خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ نعمه الولد ]
(( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى))
إعداد وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 24 مارس 2017م
الموافق 25 جماد ثاني 1438هـ
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
تواصلاً واستمراراً واستكمالاً لسلسله
" نعم الله التى لاتحصى "
نعيش اليوم سوياً مع نعمه جديده من نعم الباري سبحانه وتعالى علينا ..
ونعمه اليوم من افضل نعم الله على العبد..
سألها الانبياءُ والصالحون..
وقرت بها عيون المتقين في الدنيا والاخره ..
- من أُوتي هذه النعمه فقد أوتي خيراً كثيرا ،
ومن حُرمها فهو المحروم حقاً وإن كان عنده كُلُّ المال والجاه والمُلك والسلطان والهيلمان .
- نعمه اليوم من النعم التى خصّ الله بها فئهً من الناس وحرمها فئهً اخرى إبتلاءً منه سبحانه وتمحيصاً لعباده واختباراً لخلقه ..
- ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن في اكثر من موضع وقرنها بنعمه المال وجعل من هاتين النعمتين زينه الحياهِ الدنيا ..
إنّها نعمه ( الولد ).
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)الكهف
" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) ال عمران
- الاولاد نعمهٌ إلهيهٌ وهبهٌ ربانيه .
- الاولادُ زينه الحياه الدنيا وهو زهرتها ،
يُخففونَ عن أبائهم متاعب الحياه وهمومها .
- الاولاد وجودهم في البيت كالأزهار في الحدائق ..!
يسُر الفؤاد مشاهدتهم.
وتَقرُ العين برؤيتهم .
وتبتهجُ الأرواح بقربهم .
- الاولاد بسمهُ الأمل وأريجُ النفس وريحانُ القلب..
أولادنا هم اكبادنا التى تمشي على الارض ،
وقد احسن من قال :
إنّما أولادنا بيننا
اكبادنا تمشي على الارض
لو هبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني عن الغمض
نعمه الاولاد متعهٌ حقيقيه ورزقٌ حسن تصلح به الارض ويُسرُ به القلب وتقرُ به العين في الدنيا ..
" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( 74)الفرقان
ما اجمل ثم ما اجمل نعمه الاولاد
وما اروع تصرفاتهم وهم في عمر الصبا ،
تجد في ابتساماتهم البراءهـ وفي تعاملاتهم البساطه..
لايحقدون ولايحسدون وإن أصابهم مكروه لايتذمرون .
يعيشون اليوم بيومه بل الساعه بساعتها.
لايأخذهم التفكير ولا التخطيط لغد..
ولا يفكرون كيف سيكون وماذا سيعملون ؟.
أحاسيسهم مرهفه ، وأحاديث هم مشوقه ، وتعاملاتهم محبه.
إن أسأت إليهم اليوم ففي الغد ينسون ،
وبكلمه او كلمتين تستطيع ان تمحو تلك الإساءه.
قلوبهم بيضاء ، وسرائرهم نقيه ، ومعادنهم صافيه..
إنّهم شجره نقاء وارفه الظلال ، وأغصان عفويه تحمل ثمار القبول والمتعه .
إنّهم ربيعٌ وزهر وأكاليل ياسمين.
إنّهم قصيده أمل وحياه الروح وروح الحياه .
إنّهم أنفاس عذبه وسحائب ماطره واريج عبق .
وما اجمل ان نكتسب منهم نحن الكبار فنّ التعامل ونأخذ منهم نقاء القلب وصفاء النفس لنعيش الحياه بقلوبٍ متسامحه ونفوسٍ راضيه
لا غل ولاحسد ولا ضغينه ولاحقد:
"وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ(47)
ايها الاحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
نعمه الولد من افضل نعم الله على العبد بعد نعمه الاسلام ..
يختص الله بها من يشاءُ من عباده ولو كان فقيراً ويمنعها عمّن يشاء من خلقه ولو كان غنياً .
وإذا أردت ان تعرف عظيم منّه الله عليك بهذه النعمه :-
- فأنظر الى من حُرمَها كيف يتلوى ؟؟
وكيف يتألم ؟؟ وكيف يحترق ؟؟
وكيف يشتهى ويتمنى ان يرزق ولداً يملأ عليه حياته ويملأ عليه دنياه فرحاً وسروراً وأنساً وبهجهً وأمناً وأمانا.
- بل انظر الى اؤلئك الذين يدفعون أموالهم ويُضحون بأوقاتهم متنقلين من مستشفى الى اخر ومن مركز صحي الى اخر ومن دكتور متخصص في العقم الى اخر
بل وربما يضطرون للسفر الى الخارج من اجل ان يحظون بعلاجٍ سيرزقهم بولد واحدٍ او بنت ..
وانت انت يامن لم تُقدَّر هذه النعمه وتشكر الله كثيراً عليها ، انت اعطاك الله الاولاد دون مقابل ومن غير عناء وبلا سفر او تنقلاتٍ او خساره .
غيرك ممن حُرم الولد يضرب أخماس باسداس ومن عامٍ الى عامٍ اخر وهو في آناتٍ وآهات وتناهيد وصرخات وأحزان :
" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49)
وتأمل معي هنا الى النص الصريح
" يهبُ "
فالله سبحانه وتعالى سمى الاولاد "هبه"
ولم يسمهم " رزق"؟
لان الرزق قد تكفل الله به للجميع
اما الهبه فهو يهبها لمن يشاء وقت ماشاء وكيفما شاء لانه يفعل مايشاء.
ولذلكم
" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49)
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً انّه عليمٌ قَدير "..)﴾. [ سورة الشورى ].
اليوم نجد من ليس له ولد ولا بنت يقول:
" اتمنى ولداً أو بنت "
فإذا ما رزقه الله ببنت إعترض على حكم الله وقال:
ماذا افعل بالبنت !! اريد ولداً يحمل اسمي ويرثني .. اريد الذكر !!
فإذا ما رزق بالذكر قال :
يارب اريد اثنين وثلاثه واربعه وهكذاااا......"
وماعلموا حِكمهَ الله تبارك وتعالى في تقديم كلمه "إناثاً" في قوله : " يهب لمن يشاء إناثاً "
ابتدأ بالاناث وأتى بها منكره ..!!؟
لانه كان في الجاهليه اذا رزق الرجل بالبنت ظل وجهه مسوداً وكانوا يتخافتون ويسخرون من بعضهم اذا رزق احدهم وبشر بالأنثى :
" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)" النحل
فكانوا يدفنون الإناث احياء والله يقول :
" وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ "التكوير
بمعنى لماذا تقتلونها؟
لماذا تفضلون الذكر على الأنثى ؟
لماذا تفضلون الذكور على الاناث؟
لماذا الاعتراض على حكم الله واختيار الله؟؟
اتعرفون أبا حمزه من يكون ؟؟؟!!
ابو حمزه هو احد الصالحين السابقين كانت له زوجه صالحه أنجبت له بنتاً وراء بنت حتى اصبحت ذريّته من البنات فأراد ان يتزوج بإمرأةٍ اخرى بُغيهَ الحصول على الولد .
فلما تزوج بالثانية !!؟
نادته زوجته الاولى بكل أدبٍ واحترام وبكلمات رائعه ودرر ذهبيه فقالت:
مالِ أبي حمزهَ لا يأتينا
ويدخلُ البيت الذي يلينا
غضبانٌ أنّا لانرثُ البنينا
فو الله ماهذا بعيبٍ فينا
ولكنّا كالارضِ لساقينا
ننبتُ ماقد وضعت فينا
" نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ "
لماذا ترضى بقضاء الله بالولد وتجزع وتسخط بالبنت ؟؟
والأكبر من ذلك انك لا ترضى بقضاء الله في العقم ..
ولذلك قال الله :
" ويجعل من يشاءُ عقيماً "
وركز معي هنا الى قول الله " ويجعل "
أتدرون لماذا ؟؟
لانه لو قال " ويخلق مايشاء عقيماً"
بدل " ويجعل " !!
لصار العقيم عقيماً طوال حياته ولو بذل الغالي والرخيص ومهما تدخلت الأسباب فسيظل العقيم عقيماً طوال عمره.
ولكنه قال " ويجعل "
بمعنى ان الأسباب قد تكون سبباً
في هبه من لايغفل ولا ينام .
ولذلكم
الكل يتمنى الولد؟؟
لكن هل مع تمنيك للولد تتمنى كذلك ان يكون هذا الولد صالحاً..!؟
- فهذا سيدنا ابراهيم عليه السلام تمنى الولد..!!
- وهذا سيدنا زكريا عليه السلام تمنى الولد.
" كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ... ماذا ؟؟؟؟
لم يقل ذكراً ولم يقل ولداً وانما :...
"فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) .."
أي :
اريده ولداً صالحاً ، ولداً مؤمناً، ولداً يعرف ربه ويعرف دينه ويُقدّر أبُّوتي ..
وما اجمل وما اروع هؤلاء الابآء الذين يطلبون من ربهم هذه الصفات في أولادهم فيدعون ربهم ان يرزق اولادهم بها..
ولكم هناك من يتمنى الولد لكن ليس لاجل ان يخدم دينه وينفع أمته ويستقيم على شرع ربه
انما تحولت الدعوات بالاولاد لاجل الشهره والسمعه والميراث فأصبحت النيه سيئه وصار المنبت سيىء والولد لم يأتى بعد ..
ولذلكم الاصل فيمن يتمنى الولد
ان يتمناه ليكون عوناً له الى الله
عوناً له في خدمه دين الله
عوناً له ليصل به الى رضوان الله
عوناً له ليكون خيرُ خلف لخيرِ سلف
" إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس
واحلى أثر واروع أثر لك ايها الأب
- هو الولد الصالح ، الولد المؤمن .
- الولد الذي سيدعو لك بعد مفارقتك للحياه الدنيا.
- الولد الذي سيعمل جاهداً لئن يسعدك في قبرك ويسعدك يوم الوقوف بين يدي الله.
- الولد الذي يحمل ذكرك ويحمل تربيتك ويحمل اسمك في اليوم الذي سيقول عنه الناس :
ماشاء الله تبارك الله ...!!
هذا فلام بن فلان رحمه الله عليه..!!
هذا الشبل فعلاً من ذاك الأسد ..!!
ملتزم كوالده ، ومحترمٌ كأبيه..!!
اخلاقه مهذبه وخلقه مستقيم ..
لين الجانب رحب الصدر طيب القلب كريم النفس.
انظروا اليه ماذا تجدون !!؟؟؟
الصدق ، الامانه ، الأدب ، الاحترام ، الأخلاق الالتزام ، الايمان ، المثابره ، الحنان ، الرحمه التواضع ......
وبالعكس تماماً إن ترك الأب ولداً سيئاً وفاسداً وتائهاً وعاصياً..
لص ومجرم وظالم ومؤذي للبشر والحجر والطير والحيوان ،يتضجر الناس منه وتنهال وابل من الدعوات على ابيه..!!
ولذلكم
سعادهُ الدارين تجتمع لوالدين دَعُوا الله كثيراً ان يرزقهم بولدٍ صالح او ربوا ولداً على الصلاح
فهذا هو ابو قلابه رحمه الله
قدّر الله له ان يعيش بلا رجلين وبلا يدين
وكان يدعوا الله ان يرزقه بولدٍ تمناه صالحاً ومؤدباً ومصلياً وصادقاً فرزقه الله واعطاه ماتمنى .!
فلما كَبُر الولد قام على خدمه أبيه ورعايته
يقدم له الطعام ، ويعمل على راحته ، وينفذ له كل ما يطلبه ويتمناه ..
كانت جلسات ابو قلابه المعتاده جلسات شكر لله على نعمه الولد وعلى ماقدّره الله عليه وكان لسان حاله دائماً :
" الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً"
فقال له الناس :
يا ابا قلابه او هناك بلاءٌ اشد مما انت فيه !!؟
انت بلا قدمين !! وانت بلا يدين !!
وتقول الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه !!
أيُ ابتلاءٍ اشدَّ من هذا الذي انت عليه..!
فقال بلسان الصابر الشاكر المحتسب :
" احمدُ الله أن جعل لي لساناً ذاكراً "
" احمدُ الله ان جعل لي قلباً شاكراً "
" احمدُ الله ان جعل لي جسداً على البلاء صابراً"
" احمدُ الله بأن جعل لي ولداً صالحاً يقوم على رعايتي ويقوم على خدمتي ."
ثم قال ابو قلابه :
بالله عليكم وسألتكم بالله
ابحثوا لي عن ولدي ..!!
ابحثوا لي عن قطعه روحي.!
ابحثوا لي عن فلذهَ كبدي .،!!
فقد تأخر ولم يأتيني بالطعام ..!
إنّه الحنان ، انه الحب الذي ملأ شغاف قلب ابو قلابه بولده..
عندها قام الناس بالبحث عن ولد ابو قلابه الوحيد وبعد البحث الطويل وجدوا آثارا لإنسانٍ في صحراء واسعه قد افترسه الأسد فعرفوا من آثاره انه ابن قلابه فأخذوه الى ابيه وقالوا :
يا ابا قلابه بما ابتلى الله نبينا ايوب عليه السلام؟
فقال : ابتلاه الله بمرضٍ لأكثر من ثمانيه عشره سنه.
قالوا : وماذا فعل ؟
قال : صبر وشكر..
ثم اخبروه عن محنه نبي الله يوسف ويونس وإبراهيم عليهم السلام وهو يقول لهم عن كل واحد : صبر وصبر وصبر..
ثم قال لهم : بالله عليكم لماذا تقولون لي هذا الكلام ..؟؟!
ولماذا هذه المقدمات ..؟؟
ولماذا هذه الاسئله ..؟؟؟
هل أصاب ولدي مكروه ؟؟
قالوا يا ابا قلابه :
احتسب ولدك . فولدك في ذمه من لايغفل ولاينام ..
فماذا قال ابو قلابه وبماذا رد عليهم وهو لايملك من الدنيا الا هذا الولد..
قال لهم بلسان الصابر الشاكر المحتسب المؤدب :
" الحمد لله "
وما أروعها من كلمه وما احلاها
كلمه تقولها في كل امور حياتك:
- عند الغضب قل الحمدلله
- عند الفرح قل الحمدلله
- عند البشرى قل الحمدلله
- عند البلاء والمصيبه قل الحمدلله
احمد ربك على كل شيء وسيخلف عليك بكل شيء ويمنحك كل شيء ويعطيك كل شيء.
ولهذا اسمعوا لكلمات ابو قلابه:
" الحمدلله الذي خلق من ظهري من يسبقني الى جنته ولم يجعل من ظهري من يأخذ بيدي الى ناره يوم القيامه . ثم قال :
"احتسب ولدي عند الله ثم شهق شهقه لحق بها ولده الى الله "
" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. "
بارك الله لي ولكم بالقران العظيم
الخطبه الثانيه
ثم اما بعد ايها الكرام :
حديثنا اليوم يدور حول نعمهٍ جديده من نعم المولى سبحانه وتعالى علينا ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى انها : " نعمه الولد "
وما احلاها من نعمه وما أنفسها من هبه
لايحس بحلاوتها وروعتها الا من وجدها ..
وكما أسلفت في بدايه الخطبه في ان الله قرن نعمه الاولاد والبنين مع نعمه المال في مواضع عده وجعل من هاتين النعمتين زينه الحياه الدنيا..
وكما تحدثت معكم في جمعه مضت عن نعمه المال وقلت لكم بان المال قد يكون نعمه على صاحبه او يكون نقمه وشراً عليه.
كذلك الولد قد يكون نعمه او نقمه ..!!!
قد يكون فوزاً وفلاحاً وسعادهً لوالديه في الدنيا والاخره او يكون بليهً وشراً وألماً وحزناً وشقاءً لهما في الدنيا والاخره..
فيا ايها الاباء ويا ايتها الأمهات :-
الله الله في هذه النعمه التي بين أيديكم ..!
الله الله في اولادكم..!!
الله الله في ابناءكم وفلذات اكبادكم..!
وجهوههم اليوم للوجهه الصحيحه
قودوهم الى الله والى محبه شرع الله..
إغرسوا في نفوسهم حب رسول الله وأصحابه .
انقشوا في قلوبهم وارواحهم ماتحبوه من خير ولازلت أجسادهم وافئدتهم مطواعه لينه صافيه نقيه تقوى على تقبل ماتعطوهم ..
لقنوهم دروس عمليه تكفي عن ألف محاظره وألف موعظه :-
= فإذا رأيت اسم الله على الارض فأرفعه وهو يراك وطيبه وقبله وقل :
( تباركت يا ربي وتنزهت وتعاليت من أن اسمك)..
هذا الدرس العملي ابلغ من الف محاظره ومحاظره ..
وبهذا الدرس سينشأ ولدك على تعظيم الله
وتوقير اسم الله .
= ضع المال في يديه وقل له :
أعطه لذلك المسكين وتصدق به على ذلكم الفقير ليحب الله ويحب الآخرين ويحب الخير وينشأ على الإنفاق على المعدنين يعطف عليهم.
- علمه الاستغفار ودربه عليه عملياً حتى لا ينساك من الاستغفار غداً ...
واسمع للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول :
" ان الله عزوجل ليرفع الدرجه للعبد الصالح في الجنه .. ( والدرجه كما بين السماء والارض)
فيقول : يارب أنّى لي هذه !!
يعنى كيف حصلت عليها؟ ومن اينّ جاءت ؟
فيقول الله تعالى " بإستغفار ولدك لك "..
فعلموا أولادكم الاستغفار وعلموهم الدعاء وانشأوهم عليه حتى لا ينسوكم من الدعاء غداً وانتم في بطونَ اللحود مغيبون.
وما اروع هذا الدعاء الذي ينطلق من لسان من ربيته وادبته:
" رب ارحمهما كما ربياني صغيراً"
- ربنا هبّ لنا من ازواجنا وذرياتنا قره اعينٌ واجعلنا للمتقين إماماً.
- ربنا هب من لدنك ذريّه طيبه انك سميع الدعاء.
اصلح اللهم أبنائنا وبناتنا وأنصر بهم الاسلام والمسلمين ...
- واغفر لهم لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً يا ارحم الراحمين ..
هذا وصلوا وسلموا عليه وعلى آله ..
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
[ نعمه الولد ]
(( ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى))
إعداد وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 24 مارس 2017م
الموافق 25 جماد ثاني 1438هـ
ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :
تواصلاً واستمراراً واستكمالاً لسلسله
" نعم الله التى لاتحصى "
نعيش اليوم سوياً مع نعمه جديده من نعم الباري سبحانه وتعالى علينا ..
ونعمه اليوم من افضل نعم الله على العبد..
سألها الانبياءُ والصالحون..
وقرت بها عيون المتقين في الدنيا والاخره ..
- من أُوتي هذه النعمه فقد أوتي خيراً كثيرا ،
ومن حُرمها فهو المحروم حقاً وإن كان عنده كُلُّ المال والجاه والمُلك والسلطان والهيلمان .
- نعمه اليوم من النعم التى خصّ الله بها فئهً من الناس وحرمها فئهً اخرى إبتلاءً منه سبحانه وتمحيصاً لعباده واختباراً لخلقه ..
- ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن في اكثر من موضع وقرنها بنعمه المال وجعل من هاتين النعمتين زينه الحياهِ الدنيا ..
إنّها نعمه ( الولد ).
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)الكهف
" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) ال عمران
- الاولاد نعمهٌ إلهيهٌ وهبهٌ ربانيه .
- الاولادُ زينه الحياه الدنيا وهو زهرتها ،
يُخففونَ عن أبائهم متاعب الحياه وهمومها .
- الاولاد وجودهم في البيت كالأزهار في الحدائق ..!
يسُر الفؤاد مشاهدتهم.
وتَقرُ العين برؤيتهم .
وتبتهجُ الأرواح بقربهم .
- الاولاد بسمهُ الأمل وأريجُ النفس وريحانُ القلب..
أولادنا هم اكبادنا التى تمشي على الارض ،
وقد احسن من قال :
إنّما أولادنا بيننا
اكبادنا تمشي على الارض
لو هبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني عن الغمض
نعمه الاولاد متعهٌ حقيقيه ورزقٌ حسن تصلح به الارض ويُسرُ به القلب وتقرُ به العين في الدنيا ..
" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( 74)الفرقان
ما اجمل ثم ما اجمل نعمه الاولاد
وما اروع تصرفاتهم وهم في عمر الصبا ،
تجد في ابتساماتهم البراءهـ وفي تعاملاتهم البساطه..
لايحقدون ولايحسدون وإن أصابهم مكروه لايتذمرون .
يعيشون اليوم بيومه بل الساعه بساعتها.
لايأخذهم التفكير ولا التخطيط لغد..
ولا يفكرون كيف سيكون وماذا سيعملون ؟.
أحاسيسهم مرهفه ، وأحاديث هم مشوقه ، وتعاملاتهم محبه.
إن أسأت إليهم اليوم ففي الغد ينسون ،
وبكلمه او كلمتين تستطيع ان تمحو تلك الإساءه.
قلوبهم بيضاء ، وسرائرهم نقيه ، ومعادنهم صافيه..
إنّهم شجره نقاء وارفه الظلال ، وأغصان عفويه تحمل ثمار القبول والمتعه .
إنّهم ربيعٌ وزهر وأكاليل ياسمين.
إنّهم قصيده أمل وحياه الروح وروح الحياه .
إنّهم أنفاس عذبه وسحائب ماطره واريج عبق .
وما اجمل ان نكتسب منهم نحن الكبار فنّ التعامل ونأخذ منهم نقاء القلب وصفاء النفس لنعيش الحياه بقلوبٍ متسامحه ونفوسٍ راضيه
لا غل ولاحسد ولا ضغينه ولاحقد:
"وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ(47)
ايها الاحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
نعمه الولد من افضل نعم الله على العبد بعد نعمه الاسلام ..
يختص الله بها من يشاءُ من عباده ولو كان فقيراً ويمنعها عمّن يشاء من خلقه ولو كان غنياً .
وإذا أردت ان تعرف عظيم منّه الله عليك بهذه النعمه :-
- فأنظر الى من حُرمَها كيف يتلوى ؟؟
وكيف يتألم ؟؟ وكيف يحترق ؟؟
وكيف يشتهى ويتمنى ان يرزق ولداً يملأ عليه حياته ويملأ عليه دنياه فرحاً وسروراً وأنساً وبهجهً وأمناً وأمانا.
- بل انظر الى اؤلئك الذين يدفعون أموالهم ويُضحون بأوقاتهم متنقلين من مستشفى الى اخر ومن مركز صحي الى اخر ومن دكتور متخصص في العقم الى اخر
بل وربما يضطرون للسفر الى الخارج من اجل ان يحظون بعلاجٍ سيرزقهم بولد واحدٍ او بنت ..
وانت انت يامن لم تُقدَّر هذه النعمه وتشكر الله كثيراً عليها ، انت اعطاك الله الاولاد دون مقابل ومن غير عناء وبلا سفر او تنقلاتٍ او خساره .
غيرك ممن حُرم الولد يضرب أخماس باسداس ومن عامٍ الى عامٍ اخر وهو في آناتٍ وآهات وتناهيد وصرخات وأحزان :
" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49)
وتأمل معي هنا الى النص الصريح
" يهبُ "
فالله سبحانه وتعالى سمى الاولاد "هبه"
ولم يسمهم " رزق"؟
لان الرزق قد تكفل الله به للجميع
اما الهبه فهو يهبها لمن يشاء وقت ماشاء وكيفما شاء لانه يفعل مايشاء.
ولذلكم
" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ(49)
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً انّه عليمٌ قَدير "..)﴾. [ سورة الشورى ].
اليوم نجد من ليس له ولد ولا بنت يقول:
" اتمنى ولداً أو بنت "
فإذا ما رزقه الله ببنت إعترض على حكم الله وقال:
ماذا افعل بالبنت !! اريد ولداً يحمل اسمي ويرثني .. اريد الذكر !!
فإذا ما رزق بالذكر قال :
يارب اريد اثنين وثلاثه واربعه وهكذاااا......"
وماعلموا حِكمهَ الله تبارك وتعالى في تقديم كلمه "إناثاً" في قوله : " يهب لمن يشاء إناثاً "
ابتدأ بالاناث وأتى بها منكره ..!!؟
لانه كان في الجاهليه اذا رزق الرجل بالبنت ظل وجهه مسوداً وكانوا يتخافتون ويسخرون من بعضهم اذا رزق احدهم وبشر بالأنثى :
" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)" النحل
فكانوا يدفنون الإناث احياء والله يقول :
" وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ "التكوير
بمعنى لماذا تقتلونها؟
لماذا تفضلون الذكر على الأنثى ؟
لماذا تفضلون الذكور على الاناث؟
لماذا الاعتراض على حكم الله واختيار الله؟؟
اتعرفون أبا حمزه من يكون ؟؟؟!!
ابو حمزه هو احد الصالحين السابقين كانت له زوجه صالحه أنجبت له بنتاً وراء بنت حتى اصبحت ذريّته من البنات فأراد ان يتزوج بإمرأةٍ اخرى بُغيهَ الحصول على الولد .
فلما تزوج بالثانية !!؟
نادته زوجته الاولى بكل أدبٍ واحترام وبكلمات رائعه ودرر ذهبيه فقالت:
مالِ أبي حمزهَ لا يأتينا
ويدخلُ البيت الذي يلينا
غضبانٌ أنّا لانرثُ البنينا
فو الله ماهذا بعيبٍ فينا
ولكنّا كالارضِ لساقينا
ننبتُ ماقد وضعت فينا
" نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ "
لماذا ترضى بقضاء الله بالولد وتجزع وتسخط بالبنت ؟؟
والأكبر من ذلك انك لا ترضى بقضاء الله في العقم ..
ولذلك قال الله :
" ويجعل من يشاءُ عقيماً "
وركز معي هنا الى قول الله " ويجعل "
أتدرون لماذا ؟؟
لانه لو قال " ويخلق مايشاء عقيماً"
بدل " ويجعل " !!
لصار العقيم عقيماً طوال حياته ولو بذل الغالي والرخيص ومهما تدخلت الأسباب فسيظل العقيم عقيماً طوال عمره.
ولكنه قال " ويجعل "
بمعنى ان الأسباب قد تكون سبباً
في هبه من لايغفل ولا ينام .
ولذلكم
الكل يتمنى الولد؟؟
لكن هل مع تمنيك للولد تتمنى كذلك ان يكون هذا الولد صالحاً..!؟
- فهذا سيدنا ابراهيم عليه السلام تمنى الولد..!!
- وهذا سيدنا زكريا عليه السلام تمنى الولد.
" كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ... ماذا ؟؟؟؟
لم يقل ذكراً ولم يقل ولداً وانما :...
"فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) .."
أي :
اريده ولداً صالحاً ، ولداً مؤمناً، ولداً يعرف ربه ويعرف دينه ويُقدّر أبُّوتي ..
وما اجمل وما اروع هؤلاء الابآء الذين يطلبون من ربهم هذه الصفات في أولادهم فيدعون ربهم ان يرزق اولادهم بها..
ولكم هناك من يتمنى الولد لكن ليس لاجل ان يخدم دينه وينفع أمته ويستقيم على شرع ربه
انما تحولت الدعوات بالاولاد لاجل الشهره والسمعه والميراث فأصبحت النيه سيئه وصار المنبت سيىء والولد لم يأتى بعد ..
ولذلكم الاصل فيمن يتمنى الولد
ان يتمناه ليكون عوناً له الى الله
عوناً له في خدمه دين الله
عوناً له ليصل به الى رضوان الله
عوناً له ليكون خيرُ خلف لخيرِ سلف
" إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس
واحلى أثر واروع أثر لك ايها الأب
- هو الولد الصالح ، الولد المؤمن .
- الولد الذي سيدعو لك بعد مفارقتك للحياه الدنيا.
- الولد الذي سيعمل جاهداً لئن يسعدك في قبرك ويسعدك يوم الوقوف بين يدي الله.
- الولد الذي يحمل ذكرك ويحمل تربيتك ويحمل اسمك في اليوم الذي سيقول عنه الناس :
ماشاء الله تبارك الله ...!!
هذا فلام بن فلان رحمه الله عليه..!!
هذا الشبل فعلاً من ذاك الأسد ..!!
ملتزم كوالده ، ومحترمٌ كأبيه..!!
اخلاقه مهذبه وخلقه مستقيم ..
لين الجانب رحب الصدر طيب القلب كريم النفس.
انظروا اليه ماذا تجدون !!؟؟؟
الصدق ، الامانه ، الأدب ، الاحترام ، الأخلاق الالتزام ، الايمان ، المثابره ، الحنان ، الرحمه التواضع ......
وبالعكس تماماً إن ترك الأب ولداً سيئاً وفاسداً وتائهاً وعاصياً..
لص ومجرم وظالم ومؤذي للبشر والحجر والطير والحيوان ،يتضجر الناس منه وتنهال وابل من الدعوات على ابيه..!!
ولذلكم
سعادهُ الدارين تجتمع لوالدين دَعُوا الله كثيراً ان يرزقهم بولدٍ صالح او ربوا ولداً على الصلاح
فهذا هو ابو قلابه رحمه الله
قدّر الله له ان يعيش بلا رجلين وبلا يدين
وكان يدعوا الله ان يرزقه بولدٍ تمناه صالحاً ومؤدباً ومصلياً وصادقاً فرزقه الله واعطاه ماتمنى .!
فلما كَبُر الولد قام على خدمه أبيه ورعايته
يقدم له الطعام ، ويعمل على راحته ، وينفذ له كل ما يطلبه ويتمناه ..
كانت جلسات ابو قلابه المعتاده جلسات شكر لله على نعمه الولد وعلى ماقدّره الله عليه وكان لسان حاله دائماً :
" الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً"
فقال له الناس :
يا ابا قلابه او هناك بلاءٌ اشد مما انت فيه !!؟
انت بلا قدمين !! وانت بلا يدين !!
وتقول الحمدلله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه !!
أيُ ابتلاءٍ اشدَّ من هذا الذي انت عليه..!
فقال بلسان الصابر الشاكر المحتسب :
" احمدُ الله أن جعل لي لساناً ذاكراً "
" احمدُ الله ان جعل لي قلباً شاكراً "
" احمدُ الله ان جعل لي جسداً على البلاء صابراً"
" احمدُ الله بأن جعل لي ولداً صالحاً يقوم على رعايتي ويقوم على خدمتي ."
ثم قال ابو قلابه :
بالله عليكم وسألتكم بالله
ابحثوا لي عن ولدي ..!!
ابحثوا لي عن قطعه روحي.!
ابحثوا لي عن فلذهَ كبدي .،!!
فقد تأخر ولم يأتيني بالطعام ..!
إنّه الحنان ، انه الحب الذي ملأ شغاف قلب ابو قلابه بولده..
عندها قام الناس بالبحث عن ولد ابو قلابه الوحيد وبعد البحث الطويل وجدوا آثارا لإنسانٍ في صحراء واسعه قد افترسه الأسد فعرفوا من آثاره انه ابن قلابه فأخذوه الى ابيه وقالوا :
يا ابا قلابه بما ابتلى الله نبينا ايوب عليه السلام؟
فقال : ابتلاه الله بمرضٍ لأكثر من ثمانيه عشره سنه.
قالوا : وماذا فعل ؟
قال : صبر وشكر..
ثم اخبروه عن محنه نبي الله يوسف ويونس وإبراهيم عليهم السلام وهو يقول لهم عن كل واحد : صبر وصبر وصبر..
ثم قال لهم : بالله عليكم لماذا تقولون لي هذا الكلام ..؟؟!
ولماذا هذه المقدمات ..؟؟
ولماذا هذه الاسئله ..؟؟؟
هل أصاب ولدي مكروه ؟؟
قالوا يا ابا قلابه :
احتسب ولدك . فولدك في ذمه من لايغفل ولاينام ..
فماذا قال ابو قلابه وبماذا رد عليهم وهو لايملك من الدنيا الا هذا الولد..
قال لهم بلسان الصابر الشاكر المحتسب المؤدب :
" الحمد لله "
وما أروعها من كلمه وما احلاها
كلمه تقولها في كل امور حياتك:
- عند الغضب قل الحمدلله
- عند الفرح قل الحمدلله
- عند البشرى قل الحمدلله
- عند البلاء والمصيبه قل الحمدلله
احمد ربك على كل شيء وسيخلف عليك بكل شيء ويمنحك كل شيء ويعطيك كل شيء.
ولهذا اسمعوا لكلمات ابو قلابه:
" الحمدلله الذي خلق من ظهري من يسبقني الى جنته ولم يجعل من ظهري من يأخذ بيدي الى ناره يوم القيامه . ثم قال :
"احتسب ولدي عند الله ثم شهق شهقه لحق بها ولده الى الله "
" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ. "
بارك الله لي ولكم بالقران العظيم
الخطبه الثانيه
ثم اما بعد ايها الكرام :
حديثنا اليوم يدور حول نعمهٍ جديده من نعم المولى سبحانه وتعالى علينا ضمن سلسله نعم الله التى لاتحصى انها : " نعمه الولد "
وما احلاها من نعمه وما أنفسها من هبه
لايحس بحلاوتها وروعتها الا من وجدها ..
وكما أسلفت في بدايه الخطبه في ان الله قرن نعمه الاولاد والبنين مع نعمه المال في مواضع عده وجعل من هاتين النعمتين زينه الحياه الدنيا..
وكما تحدثت معكم في جمعه مضت عن نعمه المال وقلت لكم بان المال قد يكون نعمه على صاحبه او يكون نقمه وشراً عليه.
كذلك الولد قد يكون نعمه او نقمه ..!!!
قد يكون فوزاً وفلاحاً وسعادهً لوالديه في الدنيا والاخره او يكون بليهً وشراً وألماً وحزناً وشقاءً لهما في الدنيا والاخره..
فيا ايها الاباء ويا ايتها الأمهات :-
الله الله في هذه النعمه التي بين أيديكم ..!
الله الله في اولادكم..!!
الله الله في ابناءكم وفلذات اكبادكم..!
وجهوههم اليوم للوجهه الصحيحه
قودوهم الى الله والى محبه شرع الله..
إغرسوا في نفوسهم حب رسول الله وأصحابه .
انقشوا في قلوبهم وارواحهم ماتحبوه من خير ولازلت أجسادهم وافئدتهم مطواعه لينه صافيه نقيه تقوى على تقبل ماتعطوهم ..
لقنوهم دروس عمليه تكفي عن ألف محاظره وألف موعظه :-
= فإذا رأيت اسم الله على الارض فأرفعه وهو يراك وطيبه وقبله وقل :
( تباركت يا ربي وتنزهت وتعاليت من أن اسمك)..
هذا الدرس العملي ابلغ من الف محاظره ومحاظره ..
وبهذا الدرس سينشأ ولدك على تعظيم الله
وتوقير اسم الله .
= ضع المال في يديه وقل له :
أعطه لذلك المسكين وتصدق به على ذلكم الفقير ليحب الله ويحب الآخرين ويحب الخير وينشأ على الإنفاق على المعدنين يعطف عليهم.
- علمه الاستغفار ودربه عليه عملياً حتى لا ينساك من الاستغفار غداً ...
واسمع للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول :
" ان الله عزوجل ليرفع الدرجه للعبد الصالح في الجنه .. ( والدرجه كما بين السماء والارض)
فيقول : يارب أنّى لي هذه !!
يعنى كيف حصلت عليها؟ ومن اينّ جاءت ؟
فيقول الله تعالى " بإستغفار ولدك لك "..
فعلموا أولادكم الاستغفار وعلموهم الدعاء وانشأوهم عليه حتى لا ينسوكم من الدعاء غداً وانتم في بطونَ اللحود مغيبون.
وما اروع هذا الدعاء الذي ينطلق من لسان من ربيته وادبته:
" رب ارحمهما كما ربياني صغيراً"
- ربنا هبّ لنا من ازواجنا وذرياتنا قره اعينٌ واجعلنا للمتقين إماماً.
- ربنا هب من لدنك ذريّه طيبه انك سميع الدعاء.
اصلح اللهم أبنائنا وبناتنا وأنصر بهم الاسلام والمسلمين ...
- واغفر لهم لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً يا ارحم الراحمين ..
هذا وصلوا وسلموا عليه وعلى آله ..
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق