الخميس، 30 أغسطس 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
     (( ذهب الثلثين وبقي الثلث ))
{ العشر الاواخر والفرصه الاخيره }

إعداد وتحضير وإلقاء :
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظة إب .
ألقيت في  8 يونيو 2018 م
الموافق 23رمضان 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
وفجأه وفي غمضةِ عين إذا بنا نستيقظ
على مرور إثنان وعشرون يوماً من رمضان ..!
فاز فيها من فاز ، وسبق من سبق !!.
ونافس فيها من نافس، وتفوق من تفوق .!

اثنان وعشرون يوماً انقضت سريعاً سريعاً دون ان نحس بمرورها ونشعر بانقضائها .!
وصدق الله القائل :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ..."

 " أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ"
كلمتان تشعران بسرعه الانقضاء والإنصرام وقرب الرحيل والوداع ..
وهذا واقع ... فنحن ما نستقبل الشهر إلاّ لكي نودعه فلا داعي لاستثقاله واستثقال أيامه واستثقال ساعاته ودقائقه ولحظاته .!

 " أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ"
فأكثر فيها من ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات
الذي لا يستأذن احداً اذا جاء ..
لايستأذن صغيراً ولا كبيراً ولا غنياً ولا فقيراً
ولايمهل الشاب حتى يتزوج ولا المسافر حتى يصل ولا المريض حتى يشفى ولا الجائع حتى يشبع
ولا يرحم عجوزاً لعجزته ولا ضعيفاً لضعفه ولافقيراً لفقره ولا مريضاً لمرضه ولا غنياً لغناه ولا عظيماً لعظمته ..!
يأخذ الطفل وهو يلقم ثدي أمه
ويأخذ الحاكم من على كرسيه
ويأخذ الغني من داخل خزانته
ويأخذ العريس وهو مع عروسته..!
فلمثل هذا اليوم أعدوا ولمثل هذه الساعه استعدوا
ولمثل هذه اللحظات تهيأوا ...!
فمهما طال الليل فلابد من طلوع الفجر ومهما طال العمر فلابد من دخول القبر ..!

 " أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ"
تُذكرك بمدة لبثك في هذه الدار ....!
" إِنّما نَعُدُ لَهُم عَداً "
فأخرُ العدد خروج نفسك .!
اخر العدد فراقك لأهلك .!
اخر العدد دخولك لقبرك .!

ولذلكم اثنان وعشرون يوماً انقضت ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣُﻀﻴّﻬﺎ ﺳﺮﻳﻌًﺎ ..
ﻓﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ الايام التى مضت ..!

- ﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﻼﻭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺁﻧﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ..
ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻟﺘﻀﻴﻴﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﻫﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻍ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻧﺼﻴﺐٌ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪًّﺍ ﻣﻨﻪ؟ !

- ﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﻭﻳﺢ ..
ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻀﻴﻴﻌﻬﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ؟

- ﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻷﻧﻨﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺤﻔﻆ السنتنا وﺃﻋﻴﻨﻨﺎ وأسماعنا وجميع جوارحنا ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ..
ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻷﻧﻨﺎ عدنا أوﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻣﺼﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍلحرام ؟

- ﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻨﺎ ﺳﺎﻫﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺇﻓﻄﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻴﻦ، ﻭﻓﺮﺣﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﻴﻞ ﺍﻷﺟﻮﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ..
 ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻟﺘﻜﺎﺳﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ غيرنا؟!

- ﻫﻞ ﻧﺒﺎﺭﻙ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﻤﺘﻨﺎ ﻭﻧﺸﺎﻃﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ..
ﺃﻡ ﻧﻌﺰﻳﻬﺎ ﻟِﻤﺎ ﺃﺻﺎﺑﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺧﻲ؟

نعم احبابي الكرام روّاد مسجد بلال بن رباح :
اثنان وعشرون يوماً مرت ورحلت وانقضت وانصرمت من شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحظه وفي هذه الآونه وفي هذه الدقائق الغاليه والنفسية من أواخر شهر رمضان المبارك ..!
اثنان وعشرون يوماً مرت ورحلت من عمري وعمرك وانقضت من تقويم حياتي وحياتك من رمضان
ماذا فعلتُ وماذا فعلتَ وماذا فعلتي بها ؟؟
ماذا قدمتُ وماذا قدمتَ وماذا قدمتي؟؟
هل حققت فيها مراد الله ؟؟
هل كنت قريباً من الله فيها ام بعيد .!!؟
هل طرقت ابواب الخير ومفاتيح الأجور وكنوز الرحمات والبركات فيها .!؟
هل سعيت فيها وراء الأسباب التى تعتق الرقاب من النار !؟
هل رحمت فيها مسكيناً ؟
هل آويت مشرداً ؟
هل واسيت فقيراً ؟
هل اطعمت جائعاً ؟
هل انجدت مكروباً ؟
هل نفسّت عن عسير ؟
هل كسوت عارياً ؟
هل اغثت ملهوفاً ؟
هل انقذت محروماً ؟
هل قضيت فيها حاجه محتاج ، ووصلت فيها رحماً ، وسبحت كثيراً ، وقرأت كثيراً ، ؟؟!
هل واضبت فيها على الصلوات الخمس جماعه مع المسلمين في المسجد !؟
هل تغيرت فيها الى الأحسن والأفضل
ام الى الأسوأ ؟؟
اذا كان الجواب لما سبق فهنيئاً لك الرضا والرضوان والنعيم والجنان والعتق من الرحيم الرحمن ..
اما اذا كان الجواب والرد  ب " لا "
فياضيعة الأعمار تمضي سبهللا ..

نعم أحبتي الكرام :
اذا لم يكن رمضان حَلَقة وصل يصلك الى الله
واذا لم يكن رمضان عامل مساعد لعمل الصالحات.
واذا لم يكن رمضان شرارة ثوره ونقطه انطلاق وجسر تسير عليه لصلاحك وفلاحك واستقامتك وتقوية إيمانك وتجديد توبتك ..!!
فمتى سيكون كل هذا ... متى؟ متى؟

- متى ستصلح حالك مع الله اذا لم تكن قد اصلحته في رمضان .!
- متى ستتوب الى الله ومتى ستعود اليه ومتى ستقلع عن ذنوبك ومعاصيك التى قيدتك عن الطاعه وكبلتك عن العباده ..
متى سيكون هذا اذا لم تكن قد تبت وأقلعت عن ذلك في رمضان .! والله يقول:
وتوبوا الى الله جميعاً أية المؤمنون لعلكم تفلحون )

متى ستبر بوالديك يامن عقهما واسرف في هجرهما ومؤذاتهما.!
متى سيكون ذلك يامن نسيت سهرهما عند رأسك في حال مرضك ونسيت جوعهما لتشبع وضمأهما لترتوي وتعبهما لترتاح وسهرهما لتنام..
متى ستصلح حالك معهم اذا لم يكن رمضان قد ردك إليهم واعادك الى برهم والإحسان اليهم.!
والله يقول ( وقضى ربك ألا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احساناً ......)
- متى ستصل رحمك المقطوعة المهجورة منذ سنوات اذا لم تكن قد وصلتها في رمضان .!
- متى ستتخلى وتقلع عن اكل الحرام والربا والرشوه ومال اليتيم اذا لم تكن قد أقلعت عنها في رمضان .!!
- متى ستتلوا كتاب الله وترتل آياته اذا لم تكن قد رتلته وقرأته وتصفحت في عجائبه وإعجازه في رمضان .!
- متى ستكون كريماً سخياً معطاءً اذا لم يكن رمضان وجوع رمضان قد ذكرك بآلآف الأكباد الضامئه والأمعاء الجائعة التى تنام على الجوع وتستيقظ على الجوع ..!
- متى ستصفى قلبك من الأحقاد والضغائن في حق إخوانك وجيرانك وزملائك وأصدقائك
و قربائك اذا لم يكن رمضان قد صفاه ونظفه وطهره ونقاه من هذه الامراض القلبيه الخطيرة .!

متى ستغير من حالك .!؟
متى ستغير من اخلاقك.!
متى ستغير من تصرفاتك .!
متى ستغير من نمطك .!
متى ستغير من عاداتك التى منعتك من طاعات وعبادات وحضور صلوات اذا لم يكن رمضان قد روّضك على ترك العادات السيئه ..!؟

ان رمضان مدرسةٌ كبرى للتربيه والتهذيب وتقويم السلوك والاخلاق وفرصه سانحة للتغير للافضل .!
واليوم فرصتك وانت تضع اقدامك على أعتاب الثلث الاخير ..!
فرصتك اليوم لاسيما في هذه اللحظات وفي هذه السويعات .!
فرصتك لتقف مع نفسك لتسألها وتكرر سؤالها مراراً وتكراراً مع مرور كل يوم وهي تودع شهر رمضان .؟!
كيف كان صيامك خلال الايام المنصرمة .!؟
وكيف كان قيامك .!؟ وكيف كان قرآنك .؟'
وكيف كان إقبالك .؟'
وكيف كان ليلك .؟' وكيف كان نهارك .!؟
وكيف كان خوفك من الله .؟'
وكيف كان اخلاصك .!؟
وكيف كان صدق توجهك خلال الايام الماضيه .!؟

تسأل نفسك هل حققت مراد الله عزوجل في غايه هذا العمل وهدفه .؟!
هل تحققت التقوى في قلبك .؟'
هل نزلت نفسك الى العمل الصالح؟'
هل ابتعدت عن المعاصي .؟!
هل احسست بانشراحٍ في الصدر وبرقةٍ في القلب .!
هل هناك عزمٌ من داخلك على صلاح حالك وصلاح نفسك وصلاح دينك وعلى المضي نحو الله عزوجل وعلى المضي وفق مراد الله وتحكيم شرع الله ..!

اذا لم تكن كذلك ؟! واذا لم تحس من داخلك انك تغيرت وتغيرت نفسك وتغير عزمك وتغير طبعك وتغيرت نيتك وتغير إقبالك وتغير اخلاصك وتغير صدقك وتغير توكلك على الله عزوجل .

فاخشى ان لايكون قد قبل منك صلاة ولا صيام ولاقيام ولا تلاوهٍ ولا صدقه ..!!!
لانك العمل الصالح يورث عملاً صالحاً .!
العمل الصالح يثمر صلاحاً في القلب
يثمر صلاحاً في النفس .!
العمل الصالح يورث عزيمه يورث نوراً.!
يورث انشراحاً ، يورث خشوعاً ، يورث تذللاً
يورث طمأنينه ، يورث توكلاً على الله وثقةً به ورجاءً فيه ..!
فاذا لم يورث فيك صيامك كل ما سبق
بل ورث كسلاً وخمولاً  ..!
وورث تقاعساً وجموداً وسهواً وسباتاً.!
وورث نوماً ورقاداً وغفلةً وسقوطاً وبعداً .!
وورث تقصيرا وانخرافاً وابتعاداً ونفوراً وهروباً.!فأقرأ على صيامك السلام وانت من جنى على نفسه ذلك ولن تجنى من الشوك العنب ..!
      وكلاً غداً سيلقى عمله أمامه ...!

اقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم
ويا فوز المستغفرين ...

الخطبه الثانيه :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
ونحن نقف على الثلث الاخير من شهر رمضان
والبعض منا ربما وقع في غفله وشغلته الدنيا عن استغلال رمضان ..!
والبعض منا ربما أعلن الندم على ما فرط وما ضيع ما انصرم من رمضان .!
ومع ذلك نقول لمن قصر بما مضى من رمضان
القطار لم يفت .؟!
وفرصه التعويض مازالت سانحه .!
وجوائز رمضان مازالت معروضه لاسيما في ثلثه الاخير هذا .! واسمع معي الى قول من قال :
" من قصر في اول رمضان وأحسن في اخره خيرٌ ممن احسن في أوله وأساء في آخره "

فلا تيأس ولا تحزن فإنما الاعمال بالخواتيم.!

فهاهو ثلث الفوز قد عُرض عليك .!
ثلث العتق .! ثلث النجاة .! ثلث التوفيق .!
ثلث البركات .! ثلث الغفران .!

انها عشرٌ اخيره وقد تكون الاخيره من حياتك ومن عمرك  وقد لا تدرك عشراً بعدها على الإطلاق

انها عشر الاخيره التى هي افضل من عشر الأوائل وكل عمل صالح فيها معظّم وكل عمل قليل فيها فهو كثيرٌ وثقيل في ميزان الله .!
إنّها العوض لمن نام ولم يستيقظ ..
ولمن عصى ولم يراجع التوبه ..
ولمن تساهل ولم يشحذ العزيمه ..
إنّها نجاةٌ لمن شرد اول الشهر ونصفه ..!
والتذكير لمن غفل ولم يتذكر ، والنجاة لمن يتدبر .!

فلا تقل فات رمضان لان هذه العشر هي رمضان كله ، وهي القيام كله ، والصيام كله ، والقرآن كله والذكر كله ، والخير كله ، والعتق كله ، والخشوع كله ، والجنه كلها ، والنجاة من النار بمجملها .!
فشدّ ألهمه من اليوم ، بل من اللحظه، بل من الساعه .!
شمّر على ساعد الجد واجعل من ايام رمضان المتبقيه أيام فوزك . ايام تفوقك. ايام عتقك ،
ايام نجاتك ، ايام فلاحك وغفران ذنوبك .!

امامك فرصه غاليه اذا أدركتها فقد تقلب حياتك وعمرك رأساً على عقب ..؟
انها ليله القدر ...!
إدراك ليلتها يعدل عباده ٨٣ سنه واربعه اشهر .!
مايعادل ٣٠ الف يوم .. وكل هذا بقيام ليله ايماناً واحتساباً وصدقاً واخلاصاً ..!

ليلة خير من ألف شهر، خفي تعينها اختبارا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون،
فمن حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه.
إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء :
" فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]
ولا يهلك على الله إلا هالك.
فقف على الاعتاب ونادي رب العزه والجلال وقل :
" يارب أسأت ، يا رب قصرت ، يارب اخطأت ،
 يا رب أسرفت ، يارب ظلمت ..!
من يفتح الباب ان أغلقته .؟!
من يعطي العطاء ان منعته .!
نعم /
ادخل هذه العشر الاخيره بهذه النفسيه الصادقه وبهذه الروح المشرقه نادماً مبادراً منكسراً..!
" والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهواتِ ان تميلوا ميلاً عظيماً "

اللهم ارزقنا الاستقامة في كل الأزمان ، في رمضان وفي غير رمضان ..
اللهم اجعل شهر رمضان شاهداً لنا لاعلينا .!
اجعله شاهداً لنا بالخيرات والطاعات لا بالمعاصي والسيئات والمنكرات ...
اعنا على ماتبقى فيه على الصيام والقيام وتلاوة القران يا كريم يارحمان ..
هذا وقد أمركم ربكم فقال قولًا كريمًا:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
 اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين..
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين:
 أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------

الجمعة، 17 أغسطس 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
    [ العمل الصالح وعشر ذي الحجه  ]
       
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 17 اغسطس 2018م
الموافق 6 ذي الحجه 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ                  
ايها الأحباب الكرام :
موعدنا اليوم مع جنديٍ من جنود الله ...!
هذا الجندي هو عَلامَةٌ عَلَى صَلاحِ المَرْءِ فِي هَذِهِ الدُّنيَا..!
وهو من أفضل ما يتوسل به العبد إلى مولاه..
 ومن أفضل ما يقدم العبد بين يدي ربه عزوجل في قضاء حاجاته ..
          إنّه { العملُ الصالح }
وماداراكم ما العمل الصالح ؟؟!!
عُدةُ كلُ مؤمن، وسبيلُ كلُ مخلص، وذخيرةُ كلُ وجِل خائف من ربه عزوجل ..!

- العمل الصالح دليلُ الإيمان، بل انهما متلازمان متّحدان لا ينفصل أحدهما عن الآخر،
وفي أكثر من خمسين آيةً في القران الكريم
جاء العمل الصالح مقروناً بالإيمان :
" إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً " [الكهف:107]
" إنّ الذين امنّوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم "
"إلا ان الذين امنّوا وعملوا فلهم اجرٌ غير ممنون "
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ." [ البينة:7 ]
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [يونس:9].
"  وَالْعَصْرِ  إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ  إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "
إلى غير ذلك من الآيات الكريمات التي يجمع فيها سبحانه بين الإيمان والعمل الصالح ..!
وفي هذا إشاره واضحه لكل مسلم :        
 إذا كان إيمانك صحيحاً أيها المسلم ـ
 فلا بد أن يدفعك إلى العمل الصالح، أما إذا كان الإيمان إدعاءً أو كان ضعيفاً وهشاً ومزيفاً فإن الإنسان لا يجد رغبة في العمل الصالح .
بل يجد تثاقلاً .! يجد تكاسلاً .!
يجد فتوراً وضعفاً وتراجعا.!

- العمل الصالح صفةُ أولياءه من انبياءه ورسله
( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ..)
وأوحينا اليهم ..  الى من ؟؟ الى ذريه ابراهيم ..
( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ .)

فأفعالُ الخيرات هذه من ابرز علامات الصلاح..!
وأوجه الصلاح والخير يتمنى مراتبه ودرجاته حتى الانبياء إن لم يكن الانبياء هم الصالحون ..
يقول يوسف عليه السلام :
" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي
فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي...... بالصالحين".

( وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ في رَحْمَتِنا ....!   لماذا ؟؟
           ( إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ )  ..

- العملُ الصالح ثوابه وبركته يناله الإنسان في الدنيا وفي الآخرة ففي الدنيا :
العمل الصالح سببٌ مباشر في الحياة الطيبة يقول سبحانه:
" ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا) مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل:97]..

 - وهو سبب في الأمن والتمكين في الأرض .
يقول سبحانه:
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور:55]

- أما في الآخرة ففضلُ الله أكبر وكرمهُ أوسع .
يقول سبحانه:
" الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ " [الرعد:29]
 وطوبى على قول المفسرين  :
" شجرةٌ في الجنة عظيمٌ ظلها "
ورد ذكرها في الحديث الذي أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي سعيد حيث يقول :
 ((طوبى شجرةٌ في الجنة مسيرةَ مائة عام،
 ثيابُ أهل الجنة تخرج من أكمامها))..
وفي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث
أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
 ((إنّ في الجنة لشجرةٌ يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، إن شئتم فاقرؤوا:
" وَظِلٍ مَّمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ " ))  ...

- العمل الصالح يؤهل العبدَ الى مرتبة التقوى
وبمرتبه التقوى يحقق العبد عبوديته لربه وبه يكون من الصالحين ...
 والمتقون لاخوف عليهم ولاهم يحزنون :
" يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ".

- العمل الصالح من ابرزِ علاماتِ توفيق اللهِ لعبده
يقول الفاروق عمر رضي الله عنه  /
والله لا احمل همّ الاجابه ولكن احمل همّ الدعاء
فاذا وفقت للدعاء وفقت بعدها للاجابه
واذا فقتَ للعمل الصالح كنتَ من الصالحين..

العمل الصالح يا كرام ..!
الحسنه يا مسلمين ..!
زكاةٌ للقلب وتطهيرٌ له وتقويه فان الحسنه تقوي القلب، تقوي الايمان ، تزيده ، ترفع معدله.!
فكما أن المعصيه تضعفه وتنقص الايمان فكذلكم الحسنه والطاعه ترفع معدل الايمان وتقوي القلب.!
تقوي ارادته ، ومحبته ، ورجاءه ، وخوفه ، وخشيته وإخلاصه ، والى ذلكم من الاعمال القلبيه ..!

فاذا قويَ القلب استضاءت بصيرته فعلمَ كيف يعيش !، كيف يدير أزماته .! كيف يواجه مدلهماته
ولما تعمى البصائر تضيع العقول وتعمى .!
ويتْبَعُ ذلك عملٌ في التخطيط ..!
عملٌ في الاستراتيجيات .!
عملٌ في إدارة الأزمات وغير ذلك ..!
حتى في إدراة ازماتك الشخصيه .!
نوازلك .! في مشاكلك .! في خصوصياتك انت ..!

فالعمل الصالح يقوى القلب ويقوي إرادته ويقوي بصيرته ...!
ولذلكم كان العملُ الصالح جنديٌ من جنود الله.!

حبيبكم ورسولكم ونبيكم عليه الصلاة والسلام
ربنا سبحانه يفرض عليه صلاه الجمعه في داخل المعركه ..
في المعركه التى تزهق فيها الارواح وتتساقط فيها الرؤوس وتسيل الدماء وتتطاير الجماجم ..
والله يقول له :
" وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوٓاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَٰحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا "..
(( فَلْتَقُمْ - وَلْيَأْخُذُوٓاْ - فَلْيَكُونُواْ - وَلْتَأْتِ ))
هذه كلها اوامر تقتضي الوجوب .!
وهي ودليلٌ على وجوب صلاة الجماعه، ودليلٌ على ان العمل الصالح جندي من جنود الله وقت الشدائد والمحن ..!
وصح عنه عليه الصلاة والسلام :
" انما تنصرون بضعفائكم بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم .."
"بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم"
نحن ننصر وهذه الأمةُ تنصر بالدعوات الخالصات .!
 وبالصلوات الصاعدات الى رب البريات :
(  إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )
نعم / ننصر بالأعمال الصالحه ...
كما اننا نهزم ؟ كما ننكسر ؟ كمانعاقب ؟
بسيئاتنا ..! بمعاصينا .! بذنوبنا ..!
والذنوب موجباتٌ للهزائم .!  
والمعاصي موجباتٌ للانتكاسات .!
بكلمه فيها غرور وعجب قالها رجل يوم حنين فتنتكس الرايه فأرجع الله عزوجل السبب الى ذلك فقال :
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " (25)التوبه

وقبل ذلكم في غزوة احد يقول :
 ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا...."
 منكم / اي ( عدد قليل )
 وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
آل عمران (152).
ولذلك كانت سوره ال عمران من أفضلها طرقت على هذا الموضوع طرقاً شديداً من اول السوره :﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ • زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
 [آل عمران 13: 14].
" زين للناس حب الشهوات  ....
هذه نزلت في حق بعض الصحابه الذين عصوا الأوامر ونزلوا من الجبل ..
ثم عقّب ذلك بقوله :
( قل أَؤُنبئكم بخير .......
بسببٍ للعزه والبقاء وسببٍ للرحمه وتنزل البركه من السماء !!!
( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ   رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ •الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ • الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ )
ال عمران (١٥-١٦-١٧ )
( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ..!
من هم ؟؟؟
( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ المؤمنين )
التوبه ( ١١١ -١١٢ )..
وهي الصفه التى وصف الله بها اصحاب محمد في التواة قبل ان يولدوا وقبل ان يخلقوا وقبل ان يوجدوا فقال ربنا سبحانه :
(  مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( الفتح 29 )

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ            
ايها الأحباب الكرام :                      
اليوم نعيش مع جنديٍ من جنود الله جل وعلا
وهو العمل الصالح ..
وما أحوجنا الى العمل الصالح ..
ما أحوجنا كأفراد وأشخاص لعمل صالح خصوصاً واننا في ايام العمل الصالح
نحن في اليوم ( السادس ) من شهر ذي الحجه
شهرٌ محرم ، وشهرٌ من اشهر الحج
" فشوال وذو القعده وذو الحجه "من اشهر الحج
قال ربنا سبحانه :
" الحج اشهرٌ معلومات "
هذه الأشهر المباركه الكريمه العظيمه التى تمتليء بالطاعات ، وتمتليء بالعبادات
وتمتليء بالأعمال الصالحات..
خصوصاً في عشر ذي الحجه .
العشر وما ادراكم ما العشر؟؟
عشر الحسنات ، عشر البركات..!
عشر الافاضات ، عشر التجليات .!
عشر الخيرات ، عشر الطاعات..!

العشرُ هي افضل ايام السنه..!          
اقسم الله بها والله لايقسم إلّا بما يعظم وبما يحب
اقسم بمخلوقاته بالشمس والقمر والليل والنهار والملائكة واقسم بالفجر فقال :
" والفجر وليالٍ عشر "
قيل انه فجر يوم النحر .!
وقيل : الصلاه المشهوده والفرق بين النفاق وأهل الايمان تشهدها ملائكه الليل وملائكه النهار.!
فيا تعاسه المحرومين .! يا تعاسه الأشقياء.!
الذين يقضون الليالي في مواقع الحرام والخناء والفجور ويقضي ليله كله فيما يغضب الله ..

العشر وما ادراكم ما العشر ؟
 افضل ايام السنه على الإطلاق ..
صح عن ابن عباس البخاري والإمام احمد
( مامن ايام العمل الصالح فيها احب الى الله من هذه الايام .!
قالوا ولا الجهاد في سبيل الله .؟!        
قال ولا الجهاد في سبيل الله ..!
إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء .."
فكل عمل صالح في هذه الايام معظم وكبير في ميزان الله..!
والعملُ الصالِحُ واسعُ المَيادين، شاملُ المفاهيم يَنْتَظِمُ اعمال القلوب والجوارح من الأقوال والأعمال والمقاصد كإكرامِ الضيف وعيادةُ المريض واتّباعُ الجنائز وإجابة الداعي ومواساة الفقير وتفريج الكروب وإنظارِ المُعسرِ وإرشادِ الضّال ..!
وكلُ من يؤدي رسالةً لأمتهِ فهو في عملٍ صالح
فالكاتب بقلمه الأمين والطبيب بأدويته النافعه والصانع في معمله والفلاح في مزرعته والمعلمُ بين يديّ طلبته والمسؤولُ الذي يؤدي ما اؤتمن عليه بحرصٍ وصبر كلُّ هولاءِ يعملونَ الصالحات ولهم فْضلٌِ عظيم ..
والعمل الصالح يا أحبتي الكرام يثمرُ صلاحاً في القلب ، يثمر صلاحاً في النفس..
العمل الصالح يُورثُ عملاً صالحاً .!
العمل الصالح يُورثُ عزيمه ، يورث نوراً.!
يورث عزماً ، يورث إرادة ، يورث تذللاً ، يورث خشوعاً، يورث انشراحاً، يورث طمأنينه ، يورث لذةً بطاعه الله وانساً به ، يورث توكلاً على الله ، يورث ثقةً به ورجاءً فيه وخوفاً منه ..
ولا انسى ان أذكركم جميعاً اننا امام عملٍ صالحٍ عظيم جداً لاينبغي ان يفوتنا مهما كانت الظروف
وهو يوم عرفه هذا اليوم العظيم المشهود الذي  تشهده الملائكه وقيل يشهده الرب جل وعلا
والذي سيوافق يوم الاثنين القادم بمشيئة الله ..
 قال عنه رسول الله  كما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها :
 ((ما من يوم أكثرَ من أن يعتقَ اللهُ فيه عبداً أو أمةً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟)).
أفلا نتشرف يا اخوتي إلى أن نكون في هذا اليوم من عتقاء الله من النار؟!
ألا نُخلصُ لله ونتوب إليه في هذا اليوم العظيم لعل أسماءنا تُدرج في قائمة العتقاء فنكون من السعداء؟!
إنه والله ليومٍ عظيم لمن عرف قدر الأيام العظيمة - يومٌ يجتمع فيه حجاج بيت الله على صعيد واحد، أتوا من كل فج عميق..
- يومٌ يتجلى الله فيه برحماته على عباده، ويؤتيهم من فضله العظيم وفيضه العميم، ويباهي بهم ملائكته وهو الغني عنهم سبحانه..
 لله في هذا اليوم نفحات، والسعيد السعيد من تعرض لهذه النفحات وأخذ منها بقسط وافر..

 هذا اليوم العظيم هو من الأيام التي يُستحب فيها العمل الصالح..
ونحن نتكلم اليوم عن العمل الصالح، ويُضاعف فيها أجر هذه الأعمال الصالحة، وفيه من الفرص ما لا يوجد في غيره، يقول  كما في صحيح الجامع من حديث أبي سعيد: ((صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة))
وهذا فضل عظيم لمن يرجو رحمة الله ويتتبع مواطنها.
فتوبوا إلى الله في هذا اليوم، وتضرعوا إلى الله بالدعاء، واعرضوا عليه همومكم وحاجاتكم،
 وتيقنوا أنه لن يخيبكم ما دمتم تتوجهون إليه بقلوب مخلصة وأنفس منكسرة، وعمروا يومكم بالذكر والصلاة والتهليل والتكبير ..
ففي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :    
((خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) ..

اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك في يوم عرفة وفي سائر الأيام ..
اللهم ووفقنا إلى الأعمال الصالحة واجعلها ذخرا لنا يوم نلقاك...
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
 وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------

الجمعة، 10 أغسطس 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
[ أحبُّ الاعمال الى الله الصلاة على وقتها ] ( ٣ )
        (( الصلاة ذات الخشوع والخضوع ))
        السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                   الخطبه {{ 15 }}
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 3 اغسطس 2018م
الموافق 21 ذو القعده 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ            
ايها الأحباب الكرام :
ونحن في رحاب سلسله احب الاعمال الى الله ..
تحدثنا لجمعتين متتاليتين حول عمل من احب الاعمال الى الله وهي  " الصلاة "

تكلمنا في جمعه عن الصلاة وأهميتها وفوائدها  وأثرها في حياة الفرد والمجتمع .
والجمعه التى تليها وجهنا نداءً لتارك الصلاة

امّا حديث خطبتنا اليوم فهو عن روح الصلاة ولبها وجوهرها ألا وهو الخشوع وحضور القلب.

الخشوع في الصلاة يا كرام :
هو روحها والمقصود منها، وهو خضوع القلب وطمأنينته وسكونه لله وانكساره بين يديه ذلاً وافتقاراً وإيماناً به وبلقائه.

وبالخشوع وصف الله به رسله والصالحين من عباده فقال :
" إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين " [الأنبياء:90]

وقال :  " قد أفلح المؤمنون  الذين هم في صلاتهم خاشعون " [المؤمنون:1-2].

كماوصف اهل العلم بخشيته والخشوع عند سماعهم لكلامه فقال :
"  إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً " [الإسراء:108-109].

ولاجل ذلكم ايها الاحباب الكرام
 الكثير من الناس يصلُّون ولكن لا تُرى آثار الصلاة عليهم ...
لا يتأدبون بآدابها، ولا يلتزمون بأركانها وواجباتها...
- صلاتهم صورية ، عادية، شكليه ، مظهرية
لإخلالهم بلبها وروحها وخشوعها ..
- يصلون جسدًا بلا روح، وبدنًا بلا قلب،
وحركاتٍ بلا مشاعر وأحاسيس..
- صلاتهم مرتعٌ للوساوس والهواجس،
يأتي الشيطانُ الى أحدَهم وهو في صلاته، فيجعله يصول ويجول بتفكره في مجالات الدنيا،
يتحرك ويتشاغل، يستطيل ويتثاقل، ويلتفت بقلبه وبصره إلى حيث يريد، فينفتل من صلاته ولم يعقل منها شيئًا،
بل لعلَّ بعضهم لا يعقل منها  إلا قليلاً. ..

ولذلكم كانت الصلاة وسيله من وسائل الشكر لله سبحانه على ما انعم به علينا من نعمٍ لاتعد ولاتحصى ..!
فمن الذي خلقك ؟ واختار لك اسمك ؟
واختار جمالك ؟ واختار قوامك ؟
واختار لك بلدك ؟ واختار موطنك ؟
واختار لك أباك ؟ واختار لك امك ؟
وروحك الخاصه ؟ ونفسك الخاصه ؟
ووجهك الخاص ؟ ولونك الخاص ؟
وهيئتك الخاصه ؟ ومشاعرك الخاصه ؟
فالذي انعم عليك بكل هذه النعم هو الله
والواجب على كل واحد ان يُظهر لله تعالى المنعم المتفضل " الخضوع والخشوع والعبوديه بأداء الصلاه  التى فرضها الله تعبيراً عن شكر الله وإقراراً بربوبيته واعترافاً بفضله ونعمه وإحسانه"

وإن من كمال الصلاة يا ايها الكرام :
المحافظة عليها وعلى شروطها وواجباتها وأركانها وعدم الاستجابة للشيطان في مسابقه الامام في ركوعٍ او سجودٍ او رفعٍ او قيام ..
وانما جُعل الامام ليؤتم وفي التقدم عليه ومسابقته إخلالٌ بالصلاة وتفريطٌ في اداء الامانه على وجهها ..
إذ ان الصلاة من اعظم الأمانات التى حُمّلها الانسان وألتزم الوفاء بها..
وقد روي عن ابن مسعود وسلمان الفارسي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" الصلاةُ مكيال فمن أوفى استوفى ومن طفف فقد علمتم ماقال الله عزوجل " ويلٌ للمطففين "

 فالصلاة عظيمةٌ يا اخوتي الكرام ولها اهميه كبرى ...
وانّ من عظمتها ان جعلها الله شاملةً وجامعة لأركان الاسلام جميعها :              
- فركن الاسلام الاول (شهادة الا اله إلا الله
وان محمداً رسول الله) وهذا الركن يقوله المصلى ويردده في صلاته مرات ومرات ..
- وركن الاسلام الثاني هو (الصلاة) والمصلى هو في صلاته ..
- وركن الاسلام الثالث (إيتاء الزكاه) والمسلم يزكي من عمره ويزكي من وقته ليتفرغ لأداء الصلاه وعباده ربه ومولاه..
- وركن الاسلام الرابع (الصوم) والمسلم المصلي
هو عند أداءه للصلاة في صوم واذا ما اكل بطلت صلاته ..
- وركن الاسلام الخامس (حج البيت) والمسلم المصلى عند صلاته يتوجه جهة الكعبه جهه البيت الحرام المشرفه ولو اتجه لغيرها ما قبلت صلاته ..

فالصلاة عظيمه والصلاة صلةٌ بين العبد وربه ينقطع بها عن شواغل الدنيا ويتجه بكيانه كله الى ربه يستمدُ منه الهدايه والعون والتسديد ويسأله الثبات على الصراط المستقيم ..!
ولكن الناس يختلفون في هذه الصله :
- فمنهم من تزيده صلاته اقبالاً على الله ..!
- ومنهم من لا تؤثر فيه صلاته الى ذلك الحد الملموس ، بل هو يؤديها بحركاتٍ وقراءه وذكر وتسبيح ولكن من غير شعورٍ كامل لما يفعل ولا استحضار لما يقول ..

والصلاة الحقيقية التى يريدها الاسلام ليست مجرد اقوال تلوكها اللسان او حركاتٍ تؤديها الجوارح بلا تدبرٍ من عقلٍ ولا خشوعٍ من قلب .!

وهذا ما نلحظه فعلاً في زماننا هذا من كثيرٍ من المسلمين هداهم الله..!!
- فكثيرٌ من المصلين اليوم يدخلون الى الصلاة بأجسامهم دون أرواحهم ..
معتبرين إياها ركعاتٍ وسجداتٍ من دون تفكر حقيقي لما يقولون وما يقرآون ..
فهو يركع ويقوم ويسجد ويضل يركع ويرفع ويسجد حتى ينتهي من صلاته ويُسلّم ويخرج من المسجد دون ان يعرف ماذا قال وماذا قرأ ..
ولو سألته ماذا قرأت او ماذا قرأ الامام ؟؟
لقال لك " لا ادري ولا اعرف ".
بل بعضهم لا تحضره همومه ومشاكله وقضاياه إلاّ عند الصلاه ولاحول ولاقوة إلاّ بالله ..!
- فلا  يأتي ليتذكر ما نساه إلاّ في الصلاة .!
- ولا يبحث في حل مشاكله والتفكير بها إلاّ في الصلاه .!
- ولا يفكر كيف وكيف وكيف إلّا في الصلاة .!
- ولا يدري كيف يخطط إلاّ في الصلاة .!  
              وهكذاااا دواليك .!
هكذا يقضي عمره على هذه الصلاة التى لن يكتب له منها إلاّ كما جاء في الحديث الذي اخرجه احمد قال النبي صلى الله عليـــه وسلم :
(أن العبد ليصلي الصلاة وينصرف منها وما كتب له إلا عُشْرُ صلاته تسعهـــا ثمنهـــــــا سبعها حتى قال نصفها )
فلا أتم ركوعها ولا سجودها ولا القراءه فيها
واذا ما مات صاحبها على هذه الحاله مات على غير المله كما جاء في الحديث ..
بل لاينظر الله الى صاحبها لانها صلاة مسروقه
كما جاء في حديث ابي قتاده  :
" أسوأُ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته ..!
قيل وكيف يسرق من صلاته ؟؟
قال : لايتم ركوعها ولا سجودها ولا القراءه فيها"

وكما جاء في الصحيحين من حديث
 ابي هريره رضي الله عنه ان رجلاً دخل المسجد ورسول الله جالس فيه فصلى الرجل ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال له ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ ..!

فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام ثم قال له ارجع فصلي فإنك لم تصلِ فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام وقال له ارجع فصلي فإنك لم تصلِ ثلاث مرات ...

فقال الرجل في الثالثه والذي بعثك بالحق يارسول الله ما أُحسن غيرها فعلمني ..!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اذا قمت الى الصلاة فكبر ثم إقرأ ماتيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً ثم اجلس حتى تطمئن جالساً ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً وافعل ذلك في صلاتك كلها ..."

بل اسمع معي لحديث عبادةُ بن الصامت رضي الله عنه قال :
" من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام الى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت الصلاة:
حفظك الله كما حفظتني ثم صُعدَ بها الى السماء ولها ضوءٌ ونور ففُتحت لها ابواب السماء حتى ينتهي بها الى الله تعالى فتشفع لصاحبها ..
واذا لم يتم ركوعها ولاسجودها ولا القراءة فيها
 إلاّ قالت الصلاة :
ضيّعك الله كما ضيّعتني ثم صعد بها الى السماء وعليها ظلمه فأُغلقت دونها ابواب السماء ثمّ تُلفُ  كما يُلف الثوب الخَلِق فيُضربُ بها وجهُ صاحبها "

وروى البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه رأى رجلاً يصلي ولايتم ركوع الصلاة ولاسجودها فقال حُذَيْفَةُ : " مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلاتُكَ ؟
" قَالَ : مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً !!
قَالَ :      
" مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَوْ مُتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

وما أعظمه من موقف ، وما ألذها من صلاة التى يستشعر فيها الواحد منا انها اخر صلاة له  .!

ما اروعها من صلاة يستشعر فيها الواحد وكأنه واقف على الصراط وأمامه ربه ومن خلفه ملك الموت وعن يمينه الجنه وعن شماله النار .!

ما اروعها تلك الصلاة التى تبدأ من عند اول قطرة وضوء يستشعر فيها المسلم انه بعد لحظاتٍ وبعد دقائق يسيره سيقف بين يدي جبار السموات والارض وسينقطع عن الدنيا ليحادث ربه ويكلم مولاة ويتضرع لخالقه ..

ولذلكم كان علي بن الحسين رضي الله عنهما
اذا توضأ إصفر لونه ..!
فقيل له ماهذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟
فقال : أتدرون بين يديّ منْ اريد ان اقوم ؟؟!
إنّي سأقوم واقف بين يدي خالق السموات والارض ..
يقول الامام ابن القيم في كتابه ( الفوائد ) :
" للعبد بين يديّ الله موقفان !!
موقف بين يديه في الصلاة ، وموقف بين يديه يوم لقاءه .!
فمن قام بحق الموقف الاول ( في الصلاة )
هوّن عليه الموقف الاخر ، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفي حقه شُدد عليه ذلك الموقف " .

واليوم حدث ولاحرج عن وقوف الكثير بين يدي الله
ووقوفهم امام المخلوقين ..!
وقوف بخشوع واحترام وتوقير وتقدير وسكون وتبجيل وأدب امام المخلوق وامام مسئولٍ او او
وباحسن اللباس وبأزهى وافخر العطور
وبلا حركه او تلفت او كلام او رفع صوت .!

وامام الله وامام الخالق وامام من خلق المسئول والمدير والرئيس والوزير فبرائحه الدخان يقف .!
وبرائحه البصل والثوم والبقل يقف .!
وبملابس ممزقه ورثه او بملابس النوم .!
اوبثياب العمل وبلا احترام اواجلال او توفير .!
-ثم اذا دخل للصلاة تثاقلت نفسه واضطربت نفسه لا خشيةً او خشوعاً وانما ضعفاً وخموداً وكسلاً !
- يقف وقفة المتضجر وكأنه واقف على الرمضــاء
لا يثبـت فــــي قيامه ، يراوح بين قدميه متمايلاً في بدنه يرفع يداً وينزل أخرى .
يُصلح ثوبــه وساعتــــه ويتفقد جيوبه
ويتحسس في ذقنه ويتأمل في مظهره .

وحينما يسمع عزفاً لمطرب يهواه إضطرب وتهلل وجهه ...                      
وصدق ابن القيم رحمه الله فيما أورد في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان حيث قال :
" تُليا الكتاب القرآن وسُمع النداء وارتفع الآذان
تُليا الكتاب فأطرقت أسماعهم لا خيفةً ولكنه إطراقُ ساهٍ لاهِ  وأتى الغناء فكحميرٍ تراقصوا
والله ماطربوا لاجل الله دفٌ ومزمارٌ ونغمهُ شادٍ  .. الى اخر كلامه .."
نعم كثيرٌ من الناس إن قام الى الصلاة ليس مقامه قول القائل :
" ارحنا بها " وانما يقول " ارحنا منها "
ارحنا منها : اقمها ، انقر سجودها واستعجل في ركوعها ولاتخشع في أركانها ولاتطمئن في صفاتها واوضاعها ، دعنا ننتهي منها ..
فهذه عبادةُ المتخلصين .!هذه عبادةُ الذين يتبرمون
وإن مثل هذه العباده لاتنفع صاحبها ...

نفوسٌ تعرف الوقار للبشر ولاتعرف الوقار لرب البشر ..!                        
نفوسٌ تعرف الهيبة من الرجال ولاتعرف الهيبة من ربِّ الرجال .!
نفوسٌ ترتعدُ فرائصها من ذكر فلان وعلان ولاتضطرب خشيةً او خشوعاً لذكر الله جل وعلا ..
" يخوفونك بالذين من دونه فتخاف ويخوفونك بالله فلا تخشى "
فحاشا وكلا ومعاذ الله ان يقوم في النفوس خوفٌ للبشر أعظمَ من الخوف من الله .
معاذ الله ان يقوم في النفوس رغبةٌ ورهبةٌ وإنابةٌ لبشرٍ تكون اعظم واكبر من الرهبه والإنابه من الله جل وعلا ..
" وماقدروا الله حق قدره والارض جميعاً قبضته يوم القيامه والسموات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون "
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم ..
واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ويا فوز المستغفرين ...

الخطبه الثانية  :                    
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
الخشوع في الصلاة هو حقيقة الصلاة وجوهرها، ومعناه حضور قلبي بين يدي الله في الصلاة بالخضوع والذل والخشوع، والافتقار والاضطرار، والدعاءٌ والثناء، والتحميد والتمجيد، والتذلُّل لله العليِّ الحميد، وفي الحديث المتفق عليه
يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم :
 ((إنَّ أحدَكم إذا كان في الصلاة فإنّه يناجي ربّه)) .
وعلى جناح السرعه تعالوا الى سلفنا الصالح الذين ضربوا لنا المثل الأعلى في الخشوع في صلاتهم ....

= فهذا سيد الخلق وامام المرسلين عليه الصلاة والسلام الذي غفر له من ذنبه ماتقدم وماتأخر
قال عبد الله بن الشخيرفي الحديث الذي رواه الخمسة وابن ماجه وصححه ابن حبان .
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(يصلي وفي صـدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء)
" وهو القدر الذي استجمع غليانه"

= وهذا الصديق ابوبكر رضي الله عنه فقد روي عنه رضي الله عنه - أنه كان في صلاته، كأنه وتد من الثبات والخشوع، وكان رجلاً اسيفاً اذا صلّى بالقوم في جهريه بكى في صلاته فلايسمع الناس صوته في التكبير والقراءه من نحيبه وبكاءه وخشوعه.

= وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقرأ من سورة الطور حتى يصل الى قول الله :
" ان عذاب ربك لواقع ماله من دافع "
فيسقط مغشياً عليه من خشوعه وبكاءه
ويعوده الناس شهراً في بيته .

= وهذا بطل المواجهه علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه يصلي صلاته فيحرق منزله ويهدم وما يعرف شيئاً ولا تحرك من مكانه من شده خشوعه ثم لم يعرف الا بعد ان انتهى من صلاته ..

= وكان عبدالله بن الزبير رضي الله عنه يسجد فتنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلاّ جذع حائط ..
وفي احد المعارك التى خاضها يصلّى فيأتي المنجنيق فيأخذ طائفةً من ثوبه فلم يتحرك او يرفع رأسه ..

= وقيل لعامر بن عبد القيس أتُحدثُ نفسك بشيءٍ في الصلاة ؟.                            
فقال : أو شيء احب إليّ من الصلاة أُحدث به نفسي ؟؟!
يعنى وهل يوجد شيء احب الي من صلاتي فأحدث بها نفسي..!
قالوا : إنّا لنحدث انفسنا في الصلاة !!
فقال : أبالجنة والحور ونحوِ ذلك ؟
فقالوا : لا . ولكن بأهلينا وأموالنا.!!
فقال رحمه الله : لئن تختلف الأسنّة .أي "الرماح"
لئن تختلف الأسنّة فيَّ أحبّ إليَ من أن أُحدث نفسي بذلك ...
= وهذا مسلم بن يسار رحمه الله يقول عنه ميمون بن مهران :
ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاةٍ قط
ولقد إنهدمت ناحيةٌ من المسجد ففزع اهلُّ السوق لهدتها وإنّه لفي المسجد يصلي فما التفت ..

بل وكان اهل بيته اذا دخل المنزل سكتوا واذا قام الى الصلاة تكلموا لانهم كانوا يعرفون ان ضحكهم وكلامهم لن تُلهيه وتشغله عن الصلاة
فهو اذا اتصل بربه انقطع عن الدنيا وشواغلها وتعلق قلبه برب الارض والسموات ..

- ومنهم من كان اذا صلى ودخل في صلاته كان كعود الخشب لا حراك له .
- ومنهم من كان اذا صلى كان يعتبرها اخر صلاة له .
- ومنهم من كان اذا صلى كان كأنه ثوبٌ ملقى على الارض من شدة خشوعه ..

فهؤلاء هم صحابتنا وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان
الذين كانت الصلاة قرة عيونهم وسرور قلوبهم وراحة أبدانهم ولذة افئدتهم يتلذذون بها كما يتلذذ غيرهم بشهوات البطن والفرج ..

هكذا كانوا يفرحون ويُسرّون بالدخول في صلاتهم كما يفرح غيرهم باللهو والمرح والطرب ..

هكذا كانت قلوبهم خاليةٌ عن الميل الى الدنيا وزخرفها وزينتها متعلقةٌ بكل مايحبه ربهم ويرضاه

حتى كانوا اذا ادلهمت بهم الخطوب ونزلت عليهم المصائب وأحاطت بهم الويلات والكربات إلتجؤا الى ربهم وفزعوا الى صلاتهم ليخرجوا من ضيقهم وكربهم وشدتهم ...

إعرابيٌ من الأعراب يضيع في صحراء قاحله
صحراء واسعه ومعه ماله وراحلته وبينما هو كذلك يمشي ويسير وعليه اليأس والإحباط لما وصل إليه

فجاءةً اذا برجل يقف أمامه فطلب منه المساعده وان يدله على المخرج من هذه الصحراء التى ضاع بين كثبانها ورمالها ..!
فأخذ الرجل بزمام راحلة الأعرابي وأخذ يمشي به طريق طويله طريق بعيده حتى وصل به الى كهفٍ واسع ومظلم ..
ولما دخل الأعرابي لهذا الكهف أخذ ينظر فيه ويتأمل يمنةً ويسره فاذا عظاماً وجماجم وأشلاء قد نخرت تملأ ذلك الكهف .!
فأيقن حينها ان هذا الرجل مجرم وسفاح وقاتل وقاطع طريق ..
فقال عندها الأعرابي للرجل :
ماذا تريد مني ؟
ولماذا اوصلتني الى هذا المكان ؟؟
قال : اريد روحك ومالك ومامعك ؟؟
قال له الأعرابي : خذ مالي ومتاعي وراحلتي وماعليها ..
خذ ماشئت واتركني لاولادي الذين ينتظرون عودتي ...
قال : لا بل اريدك وناقتك ومتاعك ومالك وكل مامعك ..
حاول الأعرابي مع هذا المجرم المرات والمرات
ذكره بالله لكنه لم يتذكر ..
وعندما عرف الأعرابي ان هذا المجرم عازمٌ على قتله قال له : هلا تركتني اصلي لربي ركعتين أودع بهما دنياي وألقى بهما ربي ..؟؟!
قال له المجرم : صلي ما شئت ..؟
فدخل حينها الأعرابي في صلاته وانقطع بها عن الدنيا واتصل بعالم الغيب والشهاده واتصل بمسبب الأسباب ورفع شكواه وحزنه اليه وعندما سجد السجده الاولى قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
وعندما سجد السجدة الثانيه قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
فقام للركعه الثانيه وعند خرّ للسجده الثالثه قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
وفي السجده الرابعه والاخيره قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
ولما رفع من سجدته الاخيره اذا به يلمح رجلاً على رأسه عمامةٌ بيضاء يمر كالبرق الخاطف الى قاطع الطريق ويضربه ضربة يفصل بها رأسه عن جسده وأرداه قتيلا ..
ولما انتهى من صلاته قال له الأعرابي أسألك بالله من انت ؟؟
قال انا ملَكٌ من ملائكة السماء الرابعه لمّا دعوتَ الدعوه الاولى في سجدتك الاولى استأذنت ربي لإنقاذك من هذا المجرم فأذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الثالثه ..!
ولما دعوت الدعوة الثانيه في السجده الثانيه استأذنت ربي لإنقاذك فإذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الثانيه ..!
ولما دعوت الدعوة الثالثه في السجده الثالثه استأذنت ربي لإنقاذك فأذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الأولي ..!
ولما دعوت الدعوة الاخيره في السجده الرابعه استأذنت ربي لإنقاذك فأذن لي وأمرني ان أهبط الى الارض وان انزل للدنيا للقضاء على هذا المجرم ...
" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) "
"وكذلك ننجي المؤمنين"
فكم صلينا لله عند شدائدنا ..!
وكم فزعنا للصلاة عند محننا ومصائبنا .!
وكم سجدنا لله عند حلول كربنا .!
وكم التجئنا للصلاة لتكون مخرجاً لنا ومنقذاً لنا ودواءً وعلاجاً وبلسماً شافياً لأمراضنا وآلآمنا

عروة بن الزبير رضي الله عنه وأرضاه لما أصابته الآكله في رجله حتى فسد لحم رجله وأصبحت على حالٍ من الضعف والمرض فكان لابد من بترها وقطعها حتى لا تنتشر الآكله الى بقية جسده
فلما وقف عند الأطباء عند رأسه قالوا له :
ياعروه لو شربت مُسكراً يُزيل عقلك قليلاً وحتى نتمكن من قطع رجلك في حالٍ لا تشعر بها !!؟؟

فماذا قال رضي الله عنه وارضاه ..!!  
قال : معاذ الله ان أتداوى بحرام ..!
إنّ الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرّم عليها .
فقالوا له تناول قليلاً فقط يُغيّب عقلك لفتره بسيطه فقال لهم مرة اخرى :
والله لا أغفل ساعةً عن ذكر الله ابداً ..
قالوا له ان الآكله تسري في كل جسدك ولابد من قطع رجلك فماذا ترى إذاً ؟؟!
قال : انظروني - اي " اتركوني "
انظروني فاذا دخلت في الصلاة واستغرقت فيها فافعلوا حينها ما بدا لكم ..!
ولمّا كبر لصلاته ودخل بها واستغرق فيها واتصل بأسباب السماء وغاب عن شهود امور الدنيا جاءوا إليه بالسكين كالجمر قد حُميّت على النار تلتهب ماحولها فوضعوها على اللحمِ من ساقه رضي الله عنه وارضاه ..!

فجعلت اللحم يذوب في لحظات ولمّا بلغت العظم أتوا بالمنشار وقد حُمّي ايضاً على النار وجروا المنشار على عظم ساقه فقطعوها وهو يصلي فما تحرك يميناً وشمالاً ولكن لما بلغ المنشارُ نخاع ساقه غُشيَ عليه رضي الله عنه ..!
فلما أفاق اخبروه ان احد أولاده الاربعه سقط من اعلى الدار فمات..!
 ولما رأى مابقي من رجله قد جُعلت في زيتٍ وضمّد بالجراح فقالوا له قد قطعنا رجلك !؟
فقال : آتوني بها !
فلما جيء بها إليه اخذها بين يديه وقبلّها ثم قال :
الحمدلله الذي لم امشي بها الى فاحشه ..!
الحمدلله أنّي ما مضيت بها الى معصيه .!
ثم قال :
اللهم إن كُنتَ قد ابتليت فقد عافيت وان كنت قد أخذت فقد أبقيت ..
أعطيتني اربعاً من الاعضاء وأخذت واحداً
واعطيتني اربعاً من الولد وأخذت واحداً فلك الحمد ولك الشكر اولاً واخراً وظاهراً وباطناً ...
 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ  إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هم المهتدون }.
هكذا كان الأوائل رحمة الله عليهم .!
وهكذا كانت القلوب ..!
وهكذا كان اتصالهم بربهم وخالقهم .!
وهكذا كانت الصلاة عندهم ..!

اللهم ارزقنا المحافظة على هذه الصلوات حيث يُنادى لها.
 اللهم ارزقنا فيها الطمأنينة والخشوع.
اللهم ارزقنا فيها الإقبال عليك، والخضوع بين يديك.
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء..
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
 وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------


🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...