الاثنين، 16 أبريل 2018

خطبــة جمعـــة بعنـــوان نعمه الوالدين

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
نعمه الوالدين
 (( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى  ))

إعداد وإلقاء الاستاذ/ احمد عبدالله صالح  خطيب مسجد بلال بن رباح-
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب.
القيت في 7 ابريل 2017 م
الموافق 10 رجب 1438 هـ

ثم اما بعد
ايها الاحباب الكرام :
لا زلنا نعيش سوياً في رحاب نعم الله التى
لا تحصى ...
وتواصلاً واستمراراً مع هذه السلسله المباركه نعيش اليوم وإياكم مع نعمهٍ جديده من نعم الخالق سبحانه وتعالى علينا ..
وما اكثر نعم الله علينا الكثيره وفضائله العديده في كل وقتٍ وحين وفي كل صباحٍ ومساء..
كيف وهو القائل سبحانه :
( وإن تعدوا نعمه الله لاتحصوها ).
ولكننا من عِظَمِ نعم الله علينا ننسى بعض تلك النعم ونتغافل عن بعضها بل ويعتاد بعضنا على بعض النعم حتى لايكاد يذكرها او يتذكرهُا
فإذا فقد بعضها واذا تنبّه إليها وقف أمامها  حامداً وامام خالقه شاكراً او مستغفراً من تقصيره في شكر الله عليها ..
ألا وإن من اعظم تلك النعم التى ربما نساها البعض منا او تناساها :

          {{ نعمه الوالدين }} ..
يقول الله تعالى :
((  وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ  مِنَ اْلرَحْمَه وَقُلْ ربِ َاْرحَمْهُمَا كَمَا رَبَيانِي صَغِيْرا ))..
ويقول سبحانه :
(( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ. ... ))
ايها الأحباب الكرام :
كنت قد وقفت معكم الجمعه الماضيه مع نعمه الأبناء واليوم لابد ان أُذكّر الجميع بهذه النعمه الجزيله العظيمه التى فعلاً غفل عن شكرها كثير ٌ من الأبناء ..
فهل منا من خطر في باله يوماً ان وجود ابيه وأمه بين يديه نعمهٌ عظيمه لابد ان يشكر الله عليها في كل يوم بل في كل ساعه بل في كل لحظه .
نعم  احبابي الكرام :
نعمه الوالدين نعمه تناسيناها وربما قتل عظيم هذه النعمه الاعتياد فأصبح احدنا يرى أباه او يرى أمّه صباحاً ومساءً فينسى ان يحمدالله على هذه النعمه```
مع أنه عقلاً يتذكر ان هناك يتامى .!
يتذكر ان هناك اناساً فقدوا الآباء .!
وان هناك اخرون فقدوا الأمهات .!
وهذه مصيبه عظيمه ان ينسى البعض نعمه والدين حيّيّن بين يديه ولا يدعوه ذلك لشكر الله فيؤدي حق الوالدين عليه قبل ان يفقدهما ولن ينفع الندم حينها ولاينفع ان يقول الانسان بعدها ليتني فعلت وليتني عملت..

ايها الاحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
يقول احد مشائخ وعلماء الشام :
أغرب فتوى عُرضت عليا شخصياً والتى ذكرتني بنعمه الوالدين في وقتٍ كنت  كغيري من الناس يغفُلُ عن هذه النعمه..
يقول : توفى لنا جارٌ يسكن دمشق فأتى أهله وأولاده به ليدفنوه عندنا في حلب .
قال : فلما جاءوا وهم يُحضرون للدفن جاءني ابن المتوفى وقال : ياشيخ ابي وصى بوصيه ..
فقال الشيخ : وماهي وصيته .. تفضل تكلم..
قال الابن : أوصاني ان يدفن في قبر أبيه ..
فقال الشيخ : لايجوز ان يدفن انسان في قبر إنسان إلا اذا ضاقت القبور أو اذا تحول جسمه الى تراب ولم يبقى هناك لحم او غيره ..
وكما ترى هناك متسع في القبور فلا يجوز ..
قال الابن : قد وصى امي كذلك وامي أكدت عليّ وانا إبنه واريد ان أبرّ بأبي بتنفيذ وصيته ..
قال الشيخ : الوصيه بالمعصية لا تُنفذ ..
قال الشيخ فذهب الابن وانصرف مقتنعاً بذلك..
يقول الشيخ : فرجعت أقلب أفكاري واقلب حديثي مع هذا الابن وقلت في نفسي :
 لماذا يصرُّ هذا الأب ويوصي ان يدفن في قبر أبيه ..
قال فذهبت لاستقصي سبب إصرار المتوفي على هذا الامر وتوجيه وتوصيه ابناءه وزوجته بذلك
قال الشيخ :
فدهشت لما عرفت من الناس ان هذا المتوفى
ولد يتيماً بلا أب ولم يحس بحنان والده ولم يتمكن من مرافقته في حياته فكان جلُّ اهتمامه وتفكيره انه حُرم من ابيه وحنانه وهو على قيد الحياه لابد ان يشعر بحنانه وبرأفته عليه وهو بجواره في قبره ....
- كم منا من نسي مقام والده وهو على لازال على قيد الحياه.
- كم منا من غفل من ان يستأنس بحنان والديه وهم بين يديه احياء يرزقون .

هناك أناس .. وهناك أبناء  يرجون وآخرون  يتمنون ان لو يتخيلوا أباءهم مجرد تخيل.
او ان يروا أباءهم حتى في المنام...

وأناس وأبناء مع الأسف يعيشون مع آباءهم وامهاتهم ولايقدّرون لهذه النعمه حقها ..
ولايقدّرون حق ابوتهم وحق تربيتهم ولايستغلونها وهي لازالت بين أيديهم وفي متناولهم.

نعم أناس اليوم تتقطع قلوبهم ونفوسهم حسره على فقدان آباءهم او أمهاتهم ويقول الواحد منهم متحسراً :
(( والله لو كان ابي حيٌ  او أمي حيه لقبلت قدميهم الليل مع النهار ..))

وانت وانا وهو وهي آباءنا وأمهاتنا احياء يرزقون احياء أصحاء ولا نُقدّر هذا الكنز الذي بين يدينا حق قدره فنقوم بحقهم ونعمل على إسعادهم وإدخال السرور عليهم والأنس لقلوبهم ..

اتعرفون قصه الحبيب صلى الله عليه وسلم التى رواها الامام مسلم ..
عاش عليه الصلاه والسلام  مع امه آمنه ثلاث سنوات وتوفيت وعمره خمس سنوات وعاش مع مرضعته حليمه سنتين ..

فجاء الى المدينه عليه الصلاه والسلام وعمره ثلاثاً وخمسين سنه يستأذن ربه بأن يزور قبر أمه ويستغفر لها فيأذن الله له بزياره قبرها ولا يأذن له ان يستغفر لها لانها ماتت على غير مله الاسلام
يقول الراوي معلقاً :
ماذا يستفيد رسول الله من ذلك وقد عاش معها ثلاث سنوات ولم يرى منها التعب الكثير الذي يراه من يعيش مع والدته عشر السنين او العشرين او الثلاثين السنه .
تجوع لتطعمه !! وتظمأ لترويه .!
وتستيقظ لتطمئن عليه !! وتسهر لينام !!
اذا فرح فرحت معه ..!
واذا حزن حزنت معه ..!!
واذا ضحك ضحكت معه ..!!
واذا مرض مرضت معه ،،!!
ورسول الله ما شعر بهذا معها لانها ثلاث سنوات فقط .
يقول الراوي :
لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم الى قبرها بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ..
لماذا يبكي ؟؟
لانه حُرم من نعمه الأم ..
حُرم من ان يحس بحنان الوالدين ..
لماذا حرمه ربه عزوجل وهو احب الخلق إليه؟

ليكون قدوهً لأولئك اليتامى الذين حرموا من آباءهم وامهاتهم ..
فيحرم النبي صلى الله عليه وسلم من ابيه فلا يراه ابداً ومن امه وقد رآها ثلاث سنوات فقط..

ونحن ربنا أكرمنا بالعيش مع الآباء والأمهات لسنون فماذا فعلنا بحقهم ؟
وماذا عملنا تجاههم ؟
وماذا قدمنا لاجلهم ؟
هل شكرنا الله المنعم وقمنا بدورنا على اكمل وجه
ام ان الوالدين أصبحا كما هو مشاهد في عصر النكران  لدى اغلب الأبناء مشهداً مألوفاً ومنظراً عادياً وكأنهم احد الغرباء  او احد الجيران او احد الأشخاص العاديين .
يرى والديه ويمر من جوارهم ولا يضع لهم اعتبار ولايضع لهم اهتمام ولا قيمه ولا احترام ولا قدر ..
ونسي انهما الجنه التى أعدت ..
ونسي ان مجرد الاستماع الى حديثهم والإصغاء لهم بدون تأففٍ او تضجر او تضايق هو الفوز والفلاح بحد ذاته ..
واسأل عن اؤلئك الابناء الذي يستعد الواحد منهم لئن يسمع عشرات القصص ومئات الحكايات وآلآف العبارات والكلمات من صديقٍ له دون ان يتضجر او يتضايق او يتأفف .
أما الوالدين فلا يسمع لهم او يفرح ولو فتحوا له ابسط المواضيع وأقصر العبارات ..
ونسي هذا المغفل قول بشر الذي قال :
( من دنى الى والديه بحيث يسمع كلامهما إلاّ كان اعظم من ضرب الرقاب في سبيل الله ..)

بل ونسي هذا المغفل العاق الذي يوزع الابتسامات والضحكات ونظرات الرحمه والشفقه والرأفه والإعجاب للرفقاء والاصدقاء والأحباب والخلان .
ويبخل بها على والديه الَذّيِّنِ تعبا في تربيته وسهرا السنون على راحته وانفقا العمر لاجل سعادته وعاشا حياتهما المنغصه من اجل ان يكون نعم الولد الصالح الذي سيعرف حق الوالدين ويعطيهمها حقهما اذا قوى ساعده واستقام عموده ..
نسي هذا المسكين ان ابتسامه ونظره شفقه لهاتين النعمتين التى بين يديه( الوالدين)
ترفعه الى جنان الله ورضوان الله بل تكون تلك الابتسامه وتلك النظره بمقام الحج والعمره الى بيت الله ..
ففي الحديث الذي تتضارب الأقوال بضعفه من صحته عن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاه والسلام :
( من نظر الى والديه بعين الرحمه إلاّ كتب الله له بكل نظرهٍ ينظر بها إليهما حجهٌ وعمره .،
قالوا : أفرأيت ان نظر إليهما في اليوم اكثر من مائه مره .. قال :  الله اكرم واطيب ..)

اقول عن نظرات شفقه ورحمه للوالدين في الوقت الذي نجد فيه صوراً مأساوية ومؤلمه 
تتجلى من اولئك الأبناء الذين نسوا نعمه الوالدين.
- فولد يتهكم على والده ويستهزيء به في المجالس ..
- واخر يسخر منه امام الناس ..
- وثالث يُطلق عليه امام الأقرباء والغرباء عبارات الخرف وكلمات التخلف ومفردات الهرف.
- ورابع يشتم امه وربما تطاول عليها باقذع الألفاظ ..
- وخامس ربما يصل  للاعتداء عليها بيديه وركلها بقدميه ..
ولطالما كانت تمسح عنه الأذى بيمينها وتسهر الليالي اذا اشتكى ..
فلا تنام حتى ينام ..!
ولا ترتاح حتى يرتاح !!
ولا تأكل حتى يأكل ..!

فأين الله في حياتك يامن نسيت فضل والديك ؟؟
أأأين الله ؟؟ أين كلامه ؟؟ أين هديه ؟؟
أين رسوله ؟؟ أين شرعه ؟؟
بل اينّ الفطره التى فطر الله عليها الانسان بأن يحب لوالديه ويحسن إليهما .
نعم/
اينّ انت يا مسكين من قول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم :
( رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخط الوالدين )
اينّ انت يا متعلم  وهذا والله ما يؤسف ويحزن ..
ان يكون الجحود للوالدين والنكران لهما والعقوق لهما يأتي في اغلب الأحيان ويتصدر من المتعلمين ومن المثقفين الذين شغلوا الأمه والناس بثقافاتهم وفلسفاتهم وأفكارهم ..
فاين هذا العلم ؟؟ وايّن هذه الثقافة ؟؟

اكثر من خمسهَ عشرةَ عام او اكثر قضاها في الدراسه والتعليم والاجتهاد وتجد والديه يشكوان من عقوقه وظلمه وطغيانه مالا يشكوانه من أخيه الأميّ الذي لم يتعلم ، ولم يخط بقلم ، ولم يقرأ في كتاب ، ولم يدخل مدرسه ولا جامعه ..
فما قيمه هذه الشهاده التى حصل عليها او نالها أمثال هؤلاء الذين يستعرضون بها على الحيطان ويتصدرون بها المجالس ويبرزونها امام الداخلين والخارجين .
{ تشهد الجامعه الفلانيه بأن / فلان ابن فلان قد حصل على شهادهالبكالوريوس او الماجستير
او الدكتوراه  في الأدب او الفلسفه
او الاداره او الطب او الهندسه او الشريعه
 او العلوم او الشرطه او او او ومع مرتبه الشرف..
ماذا ستنفع كل هذه الشهادات ؟؟
وماذا ستقدم لك او تؤخر ؟؟
ووالديك الضعيفين غير راضين عنك ..
ووالديك يشكوان من عقوقك وقسوتك ..
ووالديك يدعوان عليك الصباح والمساء ..
ووالديك يبكيان الليل والنهار من سوء معاملته وسوء تصرفك  ..

إنّها شهاده أشبه بشهاده أولئك الذين اخبرنا الله عنهم في كتابه وشبههم بالحمار حين حملوا التوراه  ولم يعملوا بها..
وأيُّ علم لايدعو صاحبه الى طاعه والديه فليس بعلم.
ايُّ علم لايقود صاحبه الى بر والديه والإحسان إليهما فليس بعلم .
ايُّ علم لا يأمرك بالتذلل لوالديك والقيام بالواجب نحوهما فليس بعلم ..

وهذا العاق الذي يحمل هذه المؤهلات وهذه الشهادات وهو عاق لوالديه كالحمار يحمل مصنفات ومجلدات ولايستفيد ..
(( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبه الثانيه

ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
جمعه اليوم إستثنائيه من حيث جمله النعم التى سبق وان تحدثنا بها معكم في جمع سبقت

حيث ونعمه اليوم إن رعاها المسلم حق رعايتها وعمل بحقها وقام بواجبه تجاهها فجنان الله ورضوانه ومغفرته وعفوه وحفظه ورعايته وسعادته طريقه ومنتظره .
انها نعمه الوالدين ...!
تلك النعمه التى تعتبر إما الفوز الأبدي والنجاة من النار بطاعتهما وبرهما وحفظهما والتودد لهما والإحسان إليهما ..
او الخسران والسقوط والنهايه المذله والمخزيه
الى جانب نار تلظى وسعير تلتهب وزقوم تغلي بعصيانهما وعقوقهما والتمرد عليهما وشتمهما وايذائهما والنكران لجميلهما .

نعم أحبتي الكرام ؛":
إنّ عقوق الوالدين وعصيانهما عقوبتها معجّله في الدنيا مع ما يؤخر الله لصاحبه في الاخره.
ستنزل هذه العقوبه عليك اليوم او غداً ..!
في هذا العام او في الذي يليه ..!
 ستأتي عليك فجأه !!
ستنزل تلك الدعوات التى خرجت من قلب امك المقهور او فؤاد ابيك المتألم  لتقصم فقار ظهرك ..
وستبكي حينها كثيراً كما ضحكت في عقوقهما كثيراً..
ستتجرع الويل ..!!!
وستأكل العلقم  !!
وستشرب المر !!..
تمهل ..لاتستعجل .. افرح كما تشاء واضحك كما تشاء .
إلعب . امرح. اكل . اشرب . تهنى بحياتك ..
وماهي الا ايام او شهور او سنون وسيهجم عليك ذلك المرض الذي لن تدري كيف جاء ؟ وما سببه ؟
ونسيت انها  تلك الدعوات التى انهالت عليك من قلب والدين متألمين  .
او مصائب ستنزل عليك تترا...
  او مشاكل ستهبط عليك دفعات ...
وتعود ذليلاً حقيراً بعد رفعهٍ وعزه..
وفقيراً بعد غنى..
وضعيفاً بعد قوهً وصلابه..
ومشرداً مهاناً بعد مكانهٍ وقدر ..
ووحيداً فريداً بلا ناصر بعد اجتماع وأنس..
ومريضاً سقيماً بعد صحهٍ وعافيه..
وقلقاً مرعوباً بعد أمنٍ وسكينه..
ومضطرباً خائفاً بعد هدوءٍ وطمأنينه ..
يقول عليه الصلاه والسلام:
( ما من ذنبٍ أجدر ان يُعجّل الله لصاحبه في الدنيا مع ما يؤخر له يوم القيامه من :
عقوق الوالدين وقطيعه الرحم )..
( وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. )

بل اسمعوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدثنا عن جزاء من يشتم والديه ويسيء لهما :
( مررت يوم اسري بي بأقوامٍ في النار معلقين في جذوعٍ من نار فقلت من هولاء ياجبريل ؟ فقال :
هؤلاء الذين يشتمون آبآئهم وآمهاتهم في الدنيا )
وما أكثرهم اليوم وما اكثر عددهم في هذا الزمان وفي هذا العصر الذي طغت فيه الماده ونكران الجميل .
بل وروي :
( انه من شتم والديه ينزل عليه في قبره جمرٌ من نار بعدد كل قطر ينزل من السماء الى الارض )
وقال عليه الصلاه والسلام :
اربعه نفر حق على الله ان لايدخلهم الجنه ولايذيقهم نعيمها :
( مدمنُ خمر وآكلُ الربا وآكل مال اليتيم ظلماً والعاق لوالديه ..إلاّ أن يتوبوا .. )

فهل تقوى انت على النار!!؟
هل تتحمل انت عذاب الله!!؟
هل يتحمل جسدك الضعيف الذي يهرب من حر جمر الدنيا ويتأذى من قطرات زيت ساخنه او شمعٍ ساقطه .!!؟
هل يتحمل جسدك الحميم والغسلين والغساق والصديد من نار الاخره!!؟
هل تريد ان تكون من أهلها وضيوفها بعصيانك وعقوقهما لوالديك !؟؟
ام تتوب اليوم ؟!!
وتُعلنها رجوع الى الله ورجوعٌ لحضن والدين قصرت في حقهما كثيراً وستعوضهما مافقدوه منك من الحنان الشفقه والرأفه والرحمه لتكون اسعد الناس وأغنى الناس وافرح الناس قبل ان يغادرا الدنيا فيضيع منك كل شيء وتخسر كل شيء وتفتتح عليك هموم الدنيا ومشاغلها من كل جهه ومن كل ناحيه ..
- وفي الحديث القدسي
يقول الله عندما يقبض روح ام العبد :
( عبدي ماتت التي كنت اكرمك لأجلها ...؟!!!!
هذا النعيم التى انت فيها بسببها...
هذا الغنى الذي من حولك بفضلها..
هذا النشاط وهذه الصحه وهذا الحب من الناس لك والاحترام والتقدير بفضل دعواتها .
(( عبدي ماتت التى كنت اكرمك لأجلها فاعمل شيئاً اكرمك لأجله .. ))

ولعل من فقد والديه وقصر في حقهما يتسائل :
هل من بر لوالديّ بعد موتهما ؟؟
فأقول :
ان من سعه رحمه الله ان جعل بر الوالدين لاينقطع حتى بعد موتهما ... حتى بعد الممات ؟؟
فقد يقصر احدٌ في حق والديه وهما احياء فإذا ماتا عض يده وقرع سنه ندماً على تفريطه وتضييعه لحق الوالدين ..
يأتي رجلٌ الى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول
يارسول الله هل من برّ عليّ بعد موت والديّ ؟
اي كيف ابرهما وقد ماتا ..؟
فقال الرحمه المهداه عليه الصلاه والسلام:
نعم ..( اي هناك برٌ لهما بعد موتهما ).
• الصلاه عليهما والمقصود بها كثره الدعاء لهما والاستغفار لهما..
وفي الحديث :
( يُقال للوالدين يوم القيامه ارتقيت درجه.
 والدرجه مابين السماء والارض .
فيقول :
أيّ ربِ أنّى لي هذه ؟
فيقال : باستغفار ولدك لك .
• ايضاً يكون بر الوالدين بعد موتهما:
 بإيفاء وعودهما وعهدهما.
• وصله الارحام التى كانت لا توصل الا بهما .
• والتصدق عليهما .
• وإكرام صديقهما .

- اللهم ارزقنا البرّ بآبائنا وأمهاتنا وارزقنا طاعتهما والإحسان إليهما .
- اللهم اجزهم عنا خير الجزاء .
- اللهم اغفر لهما ورارحمهما كما ربونا صغارا .
- اللهم كما جمعتنا بهم في الدنيا على طاعتك فاجمعنا بهم في جناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر ..
- اللهم من كان منهم مريضاً فشافه وعافه ومتعه بالصحه والعافيه ومن كان منهم ميتاً اللهم فارحمه برحمتك وعافه واعفو عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا والآثام كما ينقى الثوب الابيض من الدنس.
- اللهم انزله منزلاً مباركاً ..
- اللهم انزله منزل الابرار..
/ اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.
- اللهم وأخلف علينا من أبنائنا من يبروننا كما بررنا بآبائنا وأمهاتنا ويدعون لنا بعد موتنا كما دعونا لآبائنا وأمهاتنا ياسميع الدعاء ..
هذا وصلوا وسلموا عليه وعلى آله ..
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.                             
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...