــر ؟! او مــركب ؟!
أو زاد ؟! او متـــاع ؟! او عقــــار ؟!
او مــــال ؟! او قطعــةٌ من أرض ؟!
أو عَـــرَضٌ من عــرض الدنـيا الـــزائل ؟!
   لا  .  لا
وإنّمـــا أعــلـــن علية الصلاة والسلام أمــام الكـــون ، وامـــام الدنيا ، وامــام النّـاس ، وأمـــام الملأ ، وامـــام الأجيـــــال :
[ أنّ علي بن ابي طالب يُحبُ الله ورســوله ويُحبــه الله ورســـوله ]
ويــا تــرى مــاهو سبب هذه المنحــــه الكـــبرى والجـــائـزة العظمــى وهــذا الــوســـام ؟!
أتــريدون معـــرفة الســبب ؟؟

حـاصـر رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود في خيبر قبل ان يجلوا منها بالقوة والحديد والنار
واليهود هم اعداء الله في كل زمان ومكان
سبوا الله عزوجل ، حرّفوا كلام الله ، بدّلوا شرائع الله ، قتلوا الانبياء ، قتلوا الموحدين ، قتلوا العلماء والمفكرين ..!
حــاصرهم النبي الكريم في خيــبر وضيّق عليهم الخنــاق ، وحــاول ان يفتح مدينة خيبر فاستعصت عليه لانّها كانت متمنّعه ..
ارسل ابابكر الصديق فمــا استطـــاع ..!
ارسـل عمر بن الخطاب فمـا استطـــاع ..!
فاهتمّ النّـاس همّــاً شــديداً ، وبــاتوا ليلةً طــويله فقام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وسـط الليل وقال :
( لأعطين ّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسـوله ، يفتح الله على يديه )
اي : يفتح على يديه خيـــبر ...
فبــات النّـاس يخوضون ويتساءلون ويتحدثون ويدوكون ليلتهم أيّهم يُعطاها ..!
بات النَّاس يتناقشون من هذا الذي سيفــوز بشهــادة رسول الله .!
من هـذا الذي سيظفــر بهذا الــوســـام .!
ومـن هـذا الذي سينــال هـذا التـاج !
فلمّا اصبـح النّـاس غـدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجوا ان يُعطى هذه الرايه
ويفــوز بهذا الـوسـام .!
فقال حينها رسول الله :
 " اينّ علي بن ابي طالب ؟؟
فقالوا : يشتكي عينيه يارسول الله ، أصابها الرمد
فقال : فأرسلوا اليه . فأتوني به .!
فلمّا جاء علي بن ابي طالب بصق النبي الكريم في عينيه فبرأت وكأَنَّهُ لم يكن بها وجع قط .
ثمّ اعطـاه الـرايه  .. فقال علي :
يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا .؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم أدعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه ، فو الذي نفسي بيده لئن يهدي الله بك رجـلاً واحداً خيرٌ لك من ان يكون لك حمر النّعم ).

فانطلق علي رضي الله عنه يحمل الراية ووقف على أسوار اخوان القردة والخنازير يناديهم الى الحق ويدعوهم الى العدل ..
ايّها الناس اسمعوا .، ايها الناس عُوا ..
تنبهوا ، اسمعوا ..!
ولكنّ القـرد لايفهم أبداً ، ولو رأى إشارتك وعرف كلامك ، ولأن الخنزير مطموس على بصيرته طمسا .!
فلم يسمعوا ، ولم يستجيبوا ، ولم يروا ، ولم يهتموا ، ولم يفهموا او يعقلوا ..!
فلمّـا رأى علي بن ابي طالب رضي الله عنه أنّ المفاوضات مع هؤلاء غير مُجديه ، وانّ المناقشات والحوارات غير مفيده ، وأن النداءات معهم لن توصل الى ايّ نتيجة او حل ..!
كان عنده حلٌ آخر ..!
فدعــا بطلهم الذي يتفاخرون بشجاعته للمبارزه علناً امام الجمـاهير وامام الجموع والحشود .
فتنزّل شُجاعهم مَرحَب اليهودي الخسيس
نزل يتباهى بقوته مختالاً في مشيه فقال مفتخراً :
قد علمت خيبر أني مَرحَبُ
                           شاكي السلاح بطل مجرَّبُ
         إذا الحروب أقبلت تَلهَّبُ
فنزل لمواجهته علي الشجاع .!
نزل علي الضرغام مردداً نشيد بطولته ، وعازفاً لحن شجــاعته وبطولته فقال بعزة المؤمن ونجابة الأبطال :
أنا الذي سمتنـي أمي حيــدره
                          كلَـيث غاباتٍ كريهِ المنظره
        أوفيهمُ بالصــاع كيلَ الســندره
ثمّ انطلق صوب مَرحب إنطلاق السهم ، وأقدم عليه إقدام السيل ، وانقض عليه انقضاض الصاعقة ،
وزأر في وجهه زئير الليث بقلبٍ فتيٍ وأنفٍ حمي
فضربه بسيفه حتى قسمه قسمان الى الهاويه والى النار وبئس القرار ، ثمّ كـان فتح خيبر على يديه رضي الله عنه وارضاه ..
فهل سمعتم يا شبـابَ الإســلام بمثل هذه البـطـــولات؟!
فدونكــم الأبطـــال ..!
 تعلمـــوا من هـم !! وتشبهـــوا بهـم ..!
وكــونــوا على سبيلهــم ومنهـاجهــم .!
وعيشــوا على سيرهم وأخبارهــم .!
ودعوا عنكم البطولات المزيفة، ولا تغتروا بمن يجعل السفاهة بطولة ، والخور شجاعة؛ ليقطعوا الأمة عن دينها ويفصلوها عن تاريخها فتمسي وتصبح على اللهو واللعب والعبث والضياع ..!

ولذلكـــم
كــان علي بن ابي طالب رضي الله عنه بطلاً للمـواجهه بكل ما تعنيه الكلمه من معنى ..
كان بطــلاً شجــاعاً لا يهاب الموت ، يؤدب به الرسول صلى الله عليه وسلم أعداء الله ورسوله وأعداء الاســـلام والمسلمــــين ..
وتتكرر المسأله مع علي بن ابي طالب ولكن هذه المره في يــوم الاحــزاب فيُحاصر الرسول صلى الله عليه وسلم حصاراً دامياً من مشركي العرب واليهود والقوميين الخونه والنصارى والمنافقين

ويأتي بطل من ابطال الكفر وفارس من فرسانهم الشجعان وهو عمر بن عبد ود العامري
فقام يدعوا المسلمين للمبارزه .. اراد من هذه الدعوة إنزال الخوف والرعب في قلوب المسلمين إذا ما انتهت للمبارزه بمقتل احد فرسان المسلمين على يديه ..
فقال ابن عبد ود : من يبارز ايها المسلمين !؟
فيسكتون جميعاً ..
فأعاد سؤاله : من يتقدم للمواجهه ؟
من يتقدم ليبارزني امام الجماهير فلايبرز احدٌ للمرةِ الثانيه ..
وكـــان علي بن ابي طالب متواجداً ويرقب المشهد فلم يرض حينها ان ينال من عزيمة المسلمين او ان يصابوا بالوهن والضعف او يتسلل الجبن الى نفوسهم .!
فقال علي : انا يارسول الله ليرفع بهذا من معنويات جيش المسلمين ..!
يُحبُ المواجهه دائماً رضي الله عنه وارضاه
دائمـاً روحه على كفّه يقدمها رخيصةً لنصرة الدين ورفع راية التوحيد والعقيده ..
شعاره دائماً وابداً :
أرواحنــا يا رب فــوق أكفنــا
                  نـرجــوا ثـوابك مغنمــاً وجــوارا
فقال عليه الصلاة والسلام :
يا علي انّه ليس رجلاً عادياً انّه عمربن عبدود
فقال البطل والشجاع في انفةٍ وحزم :
ولو كان عمر بن عبد ود ..!
فنزل علي الى ساحة النزال والمواجهه ..
وقف علي بن ابي طالب امام عمرو بن عبد ود
وقوف الابطال والرجال ..
وقف شامخاً رافع الرأس كالجبل الأشم ..
تبارز البطلان وألتقى الرجلان ..
بطل الاسلام ، وبطل الكفر ...
خريج جامعة محمد بن عبد الله ، وخريج جامعة ابو لهب وابو جهل وعبدالله بن سبأ ..
برقت السيوف ، وارتفع الغبار ، وشخصت الأبصار ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله لينصر علياً .
لينجلى حينها الغبار ، وينتهي النزال بفوزٍ ساحقٍ لأسد الاسلام علي بن ابي طالب رضي الله عنه
وإذا بعلي واقفٌ وجاثمٌ على صدر عمرو بن ود
قد فصل رأسه عن جسده وسيفه يقطر دماً فكبّر النبي صلى الله عليه وسلم وكبر معه المسلمين
حتى ارتج المكان تكبيراً ..

انّها الشجاعة النادره ياكرام ، انها البطولة النادره التي يصنعها الإيمان، فتمضي قُدُمًا تشقّ الأهــوال وتخترق الأبطــال ..
كنا جبالاً في الجبال وربما
                 سرنا علـى مـوج البحـار بحـــارا
كنا نري الأصنـام مـن ذهـب
                   فنهدمهـا ونهـدم فوقها الكفـــارا
لو كان غير المسلمين لحازهـا
                     كنزاً وصاغ الحلي والدينـــارا
احبتـــي الكــــرام :
وتمر الايام والسنون ويأتي اليوم الذي يريد فيه علي بن ابي طالب رضي الله عنه نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب ليخطب فاطمة الزهراء ، فاطمة البتول وسيدة نساء العالمين ..
وقف امام رسول الله يريد ان يتكلم معه فما استطاع حياءً من رسول الله ..
فتبسم المصطفى صلى الله عليه وسلم وعرف مقصد مجيئه وسر حياءه وسبب سكوته فقال :
( يا علي أتريد فاطمة زوجةً لك ؟ )
قال : نعم يا رسول الله .
قال : هل عندك مهر ؟
ورسول الله يعلم ان علياً لايملك ديناراً ولادرهماً ولاذهباً ولا فضةً ولاقصراً ولاحديقةً ولا عقاراً ولكنه يملك ايماناً كالجبال ، يملك على رأسه :
( لاعطين الرايه رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )
فقال يارسول الله ماعندي شيء .
فقال عليه الصلاة والسلام :
اينّ درعك الحطميّه ؟
قال : درعٌ لاتساوي درهمين ، فأتى به علي وسلمّه لرسول الله فعقد لهما الرسول وتزوج علي بفاطمة الزهراء وأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه ..
هي بنت مــن ؟ وهي زوج مــن ؟ وهي أمُّ مــن ؟
من ذا يداني في الفخــار أباهــا
أمّا أبوهــا فأكــرمُ مرســلٍ
                 حــادي النفــوس اذا تروم هداهــا
وعليٌ زوجٌ لا تســل عنه
                   فمــا أزكـى شمــائله وما انداهــا
إيوانه كــوخٌ وكنزُ ثــراءه
                            سيفــاً غدا بيمينه تيّاهــا
فـي روضِ فاطمــةٍ نما غصنــان
                  لم ينجبهمـا في الكائنات سواهــا

اقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مـن كل ذنـب فيـــا فــــوز المستغفـــريـــن
ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..

الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ                
احبتــــــي الگـــــــرام .. روّاد مســجد بــلال :
نقف في هذه الدقائق اليسيرة والمعدوده من عمرِ هذا اليوم مع فــارس من فــرســان العقيــده وبطل من ابـطالهـا وأسد من اســودها الشجعان
إنّه الصحابي الكـــبير والإمـــام الفقيــه والصـــابر المحتسب والــزاهـــد الـــورع
علي بن ابي طالب رضي الله عنه وعن الصحابة اجمعين ومن تبعهم بإحســـانٍ الى يوم الدين ..

وإننا من هذا المكان نُشهدُ اللهَ تعالى وملائكتة والنّاس اجمعين على محبةِ هذا الصحابي الجليل.
نشهد الله تعالى أننا نحبه كحبنــا لإخوانه من الصحــابة الأجـــلاء العظمـــاء بلا مغـــالاةٍ لأحد منهم وبــلا إفـــراطٍ او تفـــريـط ولا نفرق بين احدٍ منهم ..!
نحبُّ علياً ونُحبُّ ابوبكر وعمراً وعثماناً وسعداً وخالداً ومعاذاً وصهيباً وبلالاً ومصعباً وخُبيباً
كـُـــلهم تيجـــاناً على رؤسنــــا ونجـــوماً نهتـــدي بهــا كما قال عليه الصلاة والســلام :
( اصحـــابي كالنجـــوم فبأيّهم إهتديتم إقتديتم )
وهو القائل عليه الصلاة والسلام :
( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفســي بيده لو أنفق احدكم ملءُ الارض ذهبـــاً ما بلغ مــدّ احــدهــم ولا نصيفـــه )
وهو القائل صلى الله عليه وسلم :
( من سبّ اصحـــابي فعليه لعنــةُ والملائكةِ والنّــاس اجمعــــين لايقبل الله منه يوم القيــامة صـــرفـاً ولا عـــدلا )
 فــؤلاء هم أسلافنـــا الكــــرام مؤمنين في سائر شؤون الحياة ..
 في الليل عبّاد، وفي النّهار فرسان، ومع النّاس متواضعون، يؤدون الحق الذي عليهم، وينصفون من أنفسهم، ولا يبخسون الناس أشياءهم.
فهـل ســـمعتم بمــثل هذه الأخــــلاق؟!
 كلا وايم الله ما سمعنا بها إلا في تأريخ الإسلام المجيد الذي ضيعناه وأهملناه، وإذا ذكرناه ذكرناه على استحياءٍ وخجل ..
وقد غابت أمتنا عن تاريخها، وركنت إلى دنياها، ورضيت بالذل والهوان، ولم تتصل بذلك التاريخ.
مثَلُ القوم نسـوا تاريخهم  
                       كلقيط عِيّ في الناس انتسابا
فأين من يطالع التاريخ ليتعلم منه ؟!
 وأين من يقرؤه ؟!
وأين من يبلغه للأجيال؟ !
وأين من يعتزّ به ؟!
وأين من يستلهم الدروس والعبر منه ؟!
فعودوا يا مسلمون إلى التاريخ ، وعلّموه الأجيال، وقفوهم على محاسن الأبطال وآداب الرجال، فإنه من مفاخرنا أمام الأعداء.
ومن حوى التاريخ في صدره
                            أضافَ أعمارًا إلى عمره
احبتــي الكــــرام
تولى علي بن ابي طالب رضي الله عنه الخلافه خمس سنوات ..
ومع ذلك عاش فقيراً لايملك من حطام الدنيا شيئاً
ولم يشبع ولو يــومـــاً واحـــــداً ، يرجع في يوم من الأيــام الى أهل بيته فيقــول لهم :
هـل عندكـم من طعـــام .؟ قالوا : لا ..
فخرج بسيفه الذي هو سيف رسول الله ذو الفقار فوقف امام اهل العــراق وقال لهم :
قاتلكم الله يا اهل العراق اموت جوعاً انا واسرتي وهذا سيف رسول الله معي ولطالما جليت عن وجهه الكربات . ثمّ قال :
من يشتريه مني بطعام ليله ؟؟ ..
لايجد قوت يومه رضي الله عنه وارضاه وهو الذي ذهب الى بيت المال وكان مملوءاً بالطعام والمال والسلاح فوزع مافيه في يومٍ واحد ورشّ عليه الماء وصلى ركعتين وقال :
اللهم اشهد أنّي ماتركت لنفسي منه ديناراً ولا درهماً ولا حبةً ولا تمرةً ولا زبيبه ..
وهـو الذي نـزل فيـه قــول الله :
( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورَاً ) الانسان  8 / 9
احبــابي الكــــرام
انّ المواقف المشرقه والأحداث المنيره التى تميز وتشرّف بها هذا الضرغام كثيرةٌ وعديده لايكفي لسردها ولا لشرحها ولا للحديث عنها ساعة او ساعتين ولا لقاءٌ ولا لقاءين ولا جمعة ولا جمعتين
واختصاراً للوقت الذي يطاردنا اومأتُ على استحياءٍ الى بعضٍ من سمات تميزه التى لمعَ وتشرّف بها هذا العمــــلاق ..
والأجمل من ذلك اننا ندع المواقف والأحداث هي بنفسها التى تتحدث عن جلال علي بن بي طالب وورع علي ، وزهد علي ، وايمان علي ، وتقوى علي ، وعدل علي ، وخوف علي ، وبذل علي ، وايثار علي رضي الله عنه ..
احبابي الكـــرام روّاد مســجد بـلال :
وفي يوم من الأيام الحزينة التى مرت بالمسلمين وبينما الصحابي الجليل علي بن ابي طالب رضي الله عنه يخرج قبل صلاة الفجر .. لماذا ؟
ما الذي اخرجــه في هـذا التـوقيت .؟
هل ليذهب الى حـانه من الحانات !؟
او الى خانةٍ من الخانات  او الى ملهى !؟
او ذهب الى دورٍ من دور الضياع والترف ؟
او ذهب الى قضاء متعةٍ او شهوة او شبهه ؟
لا . لا
انما خرج قبل صلاة الفجر ليوقظ النّاس لصلاة الفجر ، فدخل المسجد فوجد الشقي المارد الخبيث الخارجي عبدالرحمن بن ملجم بل عدو الرحمن
عليه من الله ما يستحقه من عذابه واليم عقابه
وجده منبطحاً على بطنه متظاهراً بالنوم وقد جعل سيفه فيما يلي الارض مسلولاً فركله علي برجله وقال له :
لا تنم على بطنك فإنها نومةُ اهل النار ..!
ثم افتتح علي بن ابي طالب رضي الله عنه المسجد بركعتين ولما كبّر وثبَ عليه عدو الله الخارجي عدو الرحمن بن ملجم فضربه بسيفه على صدغــه فانفلق فقال علي :
الله اكبر لله الامر من قبل ومن بعد وجعل يقرأ قول الله :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.. [البقرة : 207].

سقط رضي الله عنه على وجهه وسالت على لحيته دماءٌ غزيره وحُمل الاسدُ الى عرينه ودماؤه تنزف وبكى المسلمون جميعاً ..
بكى الصغار والكبار ، بكى الرجال والنساء ، بكى الشيوخ والشباب حتى تحولت بيوت المسلمين الى عزاء تبكي بطل المواجهه علي بن ابي طالب رضي الله عنه..

انتقل عليٌ الى ربه وقد كان ينتظر الشقي الذي سيقضي عليه والذي اخبره عنه رسول الله يوماً فقال :
 " من أشقى الأمة ؟؟
فقال علي بن ابي طالب : عاقرُ الناقه ..
فقال له : ومن أشقى الآخرين ؟
فقال علي : الله ورسوله اعلم .!
فقال عليه الصلاة والسلام :
أشقى الآخرين هو قاتلك يا علي ..! "
فكان رضي الله عنه دائماً ما يقول :
( متــى يُبعـــثُ اشقــــاهـــا ؟ )
يشير إلى قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم :
 (( إنك ستُضربُ ضربةً ها هنا، وضربة هنا، وأشار إلى صُدغه، فيَسيل دمها حتى تخضب لحيتك، ويكون صاحبُها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقَى ثمود )) الطبراني.
وكان دومـــاً يكـــرر هـاذيــن البيتـــين :
اشــدد حيازيمك للمــوت
                              فإن المـــوت لاقيكــــا
ولاتجـــزع من المــوت
                               فإنّ المـــوت آتيكــــا
وكان آخر ما تكلم به هو قول الله تعالى :
( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة 7 / 8

رَحمَ الله علي بن ابي طالب رحمة الأبـــرار وجُـزي عن الاســــلام والمسلمــين خـــير الجـــزاء ..
فـــوداعــاً علي بن ابي طالب ..
وداعــاً يا صـهر رسول الله .
وداعــاً يا بطــل خيبر ، وداعــاً يا بطل بدر ، وداعــاً يا بطــل اُحد والخندق .
وداعــاً يا حــارس تبــوك ..
وداعــاً يا بطــل المواجـــهه ..
وســـلامٌ عليك يوم أسلمت ويوم بايعــت
ويوم جــاهدت ويوم قتلـت ويوم تبعـث حيــاً ..
وداعــــاً حتى نلقـــاك غداً في دارٍ تجمع سلامة الأبدان والأديان الى جوار الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً ..
{ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا  } الأحزاب 23
اللهم وأبرم لهذه الأمة امراً رشيداً يُعزُ فيه اهل طاعتك ويُذل فيه اهل معصيتك ويؤمر لك فيه بالمعروف وينهى لك فيه عن المنكر ياسميع الدعاء.!
اللهم ارزقنا حبك وحب من ينفعنا حبه عندك، واجعل حبك أحب الأشياء إلينا، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندنا، واقطع عنا حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك .. ‌
اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعله قوة لنا فيما تحب..
اللهم وما زويت عنا مما نحب فاجعله فراغا لنا فيما تحب..
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك،والعمل الذي يبلغنا حبك..
اللهم اجعل حبك أحب إلنا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين. .
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا :
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
 اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وارض اللهم عن الأربعة الخلفاءالراشدين:
 أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بها عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
--------------------------------
    والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين

الثلاثاء، 15 يناير 2019

🎤
خـطبــــة جمعــــــة بعنـــــــــــوان        
          [ الــــــــرجــــــوله ]
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في  11 ينايـر 2019م
المـوافـــق 4 جمـــادي الاولــى 1440هـ
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ          
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
كنّا في الجمعة الماضيه مع شخصيةٍ يحبها الله عزوجل وذلك ضمن سلستنا المباركه لأحبِّ الاعمال الى عزوجل وهو الشخص النافع والإيجابي الذي تمتع بالإيجابية وعدم السلبيه ..
واستوقفنا في تلكم الجمعة موقف داعيةٍ مخلصٍ ورجلٍ امين جاء من أقصى المدينة يحملُ قضيةً وفكره ..
يحملُ دعوةً وغيرةً على دين الله ودعاته .!
رجل إيجابي يحمل بين جوانحه هدايةً وحباً ونصحاً ونفعاً لقومه ..!
 ولأجل هذا الموقف وهذه الهمه العاليه والنفس الصادقه الأبيه ضرب الله به في القران الكريم المثل الأعلى للرجال الصادقين الذين نذروا حياتهم لاجل الله وباعوا أنفسهم في سبيل الله وهان عليهم كل شيء من اجل الله وفي الله .!

ولــــذلكـــم
قد يتساءل البعض لماذا الحديث عن الــــرجـــوله ؟
واقول لأن الامم لاتقوم ولا تنهض إلاّ على أكتافِ الرجال ، ولأن الأمة أحوج ما تكون في هذه الايام الى الرجال ..
واذا نظرنا اليوم الى معنى الــرجـــولة فسوف نرى ان من المسلمين من يفهم الرجولة على أنّها القدرة على جَمعِ المال من حلالٍ كانت او من حرام ..!
ومن النَّاسِ من يرى ان الــرجـــولة هي الجاة والسلطان ، وهي الحسب والنسب .!
ومنهم من يرى ان الــرجـــولة هي القوة الجسديه والبدنيه وانتفاخ العضلات .!
واخرون يرون الــرجـــولة هي القدرة الفائقه على الشهرة وانتشار السمعه في الدنيا .!
وغيرُ ذلك من تأويلاتٍ خاطئةٍ لمفهومِ الرجولة ممّا تستنكره الفطرة السليمه وتستقبحه العقول المستنيره.!
 أحبتــــي الكــــرام روّاد مسجـــــد بــلال :
في دارٍ من دُورِ المدينة المباركه يجلس فاروق الأمة عمربن الخطاب رضي الله عنه الى جماعةٍ من اصحابه فقال لهم : ( تمنّوا .!! )
فقام احدهم فقال : اتمنى لو أنّ هذه الدار مملوءةً ذهباً أنفقها كلها في سبيل الله ..!
ثم أعاد عليهم الفاروق كلمته : ( تمنّوا .! )
فقام اخر وقال : اتمنى لو أنّها مملوءةً لؤلؤاً وزبرجداً وياقوتاً وجوهراً انفقها في سبيل الله وأتصدق بها ..!
ثمّ كرر عليهم الفاروق كلمته فقال : ( تمنّوا .! )
فقالوا : ماندري مانقول يا امير المؤمنين .!
فقال عندها الفاروق عمر رضي الله عنه :
" ولكنّي أتمنى لو أنّها مملوءة رجالاً أمثال ابي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى ابي حذيفه أستعن بهم على إعلاء كلمة الله ".!

رَحمَ الله الفاروق عمر فلقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقه وتنهضُ به الرسالات الكبيره وتحيا به الأمم الهامده .!
صحيحٌ انّ الامم والرسالات تحتاجُ الى المعادنِ المذخوره والثرواتِ المنشوره ولكنّها تحتاج قبل كل هذا وذاك الى الروؤسِ المفكره التى تستغلها ، والقلوب الكبيره التى ترعاها ، والعزائم القويه التى تنفدها .!
إنّها تحتاجُ الى الـــرجــــال ...
أعدْ ماشئت من معاملِ السلاح والذخيرة فلن تقتل الأسلحة إلاّ بالـرجــلِ المحارب .
وضع ماشئت من مناهجٍ للتعليم والتربيه فلن يقوم المنهج إلاّ  بالـرجــلِ الذي يقوم بتدريسه .
وأنشيء ما شئت من لجانٍ فلن تنجز مشروعاً إذا حرمت الرجــل الغيور .
ذلك مايقوله الواقع الذي لاريب فيه ، أنّ القوة ليست بحدِّ السلاح بقدر ماهي في قلبِ ذلكم الجندي الذي يذود عن عرضه ويذبّ عن وطنه ويدافع عن شرفِ أمته ..
والتربية ليست في صفحاتِ الكتاب ولا بالمجلدات بقدر ماهي في روحِ المعلم .
وإنجاز المشروعات ليست في تكوينِ اللجانِ بقدر ماهي في حماسةِ القائمين عليها .'

فللهِ ما احكم عمراً حين لم يتمنى ذهباً ولا فضةً
ولا لؤلؤاً ولا زبرجداً ولا جوهراً ولكنّه تمنى رجـالاً من الطراز الممتاز الذين تتفتح على ايديهم كنوزُ الأَرْضِ وأبوابُ السماء .
فلربّ رجــلٌ واحـد قد يساوي مائه، ، ورجلٌ قد يوازي ألفاً، ورجــلٌ قد يزنُ شعباً بأسره ،
ورجــلٌ قد ترجُح كفته على أمةٍ بأكملها ، ورحم الله من قال :
" رجــلٌ ذو همــةٍ يحيـى أمـــة "
يُعدُ بألــفٍ من رجــال زمــانه
                         لكـنّه في الالمعـــيه واحــدُ

يُحاصرُ سيف الله المسلول خـالد بن الوليد رضي الله عنه الحيره ، فيطلب من الخليفة ابوبكر الصديق رضي الله عنه مدداً من الرجال والسلاحِ والعتاد ، فما أمده ابوبكر إلاّ برجــلٍ واحـدٍ هو الصحابي الجليل القعقاع بن عمر التميمي رضي الله عنه وقال له :
" لايهزمُ جيشٌ فيه مثله "
وكان يقول : " لصوتُ القعقاع في الجيش خيرٌ من الفِ رجــــل ".
ولمّا طلب عـمروبن العاص رضي الله عنه المدد من الخليفة عـمربن الخطاب رضي الله عنه لفتحِ مصر كتب إليه الفاروق فقال له :
" أمابــعد : فإنّي قد امددتك بأربعةِ آلآفِ رجل على كلِ ألف رجل منهم مقام ألف :
الزبير بن العوام ، والمقداد بن عمرو ، وعبادة بن الصامت ، ومسلمه بن مخلد "
فتشبّهـوا إنّ أردتم أن تتشبّهوا
                        إنّ التشبه بالرجــالِ عظيــمُ

لكنّ الســؤال الذي يطــرح نفسـه الآن
مـن هــــــو الــرجـل الذي نُريـد ؟!
هل هو كُلُّ من طرّ شاربه ونبتت لحيته من بني الإنســان !!
إذا كــان هـذا معنى الــرجـــولة فما أكثرَ الــرجــال إذاً .!!
إنّ الــرجـــولة ليست بالسنِّ المتقدمه ..!
فكم من شيخٍ في سنِّ السبعين وقلبه في سنِّ السابعه ، يفرحُ بالتافهِ ويبكي على الحقيرِ ويتطلع الى ماليس له.!

يقبضُ على مافي يده قبضَ الشحيح حتى لايشركه غيره ، فهو طفلٌ صغيرٌ ولكنّ ذو لحيةٍ وشارب .!!

وكم من غــلامٍ في مقتبلِ العمر ولكنّك ترى الــرجـــولة المبكرة في قوله وفعله وعمله وأخلاقه وتفكيره..!
مـرّ الخليفة الفـاروق عـمربن الخطاب رضي الله عنه على ثلةٍ من الصبيانِ وهم يلعبون ، فلمّا رأوه فروا وهربوا مسرعين ، إلاّ صبيٌ واحد بقى مكانه لم يهرب او يفر او يتزحزح من مكانه قيد أنمله وهذا الصبيُ هو عبدالله بن الزبير رضي الله عنه
فتوجه إليه الفاروق عمر وقال له :
لمَ لم تفر مع الفارين من أصحابك !؟
لم لم تهرب مع الهاربين من جلساءك ؟!
فقال وتكلم وتحدث بلسان الــرجـــولة النادرة وكأَنَّهُ في الاربعــين من عمــره :
لم أقترف ذنباً لأخافك ،! ولم تكن الطريق ضيقة حتى أوسعها لك ..!
فلمَ اخاف ؟! ولم أفر !؟ ولم اهرب ؟!
ودخــل غلامٌ عــربي على خليفةٍ أمـوي يتحدث بإسم قومه فقال له الخليفه :
ليتقدم للحديث معنا من هو أسنُّ منك !
اي : اكبرُ منك سنّاً..
فقال الغلام بمنطق الــرجـــولة الفذه النادره :
يا امير المؤمنين لو كان التقدم بالسنِّ لكان في الأمةِ من هو اولى منك بالخلافه ..!
نـــعـم
كم من صبيٍ كان رجلاً في قلبه وعقله ولسانه !!
وكم من صغيرٍ حيّر عقــول الكبار بفهمه الدقيق وبذله العميق !!
وكم من ضئيل الحجم وَزَنَ بقوةِ قلبه وسعةِ علمه وعقله وأُفقه ملءُ الارضِ من اصحابِ الأحجام .!

هؤلاء لعمري همُ الصغــارُ الكبــار .!
وفي دنيانا وزماننا ما اكثر الكبار الصغار ، من عقولهم عقول الصغار ، وتفكيرهم تفكير الصغار ، ومنطقهم منطق الصغار ، وتصرفاتهم تصرف الصغار .!
يبكون على الحقير ، ويتضجرون من التافه ، ويكسّرون على أمرٍ هيّن ، ويُحطّمون على شيءٍ يسير ، ويخسرون العلاقات والصداقات على امورٍ هزيلةٍ لا قيمة لها ..!

فليست الــرجـــولة بالشارب ولا باللحيةِ كما أسلفت ، وليست هي كذلك ببسطةٍ في الجسمِ وطول القامه وعرض المنكبين ، فقد قال الله عزوجل عن طائفةٍ من البشر :
( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ )
ومــــع هـــذا :
( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ ..) المنافقون
وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام:
" يأتي الرجل العظيم يوم القيامه.!
اي يأتي الرجل الضخم ، والرجل السمين يوم القيامه ..!
قال : " فلا يزنُ عند الله جناح بعوضه "
إقرؤا إنّ شئتم قول الله :
( فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا )
الكهف 105
فما اكثر هذه الأجسام ، وما اكثر هذا الصنف من المتضخمين السمان في هذا الزمان مِمَّنْ يفتخرون بطولهم وعرضهم وقوتهم وفي امور اخرتهم ودينهم لارصيد لهم يُذكر .!
صحيحٌ انهم في في دنيا الناس أذكياء وعباقره ويحسبون كل شيء وكل امر بالدقيقة بل باللحظة لكنهم في امر الدين والعقيده لايفقهون شيئاً ولا يعلمون شيئاً ولايعرفون شيئاً ..!
فليست الــرجـــولة بالعُرض ولا بالطول .!!
وإنّما الــرجـــولة بالصدق والعمل ، وبالصبر والمجاهده ، وبالإيمان والعقيدة الراسخه ولو كان صاحبها نحيل الجسم ضئيل البنيان ، هزيلاً ضعيفاً ..!
ولهــذا كان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه رجلاً نحيفاً نحيلاً فصعد يومـاً من الايـام شجرة فانكشفت ساقاه وقد كانتا من الضعف هزيلتان دقيقتان ، فلما بدا للصحابة ساقا عبدالله بن مسعود وضعفهما ضحكوا عليه ..
فقال حينها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" اتعجبون وتضحكون من دقةِ ساقيه !! والذي نفسي بيده لهما اثقلُ في الميزانِ من جبلِ أُحد ".

فليست الــرجـــولة بالسنِّ ولا بالجسمِ ولا بالحجم ، ولا بالطول او بالعرض ، ولا بالشارب او باللحيةِ ، ولا بالمال او بالجاة او بالسلطان ، ولا بالحسب او بالنسب .!!
وانّما الــرجـــولة قوةٌ نفسيه تحملُ صاحبها على معالي الامور وتُبعدُه عن سفاسفها ..
الــرجـــولة قوةٌ تحمله على ان يعطي قبل ان يأخذ ، وان يؤدي واجبه قبل ان يُطلب منه .!
الــرجـــولة قوةٌ تجعله كبيراً في صُغره ، غنياً في فقره ، قوياً في ضعفه .!

الــرجـــولة بإيجاز هي قوةُ الخُلق وخُلقُ القوة ..

الاّ وإنّ خير ما تقوم به دولةٌ لشعبها وأعظم مايقوم عليه منهج تعليمي وافضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافةٍ وإذاعةٍ ومسجد ومدرسه هو صناعة الرجال وتربية هذا الطراز الفريد من الرجال وإعداد هذا الصنف من بني البشر .!
ولن تترعرعَ الــرجـــولة الفارعه ..
ولن يتربى الرجال الصالحون إلاّ في ظلالِ العقائد الراسخه ، والفضائل الثابته ، والمعايير الأصيله ، والحقوق المكفولة إلاّ في أطهر البقاع والأماكن على وجة الارض في مساجدنا الفساح :
فــلابـد من صنـــعِ الــرجــالِ
                           ومثــلُهُ صُنــعُ الســــلاح
وصنـــاعـةُ الأبطـــال علمٌ
                           قـد داره أولــوا الصـــلاح
من لم يُلقـنْ أصـــلُهُ
                           مـن أهــله فقد النجــــاح
لا يُصنـــعُ الابطــــالُ إلاّ
                         في مســاجدنـا الفســــاح
في روضــةِ القـــرآنِ
                      في ظـلِ الأحاديث الصحـاح
شـعبٌ بغيِر عقيــدةٍ
                              ورقٌ تُذريـه الـــريـــاح
من خــان حـيّ على الصلاة
                    يخــون يـومـاً حيّ على الكفاح

فمن ها هنا يتخرجُ الأبـطـال ، ومن هذه البقــاع الطاهره يُصنعُ الرجال ويُعد القـاده .!
أمّا في ظلامِ الشكِّ المحطم ، والإلحاد الكافر ، والانحلال السافر ، والحرمان القاتل فان توجد رجولةٌ صحيحه كما لاينمو الغرس اذا حُرم الماء والهواء والضياء .!

ولم ترَ الدنيا الرجولة في احلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمه التى صنعها الاسلام على يد رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم
من رجالٍ يَكْثُرونَ عند الفزع ويَقلوّن عند الطمع .!
من رجالٍ لا يُغريهم الوعد ، ولا يُلينهم الوعيد .!
من رجالٍ لا يغرهم النصر ، ولاتحطمهم الهزيمه.!

أمّا اليوم ومع كلِ انواع الفساد الذي غزا بلدان العرب والمسلمين والذي جاءنا من بلدان الكفر
فقلّما ترى إلاّ أشباه الرجال ولا رجال ..

ولــذلكــم
تُعجبنا وتؤلمنا في الوقت ذاته كلمةٌ لرجلٍ درس تعاليم الاسلام السمحه الشامله فقال في إعجابٍ مرير مؤلم  :
" ياله من دينٍ عظيمٍ لو كان له رجـــال "
وهذا الدين الذي يشكو قلة الرجال يضمُ اليوم مايزيدُ على مليار ونصف المليار مسلم ينتسبون إليه ويُحسبون عليه ، ولكنّهم كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
" غثاءٌ كغثاءِ السيل "
او كما قال الشاعر :
يَثقُلونَ الأرض من كثرتهم
                          ثمّ لا يُغنونَ في أمرٍ جللِ
ألفُ مليــار مســلم
                              كـــغثــاءٍ بشــطِ يـمِ

أما والله لو ظفر الاسلام في كلِ ألف من ابنائه برجلٍ واحدٍ فيه خصائص الــرجـــولة لكان ذلك خيراً له وأجدى عليه من هذة الجماهير المكدسه التى لا يهابها عدو ولا ينتصر بها صديق.!
فليتَ لي بهم قوماً اذا ركبوا
                       شنّوا الإغارة فرساناً وركبانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
                    في النائبات على ما قال برهانا

( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأنفال (53)
بـــارك اللـه لـي ولكــم بالقـــرآن العظيــــم
ونفعنـــي وإيـــاكــم بمـا فيـه من الآيـــــات
والذكــــر الحكيــــم ..
اقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مـن كل ذنـب فيـــا فــــوز المستغفـــريـــن
ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..

الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ                
احبتــــــي الگـــــــرام .. روّاد مســجد بــلال :
أحدثكم اليوم عن الــرجـــولة وما ادراكم ما الــرجـــولة  ؟؟
الــرجـــولة تتجلى فيها أخلاقيات ومباديء الشخص ومدى استعداده لتحمل المسئوليات المختلفه ومدى إلتزامه بشريعة الله عزوجل والتضحيه والبذل من اجلها وفي سبيلها .!
الــرجـــولة ياكــــرام
ليست تسلطاً ولا استبداداً وليست ظلماً ولا جوراً وليست استكباراً ولاعنجهيه .!
ليست تعدي على خلق الله ، ولا أكلاً لحقوقهم وأقواتهم .!
الــرجـــولة ليست كلمةً تقال ، ولاشعاراً يرفع ، ولا دعوى تُدّعى .
إنّما الــرجـــولة مباديء وقيم ومُثل واخلاق .
الــرجـــولة عفةٌ وطهارةٌ ونقاء..
الــرجـــولة حكمةٌ في الموقف ، وثباتٌ عند الشده ، ولينٌ في المعامله ، ورجاحةٌ في العقل ، ورفقٌ بالخلق.
الــرجـــولة صدقٌ وتقوى وزهدٌ وورع ورحمةٌ وموده وخوفٌ وخشيةٌ من الواحد الاحد :
( يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  }   النور 37
فما أحــوجنا في هذا الزمان الى الــرجــال .!
ما أحــوجنا إليهم والبحث عنهم .!
مع ان رحلة البحث عن هؤلاء ليست بالسهله وليست باليسيره ، بل إنّها شاقةٌ شقاء استخراج اللؤلؤ من قاع البحارِ العوامق بل اشد .
شاقة كشقاء زرع النباتات الاستوائية في اعماق الصحراء .!
شاقةٌ شقاء حرث البحر او زرع الهواء .!
وقد يقضي المُصلحُ عمره كله في رحلةِ البحث عن رجال ، وقد يجد واحداً يعينه على غايته وقد لايجد.!
يقول الشاعر :
مازِلتُ ابحثُ في وجوهِ الناس عن بعضِ الرجالِ
    عن عصبةٍ يقفون في الازماتِ كالشمِ الجبالِ
فاذا تكلمت الشفاه سمعت ميزان المقالِ
         واذا تحركت الرجال رأيت أفعال الرجالِ
اما اذا سكتوا فأنظارٌ لها وقع النبالِ
         يسعون جهداً للعُلا بل دائماً نحو الكمالِ
يَصِلون للغاياتِ لوكانت على بُعد المُحالِ
           ويُحققون مفاخراً كانت خيالاً في خيالِ
يعشقون الموت في اوساطِ ساحات القتالِ
              ويرون أنّ الحر عبدٌ إن توجه للضلالِ

{ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا  } الأحزاب 23
إيمانهم كالجبال الشّمِ الرواسي ، لاتزحزحه قوه ، ولاتحركه شبهه ، ولاتثيره شهوه .!

في موقفٍ تتجلى فيه معاني الــرجـــولة الحقه
يُرسلُ بطلُ الأمة المحمديه وأسدها وفارسها خالد بن الوليد رضي الله عنه رساله الى ملك الروم مفادها :
( من خالد بن الوليد الى نقفور كلب الروم أسلم تسلم وإلاّ جئتك بقومٍ يحبون الموت كما تحبون انتم الدنيا )
رسالةٌ فيها العز ، فيها الشموخ !
رسالةٌ فيها المجد ، فيها الإباء .!
رسالةٌ فيها الافتخار بهذا الدين الذي ينتمى اليه

ويتناول ملك الروم هذه الرساله فلما قرأها ارتعدت فرائصه وخاف على ملكه من الزوال فاستغاث بملك الصين يطلب منه مداداً من الرجال والمقاتلين لمواجهه خالد بن الوليد ..
فرد ملك الصين على رساله ملك الروم بردٍ يظهرُ فيه عزة المسلمين وقوةِ بأسهم قائلاً :
" لاطاقة لي بقتالِ قومٍ لو ارادوا خلع الجبال لخلعوها بأيديهم ".
من ذا الذي رفع السيوف
           ليرفع أسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما
                   سرنا علـى مـوج البحـار بحـارا
كنا نري الأصنام مـن ذهـب
                     فنهدمهـا ونهـدم فوقهاالكفـارا
لو كان غير المسلمين لحازهـا
                       كنزاً وصاغ الحلي والدينـارا
بمعابد الإفرنـج كـان آذاننـا
                       قبل الكتائب يفتـح الأمصـارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤهـا
                       سجداتنا والأرض تقذف نـارا
كنا نقدم للسيوف صدورنا
                         لم نخش يوماً غاشماً جبارا
لـم نخـش طاغوتـاً يحاربنـا
                       ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
وكأن ظل السيف ظـل حديقـة
                        خضراء تنبت حولنا الأزهـارا
ندعو جهارا لا إله سوى الـذي
                         صنع الوجود وقـدر الأقـدارا
ورؤسنا يـارب فـوق اكفنـا
                          نرجوا ثوابك مغنمـاً وجـوارا

أيُّ رجــالٍ كان هؤلاء أمِنْ الملائكه ام من البشر .!
ليسوا ملائكه إنما بشراً تخرجوا من جامعةٍ مكتوبٌ على بابها :
( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ  أَثَرِ الْسُجود ) الفتح 29

فما أحــوجنا كآباء الى تنمية عوامل الــرجـــولة في شخصية اولادنا وفلذات اكبادنا ، فنأخذهم للمجامعِ العامه ونُجلسهم مع الكبار لتلقيح فهمهم وزيادة عقليتهم وليحملهم ذلك على محاكاة الكبار..
وهكذا كان الصحابة الكرام يفعلون مع أبنائهم حيث كانوا يصحبونهم الى مجالس النبي صلى الله عليه وسلم.
وممّا ينمي الــرجـــولة في شخصيه الاولاد تناول الحديث معهم عن بطولات السابقين واللاحقين والحديث معهم ولو لساعات محدده عن المعارك الاسلاميه وانتصارات المسلمين وذلك لتعظيم الشجاعة في نفوسهم وتعظيم حبِّ هولاء الرجال والأبطال في نفوسهم.
وممّا ينمي الــرجـــولة في شخصية الاولاد تَجنب اهانتهم خاصةً امام الآخرين وعدم احتقار أفكارهم وآراءهم وتشجيعهم على المشاركه إعطاءه قدرة وأشعاره بأهميته .
وممّا ينمي كذلك الــرجـــولة في شخصية الاولاد تعليمهم الجرأه في مواضعها وتدريبهم على فنِّ الإلقاء والحديث والخطاب .
كذلك الاهتمام بالحشمه في ملابسهم وإبعادهم عن الترف وحياة الكسل والراحه والبطاله.!

كذلك تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى لانها منافيةٌ للـرجـوله ومناقضةٌ لصفةِ الـرجـال.

اللهم وأبرم لهذه الأمة امراً رشيداً يُعزُ فيه اهل طاعتك ويُذل فيه اهل معصيتك ويؤمر لك فيه بالمعروف وينهى لك فيه عن المنكر ياسميع الدعاء.!

اللهم ارزقنا الفقه في الدين والتمسك بالكتاب المبين، والإقتداء بسيد المرسلين، والسير على نهج أسلافنا الصالحين..
 اللهم اغن كل فقير ، اللهم أشبع كل جائع..
اللهم اكس كل عريان، اللهم اقض دين كل مدين، اللهم فرج عن كل مكروب، اللهم رد كل غريب،
 اللهم واشف كل مريض..
اللهم أحسن بالمحسنين، وتولهم أجمعين،
اللهم اجعل نفاقتهم في سبيلك ومباركة عندك..

ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه وثنى به ملائكته المسبحةِ بقدسه وثلّثَ به عباده من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بها عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
--------------------------------
    والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين

السبت، 5 يناير 2019

🎤
خـطبــــة جمعــــــة بعنـــــــــــوان        
{ أحـــبُّ النّــاسِ الــى اللـه أنفعُهُـــــم للنّاس }
            [ الإيجــابيه والنفـع ]
السلسـله الثـانيه لأحـب الاعمـــال الـى اللـه
                          الخـــطبه {{ 21 }}
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في  4 ينايـر 2019م
المـوافـــق 28 ربيــع ثـانـي 1440هـ
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ          
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
وفي ضلالِ شجرتنا المباركه وسلسلتنا الطيبه
لأحبِّ الأعمال الى اللهِ جل وعلا أُعاود الحديث معكم اليوم مجدداً ومع شخصيةٍ جديدةٍ يحبها الله عزوجل ..
فياترى من ذلكمُ الانسان الذي يحبه الله ؟
 وماهو العملُ الذي اهّله ليكونَ عند اللهِ من المحبوبين !؟
ففي الحديثِ الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه  قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
« أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
إنّه النافعُ من خلقِ الله !
إنّه الإيجابيُ الذي تمتعَ بالإيجابيةِ وعدمِ السلبيه!
إنّه الأقربُ إلى اللهِ سبحانه والأدنى منه منزله كماقال عليه الصلاة والسلام :
{ الخلقُ كلهم عيالُ الله وخيرُ الخلقِ أنفعهم لعياله}
فالنافعُ من الناسِ وأكثرهم فائدة هو مسلمٌ إيجابيٌ بريءٌ من السلبيهِ وعدمِ النفع ..

تأملوا معي احبتــــي الكــــرام الى آيةٍ من كتابِ ربِّ العالمين في سورةِ النحلِ وهي تتحدثُ عن النافعِ من البشرِ وبالمقابلِ تصورُ السلبي والغير النافع بصورةٍ بائسةٍ مزريه ومنفّره فقال سبحانه :
( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )  (76) النحل

فالشخصُ السلبي في هذةِ الآية الكريمه قال عنه سبحانه بأنّه : ( أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ  )
وقال عنه :      ( وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ  )
وكلمةُ ( أَبْكَمُ و كَلٌّ ) كلمتان توحي بالتقوقعِ والانزواءِ والبلادةِ والإنغلاقِ والركودِ والجمود والقعود .!
شخصٌ ثقيل ، كسول ، لا يفهمْ ولايُفهِم ..!
شخصيتهُ ضعيفةُ الفاعليه ، شخصيتةُ مهزوزه
كما قال عنه سبحانه  :
       ( أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ )
لايأتي منه الخيرُ ابداً بل ربما جاءَ الشرُّ منه
وجاء منه الوبالُ والضرر ، وسبّبَ البلاءَ لنفسه ولأهله ومجتمعه وبلده وأمته ...
امّا الإيجابي فقال عنه سبحانه :
( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
مقاله حق ، وفِعاله مستقيم ..!            
لايرضَ انْ يذلَ او يستعبد ، وانّما يعيشُ حراً كريماً نافعاً ..!
مفتاحاً للخيرِ مغلاقاً للشرِ ولأبوابِ الفتن .!
فيضاً من العطاء ، قوياً في البناء ، ثابتاً حين تَدلهِمُ الخطوب ..
لا يقعدُ ولايفترُ عن العمل ، انّما ينطلقُ ويتقدم ويبادر ويفتحُ بابَ الأملِ عند الآخرين .!
فيوقدُ في الظلامِ شمعه ، ويصنعُ من الْمَوْتِ حياةً ومن الحزنِ سروراً .!
متفائل في حياته ، شاكراً في نعمائه .!
صابراً في ضراءه ، قانعاً بعطاءِ ربه له .!
لاييأس إذا قنطَ الناس ، بل ينظرُ للحياةِ بعينِ الرضا لا بعينِ السَخَطْ .!
يدفعُ مكارهَ الحياةِ بالصبرِ والتسليمِ مع الحركةِ والتغيير .!
فهو الشخصيةُ المنتجه في كافةِ مجالاتِ الحياة !هو الشخصيةُ النافعه على مستوى الأفكارِ والرؤى والأطروحات .!                
فأفكارهُ في الخيرِ طموحه ، وإرادته كبيره ، وهمتُهُ عاليه ..
ولذلكم الإيجابيةُ ليست كلمةً تقال او دعوى تُدّعى
وانّما هي تفاعلُ الإنسانِ مع كُلِ قضايا مجتمعه وأمته ووطنه من مشاكل ، وهموم ، وأحزان ، وآلآم وأفراح ، وأتراح ، ونجاح ، وإخفاق ..

الناسُ للناسِ في بدوٍ وحاضرةٍ
               بعضهم لبعضٍ إنْ لم يشعروا خدموا

احبتــــي الكــــرام روّاد مـــسجــد بــــلال :
إنّ الناظرَ والمتأملَ في سيرةِ الحبيب صلى الله عليه وسلم يرى الإيجابيةَ والنفعَ للآخرين واضحةً جليّه في كلِ معانيها وبأبها صورها مُذ كان عليه الصلاةُ والسلامُ يتيماً الى حينِ وفاته عليه الصلاه والسلام ..!
وعلى النفعِ للآخرين ومعاني الإيجابيةِ والفاعليه ربىّ عليه الصلاة والسلام اصحابه فكان يقول لهم كما روى ذلك ابو هريره رضى الله عنه كما اخرجَ ذلك الترمذي :
{ بادروا بالأعمال سبعاً :
هل تنتظرونَ إلاّ فقراً منسياً ، او غنيً مطغياً . او مرضاً مفسداً ، او هرماً مفنداً ، او موتاً مجهزاً ،
او الدجال فشرُ غائبٍ يُنتظر ، او الساعةُ والساعة أدهى وأمر }.

وقال ايضاً في الحديث الصحيح :        
[ بادروا بالأعمالِ الصالحةِ فتناً كقطعِ الليلِ المظلم يُصبحُ الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً يبيعُ دينه بعرضٍ من الدنيا قليل ]
ويوصي الرسول صلى الله عليه وسلم احدهم :
( استعنْ باللهِ ولاتعجز )
ويقول كذلك كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يعظه :
(( إغتنم خمساً قبل خمس :
شبابكَ قبل هرمِك ، وصحتكَ قبل سقمِك ، وغناكَ قبل فقرك ، وفراغكَ قبل شُغلك ، وحياتك قبل موتك)

وكان عليه الصلاة والسلام يكرهُ ان يرى الرجلَ سبهللاً بلا عمل ، واذا اشتكى إليه الرجلُ القوي قلةَ المالِ قال له : ( إذهبْ واحتطب ) ..

وكان عليه الصلاة والسلام يُحبُ العملَ الإيجابي من كلِ أحد وكثيراً ماكان يوجه كلامه الى الافرادِ قائلاً :                                        
( اذا قامتْ الساعةُ وفي يدِ أحدكم فسيلة اي :
 ( شجرة ) فإن استطاعَ انْ لا تقومَ الساعةُ حتى يغرسها فليغرسها )..
ما الذي يفيد من غرسِ شجرةٍ في هذا التوقيت ؟
ما الفائدةُ المتوقعة من غرسِ فسيله قبل او اثناء قيامِ الساعه ؟.!
هذا دليلٌ على المبالغةِ في الحثِ على فعلِ الخير.
دليلٌ على الإيجابية ، دليلٌ على النفعِ للغير..
انه توجيةٌ صريح ليكونَ الانسانُ فاعلاً في حياته نافعاً لغيره بتعميرِ الارضِ ولو كان ذلك في آخر الزمان ..!
اذ لو لم تدركَ النفعَ انت في زمانك فكنْ نافعاً وفاعلاً بعملٍ إيجابي ليدركَ نفعك غيرُكَ أو يستنفعَ به من سيأتي بعدك ..

فوطننا مِلْكٌ للجميعِ والمحافظةُ عليه واجبٌ على الجميع..                                  
اذ لو لم نعشْ نحنُ أيامَ الهناء ، فلنصنعْ أثراً طيباً للأجيالِ من بعدنا من اولادنا وفلذاتِ اكبادنا ما يجعلهم يعيشونَ الرخاءَ والهناء والأمن والإطمئنان..!

ولهـــذا قيـل أنْ كســرى خرجَ يوماً في نزهة فرأى شيخاً كبيراً طاعناً في السنِّ يغرسُ شجرةَ زيتون فقال له : ياهذا ..!  انت شيخٌ كبير قد هرمت ..!
والموتُ قريبٌ منك في أيِّ ساعة او في ايِّ لحظه !أيامك اصبحت معدودة والأجلُ قريبٌ منك .!
فلماذا هذا التعبُ منك ؟ ولماذا هذا العناءُ بغرسِ شجرةَ الزيتون وانت تعلمُ انّ الزيتونَ لايُثمرُ إلاّ بعد ثلاثين سنه .!؟
واسمعـــوا الى الجـــوابِ الــرصين !
اسمعـــوا الى الــردِ الــوافي الشـافي !      
اسمعــوا الى الــردِ الذي يحتاجه من لا يريدُ الخير لوطنه ولا السلامةَ لأبناءِ بلده ولا العيشَ الهنيء لأجيالٍ واجيالٍ ستأتي من بعده فيستمر في تخريبِ وطنه وتدميرِ منشآته ومؤسساته ..!
قال الشيخُ العجوزُ الوقور :
أيَّها الملك : (( لقد زرعَ النَّاسُ قبلنا فأكلنا ونحن اليومَ نزرعُ ليأكلَ من بعدنا ))
وكأنّ معنى كلامه :
انا اعرف أنْ الزيتونَ لايُثمرُ الاّ بعد ثلاثين سنه
وأنا ما اغرسُ هذا لي ولا لأجلي .!
وما اغرسُ الزيتون لأكل منه انا .!
وإِنَّما اغرسه لينتفعَ بها من سيأتي من بعدنا .!

فهذا الوطن ومافيه من خيراتٍ وبركاتٍ سينتفعُ بها اولادنا واحفادنا واجيالنا من بعدنا .!
وهذه الصروحُ العلميه والطبيه والأكاديمية الشامخة التى تجوبُ البلادَ طولاً وعرضاً سيدرسُ فيها ويتعلم اجيالاً وراءَ اجيال  .!
والمطلوبُ هو المحافظةُ عليها.!  المطلوبُ حمايتها .!
المطلوبُ صونها من أيِّ عبثٍ او تخريبٍ او تدمير .!

ولـذلـــكم                                    
- الإيجــابيُ هو شخصٌ ينفعُ غيره وتنتفعُ به أمته ووطنه .!
- يَنشُرُ الخيرَ والعـدل ، ويسعى لإصلاحِ مجتمعه بكلِ مايملكُ من طاقاتٍ ومقوماتٍ وأمكانات .

- يبرُّ والديه ويصلُ ارحـامه ويحسنُ الى جيرانه ..

- اخـلاقهُ مهذبه ، وخلقهُ مستقيم ، لين الجانب ، رَحبُ الصدر ، طيبُ القلب، كريمُ النفس!

- يُطعمُ الجائع ، ويواسي المحروم ، ويرحمُ الفقير ، ويُعطي المعدم ، ويكفلُ اليتيم .!

- الإيجــابيُ النّــافع لا يعيشُ لوحده فقط
ولا لنفسه فقط .!
انّما يعيشُ كذلك لدينه ومجتمعه وبلده وامته واخوانه .!                                  
بعكسِ السلبي ..! بعكس الغير النافع ..!
الذي يعيشُ لوحده ، ويعيشُ لنفسه ، ويعيشُ لنزواته وشهواته ولمتعته ولذته ..!
لايهمه احد ولا يهتمُ بأحد ولا ينظر لأحد .!
مات الناسُ او عاشوا ، جاعوا ام شبعوا
سعدوا ام حَزِنوا ، ضَحِكوا ام بكوا ..!
لايأتي منه إلا كلُ ماهو سيء او شر او خراب .!
عنيد ، لايلين للحق ، ولاتنفعُ فيه المواعظ ،
ولا ينزجرُ بالنصائح ، ولاتؤثرُ فيه الكلمات ،
ولا يمتنعُ عن باطلٍ في نفسه..
فوضوي ، فاقدُ الاتزان في سلوكه ، وفاقدُ الاتزان في جميعِ تصرفاته ..
لايخدمُ ديناً ولا يحمي وطناً ، ولا يُسعدُ مخلوقاً .!

فهل تكون نملةٌ صغيرةُ الحجم ، ضئيلة القوامِ
أَحْسَنَ منه في حماسها وندائها وتحذيرها
وانتمائها لوطنها وحبها لقريتها ووفاءها لموطنِ سكنها ومكانِ قوتها وعيشها ..

وهل يكونُ طيرٌ كالهدهدِ الصغير في حجمهِ الكبير في همته والعظيمِ في تفكيره حين انفردَ بعملٍ إيجابي أفضلَ منه في غيرته ودعوته وصلاحه وحبه لدينه وأمته ، وكان منضبطاً في وظيفته مخلصاً في عمله متفانٍ في إقدامه..

ولذلكم سورةٌ إيجابيةٌ ذكرت مثالينِِ للايجابيه تمثلت في النملةُ والهدهد وذلك لحثنا لنكونَ ايجابيين نافعين في حياتنا .!

ولو امعنّا النظر والتأمل في سورِ القرانِ الكريم لوجدنا سورةٌ اخرى تتكلمُ عن الإيجابيةِ وذكرت أمثلةً للايجابيين ليكونَ الانسان فاعلاً في حياته ايجابياً في قوله وفعله وعمله ..!        
 
انّها سورةُ الكهف فقد ذكرت شباباً نصحوا أئمةَ ذلك البلد في ذلكم الزمان ورفضوا الدخولَ في دينهم ولمّا أرادَ حاكمُ تلكمُ البلاد الفتكَ بهم فروا بدينهم حتى آووا الى الكهف :
( نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى • وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) 13-14الكهف

- ومشهدٌ أخرَ لرجلٍ ينصحُ صاحبه  ويذكره بنعمِ اللهِ عليه ، ويدعوه لشكرِ الله الذي تفضلَ عليه :
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا )
الكهف (32)

وفي مشهدٍ اخر يتجلى لمعلمٍ ينصحُ تلميذه ويوجهه ويعلمه :                            
( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) 65 الكهف

وتختتمُ السورةُ الايجابيةُ بذكرِ قائدٍ عظيمٍ حكيمٍ شجاعٍ ينصحُ رعيته :
( وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ) الكهف (83)

وكأنّ السوره كلها وبمجملها ومن بدايتها لنهايتها
بألفاظها السهلة والسلسة، وما تعطيه للقارئ من راحةٍ كبيرة، تحثنا على الإيجابيه ..
ولهذا حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على قراءتها في يَوْمِ الجمعةِ لتمنحنا الإيجابيه
ولما لها من تأثيرٍ إيجابي على نفسِ المسلم،
وتعلمه الصبر، وتعلّمه ضرورةَ التمسكَ بتعاليمِ الله عزّوجل في السراءِ والضراء..
قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
 "مَن قرأَ سورةَ الكَهْفِ ليلةَ الجمعةِ، أضاءَ لَهُ منَ النُّورِ فيما بينَهُ وبينَ البَيتِ العَتيقِ " ..    

وفي الحديث الذي رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من قرأ سورةَ الكهف في يَوْمِ الجمعة أضاء له من النورِ ما بين الجمعتين"..

فهذه هي سورةُ الكهف الايجابيةُ وهذا هو فضلها
والسور القرآنيه التى تتحدثُ عن نماذجَ للإيجابيين والنافعين كثيره ولكنني اقتصرت لكم على بعضٍ من هذهِ السور ..!
فهذه كذلك سورةُ يس التى تذكرُ لنا نموذج مشرق مشرّف من نماذجِ للإيجابيين ...        
فتذكرُ لنا السورةُ الكريمةُ حالَ قريةٍ من القرى تعيشُ مشاكلَ اقتصاديه ودينيه وأخلاقية واجتماعيه فأرسلَ اللهُ إلى اهلها رسله لدعوتهم الى دينه لكنّهم تمردوا وكذّبوا ومارسوا ابشعَ صورَ الإيذاءِ والتهديدِ والوعيدِ بالموتِ لرسل الله .!

وفي موقفٍ نادرٍ تتجلى فيه الإيجابيةُ وبأبهى صورها يتقدمُ ويأتي لهذه القريه داعيةٌ مخلص ، داعيهٌ أمين من دعاةِ الله وممن نذروا انفسهم وسخروا حياتهم لخدمةِ دينِ الله ..
إنّه حـبيب النجـــار :
رجلٌ ليس برسولٍ ولا نبي ..
كان من المفترضِ ان لا يأتي لانّه قد سمعَ بالتكذيب وصورِ الإيذاء والوعيدِ لرسلِ الله ...

لكنّه الإيمانُ والعزيمةُ والإيجابية التى تظهرُ في المواقفِ الحرجةِ  من اجلِ اللهِ وخدمةً لدينِ الله ونشراً لدعوتهِ ودفاعاً عن رسلِه واولياءه ..

ولم يكن قدومه من أقصى المدينةِ الى القريةِ
من اجلِ منصب او لطلبِ أجر او لابتغاءِ مغنم
او من اجلِ صفقةٍ تجاريةٍ رابحه او من اجلِ  نيلِ رتبةٍ عليا او مكانةٍ مرموقه ..!
او جاء خوفاً على نفسه وحياته بل العكس جاء واقبلَ وهو يعلمُ انه قد يخسرُ حياته ويفقدُ روحه التى بين جنبيه ..!
قال الله عنه وعن هذةِ الإيجابيه الفذه والنادره :
( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ  ....)
ما قال جاءَ انسان ولا جاءَ ذكر ولا جاءَ شخص
انّما ( رجل ) لأن الرجوله أفعالٌ ومعادن ..
وكلُ رجلٍ ذكر وليس كلُ ذكرٍ رجل وما اكثر الذكور في هذا الزمانِ وما أقلّ الرجال .!!

فالشخصُ الذي لا يغارُ على أهله هو "ذكر" وليس بـ "رجل" .
والشخصُ الذي يلبسُ الضيقَ من الثيابِ والملابسِ الفاضحه هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يهتمُ بشكله بطريقةٍ مبالِغه ويستخدم الإستشوار والعدسات ويُعدّلُ الحواجب  هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يُنكرُ رجولته ويفتخرُ بنعومته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يتميع في كلامه ويتمايل في صوته وحركته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يستخدم معنى الرجوله للظلمِ والسيطرةِ بغيرِ حق هو "ذكر" وليس بـ " رجل".
والشخصُ الذي يسافر ليقضي شهوته بالحرامِ دون زوجته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يستغلُ الناس كي يكذبَ عليهم ويحتال هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يوعدُ الناس ولا يُوفي بوعده متعمداً هو "ذكر" وليس بـ "رجل".              
والشخصُ الذي يكررُ كلمة أنا رجل انا رجل دون ان يعرف معنى الرجوله فهو " ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يفتخرُ بماله وحسبه بطريقةٍ مبالغ فيها هو "ذكر" وليس بـ " رجل".
والشخصُ الذي يرضى ان يجلسَ في البيتِ وزوجته تعملْ من غيرِ سبب هو " ذكر" وليس بـ "رجل".

الرجــولةُ قوةٌ في القولِ وصدعٌ بالحــق ..
الرجــولةُ صمودٌ امامَ الملهيات واستعلاءٌ على المغـريات..
الرجــولةُ ليست تطويلٌ للشواربِ ولارفعٌ للصوتِ ولاعرضٌ للقوةِ والعضـلات ..
إنّما الرجــولةُ رأيٌ سديد ، وكلمةٌ طيبه ، ومروءةٌ وشـهامةٌ ، وتعاونٌ وتضـامن .!

ذكرها الله عزوجل في القرآن الكريم في المواطنِ الخاصه التى يحبها الله جل وعلا :  
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ  }. غافر28

{ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا  } الأحزاب 23

{ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  }  النور 37

{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ } يس 20- 21

ولهـــذا اول ما وصلَ حـبيب النجــار قامَ يدعو قومه وينصحهم قائلاً  :
( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )  20 يس
دعاهم باليسر ، دعاهم بالترغيب ..
تنقلَ في دعوته معهم من طريقةٍ الى اخرى
لكنّهُ لم يكن يعلم كثيراً انّه امامَ قومٍ لا يحبون الناصحين ولا يحبون العلماء والمرشدين ويكرهون دعاةَ الله وأوليائه وكماهو حاصلٌ اليوم ..!
لو نطقَ السفيهُ او تحدثْ تجدَ الآذانَ له صاغيه والأيدي له مصفقه والألسن له شاكره ومادحه ..
وعندما ينطقُ اهلُ الخير ويتحدثُ الدعاة بكلامِ الله وسنةَ رسوله كشرتِ الوجوه وأشمأزتِ القلوب :
( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (45) الزمر

ولذلكـــــم                                  
قامَ حـبيب النجــار يدعوهم الى اللهِ والى اتّباعِ رسله فرجموه حتى الموت ... فأدخله اللهُ جنته
فماذا قال :
لم يقل ربِّ انتقم منهم .! ولا ربِّ دمرهم تدميرا .!
ولا ربِّ عجّل بزوالهم .! او ربِّ اخسف بهمُ الارض.!
وكان هذا ممكناً بأن يدعوا الله به عليهم لأنهم قهروه وغدروا به وازهقوا روحه ..
لكنّهُ يضربُ المثال الرائع للداعيةِ الحقيقي الى دينِ الله والمحبّٓ لدعوته ، فكان رحيماً بهم في حياته وناصحاً ومحباً لهم بعد مماته فقال :
( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ • بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ  )  26 27 يس

بـــارك اللـه لـي ولكــم بالقـــرآن العظيــــم
ونفعنـــي وإيـــاكــم بمـا فيـه من الآيـــــات
والذكــــر الحكيــــم ..
اقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مـن كل ذنـب فيـــا فــــوز المستغفـــريـــن
ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..

الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ                
احبتــــــي الگـــــــرام :                    
ونحنُ اليوم مع اولئك المحبوبين الذين احبهم الله جل وعلا وجعل مكانتهم عاليه ، وسمعتهم طيبه وفِعالهم حسنه ..
فكما جاء في الحديث ضمن سلسلتنا المباركه لأحبِّ الاعمالِ الى الله الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
« أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
والنـافــعُ للناسِ شخصٌ إيجـــابي  .!
وما اجمــلَ ان يكونَ الإنسانُ ايجــابياً في حياته
إيجــابياً مع أسرته ، إيجــابياً مع أولاده ، إيجــابياً مع زوجته ، إيجــابياً مع أصدقاءه ، إيجــابياً مع زملائه ، إيجــابياً مع جيرانه ومع بني جنسه .!

إيجــابياً في أقواله ، إيجــابياً في أفعاله ، إيجــابياً في تصرفاته ، إيجــابياً في تعاملاته .!

إيجـابياً في وظيفته ،.!
إيجــابياً في عمله .!
فمن يتقنُ عمله هو إنسان إيجـابي .
ومن يأكلُ الحلال ويتحراه هو إنسان إيجـابي .
ومن يهدي الضال، ويَدُلُ الحائر ، ويُنقذُ الملهوف
ويُعطي المحتاج هو انسان إيجـابي ..
ومن يزورُ المرضى ويتفقدُ المحرومين إيجـابي .

ومن يُزكّي نفسه بالطاعاتِ والقربات إيجـابي.
ومن يُحبُ الخيرَ للنّاسِ إيجـابي .
ومن يَعملُ الخيرَ ويدعو إليه وينهى عن الشرِ ويجتنبه إيجـابي .
ومن يأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ إيجـابي .
يقــول سبحــانه وتعــالى :
( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ... لماذا ؟؟
لتلعبـون ؟! لتمـرحون ؟! لتضحكـون ؟!      
لتكونوا سلبيين لا دورَ لكم في حيـاتكم ؟!
        لا  . لا      إنّما
( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ال عمران 110
لتكونوا إيجـابيين في حياتكم ..!
لتكونوا افراداً نافـعين مصلـحين .!
ومافائدةُ صلاةٍ بعدها إلحاقُ الضررِ بالآخرين .!
ما تغنى صلواتٌ مع فسادٍ في الاخلاق والمعاملات
ماذا تفيد العبادات دون جهرٍ بالحقِ وصدحٍ به او امرٍ بمعروفٍ ونهيٍ عن منكر ..
ولكم خيرُ مثلٍ بمن اكتفى بصلًواته وعباداته ورهبانيته في صومعته او في قبلته ونسي إنقاذ غيره ، ولم يحبَّ الخيرَ لبني جنسه من عبادِ الله ..
ففي الحديثِ انّ الله عزوجل قال لجبريل عليه السلام :
( انزل للقريةِ الفلانيه واجعل عاليها سافلها ) !
لا تأخذكَ رأفةٌ ولا رحمةٌ بأحد ..!
فلما نزلَ جبريل لتلك القريه وجدَ فيها مصلياً في المسجد يتعبدُ لله فعادَ الى الله وقال :
إنّْ فيها عبدكَ فلان يصلي لك ويسجدُ ويركعُ لك
فماذا قال الله ..؟!
قال  : به فأبدأ ..! يا الله ... لماذا يارب ؟
لانه عاشَ لنفسه فقط .!
لانه كان إنساناً سلبياً ، لايهمه امرُ النَّاسِ عصوا ربهم او اطاعوه .
ينظرُ للمنكراتِ ويتفرج .!
 ينظرُ للمظلومِ ولاينصره !
وجهه لم يتمعّر من اجل الله وفي الله وحرقةً على دين الله .!
- فهذا حـلَّ عليه عقابُ الله وغضبه وسخطه لانه كان سلبياً وضـاراً غير نافــع .!
وأخرى إمرأةٌ سلبيه دخلتِ النارُ في هرةٍ حبستها فلا هي اطعمتها حيثُ حبستها ولاهي تركتها تأكلُ من خشاشِ الارض ...

ونموذج اخر إيجـابي دخلَ الجنّةَ ليس بقيامِ الليل، ولا بصيامِ النهار، ولا بكثرةِ بذلٍ وإنفاق ونحو ذلك..
 إنّما هو بعملٍ يسير، بغصنِ شجرة، غصناً من الشوكِ رفعه واخّرَه وأزاحه من طريقِ النّاس ..
 فكيـف بمن يدفعُ عن المسلمين ما هو أعظمُ من غصنِ الشجرة؟!
كيـف بمن يُقدمُ للمسلمين شيئاً ينفعهم ويرفعهم ويبقى أثره بعد موته؟!
قال النبي ﷺ في حديث ابي هريره رضي الله عنه كما روى ذلك مسلم :
( لقد رأيتُ رجلاً يتقلبُ في الجنةِ في شجرةٍ قطعها من ظهرِ الطريق، كانت تؤذي المسلمين )
بشيء يسيرٍ إيجابيٍ نافع إستحقَ جنةَ ربه .

واخرَ كان إيجـابياً نافعاً وبشيءٍ بسيطٍ كذلك دخلَ جنةَ الله حيثُ سقى كلباً حتى روى كادَ يقتله العطش ...
اللهـم اجعلنا عبـاداً نافعـين صالحـين مُصلحـين ناصحـين محبـين محبوبين مُـؤثِرين ، للصلاة محافظين ، وللفقراء راحمين ، ولدعوتك عاملين وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قائمين ، وبسنه رسولك محمد مهتدين سائرين ، وبنهجك وشرعك ملتزمين ...
هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضآلينَ ولا مُضِلينَ     سلماً لاوليائك ، حرباً على اعداءك نحبُ بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من عادك ..

 اللهم وأبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين ...

 ارحم اللهم ضعفنا وتولى أمرنا واجبر كسرنا واصلح حالنا وأختم بالصالحات اعمالنا ..

ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه وثنى به ملائكته المسبحةِ بقدسه وثلّثَ به عباده من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بها عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
--------------------------------
    والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...