السبت، 5 يناير 2019

🎤
خـطبــــة جمعــــــة بعنـــــــــــوان        
{ أحـــبُّ النّــاسِ الــى اللـه أنفعُهُـــــم للنّاس }
            [ الإيجــابيه والنفـع ]
السلسـله الثـانيه لأحـب الاعمـــال الـى اللـه
                          الخـــطبه {{ 21 }}
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
ألقيــت في  4 ينايـر 2019م
المـوافـــق 28 ربيــع ثـانـي 1440هـ
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ          
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال :
وفي ضلالِ شجرتنا المباركه وسلسلتنا الطيبه
لأحبِّ الأعمال الى اللهِ جل وعلا أُعاود الحديث معكم اليوم مجدداً ومع شخصيةٍ جديدةٍ يحبها الله عزوجل ..
فياترى من ذلكمُ الانسان الذي يحبه الله ؟
 وماهو العملُ الذي اهّله ليكونَ عند اللهِ من المحبوبين !؟
ففي الحديثِ الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه  قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
« أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
إنّه النافعُ من خلقِ الله !
إنّه الإيجابيُ الذي تمتعَ بالإيجابيةِ وعدمِ السلبيه!
إنّه الأقربُ إلى اللهِ سبحانه والأدنى منه منزله كماقال عليه الصلاة والسلام :
{ الخلقُ كلهم عيالُ الله وخيرُ الخلقِ أنفعهم لعياله}
فالنافعُ من الناسِ وأكثرهم فائدة هو مسلمٌ إيجابيٌ بريءٌ من السلبيهِ وعدمِ النفع ..

تأملوا معي احبتــــي الكــــرام الى آيةٍ من كتابِ ربِّ العالمين في سورةِ النحلِ وهي تتحدثُ عن النافعِ من البشرِ وبالمقابلِ تصورُ السلبي والغير النافع بصورةٍ بائسةٍ مزريه ومنفّره فقال سبحانه :
( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )  (76) النحل

فالشخصُ السلبي في هذةِ الآية الكريمه قال عنه سبحانه بأنّه : ( أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ  )
وقال عنه :      ( وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ  )
وكلمةُ ( أَبْكَمُ و كَلٌّ ) كلمتان توحي بالتقوقعِ والانزواءِ والبلادةِ والإنغلاقِ والركودِ والجمود والقعود .!
شخصٌ ثقيل ، كسول ، لا يفهمْ ولايُفهِم ..!
شخصيتهُ ضعيفةُ الفاعليه ، شخصيتةُ مهزوزه
كما قال عنه سبحانه  :
       ( أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ )
لايأتي منه الخيرُ ابداً بل ربما جاءَ الشرُّ منه
وجاء منه الوبالُ والضرر ، وسبّبَ البلاءَ لنفسه ولأهله ومجتمعه وبلده وأمته ...
امّا الإيجابي فقال عنه سبحانه :
( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
مقاله حق ، وفِعاله مستقيم ..!            
لايرضَ انْ يذلَ او يستعبد ، وانّما يعيشُ حراً كريماً نافعاً ..!
مفتاحاً للخيرِ مغلاقاً للشرِ ولأبوابِ الفتن .!
فيضاً من العطاء ، قوياً في البناء ، ثابتاً حين تَدلهِمُ الخطوب ..
لا يقعدُ ولايفترُ عن العمل ، انّما ينطلقُ ويتقدم ويبادر ويفتحُ بابَ الأملِ عند الآخرين .!
فيوقدُ في الظلامِ شمعه ، ويصنعُ من الْمَوْتِ حياةً ومن الحزنِ سروراً .!
متفائل في حياته ، شاكراً في نعمائه .!
صابراً في ضراءه ، قانعاً بعطاءِ ربه له .!
لاييأس إذا قنطَ الناس ، بل ينظرُ للحياةِ بعينِ الرضا لا بعينِ السَخَطْ .!
يدفعُ مكارهَ الحياةِ بالصبرِ والتسليمِ مع الحركةِ والتغيير .!
فهو الشخصيةُ المنتجه في كافةِ مجالاتِ الحياة !هو الشخصيةُ النافعه على مستوى الأفكارِ والرؤى والأطروحات .!                
فأفكارهُ في الخيرِ طموحه ، وإرادته كبيره ، وهمتُهُ عاليه ..
ولذلكم الإيجابيةُ ليست كلمةً تقال او دعوى تُدّعى
وانّما هي تفاعلُ الإنسانِ مع كُلِ قضايا مجتمعه وأمته ووطنه من مشاكل ، وهموم ، وأحزان ، وآلآم وأفراح ، وأتراح ، ونجاح ، وإخفاق ..

الناسُ للناسِ في بدوٍ وحاضرةٍ
               بعضهم لبعضٍ إنْ لم يشعروا خدموا

احبتــــي الكــــرام روّاد مـــسجــد بــــلال :
إنّ الناظرَ والمتأملَ في سيرةِ الحبيب صلى الله عليه وسلم يرى الإيجابيةَ والنفعَ للآخرين واضحةً جليّه في كلِ معانيها وبأبها صورها مُذ كان عليه الصلاةُ والسلامُ يتيماً الى حينِ وفاته عليه الصلاه والسلام ..!
وعلى النفعِ للآخرين ومعاني الإيجابيةِ والفاعليه ربىّ عليه الصلاة والسلام اصحابه فكان يقول لهم كما روى ذلك ابو هريره رضى الله عنه كما اخرجَ ذلك الترمذي :
{ بادروا بالأعمال سبعاً :
هل تنتظرونَ إلاّ فقراً منسياً ، او غنيً مطغياً . او مرضاً مفسداً ، او هرماً مفنداً ، او موتاً مجهزاً ،
او الدجال فشرُ غائبٍ يُنتظر ، او الساعةُ والساعة أدهى وأمر }.

وقال ايضاً في الحديث الصحيح :        
[ بادروا بالأعمالِ الصالحةِ فتناً كقطعِ الليلِ المظلم يُصبحُ الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً يبيعُ دينه بعرضٍ من الدنيا قليل ]
ويوصي الرسول صلى الله عليه وسلم احدهم :
( استعنْ باللهِ ولاتعجز )
ويقول كذلك كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يعظه :
(( إغتنم خمساً قبل خمس :
شبابكَ قبل هرمِك ، وصحتكَ قبل سقمِك ، وغناكَ قبل فقرك ، وفراغكَ قبل شُغلك ، وحياتك قبل موتك)

وكان عليه الصلاة والسلام يكرهُ ان يرى الرجلَ سبهللاً بلا عمل ، واذا اشتكى إليه الرجلُ القوي قلةَ المالِ قال له : ( إذهبْ واحتطب ) ..

وكان عليه الصلاة والسلام يُحبُ العملَ الإيجابي من كلِ أحد وكثيراً ماكان يوجه كلامه الى الافرادِ قائلاً :                                        
( اذا قامتْ الساعةُ وفي يدِ أحدكم فسيلة اي :
 ( شجرة ) فإن استطاعَ انْ لا تقومَ الساعةُ حتى يغرسها فليغرسها )..
ما الذي يفيد من غرسِ شجرةٍ في هذا التوقيت ؟
ما الفائدةُ المتوقعة من غرسِ فسيله قبل او اثناء قيامِ الساعه ؟.!
هذا دليلٌ على المبالغةِ في الحثِ على فعلِ الخير.
دليلٌ على الإيجابية ، دليلٌ على النفعِ للغير..
انه توجيةٌ صريح ليكونَ الانسانُ فاعلاً في حياته نافعاً لغيره بتعميرِ الارضِ ولو كان ذلك في آخر الزمان ..!
اذ لو لم تدركَ النفعَ انت في زمانك فكنْ نافعاً وفاعلاً بعملٍ إيجابي ليدركَ نفعك غيرُكَ أو يستنفعَ به من سيأتي بعدك ..

فوطننا مِلْكٌ للجميعِ والمحافظةُ عليه واجبٌ على الجميع..                                  
اذ لو لم نعشْ نحنُ أيامَ الهناء ، فلنصنعْ أثراً طيباً للأجيالِ من بعدنا من اولادنا وفلذاتِ اكبادنا ما يجعلهم يعيشونَ الرخاءَ والهناء والأمن والإطمئنان..!

ولهـــذا قيـل أنْ كســرى خرجَ يوماً في نزهة فرأى شيخاً كبيراً طاعناً في السنِّ يغرسُ شجرةَ زيتون فقال له : ياهذا ..!  انت شيخٌ كبير قد هرمت ..!
والموتُ قريبٌ منك في أيِّ ساعة او في ايِّ لحظه !أيامك اصبحت معدودة والأجلُ قريبٌ منك .!
فلماذا هذا التعبُ منك ؟ ولماذا هذا العناءُ بغرسِ شجرةَ الزيتون وانت تعلمُ انّ الزيتونَ لايُثمرُ إلاّ بعد ثلاثين سنه .!؟
واسمعـــوا الى الجـــوابِ الــرصين !
اسمعـــوا الى الــردِ الــوافي الشـافي !      
اسمعــوا الى الــردِ الذي يحتاجه من لا يريدُ الخير لوطنه ولا السلامةَ لأبناءِ بلده ولا العيشَ الهنيء لأجيالٍ واجيالٍ ستأتي من بعده فيستمر في تخريبِ وطنه وتدميرِ منشآته ومؤسساته ..!
قال الشيخُ العجوزُ الوقور :
أيَّها الملك : (( لقد زرعَ النَّاسُ قبلنا فأكلنا ونحن اليومَ نزرعُ ليأكلَ من بعدنا ))
وكأنّ معنى كلامه :
انا اعرف أنْ الزيتونَ لايُثمرُ الاّ بعد ثلاثين سنه
وأنا ما اغرسُ هذا لي ولا لأجلي .!
وما اغرسُ الزيتون لأكل منه انا .!
وإِنَّما اغرسه لينتفعَ بها من سيأتي من بعدنا .!

فهذا الوطن ومافيه من خيراتٍ وبركاتٍ سينتفعُ بها اولادنا واحفادنا واجيالنا من بعدنا .!
وهذه الصروحُ العلميه والطبيه والأكاديمية الشامخة التى تجوبُ البلادَ طولاً وعرضاً سيدرسُ فيها ويتعلم اجيالاً وراءَ اجيال  .!
والمطلوبُ هو المحافظةُ عليها.!  المطلوبُ حمايتها .!
المطلوبُ صونها من أيِّ عبثٍ او تخريبٍ او تدمير .!

ولـذلـــكم                                    
- الإيجــابيُ هو شخصٌ ينفعُ غيره وتنتفعُ به أمته ووطنه .!
- يَنشُرُ الخيرَ والعـدل ، ويسعى لإصلاحِ مجتمعه بكلِ مايملكُ من طاقاتٍ ومقوماتٍ وأمكانات .

- يبرُّ والديه ويصلُ ارحـامه ويحسنُ الى جيرانه ..

- اخـلاقهُ مهذبه ، وخلقهُ مستقيم ، لين الجانب ، رَحبُ الصدر ، طيبُ القلب، كريمُ النفس!

- يُطعمُ الجائع ، ويواسي المحروم ، ويرحمُ الفقير ، ويُعطي المعدم ، ويكفلُ اليتيم .!

- الإيجــابيُ النّــافع لا يعيشُ لوحده فقط
ولا لنفسه فقط .!
انّما يعيشُ كذلك لدينه ومجتمعه وبلده وامته واخوانه .!                                  
بعكسِ السلبي ..! بعكس الغير النافع ..!
الذي يعيشُ لوحده ، ويعيشُ لنفسه ، ويعيشُ لنزواته وشهواته ولمتعته ولذته ..!
لايهمه احد ولا يهتمُ بأحد ولا ينظر لأحد .!
مات الناسُ او عاشوا ، جاعوا ام شبعوا
سعدوا ام حَزِنوا ، ضَحِكوا ام بكوا ..!
لايأتي منه إلا كلُ ماهو سيء او شر او خراب .!
عنيد ، لايلين للحق ، ولاتنفعُ فيه المواعظ ،
ولا ينزجرُ بالنصائح ، ولاتؤثرُ فيه الكلمات ،
ولا يمتنعُ عن باطلٍ في نفسه..
فوضوي ، فاقدُ الاتزان في سلوكه ، وفاقدُ الاتزان في جميعِ تصرفاته ..
لايخدمُ ديناً ولا يحمي وطناً ، ولا يُسعدُ مخلوقاً .!

فهل تكون نملةٌ صغيرةُ الحجم ، ضئيلة القوامِ
أَحْسَنَ منه في حماسها وندائها وتحذيرها
وانتمائها لوطنها وحبها لقريتها ووفاءها لموطنِ سكنها ومكانِ قوتها وعيشها ..

وهل يكونُ طيرٌ كالهدهدِ الصغير في حجمهِ الكبير في همته والعظيمِ في تفكيره حين انفردَ بعملٍ إيجابي أفضلَ منه في غيرته ودعوته وصلاحه وحبه لدينه وأمته ، وكان منضبطاً في وظيفته مخلصاً في عمله متفانٍ في إقدامه..

ولذلكم سورةٌ إيجابيةٌ ذكرت مثالينِِ للايجابيه تمثلت في النملةُ والهدهد وذلك لحثنا لنكونَ ايجابيين نافعين في حياتنا .!

ولو امعنّا النظر والتأمل في سورِ القرانِ الكريم لوجدنا سورةٌ اخرى تتكلمُ عن الإيجابيةِ وذكرت أمثلةً للايجابيين ليكونَ الانسان فاعلاً في حياته ايجابياً في قوله وفعله وعمله ..!        
 
انّها سورةُ الكهف فقد ذكرت شباباً نصحوا أئمةَ ذلك البلد في ذلكم الزمان ورفضوا الدخولَ في دينهم ولمّا أرادَ حاكمُ تلكمُ البلاد الفتكَ بهم فروا بدينهم حتى آووا الى الكهف :
( نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى • وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) 13-14الكهف

- ومشهدٌ أخرَ لرجلٍ ينصحُ صاحبه  ويذكره بنعمِ اللهِ عليه ، ويدعوه لشكرِ الله الذي تفضلَ عليه :
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا )
الكهف (32)

وفي مشهدٍ اخر يتجلى لمعلمٍ ينصحُ تلميذه ويوجهه ويعلمه :                            
( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) 65 الكهف

وتختتمُ السورةُ الايجابيةُ بذكرِ قائدٍ عظيمٍ حكيمٍ شجاعٍ ينصحُ رعيته :
( وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ) الكهف (83)

وكأنّ السوره كلها وبمجملها ومن بدايتها لنهايتها
بألفاظها السهلة والسلسة، وما تعطيه للقارئ من راحةٍ كبيرة، تحثنا على الإيجابيه ..
ولهذا حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على قراءتها في يَوْمِ الجمعةِ لتمنحنا الإيجابيه
ولما لها من تأثيرٍ إيجابي على نفسِ المسلم،
وتعلمه الصبر، وتعلّمه ضرورةَ التمسكَ بتعاليمِ الله عزّوجل في السراءِ والضراء..
قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
 "مَن قرأَ سورةَ الكَهْفِ ليلةَ الجمعةِ، أضاءَ لَهُ منَ النُّورِ فيما بينَهُ وبينَ البَيتِ العَتيقِ " ..    

وفي الحديث الذي رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من قرأ سورةَ الكهف في يَوْمِ الجمعة أضاء له من النورِ ما بين الجمعتين"..

فهذه هي سورةُ الكهف الايجابيةُ وهذا هو فضلها
والسور القرآنيه التى تتحدثُ عن نماذجَ للإيجابيين والنافعين كثيره ولكنني اقتصرت لكم على بعضٍ من هذهِ السور ..!
فهذه كذلك سورةُ يس التى تذكرُ لنا نموذج مشرق مشرّف من نماذجِ للإيجابيين ...        
فتذكرُ لنا السورةُ الكريمةُ حالَ قريةٍ من القرى تعيشُ مشاكلَ اقتصاديه ودينيه وأخلاقية واجتماعيه فأرسلَ اللهُ إلى اهلها رسله لدعوتهم الى دينه لكنّهم تمردوا وكذّبوا ومارسوا ابشعَ صورَ الإيذاءِ والتهديدِ والوعيدِ بالموتِ لرسل الله .!

وفي موقفٍ نادرٍ تتجلى فيه الإيجابيةُ وبأبهى صورها يتقدمُ ويأتي لهذه القريه داعيةٌ مخلص ، داعيهٌ أمين من دعاةِ الله وممن نذروا انفسهم وسخروا حياتهم لخدمةِ دينِ الله ..
إنّه حـبيب النجـــار :
رجلٌ ليس برسولٍ ولا نبي ..
كان من المفترضِ ان لا يأتي لانّه قد سمعَ بالتكذيب وصورِ الإيذاء والوعيدِ لرسلِ الله ...

لكنّه الإيمانُ والعزيمةُ والإيجابية التى تظهرُ في المواقفِ الحرجةِ  من اجلِ اللهِ وخدمةً لدينِ الله ونشراً لدعوتهِ ودفاعاً عن رسلِه واولياءه ..

ولم يكن قدومه من أقصى المدينةِ الى القريةِ
من اجلِ منصب او لطلبِ أجر او لابتغاءِ مغنم
او من اجلِ صفقةٍ تجاريةٍ رابحه او من اجلِ  نيلِ رتبةٍ عليا او مكانةٍ مرموقه ..!
او جاء خوفاً على نفسه وحياته بل العكس جاء واقبلَ وهو يعلمُ انه قد يخسرُ حياته ويفقدُ روحه التى بين جنبيه ..!
قال الله عنه وعن هذةِ الإيجابيه الفذه والنادره :
( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ  ....)
ما قال جاءَ انسان ولا جاءَ ذكر ولا جاءَ شخص
انّما ( رجل ) لأن الرجوله أفعالٌ ومعادن ..
وكلُ رجلٍ ذكر وليس كلُ ذكرٍ رجل وما اكثر الذكور في هذا الزمانِ وما أقلّ الرجال .!!

فالشخصُ الذي لا يغارُ على أهله هو "ذكر" وليس بـ "رجل" .
والشخصُ الذي يلبسُ الضيقَ من الثيابِ والملابسِ الفاضحه هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يهتمُ بشكله بطريقةٍ مبالِغه ويستخدم الإستشوار والعدسات ويُعدّلُ الحواجب  هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يُنكرُ رجولته ويفتخرُ بنعومته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يتميع في كلامه ويتمايل في صوته وحركته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يستخدم معنى الرجوله للظلمِ والسيطرةِ بغيرِ حق هو "ذكر" وليس بـ " رجل".
والشخصُ الذي يسافر ليقضي شهوته بالحرامِ دون زوجته هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يستغلُ الناس كي يكذبَ عليهم ويحتال هو "ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يوعدُ الناس ولا يُوفي بوعده متعمداً هو "ذكر" وليس بـ "رجل".              
والشخصُ الذي يكررُ كلمة أنا رجل انا رجل دون ان يعرف معنى الرجوله فهو " ذكر" وليس بـ "رجل".
والشخصُ الذي يفتخرُ بماله وحسبه بطريقةٍ مبالغ فيها هو "ذكر" وليس بـ " رجل".
والشخصُ الذي يرضى ان يجلسَ في البيتِ وزوجته تعملْ من غيرِ سبب هو " ذكر" وليس بـ "رجل".

الرجــولةُ قوةٌ في القولِ وصدعٌ بالحــق ..
الرجــولةُ صمودٌ امامَ الملهيات واستعلاءٌ على المغـريات..
الرجــولةُ ليست تطويلٌ للشواربِ ولارفعٌ للصوتِ ولاعرضٌ للقوةِ والعضـلات ..
إنّما الرجــولةُ رأيٌ سديد ، وكلمةٌ طيبه ، ومروءةٌ وشـهامةٌ ، وتعاونٌ وتضـامن .!

ذكرها الله عزوجل في القرآن الكريم في المواطنِ الخاصه التى يحبها الله جل وعلا :  
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ  }. غافر28

{ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا  } الأحزاب 23

{ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  }  النور 37

{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ } يس 20- 21

ولهـــذا اول ما وصلَ حـبيب النجــار قامَ يدعو قومه وينصحهم قائلاً  :
( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )  20 يس
دعاهم باليسر ، دعاهم بالترغيب ..
تنقلَ في دعوته معهم من طريقةٍ الى اخرى
لكنّهُ لم يكن يعلم كثيراً انّه امامَ قومٍ لا يحبون الناصحين ولا يحبون العلماء والمرشدين ويكرهون دعاةَ الله وأوليائه وكماهو حاصلٌ اليوم ..!
لو نطقَ السفيهُ او تحدثْ تجدَ الآذانَ له صاغيه والأيدي له مصفقه والألسن له شاكره ومادحه ..
وعندما ينطقُ اهلُ الخير ويتحدثُ الدعاة بكلامِ الله وسنةَ رسوله كشرتِ الوجوه وأشمأزتِ القلوب :
( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (45) الزمر

ولذلكـــــم                                  
قامَ حـبيب النجــار يدعوهم الى اللهِ والى اتّباعِ رسله فرجموه حتى الموت ... فأدخله اللهُ جنته
فماذا قال :
لم يقل ربِّ انتقم منهم .! ولا ربِّ دمرهم تدميرا .!
ولا ربِّ عجّل بزوالهم .! او ربِّ اخسف بهمُ الارض.!
وكان هذا ممكناً بأن يدعوا الله به عليهم لأنهم قهروه وغدروا به وازهقوا روحه ..
لكنّهُ يضربُ المثال الرائع للداعيةِ الحقيقي الى دينِ الله والمحبّٓ لدعوته ، فكان رحيماً بهم في حياته وناصحاً ومحباً لهم بعد مماته فقال :
( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ • بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ  )  26 27 يس

بـــارك اللـه لـي ولكــم بالقـــرآن العظيــــم
ونفعنـــي وإيـــاكــم بمـا فيـه من الآيـــــات
والذكــــر الحكيــــم ..
اقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مـن كل ذنـب فيـــا فــــوز المستغفـــريـــن
ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..

الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ                
احبتــــــي الگـــــــرام :                    
ونحنُ اليوم مع اولئك المحبوبين الذين احبهم الله جل وعلا وجعل مكانتهم عاليه ، وسمعتهم طيبه وفِعالهم حسنه ..
فكما جاء في الحديث ضمن سلسلتنا المباركه لأحبِّ الاعمالِ الى الله الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
« أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»
والنـافــعُ للناسِ شخصٌ إيجـــابي  .!
وما اجمــلَ ان يكونَ الإنسانُ ايجــابياً في حياته
إيجــابياً مع أسرته ، إيجــابياً مع أولاده ، إيجــابياً مع زوجته ، إيجــابياً مع أصدقاءه ، إيجــابياً مع زملائه ، إيجــابياً مع جيرانه ومع بني جنسه .!

إيجــابياً في أقواله ، إيجــابياً في أفعاله ، إيجــابياً في تصرفاته ، إيجــابياً في تعاملاته .!

إيجـابياً في وظيفته ،.!
إيجــابياً في عمله .!
فمن يتقنُ عمله هو إنسان إيجـابي .
ومن يأكلُ الحلال ويتحراه هو إنسان إيجـابي .
ومن يهدي الضال، ويَدُلُ الحائر ، ويُنقذُ الملهوف
ويُعطي المحتاج هو انسان إيجـابي ..
ومن يزورُ المرضى ويتفقدُ المحرومين إيجـابي .

ومن يُزكّي نفسه بالطاعاتِ والقربات إيجـابي.
ومن يُحبُ الخيرَ للنّاسِ إيجـابي .
ومن يَعملُ الخيرَ ويدعو إليه وينهى عن الشرِ ويجتنبه إيجـابي .
ومن يأمرُ بالمعروفِ وينهى عن المنكرِ إيجـابي .
يقــول سبحــانه وتعــالى :
( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ... لماذا ؟؟
لتلعبـون ؟! لتمـرحون ؟! لتضحكـون ؟!      
لتكونوا سلبيين لا دورَ لكم في حيـاتكم ؟!
        لا  . لا      إنّما
( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ال عمران 110
لتكونوا إيجـابيين في حياتكم ..!
لتكونوا افراداً نافـعين مصلـحين .!
ومافائدةُ صلاةٍ بعدها إلحاقُ الضررِ بالآخرين .!
ما تغنى صلواتٌ مع فسادٍ في الاخلاق والمعاملات
ماذا تفيد العبادات دون جهرٍ بالحقِ وصدحٍ به او امرٍ بمعروفٍ ونهيٍ عن منكر ..
ولكم خيرُ مثلٍ بمن اكتفى بصلًواته وعباداته ورهبانيته في صومعته او في قبلته ونسي إنقاذ غيره ، ولم يحبَّ الخيرَ لبني جنسه من عبادِ الله ..
ففي الحديثِ انّ الله عزوجل قال لجبريل عليه السلام :
( انزل للقريةِ الفلانيه واجعل عاليها سافلها ) !
لا تأخذكَ رأفةٌ ولا رحمةٌ بأحد ..!
فلما نزلَ جبريل لتلك القريه وجدَ فيها مصلياً في المسجد يتعبدُ لله فعادَ الى الله وقال :
إنّْ فيها عبدكَ فلان يصلي لك ويسجدُ ويركعُ لك
فماذا قال الله ..؟!
قال  : به فأبدأ ..! يا الله ... لماذا يارب ؟
لانه عاشَ لنفسه فقط .!
لانه كان إنساناً سلبياً ، لايهمه امرُ النَّاسِ عصوا ربهم او اطاعوه .
ينظرُ للمنكراتِ ويتفرج .!
 ينظرُ للمظلومِ ولاينصره !
وجهه لم يتمعّر من اجل الله وفي الله وحرقةً على دين الله .!
- فهذا حـلَّ عليه عقابُ الله وغضبه وسخطه لانه كان سلبياً وضـاراً غير نافــع .!
وأخرى إمرأةٌ سلبيه دخلتِ النارُ في هرةٍ حبستها فلا هي اطعمتها حيثُ حبستها ولاهي تركتها تأكلُ من خشاشِ الارض ...

ونموذج اخر إيجـابي دخلَ الجنّةَ ليس بقيامِ الليل، ولا بصيامِ النهار، ولا بكثرةِ بذلٍ وإنفاق ونحو ذلك..
 إنّما هو بعملٍ يسير، بغصنِ شجرة، غصناً من الشوكِ رفعه واخّرَه وأزاحه من طريقِ النّاس ..
 فكيـف بمن يدفعُ عن المسلمين ما هو أعظمُ من غصنِ الشجرة؟!
كيـف بمن يُقدمُ للمسلمين شيئاً ينفعهم ويرفعهم ويبقى أثره بعد موته؟!
قال النبي ﷺ في حديث ابي هريره رضي الله عنه كما روى ذلك مسلم :
( لقد رأيتُ رجلاً يتقلبُ في الجنةِ في شجرةٍ قطعها من ظهرِ الطريق، كانت تؤذي المسلمين )
بشيء يسيرٍ إيجابيٍ نافع إستحقَ جنةَ ربه .

واخرَ كان إيجـابياً نافعاً وبشيءٍ بسيطٍ كذلك دخلَ جنةَ الله حيثُ سقى كلباً حتى روى كادَ يقتله العطش ...
اللهـم اجعلنا عبـاداً نافعـين صالحـين مُصلحـين ناصحـين محبـين محبوبين مُـؤثِرين ، للصلاة محافظين ، وللفقراء راحمين ، ولدعوتك عاملين وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قائمين ، وبسنه رسولك محمد مهتدين سائرين ، وبنهجك وشرعك ملتزمين ...
هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضآلينَ ولا مُضِلينَ     سلماً لاوليائك ، حرباً على اعداءك نحبُ بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من عادك ..

 اللهم وأبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ياربَّ العالمين ...

 ارحم اللهم ضعفنا وتولى أمرنا واجبر كسرنا واصلح حالنا وأختم بالصالحات اعمالنا ..

ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه وثنى به ملائكته المسبحةِ بقدسه وثلّثَ به عباده من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
------------------------------------
للتواصل والاستفسار وإبداء الملاحظات :
جوال ( 00967777151620 )
ولمتابعه الخطب المكتوبه على الروابط التاليه :
١/
https://www.facebook.com/SheikhAhmedPage/
-----------------------
٢/
https://alahmed-ibb.blogspot.com/?m=1
-----------------------
٣/
 https://lecahmed.blogspot.com/
-----------------------
٤/
 http://talabah1.blogspot.com/?m=1
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بها عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
--------------------------------
    والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...