🎤
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ العمل الصالح وعشر ذي الحجه ]
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 17 اغسطس 2018م
الموافق 6 ذي الحجه 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
موعدنا اليوم مع جنديٍ من جنود الله ...!
هذا الجندي هو عَلامَةٌ عَلَى صَلاحِ المَرْءِ فِي هَذِهِ الدُّنيَا..!
وهو من أفضل ما يتوسل به العبد إلى مولاه..
ومن أفضل ما يقدم العبد بين يدي ربه عزوجل في قضاء حاجاته ..
إنّه { العملُ الصالح }
وماداراكم ما العمل الصالح ؟؟!!
عُدةُ كلُ مؤمن، وسبيلُ كلُ مخلص، وذخيرةُ كلُ وجِل خائف من ربه عزوجل ..!
- العمل الصالح دليلُ الإيمان، بل انهما متلازمان متّحدان لا ينفصل أحدهما عن الآخر،
وفي أكثر من خمسين آيةً في القران الكريم
جاء العمل الصالح مقروناً بالإيمان :
" إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً " [الكهف:107]
" إنّ الذين امنّوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم "
"إلا ان الذين امنّوا وعملوا فلهم اجرٌ غير ممنون "
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ." [ البينة:7 ]
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [يونس:9].
" وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "
إلى غير ذلك من الآيات الكريمات التي يجمع فيها سبحانه بين الإيمان والعمل الصالح ..!
وفي هذا إشاره واضحه لكل مسلم :
إذا كان إيمانك صحيحاً أيها المسلم ـ
فلا بد أن يدفعك إلى العمل الصالح، أما إذا كان الإيمان إدعاءً أو كان ضعيفاً وهشاً ومزيفاً فإن الإنسان لا يجد رغبة في العمل الصالح .
بل يجد تثاقلاً .! يجد تكاسلاً .!
يجد فتوراً وضعفاً وتراجعا.!
- العمل الصالح صفةُ أولياءه من انبياءه ورسله
( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ..)
وأوحينا اليهم .. الى من ؟؟ الى ذريه ابراهيم ..
( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ .)
فأفعالُ الخيرات هذه من ابرز علامات الصلاح..!
وأوجه الصلاح والخير يتمنى مراتبه ودرجاته حتى الانبياء إن لم يكن الانبياء هم الصالحون ..
يقول يوسف عليه السلام :
" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي
فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي...... بالصالحين".
( وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ في رَحْمَتِنا ....! لماذا ؟؟
( إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ ) ..
- العملُ الصالح ثوابه وبركته يناله الإنسان في الدنيا وفي الآخرة ففي الدنيا :
العمل الصالح سببٌ مباشر في الحياة الطيبة يقول سبحانه:
" ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا) مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل:97]..
- وهو سبب في الأمن والتمكين في الأرض .
يقول سبحانه:
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور:55]
- أما في الآخرة ففضلُ الله أكبر وكرمهُ أوسع .
يقول سبحانه:
" الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ " [الرعد:29]
وطوبى على قول المفسرين :
" شجرةٌ في الجنة عظيمٌ ظلها "
ورد ذكرها في الحديث الذي أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي سعيد حيث يقول :
((طوبى شجرةٌ في الجنة مسيرةَ مائة عام،
ثيابُ أهل الجنة تخرج من أكمامها))..
وفي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث
أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((إنّ في الجنة لشجرةٌ يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، إن شئتم فاقرؤوا:
" وَظِلٍ مَّمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ " )) ...
- العمل الصالح يؤهل العبدَ الى مرتبة التقوى
وبمرتبه التقوى يحقق العبد عبوديته لربه وبه يكون من الصالحين ...
والمتقون لاخوف عليهم ولاهم يحزنون :
" يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ".
- العمل الصالح من ابرزِ علاماتِ توفيق اللهِ لعبده
يقول الفاروق عمر رضي الله عنه /
والله لا احمل همّ الاجابه ولكن احمل همّ الدعاء
فاذا وفقت للدعاء وفقت بعدها للاجابه
واذا فقتَ للعمل الصالح كنتَ من الصالحين..
العمل الصالح يا كرام ..!
الحسنه يا مسلمين ..!
زكاةٌ للقلب وتطهيرٌ له وتقويه فان الحسنه تقوي القلب، تقوي الايمان ، تزيده ، ترفع معدله.!
فكما أن المعصيه تضعفه وتنقص الايمان فكذلكم الحسنه والطاعه ترفع معدل الايمان وتقوي القلب.!
تقوي ارادته ، ومحبته ، ورجاءه ، وخوفه ، وخشيته وإخلاصه ، والى ذلكم من الاعمال القلبيه ..!
فاذا قويَ القلب استضاءت بصيرته فعلمَ كيف يعيش !، كيف يدير أزماته .! كيف يواجه مدلهماته
ولما تعمى البصائر تضيع العقول وتعمى .!
ويتْبَعُ ذلك عملٌ في التخطيط ..!
عملٌ في الاستراتيجيات .!
عملٌ في إدارة الأزمات وغير ذلك ..!
حتى في إدراة ازماتك الشخصيه .!
نوازلك .! في مشاكلك .! في خصوصياتك انت ..!
فالعمل الصالح يقوى القلب ويقوي إرادته ويقوي بصيرته ...!
ولذلكم كان العملُ الصالح جنديٌ من جنود الله.!
حبيبكم ورسولكم ونبيكم عليه الصلاة والسلام
ربنا سبحانه يفرض عليه صلاه الجمعه في داخل المعركه ..
في المعركه التى تزهق فيها الارواح وتتساقط فيها الرؤوس وتسيل الدماء وتتطاير الجماجم ..
والله يقول له :
" وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوٓاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَٰحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا "..
(( فَلْتَقُمْ - وَلْيَأْخُذُوٓاْ - فَلْيَكُونُواْ - وَلْتَأْتِ ))
هذه كلها اوامر تقتضي الوجوب .!
وهي ودليلٌ على وجوب صلاة الجماعه، ودليلٌ على ان العمل الصالح جندي من جنود الله وقت الشدائد والمحن ..!
وصح عنه عليه الصلاة والسلام :
" انما تنصرون بضعفائكم بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم .."
"بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم"
نحن ننصر وهذه الأمةُ تنصر بالدعوات الخالصات .!
وبالصلوات الصاعدات الى رب البريات :
( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )
نعم / ننصر بالأعمال الصالحه ...
كما اننا نهزم ؟ كما ننكسر ؟ كمانعاقب ؟
بسيئاتنا ..! بمعاصينا .! بذنوبنا ..!
والذنوب موجباتٌ للهزائم .!
والمعاصي موجباتٌ للانتكاسات .!
بكلمه فيها غرور وعجب قالها رجل يوم حنين فتنتكس الرايه فأرجع الله عزوجل السبب الى ذلك فقال :
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " (25)التوبه
وقبل ذلكم في غزوة احد يقول :
﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا...."
منكم / اي ( عدد قليل )
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
آل عمران (152).
ولذلك كانت سوره ال عمران من أفضلها طرقت على هذا الموضوع طرقاً شديداً من اول السوره :﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ • زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
[آل عمران 13: 14].
" زين للناس حب الشهوات ....
هذه نزلت في حق بعض الصحابه الذين عصوا الأوامر ونزلوا من الجبل ..
ثم عقّب ذلك بقوله :
( قل أَؤُنبئكم بخير .......
بسببٍ للعزه والبقاء وسببٍ للرحمه وتنزل البركه من السماء !!!
( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ •الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ • الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ )
ال عمران (١٥-١٦-١٧ )
( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ..!
من هم ؟؟؟
( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ المؤمنين )
التوبه ( ١١١ -١١٢ )..
وهي الصفه التى وصف الله بها اصحاب محمد في التواة قبل ان يولدوا وقبل ان يخلقوا وقبل ان يوجدوا فقال ربنا سبحانه :
( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( الفتح 29 )
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
اليوم نعيش مع جنديٍ من جنود الله جل وعلا
وهو العمل الصالح ..
وما أحوجنا الى العمل الصالح ..
ما أحوجنا كأفراد وأشخاص لعمل صالح خصوصاً واننا في ايام العمل الصالح
نحن في اليوم ( السادس ) من شهر ذي الحجه
شهرٌ محرم ، وشهرٌ من اشهر الحج
" فشوال وذو القعده وذو الحجه "من اشهر الحج
قال ربنا سبحانه :
" الحج اشهرٌ معلومات "
هذه الأشهر المباركه الكريمه العظيمه التى تمتليء بالطاعات ، وتمتليء بالعبادات
وتمتليء بالأعمال الصالحات..
خصوصاً في عشر ذي الحجه .
العشر وما ادراكم ما العشر؟؟
عشر الحسنات ، عشر البركات..!
عشر الافاضات ، عشر التجليات .!
عشر الخيرات ، عشر الطاعات..!
العشرُ هي افضل ايام السنه..!
اقسم الله بها والله لايقسم إلّا بما يعظم وبما يحب
اقسم بمخلوقاته بالشمس والقمر والليل والنهار والملائكة واقسم بالفجر فقال :
" والفجر وليالٍ عشر "
قيل انه فجر يوم النحر .!
وقيل : الصلاه المشهوده والفرق بين النفاق وأهل الايمان تشهدها ملائكه الليل وملائكه النهار.!
فيا تعاسه المحرومين .! يا تعاسه الأشقياء.!
الذين يقضون الليالي في مواقع الحرام والخناء والفجور ويقضي ليله كله فيما يغضب الله ..
العشر وما ادراكم ما العشر ؟
افضل ايام السنه على الإطلاق ..
صح عن ابن عباس البخاري والإمام احمد
( مامن ايام العمل الصالح فيها احب الى الله من هذه الايام .!
قالوا ولا الجهاد في سبيل الله .؟!
قال ولا الجهاد في سبيل الله ..!
إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء .."
فكل عمل صالح في هذه الايام معظم وكبير في ميزان الله..!
والعملُ الصالِحُ واسعُ المَيادين، شاملُ المفاهيم يَنْتَظِمُ اعمال القلوب والجوارح من الأقوال والأعمال والمقاصد كإكرامِ الضيف وعيادةُ المريض واتّباعُ الجنائز وإجابة الداعي ومواساة الفقير وتفريج الكروب وإنظارِ المُعسرِ وإرشادِ الضّال ..!
وكلُ من يؤدي رسالةً لأمتهِ فهو في عملٍ صالح
فالكاتب بقلمه الأمين والطبيب بأدويته النافعه والصانع في معمله والفلاح في مزرعته والمعلمُ بين يديّ طلبته والمسؤولُ الذي يؤدي ما اؤتمن عليه بحرصٍ وصبر كلُّ هولاءِ يعملونَ الصالحات ولهم فْضلٌِ عظيم ..
والعمل الصالح يا أحبتي الكرام يثمرُ صلاحاً في القلب ، يثمر صلاحاً في النفس..
العمل الصالح يُورثُ عملاً صالحاً .!
العمل الصالح يُورثُ عزيمه ، يورث نوراً.!
يورث عزماً ، يورث إرادة ، يورث تذللاً ، يورث خشوعاً، يورث انشراحاً، يورث طمأنينه ، يورث لذةً بطاعه الله وانساً به ، يورث توكلاً على الله ، يورث ثقةً به ورجاءً فيه وخوفاً منه ..
ولا انسى ان أذكركم جميعاً اننا امام عملٍ صالحٍ عظيم جداً لاينبغي ان يفوتنا مهما كانت الظروف
وهو يوم عرفه هذا اليوم العظيم المشهود الذي تشهده الملائكه وقيل يشهده الرب جل وعلا
والذي سيوافق يوم الاثنين القادم بمشيئة الله ..
قال عنه رسول الله كما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها :
((ما من يوم أكثرَ من أن يعتقَ اللهُ فيه عبداً أو أمةً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟)).
أفلا نتشرف يا اخوتي إلى أن نكون في هذا اليوم من عتقاء الله من النار؟!
ألا نُخلصُ لله ونتوب إليه في هذا اليوم العظيم لعل أسماءنا تُدرج في قائمة العتقاء فنكون من السعداء؟!
إنه والله ليومٍ عظيم لمن عرف قدر الأيام العظيمة - يومٌ يجتمع فيه حجاج بيت الله على صعيد واحد، أتوا من كل فج عميق..
- يومٌ يتجلى الله فيه برحماته على عباده، ويؤتيهم من فضله العظيم وفيضه العميم، ويباهي بهم ملائكته وهو الغني عنهم سبحانه..
لله في هذا اليوم نفحات، والسعيد السعيد من تعرض لهذه النفحات وأخذ منها بقسط وافر..
هذا اليوم العظيم هو من الأيام التي يُستحب فيها العمل الصالح..
ونحن نتكلم اليوم عن العمل الصالح، ويُضاعف فيها أجر هذه الأعمال الصالحة، وفيه من الفرص ما لا يوجد في غيره، يقول كما في صحيح الجامع من حديث أبي سعيد: ((صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة))
وهذا فضل عظيم لمن يرجو رحمة الله ويتتبع مواطنها.
فتوبوا إلى الله في هذا اليوم، وتضرعوا إلى الله بالدعاء، واعرضوا عليه همومكم وحاجاتكم،
وتيقنوا أنه لن يخيبكم ما دمتم تتوجهون إليه بقلوب مخلصة وأنفس منكسرة، وعمروا يومكم بالذكر والصلاة والتهليل والتكبير ..
ففي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) ..
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك في يوم عرفة وفي سائر الأيام ..
اللهم ووفقنا إلى الأعمال الصالحة واجعلها ذخرا لنا يوم نلقاك...
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
خطبــة جمعـــة بعنـــوان
[ العمل الصالح وعشر ذي الحجه ]
إعداد وتحضير وإلقاء...
الاستاذ/ احمد عبدالله صالح
خطيب مسجد بلال بن رباح/
الجمهوريه اليمنيه - محافظه إب .
ألقيت في 17 اغسطس 2018م
الموافق 6 ذي الحجه 1439هـ
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
موعدنا اليوم مع جنديٍ من جنود الله ...!
هذا الجندي هو عَلامَةٌ عَلَى صَلاحِ المَرْءِ فِي هَذِهِ الدُّنيَا..!
وهو من أفضل ما يتوسل به العبد إلى مولاه..
ومن أفضل ما يقدم العبد بين يدي ربه عزوجل في قضاء حاجاته ..
إنّه { العملُ الصالح }
وماداراكم ما العمل الصالح ؟؟!!
عُدةُ كلُ مؤمن، وسبيلُ كلُ مخلص، وذخيرةُ كلُ وجِل خائف من ربه عزوجل ..!
- العمل الصالح دليلُ الإيمان، بل انهما متلازمان متّحدان لا ينفصل أحدهما عن الآخر،
وفي أكثر من خمسين آيةً في القران الكريم
جاء العمل الصالح مقروناً بالإيمان :
" إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً " [الكهف:107]
" إنّ الذين امنّوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم "
"إلا ان الذين امنّوا وعملوا فلهم اجرٌ غير ممنون "
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ." [ البينة:7 ]
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [يونس:9].
" وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ "
إلى غير ذلك من الآيات الكريمات التي يجمع فيها سبحانه بين الإيمان والعمل الصالح ..!
وفي هذا إشاره واضحه لكل مسلم :
إذا كان إيمانك صحيحاً أيها المسلم ـ
فلا بد أن يدفعك إلى العمل الصالح، أما إذا كان الإيمان إدعاءً أو كان ضعيفاً وهشاً ومزيفاً فإن الإنسان لا يجد رغبة في العمل الصالح .
بل يجد تثاقلاً .! يجد تكاسلاً .!
يجد فتوراً وضعفاً وتراجعا.!
- العمل الصالح صفةُ أولياءه من انبياءه ورسله
( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ..)
وأوحينا اليهم .. الى من ؟؟ الى ذريه ابراهيم ..
( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ .)
فأفعالُ الخيرات هذه من ابرز علامات الصلاح..!
وأوجه الصلاح والخير يتمنى مراتبه ودرجاته حتى الانبياء إن لم يكن الانبياء هم الصالحون ..
يقول يوسف عليه السلام :
" رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي
فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي...... بالصالحين".
( وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْنَاهُمْ في رَحْمَتِنا ....! لماذا ؟؟
( إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ ) ..
- العملُ الصالح ثوابه وبركته يناله الإنسان في الدنيا وفي الآخرة ففي الدنيا :
العمل الصالح سببٌ مباشر في الحياة الطيبة يقول سبحانه:
" ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا) مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل:97]..
- وهو سبب في الأمن والتمكين في الأرض .
يقول سبحانه:
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور:55]
- أما في الآخرة ففضلُ الله أكبر وكرمهُ أوسع .
يقول سبحانه:
" الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ " [الرعد:29]
وطوبى على قول المفسرين :
" شجرةٌ في الجنة عظيمٌ ظلها "
ورد ذكرها في الحديث الذي أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أبي سعيد حيث يقول :
((طوبى شجرةٌ في الجنة مسيرةَ مائة عام،
ثيابُ أهل الجنة تخرج من أكمامها))..
وفي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث
أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((إنّ في الجنة لشجرةٌ يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، إن شئتم فاقرؤوا:
" وَظِلٍ مَّمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ " )) ...
- العمل الصالح يؤهل العبدَ الى مرتبة التقوى
وبمرتبه التقوى يحقق العبد عبوديته لربه وبه يكون من الصالحين ...
والمتقون لاخوف عليهم ولاهم يحزنون :
" يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ".
- العمل الصالح من ابرزِ علاماتِ توفيق اللهِ لعبده
يقول الفاروق عمر رضي الله عنه /
والله لا احمل همّ الاجابه ولكن احمل همّ الدعاء
فاذا وفقت للدعاء وفقت بعدها للاجابه
واذا فقتَ للعمل الصالح كنتَ من الصالحين..
العمل الصالح يا كرام ..!
الحسنه يا مسلمين ..!
زكاةٌ للقلب وتطهيرٌ له وتقويه فان الحسنه تقوي القلب، تقوي الايمان ، تزيده ، ترفع معدله.!
فكما أن المعصيه تضعفه وتنقص الايمان فكذلكم الحسنه والطاعه ترفع معدل الايمان وتقوي القلب.!
تقوي ارادته ، ومحبته ، ورجاءه ، وخوفه ، وخشيته وإخلاصه ، والى ذلكم من الاعمال القلبيه ..!
فاذا قويَ القلب استضاءت بصيرته فعلمَ كيف يعيش !، كيف يدير أزماته .! كيف يواجه مدلهماته
ولما تعمى البصائر تضيع العقول وتعمى .!
ويتْبَعُ ذلك عملٌ في التخطيط ..!
عملٌ في الاستراتيجيات .!
عملٌ في إدارة الأزمات وغير ذلك ..!
حتى في إدراة ازماتك الشخصيه .!
نوازلك .! في مشاكلك .! في خصوصياتك انت ..!
فالعمل الصالح يقوى القلب ويقوي إرادته ويقوي بصيرته ...!
ولذلكم كان العملُ الصالح جنديٌ من جنود الله.!
حبيبكم ورسولكم ونبيكم عليه الصلاة والسلام
ربنا سبحانه يفرض عليه صلاه الجمعه في داخل المعركه ..
في المعركه التى تزهق فيها الارواح وتتساقط فيها الرؤوس وتسيل الدماء وتتطاير الجماجم ..
والله يقول له :
" وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوٓاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَٰحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا "..
(( فَلْتَقُمْ - وَلْيَأْخُذُوٓاْ - فَلْيَكُونُواْ - وَلْتَأْتِ ))
هذه كلها اوامر تقتضي الوجوب .!
وهي ودليلٌ على وجوب صلاة الجماعه، ودليلٌ على ان العمل الصالح جندي من جنود الله وقت الشدائد والمحن ..!
وصح عنه عليه الصلاة والسلام :
" انما تنصرون بضعفائكم بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم .."
"بصلاتهم وإخلاصهم ودعاءهم"
نحن ننصر وهذه الأمةُ تنصر بالدعوات الخالصات .!
وبالصلوات الصاعدات الى رب البريات :
( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )
نعم / ننصر بالأعمال الصالحه ...
كما اننا نهزم ؟ كما ننكسر ؟ كمانعاقب ؟
بسيئاتنا ..! بمعاصينا .! بذنوبنا ..!
والذنوب موجباتٌ للهزائم .!
والمعاصي موجباتٌ للانتكاسات .!
بكلمه فيها غرور وعجب قالها رجل يوم حنين فتنتكس الرايه فأرجع الله عزوجل السبب الى ذلك فقال :
" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " (25)التوبه
وقبل ذلكم في غزوة احد يقول :
﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا...."
منكم / اي ( عدد قليل )
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
آل عمران (152).
ولذلك كانت سوره ال عمران من أفضلها طرقت على هذا الموضوع طرقاً شديداً من اول السوره :﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ • زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
[آل عمران 13: 14].
" زين للناس حب الشهوات ....
هذه نزلت في حق بعض الصحابه الذين عصوا الأوامر ونزلوا من الجبل ..
ثم عقّب ذلك بقوله :
( قل أَؤُنبئكم بخير .......
بسببٍ للعزه والبقاء وسببٍ للرحمه وتنزل البركه من السماء !!!
( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ •الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ • الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ )
ال عمران (١٥-١٦-١٧ )
( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ..!
من هم ؟؟؟
( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ المؤمنين )
التوبه ( ١١١ -١١٢ )..
وهي الصفه التى وصف الله بها اصحاب محمد في التواة قبل ان يولدوا وقبل ان يخلقوا وقبل ان يوجدوا فقال ربنا سبحانه :
( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ( الفتح 29 )
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
أما بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايها الأحباب الكرام :
اليوم نعيش مع جنديٍ من جنود الله جل وعلا
وهو العمل الصالح ..
وما أحوجنا الى العمل الصالح ..
ما أحوجنا كأفراد وأشخاص لعمل صالح خصوصاً واننا في ايام العمل الصالح
نحن في اليوم ( السادس ) من شهر ذي الحجه
شهرٌ محرم ، وشهرٌ من اشهر الحج
" فشوال وذو القعده وذو الحجه "من اشهر الحج
قال ربنا سبحانه :
" الحج اشهرٌ معلومات "
هذه الأشهر المباركه الكريمه العظيمه التى تمتليء بالطاعات ، وتمتليء بالعبادات
وتمتليء بالأعمال الصالحات..
خصوصاً في عشر ذي الحجه .
العشر وما ادراكم ما العشر؟؟
عشر الحسنات ، عشر البركات..!
عشر الافاضات ، عشر التجليات .!
عشر الخيرات ، عشر الطاعات..!
العشرُ هي افضل ايام السنه..!
اقسم الله بها والله لايقسم إلّا بما يعظم وبما يحب
اقسم بمخلوقاته بالشمس والقمر والليل والنهار والملائكة واقسم بالفجر فقال :
" والفجر وليالٍ عشر "
قيل انه فجر يوم النحر .!
وقيل : الصلاه المشهوده والفرق بين النفاق وأهل الايمان تشهدها ملائكه الليل وملائكه النهار.!
فيا تعاسه المحرومين .! يا تعاسه الأشقياء.!
الذين يقضون الليالي في مواقع الحرام والخناء والفجور ويقضي ليله كله فيما يغضب الله ..
العشر وما ادراكم ما العشر ؟
افضل ايام السنه على الإطلاق ..
صح عن ابن عباس البخاري والإمام احمد
( مامن ايام العمل الصالح فيها احب الى الله من هذه الايام .!
قالوا ولا الجهاد في سبيل الله .؟!
قال ولا الجهاد في سبيل الله ..!
إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء .."
فكل عمل صالح في هذه الايام معظم وكبير في ميزان الله..!
والعملُ الصالِحُ واسعُ المَيادين، شاملُ المفاهيم يَنْتَظِمُ اعمال القلوب والجوارح من الأقوال والأعمال والمقاصد كإكرامِ الضيف وعيادةُ المريض واتّباعُ الجنائز وإجابة الداعي ومواساة الفقير وتفريج الكروب وإنظارِ المُعسرِ وإرشادِ الضّال ..!
وكلُ من يؤدي رسالةً لأمتهِ فهو في عملٍ صالح
فالكاتب بقلمه الأمين والطبيب بأدويته النافعه والصانع في معمله والفلاح في مزرعته والمعلمُ بين يديّ طلبته والمسؤولُ الذي يؤدي ما اؤتمن عليه بحرصٍ وصبر كلُّ هولاءِ يعملونَ الصالحات ولهم فْضلٌِ عظيم ..
والعمل الصالح يا أحبتي الكرام يثمرُ صلاحاً في القلب ، يثمر صلاحاً في النفس..
العمل الصالح يُورثُ عملاً صالحاً .!
العمل الصالح يُورثُ عزيمه ، يورث نوراً.!
يورث عزماً ، يورث إرادة ، يورث تذللاً ، يورث خشوعاً، يورث انشراحاً، يورث طمأنينه ، يورث لذةً بطاعه الله وانساً به ، يورث توكلاً على الله ، يورث ثقةً به ورجاءً فيه وخوفاً منه ..
ولا انسى ان أذكركم جميعاً اننا امام عملٍ صالحٍ عظيم جداً لاينبغي ان يفوتنا مهما كانت الظروف
وهو يوم عرفه هذا اليوم العظيم المشهود الذي تشهده الملائكه وقيل يشهده الرب جل وعلا
والذي سيوافق يوم الاثنين القادم بمشيئة الله ..
قال عنه رسول الله كما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها :
((ما من يوم أكثرَ من أن يعتقَ اللهُ فيه عبداً أو أمةً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟)).
أفلا نتشرف يا اخوتي إلى أن نكون في هذا اليوم من عتقاء الله من النار؟!
ألا نُخلصُ لله ونتوب إليه في هذا اليوم العظيم لعل أسماءنا تُدرج في قائمة العتقاء فنكون من السعداء؟!
إنه والله ليومٍ عظيم لمن عرف قدر الأيام العظيمة - يومٌ يجتمع فيه حجاج بيت الله على صعيد واحد، أتوا من كل فج عميق..
- يومٌ يتجلى الله فيه برحماته على عباده، ويؤتيهم من فضله العظيم وفيضه العميم، ويباهي بهم ملائكته وهو الغني عنهم سبحانه..
لله في هذا اليوم نفحات، والسعيد السعيد من تعرض لهذه النفحات وأخذ منها بقسط وافر..
هذا اليوم العظيم هو من الأيام التي يُستحب فيها العمل الصالح..
ونحن نتكلم اليوم عن العمل الصالح، ويُضاعف فيها أجر هذه الأعمال الصالحة، وفيه من الفرص ما لا يوجد في غيره، يقول كما في صحيح الجامع من حديث أبي سعيد: ((صوم يوم عرفة كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة))
وهذا فضل عظيم لمن يرجو رحمة الله ويتتبع مواطنها.
فتوبوا إلى الله في هذا اليوم، وتضرعوا إلى الله بالدعاء، واعرضوا عليه همومكم وحاجاتكم،
وتيقنوا أنه لن يخيبكم ما دمتم تتوجهون إليه بقلوب مخلصة وأنفس منكسرة، وعمروا يومكم بالذكر والصلاة والتهليل والتكبير ..
ففي الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) ..
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك في يوم عرفة وفي سائر الأيام ..
اللهم ووفقنا إلى الأعمال الصالحة واجعلها ذخرا لنا يوم نلقاك...
ثم اعلموا انّ الله أمركم بأمرٍ بدأ به نفسه
وثنى به ملائكته المسبحه بقدسه وثلث به عباده
من جنِّه وإنسه فقال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد،..
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
---------------------------------------
للتواصل والاستفسار :
جوال ( 00967777151620 )
-----------------------------------
اللهم اجعلها صدقهً جاريهً لي ولوالدتي المرحومه..
وأنفع بها عبادك المسلمين اجمعين ...
واجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالايعلمون..
------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق