🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان.
فضل ليله النصف من شعبان
( استعد لرمضان بلا خصام وشحناء )
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 27 إبريل 2018 م
الموافق 7 شعبان 1439هـ
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
هاهي الأيام تسرع والساعات تمضي والدقائق تجري وهانحن نودع الثلث الاول من شهر شعبان ونقترب من معانقه النصف من شعبان.
وتحديداً ليله النصف من شعبان :
هذه الليله العظيمه التى تُعد نفحهً من نفحات المولى سبحانه وتعالى التى يتكرم بها على أمّة حبيبه محمد عليه الصلاه والسلام ..
انها ليله الصفح والعفو والمسامحه .!
إنّها الليله المباركه التى يجب ان نُزيل فيها كل ما تعلق بقلوبنا من الأمراض التى حجبتنا عن مغفره الله ورحمته ومديد عفوه وكرمه .
هذه الليله التى تتطلب منا ان نصفي قلوبنا لنظفر بما وعد به الحبيب عليه الصلاه والسلام عن فضل ليله النصف من شعبان :
ففي الحديث الذي أخرجه البيهقى والطبراني وحسنه الألباني من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ»..
وفي الحديث الذي اخرجه البيهقي بسند صحيح من حديث كثير بن مُرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"في ليلة النصف من شعبان يغفر الله تعالى لأهل الأرض إلا لمُشرك أو مُشاحن".
فمَن لم ينزع الشحناء من صدره حتى يفوز بهذه الجائزة العظيمة في ليلة النصف من شعبان: وهي مغفرة الرحمن .!
أتُراه سيتحصّل على المغفرة في رمضان؟!
كيف وقد فاتته في موسم الغفران.
كيف وقد فاتته في ليله النصف من شعبان.
فهيا.. هيا من الآن أخي الحبيب :
كبِّر على الشَحْناء .! كبّر على البغضاء.!
كبّر على الحقد أربع تكبيرات .
إصطلِح مع مَن خاصمته، وأبدأ أنت بالسلام حتى تكون من خير الأنام.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمسلم أن يهجُر أخاه فوقَ ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام".
هذا افضلهما .. هذا خيرهما .. هذا احسنهما .!
الذي قد أعذر الى الله بما صنع وانتفت مسؤليته بعد ماقام بواجبه وأدى ما عليه .!
أمّا من اعرض عن اخيه ولم يسامح ولم يعفُ
ولم يقبل منه اعتذار ورضيَ ان يبقى على قسوته.!
وآثر ان يستمر على جفوته.!
وفضّلّ ان يضل على غلظته.!
وأحبّ ان يكون على فضاضته .!
فسوف يكون هو الآثم وحده وليسمع الى البشير عليه الصلاه والسلام وهو يقول في الحديث الذي اخرجه ابن ماجه :
((مَنِ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ بِمَعْذِرَةٍ ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ مَكْسٍ ))
والمكس : نوع خبيث من نهب المال الذي يؤخذ بالحرام ويُجمع عنوهً وظلماً وسلباً .
وفي رواية للحديث الذي اخرجه الطبراني والحاكم
((من تُنُصِّلَ إليه فلم يقبل لم يَرِدْ عليَّ الحوض )) .
إنّه حوض النبي صلى الله عليه وسلم ماءُه أشدُ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، طوله وعرضه سواء ، وعدد كؤوسه كعدد نجوم السماء ، من شرب منه لا يضمأ أبداً .!
وهذا الحوض لا يرد عليه من أُعتذر إليه فلم يقبل.!
وفي الحديث الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ألا أنبئكم بِشرَارِكم ؟ ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( إن شرَارَكم الذي ينزل وحدهويَجلِدُ عبده ويمنعُ رِفْده.. أفلا أنبئكم بشر من ذلك ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله .
قال : (( الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة
ولا يغفرون ذنبًا ، أفلا أنبئكم بشر من ذلك )) قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( من يبغضِ الناسَ ويبغضونه ..
أفلا أنبئكم بشر من ذلك ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( من لا يُرْجَى خيره ولا يُؤْمَن شره ))
وحيا من قال :
إذا شِئتَ أن تُدعى كَريمًا مُكرَّمًا
أديبًا ظَريفًا عاقلًا ماجِدًا حُرَّا
إذا ما أتتْ من صاحبٍ لك زَلَّةٌ
فكن أنتَ محتالًا لِزلّته عُذرا
إِذَا اعْتَذَرَ الْجَانِي مَحَا الْعُذْرُ ذَنْبَهُ
وَكَانَ الَّذِي لا يَقْبَلُ الْعُذْرَ جَانِيَا
€ فهيا هيا صِل مَن قطعك، واعفُ عمَّن ظلمك، واعطِ مَن حرمك"
€ هيا هيا إعمل بوصية الرسول الأمين القائل في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكُونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
€ هيا هيا اعملوا بوصية رب العالمين، حيث قال في كتابه الكريم:
{فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ}. (الأنفال: 1).
هذا ما يريده منَّا رب العالمين .!
وهذا ما يريده رسوله صلى الله عليه وسلم .!
وأما ما يريده الشيطان اللعين، فقد أخبرنا عنه رب العالمين فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء} (المائدة: 91).
أتعلمونَ ما هي أولُ خُطوةٍ للشَّيطانِ بعدَ أن يعجزَ عن دعوةِ المُسلمينَ إلى الشِّركِ؟..
يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
"إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبَدُه الْمَصْلُونُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ".
لعل الشيطان لا يستطيع أن يجعل من الرجل فينا عابد صنم فيلجأ عندها إلى التحريش :-
بين الرجل وأخيه .! بين الزوج وزوجته .!
بين الأبِ وأولاده .! بين الجار وجاره .!
موقعاً بينهم البغضاء والشحناء ..!
فهاذين أصدقاءُ طفولةٍ .!
لَعِبوا كثيراً واستمتعوا كثيراً..
نشأوا جميعاً وتربوا جميعاً في حيٍّ واحدٍ .
وتعلموا سوياً في مدرسةٍ واحدةٍ .!
وأكملوا تعليمهم في جامعةٍ واحدةٍ.!
لهم كثيرٌ من الحِكاياتِ، وبينهم أسرارٌ وذِكرياتٌ .!
وفي موقفٍ حضرَ فيه الشَّيطانُ، وضَعُفَ فيه وازع الايمان إختلفوا وتشاحنوا وتخاصموا وتهاجروا وتقاطعوا وافترقوا .!
فتلاشتْ رابطةُ الحبُّ وتمزقت روابط الوِئامِ.!
وبدأتْ رِحلةُ الصُّدودِ والخِصامِ.!
ومُنذُ شُهورٍ لا يُكلِّمُ بعضُهم بعضاً.!
ولا يُسَلِّمُ أحدُهم على الآخرِ.!
وفي مشهدٍ آخر لإثنانِ في عملٍ واحدٍ .!
بدأوا الحياةَ العمليَّةَ في سنةٍ واحدةٍ..
أعوامٌ وهم في تعليمٍ وعملٍ وتعاونٍ وجدٍ ومثابره..
يجلسونَ جميعاً ويأكلونَ جميعاً ويتحدثونَ كثيراً، بل إن أحدَهم ليجلسُ مع صاحبِه في العملِ أكثرَ مما يجلسُ مع أهلِ بيتِه.!
وفي وجهةِ نظرٍ مُختلفةٍ نزغَ الشَّيطانُ بينهما فتهاجرا وتشاجرا، وطارتْ العِشرةُ في مهبِّ الرِّيحِ، وأُغلقتْ القلوبُ بالمفاتيحِ، وهم على ذلكَ شهورٌ
حتى كأنَّ الصاحبَ لا يعرفُ صاحبَه.
وآخرون أقاربُ يجمعُهم الدَّمُ ويربط بينهم اللَّحمُ .!
تربَّوا في بيتٍ واحدٍ، وناموا على سريرٍ واحدٍ.
كمْ ليلةٍ في الضَّحكِ سَهروها؟!
وكم من خِدعةٍ لصديقٍ مكروها؟!
حياتُهم مليئةٌ بالمرحِ والألعابِ .!
ودنياهم مزدحمه بالمقالب والمواقف .!
وكانَ الخِصامُ بينهم ينتهي بكلمةِ عتابٍ..
ولكن عندما كَبَروا نفخَ الشَّيطانُ في القلوبِ الحبيبةِ .!
وجعلَ سوءَ الظَّنِّ يسودُ بينَ القَريبِ وقريبِه..
وفي نهايةٍ مُتوقَّعةٍ انتهتْ العلاقةُ ونُسيتْ القَرابةُ، ومنذ ذلك الحينِ والعدوُ سعيدٌ والحبيبُ حزينٌ.
وهكذا احداثٌ واحداث .!
هكذا أحداثٌ متكرِّرةٌ وكثيرةٌ .!
هكذا وقائعُ محزنةٌ ومُثيرةٌ .!
ولذلكم :
ليس أروح للمرء .! ولا أطردَ لهمومه .!
ولا أقرَّ لعينه من أن يعيش سليم القلب مبرأ من وساوس الضغائن ونيران الأحقاد .!
وليس أمرضَ للقلب .! ولا أتلف للأعصاب .!
ولا أوجعَ للروح من أن يمتلئ القلبُ حِقداً والنفسُ كُرهاً والروحُ نفرةً وشحناء .
وقد قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
(( كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ )) قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ :
(( هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لاَ إِثْمَ فِيهِ ، وَلاَ بَغْيَ ، وَلاَ غِلَّ ، وَلاَ حَسَدَ )) [ابن ماجه]..
فالقلب التقي النقي الخالي من الغل والشحناء، والسليم من الحسد والبغضاء هو من القلوب القريبة إلى الله تعالى، الحبيبة إليه، المقبولة لديه، النافعة يوم العرض عليه :
( يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون إلاّ من أَتى اللهَ بقلبٍ سليم )..
بعض الناس يا ايها الاخوه :
نعوذ بالله ان نكون منهم إذا خاصم فجر ..!
شعاره العداء ، وعنوانه الخصام.!
غذاءُ قلبه البغضاء للآخرين .!
قوت فؤاده الانانيه والكره لغيره .!
حياة روحه الحقد لكل من حوله .!
لا يرتاح ولا ينام ولا يستقر ولايطمئن ولا يذوق طعم النوم ولا يتلذذ بطعام اوشراب ولا يقرُّ له قرار إلاّ بالخصام والعداوه والبغضاء والكره والغل لغيره :
يعادي الصغير والكبير .!
يخاصم القريب والبعيد .!
يحقد على القاصي والداني .!
مريضُ قلبٍ على أقرباءه على أصدقاءه على جيرانه على زملائه على إخوته على أخواته على ارحامه على أصهاره .
وكأَنَّهُ بهذا الحقد الذي يتأجج في صدره كالجمر مُصِر وعازم على ان يبُعث يوم الحساب مع كل قاتل ومجرم...
نعم أحبتي الكرام :
من منكم يُريدُ ان يُحشرَ يوم القيامهِ مع سافكي دماءِ المُسلمينَ؟.
من منكم يرضى لنفسه ان تكون في طابور كل سفاح وطاغيه ومجرم ..؟!
من مِنكم يُريدُ أن يأتيَ يومَ القيامةِ وهو قد قتلَ مؤمناً بغيرِ حقٍّ ؟!
وهو يعلمُ أن الْمُؤْمِنَ لا يَزَالُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا..
اسمعوا معي لهذا الحديثِ الذي رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني من حديث أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )).
وفي سنه فقط ( كسفك دم المسلم ) .!
وفي حقّ من هذا الوعيدُ ياكرام !؟
وفي حق من هذا التهويل !؟
في حق اخيه المسلم .! اخيه في الدين والعقيده.!
من لايربط بينه وبينه رابطه دم ولا قرابه ولا نسب
يكون هجره سنه كسفك دمه ..؟!
فكيف !؟ كيف ؟! عندما تكون الخصومه ويكون الهجر بحق أخته من دمه او أخاه من ابيه وأمه
أو خاله أو خالته أو عمه أو عمته أو أي قريب له
لاشك انها اعظم واجلّ ..!
بلِ المصيبه الأعظم عندما يكون الهجر بحقِّ أحد الوالدين وهذه طامة كبرى لأنه يلحقها عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر.
ولذلكم :
(( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )).
وبعض الناس يدوم هجره سنتين أوثلاث او اكثر، ولا يهتم ولا يأبه لذلك ولا يتوقف مع نفسه ليعرف ان الحياه قصيره والدنيا زائله والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي اخرجه مسلم
(( إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ ))
وهو القائل عليه الصلاه والسلام :
((وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا))
فالعز كُلُّ العز ..!
والرفعة والشخصية القوية تطلبها في العفو عن الناس والتواضع، هذا هو كلام النبي عليه الصلاه والسلام ، أما الصد والهجران فوالله ليس إلا ذُلاً وهماً على صاحبه.
{ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (. 62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (63)} [الأنفال].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبه الثانيه
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
ونحن نقترب من نصف شهر شعبان ونقترب من ليلته المباركه التى يطلع الله فيها على عباده
ففي الحديث الذي أخرجه البيهقى والطبراني وحسنه الألباني من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ».
فعلى كل من سيعيش الى هذه الليله المباركه ان ينظف قلبه من كل خصومه ومن كل عداوه..
من سيدخل عليه رمضان عليه ان يعمل على تطهير قلبه من كل غلٍ وبغضاء.!
من سينعم الله عليه بإدراك رمضان عليه ان يزيل كل ما تعلق بقلبه من ضغينه وحقد .
حتى يصوم رمضان بلذه ويقوم رمضان بخشوع ويصلي صلواته بطمأنينه ..
ويعيش اجواء رمضان بروحانيه ..
وفي النهايه يقبل الله منه رمضان .!
وترفع أعماله الى الواحد الاحد سبحانه .!
ولو تسائلت معكم قليلاً وقلت ماذا لو قيل لأحدنا:
أنَّ راتبه سيتم إيقافه لمدة شهرين ماذا سيفعل؟
لو قيل له : سيوقف لمدة سنة ماذا سيتخذ من إجراءات؟
مؤكد أن هذا الشخص سيفعل المستحيل ويطالب وينادي لأجل راتبه ولأجل هذا المال، وهو من عَرَض الدنيا الزائل.
إذن ما رأيكم يا أيها الإخوة :
فيمن توقّف رفع عمله من صلاة وزكاة وصيام وحج وذكر وصدقات وعبادات وقربات وغيرها !؟
هو يتعب وعمله لا يرفع!
هو يصلي وصلاته لا ترفع ؟!
هو يُزكي ويتصدق ولا ترفع !؟
هذا ليس كلامي وليس من نسج الخيال او مما يصاغ للتعبير والتأثير .!
بل هو كلام سيد البشر عليه الصلاه والسلام . كلام الهادي البشير .
فاسمعوا معي لهذا الحديثِ الخطيرِ ..!
وتأملوا ما فيه من الخُذلانِ الكبيرِ ..!
ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ..)).
هاذين اليومين علامة على الغفران والإحسان .! وفيهما يَصفُح الله عن الذنوب العظيمة ..!
وفيهما يُثبّت فيها لكثير من الناس الدرجة الرفيعة.
نعم احبابي الكرام :يقول عليه الصلاه والسلام
(( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ
فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )).
أي : أخروا الغفران لهما حتى يصطلحا..
واتركوا هاذين حتى يرجعا إلى الصلح .!
لا إله إلا اللهُ..
كم في هذا الأسبوعِ من عباداتٍ؟!
كم فيه من طاعات وقربات .!
كم فيه من صلواتٍ وصدقات ؟!
كم فيه من أذكار وتوبةٍ واستغفار؟!
كم فيه من صيامٍ وبرٍّ للوالدينِ وصلةِ أرحامٍ؟!
ومع ذلكَ لا يُغفرُ لهذا العبدِ..
بل ولا يُنظرُ في عملِه .!
فأيُّ خسارةٍ هذه، وأيُّ مُصيبةٍ تلك.
وفي الحديث الذي اخرجه ابن ماجه في سننه بإسناد حسن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا :
رجلٌ أمّ قوماً وهم له كارهون ، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخط ، وأخوان متصارمان }
أعمالكما وصلاتكما لا ترفع واذا لم ترفع فمعناه انها لم تقبل كل ذلك بسبب الشحناء والهجر لبعضكما .
هذا يعرض وذاك يعرض .!
يلتقيان في مجلس فيصدان عن بعضهما،
في الشارع، في البقالة، في السوق بل حتى في المسجد والعياذ بالله،
قد قادهما الشيطان واستولى على عقولهما، وربط أفكارهما وجعل كل منهما يرفع رأسه ويُلوي فمه ويُعقّد بجبينه ويَعبس بوجهه.
والله، ما هكذا علّمنا الإسلام .!
الإسلام دينُ الرحمة .!
الاسلام دينُ التعاون.!
الاسلام دينُ الترابط .!
الاسلام دينُ الأخوة والعون.!
الاسلام دينٌ يدعو للوحدة وعدم التنافر.!
يقول عزوجل:
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
ويقول عزوجل محذراً من أن يفترق المسلمون
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا)
وهؤلاء المتشاحنون تفرقوا وعصوا الله .!
تفرقوا سنين طويلة والعياذ بالله.
بل أتدرون يا ايها الاخوه ما أعظم المشاحنة.؟؟!!
أعظمُ المشاحنه هي بُغض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين ..
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ)..
وفي الحديث الذي رواه الطبراني، وحسنه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم-:
(مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ, وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ..
فما أجمل أن يعم الوئام بدلاً من الهجر والخصام
وما أجمل أن تسود المحبة ، بدلاً من العداوة والصرام .
وما أجمل أن نستبدل البغضاء والشحناء ، بالتسامح والغفران التى هي من صفات المؤمنين الصادقين الذين امتدح الله نقاء قلوبهم، وسلامة صدورهم واستقامة سلوكهم . فقال تعالى :
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
( 10)} [الحشر]
لا يحملُ الحقد من تعلوا به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
أسأل الله عزوجل أن يجمع شملنا، ويلم فرقتنا، ويوحد كلمتنا ويرص صفوفنا ويجعلنا ممن قال فيهم :
(( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ)).
اللهم أصلح بين المسلمين وذوب خلافاتهم،
ورقق قلوبهم وانزع الحقد والكره فيما بينهم.
اللهم أصلح أحوالنا، وأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ..
اللهم من كان من بيننا هاجرًا لأخ له اللهم فرده إليه وأصلح ذات بينهم يا حي يا قيوم ..
اللهم كما بلغتنا رجب وشعبان فبلغنا رمضان .
اللهم بلغنا رمضان وشعبنا وبلدنا في امنٍ وامانٍ وصحهٍ وسلمٍ وسلام.
اعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوه القرآن .
ارزقنا فيه عيناً دامعاً ولساناً ذكراً وقلباً خاشعاً
وعملاً متقبلاً وجسداً على البلاء صابراً
وتوبهً قبل الموت ورأفه عند الموت ومغفرهً ورحمهً بعد الموت ياسميع الدعاء .
كفّر عنا فيه الذنوب وارفع لنا فيه الدرجات وضاعف لنا فيه الحسنات وامحوا عنا الخطيئات وأعتقَ لنا فيه الرقاب الموبقات يا اعظم من سُئل ويا أجود من أعطى .
اللهم ارحم ضعفنا وتولى أمرنا واجبر كسرنا وأحسن خلاصنا ويمن كتابنا ويسر حسابنا ورقق قلوبنا وثبت على الصراط أقدامنا ونجنا من كربات القيامه يا رحيم يارحمان.
اللهم انا نسألك رحمهً تهدي بها قلوبنا وتصلح بها أحوالنا وتغفر بها ذنوبنا وتحسن بها ختامنا.
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان.
فضل ليله النصف من شعبان
( استعد لرمضان بلا خصام وشحناء )
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ أحمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 27 إبريل 2018 م
الموافق 7 شعبان 1439هـ
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
هاهي الأيام تسرع والساعات تمضي والدقائق تجري وهانحن نودع الثلث الاول من شهر شعبان ونقترب من معانقه النصف من شعبان.
وتحديداً ليله النصف من شعبان :
هذه الليله العظيمه التى تُعد نفحهً من نفحات المولى سبحانه وتعالى التى يتكرم بها على أمّة حبيبه محمد عليه الصلاه والسلام ..
انها ليله الصفح والعفو والمسامحه .!
إنّها الليله المباركه التى يجب ان نُزيل فيها كل ما تعلق بقلوبنا من الأمراض التى حجبتنا عن مغفره الله ورحمته ومديد عفوه وكرمه .
هذه الليله التى تتطلب منا ان نصفي قلوبنا لنظفر بما وعد به الحبيب عليه الصلاه والسلام عن فضل ليله النصف من شعبان :
ففي الحديث الذي أخرجه البيهقى والطبراني وحسنه الألباني من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ»..
وفي الحديث الذي اخرجه البيهقي بسند صحيح من حديث كثير بن مُرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"في ليلة النصف من شعبان يغفر الله تعالى لأهل الأرض إلا لمُشرك أو مُشاحن".
فمَن لم ينزع الشحناء من صدره حتى يفوز بهذه الجائزة العظيمة في ليلة النصف من شعبان: وهي مغفرة الرحمن .!
أتُراه سيتحصّل على المغفرة في رمضان؟!
كيف وقد فاتته في موسم الغفران.
كيف وقد فاتته في ليله النصف من شعبان.
فهيا.. هيا من الآن أخي الحبيب :
كبِّر على الشَحْناء .! كبّر على البغضاء.!
كبّر على الحقد أربع تكبيرات .
إصطلِح مع مَن خاصمته، وأبدأ أنت بالسلام حتى تكون من خير الأنام.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمسلم أن يهجُر أخاه فوقَ ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام".
هذا افضلهما .. هذا خيرهما .. هذا احسنهما .!
الذي قد أعذر الى الله بما صنع وانتفت مسؤليته بعد ماقام بواجبه وأدى ما عليه .!
أمّا من اعرض عن اخيه ولم يسامح ولم يعفُ
ولم يقبل منه اعتذار ورضيَ ان يبقى على قسوته.!
وآثر ان يستمر على جفوته.!
وفضّلّ ان يضل على غلظته.!
وأحبّ ان يكون على فضاضته .!
فسوف يكون هو الآثم وحده وليسمع الى البشير عليه الصلاه والسلام وهو يقول في الحديث الذي اخرجه ابن ماجه :
((مَنِ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ بِمَعْذِرَةٍ ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ مَكْسٍ ))
والمكس : نوع خبيث من نهب المال الذي يؤخذ بالحرام ويُجمع عنوهً وظلماً وسلباً .
وفي رواية للحديث الذي اخرجه الطبراني والحاكم
((من تُنُصِّلَ إليه فلم يقبل لم يَرِدْ عليَّ الحوض )) .
إنّه حوض النبي صلى الله عليه وسلم ماءُه أشدُ بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، طوله وعرضه سواء ، وعدد كؤوسه كعدد نجوم السماء ، من شرب منه لا يضمأ أبداً .!
وهذا الحوض لا يرد عليه من أُعتذر إليه فلم يقبل.!
وفي الحديث الذي اخرجه الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( ألا أنبئكم بِشرَارِكم ؟ ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( إن شرَارَكم الذي ينزل وحدهويَجلِدُ عبده ويمنعُ رِفْده.. أفلا أنبئكم بشر من ذلك ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله .
قال : (( الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة
ولا يغفرون ذنبًا ، أفلا أنبئكم بشر من ذلك )) قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( من يبغضِ الناسَ ويبغضونه ..
أفلا أنبئكم بشر من ذلك ))
قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله.
قال : (( من لا يُرْجَى خيره ولا يُؤْمَن شره ))
وحيا من قال :
إذا شِئتَ أن تُدعى كَريمًا مُكرَّمًا
أديبًا ظَريفًا عاقلًا ماجِدًا حُرَّا
إذا ما أتتْ من صاحبٍ لك زَلَّةٌ
فكن أنتَ محتالًا لِزلّته عُذرا
إِذَا اعْتَذَرَ الْجَانِي مَحَا الْعُذْرُ ذَنْبَهُ
وَكَانَ الَّذِي لا يَقْبَلُ الْعُذْرَ جَانِيَا
€ فهيا هيا صِل مَن قطعك، واعفُ عمَّن ظلمك، واعطِ مَن حرمك"
€ هيا هيا إعمل بوصية الرسول الأمين القائل في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكُونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
€ هيا هيا اعملوا بوصية رب العالمين، حيث قال في كتابه الكريم:
{فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ}. (الأنفال: 1).
هذا ما يريده منَّا رب العالمين .!
وهذا ما يريده رسوله صلى الله عليه وسلم .!
وأما ما يريده الشيطان اللعين، فقد أخبرنا عنه رب العالمين فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء} (المائدة: 91).
أتعلمونَ ما هي أولُ خُطوةٍ للشَّيطانِ بعدَ أن يعجزَ عن دعوةِ المُسلمينَ إلى الشِّركِ؟..
يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
"إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبَدُه الْمَصْلُونُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ".
لعل الشيطان لا يستطيع أن يجعل من الرجل فينا عابد صنم فيلجأ عندها إلى التحريش :-
بين الرجل وأخيه .! بين الزوج وزوجته .!
بين الأبِ وأولاده .! بين الجار وجاره .!
موقعاً بينهم البغضاء والشحناء ..!
فهاذين أصدقاءُ طفولةٍ .!
لَعِبوا كثيراً واستمتعوا كثيراً..
نشأوا جميعاً وتربوا جميعاً في حيٍّ واحدٍ .
وتعلموا سوياً في مدرسةٍ واحدةٍ .!
وأكملوا تعليمهم في جامعةٍ واحدةٍ.!
لهم كثيرٌ من الحِكاياتِ، وبينهم أسرارٌ وذِكرياتٌ .!
وفي موقفٍ حضرَ فيه الشَّيطانُ، وضَعُفَ فيه وازع الايمان إختلفوا وتشاحنوا وتخاصموا وتهاجروا وتقاطعوا وافترقوا .!
فتلاشتْ رابطةُ الحبُّ وتمزقت روابط الوِئامِ.!
وبدأتْ رِحلةُ الصُّدودِ والخِصامِ.!
ومُنذُ شُهورٍ لا يُكلِّمُ بعضُهم بعضاً.!
ولا يُسَلِّمُ أحدُهم على الآخرِ.!
وفي مشهدٍ آخر لإثنانِ في عملٍ واحدٍ .!
بدأوا الحياةَ العمليَّةَ في سنةٍ واحدةٍ..
أعوامٌ وهم في تعليمٍ وعملٍ وتعاونٍ وجدٍ ومثابره..
يجلسونَ جميعاً ويأكلونَ جميعاً ويتحدثونَ كثيراً، بل إن أحدَهم ليجلسُ مع صاحبِه في العملِ أكثرَ مما يجلسُ مع أهلِ بيتِه.!
وفي وجهةِ نظرٍ مُختلفةٍ نزغَ الشَّيطانُ بينهما فتهاجرا وتشاجرا، وطارتْ العِشرةُ في مهبِّ الرِّيحِ، وأُغلقتْ القلوبُ بالمفاتيحِ، وهم على ذلكَ شهورٌ
حتى كأنَّ الصاحبَ لا يعرفُ صاحبَه.
وآخرون أقاربُ يجمعُهم الدَّمُ ويربط بينهم اللَّحمُ .!
تربَّوا في بيتٍ واحدٍ، وناموا على سريرٍ واحدٍ.
كمْ ليلةٍ في الضَّحكِ سَهروها؟!
وكم من خِدعةٍ لصديقٍ مكروها؟!
حياتُهم مليئةٌ بالمرحِ والألعابِ .!
ودنياهم مزدحمه بالمقالب والمواقف .!
وكانَ الخِصامُ بينهم ينتهي بكلمةِ عتابٍ..
ولكن عندما كَبَروا نفخَ الشَّيطانُ في القلوبِ الحبيبةِ .!
وجعلَ سوءَ الظَّنِّ يسودُ بينَ القَريبِ وقريبِه..
وفي نهايةٍ مُتوقَّعةٍ انتهتْ العلاقةُ ونُسيتْ القَرابةُ، ومنذ ذلك الحينِ والعدوُ سعيدٌ والحبيبُ حزينٌ.
وهكذا احداثٌ واحداث .!
هكذا أحداثٌ متكرِّرةٌ وكثيرةٌ .!
هكذا وقائعُ محزنةٌ ومُثيرةٌ .!
ولذلكم :
ليس أروح للمرء .! ولا أطردَ لهمومه .!
ولا أقرَّ لعينه من أن يعيش سليم القلب مبرأ من وساوس الضغائن ونيران الأحقاد .!
وليس أمرضَ للقلب .! ولا أتلف للأعصاب .!
ولا أوجعَ للروح من أن يمتلئ القلبُ حِقداً والنفسُ كُرهاً والروحُ نفرةً وشحناء .
وقد قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
(( كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ ، صَدُوقِ اللِّسَانِ )) قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟ قَالَ :
(( هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ ، لاَ إِثْمَ فِيهِ ، وَلاَ بَغْيَ ، وَلاَ غِلَّ ، وَلاَ حَسَدَ )) [ابن ماجه]..
فالقلب التقي النقي الخالي من الغل والشحناء، والسليم من الحسد والبغضاء هو من القلوب القريبة إلى الله تعالى، الحبيبة إليه، المقبولة لديه، النافعة يوم العرض عليه :
( يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون إلاّ من أَتى اللهَ بقلبٍ سليم )..
بعض الناس يا ايها الاخوه :
نعوذ بالله ان نكون منهم إذا خاصم فجر ..!
شعاره العداء ، وعنوانه الخصام.!
غذاءُ قلبه البغضاء للآخرين .!
قوت فؤاده الانانيه والكره لغيره .!
حياة روحه الحقد لكل من حوله .!
لا يرتاح ولا ينام ولا يستقر ولايطمئن ولا يذوق طعم النوم ولا يتلذذ بطعام اوشراب ولا يقرُّ له قرار إلاّ بالخصام والعداوه والبغضاء والكره والغل لغيره :
يعادي الصغير والكبير .!
يخاصم القريب والبعيد .!
يحقد على القاصي والداني .!
مريضُ قلبٍ على أقرباءه على أصدقاءه على جيرانه على زملائه على إخوته على أخواته على ارحامه على أصهاره .
وكأَنَّهُ بهذا الحقد الذي يتأجج في صدره كالجمر مُصِر وعازم على ان يبُعث يوم الحساب مع كل قاتل ومجرم...
نعم أحبتي الكرام :
من منكم يُريدُ ان يُحشرَ يوم القيامهِ مع سافكي دماءِ المُسلمينَ؟.
من منكم يرضى لنفسه ان تكون في طابور كل سفاح وطاغيه ومجرم ..؟!
من مِنكم يُريدُ أن يأتيَ يومَ القيامةِ وهو قد قتلَ مؤمناً بغيرِ حقٍّ ؟!
وهو يعلمُ أن الْمُؤْمِنَ لا يَزَالُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا..
اسمعوا معي لهذا الحديثِ الذي رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني من حديث أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )).
وفي سنه فقط ( كسفك دم المسلم ) .!
وفي حقّ من هذا الوعيدُ ياكرام !؟
وفي حق من هذا التهويل !؟
في حق اخيه المسلم .! اخيه في الدين والعقيده.!
من لايربط بينه وبينه رابطه دم ولا قرابه ولا نسب
يكون هجره سنه كسفك دمه ..؟!
فكيف !؟ كيف ؟! عندما تكون الخصومه ويكون الهجر بحق أخته من دمه او أخاه من ابيه وأمه
أو خاله أو خالته أو عمه أو عمته أو أي قريب له
لاشك انها اعظم واجلّ ..!
بلِ المصيبه الأعظم عندما يكون الهجر بحقِّ أحد الوالدين وهذه طامة كبرى لأنه يلحقها عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر.
ولذلكم :
(( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ )).
وبعض الناس يدوم هجره سنتين أوثلاث او اكثر، ولا يهتم ولا يأبه لذلك ولا يتوقف مع نفسه ليعرف ان الحياه قصيره والدنيا زائله والحبيب صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي اخرجه مسلم
(( إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ ))
وهو القائل عليه الصلاه والسلام :
((وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا))
فالعز كُلُّ العز ..!
والرفعة والشخصية القوية تطلبها في العفو عن الناس والتواضع، هذا هو كلام النبي عليه الصلاه والسلام ، أما الصد والهجران فوالله ليس إلا ذُلاً وهماً على صاحبه.
{ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (. 62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (63)} [الأنفال].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبه الثانيه
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
ونحن نقترب من نصف شهر شعبان ونقترب من ليلته المباركه التى يطلع الله فيها على عباده
ففي الحديث الذي أخرجه البيهقى والطبراني وحسنه الألباني من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ».
فعلى كل من سيعيش الى هذه الليله المباركه ان ينظف قلبه من كل خصومه ومن كل عداوه..
من سيدخل عليه رمضان عليه ان يعمل على تطهير قلبه من كل غلٍ وبغضاء.!
من سينعم الله عليه بإدراك رمضان عليه ان يزيل كل ما تعلق بقلبه من ضغينه وحقد .
حتى يصوم رمضان بلذه ويقوم رمضان بخشوع ويصلي صلواته بطمأنينه ..
ويعيش اجواء رمضان بروحانيه ..
وفي النهايه يقبل الله منه رمضان .!
وترفع أعماله الى الواحد الاحد سبحانه .!
ولو تسائلت معكم قليلاً وقلت ماذا لو قيل لأحدنا:
أنَّ راتبه سيتم إيقافه لمدة شهرين ماذا سيفعل؟
لو قيل له : سيوقف لمدة سنة ماذا سيتخذ من إجراءات؟
مؤكد أن هذا الشخص سيفعل المستحيل ويطالب وينادي لأجل راتبه ولأجل هذا المال، وهو من عَرَض الدنيا الزائل.
إذن ما رأيكم يا أيها الإخوة :
فيمن توقّف رفع عمله من صلاة وزكاة وصيام وحج وذكر وصدقات وعبادات وقربات وغيرها !؟
هو يتعب وعمله لا يرفع!
هو يصلي وصلاته لا ترفع ؟!
هو يُزكي ويتصدق ولا ترفع !؟
هذا ليس كلامي وليس من نسج الخيال او مما يصاغ للتعبير والتأثير .!
بل هو كلام سيد البشر عليه الصلاه والسلام . كلام الهادي البشير .
فاسمعوا معي لهذا الحديثِ الخطيرِ ..!
وتأملوا ما فيه من الخُذلانِ الكبيرِ ..!
ففي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ..)).
هاذين اليومين علامة على الغفران والإحسان .! وفيهما يَصفُح الله عن الذنوب العظيمة ..!
وفيهما يُثبّت فيها لكثير من الناس الدرجة الرفيعة.
نعم احبابي الكرام :يقول عليه الصلاه والسلام
(( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ
فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )).
أي : أخروا الغفران لهما حتى يصطلحا..
واتركوا هاذين حتى يرجعا إلى الصلح .!
لا إله إلا اللهُ..
كم في هذا الأسبوعِ من عباداتٍ؟!
كم فيه من طاعات وقربات .!
كم فيه من صلواتٍ وصدقات ؟!
كم فيه من أذكار وتوبةٍ واستغفار؟!
كم فيه من صيامٍ وبرٍّ للوالدينِ وصلةِ أرحامٍ؟!
ومع ذلكَ لا يُغفرُ لهذا العبدِ..
بل ولا يُنظرُ في عملِه .!
فأيُّ خسارةٍ هذه، وأيُّ مُصيبةٍ تلك.
وفي الحديث الذي اخرجه ابن ماجه في سننه بإسناد حسن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا :
رجلٌ أمّ قوماً وهم له كارهون ، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخط ، وأخوان متصارمان }
أعمالكما وصلاتكما لا ترفع واذا لم ترفع فمعناه انها لم تقبل كل ذلك بسبب الشحناء والهجر لبعضكما .
هذا يعرض وذاك يعرض .!
يلتقيان في مجلس فيصدان عن بعضهما،
في الشارع، في البقالة، في السوق بل حتى في المسجد والعياذ بالله،
قد قادهما الشيطان واستولى على عقولهما، وربط أفكارهما وجعل كل منهما يرفع رأسه ويُلوي فمه ويُعقّد بجبينه ويَعبس بوجهه.
والله، ما هكذا علّمنا الإسلام .!
الإسلام دينُ الرحمة .!
الاسلام دينُ التعاون.!
الاسلام دينُ الترابط .!
الاسلام دينُ الأخوة والعون.!
الاسلام دينٌ يدعو للوحدة وعدم التنافر.!
يقول عزوجل:
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
ويقول عزوجل محذراً من أن يفترق المسلمون
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا)
وهؤلاء المتشاحنون تفرقوا وعصوا الله .!
تفرقوا سنين طويلة والعياذ بالله.
بل أتدرون يا ايها الاخوه ما أعظم المشاحنة.؟؟!!
أعظمُ المشاحنه هي بُغض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين ..
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ)..
وفي الحديث الذي رواه الطبراني، وحسنه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم-:
(مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ, وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) ..
فما أجمل أن يعم الوئام بدلاً من الهجر والخصام
وما أجمل أن تسود المحبة ، بدلاً من العداوة والصرام .
وما أجمل أن نستبدل البغضاء والشحناء ، بالتسامح والغفران التى هي من صفات المؤمنين الصادقين الذين امتدح الله نقاء قلوبهم، وسلامة صدورهم واستقامة سلوكهم . فقال تعالى :
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }
( 10)} [الحشر]
لا يحملُ الحقد من تعلوا به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
أسأل الله عزوجل أن يجمع شملنا، ويلم فرقتنا، ويوحد كلمتنا ويرص صفوفنا ويجعلنا ممن قال فيهم :
(( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ)).
اللهم أصلح بين المسلمين وذوب خلافاتهم،
ورقق قلوبهم وانزع الحقد والكره فيما بينهم.
اللهم أصلح أحوالنا، وأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ..
اللهم من كان من بيننا هاجرًا لأخ له اللهم فرده إليه وأصلح ذات بينهم يا حي يا قيوم ..
اللهم كما بلغتنا رجب وشعبان فبلغنا رمضان .
اللهم بلغنا رمضان وشعبنا وبلدنا في امنٍ وامانٍ وصحهٍ وسلمٍ وسلام.
اعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوه القرآن .
ارزقنا فيه عيناً دامعاً ولساناً ذكراً وقلباً خاشعاً
وعملاً متقبلاً وجسداً على البلاء صابراً
وتوبهً قبل الموت ورأفه عند الموت ومغفرهً ورحمهً بعد الموت ياسميع الدعاء .
كفّر عنا فيه الذنوب وارفع لنا فيه الدرجات وضاعف لنا فيه الحسنات وامحوا عنا الخطيئات وأعتقَ لنا فيه الرقاب الموبقات يا اعظم من سُئل ويا أجود من أعطى .
اللهم ارحم ضعفنا وتولى أمرنا واجبر كسرنا وأحسن خلاصنا ويمن كتابنا ويسر حسابنا ورقق قلوبنا وثبت على الصراط أقدامنا ونجنا من كربات القيامه يا رحيم يارحمان.
اللهم انا نسألك رحمهً تهدي بها قلوبنا وتصلح بها أحوالنا وتغفر بها ذنوبنا وتحسن بها ختامنا.
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق