الجمعة، 10 أغسطس 2018

🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان        
[ أحبُّ الاعمال الى الله الصلاة على وقتها ] ( ٣ )
        (( الصلاة ذات الخشوع والخضوع ))
        السلسله الثانيه لأحب الاعمال الى الله
                   الخطبه {{ 15 }}
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 3 اغسطس 2018م
الموافق 21 ذو القعده 1439هـ

أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ            
ايها الأحباب الكرام :
ونحن في رحاب سلسله احب الاعمال الى الله ..
تحدثنا لجمعتين متتاليتين حول عمل من احب الاعمال الى الله وهي  " الصلاة "

تكلمنا في جمعه عن الصلاة وأهميتها وفوائدها  وأثرها في حياة الفرد والمجتمع .
والجمعه التى تليها وجهنا نداءً لتارك الصلاة

امّا حديث خطبتنا اليوم فهو عن روح الصلاة ولبها وجوهرها ألا وهو الخشوع وحضور القلب.

الخشوع في الصلاة يا كرام :
هو روحها والمقصود منها، وهو خضوع القلب وطمأنينته وسكونه لله وانكساره بين يديه ذلاً وافتقاراً وإيماناً به وبلقائه.

وبالخشوع وصف الله به رسله والصالحين من عباده فقال :
" إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين " [الأنبياء:90]

وقال :  " قد أفلح المؤمنون  الذين هم في صلاتهم خاشعون " [المؤمنون:1-2].

كماوصف اهل العلم بخشيته والخشوع عند سماعهم لكلامه فقال :
"  إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً " [الإسراء:108-109].

ولاجل ذلكم ايها الاحباب الكرام
 الكثير من الناس يصلُّون ولكن لا تُرى آثار الصلاة عليهم ...
لا يتأدبون بآدابها، ولا يلتزمون بأركانها وواجباتها...
- صلاتهم صورية ، عادية، شكليه ، مظهرية
لإخلالهم بلبها وروحها وخشوعها ..
- يصلون جسدًا بلا روح، وبدنًا بلا قلب،
وحركاتٍ بلا مشاعر وأحاسيس..
- صلاتهم مرتعٌ للوساوس والهواجس،
يأتي الشيطانُ الى أحدَهم وهو في صلاته، فيجعله يصول ويجول بتفكره في مجالات الدنيا،
يتحرك ويتشاغل، يستطيل ويتثاقل، ويلتفت بقلبه وبصره إلى حيث يريد، فينفتل من صلاته ولم يعقل منها شيئًا،
بل لعلَّ بعضهم لا يعقل منها  إلا قليلاً. ..

ولذلكم كانت الصلاة وسيله من وسائل الشكر لله سبحانه على ما انعم به علينا من نعمٍ لاتعد ولاتحصى ..!
فمن الذي خلقك ؟ واختار لك اسمك ؟
واختار جمالك ؟ واختار قوامك ؟
واختار لك بلدك ؟ واختار موطنك ؟
واختار لك أباك ؟ واختار لك امك ؟
وروحك الخاصه ؟ ونفسك الخاصه ؟
ووجهك الخاص ؟ ولونك الخاص ؟
وهيئتك الخاصه ؟ ومشاعرك الخاصه ؟
فالذي انعم عليك بكل هذه النعم هو الله
والواجب على كل واحد ان يُظهر لله تعالى المنعم المتفضل " الخضوع والخشوع والعبوديه بأداء الصلاه  التى فرضها الله تعبيراً عن شكر الله وإقراراً بربوبيته واعترافاً بفضله ونعمه وإحسانه"

وإن من كمال الصلاة يا ايها الكرام :
المحافظة عليها وعلى شروطها وواجباتها وأركانها وعدم الاستجابة للشيطان في مسابقه الامام في ركوعٍ او سجودٍ او رفعٍ او قيام ..
وانما جُعل الامام ليؤتم وفي التقدم عليه ومسابقته إخلالٌ بالصلاة وتفريطٌ في اداء الامانه على وجهها ..
إذ ان الصلاة من اعظم الأمانات التى حُمّلها الانسان وألتزم الوفاء بها..
وقد روي عن ابن مسعود وسلمان الفارسي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" الصلاةُ مكيال فمن أوفى استوفى ومن طفف فقد علمتم ماقال الله عزوجل " ويلٌ للمطففين "

 فالصلاة عظيمةٌ يا اخوتي الكرام ولها اهميه كبرى ...
وانّ من عظمتها ان جعلها الله شاملةً وجامعة لأركان الاسلام جميعها :              
- فركن الاسلام الاول (شهادة الا اله إلا الله
وان محمداً رسول الله) وهذا الركن يقوله المصلى ويردده في صلاته مرات ومرات ..
- وركن الاسلام الثاني هو (الصلاة) والمصلى هو في صلاته ..
- وركن الاسلام الثالث (إيتاء الزكاه) والمسلم يزكي من عمره ويزكي من وقته ليتفرغ لأداء الصلاه وعباده ربه ومولاه..
- وركن الاسلام الرابع (الصوم) والمسلم المصلي
هو عند أداءه للصلاة في صوم واذا ما اكل بطلت صلاته ..
- وركن الاسلام الخامس (حج البيت) والمسلم المصلى عند صلاته يتوجه جهة الكعبه جهه البيت الحرام المشرفه ولو اتجه لغيرها ما قبلت صلاته ..

فالصلاة عظيمه والصلاة صلةٌ بين العبد وربه ينقطع بها عن شواغل الدنيا ويتجه بكيانه كله الى ربه يستمدُ منه الهدايه والعون والتسديد ويسأله الثبات على الصراط المستقيم ..!
ولكن الناس يختلفون في هذه الصله :
- فمنهم من تزيده صلاته اقبالاً على الله ..!
- ومنهم من لا تؤثر فيه صلاته الى ذلك الحد الملموس ، بل هو يؤديها بحركاتٍ وقراءه وذكر وتسبيح ولكن من غير شعورٍ كامل لما يفعل ولا استحضار لما يقول ..

والصلاة الحقيقية التى يريدها الاسلام ليست مجرد اقوال تلوكها اللسان او حركاتٍ تؤديها الجوارح بلا تدبرٍ من عقلٍ ولا خشوعٍ من قلب .!

وهذا ما نلحظه فعلاً في زماننا هذا من كثيرٍ من المسلمين هداهم الله..!!
- فكثيرٌ من المصلين اليوم يدخلون الى الصلاة بأجسامهم دون أرواحهم ..
معتبرين إياها ركعاتٍ وسجداتٍ من دون تفكر حقيقي لما يقولون وما يقرآون ..
فهو يركع ويقوم ويسجد ويضل يركع ويرفع ويسجد حتى ينتهي من صلاته ويُسلّم ويخرج من المسجد دون ان يعرف ماذا قال وماذا قرأ ..
ولو سألته ماذا قرأت او ماذا قرأ الامام ؟؟
لقال لك " لا ادري ولا اعرف ".
بل بعضهم لا تحضره همومه ومشاكله وقضاياه إلاّ عند الصلاه ولاحول ولاقوة إلاّ بالله ..!
- فلا  يأتي ليتذكر ما نساه إلاّ في الصلاة .!
- ولا يبحث في حل مشاكله والتفكير بها إلاّ في الصلاه .!
- ولا يفكر كيف وكيف وكيف إلّا في الصلاة .!
- ولا يدري كيف يخطط إلاّ في الصلاة .!  
              وهكذاااا دواليك .!
هكذا يقضي عمره على هذه الصلاة التى لن يكتب له منها إلاّ كما جاء في الحديث الذي اخرجه احمد قال النبي صلى الله عليـــه وسلم :
(أن العبد ليصلي الصلاة وينصرف منها وما كتب له إلا عُشْرُ صلاته تسعهـــا ثمنهـــــــا سبعها حتى قال نصفها )
فلا أتم ركوعها ولا سجودها ولا القراءه فيها
واذا ما مات صاحبها على هذه الحاله مات على غير المله كما جاء في الحديث ..
بل لاينظر الله الى صاحبها لانها صلاة مسروقه
كما جاء في حديث ابي قتاده  :
" أسوأُ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته ..!
قيل وكيف يسرق من صلاته ؟؟
قال : لايتم ركوعها ولا سجودها ولا القراءه فيها"

وكما جاء في الصحيحين من حديث
 ابي هريره رضي الله عنه ان رجلاً دخل المسجد ورسول الله جالس فيه فصلى الرجل ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال له ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ ..!

فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام ثم قال له ارجع فصلي فإنك لم تصلِ فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام وقال له ارجع فصلي فإنك لم تصلِ ثلاث مرات ...

فقال الرجل في الثالثه والذي بعثك بالحق يارسول الله ما أُحسن غيرها فعلمني ..!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اذا قمت الى الصلاة فكبر ثم إقرأ ماتيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً ثم اجلس حتى تطمئن جالساً ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً وافعل ذلك في صلاتك كلها ..."

بل اسمع معي لحديث عبادةُ بن الصامت رضي الله عنه قال :
" من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام الى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت الصلاة:
حفظك الله كما حفظتني ثم صُعدَ بها الى السماء ولها ضوءٌ ونور ففُتحت لها ابواب السماء حتى ينتهي بها الى الله تعالى فتشفع لصاحبها ..
واذا لم يتم ركوعها ولاسجودها ولا القراءة فيها
 إلاّ قالت الصلاة :
ضيّعك الله كما ضيّعتني ثم صعد بها الى السماء وعليها ظلمه فأُغلقت دونها ابواب السماء ثمّ تُلفُ  كما يُلف الثوب الخَلِق فيُضربُ بها وجهُ صاحبها "

وروى البخاري من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه رأى رجلاً يصلي ولايتم ركوع الصلاة ولاسجودها فقال حُذَيْفَةُ : " مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلاتُكَ ؟
" قَالَ : مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً !!
قَالَ :      
" مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَوْ مُتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

وما أعظمه من موقف ، وما ألذها من صلاة التى يستشعر فيها الواحد منا انها اخر صلاة له  .!

ما اروعها من صلاة يستشعر فيها الواحد وكأنه واقف على الصراط وأمامه ربه ومن خلفه ملك الموت وعن يمينه الجنه وعن شماله النار .!

ما اروعها تلك الصلاة التى تبدأ من عند اول قطرة وضوء يستشعر فيها المسلم انه بعد لحظاتٍ وبعد دقائق يسيره سيقف بين يدي جبار السموات والارض وسينقطع عن الدنيا ليحادث ربه ويكلم مولاة ويتضرع لخالقه ..

ولذلكم كان علي بن الحسين رضي الله عنهما
اذا توضأ إصفر لونه ..!
فقيل له ماهذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟
فقال : أتدرون بين يديّ منْ اريد ان اقوم ؟؟!
إنّي سأقوم واقف بين يدي خالق السموات والارض ..
يقول الامام ابن القيم في كتابه ( الفوائد ) :
" للعبد بين يديّ الله موقفان !!
موقف بين يديه في الصلاة ، وموقف بين يديه يوم لقاءه .!
فمن قام بحق الموقف الاول ( في الصلاة )
هوّن عليه الموقف الاخر ، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفي حقه شُدد عليه ذلك الموقف " .

واليوم حدث ولاحرج عن وقوف الكثير بين يدي الله
ووقوفهم امام المخلوقين ..!
وقوف بخشوع واحترام وتوقير وتقدير وسكون وتبجيل وأدب امام المخلوق وامام مسئولٍ او او
وباحسن اللباس وبأزهى وافخر العطور
وبلا حركه او تلفت او كلام او رفع صوت .!

وامام الله وامام الخالق وامام من خلق المسئول والمدير والرئيس والوزير فبرائحه الدخان يقف .!
وبرائحه البصل والثوم والبقل يقف .!
وبملابس ممزقه ورثه او بملابس النوم .!
اوبثياب العمل وبلا احترام اواجلال او توفير .!
-ثم اذا دخل للصلاة تثاقلت نفسه واضطربت نفسه لا خشيةً او خشوعاً وانما ضعفاً وخموداً وكسلاً !
- يقف وقفة المتضجر وكأنه واقف على الرمضــاء
لا يثبـت فــــي قيامه ، يراوح بين قدميه متمايلاً في بدنه يرفع يداً وينزل أخرى .
يُصلح ثوبــه وساعتــــه ويتفقد جيوبه
ويتحسس في ذقنه ويتأمل في مظهره .

وحينما يسمع عزفاً لمطرب يهواه إضطرب وتهلل وجهه ...                      
وصدق ابن القيم رحمه الله فيما أورد في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان حيث قال :
" تُليا الكتاب القرآن وسُمع النداء وارتفع الآذان
تُليا الكتاب فأطرقت أسماعهم لا خيفةً ولكنه إطراقُ ساهٍ لاهِ  وأتى الغناء فكحميرٍ تراقصوا
والله ماطربوا لاجل الله دفٌ ومزمارٌ ونغمهُ شادٍ  .. الى اخر كلامه .."
نعم كثيرٌ من الناس إن قام الى الصلاة ليس مقامه قول القائل :
" ارحنا بها " وانما يقول " ارحنا منها "
ارحنا منها : اقمها ، انقر سجودها واستعجل في ركوعها ولاتخشع في أركانها ولاتطمئن في صفاتها واوضاعها ، دعنا ننتهي منها ..
فهذه عبادةُ المتخلصين .!هذه عبادةُ الذين يتبرمون
وإن مثل هذه العباده لاتنفع صاحبها ...

نفوسٌ تعرف الوقار للبشر ولاتعرف الوقار لرب البشر ..!                        
نفوسٌ تعرف الهيبة من الرجال ولاتعرف الهيبة من ربِّ الرجال .!
نفوسٌ ترتعدُ فرائصها من ذكر فلان وعلان ولاتضطرب خشيةً او خشوعاً لذكر الله جل وعلا ..
" يخوفونك بالذين من دونه فتخاف ويخوفونك بالله فلا تخشى "
فحاشا وكلا ومعاذ الله ان يقوم في النفوس خوفٌ للبشر أعظمَ من الخوف من الله .
معاذ الله ان يقوم في النفوس رغبةٌ ورهبةٌ وإنابةٌ لبشرٍ تكون اعظم واكبر من الرهبه والإنابه من الله جل وعلا ..
" وماقدروا الله حق قدره والارض جميعاً قبضته يوم القيامه والسموات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون "
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم ..
واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ويا فوز المستغفرين ...

الخطبه الثانية  :                    
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
الخشوع في الصلاة هو حقيقة الصلاة وجوهرها، ومعناه حضور قلبي بين يدي الله في الصلاة بالخضوع والذل والخشوع، والافتقار والاضطرار، والدعاءٌ والثناء، والتحميد والتمجيد، والتذلُّل لله العليِّ الحميد، وفي الحديث المتفق عليه
يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم :
 ((إنَّ أحدَكم إذا كان في الصلاة فإنّه يناجي ربّه)) .
وعلى جناح السرعه تعالوا الى سلفنا الصالح الذين ضربوا لنا المثل الأعلى في الخشوع في صلاتهم ....

= فهذا سيد الخلق وامام المرسلين عليه الصلاة والسلام الذي غفر له من ذنبه ماتقدم وماتأخر
قال عبد الله بن الشخيرفي الحديث الذي رواه الخمسة وابن ماجه وصححه ابن حبان .
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(يصلي وفي صـدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء)
" وهو القدر الذي استجمع غليانه"

= وهذا الصديق ابوبكر رضي الله عنه فقد روي عنه رضي الله عنه - أنه كان في صلاته، كأنه وتد من الثبات والخشوع، وكان رجلاً اسيفاً اذا صلّى بالقوم في جهريه بكى في صلاته فلايسمع الناس صوته في التكبير والقراءه من نحيبه وبكاءه وخشوعه.

= وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يقرأ من سورة الطور حتى يصل الى قول الله :
" ان عذاب ربك لواقع ماله من دافع "
فيسقط مغشياً عليه من خشوعه وبكاءه
ويعوده الناس شهراً في بيته .

= وهذا بطل المواجهه علي بن ابي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه يصلي صلاته فيحرق منزله ويهدم وما يعرف شيئاً ولا تحرك من مكانه من شده خشوعه ثم لم يعرف الا بعد ان انتهى من صلاته ..

= وكان عبدالله بن الزبير رضي الله عنه يسجد فتنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلاّ جذع حائط ..
وفي احد المعارك التى خاضها يصلّى فيأتي المنجنيق فيأخذ طائفةً من ثوبه فلم يتحرك او يرفع رأسه ..

= وقيل لعامر بن عبد القيس أتُحدثُ نفسك بشيءٍ في الصلاة ؟.                            
فقال : أو شيء احب إليّ من الصلاة أُحدث به نفسي ؟؟!
يعنى وهل يوجد شيء احب الي من صلاتي فأحدث بها نفسي..!
قالوا : إنّا لنحدث انفسنا في الصلاة !!
فقال : أبالجنة والحور ونحوِ ذلك ؟
فقالوا : لا . ولكن بأهلينا وأموالنا.!!
فقال رحمه الله : لئن تختلف الأسنّة .أي "الرماح"
لئن تختلف الأسنّة فيَّ أحبّ إليَ من أن أُحدث نفسي بذلك ...
= وهذا مسلم بن يسار رحمه الله يقول عنه ميمون بن مهران :
ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاةٍ قط
ولقد إنهدمت ناحيةٌ من المسجد ففزع اهلُّ السوق لهدتها وإنّه لفي المسجد يصلي فما التفت ..

بل وكان اهل بيته اذا دخل المنزل سكتوا واذا قام الى الصلاة تكلموا لانهم كانوا يعرفون ان ضحكهم وكلامهم لن تُلهيه وتشغله عن الصلاة
فهو اذا اتصل بربه انقطع عن الدنيا وشواغلها وتعلق قلبه برب الارض والسموات ..

- ومنهم من كان اذا صلى ودخل في صلاته كان كعود الخشب لا حراك له .
- ومنهم من كان اذا صلى كان يعتبرها اخر صلاة له .
- ومنهم من كان اذا صلى كان كأنه ثوبٌ ملقى على الارض من شدة خشوعه ..

فهؤلاء هم صحابتنا وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان
الذين كانت الصلاة قرة عيونهم وسرور قلوبهم وراحة أبدانهم ولذة افئدتهم يتلذذون بها كما يتلذذ غيرهم بشهوات البطن والفرج ..

هكذا كانوا يفرحون ويُسرّون بالدخول في صلاتهم كما يفرح غيرهم باللهو والمرح والطرب ..

هكذا كانت قلوبهم خاليةٌ عن الميل الى الدنيا وزخرفها وزينتها متعلقةٌ بكل مايحبه ربهم ويرضاه

حتى كانوا اذا ادلهمت بهم الخطوب ونزلت عليهم المصائب وأحاطت بهم الويلات والكربات إلتجؤا الى ربهم وفزعوا الى صلاتهم ليخرجوا من ضيقهم وكربهم وشدتهم ...

إعرابيٌ من الأعراب يضيع في صحراء قاحله
صحراء واسعه ومعه ماله وراحلته وبينما هو كذلك يمشي ويسير وعليه اليأس والإحباط لما وصل إليه

فجاءةً اذا برجل يقف أمامه فطلب منه المساعده وان يدله على المخرج من هذه الصحراء التى ضاع بين كثبانها ورمالها ..!
فأخذ الرجل بزمام راحلة الأعرابي وأخذ يمشي به طريق طويله طريق بعيده حتى وصل به الى كهفٍ واسع ومظلم ..
ولما دخل الأعرابي لهذا الكهف أخذ ينظر فيه ويتأمل يمنةً ويسره فاذا عظاماً وجماجم وأشلاء قد نخرت تملأ ذلك الكهف .!
فأيقن حينها ان هذا الرجل مجرم وسفاح وقاتل وقاطع طريق ..
فقال عندها الأعرابي للرجل :
ماذا تريد مني ؟
ولماذا اوصلتني الى هذا المكان ؟؟
قال : اريد روحك ومالك ومامعك ؟؟
قال له الأعرابي : خذ مالي ومتاعي وراحلتي وماعليها ..
خذ ماشئت واتركني لاولادي الذين ينتظرون عودتي ...
قال : لا بل اريدك وناقتك ومتاعك ومالك وكل مامعك ..
حاول الأعرابي مع هذا المجرم المرات والمرات
ذكره بالله لكنه لم يتذكر ..
وعندما عرف الأعرابي ان هذا المجرم عازمٌ على قتله قال له : هلا تركتني اصلي لربي ركعتين أودع بهما دنياي وألقى بهما ربي ..؟؟!
قال له المجرم : صلي ما شئت ..؟
فدخل حينها الأعرابي في صلاته وانقطع بها عن الدنيا واتصل بعالم الغيب والشهاده واتصل بمسبب الأسباب ورفع شكواه وحزنه اليه وعندما سجد السجده الاولى قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
وعندما سجد السجدة الثانيه قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
فقام للركعه الثانيه وعند خرّ للسجده الثالثه قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
وفي السجده الرابعه والاخيره قال :
" يا مغيث يا مغيث أغثني "
ولما رفع من سجدته الاخيره اذا به يلمح رجلاً على رأسه عمامةٌ بيضاء يمر كالبرق الخاطف الى قاطع الطريق ويضربه ضربة يفصل بها رأسه عن جسده وأرداه قتيلا ..
ولما انتهى من صلاته قال له الأعرابي أسألك بالله من انت ؟؟
قال انا ملَكٌ من ملائكة السماء الرابعه لمّا دعوتَ الدعوه الاولى في سجدتك الاولى استأذنت ربي لإنقاذك من هذا المجرم فأذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الثالثه ..!
ولما دعوت الدعوة الثانيه في السجده الثانيه استأذنت ربي لإنقاذك فإذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الثانيه ..!
ولما دعوت الدعوة الثالثه في السجده الثالثه استأذنت ربي لإنقاذك فأذن لي وأمرني ان أهبط الى السماء الأولي ..!
ولما دعوت الدعوة الاخيره في السجده الرابعه استأذنت ربي لإنقاذك فأذن لي وأمرني ان أهبط الى الارض وان انزل للدنيا للقضاء على هذا المجرم ...
" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) "
"وكذلك ننجي المؤمنين"
فكم صلينا لله عند شدائدنا ..!
وكم فزعنا للصلاة عند محننا ومصائبنا .!
وكم سجدنا لله عند حلول كربنا .!
وكم التجئنا للصلاة لتكون مخرجاً لنا ومنقذاً لنا ودواءً وعلاجاً وبلسماً شافياً لأمراضنا وآلآمنا

عروة بن الزبير رضي الله عنه وأرضاه لما أصابته الآكله في رجله حتى فسد لحم رجله وأصبحت على حالٍ من الضعف والمرض فكان لابد من بترها وقطعها حتى لا تنتشر الآكله الى بقية جسده
فلما وقف عند الأطباء عند رأسه قالوا له :
ياعروه لو شربت مُسكراً يُزيل عقلك قليلاً وحتى نتمكن من قطع رجلك في حالٍ لا تشعر بها !!؟؟

فماذا قال رضي الله عنه وارضاه ..!!  
قال : معاذ الله ان أتداوى بحرام ..!
إنّ الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرّم عليها .
فقالوا له تناول قليلاً فقط يُغيّب عقلك لفتره بسيطه فقال لهم مرة اخرى :
والله لا أغفل ساعةً عن ذكر الله ابداً ..
قالوا له ان الآكله تسري في كل جسدك ولابد من قطع رجلك فماذا ترى إذاً ؟؟!
قال : انظروني - اي " اتركوني "
انظروني فاذا دخلت في الصلاة واستغرقت فيها فافعلوا حينها ما بدا لكم ..!
ولمّا كبر لصلاته ودخل بها واستغرق فيها واتصل بأسباب السماء وغاب عن شهود امور الدنيا جاءوا إليه بالسكين كالجمر قد حُميّت على النار تلتهب ماحولها فوضعوها على اللحمِ من ساقه رضي الله عنه وارضاه ..!

فجعلت اللحم يذوب في لحظات ولمّا بلغت العظم أتوا بالمنشار وقد حُمّي ايضاً على النار وجروا المنشار على عظم ساقه فقطعوها وهو يصلي فما تحرك يميناً وشمالاً ولكن لما بلغ المنشارُ نخاع ساقه غُشيَ عليه رضي الله عنه ..!
فلما أفاق اخبروه ان احد أولاده الاربعه سقط من اعلى الدار فمات..!
 ولما رأى مابقي من رجله قد جُعلت في زيتٍ وضمّد بالجراح فقالوا له قد قطعنا رجلك !؟
فقال : آتوني بها !
فلما جيء بها إليه اخذها بين يديه وقبلّها ثم قال :
الحمدلله الذي لم امشي بها الى فاحشه ..!
الحمدلله أنّي ما مضيت بها الى معصيه .!
ثم قال :
اللهم إن كُنتَ قد ابتليت فقد عافيت وان كنت قد أخذت فقد أبقيت ..
أعطيتني اربعاً من الاعضاء وأخذت واحداً
واعطيتني اربعاً من الولد وأخذت واحداً فلك الحمد ولك الشكر اولاً واخراً وظاهراً وباطناً ...
 {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ  إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هم المهتدون }.
هكذا كان الأوائل رحمة الله عليهم .!
وهكذا كانت القلوب ..!
وهكذا كان اتصالهم بربهم وخالقهم .!
وهكذا كانت الصلاة عندهم ..!

اللهم ارزقنا المحافظة على هذه الصلوات حيث يُنادى لها.
 اللهم ارزقنا فيها الطمأنينة والخشوع.
اللهم ارزقنا فيها الإقبال عليك، والخضوع بين يديك.
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء..
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
 وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🎤 خطبــة جمعـــة بعنـــوان : [ الإســـتغفـــــــار ] إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء : الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح خــط...