🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ }( 2 )
من فوائد المداومه :( تفريج الكربات وإزالة المصائب والنجاة من الشدائد )
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 12 }} الجزء الثاني
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 13 يوليو 2018م
الموافق 29 شوال 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
وقفنا في الجمعه الماضيه حول عمل من احب الاعمال الى الله وهو المداومه على العمل الصالح
كما جاء ذلك في حديث عائشه رضي الله عنها
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( أحبُ الاعمال الى الله ادومها وان قل )..
وقلنا ان من فوائد وآثار وثمار المداومه على العمل الصالح :
( دوام اتصال القلب بخالقه - وثمرة حسن الخاتمه - وثمرة الثبات على الدين ومعية الله - وثمرة
ان المداوم لا يرد الى ارذل العمر - وثمرة سلامه القلب من النفاق والنجاة من النار - وثمرة محو الخطايا والذنوب ).
وتوقفنا عند ثمرة :
( ان المداومه على العمل الصالح سببٌ لتفريج الكربات وإزالة المصائب والنجاة من الشدائد )
وكماجاء في حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي وأحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس "يا غلام إني أعلمك كلمات :
أحفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك".
وعن أحمد في مسنده بلفظ :
"احفظ الله تجده أمامك تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".
فمن داوم على شرع الله والعمل الصالح
وحفظ أمر الله فإن الله يحفظه عند الشدائد.
ولن يتخلى الله عنه في الشدة والبلاء.
وفي حديث ابي هريره رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من سرّه ان يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء ".
نعم ايها الأحباب الكرام :
إنَّ سعادةَ الإنسانِ في الدنيا والآخرة منوطةً بالأعمالِ الصالحة التي تقربه إلى الله زلفى،
وإنَّ ثمارَ هذه الأعمال المباركة يجنيها صاحبَها في الآخرة جنةً وفرحةً وسرورًا، وفي الدنيا سعادةً وسلامةً وسعة.
ومعلومٌ لدينا جميعًا أننا إذا أحاطت بنا الكروب وضاقت بنا المحن فإنه لا مُخلِّص لنا ولا منجّيَ
إلا الله جل وعلا .!
وحيا من قال :
يا صاحبَ الهمِّ ان الهمَّ منفرجٌ
ابشر بخيرٍ فإنّ الفارجَ الله
اللهُ يُحدثُ بعد العسر ميسرة
لاتجزعنّ فإن الفارج الله
انظروا إلى يونس بنِ متى عليه السلام
وهو يسقطُ في لُجَجِ البحارِ فيبتلعه الحوت،
فلا أحدٌ يعلمُ مكانه، ولا أحدٌ يسمعُ نداءه،
ولكن يسمعُ نداءه من لا يخفى عليه نداء،
ويعلمُ مكانه من لا يغيب عنه مكان، فدعا يونسُ ربه وهو في الظلمات :
(ان لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
فيأتي الجوابُ الإلهي :
(فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات: 143، 144].
ويأتي الفرجُ الرباني والغوثُ الإلهي :
(وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)
[الأنبياء: 88]
وليس المراد بقوله: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ) تسبيحه في بطن الحوت .!
ولكن المراد كما قال المفسرون :
أنه كان من المسبّحين الذاكرين قبل وقوعه في بطن الحوت .
قال الحسن البصري :
"ما كان ليونسَ صلاة في بطن الحوت، ولكن قدّمَ عملاً صالحًا في حالِ الرخاء فذكره الله في حالِ البلاء".
فالاعمالُ الصالحه والدوامُ عليها نجاةٌ من المصائب ونجاةٌ من الكربات والشدائد :
ولن أُكثرَ من الأدله والشواهد التى تؤيد هذا المعنى إنما سأكتفي اليوم بقصةٍ قصّها علينا المصطفى صلى الله عليه وسلم .!
وهي قصةٌ واقعية حدثت في الأمم قبلنا ،
حدثت في الزمن الغابر، فيها تربيةٌ للنفوس، وإصلاحٌ للقلوب، وتقويةٌ وترسيخٌ للإيمان .!
هذه القصه تؤكدُ انّ سعادةَ الإنسانِ الكاملة، وانشراح الصدر وطِيبُ العيش في هذه الدنيا لاتكون إلاّ :
إذا كان مطيعاً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومؤدياً للأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله زلفى
كما تُبيَّن لنا هذه القصه أنّ نجاة المسلم. وخلاصه من الكربات والأزمات والمحن بيد علام الغيوب، الذي لا يُضيّعُ عباده أبداً مهما أحاطت بِهمُ الضوائق والشدائد والملمات .
إنها قصةٌ تحكي حالَ ثلاثة نفرٍ ممن سبقنا،
هم أصحابُ قلوبٍ مؤمنةٍ بالله.!
أشخاص لهم رصيد من الأعمال الصالحة؛
أحبوا ربهم، وأطاعوه فيما أمرهم، وبذلوا جهدهم في إرضائه، فابتُلوا بقدرٍ من الله، عاشوا لحظاته بين همٍّ وغَمٍّ، وشِدةٍ وكَربٍ، وضِيقٍ وحُزن؛ ولكن كانت قلوبهم متعلقةٌ بالله .!
متيقنةٌ بأنه لا يكون شيء في هذا الكون إلا بأمره وقَدَره، فلجِئوا إليه، ودعَوه بصالح أعمالهم،
فلبى دعائهم، واستجاب لهم، وفرّجَ عنهم كربتهم، وكانت تلك كرامةً منه تعالى لهم.
نعم أحبتي الكرام :
ثلاثةُ نفر آواهم المبيت في غار فانطبقت على بابِ غارهم صخرةٌ كبيره فسدت عليهم باب الغار..
فأصبحوا بعد انطباق الصخرة عليهم في حالٍ أشدَّ من حالهم السابقة ...!!!
حيث كانوا يستطيعون الصبر على المطر والمشي تحت قطراته المتساقطة .!
أمّا حالُهم بعد انسدادِ الغار فهي حالةُ موتٍ محقق .!
فعَظُمت حينئذٍ مصيبتهم، وانعدمت بالناس صلتهم.
أصبحوا محصورين لا يمكن أن يصلوا إلى أحد، أو يصل إليهم أحد، ليست هناك وسائل للاتصال نهائياً .!
لا الآثار ولا الصوت، ولا الاتصال، جميع الوسائل مقطوعة.
لقد أصبح هؤلاء الثلاثة كحالِ قومٍ في سفينةٍ لعبت بها الأمواجُ يمنةً ويسرة في يومٍ عاصف ، ترفعهم تارةً وتخفضهم تارةً أخرى وهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً.
بل مَثَلُهم كمثلِ قومٍ في طائرةٍ حلّقت في جو السماء وحصل فيها خلل فأخذت تتأرجح بهم في الفضاء يميناً وشمالاً، ومابين الصعود والهبوط، ينتظرون الموت في كل لحظة، وقائد الطائرة لايملك من الأمر شيئاً.
وهنا علموا أنّه لا نجاةَ لهم إلاّ بالله الذي يرى مكانهم ويعلم بحالهم ويسمع شكايتهم، وهو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. فقالوا فيما بينهم :
لا ينجيكم من هذه الورطة، ولايخلصم من هذه الشده ، ولا يُزحزح عنكم هذه الصخرة، إلا القادر على كلِّ شيء الذي يُجيب المضطر إذا دعاه. فادعوا الله بصالح أعمالكم.
وهكذا يتوجه العارفون لله عند حلولِ الشدائد
لعلمهم انه لا يكشف الضر إلا الله؛ لذلك لجئوا إليه، وهذا من تمام التوحيد .!
بخلاف مشركي زماننا، الذين يلتجئون عند المصائب إلى أصحاب القبور والأموات والأضرحة والأولياء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا، ولا ضرا،
ولا يملكون موتاً ولاحياةً ولانشوراً ..
( ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )
فتقدم أول هؤلاء الثلاثه ليتوسل لله بأفضلِ وارجى اعماله فقال :
" اللهم إنّه كان لي أبوان شيخان كبيران،
وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً. أيْ:
لا أقدَّم في الشرب قبلهما أحدا.
فتأخر عليهما ليلة حتى نام أبواه قبل أن يأتي إليهما فلما وجدهما نائمين، انتظر استيقاظهما، والقدح في يده، ولم يرض أن يسقي صبيته قبل أبويه، ولم يستيقظ أبواه حتى برق الفجر .
فاستيقظا فشربا غبوقَهما.
ثم قال : اللهم إن كنت صنعتُ هذا إبتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.
فانفرجت الصخرة شيئاً قليلاً غير أنهم.
لا يستطيعون الخروج".
فهذا الاول :
توسل إلى اللهِ بعبادةٍ عظيمةٍ أخْلَصَهَا لله .!
توسل ببرِ والديه، وحرصه على راحتهما وعدم تنغيصِ النوم عليهما، بل وإيثارهما على أولاده .
وحبُّ الأولاد طبع، وحبُّ الوالدين شرع.
والنفسُ ربما قَدمتِ الطبع على الشرع،
ولكن هذا الرجل غلّب الشرع على الطبع ،
وهذا ما لا يستطيعه إلاّ من قوي إيمانه،
وحزم مع نفسه .
فيا من عقَّ والديه أو أحدهما ؟
ماذا أعددت للنوائب ؟؟!
وماذا أعددت للنوازل .!؟
وماذا أعددت للمصائب ؟
أو يُعقل ان تتوسلَ لربك بعقوقك وبتقديم زوجَك وولدَك على والديك ؟
بل أما علمت أن العقوقَ نفسه سببٌ للمصائب والنوازل .!
نعم أحبتي الكرام :
اسألوهم عن اسباب المشاكل التى طحنتهم طحنا!
واسألوهم عن اسباب الهموم والغموم التى لزمتهم دهراً.!
واسألوهم عن اسباب الامراض التى نزلت على رؤسهم دون ان تفرق بين صغيرهم وكبيرهم .!
واسألوهم عن الأسباب التي محقت البركه من اموالهم والصحه من أجسادهم ..
ستجدون جواباً لكل هذا وهو بسبب :
[[ عقوقهم لآبائهم وامهاتهم ]] ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"اجتنبوا السبع الموبقات، ومنها (عقوق الأمهات )"
وهي رسالة إلى من عقّ والديه وأطاع زوجته وفضّل أولاده على والديه :
أن يتوب إلى الله فيبرّ والديه ويحسن إليهما
ويرجع إليهما قبل فوات الآوان .!
ثم تقدم الثاني متوسلاً لله بأرجى اعماله فقال :
اللَّهم إنه كانت لي ابنةُ عم ٍكانت أحبَ الناس إليَّ، وفي رواية :
كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها عن نفسها أي؛:
طلبت منها ما يطلب الرجل من زوجته فامتنعت مني، حتى ألمّت بها سنة من السنين قحطٌ، وجوعٌ، وفقرٌ فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، وفي رواية فلما قعدت بين رجليها قالت:
" اتق الله ولا تفضنّ الخاتم إلا بحقه "
فانصرفت عنها، وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها .!
" اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم
لا يستطيعون الخروج منها .."
وهذا الثاني :
توسل إلى الله بتركه الفاحشة بابنة عمه ، وتَرَكَ الحرام لله بعد أن تمكن منه، ولم يَحِلْ دون ارتكابه حائل إلا حائلُ التقوى، حُرِّك في قلبه فتحرك، وذُكِّر به فتذكر :
( اتق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه ).
- فقام عن الفاحشة، وانصرف عن الزنا ..
خاف مقامه ربه فنهى النفس عن الهوى .
- قام عن الفاحشة تعظيماً لله، ليس انغلاقاً نفسياً، وإعراضاً لا إرادياً، بل قام عن ابنة عمه وهي أحبَ الناسِ إليه .
فأين هذا ممن يبذل ماله ، وفكره ، وجهده ، ووقته وسلامة دينه مقابل ما هو أقل من ذلك من نظرة
أو نظرات محرمة، ويقال له : ( اتق الله )
ويخوف بسطوة الله وقرب انتقامه ثم لا يتوبون
ولا هم يذّكرون والله تعالى يقول :
( يَعلَمُ خَائنةَ الأَعينِِ ومَا تُخفِي الْصُدور ).
ثم تقدم الثالث ليتوسل لله بارجى اعماله فقال :
اللهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم غيرَ رجل واحد ترك الذي له وذهب .قال :
فثمَّرت أجره حتى كَثُر، فجاء بعد حين يريد أجره. فقلت :
كل ما ترى من إبلٍ وبقرٍ وغنمٍ ورقيقٍ هو أجرك.
فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي !!
فقلت: لا أستهزأ بك، ولكنّه حقك..
فأخذه كله فاستاقه ولم يدع لي منه شيئاً .!
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون.
وهذا الثالث :
تقربّ وتوسل إلى الله بالأمانة، وحِفْظِ حقّ الضعيف، ولم يأكل عليه ماله بحجة أنه هو الذي تركه ، بل لم يقتصر عمل هذا أن حفظ الأمانة على وجهها، فحسب .!
بل كان محسناً، فنَّمى المال لصاحبه، ولم يأخذ منه شيئاً ولم يتردد بدفعه إليه فغلبَ بهذا شحَّ نفسه :
(ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون).
وهي رساله للذين يعيشون على الرشاوى في معاملاتهم .!
وللذين يأخذون امولاً خداعًا، وكذباً وهم لايستحقونها !!
كماهي رساله الى كل مؤتمن على مال غيره .!
ولكل قائم على مالِ أيتام .!
ولكل ناظر على أوقافِ أمواتٍ أو أحياء .!
كماهي رسالة إلى من يأكل أموال العمال .!
وإلى من يـأكل أموال المستضعفين .!
أنّ هذه حقوق بشر وهي امانه ويوم القيامه حسابٌ وعقاب وخزيٌ وندامه ونارٌ تلظى لايصلاها
إلا الأشقى !
فهذه ثلاثهُ اعمال صالحه وأعمال طيبه قدمها هؤلاء الثلاثه النفر .!
صدقوا بها مع الله فصدقهم الله، ولم يضيعهم،
ولم يخزهم، ولم يُسلمهُمْ إلى ما يُعكرُ صفو حياتهم .!
بل تولاهم بفضله سبحانه .!
وأحاطهم برحمته جل جلاله .!
وأفاض عليهم من جزيل هباته جلت قدرته .!
فنالوا ولاية الله تعالى وحازوا خيري الدنيا والآخرة.
وهنا لابد لنا من وقفة مع هولاء الثلاثه الذين لجؤا الى الله بأخلص وارجى أعمالهم فكانت سبباً لنجاتهم وخلاصهم.
انِ ابحث يااخي الكريم :
يميناً وشمالاً وفتش في سجل ايامك حتى عمرك هذا الثلاثين او الأربعين او الخمسين او الستين لتجد لك عملاً صالحاً بينك وبين الله فقط .!
لايعرفه احد ولايعلم به بشر .!
ولا تقول لي صلاةً او صياماً او حجاً ..!
انما اريدُ منك أرجى عمل صالح لا يعرفه بشر .!
اريد اخلص عمل صالح لا يدري به مخلوق وعند الشدائد وعند حلول الكربات تلتجأ الى الله وتتوسل به اليه .
وكم هو العدد الهائل لتلك الاعمال التى تفتح ذراعيها للكثير لتكون اعمالاً مدخرهً لهم ولكن الأغلب يغضون الطرف عنها او لايبالون .
- فكم هناك من الشباب الفقراء الذين شاب شعرُ رؤسهم يريدون الزواج وإكمال نصف دينهم واعفاف انفسهم ثم لا يجدون عوناً لهم لاعفافهم ولو بشيء يسير من المال. .
ومن اعانهم سيكون هذا عملاً صالحاً مدخراً عند شدائده ومحنه يدعوا الله ويتوسل به اليه .
- كم هناك من اسرٍ تموت من الجوع لايجدون كسرة الخبز ولاشربه الماء ولاحفنة التمر لاتجد لها كافلاً او معيناً او راعياً وليكون له عملاً مدخراً صالحاً يدعوا الله ويتوسل به اليه عند نزول المصائب والمحن .
- كم هناك من اسرٍ يفترشون الارض يبيتون على العرى لايجدون مسكناً يلفهم ولابيتاً يؤيهم ولو ان احدنا سارع ببناء غرفهً لهم ليستر حالهم بدل ان يحجّ الثلاث او الاربع مرات او يعتمر الخمس والست مرات وليكون هذا عملاً صالحاً مدخرا له يدعوا الله ويتوسل اليه به عند محنه وشدائده.
- كم هناك من السجناء الذين قضوا حياتهم في سجونهم بسبب مديونيه ماليه قد تاقت نفوسهم للحريه يريدون ان يعيشوا كما يعيش الناس وينعموا ببقيه اعمارهم مع أهلهم وبين أولادهم كماينعم غيره ولو ان احدنا تقدم ودفع عنه ذلك
او حتى بشيء بسيط لكان هذا عملاً صالحاً مدخرا ينفعه عند شدائده ومحنه ومصائبه وكرباته...
فأخلِصوا العمل لله، وراقبوا الله، وبرّوا والديكم تحوزوا بذلك أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ويبعد عنكم مصائب الدنيا، وأهوال الآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
يقصُ علينا نبينا ورسولنا الله صلى الله عليه وسلم
اليوم قصةَ ثلاثةِ نفر قدموا َحقَِّ الله على مراد أنفسهم وأهوائهم فلم يخذلهم الله..
انها قصةٌ عجيبة يُجملُ فيها النبي صلى الله عليه وسلم أسباب الخروج من الأزمات والنجاة من المهلكات في ثلاثه امور :
ببرُّ الوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما...
وباجتناب الفواحش والمحرمات ..
وبحفظ أموال الناس وحقوقهم ...
واذا ماحلت عكسُ هذه الأسباب من عقوقٍ للوالدين وارتكاب الفواحش وأكل أموال الناس وحقوقهم فلينتظر عندها أصحابها سواءً على مستوى الفرد او الجماعه اوعلى مستوى الاسره
او المجتمع او المؤسسه او الدوله الكوارث والمصائب والنوازل والضوائق والشدائد والمحن .!
وأمتنا الإسلامية أحوج ما تكون إلى أن تتدارس أسباب خروجها من أزماتها التي حبكها أعداؤها وأتقنوا حياكتها فمزقوا نسيجها الاجتماعي وازهقوا ارواح ابنائها ودمروا منشئاتها واقتصاد بلدانها.!
حتى تحقق في الأمة المحمدية الغثائية التي حدّث عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
"يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا يا رسول الله أمن قلة نحن يومئذ! قال: لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنم غثاء كغثاء السيل ولينزعنّ الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن
قالوا : وما الوهن يارسول الله ؟
قال حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت"
ومن أسباب الخروج من ازماتنا وكرباتنا وكل محننا وضوائقنا وشدائدنا ومن ذلك كله إن نحن فعلاً أردنا ذلك بصدق :
بإخلاص العملِ لله وهو أعظم حق لله .!
ثم في حقوق الآدميين وأعظمهم الوالدان، برعايتهما وحسن برهما أحياءً وأمواتاً .!
ثم في حقوق غيرهم بحفظ أعراضهم وعدم التطلع إلى ما حرم الله منهم وتعظيم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ثم في حقوقهم المالية والمعيشية وقوتهم وقوت أولادهم وعدم التساهل فيما لهم من متطلبات والتزامات بتأخيرٍ أو منع .
فهذه من أعظمِ أسباب الدفع عن الأمة وإعادة هيبتها وكرامتها وعزتها ومجدها، في زمنٍ هانَ المسلمون فيه على الأمم وأصبحت قضاياهم المشروعة عينَ َ الشمسِ محلَ استجداءٍ من الأمم الكافرة في محافلهم ومؤتمراتهم ولكن :
( ومن يهن الله فماله من مكرم) .
- اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرناالباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تلبسهما علينا فَنَظِلَ ونشقى.
- اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل ونسألك الإخلاص في السر والعلن.
- اللهم تقبل منا أعمالنا الصالحة إنك أنت السميع العليم.
- اللهم أصلحنا واصلح أزواجنا وذرياتنا.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين
واجعلنا للمتقين إماماً .
- يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم اغفر لوالدينا ولوالدي والدينا يا حي يا قيوم يا أرحم الراحمين .!
- اللهم انصر الاسلام والمسلمين وأعز الاسلام والمسلمين واخذل اعداءك اعداء الدين.
- اللهم لا تجعل للكافرين عليهم سبيلاً
ولا للمنافقين عليهم سبيلاً
ولا للمبتدعة عليهم سبيلاً
- اللهم آمنا في اوطاننا واجعل هذا البلد امناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
- اللهم الطف بأهل اليمن، وأخرجهم من محنتهم سالمين، وادفع عنهم كيد الأعداء، وتآمر الأشرار، وأتم عليهم الأمن والأمان في ظل شريعة الإسلام.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى
فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب: ٥٦).
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
---------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
{ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ }( 2 )
من فوائد المداومه :( تفريج الكربات وإزالة المصائب والنجاة من الشدائد )
السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
الخطبه {{ 12 }} الجزء الثاني
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 13 يوليو 2018م
الموافق 29 شوال 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
وقفنا في الجمعه الماضيه حول عمل من احب الاعمال الى الله وهو المداومه على العمل الصالح
كما جاء ذلك في حديث عائشه رضي الله عنها
ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( أحبُ الاعمال الى الله ادومها وان قل )..
وقلنا ان من فوائد وآثار وثمار المداومه على العمل الصالح :
( دوام اتصال القلب بخالقه - وثمرة حسن الخاتمه - وثمرة الثبات على الدين ومعية الله - وثمرة
ان المداوم لا يرد الى ارذل العمر - وثمرة سلامه القلب من النفاق والنجاة من النار - وثمرة محو الخطايا والذنوب ).
وتوقفنا عند ثمرة :
( ان المداومه على العمل الصالح سببٌ لتفريج الكربات وإزالة المصائب والنجاة من الشدائد )
وكماجاء في حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي وأحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس "يا غلام إني أعلمك كلمات :
أحفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك".
وعن أحمد في مسنده بلفظ :
"احفظ الله تجده أمامك تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".
فمن داوم على شرع الله والعمل الصالح
وحفظ أمر الله فإن الله يحفظه عند الشدائد.
ولن يتخلى الله عنه في الشدة والبلاء.
وفي حديث ابي هريره رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من سرّه ان يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء ".
نعم ايها الأحباب الكرام :
إنَّ سعادةَ الإنسانِ في الدنيا والآخرة منوطةً بالأعمالِ الصالحة التي تقربه إلى الله زلفى،
وإنَّ ثمارَ هذه الأعمال المباركة يجنيها صاحبَها في الآخرة جنةً وفرحةً وسرورًا، وفي الدنيا سعادةً وسلامةً وسعة.
ومعلومٌ لدينا جميعًا أننا إذا أحاطت بنا الكروب وضاقت بنا المحن فإنه لا مُخلِّص لنا ولا منجّيَ
إلا الله جل وعلا .!
وحيا من قال :
يا صاحبَ الهمِّ ان الهمَّ منفرجٌ
ابشر بخيرٍ فإنّ الفارجَ الله
اللهُ يُحدثُ بعد العسر ميسرة
لاتجزعنّ فإن الفارج الله
انظروا إلى يونس بنِ متى عليه السلام
وهو يسقطُ في لُجَجِ البحارِ فيبتلعه الحوت،
فلا أحدٌ يعلمُ مكانه، ولا أحدٌ يسمعُ نداءه،
ولكن يسمعُ نداءه من لا يخفى عليه نداء،
ويعلمُ مكانه من لا يغيب عنه مكان، فدعا يونسُ ربه وهو في الظلمات :
(ان لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
فيأتي الجوابُ الإلهي :
(فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات: 143، 144].
ويأتي الفرجُ الرباني والغوثُ الإلهي :
(وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)
[الأنبياء: 88]
وليس المراد بقوله: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ) تسبيحه في بطن الحوت .!
ولكن المراد كما قال المفسرون :
أنه كان من المسبّحين الذاكرين قبل وقوعه في بطن الحوت .
قال الحسن البصري :
"ما كان ليونسَ صلاة في بطن الحوت، ولكن قدّمَ عملاً صالحًا في حالِ الرخاء فذكره الله في حالِ البلاء".
فالاعمالُ الصالحه والدوامُ عليها نجاةٌ من المصائب ونجاةٌ من الكربات والشدائد :
ولن أُكثرَ من الأدله والشواهد التى تؤيد هذا المعنى إنما سأكتفي اليوم بقصةٍ قصّها علينا المصطفى صلى الله عليه وسلم .!
وهي قصةٌ واقعية حدثت في الأمم قبلنا ،
حدثت في الزمن الغابر، فيها تربيةٌ للنفوس، وإصلاحٌ للقلوب، وتقويةٌ وترسيخٌ للإيمان .!
هذه القصه تؤكدُ انّ سعادةَ الإنسانِ الكاملة، وانشراح الصدر وطِيبُ العيش في هذه الدنيا لاتكون إلاّ :
إذا كان مطيعاً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومؤدياً للأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله زلفى
كما تُبيَّن لنا هذه القصه أنّ نجاة المسلم. وخلاصه من الكربات والأزمات والمحن بيد علام الغيوب، الذي لا يُضيّعُ عباده أبداً مهما أحاطت بِهمُ الضوائق والشدائد والملمات .
إنها قصةٌ تحكي حالَ ثلاثة نفرٍ ممن سبقنا،
هم أصحابُ قلوبٍ مؤمنةٍ بالله.!
أشخاص لهم رصيد من الأعمال الصالحة؛
أحبوا ربهم، وأطاعوه فيما أمرهم، وبذلوا جهدهم في إرضائه، فابتُلوا بقدرٍ من الله، عاشوا لحظاته بين همٍّ وغَمٍّ، وشِدةٍ وكَربٍ، وضِيقٍ وحُزن؛ ولكن كانت قلوبهم متعلقةٌ بالله .!
متيقنةٌ بأنه لا يكون شيء في هذا الكون إلا بأمره وقَدَره، فلجِئوا إليه، ودعَوه بصالح أعمالهم،
فلبى دعائهم، واستجاب لهم، وفرّجَ عنهم كربتهم، وكانت تلك كرامةً منه تعالى لهم.
نعم أحبتي الكرام :
ثلاثةُ نفر آواهم المبيت في غار فانطبقت على بابِ غارهم صخرةٌ كبيره فسدت عليهم باب الغار..
فأصبحوا بعد انطباق الصخرة عليهم في حالٍ أشدَّ من حالهم السابقة ...!!!
حيث كانوا يستطيعون الصبر على المطر والمشي تحت قطراته المتساقطة .!
أمّا حالُهم بعد انسدادِ الغار فهي حالةُ موتٍ محقق .!
فعَظُمت حينئذٍ مصيبتهم، وانعدمت بالناس صلتهم.
أصبحوا محصورين لا يمكن أن يصلوا إلى أحد، أو يصل إليهم أحد، ليست هناك وسائل للاتصال نهائياً .!
لا الآثار ولا الصوت، ولا الاتصال، جميع الوسائل مقطوعة.
لقد أصبح هؤلاء الثلاثة كحالِ قومٍ في سفينةٍ لعبت بها الأمواجُ يمنةً ويسرة في يومٍ عاصف ، ترفعهم تارةً وتخفضهم تارةً أخرى وهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً.
بل مَثَلُهم كمثلِ قومٍ في طائرةٍ حلّقت في جو السماء وحصل فيها خلل فأخذت تتأرجح بهم في الفضاء يميناً وشمالاً، ومابين الصعود والهبوط، ينتظرون الموت في كل لحظة، وقائد الطائرة لايملك من الأمر شيئاً.
وهنا علموا أنّه لا نجاةَ لهم إلاّ بالله الذي يرى مكانهم ويعلم بحالهم ويسمع شكايتهم، وهو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. فقالوا فيما بينهم :
لا ينجيكم من هذه الورطة، ولايخلصم من هذه الشده ، ولا يُزحزح عنكم هذه الصخرة، إلا القادر على كلِّ شيء الذي يُجيب المضطر إذا دعاه. فادعوا الله بصالح أعمالكم.
وهكذا يتوجه العارفون لله عند حلولِ الشدائد
لعلمهم انه لا يكشف الضر إلا الله؛ لذلك لجئوا إليه، وهذا من تمام التوحيد .!
بخلاف مشركي زماننا، الذين يلتجئون عند المصائب إلى أصحاب القبور والأموات والأضرحة والأولياء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا، ولا ضرا،
ولا يملكون موتاً ولاحياةً ولانشوراً ..
( ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )
فتقدم أول هؤلاء الثلاثه ليتوسل لله بأفضلِ وارجى اعماله فقال :
" اللهم إنّه كان لي أبوان شيخان كبيران،
وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالاً. أيْ:
لا أقدَّم في الشرب قبلهما أحدا.
فتأخر عليهما ليلة حتى نام أبواه قبل أن يأتي إليهما فلما وجدهما نائمين، انتظر استيقاظهما، والقدح في يده، ولم يرض أن يسقي صبيته قبل أبويه، ولم يستيقظ أبواه حتى برق الفجر .
فاستيقظا فشربا غبوقَهما.
ثم قال : اللهم إن كنت صنعتُ هذا إبتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.
فانفرجت الصخرة شيئاً قليلاً غير أنهم.
لا يستطيعون الخروج".
فهذا الاول :
توسل إلى اللهِ بعبادةٍ عظيمةٍ أخْلَصَهَا لله .!
توسل ببرِ والديه، وحرصه على راحتهما وعدم تنغيصِ النوم عليهما، بل وإيثارهما على أولاده .
وحبُّ الأولاد طبع، وحبُّ الوالدين شرع.
والنفسُ ربما قَدمتِ الطبع على الشرع،
ولكن هذا الرجل غلّب الشرع على الطبع ،
وهذا ما لا يستطيعه إلاّ من قوي إيمانه،
وحزم مع نفسه .
فيا من عقَّ والديه أو أحدهما ؟
ماذا أعددت للنوائب ؟؟!
وماذا أعددت للنوازل .!؟
وماذا أعددت للمصائب ؟
أو يُعقل ان تتوسلَ لربك بعقوقك وبتقديم زوجَك وولدَك على والديك ؟
بل أما علمت أن العقوقَ نفسه سببٌ للمصائب والنوازل .!
نعم أحبتي الكرام :
اسألوهم عن اسباب المشاكل التى طحنتهم طحنا!
واسألوهم عن اسباب الهموم والغموم التى لزمتهم دهراً.!
واسألوهم عن اسباب الامراض التى نزلت على رؤسهم دون ان تفرق بين صغيرهم وكبيرهم .!
واسألوهم عن الأسباب التي محقت البركه من اموالهم والصحه من أجسادهم ..
ستجدون جواباً لكل هذا وهو بسبب :
[[ عقوقهم لآبائهم وامهاتهم ]] ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"اجتنبوا السبع الموبقات، ومنها (عقوق الأمهات )"
وهي رسالة إلى من عقّ والديه وأطاع زوجته وفضّل أولاده على والديه :
أن يتوب إلى الله فيبرّ والديه ويحسن إليهما
ويرجع إليهما قبل فوات الآوان .!
ثم تقدم الثاني متوسلاً لله بأرجى اعماله فقال :
اللَّهم إنه كانت لي ابنةُ عم ٍكانت أحبَ الناس إليَّ، وفي رواية :
كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فأردتها عن نفسها أي؛:
طلبت منها ما يطلب الرجل من زوجته فامتنعت مني، حتى ألمّت بها سنة من السنين قحطٌ، وجوعٌ، وفقرٌ فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تُخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، وفي رواية فلما قعدت بين رجليها قالت:
" اتق الله ولا تفضنّ الخاتم إلا بحقه "
فانصرفت عنها، وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها .!
" اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم
لا يستطيعون الخروج منها .."
وهذا الثاني :
توسل إلى الله بتركه الفاحشة بابنة عمه ، وتَرَكَ الحرام لله بعد أن تمكن منه، ولم يَحِلْ دون ارتكابه حائل إلا حائلُ التقوى، حُرِّك في قلبه فتحرك، وذُكِّر به فتذكر :
( اتق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه ).
- فقام عن الفاحشة، وانصرف عن الزنا ..
خاف مقامه ربه فنهى النفس عن الهوى .
- قام عن الفاحشة تعظيماً لله، ليس انغلاقاً نفسياً، وإعراضاً لا إرادياً، بل قام عن ابنة عمه وهي أحبَ الناسِ إليه .
فأين هذا ممن يبذل ماله ، وفكره ، وجهده ، ووقته وسلامة دينه مقابل ما هو أقل من ذلك من نظرة
أو نظرات محرمة، ويقال له : ( اتق الله )
ويخوف بسطوة الله وقرب انتقامه ثم لا يتوبون
ولا هم يذّكرون والله تعالى يقول :
( يَعلَمُ خَائنةَ الأَعينِِ ومَا تُخفِي الْصُدور ).
ثم تقدم الثالث ليتوسل لله بارجى اعماله فقال :
اللهم إني استأجرت أُجراء وأعطيتهم أجرهم غيرَ رجل واحد ترك الذي له وذهب .قال :
فثمَّرت أجره حتى كَثُر، فجاء بعد حين يريد أجره. فقلت :
كل ما ترى من إبلٍ وبقرٍ وغنمٍ ورقيقٍ هو أجرك.
فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي !!
فقلت: لا أستهزأ بك، ولكنّه حقك..
فأخذه كله فاستاقه ولم يدع لي منه شيئاً .!
اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون.
وهذا الثالث :
تقربّ وتوسل إلى الله بالأمانة، وحِفْظِ حقّ الضعيف، ولم يأكل عليه ماله بحجة أنه هو الذي تركه ، بل لم يقتصر عمل هذا أن حفظ الأمانة على وجهها، فحسب .!
بل كان محسناً، فنَّمى المال لصاحبه، ولم يأخذ منه شيئاً ولم يتردد بدفعه إليه فغلبَ بهذا شحَّ نفسه :
(ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون).
وهي رساله للذين يعيشون على الرشاوى في معاملاتهم .!
وللذين يأخذون امولاً خداعًا، وكذباً وهم لايستحقونها !!
كماهي رساله الى كل مؤتمن على مال غيره .!
ولكل قائم على مالِ أيتام .!
ولكل ناظر على أوقافِ أمواتٍ أو أحياء .!
كماهي رسالة إلى من يأكل أموال العمال .!
وإلى من يـأكل أموال المستضعفين .!
أنّ هذه حقوق بشر وهي امانه ويوم القيامه حسابٌ وعقاب وخزيٌ وندامه ونارٌ تلظى لايصلاها
إلا الأشقى !
فهذه ثلاثهُ اعمال صالحه وأعمال طيبه قدمها هؤلاء الثلاثه النفر .!
صدقوا بها مع الله فصدقهم الله، ولم يضيعهم،
ولم يخزهم، ولم يُسلمهُمْ إلى ما يُعكرُ صفو حياتهم .!
بل تولاهم بفضله سبحانه .!
وأحاطهم برحمته جل جلاله .!
وأفاض عليهم من جزيل هباته جلت قدرته .!
فنالوا ولاية الله تعالى وحازوا خيري الدنيا والآخرة.
وهنا لابد لنا من وقفة مع هولاء الثلاثه الذين لجؤا الى الله بأخلص وارجى أعمالهم فكانت سبباً لنجاتهم وخلاصهم.
انِ ابحث يااخي الكريم :
يميناً وشمالاً وفتش في سجل ايامك حتى عمرك هذا الثلاثين او الأربعين او الخمسين او الستين لتجد لك عملاً صالحاً بينك وبين الله فقط .!
لايعرفه احد ولايعلم به بشر .!
ولا تقول لي صلاةً او صياماً او حجاً ..!
انما اريدُ منك أرجى عمل صالح لا يعرفه بشر .!
اريد اخلص عمل صالح لا يدري به مخلوق وعند الشدائد وعند حلول الكربات تلتجأ الى الله وتتوسل به اليه .
وكم هو العدد الهائل لتلك الاعمال التى تفتح ذراعيها للكثير لتكون اعمالاً مدخرهً لهم ولكن الأغلب يغضون الطرف عنها او لايبالون .
- فكم هناك من الشباب الفقراء الذين شاب شعرُ رؤسهم يريدون الزواج وإكمال نصف دينهم واعفاف انفسهم ثم لا يجدون عوناً لهم لاعفافهم ولو بشيء يسير من المال. .
ومن اعانهم سيكون هذا عملاً صالحاً مدخراً عند شدائده ومحنه يدعوا الله ويتوسل به اليه .
- كم هناك من اسرٍ تموت من الجوع لايجدون كسرة الخبز ولاشربه الماء ولاحفنة التمر لاتجد لها كافلاً او معيناً او راعياً وليكون له عملاً مدخراً صالحاً يدعوا الله ويتوسل به اليه عند نزول المصائب والمحن .
- كم هناك من اسرٍ يفترشون الارض يبيتون على العرى لايجدون مسكناً يلفهم ولابيتاً يؤيهم ولو ان احدنا سارع ببناء غرفهً لهم ليستر حالهم بدل ان يحجّ الثلاث او الاربع مرات او يعتمر الخمس والست مرات وليكون هذا عملاً صالحاً مدخرا له يدعوا الله ويتوسل اليه به عند محنه وشدائده.
- كم هناك من السجناء الذين قضوا حياتهم في سجونهم بسبب مديونيه ماليه قد تاقت نفوسهم للحريه يريدون ان يعيشوا كما يعيش الناس وينعموا ببقيه اعمارهم مع أهلهم وبين أولادهم كماينعم غيره ولو ان احدنا تقدم ودفع عنه ذلك
او حتى بشيء بسيط لكان هذا عملاً صالحاً مدخرا ينفعه عند شدائده ومحنه ومصائبه وكرباته...
فأخلِصوا العمل لله، وراقبوا الله، وبرّوا والديكم تحوزوا بذلك أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ويبعد عنكم مصائب الدنيا، وأهوال الآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
يقصُ علينا نبينا ورسولنا الله صلى الله عليه وسلم
اليوم قصةَ ثلاثةِ نفر قدموا َحقَِّ الله على مراد أنفسهم وأهوائهم فلم يخذلهم الله..
انها قصةٌ عجيبة يُجملُ فيها النبي صلى الله عليه وسلم أسباب الخروج من الأزمات والنجاة من المهلكات في ثلاثه امور :
ببرُّ الوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما...
وباجتناب الفواحش والمحرمات ..
وبحفظ أموال الناس وحقوقهم ...
واذا ماحلت عكسُ هذه الأسباب من عقوقٍ للوالدين وارتكاب الفواحش وأكل أموال الناس وحقوقهم فلينتظر عندها أصحابها سواءً على مستوى الفرد او الجماعه اوعلى مستوى الاسره
او المجتمع او المؤسسه او الدوله الكوارث والمصائب والنوازل والضوائق والشدائد والمحن .!
وأمتنا الإسلامية أحوج ما تكون إلى أن تتدارس أسباب خروجها من أزماتها التي حبكها أعداؤها وأتقنوا حياكتها فمزقوا نسيجها الاجتماعي وازهقوا ارواح ابنائها ودمروا منشئاتها واقتصاد بلدانها.!
حتى تحقق في الأمة المحمدية الغثائية التي حدّث عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
"يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا يا رسول الله أمن قلة نحن يومئذ! قال: لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنم غثاء كغثاء السيل ولينزعنّ الله من قلوب عدوكم المهابة منكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن
قالوا : وما الوهن يارسول الله ؟
قال حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموت"
ومن أسباب الخروج من ازماتنا وكرباتنا وكل محننا وضوائقنا وشدائدنا ومن ذلك كله إن نحن فعلاً أردنا ذلك بصدق :
بإخلاص العملِ لله وهو أعظم حق لله .!
ثم في حقوق الآدميين وأعظمهم الوالدان، برعايتهما وحسن برهما أحياءً وأمواتاً .!
ثم في حقوق غيرهم بحفظ أعراضهم وعدم التطلع إلى ما حرم الله منهم وتعظيم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ثم في حقوقهم المالية والمعيشية وقوتهم وقوت أولادهم وعدم التساهل فيما لهم من متطلبات والتزامات بتأخيرٍ أو منع .
فهذه من أعظمِ أسباب الدفع عن الأمة وإعادة هيبتها وكرامتها وعزتها ومجدها، في زمنٍ هانَ المسلمون فيه على الأمم وأصبحت قضاياهم المشروعة عينَ َ الشمسِ محلَ استجداءٍ من الأمم الكافرة في محافلهم ومؤتمراتهم ولكن :
( ومن يهن الله فماله من مكرم) .
- اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرناالباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تلبسهما علينا فَنَظِلَ ونشقى.
- اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل ونسألك الإخلاص في السر والعلن.
- اللهم تقبل منا أعمالنا الصالحة إنك أنت السميع العليم.
- اللهم أصلحنا واصلح أزواجنا وذرياتنا.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين
واجعلنا للمتقين إماماً .
- يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم اغفر لوالدينا ولوالدي والدينا يا حي يا قيوم يا أرحم الراحمين .!
- اللهم انصر الاسلام والمسلمين وأعز الاسلام والمسلمين واخذل اعداءك اعداء الدين.
- اللهم لا تجعل للكافرين عليهم سبيلاً
ولا للمنافقين عليهم سبيلاً
ولا للمبتدعة عليهم سبيلاً
- اللهم آمنا في اوطاننا واجعل هذا البلد امناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
- اللهم الطف بأهل اليمن، وأخرجهم من محنتهم سالمين، وادفع عنهم كيد الأعداء، وتآمر الأشرار، وأتم عليهم الأمن والأمان في ظل شريعة الإسلام.
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى
فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(الأحزاب: ٥٦).
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
---------------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق