🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
دروس من مدرسه الصيام [ 2 ]
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في 25 مايو 2018 م
الموافق 9 رمضان 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
عشنا في الجمعه الماضيه مع بعضٍ من دروس مدرسه الصيام رمضان ...
درس تحقيق التقوى - ودرس قوه الاراده -
ودرس العبوديه والامتثال لأمر الله جل وعلا
ودرس الدقه في المواعيد واهميه الوقت
ودرس الرحمه والإحساس بآلآم الآخرين ...
ولازال للحديث بقيه لنتحدث مجدداً عن دروس نتعلمها من مدرسه الصيام...
<< فمن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ التغيير }}
الانتقال من حالٍ إلى حال ، ومن مقام إلى مقام ،
ومن منزلة إلى منزلة ، من مستوى إلى مستوى اخر ..!!
نعم ضيوف مسجد بلال بن رباح :
لدى الجميع جدول طوال السنه :
" الاستيقاظ ، الإفطار ، الغداء ، القيلوله ، الجلوس والراحه ، العشاء ، النوم .........."
هذا جدول اغلب الناس ...!!
رمضان يأتي ليعمل عمليه تغيير لهذا الجدول ويُحدث عمليه هيكله جديدة بنظام جديد لنمط الحياه..!
فأنت تُغير جدولك ، والتاجر يُغيّر الدوام ،
والموظف يُغيّر الدوام ، والعامل يُغيّر الدوام...!
ثلاثين يوم يتغيّر عندك كل شيء..!
يتغير وقت الطعام ، الشراب ، النوم ، العمل
وهذا التغيير يخلُق النشاط ويخلق الحيويه
هذا إيحاءٌ من الله للامه بأنّ السير على نمطٍ واحد قد لا يُجدي ولا يفيد ولاينفع .)
+ والحياة مبنيه على التغيير فهي :
" ليلٌ ونهار وشمسٌ وقمر وصباح ومساء ، وشتاء وصيف وخريف وربيع " .!
+ وحياة الانسان كذلك متغيره :
" طفولةٌ وشباب وشيخوخه وكِبَرْ وصحه ومرض وغنىً وفقر وعزٌ وذل ..." !
+ والزراعة كذلك متغيره :
" صغيرةٌ ثم مثمره ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ..."!
+ والرياح كذلك متغيره :
" جنوبيه وشرقيه وشمالية وغربيه .."!
وهكذا اخوتي الكرام
الحياة كلها وبمدلولها متغيره والكون كله وبمدلوله متغير ..
وينبغي على المسلم ان يتابع هذه التطورات ويواكب هذه التغيّرات ويُغيّر من نمطه ويغير من سلوكه ويغير من تصرفاته ويغير من تعاملاته
لكن ..! يُغيّر للأفضل لا الى الأسوأ .!
يغير للبناء لا الى الهدم .!
يُغيّر للخير لا الى الشر .!
يُغيّر الى الإيجابية لا الى السلبيه .!
- فإذا كنت مع مجموعه من الاصدقاء الفاسدين الطالحين .. غيّرهم بأصدقاء صالحين ..!
- اذا كنت في بيت يقع في منطقه فاسده ..
فأنتقل الى بيت ومنطقه صالحه..!
- واذا كنت في وظيفة سيئه محرمه ..
فأنتقل الى وظيفه اخرى طيبه نزيهه..!
- اذا كنت تأكل الحرام .. فانتقل الى المال الحلال.!
- اذا كنت تجلس مجالس الغيبه والنميمة والفجور
فانتقل الى مجالس العلم والذكر والموعظه..!
- اذا كنت تسمع الغناء وكل محرم .. فانتقل لسماع آيات القرآن وما يقربك من الرحمن ..!
نعم اخي الحبيب :
اذا كنت متعود عادات سيئه فتعوّد عادات حميده
فإذا كنت لاتصلي في المسجد فتعوّد ان تصلي في المسجد جماعه مع المسلمين.!
واذا كنت لاتصل الرحم .. فتعوّد ان تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك .!
تعوّد هذه العادات الحميده فرمضان شهر التغيير والترويض ..
رمضان مدرسه تعلمنا كيف نستطيع التغلب على عاداتنا ..!
وكم من عادات جرّت الى النار .!
كم من عادات أبعدت كثيراً من الناس عن الله
كم من عادات منعت من طاعات
كم من عادات منعت كثير من حضور صلوات وقربات وعبادات ومجالس ذكر وعلم ..!
نعم أحبتي :
بعض الناس لايستطيع ان يحضر محاضره .!
لايستطيع ان يحضر درس في المسجد .!
لايستطيع ان يجلس بين المغرب والعشاء في المسجد .!
لايستطيع ان يخرج رحله مع أصدقاءه او أناس صالحين من حارته ومنطقته .!
لايستطيع ان يعتكف او ينام في المسجد .!
لايستطيع ان يشارك في نشاط خيري او دعوي.!
لا يستطيع لا يستطيع لانه اسير لشهوته ولذته ومتعته ،لانه أسير عاده ، لانه مقيد ومكبل بعاداته التى تعود عليها حتى شبّ عليها..!
ولهذا رمضان يأتي ليفك عنك هذه العادات التى قيدتك وكبلتك عن طاعه الله وعبادته ومشاركه الناس همومهم وقضاياهم والجلوس معهم .!
رمضان يعمل لك عمليه ترويض ، عمليه تغيير
عمليه جراحيه نبويه ربانيه لتنتقل من حالٍ الى حال ومن مستوى الى مستوى ومن مقام الى مقام ومن منزله الى منزله اخرى ..!
وصدق الله القائل :
" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]
<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ ان ترك الطعام والشراب يُعَرّفك من أنت ؟ }}
أنت عبْدٌ فقير .!
مفتقر إلى لقْمةٍ تأكلها ، وإلى شرْبة ماءٍ تشربها ، هذا كلّ حجمك عند الله عزوجل .!
قد يكون الإنسان في أوْج شبابه .!
قد يكون غنيًّا ، قد يكون قويًّا ، وقد يكون عظيمًا في نظر الناس .!
ولكن ترْك الطّعام والشراب يعرّفه بِحَجمه الحقيقيّ
ووُجود الإنسان ليس ذاتيًا !
انما وُجود الإنسان مُتعلّق بما يأتيه من خارجه من طعام أو شراب ....
فلو امتنعَ عن الطّعام والشراب لأحسّ بالجوع ، ولشعرَ بالضعف ، ولشعر بانْحِطاط في جسمه وشوْقٍ إلى الطعام عجيب .!
هذا هو الإنسان عبدٌ ضعيف.
فكلّما عرفْت نفسكَ اقتربت من معرفة ربّك .!
كلّما عرفْت حجْم عُبوديتك لله عزوجل ازدادت معرفتك لربِّك .!
وهذا الذي يقول أنا وأنا ، وحيثما تكلّم يقول :
أنا أنا !! انت من أنت ؟!
أنت مَخلوق قد تبيعُ كلّ ملْكِكَ بِكَأسِ ماءٍ إذا مُنِعَ عنك .!
وقد تبيعُ كلّ مُلْكِكَ بهذا الكأس إذا منِعَ إخراجهُ منك .!
فأنت مفتقر إلى كأس الماء تشربُه .!
ومفتقر إلى هذا الماء تفرزهُ .!
ومفتقر إلى لقمة تسدّ بها رمقك .!
ومفتقر إلى لقمةٍ تخرجُ بِشَكلٍ صحيح . !
فأنت بعبوديّتك لله عزوجل شيءٌ عظيم .!
وبتكبرك على الله عزوجل شيءٌ حقير ..!
فإذا كان هذا مقدارك ! وهذا وزنك .!
وهذه قيمتك !..
فلماذا التكبر على خلق الله؟؟.!
ولماذا التعالي على عباد الله ؟؟
لماذا كلمه انا .. وعندي ... ونحن .. ولي ..
احبابي الكرام :
أربع كلمات مهلكات في اربع ايات من كتاب الله:
(( انا - عندي - نحن - لي ))
= ف " أنا " مهلكه وقالها ابليس في كتاب الله :
(( قال انا خير منه خلقتني ..
فطرده الله من ملكوته وبدله بالقرب بعداً وبالجنه ناراً تلظي ...
= " وعندي " مهلكه وقالها قارون في قول الله :
﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِن الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
[سورة القصص : 78]
فخسف الله به وبداره الارض فما كان له من فئهٍ ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين .
= و " نحن " مهلكه وقالها قوم سبأ في قول الله :
(( قالوا نحن اولو قوه وأولو بأسٍ شديد ))
فأهلكهم الله ...
= و " لي " مهلكه وقالها فرعون في قول الله :
﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾[سورة الزخرف : 51]
فأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدر وجعله أيهً للسائلين وعبرهً للمعتبرين وعظه للمتعظين الى قيام الساعه.
إذًا بالصّيام تعرفُ حجْمك الحقيقيّ ..!
تعرف عبوديتك لله عزوجل ، وتعرف افتقارك له .!
<< ومن دروس مدرسه الصيام وما يجنيه الصائمون في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك:
{{ تعويد النفس وحملها على الصبر }}
ولذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر في أكثر من حديث ، منها ما رواه الإمام أحمد من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ)) ..
وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ )) ...
ففي هذه الأحاديث وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بأنه شهر الصبر وذلك لأن رمضان يجتمع فيه أنواع الصبر كلها :
الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصيته ، والصبر على أقدار الله المؤلمة .!
– فرمضان فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه تلاوة القرآن ، وفيه البر والإحسان والجود والكرم وإطعام الطعام والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات ، وهي تحتاج إلى صبر ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها .
– وفيه كفّ اللسان عن الكذب والغش واللغو والسب والشتم والصخب والجدال والغيبة والنميمة ومنع بقية الجوارح عن اقتراف جميع المعاصي ، وهذا يكون في رمضان وفي غيره ، والبعد عن هذه المعاصي يحتاج إلى صبر حتى يستطيع العبد حفظ نفسه عن الوقوع فيها .
– ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تستطيع النفس إلا بالصبر . فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها .
نعم أحبتي الكرام :
إن الصائم المحتسب يفيد دروساً جمة في الصبر من جراء صيامه.!
فهو يدع الطعام والشراب والشهوة حال صيامه, فيفيد درساً عظيماً في الصبر, حيث يتعود فطم نفسه عن شهواتها وغيها.
والصائم المحتسب إذا أوذي أو شتم لا يغضب, ولا يقابل الإساءة بمثلها, ولا تضطرب نفسه, فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه :
افعل ما شئت فقد عاهدت ربي بصومي على أن أحفظ لساني وجوارحي, فكيف أخيس بالعهد,
أو أسيء إليك كما أسأت إلي, قال تعالى:
{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ…} [المائدة:28].
والصائم المحتسب لا يثور لأتفه الأسباب كحال لم يتسلحوا بالصبر, ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان, فيخرجون عن طورهم, وتثور نفوسهم, وتضطرب أعصابهم .!
إنّما الصائم المحتسب تراه هادئ النفس, ساكن الجوارح, رضي القلب.
والصائم المحتسب يطرد روح الملل, لأن صيامه لله وصبره بالله, وجزاءه على الله.
والأمة الصائمة المحتسبة تتعلم الانضباط الصبر على النظام, والتحرير من أسر العادات.
وهكذا يتبين لنا أثر الصيام في اكتساب خلق الصبر, فإذا تحلى الإنسان به كان جديراً بأن يفلح في حياته, وأن يقدم الخير العميم لأمته, ويترك فيها الأثر الكبير. وإن عطل من الصبر فما أسرع خوره, وما أقل أثره ..!
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويا فوز المستغفرين ..
الخطبه الثانيه :
ثم أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ انّ الصيام دعوةٌ لوحدة المسلمين }}
هأنتم جميعاً بمختلف الأحزاب والمكونات والقبائل والألوان والأجناس ، والعالم الاسلامي والعربي كله بمختلف لغاته وبلدانه وحكوماته وأحزابه كلهم يعلنون الصيام لله مع اختلاف الحدود المصطنعه لكنهم يتجاوزون هذا .!
ومهما اختلف المسلمون ومهما تقاتل المسلمون إلاّ أنّ لهم دينٌ في لحظه من اللحظات يعمل على توحيدهم ! يعمل على جمعهم !
يعمل على رص صفوفهم ! يعمل على لم شتاتهم !
" وإنّ هذه أمتكم امةً واحده وانا ربكم فاتقون"
هذا يعلمنا الوحده.. يعلمنا كيف نتحد..
يعلمنا كيف نتعاضد..
هانحن اليوم يا كرام
صياماً جميعاً بدون تعميم من الأحزاب ،
وبدون أمر تنظيمي ، وبدون أمر حكومي ..!
نحن مأمورون بأمر الله فاطر السموات والارض
نحن مأمورون بأمر الواحد الاحد عالم الغيب والشهاده .!
المسلم اخاه في روسيا في بريطانيا في هولندا في ألمانيا في الصين في كوريا في الهند في افريقيا في الفلبين في كل أسقاع الارض
ينتظر هلال رمضان ليعلن الإمساك عن الطعام والشراب وليعلن الصيام لله رب العالمين.!
وسواءً كان عربياً او اجنبياً او اعجمياً
اياً كانت وجهته فهو مسلم يعلن وحده المسلمين.!
فيعلمنا الصيام كيف نتحد وكيف نتفق..!
عند الغروب ننتظر متى تغرب الشمس لنفطر جميعاً في وقتٍ واحد وآن واحد ولحظهٍ واحده
لا يتقدم احدٌ على احد ، ولايمكن ان يخالف احدٌ احد ..!
وفي الأسحار ننتظر طلوع الفجر لنعلن الإمساك عن الطعام والشراب حتى نصوم ، لايمكن ان يتقدم احدٌ على احد ..!
فنصوم في زمن ونفطر في زمن .!
نجوع معاً ونأكل معاً ألفهً ومحبةً وإخاء ..!
ألا يكفي هذا لنتوحد ونوحد صفوفنا وكلمتنا ونلم شتاتنا ونرأب صدعنا ونتجاوز خلافاتنا .!
إن أعدائنا انما غلبونا بوحدتهم واتحادهم ..
فماذا يطلق على اسمائم !!..
" الاتحاد الأوربي ، والأمم المتحده ، والولايات المتحده الامريكية وليس الدول المختلفه او الولايات المتفرقه ..!
انما الولايات المتحده الامريكية ٥٢ ولايه
يعنى ٥٢ دوله .....!!!!
يقودها فرد ويحكمها فرد ويدير شُئْونها فرد
واذا انتهت ولايته أتي الذي يليه بلا خلافات
او منازعات او اغتيالات او إقتتال او حروب
او انقلابات ...
ولذلكم
٥٢ ولايه يقودها فرد واحد ...!
ألم يكن يحكمنا في الزمن الماضي والمشرق فرد
ويدير شئون العباد والرعية فرد ويتحمل مسؤليتهم فرد فيقول :
لو عثرت بغلهٌ في العراق لسألني الله عنها .
إنّ التأريخ يكرر نفسه ... ولكن .!
صفحهٌ من نور وصفحةٌ من نار .!
صفحهٌ من ضياء وصفحةٌ من ظلامٍ اسود..
فهؤلاء انتصروا علينا لانهم اخذوا بأسباب البناء وبأسباب النصر وبأسباب القوه والعزه والسيادة والتمكين ومن أسبابها واعظمها :
( وحدة الصف ووحده الكلمه )
وسنن الله لا تجامل ولاتحابي احداً من خلق الله
وليس بين الله وبين احد صلةٌ ولا قرابه ..!
"من أطاعني دخل الجنه ومن عصاني فقد غوى"
"من عصاني وهو يعرفني سلطت عليه من لايعرفني ".
- فألارض تُزرع وتُنبت لمن يحرثها ويسقيها ويرعاها ويتعهدها ولو كان الساقي كافرا .!!
- والمعادن تخرج لمن يُنقب ويُصلّح ويفكر ويهندس ويبتكر ..!
- والمال يُجنى والرزق يصل لمن يخرج ويسعى ويعمل ويكد ويتعب ويعرق ..!
- والتعلّم يأتي لمن يؤلف ويكتب ويُدرّس ويجد ويجتهد ويستخدم كافه التقنيات ..!
ما يأتي العلم بالكلام ، ولا يأتي الطعام باللهو
ولا يأتي بفضفضة الأقوال والمهرجانات .!
فنحن بحاجه إلى ان نأخذ من مدرسه رمضان درس الوحده ، فنتوحد لننتصر على عدونا..!
يكفينا خصومات ، يكفينا عداوات ..!
يكفينا أحقاد ، يكفينا تمزق واختلاف وتشرذم وتفرق وضياع ، على مستوى الاسره الواحده والقبيلة الواحده والبيت الواحد والحزب الواحد والبلد الواحد ، والله يقول :
" وإنّ هذه أمتكم أمةً واحده وانا ربكم فاعبدون "
نقول الله اكبر ونقرأ كتاب واحد ، ونؤمن برسول واحد ، ونصلي لرب واحد ، ونتوجه لقبله واحده!
نصوم رمضان ، نحج البيت ، نشهد ان لا اله الا الله .!
نتحدث اللغه العربيه ، يعرف بعضُنا بعضاً تأريخاً وحضارةً وعقيدةً وديناً ولغةً وجنساً وعرقاً.!
فلماذا لا نتوحد ولماذا لايتوحد المسلمون والله جل وعلا يقول :
" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا .."
اللهم اجمع كلمتنا ووحد صفنا ولمّ شتاتنا وألفّ بين قلوبنا ..!
اللهم اجعلنا في هذا الشهر الكريم من المقبولين وفي اعلى جنانك من السابقين وخفف ظهورنا من كل وزرٍ ثقيل وتقبل يسير اعمالنا فإنك تقبل العمل القليل..
اللهم ارزقنا الاستقامة في كل الأزمان ، في رمضان وفي غير رمضان ..
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا لاعلينا
اجعله شاهداً لنا بالخيرات والطاعات لا بالمعاصي والسيئات ....
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
دروس من مدرسه الصيام [ 2 ]
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في 25 مايو 2018 م
الموافق 9 رمضان 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
عشنا في الجمعه الماضيه مع بعضٍ من دروس مدرسه الصيام رمضان ...
درس تحقيق التقوى - ودرس قوه الاراده -
ودرس العبوديه والامتثال لأمر الله جل وعلا
ودرس الدقه في المواعيد واهميه الوقت
ودرس الرحمه والإحساس بآلآم الآخرين ...
ولازال للحديث بقيه لنتحدث مجدداً عن دروس نتعلمها من مدرسه الصيام...
<< فمن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ التغيير }}
الانتقال من حالٍ إلى حال ، ومن مقام إلى مقام ،
ومن منزلة إلى منزلة ، من مستوى إلى مستوى اخر ..!!
نعم ضيوف مسجد بلال بن رباح :
لدى الجميع جدول طوال السنه :
" الاستيقاظ ، الإفطار ، الغداء ، القيلوله ، الجلوس والراحه ، العشاء ، النوم .........."
هذا جدول اغلب الناس ...!!
رمضان يأتي ليعمل عمليه تغيير لهذا الجدول ويُحدث عمليه هيكله جديدة بنظام جديد لنمط الحياه..!
فأنت تُغير جدولك ، والتاجر يُغيّر الدوام ،
والموظف يُغيّر الدوام ، والعامل يُغيّر الدوام...!
ثلاثين يوم يتغيّر عندك كل شيء..!
يتغير وقت الطعام ، الشراب ، النوم ، العمل
وهذا التغيير يخلُق النشاط ويخلق الحيويه
هذا إيحاءٌ من الله للامه بأنّ السير على نمطٍ واحد قد لا يُجدي ولا يفيد ولاينفع .)
+ والحياة مبنيه على التغيير فهي :
" ليلٌ ونهار وشمسٌ وقمر وصباح ومساء ، وشتاء وصيف وخريف وربيع " .!
+ وحياة الانسان كذلك متغيره :
" طفولةٌ وشباب وشيخوخه وكِبَرْ وصحه ومرض وغنىً وفقر وعزٌ وذل ..." !
+ والزراعة كذلك متغيره :
" صغيرةٌ ثم مثمره ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ..."!
+ والرياح كذلك متغيره :
" جنوبيه وشرقيه وشمالية وغربيه .."!
وهكذا اخوتي الكرام
الحياة كلها وبمدلولها متغيره والكون كله وبمدلوله متغير ..
وينبغي على المسلم ان يتابع هذه التطورات ويواكب هذه التغيّرات ويُغيّر من نمطه ويغير من سلوكه ويغير من تصرفاته ويغير من تعاملاته
لكن ..! يُغيّر للأفضل لا الى الأسوأ .!
يغير للبناء لا الى الهدم .!
يُغيّر للخير لا الى الشر .!
يُغيّر الى الإيجابية لا الى السلبيه .!
- فإذا كنت مع مجموعه من الاصدقاء الفاسدين الطالحين .. غيّرهم بأصدقاء صالحين ..!
- اذا كنت في بيت يقع في منطقه فاسده ..
فأنتقل الى بيت ومنطقه صالحه..!
- واذا كنت في وظيفة سيئه محرمه ..
فأنتقل الى وظيفه اخرى طيبه نزيهه..!
- اذا كنت تأكل الحرام .. فانتقل الى المال الحلال.!
- اذا كنت تجلس مجالس الغيبه والنميمة والفجور
فانتقل الى مجالس العلم والذكر والموعظه..!
- اذا كنت تسمع الغناء وكل محرم .. فانتقل لسماع آيات القرآن وما يقربك من الرحمن ..!
نعم اخي الحبيب :
اذا كنت متعود عادات سيئه فتعوّد عادات حميده
فإذا كنت لاتصلي في المسجد فتعوّد ان تصلي في المسجد جماعه مع المسلمين.!
واذا كنت لاتصل الرحم .. فتعوّد ان تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك .!
تعوّد هذه العادات الحميده فرمضان شهر التغيير والترويض ..
رمضان مدرسه تعلمنا كيف نستطيع التغلب على عاداتنا ..!
وكم من عادات جرّت الى النار .!
كم من عادات أبعدت كثيراً من الناس عن الله
كم من عادات منعت من طاعات
كم من عادات منعت كثير من حضور صلوات وقربات وعبادات ومجالس ذكر وعلم ..!
نعم أحبتي :
بعض الناس لايستطيع ان يحضر محاضره .!
لايستطيع ان يحضر درس في المسجد .!
لايستطيع ان يجلس بين المغرب والعشاء في المسجد .!
لايستطيع ان يخرج رحله مع أصدقاءه او أناس صالحين من حارته ومنطقته .!
لايستطيع ان يعتكف او ينام في المسجد .!
لايستطيع ان يشارك في نشاط خيري او دعوي.!
لا يستطيع لا يستطيع لانه اسير لشهوته ولذته ومتعته ،لانه أسير عاده ، لانه مقيد ومكبل بعاداته التى تعود عليها حتى شبّ عليها..!
ولهذا رمضان يأتي ليفك عنك هذه العادات التى قيدتك وكبلتك عن طاعه الله وعبادته ومشاركه الناس همومهم وقضاياهم والجلوس معهم .!
رمضان يعمل لك عمليه ترويض ، عمليه تغيير
عمليه جراحيه نبويه ربانيه لتنتقل من حالٍ الى حال ومن مستوى الى مستوى ومن مقام الى مقام ومن منزله الى منزله اخرى ..!
وصدق الله القائل :
" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]
<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ ان ترك الطعام والشراب يُعَرّفك من أنت ؟ }}
أنت عبْدٌ فقير .!
مفتقر إلى لقْمةٍ تأكلها ، وإلى شرْبة ماءٍ تشربها ، هذا كلّ حجمك عند الله عزوجل .!
قد يكون الإنسان في أوْج شبابه .!
قد يكون غنيًّا ، قد يكون قويًّا ، وقد يكون عظيمًا في نظر الناس .!
ولكن ترْك الطّعام والشراب يعرّفه بِحَجمه الحقيقيّ
ووُجود الإنسان ليس ذاتيًا !
انما وُجود الإنسان مُتعلّق بما يأتيه من خارجه من طعام أو شراب ....
فلو امتنعَ عن الطّعام والشراب لأحسّ بالجوع ، ولشعرَ بالضعف ، ولشعر بانْحِطاط في جسمه وشوْقٍ إلى الطعام عجيب .!
هذا هو الإنسان عبدٌ ضعيف.
فكلّما عرفْت نفسكَ اقتربت من معرفة ربّك .!
كلّما عرفْت حجْم عُبوديتك لله عزوجل ازدادت معرفتك لربِّك .!
وهذا الذي يقول أنا وأنا ، وحيثما تكلّم يقول :
أنا أنا !! انت من أنت ؟!
أنت مَخلوق قد تبيعُ كلّ ملْكِكَ بِكَأسِ ماءٍ إذا مُنِعَ عنك .!
وقد تبيعُ كلّ مُلْكِكَ بهذا الكأس إذا منِعَ إخراجهُ منك .!
فأنت مفتقر إلى كأس الماء تشربُه .!
ومفتقر إلى هذا الماء تفرزهُ .!
ومفتقر إلى لقمة تسدّ بها رمقك .!
ومفتقر إلى لقمةٍ تخرجُ بِشَكلٍ صحيح . !
فأنت بعبوديّتك لله عزوجل شيءٌ عظيم .!
وبتكبرك على الله عزوجل شيءٌ حقير ..!
فإذا كان هذا مقدارك ! وهذا وزنك .!
وهذه قيمتك !..
فلماذا التكبر على خلق الله؟؟.!
ولماذا التعالي على عباد الله ؟؟
لماذا كلمه انا .. وعندي ... ونحن .. ولي ..
احبابي الكرام :
أربع كلمات مهلكات في اربع ايات من كتاب الله:
(( انا - عندي - نحن - لي ))
= ف " أنا " مهلكه وقالها ابليس في كتاب الله :
(( قال انا خير منه خلقتني ..
فطرده الله من ملكوته وبدله بالقرب بعداً وبالجنه ناراً تلظي ...
= " وعندي " مهلكه وقالها قارون في قول الله :
﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِن الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾
[سورة القصص : 78]
فخسف الله به وبداره الارض فما كان له من فئهٍ ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين .
= و " نحن " مهلكه وقالها قوم سبأ في قول الله :
(( قالوا نحن اولو قوه وأولو بأسٍ شديد ))
فأهلكهم الله ...
= و " لي " مهلكه وقالها فرعون في قول الله :
﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾[سورة الزخرف : 51]
فأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدر وجعله أيهً للسائلين وعبرهً للمعتبرين وعظه للمتعظين الى قيام الساعه.
إذًا بالصّيام تعرفُ حجْمك الحقيقيّ ..!
تعرف عبوديتك لله عزوجل ، وتعرف افتقارك له .!
<< ومن دروس مدرسه الصيام وما يجنيه الصائمون في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك:
{{ تعويد النفس وحملها على الصبر }}
ولذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر في أكثر من حديث ، منها ما رواه الإمام أحمد من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ)) ..
وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ )) ...
ففي هذه الأحاديث وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بأنه شهر الصبر وذلك لأن رمضان يجتمع فيه أنواع الصبر كلها :
الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصيته ، والصبر على أقدار الله المؤلمة .!
– فرمضان فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه تلاوة القرآن ، وفيه البر والإحسان والجود والكرم وإطعام الطعام والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات ، وهي تحتاج إلى صبر ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها .
– وفيه كفّ اللسان عن الكذب والغش واللغو والسب والشتم والصخب والجدال والغيبة والنميمة ومنع بقية الجوارح عن اقتراف جميع المعاصي ، وهذا يكون في رمضان وفي غيره ، والبعد عن هذه المعاصي يحتاج إلى صبر حتى يستطيع العبد حفظ نفسه عن الوقوع فيها .
– ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تستطيع النفس إلا بالصبر . فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها .
نعم أحبتي الكرام :
إن الصائم المحتسب يفيد دروساً جمة في الصبر من جراء صيامه.!
فهو يدع الطعام والشراب والشهوة حال صيامه, فيفيد درساً عظيماً في الصبر, حيث يتعود فطم نفسه عن شهواتها وغيها.
والصائم المحتسب إذا أوذي أو شتم لا يغضب, ولا يقابل الإساءة بمثلها, ولا تضطرب نفسه, فكأنه بذلك يقول لمن أساء إليه :
افعل ما شئت فقد عاهدت ربي بصومي على أن أحفظ لساني وجوارحي, فكيف أخيس بالعهد,
أو أسيء إليك كما أسأت إلي, قال تعالى:
{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ…} [المائدة:28].
والصائم المحتسب لا يثور لأتفه الأسباب كحال لم يتسلحوا بالصبر, ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان, فيخرجون عن طورهم, وتثور نفوسهم, وتضطرب أعصابهم .!
إنّما الصائم المحتسب تراه هادئ النفس, ساكن الجوارح, رضي القلب.
والصائم المحتسب يطرد روح الملل, لأن صيامه لله وصبره بالله, وجزاءه على الله.
والأمة الصائمة المحتسبة تتعلم الانضباط الصبر على النظام, والتحرير من أسر العادات.
وهكذا يتبين لنا أثر الصيام في اكتساب خلق الصبر, فإذا تحلى الإنسان به كان جديراً بأن يفلح في حياته, وأن يقدم الخير العميم لأمته, ويترك فيها الأثر الكبير. وإن عطل من الصبر فما أسرع خوره, وما أقل أثره ..!
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويا فوز المستغفرين ..
الخطبه الثانيه :
ثم أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
<< ومن الدروس التى تُعَلِّمُنا مدرسه الصيام :
{{ انّ الصيام دعوةٌ لوحدة المسلمين }}
هأنتم جميعاً بمختلف الأحزاب والمكونات والقبائل والألوان والأجناس ، والعالم الاسلامي والعربي كله بمختلف لغاته وبلدانه وحكوماته وأحزابه كلهم يعلنون الصيام لله مع اختلاف الحدود المصطنعه لكنهم يتجاوزون هذا .!
ومهما اختلف المسلمون ومهما تقاتل المسلمون إلاّ أنّ لهم دينٌ في لحظه من اللحظات يعمل على توحيدهم ! يعمل على جمعهم !
يعمل على رص صفوفهم ! يعمل على لم شتاتهم !
" وإنّ هذه أمتكم امةً واحده وانا ربكم فاتقون"
هذا يعلمنا الوحده.. يعلمنا كيف نتحد..
يعلمنا كيف نتعاضد..
هانحن اليوم يا كرام
صياماً جميعاً بدون تعميم من الأحزاب ،
وبدون أمر تنظيمي ، وبدون أمر حكومي ..!
نحن مأمورون بأمر الله فاطر السموات والارض
نحن مأمورون بأمر الواحد الاحد عالم الغيب والشهاده .!
المسلم اخاه في روسيا في بريطانيا في هولندا في ألمانيا في الصين في كوريا في الهند في افريقيا في الفلبين في كل أسقاع الارض
ينتظر هلال رمضان ليعلن الإمساك عن الطعام والشراب وليعلن الصيام لله رب العالمين.!
وسواءً كان عربياً او اجنبياً او اعجمياً
اياً كانت وجهته فهو مسلم يعلن وحده المسلمين.!
فيعلمنا الصيام كيف نتحد وكيف نتفق..!
عند الغروب ننتظر متى تغرب الشمس لنفطر جميعاً في وقتٍ واحد وآن واحد ولحظهٍ واحده
لا يتقدم احدٌ على احد ، ولايمكن ان يخالف احدٌ احد ..!
وفي الأسحار ننتظر طلوع الفجر لنعلن الإمساك عن الطعام والشراب حتى نصوم ، لايمكن ان يتقدم احدٌ على احد ..!
فنصوم في زمن ونفطر في زمن .!
نجوع معاً ونأكل معاً ألفهً ومحبةً وإخاء ..!
ألا يكفي هذا لنتوحد ونوحد صفوفنا وكلمتنا ونلم شتاتنا ونرأب صدعنا ونتجاوز خلافاتنا .!
إن أعدائنا انما غلبونا بوحدتهم واتحادهم ..
فماذا يطلق على اسمائم !!..
" الاتحاد الأوربي ، والأمم المتحده ، والولايات المتحده الامريكية وليس الدول المختلفه او الولايات المتفرقه ..!
انما الولايات المتحده الامريكية ٥٢ ولايه
يعنى ٥٢ دوله .....!!!!
يقودها فرد ويحكمها فرد ويدير شُئْونها فرد
واذا انتهت ولايته أتي الذي يليه بلا خلافات
او منازعات او اغتيالات او إقتتال او حروب
او انقلابات ...
ولذلكم
٥٢ ولايه يقودها فرد واحد ...!
ألم يكن يحكمنا في الزمن الماضي والمشرق فرد
ويدير شئون العباد والرعية فرد ويتحمل مسؤليتهم فرد فيقول :
لو عثرت بغلهٌ في العراق لسألني الله عنها .
إنّ التأريخ يكرر نفسه ... ولكن .!
صفحهٌ من نور وصفحةٌ من نار .!
صفحهٌ من ضياء وصفحةٌ من ظلامٍ اسود..
فهؤلاء انتصروا علينا لانهم اخذوا بأسباب البناء وبأسباب النصر وبأسباب القوه والعزه والسيادة والتمكين ومن أسبابها واعظمها :
( وحدة الصف ووحده الكلمه )
وسنن الله لا تجامل ولاتحابي احداً من خلق الله
وليس بين الله وبين احد صلةٌ ولا قرابه ..!
"من أطاعني دخل الجنه ومن عصاني فقد غوى"
"من عصاني وهو يعرفني سلطت عليه من لايعرفني ".
- فألارض تُزرع وتُنبت لمن يحرثها ويسقيها ويرعاها ويتعهدها ولو كان الساقي كافرا .!!
- والمعادن تخرج لمن يُنقب ويُصلّح ويفكر ويهندس ويبتكر ..!
- والمال يُجنى والرزق يصل لمن يخرج ويسعى ويعمل ويكد ويتعب ويعرق ..!
- والتعلّم يأتي لمن يؤلف ويكتب ويُدرّس ويجد ويجتهد ويستخدم كافه التقنيات ..!
ما يأتي العلم بالكلام ، ولا يأتي الطعام باللهو
ولا يأتي بفضفضة الأقوال والمهرجانات .!
فنحن بحاجه إلى ان نأخذ من مدرسه رمضان درس الوحده ، فنتوحد لننتصر على عدونا..!
يكفينا خصومات ، يكفينا عداوات ..!
يكفينا أحقاد ، يكفينا تمزق واختلاف وتشرذم وتفرق وضياع ، على مستوى الاسره الواحده والقبيلة الواحده والبيت الواحد والحزب الواحد والبلد الواحد ، والله يقول :
" وإنّ هذه أمتكم أمةً واحده وانا ربكم فاعبدون "
نقول الله اكبر ونقرأ كتاب واحد ، ونؤمن برسول واحد ، ونصلي لرب واحد ، ونتوجه لقبله واحده!
نصوم رمضان ، نحج البيت ، نشهد ان لا اله الا الله .!
نتحدث اللغه العربيه ، يعرف بعضُنا بعضاً تأريخاً وحضارةً وعقيدةً وديناً ولغةً وجنساً وعرقاً.!
فلماذا لا نتوحد ولماذا لايتوحد المسلمون والله جل وعلا يقول :
" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا .."
اللهم اجمع كلمتنا ووحد صفنا ولمّ شتاتنا وألفّ بين قلوبنا ..!
اللهم اجعلنا في هذا الشهر الكريم من المقبولين وفي اعلى جنانك من السابقين وخفف ظهورنا من كل وزرٍ ثقيل وتقبل يسير اعمالنا فإنك تقبل العمل القليل..
اللهم ارزقنا الاستقامة في كل الأزمان ، في رمضان وفي غير رمضان ..
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا لاعلينا
اجعله شاهداً لنا بالخيرات والطاعات لا بالمعاصي والسيئات ....
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------