الاثنين، 16 أبريل 2018

خطبــة جمعـــة بعنـــوان { الإحسان } ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
        { الإحسان }
(  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                      الخطبه {{ 2 }}
إعداد وتعديل وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 12 يناير 2018 م
الموافق 25 ربيع ثاني 1438 هـ

ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام   
روّاد مسجد بلال بن رباح :-
ومع عبادهٍ جديدهٍ وعمل جديد نفتتح السلسله الثانيه من سلسله احب الاعمال الى الله ...

وعملُ اليوم صفه من صفات اهل الجنه ..
وسببٌ من أسبابِ رضى الرحمن ..
وعاملٌ مهمٌّ من عوامل بناء الإنسان ..
ورافدٌ رئيسٌ من روافد الأمن والأمان في المجتمعات والبلدان والأوطان .
إنّه  :    ( ( الإحسان ) )
    (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
من تأمَّل آياتِ القرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ النَّبَويَّةِ اتضح له أنَّ دائرةَ الإحسانِ تشملُ جوانبَ الحياةِ كُلِّها عقيدةً وعبادةً ومُعَامَلةً وأَخلاقاً..
فكلُّ عبادةٍ لابدَّ لها من الإحسانِ والإتقانِ والإخلاصِ ولهذا قال اللهُ تعالى:
 (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا). فكلَّما كانَ العملُ أحسنَ كان الأجرُ والثوابُ أتمَّ .

نعم يا كرام :
الإحسان عباده أمرَ اللهُ بها عباده فقال :
(إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل ـ 90)..
وَبِهَا أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى كِبَارِ المُصْطَفَيْنَ مِنْ عِبَادِهِ، كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَإِلْيَاسَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فقال فيهم:
(( إنّا كذلك نجزي المحسنين ))...
بل وَأَثْبَتَ الله مَحَبَّـتَهُ لِمَنِ اتَّصَفَ بِهَا فَقَالَ:
(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
(البقرة ـ 195)
كما جعلَ الله ثَوَابَ الإِحْسَانِ مُعَجَّلاً غَيْرَ آجِلٍ فَقَالَ:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل ـ 97)..

- أهل الإحسان يا كرام :-
هم رجال التمكين في الأرض يقول الله عن نبيه يوسف عليه السلام حين مكنه :
( وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ (الْمُحْسِنِينَ) )..
- اهل الإحسان لايضيع آجرهم ابداً قال تعالى:
(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ (الْمُحْسِنِينَ) )..

- أهلُ الإحسان معهم الله عزوجل بتأييده وحفظه ورعايته وحمايته لهم قال تعالى :
 (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ (الْمُحْسِنِينَ) ).  وقال تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ (مُحْسِنُونَ) ).

- اهل ُالإحسان هم اهل الجنه بما أحسنوا لعباد الله  قال سبحانه وتعالى :
(فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ).

- اهلُّ الإحسان هم من شرفهم الله وكرمهم بالنظر الى وجهه الكريم جزاء احسانهم قال جل وعلا :
( للّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

في صحيحِ مُسلمٍ عَنْ صُهَيْبٍ الرُّوميِّ رضي اللهُ عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
« إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ».
ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}.
قال اهل التفسير : الزياده النظر الى وجه الله ..

يا ايها الاحباب الكرام :
إنّ أولُ من يظفرُ ويستفيدُ من الإحسان هو المحسن نفسه ..
 فلك أن تتخيل لو أنقذك إنسانٌ من الغرق ..
 أو منحك من خيرهِ منحة .. أو فكَّ عنك ضائقة !!؟
 كيف يكونُ شعورك عنه واحتفالك به وشكرك له , عندها ..
استشعر أيضاً ما يعيشه هو في تلك اللحظات من سعادةٍ واطمئنانٍ وراحةِ بالٍ وسكينةٍ ولذةٍ إيمانيةٍ منقطعةِ النظير , وهو يرى فرحتك واحتفالك به .
• وممّا يظفرُ به المحسن ويستفيده أيضاً :
أن الإحسان مهما صغر أو كبر , أو قلّ أو عَظُم , لإنسانٍ كان أو حيوان , لبعيدٍ كان أو قريب
وافقه صدقٌ وإخلاصٌ لله تعالى يكون جزاءه الجنة بعد رضى الله تعالى عليه ..
 تقول عائشة رضي الله عنها :
 " جاءتني مسكينةٌ تحملُ ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات , فأعطت كل واحدة منها تمرة , ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكُلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرةَ التي كانت تريد أن تأكلها بينهما , فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
 " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار " ..

• وممّا يظفرُ به المحسن ويستفيده أيضاً من إحسانه للآخرين :
أن الإحسان سببٌ لتفريج الكُرب وزوال الهم وزيادةٌ في التيسير والستر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ،
نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ،
ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ..."
من يغرسِ الإحسانَ يجنِ محبةً
                         دونَ المُسيءِ المُبعدِ المصرومِ
أَقِلْ العِثَارَ تُقَلْ ولا تحسدْ ولا
                            تحقدْ فليسَ المرءُ بالمعصومِ

ايها الاحباب الكرام  :
ليس للإحسانِ بيئةٌ واحدة , ولا يُحدّ بحدود .!
ولا يقفُ عند أسلوبٍ واحد أو طريقةٍ محددة .
فبحرهُ لا ساحل له , وأُفُقَهُ ليسَ أوسعُ منه .
وهو بابُ الأمّة المفتوح .
بقي أن تُبادر بما وهبك الله من عطاءات ..!
 وأن تُحسن بما أعطاك الله من إمكانات ..!
 وأن تنشر الحق وتبذل المعروف وتقدم الخير.!! فأنت بدينك وأخلاقك وما تملك تستطيع أن تفعل وتحسن أضعاف ما تقدّمه الآن من إحسان ..!

واعلم أن إخوانك بحاجة إليك ..!
 وأن الأمة تنتظر منك الكثير والكثير .

اللهمَّ ارزقنا حُسنَ الاعتِقادِ والقَولِ والعَمَلِ
واجعلنا من عبادِكَ المُحسِنِينَ يَارَبَّ العَالِمينَ.
أقولُ ما سمعتم وأستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذَنْبِّ فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية :       
وبعد :
نقف في جمعه اليوم مع العمل الاول الذي يحبه الله ضمن السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
وهو   {{  الإحسان }}
الإحسان لُبُّ الإيمان ِوروحُه وكمالُه وثَمَرَتُهُ .
الاحسان عبادةٌ عظيمةٌ وقربةٌ كريمةٌ .
وحيا من قال :
أحسِنْ إلى الناسِ تستعبد قلوبهمُ
فطالما استبعد الإنسانَ إحسانُ

  والإحسان له معنيان عظيمان ساميان :
    أحدهما يتعلق بالخالق ..!
والآخر يتعلق بالمخلوق ...!

١- أمّا الذي يتعلق بالخالق :
وهو أن تقوم أيها المسلم بأوامر الله جلا وعلا
وأن تؤدي فرائضه وواجباته على وجه الكمال :
(بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ (مُحْسِنٌ) فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
والإحسان هو :
أن تعبده سبحانه وتعالى كأنك تراه وهذه عبادة رغبة وطلب، فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذه عبادة الرهبة والخوف من الله تبارك وتعالى ..


٢-أمّا الإحسان الذي يتعلق بالمخلوق :
فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان
في كل شي ..
جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الله كتب الإحسان على كل شي)
وكثيرٌ هم أولئك الذين ينتظرون منك الإحسان وطيب المعاملة والمعاشرة بالمعروف :
=  ومن أولئك الوالدان فبِرّك بهما وطاعتك لأمرهما والقرب منهما إحسان منك وبرّ .
والله عزوجل يقول :
(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا{   23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {24} ..

= ومن أولئك الذين ينتظرون منك الإحسان :
(زوجتك وأبناءك وأهل بيتك وأرحامك وقرابتك) فالعناية بهم وصلتهم وتلمّس حاجاتهم وسوقهم إلى كل خير ومعروف إحسان منك لهم وصلة .

= ومن أولئك الذين ينتظرون منك الإحسان أيضا:
(جيرانك وجماعة مسجدك )
فزيارتك لهم وكف الأذى عنهم والتعاون معهم في كل فضيلة ومشاركة في أفراحهم وأحزانهم إحسان منك لهم ومعروف .

= ومن أولئك الذين ينتظرون منك الإحسان أيضاً:
(أهل بلدك وساكني وطنك وشركاءك في أرضك) فتعاونك معهم على كل فضيلة وخير , ومشاركتك لهم بالرأي والمشورة , وتفاعلك الإيجابي مع قضاياهم وهمومهم , ومساندتك لهم ضد كل من يسعى للفتنة والبلبلة والشر إنما هو منك إحسان لهم وخير .

= ومن أولئك الذين ينتظرون منك الإحسان :
( إخوانك في الدين والعقيدة في مشارق الأرض ومغاربها):
 فالدعاء لهم واستشعار آلآمهم وآمالهم ومتابعة أخبارهم , والنصح لهم بصدق هو أيضاً إحسان منك لهم ومعروف .

= ومن أولئك الذين لهم عليك حق الإحسان والمعروف :
 الفُقَراءِ والمُعوِزينَ,والعمّال والخدم والأيتام والأرامل والثكالى والمرضى والموتى ..
ومن غير صنف البشر أيضا كالحيوانات والنباتات .
قال ابن القيم رحمه الله :
( من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به ، ومن رحِمهم رحِمه  ومن أحسن إليهم أحسن إليه ، ومن جاد عليهم جاد الله عليه ، ومن نفعهم نفعه ، ومن سترهم ستره ، ومن منعهم خيره منعه خيره ، ومن عامل خلقه بصفةٍ ! عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة ، فالله تعالى لعبده حسب ما يكونُ العبد لخلقه ) أ.هـ كلامه رحمه الله .

فالاحسان يا أحبتي الكرام شامل لكل الشيء
الاحسان في العبادات الاحسان في المعاملات الاحسان في الأقوال الاحسان في الأفعال الاحسان للإنسان الاحسان للحيوان
الاحسان للأرحام للجيران
الاحسان للفقراء للمُعدمين للمحرومين
للمحتاجين للأرامل للأيتام للجوعي للثكالى...

ومن عجائب أخبار السلف الصالح
وعجائب ما قرأت في الإحسان للغير:
ما روى أهل السير عن أحمدَ بن مسكين أحد علماء القرن الثالث الهجري في البصرة قال :
( امتُحِنتُ بالفقر سنة تسع عشرة ومائتين (٢١٩)
فلم يكن عندنا شيء ، ولي امرأة وطفلها ،
 وقد طوينا على جوع يَخْسِفُ بالجوفِ خسفاً
فجمعتُ نيّتي على بيع الدار والتحّول عنها..

الله اكبر ..
 الجوع كافر .. والفقر كافر..!
يدفع الانسان لئن يبيع ما يملك قد يبيع الغالي والنفيس ، يبيع الأثاث . يبيع المواشي ..
 يبيع الدار لكي يوفر لقمه العيش وكسره الخبز ..
ولا أبالغ اذا قلت انّ هناك اليوم من هذه الحالات
وموجودون اليوم بيننا ..
من يبيت طاوياً من الجوع ...
من ينام على لحم بطنه جائعاً ... 
وهناك من لا يحسون بمعاناه هؤلاء..!!
لان الذين ينامون ملء بطونهم لايشعرون بالجوع ولا بالجوعى ..
والذين يسكنون ناطحات السحاب ويسكنون القصور لايشعرون بأحوال البردى الذين يفترشون
الارض ويلتحفون السماء ..
والذين ينامون ملء عيونهم لايحسون بأحوال المرضى الذين يفتقرون لحبه الدواء ومضرب العلاج..

ولذلكم يقول العالم البصري احمد بن مسكين:
طوينا على جوع يَخْسِفُ بالجوفِ خسفاً
فجمعتُ نيّتي على بيع الدار والتحّول عنها..
فخرجت أتسبب لبيعها...
 فلقيَني أبو نصر،فأخبرته بنيتي لبيع الدار فدفع إليّ رُقاقتين من الخبز بينهما حلوى وقال :
 أطعمها أهلك .!,
قال : فمضيتُ إلى داري فلما كنت في الطريق لقيَتني امرأة معها صبي ، فَنَظَرَتْ إلى الرُقاقتين وقالت : يا سيّدي :
هذا طفلٌ يتيمٌ جائع ، ولا صبرَ له على الجوع فأطعمه شيئًا يرحمك الله ..  
قال :  فنظر إليَّ الطفل نظرة لا أنساها وخُيِّل أليّ حينئذ أن الجنة نزلت إلى الأرض تَعرِض نفسها على من يُشْبِعُ هذا الطفلَ وأُمُّهُ ..
قال : فدفعت ما في يدي للمرأة وقلت لها :
خذي وأطعمي ابنك ..
والله ما أملك بيضاء ولا صفراء وإنَّ في داري
لمن هو أحوجُ إلى هذا الطعام .
قال : فدمعت عيناها ، وأشرقَ وجهُ الصبي ،
ومشيتُ وأنا مهموم ، وجلستُ إلى حائطٍ أفكّر في بيع الدار ..
 وبينما أنا كذلك إذْ مرّ أبو نصر وكأنه يطير فرحًا فقال : يا أبا محمد ، ما يجلسك ها هنا وفي دارك الخيرُ والغنى ؟!
 قلت : سبحان الله ! ومن أين يا أبا نصر ؟!
 قال : جاء رجل من خراسان يسأل الناس عن أبيك أو أحدٍ من أهله ، ومعه أثقال وأحمال من الخير والأموال .
 فقلت : ما خبره ؟
 قال :إنّه تاجر من البصرة ، وقد كان 
أبوك قد أودَعه مالاً من ثلاثين سنة ، فأفلس وانكسر المال ،ثم ترك البصرة إلى خراسان ..
فصلح أمره على التجارة هناك ، وأيسَر بعد المحنة وأقبل بالثراء والغنى ، فعاد إلى البصرة وأراد أن يتحلّل ، فجاءك بالمال وعليه ما كان يربحه في ثلاثين سنة ..
 الله اكبر :
 (( وماانفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ...))
يا ابن آدم أنفق أنفق عليك..
لقد ترك احمد بن مسكين الرقاقتين لاجل الله فعوضه الله خيراً منه اموالاً وتجارهً رابحه.....

فانت اليوم تودع الله وغيرك يودع...!!
وهناك من يودع في البنوك وهناك من يودع عند ملك الملوك ...
فأودع لك لقمهً تسديها لجائع تجد ثوابها وذخرها وغُنمها عند الله ..
أودع طعاماً تتكفل به لأسره قد طوت الايام جوعاً
تجد ذلك عند ملك الملوك ..!

يقول أحمد بن مسكين : 
 فحمدت الله وشكرته ..
 وبحثت عن المرأة المحتاجة وابنها ..
فلقيتهما وأجرَيت عليهما رزقاً..
 ثم اتّجرت في المال وجعلت أرُبُّهُ بالمعروف والصنيعة والإحسان وهو مُقبل يزداد ولا ينقص ، وكأني قد أعجبني نفسي وسرّني أني قد ملأَتُ سجلات الملائكة بحسناتي ..
ورجوت أن أكون قد كُتِبتُ عند الله في الصالحين ..
 فنمتُ ليلةً فرأيتُني في يوم القيامة ..
والخلق يموج بعضهم في بعض ..
ورأيت الناس وقد وُسّعَت أبدانهم فهم يحملون أوزارهم على ظهورهم مخلوقةً مجسّمة..
 حتى لكأن الفاسقَ على ظهرهِ مدينةٌ كلّها مخزيات ثم وضعت الموازين ..
قال :
ثم جيء بي لوزن أعمالي ، فجُعلت سيئاتي في كِفّة وألقيت سجلاتُ حسناتي في الأخرى ، فطاشت السجلات ، ورجحت السيئات ،
 ثم جعلوا يلقون الحسنة بعد الحسنة مما كنت أصنعه ، فإذا تحت كل حسنةٍ شهوةٌ خفيةٌ من شهوات النفس كالرياء والغرور وحب المحمدَة عند الناس فلم يُسلّم لي شيء ، وهلكت عن حجتي.
قال : حتى سمعت صوتًا : ألم يبق له شيء ؟ فقيل : بقي هذا ..!
 فجعلت أنظر لأرى ما هذا الذي بقي !!..
فإذا الرقاقتان اللتان أحسنتُ بهما على المرأة وابنها ..
فأيقنت أني هالك فلقد كنت أُحسِنُ بمائة دينارٍ ضربةً واحدة فما أغنَت عني فى هذا الموقف ..
 فانخذلتُ انخذالاً شديدًا ..!
فَوضِعَت الرقاقتان في الميزان ،
 فإذا بِكِفةِ الحسنات تنزل قليلاً ورجحت بعضَ الرّجحان ..
 ثم وُضعت دموعُ المرأةِ المسكينة التي بكت من أثر المعروف في نفسها ومن إيثاري إيّاها وابنها على أهلي ، وإذا بالكِفة ترجِحُ ، ولا تزال ترجحُ حتى سمعت صوتًا يقول :
قد نجا فلان ابن فلان ....!!
قد فاز فلان بن فلان ..!!
قد سعد فلان بن فلان سعادهً لايشقى بعدها ابدا)

فيامن تستهين برقاقه الخبز تقدمها لجائع ؟؟!
هذه الرقاقه البسيطه وهذا القرص من الخبز
فوزك وعتقك من نار الله وعذاب الله ..
يامن تقلل من شأن طعام تقدمه لمن يبيتون جوعاً
ويامن تستخف بكيسٍ من الخبز تقدمه لأسرهٍ
 قد طوت اليوم بلا مأكل ولا كسره خبز !!
ماتقدمه هو علامه فارقه لنجاحك وطزيق لثقل موازينك يوم تثقل او تخف الموازين بين يدي الله..

- فاللهمَّ اجعلنا مع الذين اتقوا والذين هم محسنونَ.
- اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك.
- اللهم أعطٍ مُنفِقَا خَلَفَا وأعطِ مُمسِكَا تَلَفَا.
- اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئَها
لا يصرف عنا سيئَها إلا أنت ياربَّ العالمين.
-  اللهم ألف بين قلوب المؤمنين ووحد صفوفهم واجمع كلمتهم وأصلح قادتهم واهدهم سبل السلام.
- اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان ووفقنا لما تحبُّ وترضى يا رحمان.
- اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
- اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك،
ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.
- اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ..
- اللهم ارحم ضعف إخواننا في كلِّ مكانٍ.
- اللهم كن لهم ناصرا ومعينا ياربَّ العالمينَ.
رَبَّنَا آ ربنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
 وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...