الجمعة، 11 مايو 2018

خطبه جمعه بعنوان الهجرة النبويه دروسٌ وعبر

خطبه جمعه بعنوان
 الهجرة النبويه دروسٌ وعبر

 إعداد وتعديل وإلقاء
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 2017/9/22م
الموافق 2محرم 1439هـ

الخطبة الأولى :

أما بعد عباد الله , أيها المسلمون :  
أنا وحضراتكم في هذه الجمعة إن شاء الله ضيوفٌٍ على شاطئ من أعذب الشواطئ ,
 مياهه عذبةً غزيرة ..
 ومهما اغترفنا منها فإنما هي غرفات
 ويبقى الماء العذب الزُلال مَعيناً لاينضب 
ينهل منه الناهلون كلما وردوا نفس المورد ...

نعم احبابي الكرام
مع حدث أقف معكم اليوم وكما عودتكم
لكل حادثه حديث
وحَدثُ السَّاعة وحديثها هو ذلك الحدث الذي
غيَّر مجرى التاريخ،
- ذلك الحدث الذي يحمل في طياته معاني الشجاعة والتَّضحية والإباء..
 والصَّبر والنَّصر والفداء..
 والتوكُّل والقوَّة والإخاء..
 والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء..

- انه الحدث الذي غيّرَ مجرى التاريخ ..!
- حدثٌ ليس كأيِّ حدث .
-  حدث عظيمُ الشأن , جليلُ القدر ..

       (( إنَّه حَدَثُ الهجرة النبويَّة ))
 الذي جعله الله سبحانه وتعالى طريقًا للنَّصر والعزَّة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته،
وإقامة صرح حضارته..

فما كان لنور الإسلام أن يُشِعَّ في جميع أرجاء المعمورة لو بقيَ حبيسًا في مَهْدِه،
ولله الحكمة البالغة في شَرْعِه وكَوْنِه وخَلْقِه.

ومن هذا الذي يقف امام عامٍ هجريٍ جديد
 ويودع عاماً هجرياً مضى ثم لا يغترف من هذا المعين ولا ينهل من مناهله..

ومهما تكلمت ومهما تحدثت ومهما تتبارى
 القرائح والأقلام فسيظل الحدث كما هو بحراً
 لا تنتهي أحداثه ومعالمه..
نعم /
لن نستطيع أبداً في هذه الجمعة مهما فعلنا
 أن نُظهر عظمة الحدث بأكمله ..
 وإنما هي وقفات نقفها مع هذا الحدث الرائع
على عجل وفي نصف ساعه او تزيد قليلاً
لنستمد منه بعض الدروس والعبر كي تُضيءَ
لنا طريق السير الى الله  في حياتنا .

:: ايها الاحباب الكرام
بعد ان اتضح لمشركي مكه ان رسول الانسانيه بات خطراً على دينهم وأبنائهم ويهدد بنيان ملتهم
تجمعوا وتألبوا عليه يريدون منه واحدة من ثلاث :
- إما أن يترك دعوته..!
- وإما أن يطيحوا برأسه...!
- وإما أن يُخرجوه من بلده وهي حبيبةٌ إليه وحبيبةٌ إلى الله..

حينها قرر الحبيب ان يخرج في رحلةٍ شاقةٍ
من مكة إلى المدينة , قطعها صلى الله عليه وسلم
 مع صاحبه ورفيقه حياته  أبو بكرٍ رضي الله عنه وليلقى صلى الله عليه وسلم في المدينة كلَّ حفاوةً وكلَّ تكريم , ولتكون تلك الهجرة المباركة أساساً لدولة الإسلام , ونشر نورِ الله على العالمين .

لا أطيل عليكم فمن هذا الحدث الهام الذي غير مجرى التاريخ والانسانيه برمتها اقتطف لكم منه بعض الاشارات والرسائل وبعض الدروس والعبر وبعض الرموز والدلالات ...

:: فالهجرة تُخبرنا في أول دروسها وعبرها عن:
<<  التعلق بالله  >>
فكلما تعلق الانسان بخالقه فأن قلبه سيمتليء بالثقه به والثقه بموعوده والثقه بحفظه
 والثقه بنصره والثقه برعايته والثقه بحمايته..

 فلا يكشف الكربَ إلا الله ..          
ولا يرفع الغم والهم والحَزَنَ إلا الله..
ولا منقذ  في الشدائد إلا الله..
ولا معين  في الويلات إلا الله...
ولا يُغيث المستغيث إلا الله سبحانه وبحمده ..

إن ربي سميعٌ قريب , إن ربي مجيبٌ لمن دعاه , إن ربي لا يُخيب أبداً من رجاه ,
إن الله لا يُخيّبُ من كان معه .

تعلق النبي صلى الله عليه وسلم بالله فنصره الله 
{ إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ... }

 " إلا تنصروه " يا سكان العالم .
إلا تنصروا هذا الدين...!
 يا من تعيشون على الكرة الأرضية.  
فإن للدين ربٍّ ناصرُ .
إن لم يخرج العالم لأجل رسول الإسلام
ونبي الأمة صلى الله عليه وسلم
فإن له ربًّ يُحاميه ويُدافع عنه ..
كم من صعلوكٍ على وجه الأرض اليوم يتجرأ
على جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم..
 ورب العالمين جل وعلا يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته .
ويحك يا ظالم : ألم تر انتقام الله من الظالمين في الأمم السابقة وفي أمتنا هذه ؟! .
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ *وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ *
الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ *فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ }
 ثم ماذا بعد أن يعم فيها الفساد ؟

 { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ *.
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [ الفجر : 6-

الله جل وعلا ينتقم من كل ظالم ..
الله جل وعلا ينصر المظلومين ..
 الله جل وعلا ينصر حبيه صلى الله عليه وسلم.
وينصر أتباع المصطفى صلى الله عليه وسلم..
 إن اعتصموا به وتمسكوا به سبحانه وبحمده ..

 ومن هذا الدرس الأول ننتقل بكل سهولةٍ
وبساطة إلى الدرس الثاني والوقفه الثانيه :
 << معية الله>>
 إذا كان الله معك فمن عليك ..
اذا كان الله معك فلا تخاف ولا تخشى..
اذا كان الله معك فإن معك القوه التى لا تُغلب..
ومعك العظمه التى لا تُقهر..
ومعك العزه التى لا تَذِل...
                                          
(( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني....
اني معكم ....))
معك التأييد الرعايه والقوه والغلبه والعزه والكرامه
ولذلكم /
معية الله لحبيه محمد صلى الله عليه وسلم
لم تُسلمه يوماً إلى أعدائه ..
 معية الله لحبيه محمد صلى الله عليه وسلم
حالت بينه وبين اعتى عتاة الأرض ..

وهكذا معية الله تُنال بالتقوى والإحسان
 { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل : 128 ] .

ومن دروس الهجره ثالثاً :
<<  حُسن الظن بالله>
فإذا سُدت الأبواب أمام العباد فهناك
بابٌ لا يُغلق أبدا ..
 لا نيأس من روح الله أبدا
 لا نيأس من رحمةٍ الله أبدا
 { إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ...} [ التوبة : 40] .

حُسن الظن بالله جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر كما ثبت في صحيح البخاري عندما قال صديق الأمةِ خوفاً على نبي الأمة صلى الله عليه وسلم :
يار سول الله لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما "
انه حُسن الظن بالله...

هذا الدرس كل الناس بحاجهٍ له.       
احسن الظن بالله كلما ادلهمت عليك الخطوب
احسن الظن بالله كلما داهمتك الغموم
احسن الظن بالله في انه سيُبدل حزنك سروراً
وسيتبدل عسرك يسرا ..
وسيتبدل ذُلُكَّ عزا..
وسيتبدل كربك فرجاً...

فإنما هي ايام وتتلوها الشهور وتتزاحم بالمنغصات والشدائد والمحن وسيعقبها فجرٌ صادق ونورٌ مشرق يملأ حياتك وقلبك وإيامك
اذا ما احسنت الظن بربك ..
 وهو القائل سبحانه في الحديث القدسي
" أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء،،

رابع هذه الدروس والوقفات :         
<<  الله متمُّ نوره >>
 وإن تمالئ الشرق أو الغرب
أو تمالىء الناس جميعاً أو تمالئ الكون كله على نور الله ودينه وشرعه ومنهجه فحاشا وكلا أنّا لهذه الأكوان الصغيرة الضعيفة أن تُطفئ نور الشمس!
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [ الصف : 8 ]
ولو كره كل من على هذه الأرض انتشار نور الله فإن الله عزوجل متمُّ النور , ومظهرُ للحق ,
شاء من شاء و أبى من أبى ,
 رضي من رضي  .. ورفض من رفض..
 والعاقبة للإسلام والعاقبه لأوليائه واحباب حبيبه عليه الصلاه والسلام..
ولسوف يأتي يومٌ على هذه الكرة الأرضية يحكم فيها شرع الله ودين الله ..

 ويكون ذلك زمان العدل.
زمان العدل الذي لا يُظلم فيه حتى الكافر
زمان العدل تُؤمر الأرض فيه بإخراج بركتها فتُخرج الأرض بركتها .
فيستظل الفئام من الناس ..
مجموعة كبيرة من الناس يستظلون بقحفة رمان رمانة واحدة غطائها الخارجي يُظلل مجموعة من الناس ..
لأن الأرض أخرجت بركتها..
 وذلك آتٍ  لا محالة لا نشك في هذا والله أبدا
 { وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } .
(( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض
يرثها عبادي الصالحون ))

خامس هذه الوقفات :                   
ايها الاحباب الكرام
صحيحٌ ان الهجره كانت في بدايتها شاقة وصعبة  يترك الإنسان فيها بلده ووطنه ويخرج عنها من أجل الله وهو كارهٌ لهذا ؟!
لكن هذا الحدث ابرز لنا احدى الدروس الهجرية الرائعه والمواقف المشرفة في:-
(( انها أظهرت رجال  قدموا أرواحهم فداءً لرسول الله وفداءً لنُصرهِ دينه وعلو منهجه وشرعه ))
رجال صادقين تركو كل شيء ..لا لشيء إلا لله..
 ما وُعدوا بدار ولا بمال ولا بعقار ولا بشيء
من حُطام الدنيا أبدا ..
 ولكن وعدوا بجنةٍ عرضها السموات والارض.

- فهذا ابو بكر رضي الله عنه صديق الأمة
 الذي لو وزن إيمانه بإيمان الأمة لرجح بها
 أبو بكر رضي الله عنه في الهجرة من قبلها
وهو يُحدث نفسه بها يتمناها يشتاق إليها كل أمنيته أن يصحب النبي صلى الله عليه وسلم
ويكون معه جنباً إلى جنب وهو يتحمل الأذى في ذات الله عزوجل حتى إذا أذن الله بالهجرة.

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سمعت هذا الكلام , ورأت هذا المشهد العجيب.
 يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر :
قد أُذن لي بالهجرة ..
فيقول أبو بكر رضي الله عنه :
يارسول الله الصحبة الصحبة ..
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم :
نعم ويُشير برأسه ..  أي أن أبا بكر رضي الله عنه سيكون رفيقه في الهجرة ..

تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : 
فما عَلِمتُ أن أحداً يبكي من الفرح إلا لما رأيت
أبا بكرٍ رضي الله عنه .. فقد كانت دموعه على خده فرحاً بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم .
فكان حارساً أميناً ووفياً صادقاً
لحبيه عليه الصلاه والسلام في هجرته..
 يمشي عن يمين ثم عن يسار.
يمشي من أمامه ثم من خلفه ويقول يارسول الله :
 أخشى أن يأتيك أتٍ عن يمينك فأكون عن يمينك ثم عن يسارك ثم من الأمام ثم من الخلف فيبتسم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه.
- وكان في الغار فتحه ( ثقب) وكأنه جحرٌ لثعبان فسد ابو بكر الجحر بقدمه حتى لايخرج شيء يؤذي رسول الله ..
 فخرج ثعبان فلسع قدمه ومن شده الألم لم يصرخ حتى لايفزع رسول الله من نومه وقد كان مستلقي في حجر ابوبكر .
 فقطرت دمعهٌ من عينه على وجه رسول الله آفاق عليها فلما عرف رسول الله موقع الألم  بصق على موضع الألم فبرأت كأن لم يكن بها المٌ قط...

- وهذا أبو دجانة رضي الله عنه.      
قد ترس نفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
هل تعلمون ما معنى ترس نفسه ؟

يعني جعل نفسه مثل الدرع فأصبح درعاً
رجل بلحم ودم أصبح درعاً .
من أجل حبيبه صلى الله عليه وسلم.
 فأبو دجانة رضي الله عنه منكبٌ على النبي صلى الله عليه وسلم يحميه بظهره يقيه السهام
والسهام تتناثر على ظهره كالمطر وهو يحمي حبيبه صلى الله عليه وسلم . 

- وهذا أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم ويقول :
يا رسول الله لا تُشرف أي لا تظهر حتى
 لا يُصيبك القوم ثم يُقدم نفسه فداءً له .
- يااخوتي الكرام:-
                      
 أنا لا أتكلم عن يدٍ ستُقطع .
ولا عن رجلٍ ستبتر..
 أنا أتكلم عن روحٍ ستُزهق
- يقول أبو طلحة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله :
نحري دون نحرك رقبتي تفدي رقبتك
أموت أنا ولا تموت أنت..
 اللهم صلَّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.

- وهذا أبو عبيدة رضي الله عنه دخلت حلقات المغفر في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أبو عبيدة يُخرج الحديد من جسد نبي الأمة صلى الله عليه وسلم فعض على الحديد بأسنانه حتى كُسرت سنه فداءً للنبي صلى الله عليه وسلم و أخرجها من جهة ثم عض عليها من جهة أخرى فكُسرت الثنية الثانية و هو يُقدم ذلك فداءاً للنبي صلى الله عليه وسلم . 

-  هذا صهيب الرومي يخرج مهاجراً من مكة
 إلى المدينة فيتبعه مشركوا مكة ويقولون له :
 أتيتنا ضعيفاً لا مال لك دع عنك المال فيدع المال  وأتيتنا بلا زوجةً فدع زوجتك فيدع كل شيء , ويمضي من أجل الله .
- ومن هؤلاء أيضاً من صدق ما عاهد اللَّه عليه
 وقضى نحبه وولى من هذه الدنيا فهو في جنات النعيم إن شاء الله
{ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ
مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ
 لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } [ آل عمران : 169 : 171 ]
 أقول قولي هذا وأستغفره .


الخطبة الثانية :                         
ثم اما بعد
ايها الاحباب الكرام روّاد مسجد بلال :-
إن حدث الهجرة ليس كلمات جوفاء ..
 ولا قصص تُروى ثم تُصبح خبر كان..
              لا
 بل لها تأثير في واقع الحياة ...
لا بد أن يكون درسُ اليوم محفزاً لنا جميعاً لنغير من حياتنا . ونغير من حالنا ونغير من وضعنا .

فالهجرة لا تنقطع إلى يوم القيامة ؟!
فلئن فاتك ثواب الهجرة إلى الله ورسوله في زمن النبوة، فقد شرع الله لك هجرة من نوعٍ آخر،
فيها الثواب العظيم:-                  
- فاهجر المعصية إلى الطاعة،
- واهجر التفريط، وهاجر إلى الاستقامة،
- واهجر التمرد والآثام إلى الانقياد والاستسلام، - واهجر الكسل والأمل الباطل إلى الجد والاجتهاد فيما يرضي مولاك،
- وهاجر بقلبك من الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها إلى الدار الآخرة والرغبة فيها،
 قال عليه الصلاه والسلام:
 ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما حرم الله))..

وأخرج ابن ماجه من حديث  فضالة بن عبيد
 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال:
 ((المؤمن من أَمِنَهُ الناسُ على أموالهم وأنفسهم، والمهاجرُ من هجرَ الخطايا والذنوب))..

 فهل فكّرنا في هذه الهجرة التي لا تتطلب
مالاً ولا سفراً  ولا جهداً ولا تعرضاً لخطر،
 بل تتطلب عزماً وحزماً.
وتتطلب صدقاً وإخلاصاً في التوجه إلى الله تعالى ،..
نعم/
بإمكانك عبدالله أن تهاجر إلى الله بترك ما حرم الله عليك ..
أوليست المعاصي والذنوب تحتاج إلى هجرة منها؟
يا عاصٍ متى تتوب ؟
يا غافل متى تُنيب ؟
متى تُهاجر يا عبد الله ؟
متى تُهاجر من هذه الذنوب والمعاصي ؟
متى نُهاجر من ظلم العباد ؟
متى نُهاجر من ترك حقوق الله عزوجل وأوامر الله والتفريط فيها ؟

إلى متى نسمع الكلمات والعبر ثم نهز الرؤوس
 ما شاء الله ما شاء الله ولا نُغير في أفعالنا ..
 ولا تغّير يُلمس في حياتنا ؟!
إلى متى ؟!
متى نًهاجر فعلاً ؟
متى نًهاجر إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم بأجسادنا ؟!
متى نعزم على الهجرة بترك ما لا يرضي الله
بالهجرة إلى كل عملٍ صالح ..
بالهجره الى مرضاة الله ورضوان الله..
بالهجره بترك ما يُغضب الله ؟

نهاجر بقلوبنا وارواحنا ونفوسنا..
نهاجر بمشاعرنا ووجداننا واحاسيسنا وحواسنا
نهاجر بعسرنا ويسرنا بمنشطنا ومكرهنا..

نهاجر بفرحنا وحزننا.                   
نهاجر كدول ونهاجر كأفراد
نهاجر كجماعات ونهاجر كمؤسسات
نهاجر كأحزاب ونهاجر كشركات وهيئات

= نهاجر من الشر الى الخير..
 نهاجر من الفرقه الى الوحده ..
= نهاجر من السلبيه الى الإيجابية .
= نهاجرمن التشرذم والاختلاف الى التقارب والاجتماع...
= نهاجر من الشقاق والأحقاد الى التغافر والتصالح.
= نهاجر من الضغينه والشحناء الى الحب والتسامح..
= نهاجر من الخوف والقلق الى الأمن والطمأنينة
= نهاجرمن الإحتراب والإقتتال الى الموده والسلم والسلام..
= نهاجر من ترك الصلوات وقطع الارحام الى الصله وطاعه الملك العلام..
= نهاجر من مال الرشوه والربا والاختلاس.
 الى المال الحلال وعرق الجبين.
= نهاجر من السحر والشعوذه الى رحاب كتاب الله وسنه رسوله ..
نهاجر من عقوق الوالدين وعصيانهما الى طاعتهما وبرهما والإحسان إليهما ...

- اللهمَّ أعِدْ علينا هذِهِ الذِكْرى بالأمْنِ والأمانِ
يا ربَّ العالمينَ.
- اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها.
وخير أعمارنا أواخِرها، وخير أيَّامنا يوم نلقاكَ.
 - اللهم اجعل حاضرنا خيرًا من ماضينا.
ومستقبلنا خيرًا من حاضرنا.
إنَّك خير مسؤولٍ وأكرم مأمول.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك
محمد صاحب الهجرة .
اللهم ارض عنه وعن الخلفاء الأربعة الراشدين وعمن أتبعه بإحسان إلى يوم الدين .

- اللهم إن لنا من الذنوب والعيوب ما لايُحصيه
 إلا أنت تجاوز عنه يربنا بمنك وكرمك
 اللهم تجاوز عنا أجمعين.
- اللهم إنا ضيوفاً عليك وأنت الملك أنت أكرم الأكرمين.
- اللهم أكرمنا جميعاً في هذا الجمع المهيب
مغفرة ذنوبنا .
- اللهم أخرجنا من هذا المكان بذنبٍ مغفور
وعيبٍ مستور و عملٍ متقبلٍ مبرور .
-  اللهم اجعله إجتماعاً مرحوما
 واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوما.
 ولا تجعل فينا ولا معنا شقياً ولا محروما
برحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم اغفر لنا في مقامنا هذا أجمعين .
 وهب المسيئين للمحسنين وهب المسيئين للمحسنين .
- اللهم آمنا في أوطاننا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ..
-  اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين
 اللهم ارفع البأساء عن البائسين .
اللهم ارفع الضر عن المتضررين .
 اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين .
 واشف جميع مرضى المسلمين و ألبسهم لباس الصحة والعافية يا كريم .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
واذل الشرك والمشركين .
 ودمر أعداء الدين .

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد ورض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاه عليه.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...