خطبه بعنوان
شهر محرم ويوم عاشوراء
إعداد وتعديل وإلقاء
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في2017/9/29
الموافق 9محرم 1439هـ
عباد الله:-
ها انا اليوم اجدد لكم الوقوف مره اخره مع حدث جديدٍ ومقالٍ جديد وكما استمر بتكرار كلمتي
(( لكل مقامٍ مقال ولكل حادثهٍ حديث ))
فالله تعالى جعل في السنة مواسم
يتذكر فيها الناس أيام الله .
وسرعة أخذه لأعدائه من طواغيت الأرض،
وما أحل بهم من العذاب العاجل وما وعدهم به من العقوبة الآجلة ..
ومن تلكم المواسم هذا الموسم العظيم الذي
أنتم فيه..
فأنتم الآن في اليوم التاسع من شهر الله المحرم الذي هو من الأشهر الحرم التي قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة
فنحن في اليوم التاسع من شهر محرم
وغداً هو يوم عاشوراء
وهواليوم العظيم الذي ذكر أهل التفسير بأنه :
- اليوم الذي تابَ الله تعالى على سيدِنا ءادمَ
عليه السلام..
- وفيه رست سفينةُ نوح عليه السلام على الجودي.
- وفيه خرج يوسف عليه السلام من الجب.
- وفيه أُخرجَ سيِّدُنا يونُسُ عليه السلام من بطنِ الحوتِ ..
- وفيه أنقذَ اللهُ تعالى سيدَنا إبراهيمَ عليه السلام من النُّمرود.
- وفيه كُشِفَ ضُرُّ سيدِنا أيوبَ عليه السلام.
- وفيه حصلت غزوةُ ذاتِ الرِّقاع..
- وفيه قُتِلَ سبطُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه.
- وفي هذا اليوم أنقذ الله نبيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده بعد دوام العذاب الأليم عليهم برهةً طويلةً من الزمن.
نعم ايها الاحباب الكرام/
لقد كان فرعونُ من طواغيت الأرض الذين يظنون أنهم يملكون الأرض ومن عليها،
وأن كل ما على الأرض مِلْكٌ لهم..
فهم يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه،
سطر المولى سبحانه هذا في كتابه فقال تعالى:
{ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} [القصص]
وسنة الله سبحانه وتعالى أن يُخرج هؤلاء الطواغيت في الأرض حتى يمتحنَ بِهمُ الناس، فمن ذلَّ لهم وانحنى أمامهم وقدمَ منهجهم
على منهج الله..
(تبرأ الله منه، وكان مصيره إلى النار ).
أما من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً
وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً
ورضي بمنهج الله سبحانه وتعالى الذي
جاء به رسله من عنده،
فإن الله سبحانه وتعالى يجعل له فرجاً ومخرجاً.
نعم يا رواد مسجد بلال /
عودهٌ الى فرعون.. وما ادراكم ما فرعون ؟؟
ظالمٌ وديكتاتور ومتسلط ومستبد ..
وطاغيةٌ من الدرجه الاولى
اجتمعت فيه أركان الطغيان الخمسه
التى ما اجتمعت هذه الأركان في إنسانٍ إلا كانت مؤذنهً بانتقام الله وبطشه ونكاله وحلول عقابه ...
فأركان الطاغوت خمسة تمثلت في فرعون :-
< >الركن الأول :
- منها الجبار الذي يملك السلطان في الأرض فيريدُ أن يَفرِضَ على الناس توجهاته وما أراده بالقوة..
ولا يرضى أن يناقش في أي أمر من أموره .
وهذا حال ( فرعون )...
فقد قال لهم:
(( أنا ربكم الأعلى ))
ولم يستنكروا، ولم يردوا رفضاً لما قال ..
- كذلك كان يظن أن له ما على الأرض جميعا..
- وكان يأمر بالمستحيلات ولا يستطيعُ أحدٌ
أن يخالفه في أمره، او يمانعه ..
فيقول لهامان:
{ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)
أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) [غافر].
< >والركن الثاني هو:
الوزير المتسلق المتملق المنافق والبطانه السيئة التى تُخِّيل إلى الطاغية أنه يستطيع أن يفعل
كل ما يريد،وانه الاول والأخير وانه القوي الذي لاقوهَ قادره ان تقف أمامه وانه الذي لايُغالب ولايُمانع ولاتُخالف أوامره وتوجيهاته...
وهذا يُمثلُه ( هامان )..
فإنه لما أمره فرعون بذلك جمع الطين وبدأ يوقد عليه كأنه يريد أن يبني سلماً إلى السماء..
< >والركن الثالث من هذه الأركان :
رجلُ الأعمال الذي يُسخر ماله لخدمة الطغيان وبقائه في الأرض ...
فهو يَتَقّربُ بالقرابين إلى الطاغية ويأخذها
من عرق المساكين من بني إسرائيل والمزارعين في مصر، ويُمثل هذا ( قارون )..
فقد كانت كنوزه كثيره بحيث لا تستطيع
العُصبة أولو القوة أن يحملوا مفاتيحها فقط.
حتى إن أهل التفسير يذكرون أنه كان يتخذ المفاتيح من أقل أنواع الخشب كثافة ثم لما كثرت عن ذلك اتخذ مفاتيح من الجلود، ليستطيع حمل مفاتيح كنوزه..
< >والركن الرابع من هذه الأركان هم:
رجالُ الدين الذين يُسخرون ما أوتوا من العلم
وما مُكنّ لهم فيه من أمور الدين لخدمة الطغيان وبقائه واستمراره وتذليل الناس له وهذا يمثلهم
( السحرة ) الذين كانوا يقولون قبل أن يؤمنوا:
{ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }
وهم بذلك يشترون عرضاً من الدنيا بما يقدمونه للطاغية، { أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ )
فهم يطمعون في دُريهمات فرعون يريدونها
بدلاً لما هم عليه من الدين السابق..
< > والركن الخامس من هذه الأركان :
رجالُ الإعلام الذين يَقلِبونَ الحقائق ويُزيفون الواقع ويُكونَّونَ الرأي العام على خلاف الواقع وهذا يمثلهم ( الحاشرون ) الذين كانوا
يقولون للناس:
{ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ
إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40)} [الشعراء]
فيقلبون الحقائق ويكذبون فيها
وينقلونها للناس على غير وجهها.
فهذا طريق الباطل وهذه جنوده وهذه عُدته وهذه أسلحته التى يسخرها في سبيل بقاءه وضمان استمراره ..
أمّا في الاتجاه الاخر فسنجد نبي الله وكليمه
موسى عليه السلام يقف في طريق الدعوه ويسير بأمر الله مع اخيه هارون بلا هيلمان ولاقوه ولاحاشيه ولا جنود ولابطانه
ليس معه إلا من امره بين الكاف والنون
ولا يرافقه الا من يملك امور الحياه وتصريف الكون ..
وكفى به معيناً ورفيقاً ونصيراً ومؤنساً
بعثه الله بتسع آياتٍ بينات، وهذه الآيات جاءت نكالاً لفرعون وجنوده وجاءت على الترتيب:
- فأرسل الله عليهم القحط الشديد الذي أهلك زروعهم ومواشيهم..
- ثم بعد ذلك سلط الله عليهم الجراد الذي
لا يُبقي ولا يذر..
- ثم سلط عليهم الضفادع لا يرفعون وساداً
ولا فراشاً إلا خرجت من تحته..
- ثم بعد ذلك سلط عليهم القمل فامتلأت ثيابهم بالدماء وأصيبوا بالأمراض التي تنقلها تلك الحشرات..
- ثم بعد ذلك سلط عليهم الدم فكانت عروقهم تنفجر به في نومهم ويقظتهم وفي كل أوقاتهم..
ومع هذه الايات الظاهرات البينات كان العتو
والكفر هو ذاك سيد الموقف ولم يتغير
فلم ينزجروا عما هم عليه من الطغيان..
عندها بيّن َ الله تعالى لموسى عليه السلام أنه
لا بد من الصدع بالحق وإقامة الحجة..
فأمره أن يرحل ببني إسرائيل ليلاً من مصر.
فرحل بهم وهم أهل خور وضعف وعجز،
وهم بذلك إنما ينقادون لموسى لأنهم يرونه منقذاً لهم..
ولم يكونوا يعتمدوا على الله ولا توكلوا
عليه لضعف إيمانهم به..
فلما أمرهم موسى بذلك خرجوا معه على كُره، فلما طلع الفجر إذا البحر من أمامهم، وقد اتبعهم فرعون بما لا طاقة لهم به من جنده، فقالوا لموسى: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)} [الشعراء]
فقال موسى بكل إيمان وثقة:
{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء] فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعصاه،
فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم،
فجعل الله فيه اثنتي عشرة طريقاً يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى.
فخرج موسى ومن معه من بني إسرائيل من البحر لم يعلق بثيابهم شي ووجدوا طريقا مُعَبَداً من الحجارة بقعر البحر يمرون عليه وهم ينظرون.
فلما تجاوزوا البحر تبعهم فرعون بحماقته فلما توسط البحر بجنوده حل عليهم أمر الله فالتقمهم البحر والتطم من فوقهم فلم تبق منهم باقية...
فاين ذلك الهيلمان ؟ وايّن الحرس ؟
وايّن الجنود ؟ وايّن الحاشية ؟
وايّن ذلك المُلك ؟؟ وايّن تلك العنجهيه ؟؟
وايّن ذلكم الاستكبار ؟؟وايّن ذلكم الغرور ؟؟
يامن كنت قبل طرفة عين تقول:
{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِي } [الزخرف 51]
ويا من كنت تقول:
{ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} [النازعات]
ويا من كنت تقول:
{ وماعلمت لكم من إلهٍ غيري ...}
وماهي الا دقائق معدوده
وماهي الا لحظات يسيره
بل ماهي الا ثانية واحدة فإذا هو جثة هامدة
ليس فيها حراك..
وإذا جنوده ومن كان يتكلٰ عليهم جميعاً
في إهلاك الحرث والنسل وفي اهانه الناس وتعذيبهم والتنكيل بهم...
قد ابتلعهم البحر فلم تبق منهم باقية،
ولم يبق منهم إلا بعض الحُلي الذي كان على أجسامهم لفظه البحر لبني إسرائيل،
فأورث الله ما كانوا فيه من القصور والجنان
قوما آخرين:
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)} [الدخان]
ولذلكم /.
وفرعون يصارعُ الموت وهو بين أمواج البحر المتلاطمة وحين أحس بالغرق قال:
{ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ } [يونس 90].
وفي ذلك الوقت لم يكن إيمانه ينفعه لأن الله سبحانه وتعالى قد أخذه بأخذه الوبيل،
وجاءته بطشة من بطشات الله عز وجل التي
لا ترد عن القوم المجرمين،
فبين الله له أن ذلك لم يكن لينقذه، فقال:
{ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
ومع ذلك فإن الرجوع إلى الحق حتى عند الغرغرة لا بد أن يجد صاحبه نفعاً منه ولو كان يسيرا، ففرعون قال الله له:
{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً } [يونس
فنجاه الله ببدنه ليكون آية لمن خلفه من الطواغيت، فإذا ملك أحدهم مصر أو غيرها من البلدان
أو وجد المنافقين المتسلقين المتملقين الذين يزعمون له أنه نال ما لم ينله غيره، وأن له حكم السماء وحكم الأرض وأن له الليل والنهار وما سكن فيهما، فإن عليه أن لا يغتر بذلك فقد سبقه
فرعون لمثل هذا.
وهذه جثته إلى وقت قيام هذا موجودة بمصر من شاء رآها رآها، وهي حجة باقية على إهلاك الله للطواغيت وأخذه الوبيل لكل من سولت له نفسه مخالفة منهج الله.
{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً } [يونس إن الله سبحانه وتعالى يمتحن الناس ويبتليهم بأنواع البلايا والمحن، وإنه سبحانه وتعالى قادر على أن لا يخلق الطغيان وأن لا يخلق الكفر ولكنه يبتلي الناس بذلك.
وقد قال تعالى:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)} [يونس]،
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم.
الخطبه الثانيه.
ثم امابعد :
ايها الكرام
إن العاشرَ من المحرّم، أي يومَ عاشوراء،
مَليءٌ بالخيرات والفضائل والحوادث والعبر والعظات والدروس،
وأن جمله ما اريدُ ان أصل بكم أليه والذي هو لُبُ خطبه اليوم وخلاصتها وعصارتها وزبدتها أمران :-
اولاً :
التمسك بهدي الحبيب صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه والاقتداء به فيما أمرنا بفعله اذا صادفنا هذا اليوم وأن لا نبتدع شيئاً من الدين لم يفعله رسول الله ولا أصحابه ..
كما جاء عنه عليه الصلاه والسلام:
(( من سن في الاسلام سنه سيئه فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامه )) .....
وقال عليه الصلاه والسلام:
( من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
ثانياً:
وهو الأهم .
فلإنّ هذا اليوم نجى الله نبيه موسى عليه السلام من فرعون وطغيانه فإن علينا أن نصوم هذا اليوم العظيم شكرًا لله تعالى على نعمة إنجاء موسى ومن معه من بأس فرعون وجنوده..
ففي الحديث المتفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)
فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فنحن أحق وأولى بموسى منكم)
فصامه عليه الصلاه والسلام،
وشرع للمسلمين صيامه،.
ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه إلى العام العاشر من الهجرة.
اما ثوابُ وفضلُ صوم هذا اليوم فاسمعوا له من
حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، ولما سئل عن فضل صيامه قال:
(أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)
تكفير ذنوب سنه كامله ماضيه...
- فمن هذا الذي قد استغنى عن تكفير صغار سيئاته ...
- ومن هذا الذي قد اصبح وكأنه لا سيئه عليه في صحيفه أعماله ....
- ومن هذا الذي يعتقد انه لا يخطىء ولا يذنب
ولا يعصي الله سبحانه...
ولذلك
اننا جميعاً فقراء الى ربنا وكلنا بحاجه الى عفوه ومغفرته وغفرانه...
وغداً بين يديه سنطمع للحسنه الواحده ونتمنى ان لو مسحت عنا مثقاقيل السيئات التى استوجبت غضب الله علينا وسخطه ...
اذاً قبل الندم وقبل العض على الانامل غداً
لا تدع هذه النفحات الربانيه التى تتخللنا
بالزياره ونحن في أتم الصحه والعافيه ..
لاندعها تمر منا مرور الكرام...
ومن الخساره ان يصبح الناس صائمون وانت تصبح مفطراً..
والاهل والجيران حتى الصغار ممسكون في هذا اليوم طلباً لمغفره الذنوب وانت خدعتك نفسك الأماره وزين لك الشيطان سوء عملك ..
ففاز الفائزون وسبق السابقون وتفوق المتفوقون ونجح الناجحون وربح الرابحون ..
وانت الخاسر والراسب والساقط ...
اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما...
- اللهم أعز الإسلام والمسلمين.
وأذل الشرك والمشركين وأوهن كيد الكافرين وانصرنا عليهم أجمعين.
اللهم إنا ندرؤ بك في نحور أعدائك ونستعيذ بك من شرورهم ونستعين بك عليهم.
- اللهم إنا نسألك أن تسقينا أجمعين من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة
لا نظمأ بعدها أبدا، وأن تحشرنا تحت لوائه وأن ترزقنا مجاورته ومرافقته في الفردوس الأعلى من الجنة.
- اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
- اللهم اجعل هذه الوجوه جميعا من الوجوه الناضرة الناظرة إلى وجهك الكريم.
- اللهم آتنا أجمعين كتبنا بأيماننا تلقاء وجوهنا واجعل خير أعمالنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك.
- اللهم استعملنا في طاعتك وانصر بنا دينك وأعل بنا كلمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم وفقنا لما يرضيك عنا أجمعين يا أرحم الراحمين..
- اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وألسنتنا من الكذب وجوارحنا من المعصية، واعيننا من الخيانه .
واعلموا رحمني الله وإياكم أن الله أمركم بأمر
بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته وثلث بكم معاشر المؤمنين فقال جل من قائل كريم:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب]
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
شهر محرم ويوم عاشوراء
إعداد وتعديل وإلقاء
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في2017/9/29
الموافق 9محرم 1439هـ
عباد الله:-
ها انا اليوم اجدد لكم الوقوف مره اخره مع حدث جديدٍ ومقالٍ جديد وكما استمر بتكرار كلمتي
(( لكل مقامٍ مقال ولكل حادثهٍ حديث ))
فالله تعالى جعل في السنة مواسم
يتذكر فيها الناس أيام الله .
وسرعة أخذه لأعدائه من طواغيت الأرض،
وما أحل بهم من العذاب العاجل وما وعدهم به من العقوبة الآجلة ..
ومن تلكم المواسم هذا الموسم العظيم الذي
أنتم فيه..
فأنتم الآن في اليوم التاسع من شهر الله المحرم الذي هو من الأشهر الحرم التي قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة
فنحن في اليوم التاسع من شهر محرم
وغداً هو يوم عاشوراء
وهواليوم العظيم الذي ذكر أهل التفسير بأنه :
- اليوم الذي تابَ الله تعالى على سيدِنا ءادمَ
عليه السلام..
- وفيه رست سفينةُ نوح عليه السلام على الجودي.
- وفيه خرج يوسف عليه السلام من الجب.
- وفيه أُخرجَ سيِّدُنا يونُسُ عليه السلام من بطنِ الحوتِ ..
- وفيه أنقذَ اللهُ تعالى سيدَنا إبراهيمَ عليه السلام من النُّمرود.
- وفيه كُشِفَ ضُرُّ سيدِنا أيوبَ عليه السلام.
- وفيه حصلت غزوةُ ذاتِ الرِّقاع..
- وفيه قُتِلَ سبطُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه.
- وفي هذا اليوم أنقذ الله نبيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده بعد دوام العذاب الأليم عليهم برهةً طويلةً من الزمن.
نعم ايها الاحباب الكرام/
لقد كان فرعونُ من طواغيت الأرض الذين يظنون أنهم يملكون الأرض ومن عليها،
وأن كل ما على الأرض مِلْكٌ لهم..
فهم يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه،
سطر المولى سبحانه هذا في كتابه فقال تعالى:
{ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} [القصص]
وسنة الله سبحانه وتعالى أن يُخرج هؤلاء الطواغيت في الأرض حتى يمتحنَ بِهمُ الناس، فمن ذلَّ لهم وانحنى أمامهم وقدمَ منهجهم
على منهج الله..
(تبرأ الله منه، وكان مصيره إلى النار ).
أما من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً
وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً
ورضي بمنهج الله سبحانه وتعالى الذي
جاء به رسله من عنده،
فإن الله سبحانه وتعالى يجعل له فرجاً ومخرجاً.
نعم يا رواد مسجد بلال /
عودهٌ الى فرعون.. وما ادراكم ما فرعون ؟؟
ظالمٌ وديكتاتور ومتسلط ومستبد ..
وطاغيةٌ من الدرجه الاولى
اجتمعت فيه أركان الطغيان الخمسه
التى ما اجتمعت هذه الأركان في إنسانٍ إلا كانت مؤذنهً بانتقام الله وبطشه ونكاله وحلول عقابه ...
فأركان الطاغوت خمسة تمثلت في فرعون :-
< >الركن الأول :
- منها الجبار الذي يملك السلطان في الأرض فيريدُ أن يَفرِضَ على الناس توجهاته وما أراده بالقوة..
ولا يرضى أن يناقش في أي أمر من أموره .
وهذا حال ( فرعون )...
فقد قال لهم:
(( أنا ربكم الأعلى ))
ولم يستنكروا، ولم يردوا رفضاً لما قال ..
- كذلك كان يظن أن له ما على الأرض جميعا..
- وكان يأمر بالمستحيلات ولا يستطيعُ أحدٌ
أن يخالفه في أمره، او يمانعه ..
فيقول لهامان:
{ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36)
أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) [غافر].
< >والركن الثاني هو:
الوزير المتسلق المتملق المنافق والبطانه السيئة التى تُخِّيل إلى الطاغية أنه يستطيع أن يفعل
كل ما يريد،وانه الاول والأخير وانه القوي الذي لاقوهَ قادره ان تقف أمامه وانه الذي لايُغالب ولايُمانع ولاتُخالف أوامره وتوجيهاته...
وهذا يُمثلُه ( هامان )..
فإنه لما أمره فرعون بذلك جمع الطين وبدأ يوقد عليه كأنه يريد أن يبني سلماً إلى السماء..
< >والركن الثالث من هذه الأركان :
رجلُ الأعمال الذي يُسخر ماله لخدمة الطغيان وبقائه في الأرض ...
فهو يَتَقّربُ بالقرابين إلى الطاغية ويأخذها
من عرق المساكين من بني إسرائيل والمزارعين في مصر، ويُمثل هذا ( قارون )..
فقد كانت كنوزه كثيره بحيث لا تستطيع
العُصبة أولو القوة أن يحملوا مفاتيحها فقط.
حتى إن أهل التفسير يذكرون أنه كان يتخذ المفاتيح من أقل أنواع الخشب كثافة ثم لما كثرت عن ذلك اتخذ مفاتيح من الجلود، ليستطيع حمل مفاتيح كنوزه..
< >والركن الرابع من هذه الأركان هم:
رجالُ الدين الذين يُسخرون ما أوتوا من العلم
وما مُكنّ لهم فيه من أمور الدين لخدمة الطغيان وبقائه واستمراره وتذليل الناس له وهذا يمثلهم
( السحرة ) الذين كانوا يقولون قبل أن يؤمنوا:
{ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }
وهم بذلك يشترون عرضاً من الدنيا بما يقدمونه للطاغية، { أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ )
فهم يطمعون في دُريهمات فرعون يريدونها
بدلاً لما هم عليه من الدين السابق..
< > والركن الخامس من هذه الأركان :
رجالُ الإعلام الذين يَقلِبونَ الحقائق ويُزيفون الواقع ويُكونَّونَ الرأي العام على خلاف الواقع وهذا يمثلهم ( الحاشرون ) الذين كانوا
يقولون للناس:
{ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ
إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40)} [الشعراء]
فيقلبون الحقائق ويكذبون فيها
وينقلونها للناس على غير وجهها.
فهذا طريق الباطل وهذه جنوده وهذه عُدته وهذه أسلحته التى يسخرها في سبيل بقاءه وضمان استمراره ..
أمّا في الاتجاه الاخر فسنجد نبي الله وكليمه
موسى عليه السلام يقف في طريق الدعوه ويسير بأمر الله مع اخيه هارون بلا هيلمان ولاقوه ولاحاشيه ولا جنود ولابطانه
ليس معه إلا من امره بين الكاف والنون
ولا يرافقه الا من يملك امور الحياه وتصريف الكون ..
وكفى به معيناً ورفيقاً ونصيراً ومؤنساً
بعثه الله بتسع آياتٍ بينات، وهذه الآيات جاءت نكالاً لفرعون وجنوده وجاءت على الترتيب:
- فأرسل الله عليهم القحط الشديد الذي أهلك زروعهم ومواشيهم..
- ثم بعد ذلك سلط الله عليهم الجراد الذي
لا يُبقي ولا يذر..
- ثم سلط عليهم الضفادع لا يرفعون وساداً
ولا فراشاً إلا خرجت من تحته..
- ثم بعد ذلك سلط عليهم القمل فامتلأت ثيابهم بالدماء وأصيبوا بالأمراض التي تنقلها تلك الحشرات..
- ثم بعد ذلك سلط عليهم الدم فكانت عروقهم تنفجر به في نومهم ويقظتهم وفي كل أوقاتهم..
ومع هذه الايات الظاهرات البينات كان العتو
والكفر هو ذاك سيد الموقف ولم يتغير
فلم ينزجروا عما هم عليه من الطغيان..
عندها بيّن َ الله تعالى لموسى عليه السلام أنه
لا بد من الصدع بالحق وإقامة الحجة..
فأمره أن يرحل ببني إسرائيل ليلاً من مصر.
فرحل بهم وهم أهل خور وضعف وعجز،
وهم بذلك إنما ينقادون لموسى لأنهم يرونه منقذاً لهم..
ولم يكونوا يعتمدوا على الله ولا توكلوا
عليه لضعف إيمانهم به..
فلما أمرهم موسى بذلك خرجوا معه على كُره، فلما طلع الفجر إذا البحر من أمامهم، وقد اتبعهم فرعون بما لا طاقة لهم به من جنده، فقالوا لموسى: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)} [الشعراء]
فقال موسى بكل إيمان وثقة:
{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء] فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعصاه،
فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم،
فجعل الله فيه اثنتي عشرة طريقاً يبساً لا تخاف دركاً ولا تخشى.
فخرج موسى ومن معه من بني إسرائيل من البحر لم يعلق بثيابهم شي ووجدوا طريقا مُعَبَداً من الحجارة بقعر البحر يمرون عليه وهم ينظرون.
فلما تجاوزوا البحر تبعهم فرعون بحماقته فلما توسط البحر بجنوده حل عليهم أمر الله فالتقمهم البحر والتطم من فوقهم فلم تبق منهم باقية...
فاين ذلك الهيلمان ؟ وايّن الحرس ؟
وايّن الجنود ؟ وايّن الحاشية ؟
وايّن ذلك المُلك ؟؟ وايّن تلك العنجهيه ؟؟
وايّن ذلكم الاستكبار ؟؟وايّن ذلكم الغرور ؟؟
يامن كنت قبل طرفة عين تقول:
{ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِي } [الزخرف 51]
ويا من كنت تقول:
{ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} [النازعات]
ويا من كنت تقول:
{ وماعلمت لكم من إلهٍ غيري ...}
وماهي الا دقائق معدوده
وماهي الا لحظات يسيره
بل ماهي الا ثانية واحدة فإذا هو جثة هامدة
ليس فيها حراك..
وإذا جنوده ومن كان يتكلٰ عليهم جميعاً
في إهلاك الحرث والنسل وفي اهانه الناس وتعذيبهم والتنكيل بهم...
قد ابتلعهم البحر فلم تبق منهم باقية،
ولم يبق منهم إلا بعض الحُلي الذي كان على أجسامهم لفظه البحر لبني إسرائيل،
فأورث الله ما كانوا فيه من القصور والجنان
قوما آخرين:
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)} [الدخان]
ولذلكم /.
وفرعون يصارعُ الموت وهو بين أمواج البحر المتلاطمة وحين أحس بالغرق قال:
{ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ } [يونس 90].
وفي ذلك الوقت لم يكن إيمانه ينفعه لأن الله سبحانه وتعالى قد أخذه بأخذه الوبيل،
وجاءته بطشة من بطشات الله عز وجل التي
لا ترد عن القوم المجرمين،
فبين الله له أن ذلك لم يكن لينقذه، فقال:
{ آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
ومع ذلك فإن الرجوع إلى الحق حتى عند الغرغرة لا بد أن يجد صاحبه نفعاً منه ولو كان يسيرا، ففرعون قال الله له:
{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً } [يونس
فنجاه الله ببدنه ليكون آية لمن خلفه من الطواغيت، فإذا ملك أحدهم مصر أو غيرها من البلدان
أو وجد المنافقين المتسلقين المتملقين الذين يزعمون له أنه نال ما لم ينله غيره، وأن له حكم السماء وحكم الأرض وأن له الليل والنهار وما سكن فيهما، فإن عليه أن لا يغتر بذلك فقد سبقه
فرعون لمثل هذا.
وهذه جثته إلى وقت قيام هذا موجودة بمصر من شاء رآها رآها، وهي حجة باقية على إهلاك الله للطواغيت وأخذه الوبيل لكل من سولت له نفسه مخالفة منهج الله.
{ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً } [يونس إن الله سبحانه وتعالى يمتحن الناس ويبتليهم بأنواع البلايا والمحن، وإنه سبحانه وتعالى قادر على أن لا يخلق الطغيان وأن لا يخلق الكفر ولكنه يبتلي الناس بذلك.
وقد قال تعالى:
{ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)} [يونس]،
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وتاب علي وعليكم إنه هو التواب الرحيم.
الخطبه الثانيه.
ثم امابعد :
ايها الكرام
إن العاشرَ من المحرّم، أي يومَ عاشوراء،
مَليءٌ بالخيرات والفضائل والحوادث والعبر والعظات والدروس،
وأن جمله ما اريدُ ان أصل بكم أليه والذي هو لُبُ خطبه اليوم وخلاصتها وعصارتها وزبدتها أمران :-
اولاً :
التمسك بهدي الحبيب صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه والاقتداء به فيما أمرنا بفعله اذا صادفنا هذا اليوم وأن لا نبتدع شيئاً من الدين لم يفعله رسول الله ولا أصحابه ..
كما جاء عنه عليه الصلاه والسلام:
(( من سن في الاسلام سنه سيئه فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامه )) .....
وقال عليه الصلاه والسلام:
( من احدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
ثانياً:
وهو الأهم .
فلإنّ هذا اليوم نجى الله نبيه موسى عليه السلام من فرعون وطغيانه فإن علينا أن نصوم هذا اليوم العظيم شكرًا لله تعالى على نعمة إنجاء موسى ومن معه من بأس فرعون وجنوده..
ففي الحديث المتفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)
فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فنحن أحق وأولى بموسى منكم)
فصامه عليه الصلاه والسلام،
وشرع للمسلمين صيامه،.
ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه إلى العام العاشر من الهجرة.
اما ثوابُ وفضلُ صوم هذا اليوم فاسمعوا له من
حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، ولما سئل عن فضل صيامه قال:
(أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)
تكفير ذنوب سنه كامله ماضيه...
- فمن هذا الذي قد استغنى عن تكفير صغار سيئاته ...
- ومن هذا الذي قد اصبح وكأنه لا سيئه عليه في صحيفه أعماله ....
- ومن هذا الذي يعتقد انه لا يخطىء ولا يذنب
ولا يعصي الله سبحانه...
ولذلك
اننا جميعاً فقراء الى ربنا وكلنا بحاجه الى عفوه ومغفرته وغفرانه...
وغداً بين يديه سنطمع للحسنه الواحده ونتمنى ان لو مسحت عنا مثقاقيل السيئات التى استوجبت غضب الله علينا وسخطه ...
اذاً قبل الندم وقبل العض على الانامل غداً
لا تدع هذه النفحات الربانيه التى تتخللنا
بالزياره ونحن في أتم الصحه والعافيه ..
لاندعها تمر منا مرور الكرام...
ومن الخساره ان يصبح الناس صائمون وانت تصبح مفطراً..
والاهل والجيران حتى الصغار ممسكون في هذا اليوم طلباً لمغفره الذنوب وانت خدعتك نفسك الأماره وزين لك الشيطان سوء عملك ..
ففاز الفائزون وسبق السابقون وتفوق المتفوقون ونجح الناجحون وربح الرابحون ..
وانت الخاسر والراسب والساقط ...
اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما...
- اللهم أعز الإسلام والمسلمين.
وأذل الشرك والمشركين وأوهن كيد الكافرين وانصرنا عليهم أجمعين.
اللهم إنا ندرؤ بك في نحور أعدائك ونستعيذ بك من شرورهم ونستعين بك عليهم.
- اللهم إنا نسألك أن تسقينا أجمعين من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة
لا نظمأ بعدها أبدا، وأن تحشرنا تحت لوائه وأن ترزقنا مجاورته ومرافقته في الفردوس الأعلى من الجنة.
- اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
- اللهم اجعل هذه الوجوه جميعا من الوجوه الناضرة الناظرة إلى وجهك الكريم.
- اللهم آتنا أجمعين كتبنا بأيماننا تلقاء وجوهنا واجعل خير أعمالنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك.
- اللهم استعملنا في طاعتك وانصر بنا دينك وأعل بنا كلمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم وفقنا لما يرضيك عنا أجمعين يا أرحم الراحمين..
- اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وألسنتنا من الكذب وجوارحنا من المعصية، واعيننا من الخيانه .
واعلموا رحمني الله وإياكم أن الله أمركم بأمر
بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته وثلث بكم معاشر المؤمنين فقال جل من قائل كريم:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} [الأحزاب]
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق