🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
شعبان ومواعيد رفع الاعمال
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 4 مايو 2018 م
الموافق 18 شعبان 1439هـ
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
إن الله تعالى خلقنا وكلفنا بعمل الصالحات، وأخبرنا أنها ستوزن بميزان الحق والعدل،
فقال سبحانه :
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].
واستشعار المرء وقوفه بين يدي الله عزوجل؛ ليحاسبه على الكثير والقليل، والصغير والكبير، يجعله يبادر إلى فعل الخيرات استعداداً ليوم العرض الأكبر.
الذي تعرض فيه اعمال العباد على الله جل ثناؤه .
فانظر وتأمل وفكر، كيف سترفع أعمالك؟!
وهل هي أعمال ترفع الدرجات؟!
أم أنها أعمال تستحي أن تعرضها على إنسان مثلك، فكيف برب الأرض والسماوات الذي خلقك
واختار لك اسمك واختار جمالك واختار قوامك واختار لك أباك وأمك وروحك الخاصه ووجهك الخاص ولونك الخاص وهيئتك الخاصه وقد لك
ورزقك وأسبغ عليك نعمه الظاهرة والباطنة؟!
هل هذة التقارير تؤهلك للنجاح والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة؟!
أم أنها أعمال ظلمت فيها وقصّرت في العبادات وارتكبت المحرمات وسفكت الدماء وناصرت الظلمة وأخذت حقوق العباد دون وجه حق، وكذبت وزوت وشهدت شهادة الزور وعققت والديك وقطعت رحمك...
نعم يا اخوتي الكرام :
تقارير اعمالنا كلها مرفوعه الى الله جل وعلا
- وهذة التقارير ليستْ كتقاريرِ البشر، التى يحتوي أكثرها الكذب والتلفيق وتزوير الحقائق..
- ليست كتقارير البشر التى غالباً ماتكون عرضهً للأخطاء والسهو والنسيان والزلل وقابله للحذف
او الاضافه او التعديل.
او يُعاد النظر فيها مرات ومرات اخرى..
ولكنها تقارير ربانيه تختلف عن تقارير البشر في أمور عدة، منها :
أولاً : أن كُتَّاب هذه التقارير مهرة في الكتابة والإحصاء،فيحصون الصغيره والكبيره والحقير والقطمير ويكتبون القول والفعل والزمان والمكان؛ قال تعالى -:
﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18
وقال: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].
وقال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7- 8].
ثانياً : أن كَتبَة هذه التقارير أُمناء، فلا يحابون
ولا يجاملون؛ ولا يُهادنون وكل شيء عندهم مسجل ومحسوب ويتم توثيقه في سجل لا يُغيّر
ولا يبدل ولا يزور؛ قال تعالى:
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة:6]،
﴿ كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 11- 12]،
﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].
ثالثاً : أن هذه التقارير تُكتب في سجلات كبيرة،
ثم تُنشر يوم البعث والنشور:
﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]
﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13- 14].
وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي، والنسائي، وحسَّنه الألباني من حديث
عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشرُ عليه تسعةً وتسعين سجلاًّ، كُلُّ سجل مثل مدَ البصر..
ثم يقول له:
عبدي أتُنكِر من هذا شيئًا؟؟
أظَلَمكَ كتبتِي الحافظون؟؟
فيقول: لا يا رب.
فيقول: أفَلَك عذرٌ؟.
فيقول: لا يا رب.
فيقول الله : بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم..
قال فيُخرج بطاقة فيها:
(أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).
فيقول: احضُر وزنَكَ..
فيقول العبد : يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟
فقال: فإنك لا تُظلَم..
قال: فتوضع السجلات، وثَقُلت البطاقة ولا يَثْقُلُ مع اسمِ اللهِ تعالى شيء)).
رابعاً : أن هذه التقارير يُبنَى عليها المستقبل الحقيقي للشخص.
فإن كانت تقاريرَ إيجابية .!
تقارير كلها في الطاعه والخير .!
تقارير في خدمه الدين والعقيده .!
تقارير في بذل الروح والمهج لاجل الله وفي الله.!
[ سعِد صاحبُها في الدنيا والآخرة ]
وإن كانت تقارير سلبية .!
او كانت مظلمه وسوداء .!
او كانت في خدمة الشر والطاغوت .!
وفي سبيل الشيطان الرجيم .!
[ فلا يلومنَّ صاحبها إلا نفسه ]
ومصداق ذلك ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ((يا أهلَ الجنة، خلودٌ فلا موتَ، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موتَ)) .
خامساً : أن الذي يطلع على هذه التقارير ليس رئيس مؤسسة، ولا وزيرًا، ولا رئيسًا، ولا ملِكًا؛
إنما هو مَلِك الملوك جل في علاه -:
﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48].
وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
((يُدنَى المؤمن من ربه
وقال هشام: يَدنُو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرره بذنوبه، تَعرِف ذنب كذا؟
يقول: أعرف، يقول: ربِّ أعرف مرتين،
فيقول: سترتُها في الدنيا، وأغفرها لكَ اليوم،
ثم تُطوَى صحيفةُ حسناتِه .!
وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد:
﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]))
نعم ايها الأحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
ثَمَّة تقارير يومية، وأسبوعية، وسنوية، وختامية، تُرفَع عن كل عبدٍ من عباد الله إلى ربه تبارك وتعالى كما دلَّت على ذلك نصوصُ الكتاب والسنة النبوية المطهره على صاحبها افضل الصلاه وأتم التسليم ..
:؛؛ فالتقارير اليوميه :::
هي تلك التقارير التى ترفع عن العبد يومياً اولاً بأول وسواءً كانت قوليه او فعليه ..
ودليل ذلك ما جاء في الحديث الذي [رواه مسلم].
من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخمس كلمات، فقال :
((إن الله عزوجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل...)) .
يقول المُنَاوي :
"معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده ..
وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده ..
فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل".
وهناك غيرهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار ليرفعوا تقارير للملك الجبار سبحانه عن أعمالنا صغيرها وكبيرها؛ ففي الحديث المتفق عليه من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يَعرجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ؟!
فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ".
يقول النووي : معنى "يتعاقبون" أي :
تأتي طائفة بعد طائفة, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم, فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"..
ففي هذين الوقتين تُرفَع التقارير اليومية آخرَ كل يوم وليلة..
فعملُ النهار يُرفَع في آخره، وعملُ الليل يُرفَع في آخره... وهكذا..
وهذا الرفع يُطلَق عليه الرفع الخاص؛ أي:
خاص بعمل الأيام والليالي .
::: أمّا التقاريرُ الأسبوعية :::
فهي تقارير ترفع كل اثنين وخميس ..!
كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((تُعرَض أعمال الناس في كلِّ جمعةٍ مرتين، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شَحْنَاء، فيقال: اتركوا أو ارْكُوا هذين حتى يَفِيئا)) ..
وفي الحديث ايضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس. فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا، إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء.
فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا».
أي أمهلا هذين حتى يتصالحا.
وفي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قلت: يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما .
قال صلى الله عليه وسلم:
« أيُ يومين ؟ »
قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس.
قال:
« ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».
- ولقد كان إبراهيم النخعي يبكي امرأته يوم الخميس وتبكي إليه، ويقول :
" اليوم تُعرض أعمالنا على الله عزوجل ".
- وكان الضحاك يبكي آخر النهار ويقول:
لا أدري ما رُفع من عملي ".
وهذا بمثابة التقرير والرفع الأسبوعي عنك يا ابن آدم .!
فأين العمل وأين الحياء من الله؟!
وأين المسابقة والمنافسة على الأعمال الصالحة؟!
وما يتعلق كذلك بتقرير ورفع الاسبوع :
التقرير الذي يرفع يوم الجمعة الذي تشهده الملائكة ليكتبوا ويسجلوا الذين يحضرون المساجد للصلاة، بل يسجّلون متى حضر فلان ؟!
ومتى حضر فلان ؟!
وهناك من لا ينال هذا الشرف بتقصيره وتساهله،
فلا يحضر الا متأخراً في كل جمعه .!
لا يحضر إلاّ اخر الناس .!
ولا يأتي إلا عند أقامه الصلاه .!
قد قضى وقته كله في الفراغ والقيل والقال والتنزه من مكان لآخر وشغل وقته في السوق وحَرمَ نفسه خيراً كثيراً..
وانظروا وتأملوا عندما تُرفع تقارير عن الموظفين الى المدير كيف يعاقب المتهاونين بالحرمان .! وكيف يكافىء المجدين بالترقية.!
فكيف بمن يرقيه الله سبحانه وتعالى-!!
ففي الحديث الذي رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشًا ، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام
أي : صعد المنبر ليخطب طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر".
والله يقول (( الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )) ( 9) الجمعه
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويا فوز المستغفرين ..
الخطبه الثانيه :
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
إذاً تقارير يوميه ترفع كل يوم وليله .!
وتقارير اسبوعيه ترفع يومي الاثنين والخميس.!
وتقرير يرفع في كل جمعه .!
::: كذلك التقارير السنوية :::
وهي التقارير التي تشمل رفع جميع أعمال السنة وترفع في شهر شعبان .!
ترفع في هذا الشهر الذي تعيشون نصفه الثاني
هذا الشهر الذي غفل الناس عن فضائله ومِنَحه وجوائزه الربانية .!
مع ما شُرعَ فيه من جميع أعمال البر من الصدقة وقراءة القرآن والذكر والصيام..
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصوم أكثر أيامه، وعندما سئل عن ذلك أخبر
عليه الصلاة والسلام أنه شهر ترفع فيع الأعمال؛ عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"شعبان بين رجب وشهر رمضان، تغفل الناس عنه، تُرْفع فيه أعمال العباد، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم".
::: اما التقارير الاخيره فهي التقارير الختامية
التقارير النهائية :::
وهذا النوع من التقارير يكون عند انقضاءِ الأَجَل، وانتقالِ الروح إلى باريها،
وحينها تُطوى صحيفة عمل العبد ويُختَم عليها،
ويتوقف التسجيل عليها ثم ترفع جميع مافيها إلى ملك الملوك تبارك وتعالى ..
وحينها لا يقدر اي انسانٍ ان يضيف الى صحيفته حسنه واحده ...
ولا يستطيع ان يقدم او يؤخر شيء.!
ولايملك حولاً ولا قوه ولاطول ..!
إلا أنَّ هناك ثمه ابواب وطرق ووسائل يحتاط لها الأذكياء من البشر ليبقى عملهم جارٍ وعداد حسناتهم مستمر وثواب أعمالهم متواصل بعد موتهم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ..
- وهم اؤلئك الذين تركوا لهم في الدنيا حسنات جاريه ..
- إنهم اولئك الذين يرون ان هذه الدنيا ماهي
إلاّ متاع زائل وسراب خادع وظل مزيف وأنها مجرد ساعات ، وأنها محطه عبور للاخره وان اموالهم التى جمعوها سيرثها غيرهم عند ذلك يسارعون في الخيرات ويسابقون في القربات فينفقون ويبذلون ويُعطون بسخاءٍ وكرم.!
نعم اخي الحبيب :
إن صلاتك وصيامك وحجك وعمرتك وقضاءك لحوائج الناس سينقطع ثوابها بموتك...
إلاّ ما بقى لك من أعمال يجري ثوابها لك ولو مت، ومن أهم هذه الأعمال :
كمن حفر بئراً او جرى نهراً او بنى مسجداً
او ورث مصحفاً او اوقف أرضاً ليذهب رعيها للمحتاجين، أو بناء مشفى، أو علمٌ يُنتفع به مثل أن يكون قد كأن يؤلف كُتباً مفيدة، أو اشتراها ووضعها في مكتبة، أو يترك ولداً صالحاً يدعو له بعد مماته.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني من حديث
ابي هريره رضي الله عنه :
( إِنَّ مِمَّا يَلحَقُ المُؤمِنَ مِن عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعدَ مَوتِهِ: عِلمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصحَفًا وَرَّثَهُ، أَو مَسجِدًا بَنَاهُ، أَو بَيتًا لابنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَو نَهرًا أَجرَاهُ، أَو صَدَقَةً أَخرَجَهَا مِن مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلحَقُهُ مِن بَعدِ مَوتِهِ) ..
وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله
إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له"...
ايها الأحباب الكرام :-
ومع أن هذه التقارير تُكتَب وتُرفع إلى رب العباد، إلا أنه تبارك وتعالى توَّاب يحب التوَّابين؛
لايرد تائباً ولا يرد سائلاً ولايرد دعاء من دعاه
ولا يطرد احداً طرق بابه..
فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من مغربِها؛ كما جاء في الحديثٍ الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عزوجل يَبسُط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))
وهذا من كرمه عزوجل أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت.
فإذا أذنب الإنسان ذنبًا في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته ولو تاب في الليل.
وإذا أذنب وتاب في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته.
بل إنه تعالى يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
وفي الحديث :
((إن الله تعالى يَقبَل التوبة من عباده ليلاً ونهارًا ما لم يُغَرْغِروا، أو تطلع الشمس من مغربها))..
قال سبحانه وتعالى :
{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }
وقال الله تعالى -:
﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾ [الأنعام: 158].
فإذا تاب العباد توبة صادقة، تاب الله عليهم،
وبدَّل السيئات حسنات، كما أخبر بذلك في قوله: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].
قدم لنفسك اليوم توبهً مرجوهً
قبل المماتِ وقبل حبس الالسنِ
بادر بها غلقَ النفوس فإنها
ذُخرٌُ وغنمٌ للمنيب المحسنِ
أسأل الله أن يحسن خاتمتنا وان يثبتنا بالقول الثابت في الحياه الدنيا وفي الاخره ...
اللهم اجعلنا من التائبين الذين بُدِّلت سيئاتهم حسنات، يا رب العالمين!
اللهم لا تتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لا مسيئين يا ارحم الراحمين.
اللهم اعصمنا من الزيغ والظلاله ومن الغوايه بعد الهدايه ومن الفساد بعد الصلاح ياحي ياقيوم.
اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وتقبل صالح أعمالنا، وتجاوز عن سيئاتنا.
اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان .!
اللهم ارزقنا في شعبان عملاً متقبلاً ولساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وعيناً دامعاً وجسداً على البلاء صابرا...
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
شعبان ومواعيد رفع الاعمال
إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 4 مايو 2018 م
الموافق 18 شعبان 1439هـ
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
إن الله تعالى خلقنا وكلفنا بعمل الصالحات، وأخبرنا أنها ستوزن بميزان الحق والعدل،
فقال سبحانه :
﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].
واستشعار المرء وقوفه بين يدي الله عزوجل؛ ليحاسبه على الكثير والقليل، والصغير والكبير، يجعله يبادر إلى فعل الخيرات استعداداً ليوم العرض الأكبر.
الذي تعرض فيه اعمال العباد على الله جل ثناؤه .
فانظر وتأمل وفكر، كيف سترفع أعمالك؟!
وهل هي أعمال ترفع الدرجات؟!
أم أنها أعمال تستحي أن تعرضها على إنسان مثلك، فكيف برب الأرض والسماوات الذي خلقك
واختار لك اسمك واختار جمالك واختار قوامك واختار لك أباك وأمك وروحك الخاصه ووجهك الخاص ولونك الخاص وهيئتك الخاصه وقد لك
ورزقك وأسبغ عليك نعمه الظاهرة والباطنة؟!
هل هذة التقارير تؤهلك للنجاح والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة؟!
أم أنها أعمال ظلمت فيها وقصّرت في العبادات وارتكبت المحرمات وسفكت الدماء وناصرت الظلمة وأخذت حقوق العباد دون وجه حق، وكذبت وزوت وشهدت شهادة الزور وعققت والديك وقطعت رحمك...
نعم يا اخوتي الكرام :
تقارير اعمالنا كلها مرفوعه الى الله جل وعلا
- وهذة التقارير ليستْ كتقاريرِ البشر، التى يحتوي أكثرها الكذب والتلفيق وتزوير الحقائق..
- ليست كتقارير البشر التى غالباً ماتكون عرضهً للأخطاء والسهو والنسيان والزلل وقابله للحذف
او الاضافه او التعديل.
او يُعاد النظر فيها مرات ومرات اخرى..
ولكنها تقارير ربانيه تختلف عن تقارير البشر في أمور عدة، منها :
أولاً : أن كُتَّاب هذه التقارير مهرة في الكتابة والإحصاء،فيحصون الصغيره والكبيره والحقير والقطمير ويكتبون القول والفعل والزمان والمكان؛ قال تعالى -:
﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18
وقال: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].
وقال: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7- 8].
ثانياً : أن كَتبَة هذه التقارير أُمناء، فلا يحابون
ولا يجاملون؛ ولا يُهادنون وكل شيء عندهم مسجل ومحسوب ويتم توثيقه في سجل لا يُغيّر
ولا يبدل ولا يزور؛ قال تعالى:
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة:6]،
﴿ كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 11- 12]،
﴿ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].
ثالثاً : أن هذه التقارير تُكتب في سجلات كبيرة،
ثم تُنشر يوم البعث والنشور:
﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10]
﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ [الإسراء: 13- 14].
وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي، والنسائي، وحسَّنه الألباني من حديث
عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشرُ عليه تسعةً وتسعين سجلاًّ، كُلُّ سجل مثل مدَ البصر..
ثم يقول له:
عبدي أتُنكِر من هذا شيئًا؟؟
أظَلَمكَ كتبتِي الحافظون؟؟
فيقول: لا يا رب.
فيقول: أفَلَك عذرٌ؟.
فيقول: لا يا رب.
فيقول الله : بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم..
قال فيُخرج بطاقة فيها:
(أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).
فيقول: احضُر وزنَكَ..
فيقول العبد : يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟
فقال: فإنك لا تُظلَم..
قال: فتوضع السجلات، وثَقُلت البطاقة ولا يَثْقُلُ مع اسمِ اللهِ تعالى شيء)).
رابعاً : أن هذه التقارير يُبنَى عليها المستقبل الحقيقي للشخص.
فإن كانت تقاريرَ إيجابية .!
تقارير كلها في الطاعه والخير .!
تقارير في خدمه الدين والعقيده .!
تقارير في بذل الروح والمهج لاجل الله وفي الله.!
[ سعِد صاحبُها في الدنيا والآخرة ]
وإن كانت تقارير سلبية .!
او كانت مظلمه وسوداء .!
او كانت في خدمة الشر والطاغوت .!
وفي سبيل الشيطان الرجيم .!
[ فلا يلومنَّ صاحبها إلا نفسه ]
ومصداق ذلك ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ((يا أهلَ الجنة، خلودٌ فلا موتَ، ويا أهل النار، خلودٌ فلا موتَ)) .
خامساً : أن الذي يطلع على هذه التقارير ليس رئيس مؤسسة، ولا وزيرًا، ولا رئيسًا، ولا ملِكًا؛
إنما هو مَلِك الملوك جل في علاه -:
﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ﴾ [الكهف: 48].
وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
((يُدنَى المؤمن من ربه
وقال هشام: يَدنُو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرره بذنوبه، تَعرِف ذنب كذا؟
يقول: أعرف، يقول: ربِّ أعرف مرتين،
فيقول: سترتُها في الدنيا، وأغفرها لكَ اليوم،
ثم تُطوَى صحيفةُ حسناتِه .!
وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد:
﴿ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]))
نعم ايها الأحباب الكرام
روّاد مسجد بلال بن رباح :
ثَمَّة تقارير يومية، وأسبوعية، وسنوية، وختامية، تُرفَع عن كل عبدٍ من عباد الله إلى ربه تبارك وتعالى كما دلَّت على ذلك نصوصُ الكتاب والسنة النبوية المطهره على صاحبها افضل الصلاه وأتم التسليم ..
:؛؛ فالتقارير اليوميه :::
هي تلك التقارير التى ترفع عن العبد يومياً اولاً بأول وسواءً كانت قوليه او فعليه ..
ودليل ذلك ما جاء في الحديث الذي [رواه مسلم].
من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخمس كلمات، فقال :
((إن الله عزوجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل...)) .
يقول المُنَاوي :
"معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده ..
وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده ..
فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل".
وهناك غيرهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار ليرفعوا تقارير للملك الجبار سبحانه عن أعمالنا صغيرها وكبيرها؛ ففي الحديث المتفق عليه من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يَعرجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي ؟!
فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون ".
يقول النووي : معنى "يتعاقبون" أي :
تأتي طائفة بعد طائفة, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم, فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"..
ففي هذين الوقتين تُرفَع التقارير اليومية آخرَ كل يوم وليلة..
فعملُ النهار يُرفَع في آخره، وعملُ الليل يُرفَع في آخره... وهكذا..
وهذا الرفع يُطلَق عليه الرفع الخاص؛ أي:
خاص بعمل الأيام والليالي .
::: أمّا التقاريرُ الأسبوعية :::
فهي تقارير ترفع كل اثنين وخميس ..!
كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((تُعرَض أعمال الناس في كلِّ جمعةٍ مرتين، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفَر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شَحْنَاء، فيقال: اتركوا أو ارْكُوا هذين حتى يَفِيئا)) ..
وفي الحديث ايضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس. فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا، إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء.
فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا».
أي أمهلا هذين حتى يتصالحا.
وفي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قلت: يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما .
قال صلى الله عليه وسلم:
« أيُ يومين ؟ »
قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس.
قال:
« ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».
- ولقد كان إبراهيم النخعي يبكي امرأته يوم الخميس وتبكي إليه، ويقول :
" اليوم تُعرض أعمالنا على الله عزوجل ".
- وكان الضحاك يبكي آخر النهار ويقول:
لا أدري ما رُفع من عملي ".
وهذا بمثابة التقرير والرفع الأسبوعي عنك يا ابن آدم .!
فأين العمل وأين الحياء من الله؟!
وأين المسابقة والمنافسة على الأعمال الصالحة؟!
وما يتعلق كذلك بتقرير ورفع الاسبوع :
التقرير الذي يرفع يوم الجمعة الذي تشهده الملائكة ليكتبوا ويسجلوا الذين يحضرون المساجد للصلاة، بل يسجّلون متى حضر فلان ؟!
ومتى حضر فلان ؟!
وهناك من لا ينال هذا الشرف بتقصيره وتساهله،
فلا يحضر الا متأخراً في كل جمعه .!
لا يحضر إلاّ اخر الناس .!
ولا يأتي إلا عند أقامه الصلاه .!
قد قضى وقته كله في الفراغ والقيل والقال والتنزه من مكان لآخر وشغل وقته في السوق وحَرمَ نفسه خيراً كثيراً..
وانظروا وتأملوا عندما تُرفع تقارير عن الموظفين الى المدير كيف يعاقب المتهاونين بالحرمان .! وكيف يكافىء المجدين بالترقية.!
فكيف بمن يرقيه الله سبحانه وتعالى-!!
ففي الحديث الذي رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كبشًا ، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام
أي : صعد المنبر ليخطب طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر".
والله يقول (( الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )) ( 9) الجمعه
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الايات والذكر الحكيم واقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم من كل ذنب ويا فوز المستغفرين ..
الخطبه الثانيه :
ثــم أمـــا بـــعــــــد أيها الكرام :
إذاً تقارير يوميه ترفع كل يوم وليله .!
وتقارير اسبوعيه ترفع يومي الاثنين والخميس.!
وتقرير يرفع في كل جمعه .!
::: كذلك التقارير السنوية :::
وهي التقارير التي تشمل رفع جميع أعمال السنة وترفع في شهر شعبان .!
ترفع في هذا الشهر الذي تعيشون نصفه الثاني
هذا الشهر الذي غفل الناس عن فضائله ومِنَحه وجوائزه الربانية .!
مع ما شُرعَ فيه من جميع أعمال البر من الصدقة وقراءة القرآن والذكر والصيام..
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصوم أكثر أيامه، وعندما سئل عن ذلك أخبر
عليه الصلاة والسلام أنه شهر ترفع فيع الأعمال؛ عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"شعبان بين رجب وشهر رمضان، تغفل الناس عنه، تُرْفع فيه أعمال العباد، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم".
::: اما التقارير الاخيره فهي التقارير الختامية
التقارير النهائية :::
وهذا النوع من التقارير يكون عند انقضاءِ الأَجَل، وانتقالِ الروح إلى باريها،
وحينها تُطوى صحيفة عمل العبد ويُختَم عليها،
ويتوقف التسجيل عليها ثم ترفع جميع مافيها إلى ملك الملوك تبارك وتعالى ..
وحينها لا يقدر اي انسانٍ ان يضيف الى صحيفته حسنه واحده ...
ولا يستطيع ان يقدم او يؤخر شيء.!
ولايملك حولاً ولا قوه ولاطول ..!
إلا أنَّ هناك ثمه ابواب وطرق ووسائل يحتاط لها الأذكياء من البشر ليبقى عملهم جارٍ وعداد حسناتهم مستمر وثواب أعمالهم متواصل بعد موتهم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ..
- وهم اؤلئك الذين تركوا لهم في الدنيا حسنات جاريه ..
- إنهم اولئك الذين يرون ان هذه الدنيا ماهي
إلاّ متاع زائل وسراب خادع وظل مزيف وأنها مجرد ساعات ، وأنها محطه عبور للاخره وان اموالهم التى جمعوها سيرثها غيرهم عند ذلك يسارعون في الخيرات ويسابقون في القربات فينفقون ويبذلون ويُعطون بسخاءٍ وكرم.!
نعم اخي الحبيب :
إن صلاتك وصيامك وحجك وعمرتك وقضاءك لحوائج الناس سينقطع ثوابها بموتك...
إلاّ ما بقى لك من أعمال يجري ثوابها لك ولو مت، ومن أهم هذه الأعمال :
كمن حفر بئراً او جرى نهراً او بنى مسجداً
او ورث مصحفاً او اوقف أرضاً ليذهب رعيها للمحتاجين، أو بناء مشفى، أو علمٌ يُنتفع به مثل أن يكون قد كأن يؤلف كُتباً مفيدة، أو اشتراها ووضعها في مكتبة، أو يترك ولداً صالحاً يدعو له بعد مماته.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني من حديث
ابي هريره رضي الله عنه :
( إِنَّ مِمَّا يَلحَقُ المُؤمِنَ مِن عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعدَ مَوتِهِ: عِلمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصحَفًا وَرَّثَهُ، أَو مَسجِدًا بَنَاهُ، أَو بَيتًا لابنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَو نَهرًا أَجرَاهُ، أَو صَدَقَةً أَخرَجَهَا مِن مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلحَقُهُ مِن بَعدِ مَوتِهِ) ..
وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله
إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له"...
ايها الأحباب الكرام :-
ومع أن هذه التقارير تُكتَب وتُرفع إلى رب العباد، إلا أنه تبارك وتعالى توَّاب يحب التوَّابين؛
لايرد تائباً ولا يرد سائلاً ولايرد دعاء من دعاه
ولا يطرد احداً طرق بابه..
فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من مغربِها؛ كما جاء في الحديثٍ الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عزوجل يَبسُط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))
وهذا من كرمه عزوجل أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت.
فإذا أذنب الإنسان ذنبًا في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته ولو تاب في الليل.
وإذا أذنب وتاب في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته.
بل إنه تعالى يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
وفي الحديث :
((إن الله تعالى يَقبَل التوبة من عباده ليلاً ونهارًا ما لم يُغَرْغِروا، أو تطلع الشمس من مغربها))..
قال سبحانه وتعالى :
{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }
وقال الله تعالى -:
﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾ [الأنعام: 158].
فإذا تاب العباد توبة صادقة، تاب الله عليهم،
وبدَّل السيئات حسنات، كما أخبر بذلك في قوله: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].
قدم لنفسك اليوم توبهً مرجوهً
قبل المماتِ وقبل حبس الالسنِ
بادر بها غلقَ النفوس فإنها
ذُخرٌُ وغنمٌ للمنيب المحسنِ
أسأل الله أن يحسن خاتمتنا وان يثبتنا بالقول الثابت في الحياه الدنيا وفي الاخره ...
اللهم اجعلنا من التائبين الذين بُدِّلت سيئاتهم حسنات، يا رب العالمين!
اللهم لا تتوفنا الا وانت راضٍ عنا مقبلين غير مدبرين محسنين لا مسيئين يا ارحم الراحمين.
اللهم اعصمنا من الزيغ والظلاله ومن الغوايه بعد الهدايه ومن الفساد بعد الصلاح ياحي ياقيوم.
اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وتقبل صالح أعمالنا، وتجاوز عن سيئاتنا.
اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان .!
اللهم ارزقنا في شعبان عملاً متقبلاً ولساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وعيناً دامعاً وجسداً على البلاء صابرا...
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق