الأحد، 27 مايو 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
دروس من مدرسه الصيام [ 2 ]

إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  25 مايو 2018 م
الموافق 9 رمضان 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
عشنا في الجمعه الماضيه مع بعضٍ من دروس مدرسه الصيام رمضان ...
درس تحقيق التقوى - ودرس قوه الاراده -
ودرس العبوديه والامتثال لأمر الله جل وعلا
ودرس الدقه في المواعيد واهميه الوقت
ودرس الرحمه والإحساس بآلآم الآخرين ...

ولازال للحديث بقيه لنتحدث مجدداً عن دروس نتعلمها من مدرسه الصيام...
<< فمن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
            {{ التغيير }}
الانتقال من حالٍ إلى حال ، ومن مقام إلى مقام ،
ومن منزلة إلى منزلة ، من مستوى إلى مستوى اخر ..!!
نعم ضيوف مسجد بلال بن رباح :
لدى الجميع جدول طوال السنه :
" الاستيقاظ ، الإفطار ، الغداء ، القيلوله ، الجلوس والراحه ، العشاء ، النوم .........."
هذا جدول اغلب الناس ...!!
رمضان يأتي ليعمل عمليه تغيير لهذا الجدول ويُحدث عمليه هيكله جديدة بنظام جديد لنمط الحياه..!
فأنت تُغير جدولك ، والتاجر يُغيّر الدوام ،
والموظف يُغيّر الدوام ، والعامل يُغيّر الدوام...!
ثلاثين يوم يتغيّر عندك كل شيء..!
يتغير وقت الطعام ، الشراب ، النوم ، العمل
وهذا التغيير يخلُق النشاط ويخلق الحيويه
هذا إيحاءٌ من الله للامه بأنّ السير على نمطٍ واحد قد لا يُجدي ولا يفيد ولاينفع .)

+ والحياة مبنيه على التغيير فهي :
 " ليلٌ ونهار وشمسٌ وقمر وصباح ومساء  ، وشتاء وصيف وخريف وربيع " .!
+ وحياة الانسان كذلك متغيره :
 " طفولةٌ وشباب وشيخوخه وكِبَرْ وصحه ومرض وغنىً وفقر وعزٌ وذل ..." !
+ والزراعة كذلك متغيره :
" صغيرةٌ ثم مثمره ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ..."!
+ والرياح كذلك متغيره :
 " جنوبيه وشرقيه وشمالية وغربيه .."!

وهكذا اخوتي الكرام
الحياة كلها وبمدلولها متغيره والكون كله وبمدلوله متغير ..
وينبغي على المسلم ان يتابع هذه التطورات ويواكب هذه التغيّرات ويُغيّر من نمطه ويغير من سلوكه ويغير من تصرفاته ويغير من تعاملاته
لكن ..! يُغيّر للأفضل لا الى الأسوأ .!
يغير للبناء لا الى الهدم .!
يُغيّر للخير لا الى الشر .!
يُغيّر الى الإيجابية لا الى السلبيه .!
- فإذا كنت مع مجموعه من الاصدقاء الفاسدين الطالحين .. غيّرهم بأصدقاء صالحين ..!
- اذا كنت في بيت يقع في منطقه فاسده ..
فأنتقل الى بيت ومنطقه صالحه..!
- واذا كنت في وظيفة سيئه محرمه ..
فأنتقل الى وظيفه اخرى طيبه نزيهه..!
- اذا كنت تأكل الحرام .. فانتقل الى المال الحلال.!
- اذا كنت تجلس مجالس الغيبه والنميمة والفجور
فانتقل الى مجالس العلم والذكر والموعظه..!
- اذا كنت تسمع الغناء وكل محرم .. فانتقل لسماع آيات القرآن وما يقربك من الرحمن ..!

نعم اخي الحبيب :
اذا كنت متعود عادات سيئه فتعوّد عادات حميده
فإذا كنت لاتصلي في المسجد فتعوّد ان تصلي في المسجد جماعه مع المسلمين.!

واذا كنت لاتصل الرحم .. فتعوّد ان تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك .!

تعوّد هذه العادات الحميده فرمضان شهر التغيير والترويض ..
رمضان مدرسه تعلمنا كيف نستطيع التغلب على عاداتنا ..!
وكم من عادات جرّت الى النار .!
كم من عادات أبعدت كثيراً من الناس عن الله
كم من عادات منعت من طاعات
كم من عادات منعت كثير من حضور صلوات وقربات وعبادات ومجالس ذكر وعلم ..!
نعم أحبتي :
بعض الناس لايستطيع ان يحضر محاضره .!
لايستطيع ان يحضر درس في المسجد .!
لايستطيع ان يجلس بين المغرب والعشاء في المسجد .!
لايستطيع ان يخرج رحله مع أصدقاءه او أناس صالحين من حارته ومنطقته .!
لايستطيع ان يعتكف او ينام في المسجد .!
لايستطيع ان يشارك في نشاط خيري او دعوي.!
لا يستطيع لا يستطيع لانه اسير لشهوته ولذته ومتعته ،لانه أسير عاده ، لانه مقيد ومكبل بعاداته التى تعود عليها حتى شبّ عليها..!

ولهذا رمضان يأتي ليفك عنك هذه العادات التى قيدتك وكبلتك عن طاعه الله وعبادته ومشاركه الناس همومهم وقضاياهم والجلوس معهم .!

رمضان يعمل لك عمليه ترويض ، عمليه تغيير
عمليه جراحيه نبويه ربانيه لتنتقل من حالٍ الى حال ومن مستوى الى مستوى ومن مقام الى مقام ومن منزله الى منزله اخرى ..!
وصدق الله القائل :
" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]

<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ ان ترك الطعام والشراب يُعَرّفك من أنت ؟ }}
أنت عبْدٌ فقير  .!
مفتقر إلى لقْمةٍ تأكلها ، وإلى شرْبة ماءٍ تشربها ، هذا كلّ حجمك عند الله عزوجل .!
       
 قد يكون الإنسان في أوْج شبابه .!
 قد يكون غنيًّا ، قد يكون قويًّا ، وقد يكون عظيمًا في نظر الناس .!
 ولكن ترْك الطّعام والشراب يعرّفه بِحَجمه الحقيقيّ

ووُجود الإنسان ليس ذاتيًا !
انما وُجود الإنسان مُتعلّق بما يأتيه من خارجه من طعام أو شراب ....
 فلو امتنعَ عن الطّعام والشراب لأحسّ بالجوع ، ولشعرَ بالضعف ، ولشعر بانْحِطاط في جسمه وشوْقٍ إلى الطعام عجيب .!
هذا هو الإنسان عبدٌ ضعيف.
  فكلّما عرفْت نفسكَ اقتربت من معرفة ربّك .!
كلّما عرفْت حجْم عُبوديتك لله عزوجل ازدادت معرفتك لربِّك .!
وهذا الذي يقول أنا وأنا ، وحيثما تكلّم يقول :
أنا أنا !!    انت من أنت ؟!
أنت مَخلوق قد تبيعُ كلّ ملْكِكَ بِكَأسِ ماءٍ إذا مُنِعَ عنك .!
وقد تبيعُ كلّ مُلْكِكَ بهذا الكأس إذا منِعَ إخراجهُ منك .!
 فأنت مفتقر إلى كأس الماء تشربُه .!
 ومفتقر إلى هذا الماء تفرزهُ .!
 ومفتقر إلى لقمة تسدّ بها رمقك .!
ومفتقر إلى لقمةٍ تخرجُ بِشَكلٍ صحيح . !

فأنت بعبوديّتك لله عزوجل شيءٌ عظيم .!
وبتكبرك على الله عزوجل شيءٌ حقير ..!
 فإذا كان هذا مقدارك ! وهذا وزنك .!
 وهذه قيمتك !..
فلماذا التكبر على خلق الله؟؟.!
ولماذا التعالي على عباد الله ؟؟
لماذا كلمه انا .. وعندي ... ونحن .. ولي ..

احبابي الكرام :
أربع كلمات مهلكات في اربع ايات من كتاب الله:
(( انا - عندي - نحن - لي ))
= ف " أنا " مهلكه وقالها ابليس في كتاب الله :
(( قال انا خير منه خلقتني ..
فطرده الله من ملكوته وبدله بالقرب بعداً وبالجنه ناراً تلظي ...
= " وعندي " مهلكه وقالها قارون في قول الله :
﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِن الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
[سورة القصص : 78]
فخسف الله به وبداره الارض فما كان له من فئهٍ ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين .
= و " نحن " مهلكه وقالها قوم سبأ في قول الله :
(( قالوا نحن اولو قوه وأولو بأسٍ شديد ))
فأهلكهم الله ...
= و " لي " مهلكه وقالها فرعون في قول الله :
﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾[سورة الزخرف : 51]
فأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدر وجعله أيهً للسائلين وعبرهً للمعتبرين وعظه للمتعظين الى قيام الساعه.

إذًا بالصّيام تعرفُ حجْمك الحقيقيّ ..!
 تعرف عبوديتك لله عزوجل ، وتعرف افتقارك له .!

<< ومن دروس مدرسه الصيام وما يجنيه الصائمون في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك:
{{ تعويد النفس وحملها على الصبر }}
 ولذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر في أكثر من حديث ، منها ما رواه الإمام أحمد  من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ))  ..
وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ ))   ...
 ففي هذه الأحاديث وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بأنه شهر الصبر وذلك لأن رمضان يجتمع فيه أنواع الصبر كلها :
 الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصيته ، والصبر على أقدار الله المؤلمة .!

– فرمضان فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه تلاوة القرآن ، وفيه البر والإحسان والجود والكرم وإطعام الطعام والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات ، وهي تحتاج إلى صبر ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها .

– وفيه كفّ اللسان عن الكذب والغش واللغو والسب والشتم والصخب والجدال والغيبة والنميمة ومنع بقية الجوارح عن اقتراف جميع المعاصي ، وهذا يكون في رمضان وفي غيره ، والبعد عن هذه المعاصي يحتاج إلى صبر حتى يستطيع العبد حفظ نفسه عن الوقوع فيها .

– ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تستطيع النفس إلا بالصبر . فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها .

نعم أحبتي الكرام :
 إن الصائم المحتسب يفيد دروساً جمة في الصبر من جراء صيامه.!    
فهو يدع الطعام والشراب والشهوة حال صيامه, فيفيد درساً عظيماً في الصبر, حيث يتعود فطم نفسه عن شهواتها وغيها.

والصائم المحتسب إذا أوذي أو شتم لا يغضب, ولا يقابل الإساءة بمثلها, ولا تضطرب نفسه, فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه :
 افعل ما شئت فقد عاهدت ربي بصومي على أن أحفظ لساني وجوارحي, فكيف أخيس بالعهد,
أو أسيء إليك كما أسأت إلي, قال تعالى:
 {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ…} [المائدة:28].

والصائم المحتسب لا يثور لأتفه الأسباب كحال لم يتسلحوا بالصبر, ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان, فيخرجون عن طورهم, وتثور نفوسهم, وتضطرب أعصابهم .!

إنّما الصائم المحتسب تراه هادئ النفس, ساكن الجوارح, رضي القلب.

والصائم المحتسب يطرد روح الملل, لأن صيامه لله وصبره بالله, وجزاءه على الله.

والأمة الصائمة المحتسبة تتعلم الانضباط الصبر على النظام, والتحرير من أسر العادات.

وهكذا يتبين لنا أثر الصيام في اكتساب خلق الصبر, فإذا تحلى الإنسان به كان جديراً بأن يفلح في حياته, وأن يقدم الخير العميم لأمته, ويترك فيها الأثر الكبير. وإن عطل من الصبر فما أسرع خوره, وما أقل أثره ..!

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويا فوز المستغفرين ..

الخطبه الثانيه :
ثم أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ

<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ انّ الصيام دعوةٌ لوحدة المسلمين }}
هأنتم جميعاً بمختلف الأحزاب والمكونات والقبائل والألوان والأجناس ، والعالم الاسلامي والعربي كله بمختلف لغاته وبلدانه وحكوماته وأحزابه كلهم يعلنون الصيام لله مع اختلاف الحدود المصطنعه لكنهم يتجاوزون هذا .!
ومهما اختلف المسلمون ومهما تقاتل المسلمون إلاّ أنّ لهم دينٌ في لحظه من اللحظات يعمل على توحيدهم ! يعمل على جمعهم !
يعمل على رص صفوفهم ! يعمل على لم شتاتهم !
" وإنّ هذه أمتكم امةً واحده وانا ربكم فاتقون"
هذا يعلمنا الوحده.. يعلمنا كيف نتحد..
يعلمنا كيف نتعاضد..
هانحن اليوم يا كرام
صياماً جميعاً بدون تعميم من الأحزاب ،
وبدون أمر تنظيمي ، وبدون أمر حكومي ..!
نحن مأمورون بأمر الله فاطر السموات والارض
نحن مأمورون بأمر الواحد الاحد عالم الغيب والشهاده .!
المسلم اخاه في روسيا في بريطانيا في هولندا في ألمانيا في الصين في كوريا في الهند في افريقيا في الفلبين في كل أسقاع الارض
ينتظر هلال رمضان ليعلن الإمساك عن الطعام والشراب وليعلن الصيام لله رب العالمين.!
وسواءً كان عربياً او اجنبياً او اعجمياً
اياً كانت وجهته فهو مسلم يعلن وحده المسلمين.!

فيعلمنا الصيام كيف نتحد وكيف نتفق..!
عند الغروب ننتظر متى تغرب الشمس لنفطر جميعاً في وقتٍ واحد وآن واحد ولحظهٍ واحده
لا يتقدم احدٌ على احد ، ولايمكن ان يخالف احدٌ احد ..!
وفي الأسحار ننتظر طلوع الفجر لنعلن الإمساك عن الطعام والشراب حتى نصوم ، لايمكن ان يتقدم احدٌ على احد ..!
فنصوم في زمن ونفطر في زمن .!
 نجوع معاً ونأكل معاً ألفهً ومحبةً وإخاء ..!
ألا يكفي هذا لنتوحد ونوحد صفوفنا وكلمتنا ونلم شتاتنا ونرأب صدعنا ونتجاوز خلافاتنا .!

إن أعدائنا انما غلبونا بوحدتهم واتحادهم ..
فماذا يطلق على اسمائم !!..
" الاتحاد الأوربي ، والأمم المتحده ، والولايات المتحده الامريكية وليس الدول المختلفه او الولايات المتفرقه ..!
انما الولايات المتحده الامريكية ٥٢ ولايه
يعنى ٥٢ دوله .....!!!!
يقودها فرد ويحكمها فرد ويدير شُئْونها فرد
واذا انتهت ولايته أتي الذي يليه بلا خلافات
او منازعات او اغتيالات او إقتتال او حروب
او انقلابات ...
ولذلكم
٥٢ ولايه يقودها فرد واحد ...!
ألم يكن يحكمنا في الزمن الماضي والمشرق فرد
ويدير شئون العباد والرعية فرد ويتحمل مسؤليتهم فرد  فيقول :
لو عثرت بغلهٌ في العراق لسألني الله عنها .
إنّ التأريخ يكرر نفسه ... ولكن .!
صفحهٌ من نور وصفحةٌ من نار .!
صفحهٌ من ضياء وصفحةٌ من ظلامٍ اسود..

فهؤلاء انتصروا علينا لانهم اخذوا بأسباب البناء وبأسباب النصر وبأسباب القوه والعزه والسيادة والتمكين ومن أسبابها واعظمها :
( وحدة الصف ووحده الكلمه )
وسنن الله لا تجامل ولاتحابي احداً من خلق الله
وليس بين الله وبين احد صلةٌ ولا قرابه ..!
"من أطاعني دخل الجنه ومن عصاني فقد غوى"
"من عصاني وهو يعرفني سلطت عليه من لايعرفني ".
- فألارض تُزرع وتُنبت لمن يحرثها ويسقيها ويرعاها ويتعهدها ولو كان الساقي كافرا .!!

- والمعادن تخرج لمن يُنقب ويُصلّح ويفكر ويهندس ويبتكر ..!

- والمال يُجنى والرزق يصل لمن يخرج ويسعى ويعمل ويكد ويتعب ويعرق ..!

- والتعلّم يأتي لمن يؤلف ويكتب ويُدرّس ويجد ويجتهد ويستخدم كافه التقنيات ..!

ما يأتي العلم بالكلام ، ولا يأتي الطعام باللهو
ولا يأتي بفضفضة الأقوال والمهرجانات .!
فنحن بحاجه إلى ان نأخذ من مدرسه رمضان درس الوحده ، فنتوحد لننتصر على عدونا..!
يكفينا خصومات ، يكفينا عداوات ..!
 يكفينا أحقاد ، يكفينا تمزق واختلاف وتشرذم وتفرق وضياع ، على مستوى الاسره الواحده والقبيلة الواحده والبيت الواحد والحزب الواحد والبلد الواحد ، والله يقول  :
" وإنّ هذه أمتكم أمةً واحده وانا ربكم فاعبدون "
نقول الله اكبر ونقرأ كتاب واحد ، ونؤمن برسول واحد ، ونصلي لرب واحد ، ونتوجه لقبله واحده!

نصوم رمضان ، نحج البيت ، نشهد ان لا اله الا الله .!
 نتحدث اللغه العربيه ، يعرف بعضُنا بعضاً تأريخاً وحضارةً وعقيدةً وديناً ولغةً وجنساً وعرقاً.!
فلماذا لا نتوحد ولماذا لايتوحد المسلمون  والله جل وعلا يقول :
" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا .."

اللهم اجمع كلمتنا ووحد صفنا ولمّ شتاتنا وألفّ بين قلوبنا ..!
اللهم اجعلنا في هذا الشهر الكريم من المقبولين وفي اعلى جنانك من السابقين وخفف ظهورنا من كل وزرٍ ثقيل وتقبل يسير اعمالنا فإنك تقبل العمل القليل..
اللهم ارزقنا الاستقامة في كل الأزمان ، في رمضان وفي غير رمضان ..
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا لاعلينا
اجعله شاهداً لنا بالخيرات والطاعات لا بالمعاصي والسيئات ....
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
 اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
 أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------

    

الثلاثاء، 22 مايو 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ }
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                      الخطبه {{ 11 }}
إعداد وتعديل وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في  6 إبريل 2018 م
الموافق 20 رجب 1439هـ

ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام                            
ونحن نعيش أيام فاضله كريمه تتمثل في شهر الله رجب المحرم ..
هذا الشهر الكريم الذي يُعدُ التوطئة الاولى للاستعداد لشهر الخير والبركه والعتق والرحمه والغفران رمضان لازالت سلسلتنا المباركه لأحب الاعمال والعبادات والأخلاق التى يحبها الله عزوجل مستمره ومتواصله ..
وحديثنا اليوم سيكون مع صفهٍ ساميه وخلقٍ فاضل من تلك الأخلاق التى يحبها الله عزوجل ويحب اهلها ..
ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
 ((إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ))

وفي الحديث  المتفق عليه ..
يقول عليه الصلاه والسلام :
”إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ”..

وفي الحديث الذي صححه الألباني
 يقول الرسول صلى الله عليه وسلم-:
 "إن الله عزوجل يحب الرفق ويرضاه، ويُعين عليه ما لا يعين على العنف"..
وفي حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إن الله عزوجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق وإذا أحب الله عبداً أعطاه الرفق...)

= الرفق تحكُّمٌ في هوى النفس ورغباتها وحملٌ لها على الصبر والتحمل والتجمل ، وكفٌّ لها عن العنف والتعجل ، وكظمٌ عظيم لما قد يلقاه من تطاول في قول أو فعل أو تعامل .
= الرفق هو أخذٌ للأمور بأحسن وجوهها وأيسر مسالكها ..
= الرفقُ رأسُ الحكمة ودليلُ كمالِ العقل    وقوة الشخصية ، والقدرة القادرة على ضبط التصرفات والإرادات واعتدال النظر..
= الرفقُ مظهرٌ عجيبٌ من مظاهر الرشد ، بل هو ثمرةٌ كبرى من ثمار التدين الصحيح .
= الرفق هو لين الجانب بالقول ولطافه الفعل والأخذ بالأيسر والأسهل والألطف ..
= الرفق فيه سلامةُ العرض وصفاءُ الصدر وراحةُ البدن واستجلابُ الفوائد وجميلُ العوائد ، ووسيلة التواصل والتواد وبلوغ المراد . ..
يقول سفيان الثوري رحمه الله لأصحابه :
"أتدرون ما الرفق؟" قالوا: قل يا أبا محمد.
قال: أن تضع الأمور في مواضعها:
الشدة في موضعها، واللين في موضعه،
 والسيف في موضعه، والسوط في موضعه"
وهذه إشارة إلى أنه لا بد من مزج الغلظة باللين والفظاظة بالرفق ..
كما قيل:
وَوَضْعُ النَّدَى فِي مَوْضِعِ السَّيْـفِ بِالعُلاَ            
          مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ فِي مَوْضِعِ النَّدَى

الرفق يا ايها الكرام :
خُلُقٌ إيمانيٌّ نبيل من الأخلاق الاسلاميه .
بل هو من أشهر ثمار حسن الخلق وأشهاها ومن أظهر مظاهر جميل التعاملات وأبهاها ..

الرفق هدفٌ إسلاميٌّ أصيل  وأَدَبٌ رَفِيعٌ مِنَ الآدابِ النَّبَوِيَّةِ،  يُوْجِبُ مَحبَّةَ اللهِ، وتُستَمطَرُ بِهِ نِعَمُهُ وعَطاياهُ..
 ليس للرفق حدود تضيقه ولا مجالات تحصره ، بل هو مطلوب في كل الشئون والأحوال وفي الحياة كلها وفي شأن المسلم كله ..

الرفق يا كرام :
صفة من صفات الله جل وعلا ...
فهو سبحانه وتعالى رفيق بخلقه رؤوف بعباده ، كريم في عفوه ، رفيق في أمره ونهيه ، وهو الرحيم بعباده، الرفيق بهم, الحليم عليهم.

والرفق خلق الأنبياء، وصفة الصالحين الأتقياء،
بعث الله إلينا نبيًّاً تحلى بالرأفة, وتزين بالرحمة, وتجمَّل بالرفق, فقال تعالى عنه :
(بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة  :128]

ايها الأحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :-
إن الرفق ذو أهميةٍ كبيرةٍ في حياة المرء،
فبالرفقِ ترتاحُ النفوس، وبه يَحصُلُ المطلوب في أكثر الأحيان، وبه تتحققُ النتائج المرجوة والمقصودة..
ولهذه الأهمية الكبيرة أمر الله سبحانه وتعالى به فقال سبحانه موجهاً رسوله الكريم بهذا الخلق الرفيع فقال عزوجل :
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران:159)
نعم /
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران:159] يعني رحمك الله تعالى، وأحسن إليك، وتفضل عليك بأن أصبحت ليناً رفيقاً في تعاملك مع الناس: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ)
ثم بين الله تعالى ما هو الطريق الآخر لو لم يكن ليناً، فقال الله تعالى:
(َولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ) [آل عمران:159]
 لو كنت فظاً في تعاملك، ولست رفيقاً..
ولوكنت عنيفاً في تعاملك مع الناس..!
 ولو كنت فظاً في تعاملك، ليس في قلبك رحمة
ولا إحسان ولا شفقة ولا عطف ولا حنان على الآخرين، (َلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ)..!
ما النتيجة؟
 (لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)!.
لانفض من حولك من تدعوهم إلى الإسلام.! وانفض من حولك المسلمون.!
 وانفض من حولك زوجتك وأبناؤك وجارك وخادمك، ينفضون من حولك :
 ولو كنت نبيناً مرسلا..!
ولو كنت نبيا مقرباً..!
وإن كنت خاتم الأنبياء وسيد الأولياء وشيخ الأتقياء ..!
ينفضون من حولك إن لم يروا منك ابتسامةً ورفقاً في التعامل معهم، وحِلماً في التعامل مع أخطائهم .!
(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
فأمتثل عليه الصلاه والسلام لهذه التوجيهات الربانية، فكان رفيقاً ليناً سهلاً قريباً من الناس،
واستمرَ يتعبدُ باسم الله "الرفيق" أينما حل وارتحل، في كل تصرفاته، وفي جميع شأنه، فاستحق صلى الله عليه وسلم وسام:
 (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

 فهلا كان لنا من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقوالنا وأفعالنا نصيب، ومن اسم الله "الرفيق"  في تصرفاتنا وعلاقاتنا دليل؟

نَبِيٌّ تَسَامَى فِي الْمَشَارِقِ نُورُهُ
                           فَلاحَتْ بَوَادِيهِ لأَهْلِ الْمَغَارِبِ
هَدَانَا إلى مَا لَمْ نَكُنْ نَهْتَدِي لَهُ
                  لِطُول الْعَمَى مِنْ وَاضِحَاتِ الْمَذَاهِبِ

ولم يتوقف عليه الصلاه والسلام عند هذا فحسب بل أخذ يدلنا على الرفق، ويحثَّنا عليه، ويأمرَنا به، وضرب لنا أروع الأمثلة فيه؛ ولذلك فإننا سنُمتِّع القلوب، ونُطرب الأسماع ببعض أحاديثه العطرة في الأمر بالرفق، والدعوة إليه وبيان منزلته، وعظيم أثره :
ففي الحديث الذي صححه الألباني
يقول صلى الله عليه وسلم-:
 "مَن عال ثلاثاً من بنات يكفيهِنّ، ويرحمَهُنّ، ويرفِق بهنّ، فهو في الجنة" فقال رجل :
يا رسول الله! واثنتين؟ قال: "واثنتين" حتى قلنا : إن إنسانا لو قال واحدة، لقال واحدة ".

وهاهو صلى الله عليه وسلم يُشبّه الرفق بالحلية البديعة، والزينة الجميلة، التي تُعطي الأمور جمالًا، وتكسو الأفعال والأقوال بهاءً، وتزيد صاحبها والداعي إليها نورًا وضياءً؛
إنه تزيُّنٌ بالرفق، وتَحلٍ باللِّين، وتجمُّلٌ بالسماحة؛ فيقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه مسلم -:
"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شىء إلا شانه"..
 وفي الحديث الذي رواه البخاري
يقول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها-:
"عليكِ بالرفق! وإياكِ والعنفَ والفحشَ!"  
نعم /
العنف لا يولّدُ إلاّ عنفاً..
والغلظهُ لا تولّدُ إلا غلظه ..
والقسوه لا تولّدُ إلا تهرباً ونفورا..
والشدهُ تورثُ الكراهيَةَ والتذمُّرَ والتضجُّرَ..
والفظاظه تُفسدُ علائق المحبَّةِ والأُخوَّةِ، وَبسببها تسود البَغْضَاءُ وَالوَحْشَةُ..
والرفق لا يولد إلاّ رفقاً وخيراً..!
فالخيرَ كُلُّ الخير في الرفق، فما عمل أحد بالرفق إلا جنى من وراءه خيرا، وأنَّ من يُحرم هذا الخلق الرفيع فإنه يُحرم الخير، ومصداقُ ذلك ما جاء من وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
((مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ)) ..

وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ...
 عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ  قَالَ :
((مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنَ الْخَيْرِ)).
بل إنه سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سببا وإن من أسباب دخول الخير إلى البيوت هو الرفق
 ففِي الحديث الذي رواه احمد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
((إِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا.... ماذا ؟؟
 إذا أراد الله ببيتك أنت، بزوجتك وأبنائك، أو بأمك وأبيك وأخواتك وأخوالك ..!
إذا أراد الله بأهل بيت خيراً، ماذا يفعل بهم؟
 أكثر أموالهم؟ أم زرع بينهم الخير والصلاح؟
 قال صلى الله عليه وسلم-:
 "إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ]
 فيصبحُ الزوج رفيقاً مع زوجته إذا أخطأت.
وهي رفيقة معه إذا لاحظت عليه خطأ..
 يُصبحُ الأبُ رفيقاً مع أولاده..!
يُصبح الإخوة في رفق ولين مع أخواتهم..!
 وكذلك الأخوات مع إخوانهن..
قال: إذا أراد الله بهم خيراً وصلاحاً ادخل عليهم الرفق ..
وجاء عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها:
(يا عائشة أرفقي فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيراً دلهم على باب الرفق)..
وصاحبُ الرِّفقِ قريبٌ من الناسِ هيِّنٌ سهلٌ رقيقٌ رحيمٌ مُحرَّمٌ على النارِ.. ففي الحديث الذي رواه احمد .. يقول عليه الصلاه والسلام  :
 ((حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ)) ..
 لم يقل حرم على النار كل عابد قوّام لليل ..
ولا على كل صوّام للنهار، مع فضل العبادة وارتفاع شأنها ونفعها العظيم عند رب العالمين.
 لكنه صلى الله عليه وسلم بيَّن أثر العبادة في الناس.

ما الفائدة من صلاتك إن لم تأمركَ بالخير وتحُثكَ عليه؟

 ما الفائدة من صدقتك إذا لم تزرع في قلبك شفقة على الفقراء والمساكين؟

ما الفائده من بذلك وعطائك اذا لم تغرس في نفسك العطف على المحتاجين والمحرومين والجائعين والمعدمين والأرامل واليتامى والثكالى!؟

ما الفائدة في حجك إذا لم يزرع في قلبك مبادئ الأخوّة مع المسلمين؟

ما الفائدة من صومك إذ لم يُربِّكَ على كظم غيظك وعلى الحِلم والأناة مع الآخرين ؟؟

ما الفائدة من العبادة إذا كانت مجرد صور يعملها الإنسان دون أن تؤثر في حياته.
            كلا!
 العبادة الحقيقية هي التي تربيك على اللين والرفق في تعاملك مع الناس..!
وبالتالي إذا صلى الإنسان فأثرت الصلاة في حياته، أصبح ليناً سهلاً رفيقاً في تعامله مع الآخرين، فحرمه الله تعالى بعد ذلك على النار.

وقد أحسن من قال :
ورافقِ الرفقَ في كُلِ الأمور فلم
                      يندم رفيقٌ ولم يذمْمهُ إنسانُ
ولا يَغُرنّك حظٌ جره خَرْقٌ
                    فالخرقُ هدمٌ ورِفقُ المرءِ بنيانُ

أَحسِنْ إذا كان إمكانٌ ومقدرةٌ ...
                   فلن يدومَ على الإحسانِ إمكانُ
فالروضُ يزدانُ بالأنوارِ فاغمةٌ ...
                   والحرُ بالعدلِ والإحسانِ يزدانُ

ولأهميه الرفق ولما له من تأثيرٍ بالغٍ في النفوس
وسبرغورها يُرسل الله نبيه موسى عليه السلام ؟؟
 وهل تدرون موسى مَن هُوَ ؟
 إنه كليمُ الرحمان الذي قربه الله تعالى، ورفع قدره، وابتلاه، حتى ظهر من موسى عليه السلام- الصبر والحب لما عند الله تعالى، ومع ذلك يقول الله جل وعلا لموسى وهو يرسله إلى رجل طاغية ومجرم وسفاك وسفاح وظالم من الدرجه الاولى ..
فرعون الذي تجبر وعتا وتَجَهْرم على الله، حتى دفعه غروره إلى أن يدعي الألوهية، ويقول لأتباعه:
 (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي).
 وظهر منه من الطغيان والفجور وتقتيل الناس واستحيائهم واستعبادهم ما لم يظهر من أحد قبله ولا بعده، حتى قال فيه  تعالى -:
 (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ)
بل بلغ من طغيانه أنه جمع جنوده وبنى صرحاً عالياً ليرقى إلى إله موسى فيقاتله ..
ومع ذلك أمر الله عزوجل نبيه موسى عليه السلام  أن يخاطبه بكل رفق، وأن يدعوه إلى الحق بحسن التأتي، وجميل التلطف، مستعينا بالحجج البالغة، والدلائل الدامغة، فقال:
(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى).
وفي موطن آخر، يوصي ربنا عزوجل كليمه
موسى وهارون عليهما السلام  ويقول :
 (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى )
طيب، هذا الطاغية يا ربّ كيف نتعامل معه
ما دام أنه طغي ؟؟
ومادام انه تجبر وتكبر وتغطرس !!
ومادام انه لم يضع للقيم والمباديء اي اعتبار!
ومادام انه داس على كل شيء تحت قدميه .!
كيف نتعامل معه؟.
فقال سبحانه وتعالى:
         (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا)
قولا  له كلاماً حسن ..!!
قولا له كلاماً رقيقاً..!!
إئتيا إليه بالرفق واللين والسهولة وحُسنَ المقصد وحسن المدخل والمخرج..!
لا تكونا عنيفين يا موسى وهارون..!
ولا تكونا شديدين يا موسى وهارون..!!
ولا تكونا عابثين يا موسى وهارون..!!
 فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى اختارا له أجمل العبارات وألطفِها وأحسنِها وألينِها وأرفقِها لتُسمعاهُ إياها، (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا)!  لماذا يا ربي؟
 قال: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه:44].

وَأَنْتَ الَّذِي مِنْ فَضْلِ مَنٍّ وَرَحْمَةٍ      
                       بَعَثْتَ إِلَى مُوسَى رَسُولًا مُنَادِيَا
فَقُلْتَ لَهُ: يا اذْهَبْ وهَارُونَ فَادْعُوَا
                      إِلَى اللهِ فِرْعَوْنَ الَّذِي كَانَ طَاغِيَا
وَقُولَا لَهُ: آأَنْتَ سَوَّيْتَ هَذِهِ
                       بِلَا وَتَدٍ حَتَّى اطْمَأَنَّتْ كَمَا هِيَا؟
وَقُولَا لَهُ مَنْ يُنْبِتُ الحَبَّ فِي الثَّرَى
                         فَيُصْبِحُ مِنْهُ البَقْلُ يَهْتَزُّ رَابِيَا؟
وَيُخْرِجُ مِنْهُ حَبَّهُ فِي رُؤُوسِهِ
                       وَفِي ذَاكَ آيَاتٌ لِمَنْ كَانَ وَاعِيَا؟

 يقول يزيد الرقاشي عند قوله: (فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا): "يا مَن يَتَحَبّب إلى مَن يُعَادِيه، فكيف بمن يَتَوَلاّه ويُنَادِيه؟".
" خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ "
( 199 – 201 سورة الأعراف) .
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد صلى الله عليه وسلم .
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبه الثانيه :                    
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
استمراراً في سلسله الاعمال والعبادات والأخلاق التى يحبها الله عزوجل فإن حديث اليوم يدور حول خلقٍ عظيمٍ يحبه الله عزوجل..

 ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
 ((إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ))

يقول ابن القيم  :
وهو الرفيق سبحانه يُحبُ أهل الرفق ...
ويعطيهم بالرفق فوق أمان، ويعطي لهم من الأجر والمثوبة، على الرفق ما لا يعطيه على العنف..

نعم احبابي الكرام :
الرفقُ في الأمورِ كلِّها والرِّفقُ مع الناسِ واللِّينُ مَعَهُمْ والتيسيرُ عليهم من أعظمِ أبوابِ الأخلاقِ الإسلاميَّةِ، بل من أَعْظَمِ صفاتِ الكمالِ التي يسودُ بها العُظَماءُ من البشرِ، يُحبُّها اللهُ سبحانه وتعالى، ويُعطي عليها من الأجرِ والثوابِ ما لا يُعطي على غيرِها..

وفي ضل الدقائق المعدوده واليسيره والمتبقيه
من خطبه اليوم تعالوا بنا ننزل سوياً إلى أرض الواقع لأرسل لكم رسائل واقعية عملية عاجله؛
 في الرفق وحسن المعامله حتى نخرج من موضوعنا بفائدةٍ وتطبيقٍ عمليّ :

€ ورسالتنا الاولى :  
 { إلى كل مسئول ولكل وليَّ أُسرَةٍ أو صاحبَ منصبٍ أو ذا سلطانٍ؛ صَغُرت دائرتُه أم كَبُرَت }

 أن يستمع لشكوى ومظالم من هم تحتَ يده ويعمل على حلها، فإن الله قد وكل أمرهم إليه فليتق الله فيهم، ويأخذ للضعيف حقه من القوي..

- واسمع إلى أبي بكر لما بويع للخلافة خطب الناس قائلاً:
” أيها الناس: قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله تعالى”..

- وهذه خولة بنت ثعلبة ذات يوم مرت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أيام خلافته، وكان خارجاً من المنزل، فاستوقفته طويلاً ووعظته قائلة له:
 يا عمر، كنت تُدعى عميراً، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين، فاتّق الله يا عمر فإن من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب…
 وعمر رضي الله عنه واقف يسمع كلامها بخشوع .. فقيل له: يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف كله ؟!!
فماذا قال رضى الله عنه وأرضاه..!!؟؟
 وبماذا رد عليهم..!!؟
 قال عمر: والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت “إلا للصلاة المكتوبة”، ثم سألهم: أتدرون من هذه العجوز؟ قالوا: لا.
 قال رضي الله عنه:
 هذه التي قد سمع الله قولها من فوق سبع سماوات.. فقال فيها :
" قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " المجادله(1)
 أفيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟!!”
فأين نحن من هذه القيم؟!
اطرق اليوم باب أي مسئول هل يسمعك ؟!!!

لقد أسمعت لو ناديت حياً
                           ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو أنّا نفخنا في نارٍ لأضاءت
                               ولكنّك تنفخُ في رمادِ

بل ان رسول صلى الله عليه وسلم يبين لنا أهمية هذا الخلق الرفيع، في حياة المرء ..!
حيث يدعو الله لمن ولي من أمر أمته شيئاً فشق عليهم بالغلظة والشدة أن يشق الله عليه..
وأن من ولي من أمر أمته شيئاً فرفق بهم أن يرفق به .
ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ)  ..
               
€ رسالتنا الثانيه:
{ إلى أصحاب السيارات والمركبات } :
أقول: إذا أنعم الله عليك بسيارة فلا تنسَ الضعفاء الذين يعانون من حر الشمس صيفاً والبرد القارص شتاءً؛ وأنت تمر عليهم وتتلذذ بالنظر إليهم وهم في تلك الحال،
 واعلم أن حمل الضعفاء معك ليس منحةً
 أو تفضلاً وإنما هو حقٌ وواجبٌ،
 فَفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
 بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا.
فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ”..

€  رسالتنا الثالثه :
{ إلى أرباب الأموال ورؤساء المصالح ومديري المؤسسات وأصحاب المصانع والشركات والمتاجر والمحلات في كل مكان } :
أنِ اتقوا الله في الأجراء والعاملين، ولا تذيقونهم الذل والهوان والقهر والاستبداد، مستغلين ضعفهم وحاجتهم للمال فالله أقدر عليكم منهم..

- ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
 أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضى الله عنهماقَالَ:
”كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ : لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ.
فَقَالَ: أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ”

- وصح عند أبي داود أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم:
 كم أعفو عن الخادم؟
فقال صلى الله عليه وسلم:
” كلَ يوم سبعين مرة” ..

فمن باب أولى ان تحسن معاملة من هم تحت يدك
وقد أوصانا رسول الله بهم فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري :
”إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ” ..

€ رسالتنا الرابعه :
{ إلى كل من يملكون البهائم والدواب والطيور} :
لقد بلغ التوجيه إلى الرفق في ديننا حتى نال الحيوان الأعجم البهيم حظه من الرفق ..
 ففي الحديث الذي رواه ابو داوود
مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ: “اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً وَكُلُوهَا صَالِحَةً”

والنار وسوء العاقبة لامرأة حبست هرة حتى ماتت  لا هي أطعمتها ولا هي سقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ، وجنة عدن لبغِيٍّ سقت كلباً كان يأكل الثرى من العطش .
 أما عن صور التعذيب والضرب والفجيعة حدث
ولا حرج، فكم هم اولئك الذين يستغلون عدم قدره هذه الحيوانات على الكلام..
 أو الدفاع عن نفسها..                
ولكنها بلسان حالها تشكو إلى ربها.
 كما قال عنترة بن شداد عن الفَرَس :

لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
                        ولكان لو علم الكلام مكلمي

- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجتِه، فرأينا حُمَّرَةً ( عصفورة ) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمَّرةُ فجعلت تفرِّش، فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:
 ” من فجع هذه بولدِها؟
ردُّوا ولدَها إليها ”..
- حتى الطيور الصغيرة التي لا ينتفع بها الإنسان كنفعه بالبهائم،!
يحاسب الله عليها كل من لم يرفق بها ..
 ففي الحديث الذي رواه النسائي وابن حبان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا‏ عَجَّ‏ ‏إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ فُلاَنًا قَتَلَنِي عَبَثًا، وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ” ..
- وفي سنن ابي داوود .. يرى رسول الله  قرية نمل قد حرّقها اصحابه فقال:
 ” من حرّق هذه؟”فقالوا: نحن يا رسول الله.!
 قال:” إنه لا ينبغي أن يعذّب بالنار إلا رب النار”.

فضلاً عن تعطيل أمةٍ من النمل عن التسبيح لله، ففي الحديث الذي رواه البخاري من حديث
أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
 سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّاً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:
" أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنْ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ!”.
فأين الناسُ اليوم من إيذاء البهائم؟
 بل إيذاءِ البشر والاستخفاف بهم..
 أين أنت يا راعيَ الغنم والإبل؟
 أين أنت يا ربَّ الأسرة؟
ويا أيها المدرسُ في المدرسة؟
ويا أيها المسئول في الوظيفة؟
ويا كلَّ من ولي أمرًا من أمور المسلمين؟
اتقوا الله فيما استرعاكم، ولئن كان المصطفى صلى الله عليه وسلم قد مات، فلا تصل إليه الشكوى ، فإن ربه حيٌّ لا يموت، يراكم ويسمعكم، ولكن يؤخركم إلى أجل لا ريب فيه،..
 {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}(البقرة:281, وآل عمران:161)

€ رسالتنا الخامسه :
{ إلى كل روّاد المساجد والقائمين عليها }
لا تطردوا الصبيان من المساجد أو تعنفوهم
أو تغلظوا عليهم او تقهروهم..
 إنهم فلذات أكبادكم فعاملوهم برفق وعلموهم واحتضنوهم، وليكن قدوتكم نبينا في ذلك،
ففي الحديث الذي رواه البخاري من حديث
أسامة بن زيد رضي الله عنه قال:
 كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمهما ثم يقول:
” اللهم ارحمهما، فإني أرحمهما “..
 أين نحن من ذلك؟!!!
ولكم  المقارنه بما يحدث الآن من نهرٍ  للصغار في المساجد  وطردهم من الصفوف وتوجيه الكلمات الجارحه لهم بعد او قبل كل صلاه ...

€ رسالتنا السادسه :
{ الى الابآء و الأمهات }
 ارفقوا بأبنائكم وبناتكم ؛ فربكم يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وإذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق .
وهاهو صلى الله عليه وسلم يجسد لنا الرفق مع الأطفال الصغار، وكيف أنه ينبغي أن نرفق بهم،
فقد جاء الأقرع بن حابس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن. فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم!!
 فقال صلى الله عليه وسلم-:
( من لا يرحم لا يرحم)..

€ رسالتنا السابعه :                  
{ إلى الأبناء والبنات }
ارفقوا بآبائكم وأمهاتكم ، وأحسنوا الصحبة ولينُوا في المعاملة : …
عليكم ببر والديكم فهم في أهون درجات الضعف، وهم أولى الناس وأحقهم بالرحمة،
 فببرهما تُستجلب الرحمات والبركات :
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرً} (الإسراء:24).

واعلم أن الإنسان يُخلق ضعيفاً ثم قوياً ثم ينحدر إلى درجة الضعف مرة أخرى، وهذا يسمى
 ( المثلث الهرمي) وقد صور الله ذلك فقال:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ }(الروم: 54).

كم من أسر تزوج شبابها وبناتها ثم ينفرد كل واحد بمعيشته وينعزل الأبوان في كوخ متواضع او في زاويه من زوايا غرف البيت يذكرهما بماضيهما.
 أما عن المعاملة فأترك المجال للشاعر أمية بن أبي الصلت يتكلم على لسان الأب الشيخ الضعيف الذي يشكو عقوق ولده بعد ان بلغ من الكبر عتياً فيقول:
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً    
                       تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم أَبِت    
                       لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
كَأَني أَنا المَطروقُ دونَكَ بِالَذي  
                    طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
تَخافُ الرَدى نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني  
                       لَأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي
                    إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً  
                        كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي  
                   فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
فوافيتني حقَّ الجوارِ ولم تكن
                      عليَّ بمالي دونَ مالِك تَبخلُ

€ أما رسالتنا السابعه :
{ فهي إلى الأزواج }
يقول عليه الصلاه والسلام :
{ رفقاً بالقوارير }..
اتقوا الله في النساء، فالمرأة ضعيفة مخلوقة من ضلعٍ أعوج ..
ولكم هم اؤلئك الرجال الذين يعاملون الزوجات معاملة العبيد ناهيك عن الإهانة والسب والتقبيح وجميع صور الذل والهوان ..
ولقد كان صلى الله عليه وسلم مع زوجاته مثالاً أعلى في الرفق وحسن المعاملته لزوجاته،
يتخذ اللطف معهن سبيلاً، ويجعل الرفق بهن طريقاً ، ويرى الرأفة بهن دليلا،
 مما يستحق أن يرفع شعاراً تحتج به المرأة على كمال حقوقها في الإسلام، وجمال العناية بها، وجلال الحرص على حفظها وصيانتها.
 لا أن تنقلب على دينها، فترى حقوقها في تغيير شرع ربها، والتمرد على سنن نبيها،
الذي انتشلها من حالة الذل والوأد، إلى مرحلة السؤدد والمجد.
يقول صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح سنن ابن ماجه :
"خَيْرُكُمْ، خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي".
وتقول عائشة  رضي الله عنها كما روى مسلم -:
"مَا ضَرَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأَةً، وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ الله. وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ الله، فَيَنْتَقِمَ لِله - عَزَّ وَجَلَّ -".
 بل تراه صلى الله عليه وسلم يعين زوجاته في أمور مهنتهن، ويقضي حوائجَ بيوتهن.

 وقد سئلت عائشة  رضي الله عنها في الحديث الذي رواه البخاري -:
" مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ فقالت: "كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ  تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ".
 ومن جميل هذه الصور، ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه في الحديث الذي رواه مسلم :
 "أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَهَذِهِ؟" مشيراً إلى عائشة، فَقَالَ الفارسي: لاَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ".
فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَهَذِهِ؟". قَالَ: لاَ. قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ".
ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَهَذِهِ؟". قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ.
 فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ".

أي لطف هذا؟ وأي رفق هذا؟ وأي اعتناء هذا؟
أي دين قبل الإسلام رفع من قيمة المرأة لهذه الدرجة ؟؟
 وأية فلسفة مجدت المرأة بهذه الطريقة ؟؟
هل العيب إذاً في ديننا كما يريد أعداؤنا أن يقنعوا به بعض نسائنا !؟
أم إن العيب في جهلنا بديننا، وأنانية بعض الرجال منا، وتحريض البعض بيننا؟

يا دُرَّةً حُفِظَت بِالأَمْسِ غَالِيَةً
                           وَاليَوْمَ يَبْغُونَهَا لِلَّهْوِ وَالَّلعِبِ
يا حُرَّةً قَدْ أَرَادُوا جَعْلَهَا أَمَةً
                     غَرِيبَةَ اْلعَقْلِ لَكِنْ اِسمُهَا عَرَبيِ
هَلْ يَسْتَوِي مَنْ رَسُوْلُ اللهِ قَائِدَهُ
                           دَوْماً وَآخَرُ هَادِيهِ أَبُو لَهَبِ؟
فَلا تُبَالِي بِمَا يُلْقُونَ مِن شُبَهٍ
                   وَعِنْدَكِ اْلشَرْعُ إن تَدْعِيهِ يَسْتَجِبِ

ولا غرابة أن يكون من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم قولُه: "اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ" ..
وقولُه في المتفق عليه:
 "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" ..

€ رسالتنا الثامنه والاخيره  :
{ إلى الأغنياء }
عليكم بالرفق بالمحتاجين والرأفه بالمساكين
وعليكم بتعهد الأرامل والفقراء والضعفاء والمعدمين
اعطوهم مما أعطاكم الله وكونوا عوناً لهم لسد حاجتهم وقضاء حوائجهم ..

فيأيها المسلمون:
 ما أحوج البشرية إلى هذه المعاني الإسلامية السامية ..!
وما أشد افتقار الناس إلى التخلق بالرحمة التي تُضمّدُ جراحَ المنكوبين، والتي تواسي المستضعفين المغلوبين، ولا سيما في هذا العصر، الذي فقدت فيه الرحمة من أكثر الخلق،
فلا يسمع في هذا العصر لصرخات الأطفال،
 ولا لأنين الثكلى، ولا لحنين الشيوخ، ولا لكلمة الضعفاء ..
فعليكم بالرفق واللين والرحمة بجميع فئات المجتمع، الآباء والصبيان والأرامل والعجزة والأجراء وغير ذلك مما ذكرنا، إننا إن فعلنا ذلك تحقق فينا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الحديث الذي رواه مسلم
“مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”..

- أسال الله جل وعلا أن يجعلنا جميعاً ممن يتحلون بالرفق في تعاملهم..

- اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت ياذا الجلال والإكرام ..

- اللهم من ولي من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمة محمد شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه.

- اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين .
- اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين ، واخذل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملة والدين .

- اللهم آمنا في أوطاننا . اللهم آمنا في أوطاننا ، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .

- اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يُعزُّ فيه أهل الطاعة ويُهدَى فيه أهل المعصية ويُؤمَر فيه بالمعروف ويُنهَى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير .
- اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا . وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا .
 وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا .
واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ..

- اللهم من أرادنا وأراد ديننا وديارنا وأمننا وأمتنا بسوء اللهم فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميرا عليه يارب العالمين ..
 اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ..
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا
وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً.

- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.

- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاًً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

- اللهم اجعلنا أحب عبادك إليك يا ذا الجلال والإكرام..
- اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا واغفر ربنا إنك رؤوف رحيم ..
- ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .
- اللهم وفقنا للتوبة والإنابة وافتح لنا أبواب القبول والإجابة .
- اللهم تقبل طاعاتنا ودعاءنا وصالح أعمالنا ،
 وكفر عنا سيئاتنا وتب علينا ، واغفر لنا وارحمنا إنك أنت أرحم الراحمين .
- ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا ))
 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
----------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالديّ
كماهي لوالدتي المرحومه..
وأنفعِ اللهم بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
-----------------------------------------
🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
معجزه الإسراء والمعراج

إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في  13 إبريل 2018 م
الموافق 27 رجب 1439هـ

ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام  :  
                             
تمر علينا في هذه الأيام مناسبهٌ كريمه .!
وحادثه عظيمه .! وذكرى عطرة مباركه .!

 إنها ذكرى الإسراء والمعراج على صاحبها افضلُ الصلاه وأتم التسليم ..
 هذه الذكرى التي ستظل المصدر الذي يستقي منها المسلمون الدروس والعبر , ويقطفون منها الدلالات والعظات .
وستظل الجرس الذي يُذكرهم دائماً وابداً بدورهم تجاه انفسهم ..! وتجاه دينهم ..!
وتجاه أمتهم .! وتجاه النَّاسِ أجمعين .!

هذه الذكرى التى وقفت امامها العقول حائرة.
ووقف اعداءُ الإسلام امامها بين مشككٍ ومصدق ليأتى قول الله ويَحسِم هذه القضية فيقول سبحانه وتعالى:
({ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }) ( 1)

وقبل ان أقوم بسردِ  دلالات هذه الرحلة الربانية المباركه  وقبل ان أخوض معكم في غمار بعض دروسها وعبرها وعضاتها ..
 سأبدأُ أولاً :
بسردِ حادثةٍ تمت قبل هذه الرحلة الربانية ..
ليعلم الذين كفروا أنّ الله ليس بتاركٍ عبده .!
ولِيزدادَ صبرُ الذين آمنوا وليعلموا دائماً أنَّ
بعد العسر هو اليسر .. وبعد الشده هو الفرج ..

فيا احبابي الكرام : يا روّاد مسجد بلال بن رباح:
قبل هذه الرحلة بفترةٍ ليست بكبيرة اشتدت المصائب على رسولنا الكريم ﷺ .
بدايةً من وفاةِ أحبِّ زوجاته إليه السيدة  خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ..
ثم تبعها فى نفسِ العام وفاةُ خيرِ معينٍ ونصيرٍ
 له فى وجه الكفار عمه ابى طالب ..
وقد كان حُزنُهُ على عمه حزنٌ مضاعف وذلك لإصراره على كفره وموته عليه .

وبهاذين المصابين الجللّين تحيّنت حينها الفرصة المواتيه والمناسبه لقريش لإلحاق الأذى برسول صلى الله عليه وسلم ...
فأشتد إيذاءهم له ومن معه من الصحابه الكرام بكل انواع وصور وأشكال وألوان الإيذاء والتعذيب ووسائله ..!
فأصبح الكلُ مُحَارَب .!
واصبح الكلُ مُضطَهد ..!
واصبح الكل مطارد .!
واصبح الكل مشرد .!
واصبح الكل مؤاذى ومهان .!
وأصبح الكل معذب .!
فهذا صهيب وهذا بلال وهنا عمار سدوا أمامهم كل الطرق والأبواب.!

وهنا سؤالٌ يطرح نفسه ؟                  
أين عمه الذى كان يحميه ؟  مات
وأين زوجته التى كانت تواسيه ؟  ماتت

الأمر الذى ادى بالرسول الكريم الى تغيير مكان دعوته وتَرْكِهِ لإحب البلاد إلي نفسه .
ويفر عليه الصلاه والسلام بدينه إلى الطائف :-
لعله يجدُ فيها السلام والأمان والخير.!
لعله يجدُ فيها المناصر والمساعد والمعين .!
لعله يجدُ فيها الرفيق والمساند والمتعاون .!
لعله يجد المأوى ليحتمى فيه ولكى يدعوا إلى دين الله هناك..
فتوجه عليه الصلاه والسلام إلى الطائف يمشى على قدمه مايقرب من تسعين كيلو متر
لا يركب راحلة .! ولا يسير على دابة .!
 وبلا حراسة ولا موكب، ولا جنود ولاجيش، ولاخدم
ولا حشم ولا قريب ولا زوجة ولا ولد،،.
وتحت حرارةِ  شمسٍ لم يرى الإنسان مثلها ..
فالشمس من فوقه محرقة ..!
والرمال تحت قدمه ملتهبة ..!
ودموعُ النبى على خدية..!

ووصل حينها رسول الله ﷺ إلى الطائف.!
لكنه وصلها منهكاً متعباً جائعاً ظامئاً ..
وفوق ذلك قام يدعو اهل الطائف إلى الله عزوجل،
  رجاءَ من أهلها أن يؤووه وينصروه على قومه ويمنعوه منهم حتى يُبلغ رسالة ربه..
 فلم يجد منهم ناصراً ولم ير منهم معيناً..

انما آذوه أشدّ الأذى، ونالوا منه ما لم ينل منه قومه..
أغروا به سفهاءهم يرمونه بالحجارةِ حتى أُدميت قدماه الشريفتان..

لكنه لم يستسلم بل استمر يقول :        
" لا إله إلا الله "
  وما هو إلا الرد العنيف؟
قام الأول وقال :
أنا أسرق ثياب الكعبة إن كنت صادقاً.
وقال الثاني :
ما وجد الله إلا أنت ليرسلك.
وقال الثالث :
إن كنت نبياً فأنا أصغر من أن أتكلم على الأنبياء، وإن كنت كاذباً فأنا أكبر من أن أتحدث مع الكذابين.
وليتهم ضيّفوه !  لكنهم ما فعلوا .!
وليتهم أسقوه ! لكنهم ما فعلوا .!
وليتهم تركوه ! بل طردوه وأرسلوا عليه الصبيان والأطفال والعبيد يرمونه بالحجارة..

أما يرى اللهُ هذا المشهد ؟.                  
أما يرى رسوله يُهان هذه الإهانات ؟
ويعذب كل هذا العذاب ؟!
ويتلقى صنوف الأذى والشتم .؟!
اما يرى رسوله وهو يتلَقى الحجارة على قدميه الشريفتين، ورجله تسيل بالدم ؟؟

بل يراه سبحانه وتعالى .!
وهو مطلعٌ عليه جل وعلا :
مطلعٌ على حاله ومطلعٌ على سره ونجواه
وهو حافظه وحاميه وراعيه ..

لكنه يريد ان يضع لأمهٍ حبيبه دروساً لاينسوها في ان حبيبهم صلى الله عليه وسلم لاقى أصناف من الأذى والشده والتعذيب لكنه صبر واستمر يبلغ دعوه الله فكان عاقبه ذلك الخير والظهور لهذا الدين ونصرٌ لهذه الدعوه المباركه ..

ايها الأحباب الكرام  :                    
ويتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً
إلى  مكة ..
عائداً إلى بلده التى أُخرج منها ..
ويعودإليها وحيدًا .!
يعود إليها طريداً .!
يعود إليها خائفًا يترقب .!
يعود إليها وكله آلآم .! وكله جراح ..!
قلبه مجروح، مبادئه مجروحة، عِرضُه مجروح،
 كل شيء في حياته يعيش الجراح .
يعود اليها ولم يستطع دخولها إلا بجوار رجل كافر هو الُمطعم بن عُدي بعد ان أجاره وحماه .

ولكَ أن تتصور اخي الحبيب هذه اللحظات :
 جوع - عطش - تعب - إرهاق - جراح.
 صاحب دعوة مطارد، بل ودعوة مشردة، وأصحاب مطاردون في الحبشة، وآخرون معذبون في مكة .
وبينما هو عليه الصلاه والسلام :        
في هذه الأجواء الحالكة، والظروف الصعبة، والأحوال المعقدة والمشهد الُمربِكْ .

بينما هو نائمٌ في الحِجر حَذو أولَ بيت وأكرمَ
بيت وضع للناس !!

إذ بأمينِ وحي السماء جبريل عليه السلام  يأتيه من عند فارج الهم وكاشف الغم، جبار السماوات والأرض باستدعاءٍ خاص، لرحلةٍ تاريخيةٍ لم ينلها قبله نبي مرسل.
انها رحله الاسراء والمعراج ..
من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ثم العروج به الى ملكوت الله ..

صلَّى الإلهُ علَى النبيِّ محمدٍ
                           خيرِ الأنامِ وجاءَه التنْزِيلُ

وبفضلِهِ نطَقَ الكتابُ وبَيَّنتْ
                           بِصفاتِهِ التوراةُ والإنجيلُ

ذاكَ النبيُّ الهاشميُّ المصطفَى
                      قَدْ جاءَهُ التشريفُ والتفضيلُ

أسرَى بهِ المولىَ إلى أُفْقِ السَّما
                           فوقَ البراقِ وعندَهُ جبريلُ

وكأن اللهَ تعالى يقول للحبيب ﷺ:
 إذا فقدتَ من يُسانِدُكَ؛ فأنا مولاكَ لا البشر..
إذا فقدتَ مَن يُعطيكَ من مالِهِ؛ فإنا الرزاقُ
لا البشر..
إذا فقدتَ من يحنو عليكَ ويحميكَ؛ فأنا الرحمن القادر لا البشر..

ولذلكم  رحلهُ الاسراء والمعراج :    
رحله مباركه .. رحله طيبه ..    
 لم تكن تحدياً لأهل مكة بقدر ما كانت تشريفاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم  .

بقدر ما كانت تكريماً لمكانته .! وإعلاءً لشأنه .!
ورفعاً لقدره .! وتعظيماً لمنزلته ..!
 وتجديداً لعزيمته .!

بقدر ما كانت مسحاً لجراحاته ..!
وعلاجاً لأحزانه  .! ودواءً لآلآمه  ..!
وبلسماً لأوجاعه .! وشفاءً كافياً لروحه وفؤاده ..!

بقدر ماكانت تثبيتاً لقلبه ..! وتطميناً لنفسه ..!
وتصديقاً لرسالته .! واتباعاً لدينه .!
وإيماناً به وبدعوته .! وسيراً في طريقه .!

 وبقدر ما كانت للمؤمنين به :
اختباراً لهم ..!  وتمحيصاً لإيمانهم ..!

({ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (. 3) })

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم وأقولُ ما سمعتم وأستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذَنْبِّ فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبه الثانيه :
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :

هذا الذي أَسرى لتسعدَ أمةٌ
                     وتنالَ فضلاً في الورى نِعماه ُ
هذا الذي ناداه ربه مرحباً
                         نِعمَ المجيءُ ونعمَ من حياهُ
هذا الذي جاءَ الكتابَ مبلغاً
                      عن صدقِ دعوته وعن مسراهُ
هذا الذي تَرِدُ الخلائقُ حوضه
                              يومَ القيامةِ مالها إلاهُ
فمحمدٍ نورَ العيونِ وعِزها
                       تُشفى الصدور بذكرها إياهُ
وله الشفاعةُ في الخلائقِ كلهم
                          يومَ القيامةِ لا شفيعَ سواهُ

ايها الأحباب الكرام :                  
ما من حادثٍ من حوادث الإسلام، أو مناسبةٌ
من مناسباته إلا وتحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر .!
ولقد اشتملت كُلُّ دقيقة من هذه الرحله المباركه وكُلُّ حدثٍ فيها على معانٍ كثيرة، ودروس عظيمة، ورسائل إلى الأمةِ وقد وجدتها أكثر من أن تحصى؛ ولا تسعها هذه الدقائق المتبقيه ..

لكنني إكتفيت بأهم هذه الدروس وما يحتاجه مجتمعنا في هذا الوقت وفي هذه الأحوال والظروف الراهنة ..!

وإليكم بعض هذه الرسائل والدروس التي تُرسِلُها إلينا هذه الرحلة المباركة , لعلنا ننتفع بها ونعيش في ظلالها ونطبقها في واقع حياتنا تطبيقاً عملياً وتكون لنا نبراساً وهدى :-
+ وأول دروس الإسراء والمعراج :    
أن الإسراء والمعراج يُعلمنا أن الله مادام هو الآمر فلا شك أنه هو الضامن، والحافظ والناصر.
 أتطيعه، ويتخلى عنك؟
 أتطيعه ويُسلِمَكَ إلى عدوك؟
 أتطيعه ولا ينصرك؟
 أتطيعه ولا يحفظك؟
 أتعبده ولا يرعاك ولا يحميك ؟!
اتقصده وتتوجه إليه ولا يساندك ويقويك .!؟
هذا أخطر شيء في العقيدة، وهذا يؤدي إلى الشرك ..
فمادام الله هو الآمر، فهو حتماً الضامن :
= أمرك أن تستقيم على أمره، فهو يضمن لك نجاحك في الحياة.

= أمرك أن تُحسنَ تربيه أبناءك وبناتك فهو يضمن لك سلامتهم وصلاحهم وبرّهم واحسانهم .

= أمرك أن تأخذ المال الحلال، فهو يضمن لك الرزق الوفير.

= أمرك ان تسير في طريقه الذي خطه لك رسوله صلى الله عليه وسلم فهو يضمن سعادتك .

= أمرك ان تترك الربى والمرباه فهو يضمن لك البركه في حياتك والنماء لمالك والسعه في حالك .

= أمرك مهما عَظُمت المِحَن ومهما عَظُمَت المصائِب ومهما كَثُرت النَكَبات ومهما كَثُرت الفتن والمحن..
 أن تلتجأ إليه فهو يضمن لك النجاة والسلامه والرعاية والحفظ ..
 فينبغي أن تكون ثقتك بالله قويه وثقتك بهذا الدين صلبه ومتينة وعظيمة.

+ ومن دروس الاسراء والمعراج :
( درسٌ للدعاة إلى الله جل وعلا )
فهاهو النبي عليه الصلاة والسلام بعد عودته
 من رحلته الميمونة المباركة أراد أن يخرج للناس حتى يبلغهم فتشبثت به أم هانيء بنت أبي طالب وقالت له :
يا رسول الله إني أخشى أن يُكذبُكَ قومك .!
فقال عليه الصلاة والسلام: ((والله لأحدثنّهم))
وفي روايه قال (سأخبرهم وإن كذبوني) ..

وفي هذا درسٌ للدعاة إلى الله عزوجل أن يبلغوا أمانة الله تعالى رَضيَ الناس أم سَخِطوا.
قَبِلَ الناس ام رفضوا ، وافق الناس أم غضبوا .
وهو القائل عليه الصلاة والسلام :
 ((ومن التمس رضا الناس بسخط الله سَخِطَ اللهُ عليه واسخطَ عليه الناس)) .
 وإذا كان أنبياء الله عزوجل يُتهمون بالكذب والسحر والجنون فليس في ذلك غرابة بعد ذلك أن يُتهم الدعاة إلى الله في واقعنا بالتطرف بالإرهاب والرجعية والتأخر.
نعم ايها الداعيه الكريم :
حتى ولو رأيت الأذى من اقرب أقرباءك وهذا هو الحاصل في حياه الدعاه اليوم ، ان يكون اكثر المؤذيين لهم ولدعوتهم واكثر المتحدثين عنهم بالسوء هم من أقرباءهم .!
ومع ذلك الداعيه الحقيقي الذي يعمل من اجل الله ويعيش من اجل الله ولا يرجوا الثواب والآجر
الا من الله لا تؤثر فيه العبارات .!
ولا تنال من همته وعزيمته الإساءات .!
ولا تثبطه وتقعده وتضعفه الكلمات .!
ولا ينتظر مدحاً من احد ولا ثناءً من احد .

لأن قدوته في ذلك هو المصطفى عليه الصلاه والسلام الذي كان يدعوا الى الله ومن كان يقف في وجهه ويؤذيه بالقول والفعل هو عمه  .!
ففي احدى الايام ورسول الله يقول:
 “أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا”
 اذ بعمه يسير خلفه ويقول :
لاتصدقوه إنه ساحر ..
لاتصدقوه إنه كاهن ..
لاتصدقوه إنه كذاب ..

وهكذا أول من وقف فى طريق دعوته عليه الصلاه والسلام وفي طريق رسالته وفي طريق تبليغه هو عمه.. وأول من آذاه هو عمه .
ومع ذلك لم يثنيه هذا عن عزمه ولم يؤثر في إرادته
ولم يُغير من همته في تبليغ رساله ربه ...

+ ومن دروس الاسراء والمعراج :
( درسٌ في معية الله عزوجل لأنبيائه وأوليائه)
فعندما عاد الرسول من رحلته المباركه وحدث الجميع بها ..
 كذبه كفار قريش ومنهم الوليد بن المغيرة  الذي وقف ليوجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالاً خطيراً وكان هذا السؤال بمثابة السهم الأخير فى جعبتهم  فقال :
يا محمد! ما جربنا عليك كذباً .!
 فإن كنت صادقاً وأنه أسري بك؛ فنحن نعرف بيت المقدس سافرنا إليه في التجارة، وعرفناه باباً باباً.
 فصِفْ لنا بيت المقدس وإن لم تصفه لنا فمعنى ذلك أنك لم تراه ولم تذهب إليه أصلاً ..!
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعلم الجميع لم يذهب إليه من قبل ولم يره قبل ليلة الإسراء المباركة ولو مرة ..!
فكان هذا السؤال فى حد ذاته معجزاً ،
 ولا يستطيع محمداً صلى الله عليه وسلم أن يُجيب عليه ، ذلك لأنه رأى المسجد الأقصى ليلاً
ولم يكن قد رآه من قبل والأسئلة الموجهة إليه لايجيب عليها إلا من رأى المسجد الأقصى أكثر من مرة ….
يقول عليه الصلاة والسلام:
 ((فأصابني كربٌ لم أُصبْ بمثلهِ قط))
وما كان حينها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا الصمت مع التفكير العميق !!!!

ولكن حاشاه سبحانه وتعالى أن يترك أولياءه.
حاشاه سبحانه ان يخذل احبابه الذين أحبوه وأحبهم .
حاشاه ان يتخلى عن الصادقين الذين باعوا نفوسهم له سبحانه .
وفي هذه اللحظات العصيبه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صمتٍ مطبق وتفكيرٍ عميق .!

إذا بأمين وحى السماء جبريل عليه السلام يخترق الأفاق ويضرب بجناحيه السبع الطباق
وينزل لرسول الله والمسجد الأقصى بين يديه بأمر من الله ووضعه أمام محمدٍ صلى الله عليه وسلم

فصار النبى ينظر إليه كأنه كتابٌ مفتوح  وأخذ يصفه لهم  باباً باباً، ونافذةً نافذةً، وهو يقول لهم :
( بيت المقدس له أبواب كذا وكذا، ومدخله: كذا وكذا، ونوافذه كذا وكذا ).
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )  [غافر:51].

قد أسرع الصِّدِّيق وجاء إلى النبىِّ لكى يراه
وجدَ الرجال تُحيطهُ من كل صوبٍ كالجناة
سألوه كيف المسجدَ الأقصى وهل حقاً رأه
جعلوه يبدو شارداً من سؤْلهم يرجو النجاة
لكن ربُّ محمدٍ أعطاه نصراً واجتباه
فوراً أتاه صديقه جبريل من أمرِ الإله
قد جاءه بالمسجد الأقصى وتحمله يداه
قد صار بين يديه فى حجم الكتاب إذِ  احتواه
قال له جبريل :   فصف للقوم فوراً ماتراه
نصرَ الإلهُ محمداً  فمحمدٌ هو مصطفاه

+ ومن دروس الاسراء والمعراج :      
 أن الإسراء كان من الكعبة البيت الحرام زادها الله تكريما وتشريفا وتعظيما ومهابة وعزة ورفعة، إلى المسجد الأقصى أولى القبلتين،
وفي ذلك إعجاز وإشارة أن هذه الأمة سترث بيت المقدس التي كانت آنذاك في يد الصليبيين .

هذه الأمة التي ستقود كل الأمم وقد فعلت ذلك في فجر الإسلام، وستتقدم عليها ثانية كما تقدم نبيها إماما على جميع الأنبياء.
ولذلكم يجب ألاَّ ننسى أنَّ القدس وديعةُ سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  لكلِّ المسلمين،
ورساله الاقصى :
ان على كلِّ مسلم واجب نحوَ البيت المقدس
أيًّا كان موقعُه وموضعُه، وفحواها:
• أنَّ التاريخَ قد سجَّل منذُ أزمان أنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب قد فَتَحها، وأنَّ صلاح الدِّين الأيوبيَّ قد حرَّرها،
 فسجِّلوا أنفسكم في ديوان النصر، فإنَّه قادم لا محالة، وقد يُبطئ زمنًا؛ لكن له موعدٌ قدَّره ربُّنا الرحمن سبحانه :
[{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا }] .
ايها الأحبةِ المؤمنين :
هذا بعضُ ما وردَ في ذكرى الإسراءِ والمعراجِ
بشكل مبسط ومختصر عَلَّهَا تَكُونُ بُشْرَى خَيْرٍ ..
وَمُنْطَلَقاً لأُمَّةٍ تُريدُ الخلاصَ وتسعى إليهِ بتقوى اللهِ عزوجل ..
ومنطلقاً إلى مزيدٍ منَ التَّمَسُّكِ بالشريعةِ والتَّخَلِّي عن الأهواءِ ..

ولتكُنْ هذه الذكرى محطةَ تأمُّلٍ واعتبارٍ لاستخلاصِ الحكمة  في ان دوام الحال من المحال والأحوال تتبدل, والدنيا تتحول, والعالم يتغير :

(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:  140)، (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق: 7

- اللهم يا موضع كل شكوى!
ويا سامع كل نجوى! يا عالم كل خفية!
ويا كاشف كل بلية!
يا من يملك حوائج السائلين، ندعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وقلّت حيلته،
دعاء المضطرين، الذين لا يجدون لكشف ما هم فيه سواك..
اكشف ما بنا وبالمسلمين من ضعفٍ وفتورٍ وذلٍ وهوان..
اغفر يا رب ذنوبنا وذنوب المسلمين..
- اللهم افتح مسامع قلوبنا على طاعتك..
ونوّر بصائرنا بحسن عبادتك..
اللهم عمرّ قلوبنا بتقواك وعمّر بيوتنا بعبادتك
واجعلنا اللهم من خيرة حملة هذا الدين..

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا ))
 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
----------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالديّ
كماهي لوالدتي المرحومه..
وأنفعِ اللهم بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
-----------------------------------------
🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
شعبان شهر التوطئة والترويض
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في  20 إبريل 2018 م
الموافق 4 شعبان 1439هـ

ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام  :        
 قبل ايام ودعنا شهر رجب ودخلنا شهر شعبان .!
وماهي إلاّ أيام معدودات ونستقبل شهرًا مباركًا،
ماهي إلاّ ايام يسيره ونستقبل شهر رمضان.!

ولهذا نحن الأن في أوائل شعبان.!
 والنفوس تحتاج إلى استعداد.!
تحتاج تهيئه .! تحتاج الى تمهيد.!
 تحتاج الى ترويض.!
تحتاج إلى عُلو همة.! تحتاج إلى شحذٍ للقلوب.!
لكي تستقبل هذه الأيام المباركات.

ايها الأحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :-
قاعدة يجبُ على كلِّ مسلم أن يُؤصلها في نفسه، حينما يريد أن يَصْدُقَ في سيره إلى الله عزوجل.          
وهي كيف أستعد للقاءِ ربِّ البريات جل وعلا ؟.
كيف تكونُ النفسُ قد تواطأت على قبول أمر الله سبحانه؟.
وكيف أقيم هذا الأمر على مراد الله ؟
 لا على ما أريد أنا، أو ما يريد الناس.
كيف أحقق هذا الأمر العظيم ؟
وهو {{ أن أكون عبدًا لله سبحانه }}
قال عزوجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}. [الذاريات].
فإن علمت يا عبد الله أنك ما خلقت إلا لتكون عبدًا لله عزوجل، فلا وظيفة لك إلا هذة، وأن هناك معوقات ومعطلات ومثبطات تَحيل بينك وبين السير في هذا الطريق.!
 وتأملت حال من نجى كيف نجى ؟
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اللهُ :
يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ قَالَ:
 أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟!
قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ.
"مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ".
أي هؤلاء بعثُ النار.!
ومعنى هذا أنه لا ينجو إلا واحد من كل ألف الى الجنه من مجموع البشر.!
إذًا هذا الطريق يحتاج إلى توطئة النفس،
 وإلى إعداد النفس لأن تتهيأ لأمر الله عزوجل، وأن تستعد .!                                        
وفي الحديث الذي أخرجه الامام مسلم
عن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ -تصغير الرهط- وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ. "
هذا يبين لك وعورة الطريق.!
 وصعوبة الأمر على النفس حينما تَخلد إلى الأرض، وتتبع الشهوات، وتصير مع الشبهات .
"النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ" والله ما قصر، ووالله ما فرط، بل جاء بأمر الله عزوجل على مراد الله،
 لأن الله اصطفى رسله، واختارهم من خيرة البشر.
"النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ .!
وَالنَّبِىَّ يأتي في أمة لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ".
اي : ما آمن به واحد.!

فهذه القضية إن لم تشغل قلبك وأنت تضع اقدامك على عتبات شهر التمهيد شعبان لتكن على استعداد للدخول من أبواب الشهرِ العظيم، شهرُ رمضان الذي فيه من الحسنات،
وفيه من علو القدر، وفيه من نفحات الهداية
 ما لايتخيله أحد، ولا يتصوره بشر .

ولكن إن هجمت على رمضان بلا استعداد، ستستقبل أيامه بمللِ نفس، وبضيقِ صدر،
 وبِقِلَّةٍ في الطاعات، وكسلٍ في العبادات،
ولا تزال تُمني نفسك حتى تخرج من هذا الشهر.
ولذلك كانت توطئة النفس لقبول أمر الله عزوجل من أعظم الأمور.

ايها الأحباب الكرام :                                      
هل جلسنا يومًا لنحاسب النفس كم قدمت وقربت من طاعات؟
وكم فرطت في معاصي وبليات ومنكرات ؟
          ما فعلنا هذا ؟؟!
     إذ لو فعلنا  لتغير الحال..!
 لأن كل عاقل لا يبحث إلا عن ما ينفعه،
 ولا يفر إلا مما يضره، فرأينا أنفسنا حينها:
كُسَالَى عن العبادات .!
وكُسَالَى عن الطاعات.!
 لا نأتي الصلاة إلا دبارًا.!
 وقَلَّ من يتفطن للصف الأول.!
وقَلَّ من يأتي عند الأذان.!!
 بل نرى في باقي الطاعات وعظيم القربات :
كم أدينا من نوافل؟ وكم قمنا وأدينا من مسنونات؟

لكن في امر الدنيا الفانيه والحياه الزائله نرى العكس من هذا كله :-
- فكم من تاجر يموت كمدًا أو يعيش بحسرةٍ حينما يرى جاره من التجار أعلى منه ربحًا ومكسبًا .!!
- كم نرى من أصحاب الأموال يموت كمدًا إن بارت تجارته أو خسر ماله ..!
 لأنه عاقل يحسبها بحسابٍ كما يقال بالقلم والورقة .
 عند الربح يفرح، وعند الخسارة يحزن.!

                   وفي ماذا؟
في أمرٍ تافه، في عرض من الدنيا قليل،
 إلى أن يأتيه أمر الخروج :
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}. [ق].
 ذهب الحزن كله مع أول سكرةٍ وخروجٍ للروح،
فلا يحزنهم الفزع، بمجرد أن تخرج الروح إلى روح وريحان.
 ولذلك العقلاء هم الذين يجمعون القلب،
 ويجمعون النفس، ويهيئون الأمر للسير إلى الله عزوجل ليكون عندها قولهم :
 {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ}..

ولذلكم /
 النفوس على وجه العموم :
تحتاج إلى تهيئة، تحتاج إلى تمهيد، تحتاج إلى سياسة، تحتاج إلى ترويض .
نعم /
هذه النفوس في كل ما تقبل عليه من عمل إذا مُهّدَ لها ذلك العمل ، وهيئ لها، وعُبّدَ لها الطريق الذي تسلكه للوصول إلى غايتها :
كان ذلك عوناً على إقبالها، وتيسيراً لها في تحقيق الغرض من العمل الذي كُلِفتْ به.!

 بخلاف ما إذا هجم الإنسان على العمل أو على التكليف وجوباً دون مقدمة، ودون تمهيد فإنه لن يكون على نحو من الإتقان واللذه والخشوع الذي يُحقق المطلوب، وأضرب لذلك مثلا:
( الاختبارات ) على سبيل المثال إذا لم يتقدمها استعداد وتهيؤ ومراجعة وجد ونشاط ومذاكره، وتأمل وإعادة نظر في المادة المختبر فيها لن يكون هناك ثمة إتقان، ولا بلوغ الغاية والدرجة المطلوبة في الاجتياز .
ولهذا يُفرقُ الناس بين الاختبار المفاجئ والاختبار المرتب المعد والمعلن مسبقاً ..
فالاختبار المعلن والمرتب والمعد :
يكون الإنسان فيه قد تهيىء واستعد واستبصر
 لما يُقبل عليه؛ فيتقن العمل،ويتقن الإجابه ويكون موفقاً في اجتياز ما امتُحنَ به..
 اما الاختبار المفاجئ :
غالباً لا يكون الناس فيه على نحو من الإتقان
 لان فرصه التهيؤ لم تكن موجوده والاستعداد كان غائباً ونهايته الفشل والسقوط .

بل اضرب لكم مثلاً اخر :
الجندي الذي نريده ان يدافع عن وطنه وبلده .
هل يمكن ان نأخذه مباشره من قارعه الطريق ونعطيه السلاح ونوجهه الى ميدان المواجهه وخط الدفاع .!
ام لابد من ان يخضع لدورات تدريب ومحاضرات في حب الوطن والدفاع عنه والذب عنه .
حتى يكون بعدها على استعداد وتهيؤ لخوض غمار الميدان والشعور بحلاوه الدفاع عن الوطن والعرض والموت في سبيله .!

كذلك العبادات والطاعات وفرائض الاسلام :
تهيئة النفس لها ولأمر الله عزوجل هو امرٌ مهمٌّ للغايه وضروري .
= إليكم مثلاً ( الصلاة )
 الله جل وعلا فرض الصلاة وأمر بالمحافظة عليها، وحث عليها، وبين عظيم الأجر الحاصل من هذه الصلاة، ولكي تُحقق الصلاة مقاصدها من نهيها عن الفحشاء والمنكر، وما فيها من ذكر الله عزوجل
ولكى تؤتي ثمارها ولكي تتذوق طعم هذه العباده،
ولكي تُدرك مقاصدها، ولكى تُحقق الخشوع،
ولكي تُحقق الغايات منها فلابد من تهيئه ..
والتهيئه لها تبدأ :
من سماع نداء المؤذن وإجابته .!
ثم احسان الوضوء والطهارة .!
ثم المشي الى المسجد وكل خطوة يرفع الله بها العبد درجة، ويحط عنه خطيئة.!
ثم صلاة النافلة التي تكون بين الأذان والإقامة.
ثم الانتظار للصلاه (وانتظار الصلاة بعد الصلاة رباط، كما قال النبي ﷺ .!
 ثم التهيؤ للصلاة .!
حتى إذا جاءت الفريضة كان القلب حينها قد حضر، والفؤاد قد قام على الوجه الذي يمكن أن يستشعر عِظَمَ هذه الفريضة، ويؤديها على الوجه الذي يرضاه الله تعالى عنه..
إذاً كُلُّ هذه المقدمات جعلتها الشريعة سبباً لحضور القلب، والتهيئة للقاء الله عزوجل والوقوف بين يديه .!
 وتخيل حالك وأنت في متجرك، او أنت في عملك، او أنت مشغول حتى مع أصحابك، أو مع أولادك وزوجك، ثم هجمت على الفريضة بلا تهيئ لقلبك، أتظن يا مسكين أنك ستقيم الصلاة كاملًا ؟

                   لا والله ؟؟

 بل ربما لا تعقل إلا في الركعة الأخيرة، أو عند التشهد .
بل لا اكون مبالغاً إن قلت انك لن تدرك أنك صليت إلا بعد أن يقول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله.

= وكذلك ( الحج ) مرة في العمر ..!
ولكن له مقدمات وهي (العمرة) والعمرة نافلة،
وفيها من اليسر والسهولة، أقل بكثير من الحج، فمن ذهب إلى العمرة وذاق لذة الطواف، ورأى البيت الحرام ، وصلي ركعات خلف المقام
عندها يحن حنينه إلى الحج، فإذا ذهب إلى الحج ذهب بشوق وسافر بطعم ووصل بروحانيه .

= كذلك ( الزكاه )
 جعلت الشريعه لها توطئة لهذا المال الذي يخرج منك .
 بعض الناس تفقأ عينه ولا يُخرج ريالاً من غير الأصول ولا من أصول الزكوات التي توعد الله عزوجل من تركها بأشد الوعيد فقال :
 {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)}. [التوبة].
ولاجل ذلك جعل الله بابًا عظيمًا يروح عن النفس، ويهيئها لإخراج الأصل بطيب نفس، وهي :
 (( الصدقات ))
 ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفق من مما عنده من غير الأصول، لا من أصول الزكوات، حتى ولو لم يملك شيئًا، كان يعطي عطاء من
 لا يخشى الفقر، ربما لا يكون في بيته إلا التمرة فتخرج التمرة من بيت النبوة.

فهنا تمرة في بيت النبوة لا يوجد إلا هي،
فتخرجها رضي الله عنها عائشة، وتعطيها وتبذلها
لانها بمثابه تمهيد وتهيئة ومقدمات لإخراج الأصل بطيب نفس، ورضا خاطر ..

= كذلك  ( الصوم )
لن تذوق لذة رمضان بما فيه من صيام،وقيام، وصدقه وتسبيح واستغفار ودعاء وربما عمرة، ومافي هذا الشهر من طاعات وعبادات وتلاوات.
لن تذوق لذة القرب،ولذه المناجاه ،ولذه التراويح
 إلا اذا هيئت نفسك قبل رمضان.

ولهذا لو تأملنا في الشريعة فإننا سنجد انها قد هيأت النفوس ودربت الأبدان لذلك بالاستعداد بما يعين العبد على استقبال فريضة الصوم .

 ومن ذلك ما كان يفعله النبي ﷺ من أنه كان يصوم شعبان؛ تهيئة لرمضان، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها-: « ما رأيت رسول الله ﷺ اكثر صياماً من شعبان».

 هكذا كان النبي يُمرّنُ نفسه، ويُهيئُ بدنه للقيام بهذه الطاعة، بهذا الإحسان على أكمل وجه،
 فإذا جاء الفرض كانت النفس قد تهيأت لطاعة الله تعالى.
 إذا جاءالصوم الواجب تكون النفس قد استعدت لما فرض الله تعالى على وجه يَرضى به الله سبحانه وتعالى .
 ولهذا من المهم أن نفرق بين شخص يصوم مثلاً من كل شهر ثلاثة أيام، والاثنين والخميس ويصوم في شعبان ..
وبين شخص اخرعهده بالصيام رمضان الماضي.
 فرق بين صيام هذا وصيام هذا؟!
فهذا الذي ماصام إلاّ رمضان سيأتي بعد سنة كاملة من الفطر ليصوم أول يوم من رمضان سيجد التعب، وسيجد المشقه وسيكون أداؤه للفريضة فيه نوع من الاستثقال، والعناء .

بخلاف الآخر الذي هيأ نفسه لصوم رمضان  بصيام النافلة، وبصيام التطوع.. وبصيام كثيرٍ من شعبان ..
فهذا لن يجد مشقهً ولا عناءً ولا استثقال .!
بل إقباله على هذه العبادة سيكون بنفسٍ متهيئه وبحضورِ قلب، وبخشوعِ جوارح ولذهٍ يجدها طوال شهره .

أيها الأحباب :
نحن في حاجة أن نصفي النفس حتى تصفى لنا، فهذا محمد بن واسع كان على فراش الموت،
وكان من العلماء الأثبات الكبا.!
 دخل عليه أصحابه يهنئونه ويقولون له أبشر بخير يوم سيمر عليك، فبكى وقال :
أين أنتم إذا أخذ بيدي وقدمي وطرحت في النار؟ إني مقبل على ربي إن رحمني أدخلني الجنة، وإن حاسبني بعدله أدخلني النار.!

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم وأقولُ ما سمعتم وأستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذَنْبِّ فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية :
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام  :
ونحن في الجمعه الاولى من شهر شعبان،
هذا الشهر الفضيل الذي يُعدُ واحداً من الأشهر الثلاثة المباركة؛ ( رجب وشعبان ورمضان )
التي يُفيض الله فيها على عباده بالرّحمة والغفران والعتق والخير والبركه والرزق والأجر الجزيل،
مما لا يُفيض به عليهم في بقيّة الشّهور.
وقد احسن من قال :
مَضَى رَجَبٌ وَمَا أَحْسَنْتَ فِيهِ
                            وَهَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ المُبَارَكْ
فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الأَوْقَاتَ جَهْلاً
                            بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكْ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ اللَّذَّاتِ قَسْرًا
                         وَيُخْلِي المَوْتُ كُرْهًا مِنْكَ دَارَكْ
تَدَارَكْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطَايَا
                           بِتَوْبَةِ مُخْلِصٍ وَاجْعَلْ مَدَارَكْ
عَلَى طَلَبِ السَّلاَمَةِ مِنْ جَحِيمٍ
ً                        فَخَيْرُ ذَوِي الجَرَائِمِ مَنْ تَدَارَكْ

إذاً أيها الأحباب :                    
نحن في حاجة إلى توطئة لهذا الشهر .!
نحن في حاجة إلى استعداد لهذه الأيام القادمة.!

وهذه الأصول، وهذه الواجبات، وهذه الفرائض،
 لن تكون منك عن طيب نفس إلا أذا جعلت لها مقدمات. تُهيئ من خلالها القلب، وتُشجع النفس لتُقبل على العبادة على نحو من الإتقان.!
وعلى نحو من الخشوع.!
وعلى نحو من الكمال في الإقبال على الله عزوجل.

وكما اسلفت كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في شعبان ليهيئ النفس إلى رمضان،  وهكذا كانوا رضي الله عنهم وأرضاهم
على حسابٍ دائم، في ايام دهرهم كلها .
يقول أنس رضي الله عنه:
سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أو ليعذبنك الله . .
حساب دائم ! حساب مستمر .!
 وعمر من هو عمر ؟؟
انه الذي كانت الدنيا كلها تحت يده، وعلى الرغم من هذا كان خائفًا وجلًا، محاسباً لنفسه وهو القائل :
 والله لو عثرت بغلةٌ في العراق لسألني الله عنها:
لمَ لم تمهد لها الطريق ياعمر .؟!

بل ويخرج رضي الله عنه ذات ليله ليتحسس الرعية فيسمعُ بكاء صبي فطرق الباب فسكت،
ثم ذهب وعاد فسمع صراخ صبي،
فأرسل غلامه يسأل عن حال هذا الصبي.
قالت: أمه إن عمر لا يعطي إلا من بلغ الفطام،
أي من فُطم يُعطى عطية من عمر، من بيت مال المسلمين، وإني أُعجلُ له الفطام حتى أنال عطية عمر.
فبكى عمر وقال: كم أهلكت من أطفال المسلمين، ثم قال نادي في الناس :
أن كل مولود له عطية، ورفع ما كان بعد الفطام.

 ولذلكم أيها الأحباب :
نحن في حاجة إلى توطئة النفس .!
والقضية الآن أيام ويدخل رمضان،
وكما سبق من رمضان؟ وكم مرّ عليك من رمضان؟وأنت أنت كما أنت؟ انت حالك ذاك حالك ؟
وايامك تلك أيامك مملة، وصومك هو ذاك ماتغير
ولايختلف ابداً عن ايام فطرك.

فنحن في حاجة إلى وقفة جاده .!
في حاجه الى  وقفه صادقه .!
لئن نصلح النفس، ونهيئ القلب لقبول أمر الله عزوجل.
 حتى يكون رمضان وما بعد رمضان وما قبل رمضان سواء، ثم يأتي رمضان بلذائذ.

فمن قرأ القرآن قبل رمضان عقل القرآن في رمضان وفهم معانيه في رمضان..
 لا كمن ينشر المصحف، ويُقلب الصفحات،
ويختم في رمضان خمس ختمات، عشر ختمات، ثلاثين ختمة، في كل يوم القرآن كله،
لا يغني هذا شيء، لأن النفس ما هُيئت،
لان النفس ما زالت فيها ملل، وشهوات تجرها.

أنت تقرأ القرآن وقلبك مع تجارتك،.  
انت تقرأ القرآن وقلبك معلق بأموالك
انت تقرأ القرآن وقلبك ملتصق بشهواتك وملذاتك،.
نريد ان تكون هذه الختمات قبل رمضان لتتهيء النفس لرمضان فتقرأ بلذه وخشوع وحضور قلب.

ولذلك نرى أن غالب الناس على المنوال نفسه!.
كيف يتهيئون لرمضان؟
من الآن يبدأون بالتسوق وإعداد الكرتين من أصناف الاطعمه والمشروبات والجبن والحلوى،
وغيرها أشياء كثيره .!
وكأن لهم في رمضان موعداً مع الأكل وسفر المأكولات التى تكفي الفئام من البشر .!
فهذه هي التهيئة لرمضان عند هؤلاء ..!
تهيئه جسديه لإشباع البطون وإملاء الأمعاء
لاتهيئه روحيه وقلبيه لتغذيه الروح والفؤاد .
مصاحفهم مغلقه بعد رمضان.!
وصلواتهم مملة !.
واذا صلوا يصلون وهم  نائمون.!
الضيق يملأ  نفوسهم .!
حياتهم مزعجه ..! وعيشتهم ضنكه !.
حائرون ، تائهون ، محبطون .!
وفي رمضان ساقطون .!
وما بعد رمضان خاسرون ..!

( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾

فيارب ذاك رجب شهرُ بركة قد ذهب
وهذا شعبان بخيره قد وجب
فياربِ كما بلغتنا شعبان ومن قبله رجب
بلغنا رمضان وليلة قدره وجنبنا فيه الصخب
واقبل منا صيامنا وقيامنا واحفظ لنا من نحب
وفيه ارزقنا الرحمة والمغفره والعتق من اللهب .

اللهم يا ودود يا ودود! يا ذا العرش المجيد!
يا فعالاً لما تريد! نسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تفرج عنا وعن شعبنا ما هم فيه يا رب العالمين.
اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية.
 اللهم أعنا ولا تعن علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وكن لنا ولا تكن علينا..
 اللهم أطعم جائعنا، واشف مريضنا، وارحم ميتنا ورد غائبنا، وآوي شريدنا، وأمنّ خائفنا.
 اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا تعاملنا بسيئاتنا.
اللهم أنزل علينا سكينتك، وانشر علينا فضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين .
 اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام!
اجعل للمسلمين في كل مكان من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاءٍ عافية.
اللهم عليك بأعداء الإسلام فإنهم لا يعجزونك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين.
اللهم أغفر ذنوبنا، وأصلح أحوالنا.
ومنَّ علينا بالهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول
 أو عمل.
ونعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول أو عمل.
اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان.
اللهم بلغنا رمضان . بلغنا صيامه وقيامه.
بلغنا مع احبتنا قيام ليله القدر يا كريم .

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: ((إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا ))
 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى
آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
----------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالديّ
كماهي لوالدتي المرحومه..
وأنفعِ اللهم بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
-----------------------------------------
🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ اخفياء..!! ولكن ..!! ]
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                      الخطبه {{ 10 }}
إعداد وتعديل وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في  30 مارس 2018 م
الموافق 13رجب 1439هـ

ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :-    
دار حديث الجمعه الماضيه حول شخصيهٍ يحبها الله جل وعلا قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِيَّ "

ولئن الأسماع والقلوب لازالت تتذكر حديث :
 اولئك الاخفياء الذين اذا ظهروا لم يعرفوا واذا غابوا لم يفتقدوا..
واولئك الذين شغلوا أنفسهم بالله، فازدادوا له إخباتاً وطاعة..
فاليوم حديثنا هو النقيض لخطبه الجمعه الماضيه
وهو كذلك حديثٌ عن اخفياء ولكنهم أخفياء من نوع آخر، وشكل اخر وصورهٍ اخرى..!!

- أخفياء يختفون عن أعين الناس، ويحرصون كل الحرص ألا يطلع أحدٌ من الناس على أعمالهم.

- اخفياء يحرصون كل الحرص ألا يراهم أحد من الناس وما يفعلون..

- أخفياء مقصرون فاترون، من أهل الخمول والكسل..

- اخفياء عاكفون في الخلوات على المحرمات
ولا حول ولا قوة إلا بالله..

- اخفياء غفلوا عن مراقبة ربهم واطلاعه على كل أعمالهم وأسرارهم . ونسوا أن الله عزوجل يعلم سرهم ونجواهم وأنهم إليه راجعون..

- اخفياء يعبدون الله أمام الناس ولكنهم إذا خلوا بعيداً عن الناس وابتعدوا عن أعين الناظرين
 بارزوا الله بالمعاصي وارتكبوا المحرمات ومارسوا الموبقات والمنكرات ..

وهؤلاء هم الأخفياء الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الألباني  من حديث ثوبانَ رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:
"لأعلمن أقواماً من أمتي يأتُونَ يَومَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أمثالِ جِبِالِ تِهَامَةَ بَيْضَاء، فيجعلها الله هَبَاءً مَنْثُورَا !!!"
وفي روايه :
«أنَّ أقوامًا يَأْتُونَ يومَ القيامةِ بأعمالٍ بيضاءَ عظيمة كأمثالِ جِبَال تِهَامَةَ مِنْ صلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وحجٍّ وبِرٍّ ووَصْلٍ وغيرِ ذلك مِنْ أمورِ الخير فَيَنْظُرُ اللهُ إليها، فَيَجْعَلُها هَبَاءً منثورًا».
قال ثوبان: يا رسول الله؛ صفهم لنا جَلِّهِم لنَا،
أنْ لاَ نَكُونَ منهم ونحنُ لا نعلم؟
فقال صلى الله عليه وسلم:
 "أما إنهم إخوانكم ومن جِلدتِكُم، ويأخُذُونَ من اللَّيْل كَمَا تَأْخُذُون، ولكنهم قَوْمٌ إذا خَلَوا بمحارِمِ الله انْتَهَكُوهَا".
وفي روايه:
«أمَا إنهم لمِنْكُم ، أمَا إنهم لمِنْكُم، ويقولون بمِثْلِ قولكم، ويعملون بمِثْلِ أعمالكم؛
 ولكنهم قومٌ إذا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللهِ انتهكوها»

أيها الإخوة في الله:
هذا الحديثُ العظيمُ يتحدَّثُ عن شخصيَّةٍ عجيبٌ أمرُها، غريبٌ وصفُها،
ليسَ لها صدقٌ ولا وُضوحٌ، تمشي في الظَّاهرِ مَشيَ الرّفاق، ولكنَّها خلفَ السُّتُور والجُدران والليالي تَفْتَحُ الأنفاقَ لتستحلَّ الأخلاق.

هذه الشخصيَّةُ الخاسرةُ
هذه الشخصيه البائسة لا يخلُوا منها زمانٌ
ولا يخلو منها مكان..!!
 تجدُها في الصفوفِ الأولى في الحياة..!
بل أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّكَ تجدُها في قيامِ الليل مع القائمين .!!
وفي القنوت مع القانتين..!!
وفي الاسحارِ مع المتهجدين..!!!
 وهو مكانٌ وزمانٌ عزيزٌ يغلبُ على الظنِّ أنَّ صاحبَهُ من المُقرَّبين!.

وهيهاتَ أن نجزمَ للنفسِ بالصَّلاحِ والقَبُول والوُصول اعتمادًا على ظاهر الحال فحسب؛
لأنَّ الأمرَ يتعلَّقُ بأمر آخر لا تراه أعيُنُنا،
 ولا تسمعهُ آذانُنا، ولا تدركُهُ حواسُّنا.

الأمرُ يتعلَّقُ بالخلوات، وما تُخفيه السُّتُورُ والجُدرانُ والليالي ..!!
= حين يختلي الإنسانُ، وينفردُ عن النَّاس.!!
= حينَ تغفَلُ عنهُ العيون، ولا يراهُ إلاَّ الذي يعلمُ خائنةَ الأعين وما تُخفي الصُّدُور..!!
= حينَ تقولُ النفسُ الآثمةُ لصاحبها:
افعل ما شئتَ ! وهيتَ لك ! لا يرانا إلاَّ الكواكب !.
= حينَ ينفردُ العبدُ عن الرُّقباءِ والحُرَّاسِ ولا رقيبَ هنالكَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريكَ له!.

هنالك تظهرُ حقيقةُ الإيمان الصادق الذي خالط بشاشه القلوب قولاً وعملاً جوارحاً وأركاناً.
الذي يقول حينها صاحبه :
[ مَعَاذَ الَلَهِ إنّه رَبِ أَحْسَنَ مَثْواي ]
وهناك كذلك ينجلي بُرهانُ التوحيد!
هذا هو الميزانُ الدَّقيقُ الصادِق؛
إنَّهُ السرُّ والخَفَاءُ والغيب؛
 رفعَ أقوامًا حينما جَمَّلوهُ بحسناتهم وأعمالهم الصالحة التي أخفوهَا عن العباد..!!!
وقضى على أقوامٍ آخرين حينَ هتكوا محارمَ الله في الأستار والأسحار والخلوات..!!!

ايها الاحباب الكرام :                    
لنتأمل في هذا الحديثَ مرات ومرات حتى لا نكونَ ممَّن فُضحَ حالهم، وبيَّنَ مآلَهم :
 أقوامٌ مسلمون من أمَّة النبي صلى الله عليه وسلم، يأتُون بحسناتٍ عظيمة أمثالَ الجبال عظَمةً في العين، حتَّى إنَّهم ليأخذون من عبادة قيام الليل الشَّاقَّة المتعبة،  ولكنَّهم مع ذلك يُخبرُ صلى الله عليه وسلم أنَّهم حينما تَحَقُّ الحقائق بين يدي الله تعالى أمام الميزان تطيشُ حسناتُهم كالهباء المنثور، تُمَّحي وتزولُ أمام فضيحةٍ كبرى، أفسدت كلَّ خُلُقٍ جميل، وقضت على الإحسان الذي عُرفَ به الإنسانُ بين الأنام؛
 إنَّها فضيحةُ انتهاكِ محارمِ الله في السرْ..!!
انها مصيبةُ موتِ الرَّقابة في الصدر..!!
انها مصيبَةُ سقوطِ القناعِ وظهورِ الوجهِ الحقيقيّ البائسِ التعيس ..!!

من كان هذا حالُهُ من المغرورين جعلَ اللهُ  إحسانَهُ هباءً منثورَا.
من كان هذا حاله جعل الله أعماله كسرابٍ بقيعه .
من كان هذا حاله كان من الخاسرين ..
{{ "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" }}..
والجزاءُ من جنس العمل يا ايها الكرام :
ذلك أنَّ العملَ في حقيقته خفيفٌ كالهباء،
ولا أحدَ يدخلُ الجنَّةَ بعمله،
إنَّما هو الصّدقُ والإقبالُ والانكسارُ من يبُثُّ الرُّوحَ في الأعمال،
أمَّا تكديسُ الأعمال فارغةً من الحقيقةِ،
خاليةً من الرُّوحِ أمرٌ يطيشُ ولا يصمُدُ يومَ الميزانِ مع الأعمالِ السيّئةِ التي فَضَحتْ حقيقةَ العبد!.

أيها الإخوةُ الاحباب :
أعيذُكم بالله أن تكونُوا ممَّن طابت علانيتُهُ،
 وخابت حقيقتُه :-
إحسانٌ في الظاهر، والتزامٌ للطقوس والمظاهر، وخلفَ الجُدرانِ والسُّتورِ هتكٌ للمحارِمِ بالسمع والبصر والفرج والجوارِح.

من كان هذا حالُهُ استحقَّ البُكاء، وكان هوَ أحقَّ النَّاسِ بالبُكاء على نفسه التي ماتت، والبَحثِ عن وَجْههِ الذي ضاع، ومُستقبلِهِ الذي انهَد !!.

واليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل،
وعندَ اللهِ تنكشفُ الحقائقُ والخبايا!
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم :
 قال صلى الله عليه وسلم:              
( إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ )..
- وجه مع الصالحين ( مسبحاً مستغفراً تالياً ذاكراً يلبس جلود الظأن من اللين ، لسانه احلى من السكر )..
- ووجه آخر مع الطالحين والعصاه والمجرمين والمنحرفين ( معاصي ومنكرات وموبقات وسهرات وغناء ورقص ومجون وعربده ) ..

- ظاهره الصلاح والإيمان والورع والزهد والتقوى
وباطنه الغش والخداع والتحايل والتزوير والمراباه والاختلاس والسرقه والنفاق..
- اخلاقه مع الناس مهذبه وخُلقه مستقيم ، لين الجانب ، رحب الصدر، طيب القلب ، كريم النفس.
ومع اهله صاد ناد غليظ قاسي ولايرعوي ولايتعظ ولا يعتبر ولاتؤثر فيه الكلمات .
- مع الناس يلبس ثياب التدّين والطيبه والتواضع والحياء والعفاف والطهر .
ومع نفسه مجرم وطاغيه وفاسد وسافل وعربيد.
ولذلكم /                    
 أولئك الرجال الذين نسمع قصصهم بل ونرى آثارهم ومصنفاتهم، ونرى أنهم أحياء بذكرهم وبعلمهم وبنفعهم وإن كانوا في بطن الأرض أمواتاً بتلك الأجساد الطيبة الطاهرة .. فأسأل وتتساءل معي :
فما هو السر في حياة هؤلاء الرجال ؟؟
ماهو السر في بقاء علمهم ونفعهم وذكرهم
مع انهم في بطن الارض امواتاً بتلك الأجساد الطيبه الطاهره ..؟؟
والسر معلوم وواضح  :
وهو توجه قلوب هؤلاء لله جل وعلا، في سرهم وعلانيتهم..
توجهت قلوب أولئك الرجال فنالوا ما نالوا،
ووصل سمعهم إلى عصرنا الحاضر،
فكان القلب عمله وعلمه لله سبحانه وتعالى،
وكان حبه وبغضه، وقوله وفعله وحركاته وسكناته ودقه وجله وسره وعلانيته لله.
 يوم أن كانت الآيات هي الشعارات التي تُرفع، والكلمات التي تتردد في القلب قبل اللسان وفي كل مكان :
((  قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))[الأنعام:162]
 هكذا كانت الآيات ترفع فامتلأت بها القلوب..
أما اليوم فتعال وانظر لحالنا يا أخي الكريم كأفراد :
 فقلوبنا شذر مذر، ونفوسنا عُجب وكبر، وأفعالنا تَزيّن وإظهار، وأقوالنا لربما كانت طلباً للاشتهار.
همومنا في الملذات، وحديثنا في الشهوات،
وصدق صلى الله عليه وسلم بقوله:
 (إن الله كَرِهَ لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال ) إلا من رحم الله منا.

وانظر لحالنا كأمة :.              
ذل ومهانة وهوان واحتقار، ولا داعي إلى أن أواصل الكلام عن حال هذه الأمة في هذا العصر..
أكانت امتنا ستكون بهذا الذل والمهانة يا كرام
لو كانت القلوب متوجهة إلى الله بصدق؟!
 أقولها ثقة بالله سبحانه وتعالى:
 لا والله، لا يكون هذا الذل وهذا الاحتقار لهذه الأمة لو توجهت قلوب أصحابها وتوجهت قلوب المسلمين جميعاً إلى الله جل وعلا:

رب وامعتصماه انطلقت
                            ملءَ أفواهِ الصبايا اليُتّمِ
لامست أسماعـهم لكنها
                           لم تلامس نخوة المعتصمِ

إذاً..
- فالسر في حياة أولئك هو:
معرفتهم بأن مطلعٌ عليهم وعلى أعمالهم..
- السر هو في ( توحيدهم  لله جل وعلا )
وليس التوحيد قولاً  ..
 فكلنا يقول: (( لا إله إلا الله ))
 ولكنه التوحيد القلبي ؛
يوم أن تكون الأفعال والأقوال وحركات القلب وسكناته كلها لله سبحانه وتعالى..

فيا اخي الكريم :
إذا أغلقت دونك الباب وأسدلت على نافذتك الستار وغابت عنك أعين البشر .!!!
فتذكر مَنْ لا تخفى عليه خافية ..!
تذكر من يرى ويسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، جل شأنه وتقدس سلطانه ..!
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى
 ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ )
قال: الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة، فيريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يفطنوا إليه غض بصره، وقد اطلع الله عز وجل من قلبه أنه يود لو نظر إلى عورتها !!
يقول ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ :
" أَخْسَرُ الْخَاسِرِينَ مَنْ أَبْدَى لِلنَّاسِ صَالِحَ أَعْمَالِهِ، وَبَارَزَ بِالْقَبِيحِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"
نسأل الله التوفيق إلى كل ما يحب ويرضى.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبـــة الثانيـــة :
ثــم أمـــا بـــعــــــد ايها الاحباب الكرام
وقفه اليوم مع حديث عظيم ذو شجون
والله ان قرآته فقط لهي كافيه ان تزلزل الأركان
وان تقشعر له الجلود وتخشع له الجوارح ..!!

"لأعلمن أقواماً من أمتي يأتُونَ يَومَ القِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أمثالِ جِبِالِ تِهَامَةَ بَيْضَاء، فيجعلها الله هَبَاءً مَنْثُورَا!"
من هم هؤلاء يا رسول الله ؟؟
صفهم لنا ؟ جَلَّهم لنا ؟؟
 "أما إنهم إخوانكم ومن جِلدتِكُم، ويأخُذُونَ من اللَّيْل كَمَا تَأْخُذُون، ولكنهم قَوْمٌ إذا خَلَوا بمحارِمِ الله انْتَهَكُوهَا".
- انهم الذين يستحون عند المعاصي من المخلوق ولا يستحون من الخالق..
- انهم الذين يخافون من ان يراهم المخلوق وهم يعصون ولا يخافون من الخالق جل في علاه .
- انهم الذين يستترون من المخلوق ولايستترون من الخالق ..
- انهم الذين يبارزون الله بعظائم الذنوب وهو يكلؤهم على فراشهم ويحفظهم في كل أحوالهم.
- انهم الذين جعلوا الله الخالق أهون الناظرين إليهم..
 - انهم الذين خالفوا أوامر الله ، واستجابوا للشيطان وداعيه ..
- يقول سحنون رحمه الله:
" إياك أن تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقاً له في السر"...

وما اكثر اصدقاء ابليس في هذا الزمان:          
= فكم من مسلمٍ محافظٍ على الصلاة، يحضُرُ المسجد في الساعة الأولى، لا تميّزُهُ في الظاهرِ عن المؤمنين، يمشي كمشيِ الصَّالحين من الرَفاق،
 ولكنَّهُ خلفَ الأسوارِ وتحتَ الأنفاق،  ينزِعُ القناعَ لتتنفَّسُ نفسُهُ الحقيقيَّة،
فإذا بهِ قد اعتادَ في السِّرِّ تقليبَ البصرِ في القنوات المُحرَّمة ..!!

= وآخرُ اعتادَ الوُقوعَ في الفاحشة، رُبَّما مع جارةٍ أو قريبة، ولا أحدَ يعلمُ حالَهُم ولا حقيقتَهم،
 ثمَّ العجيبُ أنَّهُ إذا سمعَ النّداءَ اغتسلَ ولم يُفرّط في الصفّ الأوَّل في الصلاة!.
يَخْرُجُ إلى النَّاس يُزيِّنُ لهم حالهُ، ويُظهرُ لهم حُسنَ فِعالِه!

= وآخر موظف يقيم صلاته ، ويحضر الجمع ،
ولكنه يخون أمانة العمل ..!!

= وآخر تاجر عليه سمات الدين ، ولكنه إذا سمحت له الفرصة بعيداً عن الناس يغش في تجارته أو يبخس في ميزانه ..او يحتكر في سلعاته..
وهكذا.. أمثالهم كثير من الناس من الذين  إذا سمحت لهم الفرصة بمحارم الله انتهكوها .

ايها الاحباب الكرام :
 يعلمُ اللهُ تعالى أنَّنا لا نريدُ جرحَ مشاعرِ النَّاس، ولا قراءةَ النَّوايا ولا توزيعَ الاتّهامات،
إنَّما هو الخوفُ على من ذاقَ طعمَ الصلاحِ وعرفَ طريقهُ أن يتلاعبَ بهِ الشيطان، وتتقاذفُهُ الأهواءُ إلى حيثُ لا ينفعُهُ النَّدم.

واللهِ يكفي الواحدَ منَّا أن يستحضرَ ساعةَ احتضارِهِ، ولحظةِ خُروجِ روحه،
 يستحضرُ ذلك بين عينيه،
تلكَ اللحظةُ العظيمةُ التي يكشفُ فيها اللهُ الحقائقَ على الوُجوه، يومَ تبيضُّ وُجوهٌ وتبتسم،
وتسودُّ وُجوهٌ وتكفهر..!
فالحذرَ الحذرَ أن نكونَ ممَّن تسوَدُّ وُجوهُهُم عند خروج الرُّوح، والنَّاسُ في دهشة من ذلك،
قال الإمام ابن رجب -رحمه الله-:
"غالب حوادث سوء الخاتمة يكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت" ..

- اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياه الدنيا
وفي الاخره ..

-اللهم اعصمنا من الزيغ والضلاله ومن الغوايه بعد الهدايه ومن الفساد بعد الصلاه..

- اللهم لا تتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين ، محسنين لا مسيئين ..

- اللهم لا تفضحنا يوم العرض عليك يوم لامحيا ومنجا ولا ملتجأ منك إلا إليك ..

- اللهم لا تخزنا يوم يبعثون ، يوم لاينفعُ مالٌ ولابنون إلاّ من اتى الله بقلبٍ سليم .

- اللهم اجعل سرنا خيراً من علانيتنا، واجعل ظواهرنا صالحة.

- اللهم اجعل عملنا صالحاً ولوجهك خالصاً ولاتجعل لأحدٍ منه شيئاً ياسميع الدعاء ..

- اللهم طهر أعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانه ..

- اللهم لا تجعلنا من الخاسرين اعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً ..
- اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا بفضلك ومنّك وكرمك رمضان يا كريم يارحيم ياغفار..

- اللهم حبب إلينا الإيمان، وزيّنه في قلوبنا،
وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.

ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
 وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
-----------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالديّ
كماهي لوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...